منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة يوسف الآيات من 021-025

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

سورة يوسف الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يوسف الآيات من 021-025   سورة يوسف الآيات من 021-025 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2019, 8:33 pm

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُف فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكان للشراء عِلَّة؛ فهو قد اشتراه لامرأته ليقوم بخدمتها، وكانت لا تُنجب وتُكثر في الإلحاح عليه في طلب العلاج، وتقول أغلب السِّيَر: إنَّ مَنِ اشتراهُ كان ضعيفاً من ناحية رغبته في النساء.

وهذه اللقطة تُبَيِّنُ لنا الفساد الذي ينشأ في البيوت التي تتبنَّى طفلاً، لكنهم لا يحسبون حساب المسألة حين يبلغ هذا الطفل مبلغ الرِّجَال، وقد تعوَّد أن تحمله ربَّة البيت وتُقبِّله، وتُغدقُ عليه من التدليل ما يصعُب عليها أن تمتنع عنه؛ ولأن الطفل يكبُر انسيابياً؛ فقد يقع المحظور وندخل في متاهة الخطيئة.

ويقول الحق سبحانه: (وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) (يُوسُف: 21).

وهذا يعني أن تعتني بالمكان الذي سيقيم فيه، وبطبيعة الحال فهذا القول يقتضي أن تعتني بالولد نفسه؛ على رجاء أن ينتفع به الرجل وزوجته.

ولسائل أن يقول: كيف ينتفع به الرجل؛ وهو عزيز مصر، والكُلُّ في خدمته؟ 

ونقول: إن النفع المقصود هنا هو النفْع الموصول بعاطفة مَنْ ينفع؛ وهو غير نفع الموظفين العاملين تحت قيادة وإمرة عزيز مصر، فعندما ينشأ يُوسُف كابن للرجل وزَوْجه؛ وكإنسان تربَّى في بيت الرجل؛ هنا ستختلف المسألة، ويكون النفع مُحَمَّلاً بالعاطفة التي قال عنها الرجل: (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) (يُوسُف: 21).

وقد عَلِمنا من السِّيَر أنهما لم يُرزَقا بأولاد.

ويقول الحق سبحانه في نفس الآية: (وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُف فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يُوسُف: 21).

وقد بدأ التمكين في الأرض من لحظة دخوله إلى بيت عزيز مصر ليحيا حياة طيبة؛ وليُعلّمه اللهُ تأويل الحديث؛ بأن يهبه القدرة على تفسير الرُّؤى والأحلام؛ وليغلب الله على أمره.

ولو نظر إخوته إلى ما آل إليه يُوسُف -عليه السلام- فسيعرفون أن مُرادهم قد خاب؛ وأن مُراد الله قد غلب؛ بإكرام يُوسُف؛ وهم لو علموا ذلك لَضَنَّوا عليه بالإلقاء في الجُبِّ، وهذا شأن الظالمين جميعاً.

ولذلك نقول: إن الظالم لو عَلِم ما أعدَّه الله للمظلوم لَضَنَّ عليه بالظلم.

وساعة يقول الحق سبحانه: (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ) (يُوسُف: 21).

فهذا قول نافذ؛ لأنه وحده القادر على أن يقول للشيء كُنْ فيكون؛ ولا يوجد إلهٌ غيره ليرد على مراده.

ولذلك قلنا قديماً: إن الله سبحانه وتعالى قد شهد لنفسه أنه لا إله إلا هو؛ وهو يملك الرصيد المطلق المؤكد بأنه لا إله غيره؛ فهو وحده الذي له المُلْك، وهو وحده القادر على كل شيء.

ولكن خيبة بعض من الخلق الذين يتوهمون أنهم قادرون على أن يُخطِّطوا ويمكروا؛ متناسين أو ناسين أن فوقهم قَيُّوم؛ لا تأخذه سنة ولا نوم، ولو انتبه هؤلاء لَعلِمُوا أن الله يُملِّك بحق مَنْ يُظلم فوق إلى ظَلمه.

ورأينا في حياتنا وتاريخنا ظالمين اجتمعوا على ظُلْم الناس؛ وكان مصيرهم أسوأ من الخيال؛ وأشد هَوْلاً من مصيرهم لو تحكّم فيهم مَنْ ظلموهم.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ...).



سورة يوسف الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

سورة يوسف الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 021-025   سورة يوسف الآيات من 021-025 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2019, 8:35 pm

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والبلوغ هو الوصول إلى الغاية، وقوله تعالى: (بَلَغَ أَشُدَّهُ) (يُوسُف: 22)، أي: وصل إلى غايته في النُّضْج والاستواء؛ ومن كلمة "بلغ" أخذ مصطلح البُلوغ؛ فتكليف الإنسان يبدأ فَوْرَ أن يبلغ أشُدَّهُ؛ ويصير في قدرته أن يُنجب إنساناً مثله.

وحين يبلغ إنسانٌ مثل يُوسُف أشده، وهو قد عاش في بيت ممتلىء بالخيرات؛ فهذا البلوغ إنْ لم يكُنْ محروساً بالحكمة والعلم؛ ستتولد فيه رعونة؛ ولهذا فقد حرسه الحق بالحكمة والعلم.

والحُكْم هو الفيصل بين قضيتين متعاندتين متعارضتين؛ حق وباطل؛ وما دام قد أعطاه الله الحُكْم، فهو قادر على أن يفصل بين الصواب والخطأ.

وقد أعطاه الله العلم الذي يستطيع أن ينقله إلى الغير، والذي سيكون منه تأويل الرُّؤى، وغير ذلك من العلم الذي سوف يظهر حين يُولَّى على خزانة مصر.

إذن: فهنا بلغ يُوسُف أشده وحرسه الحق بالحكمة والعلم.

ويُذيِّل الحق سبحانه هذه الآية بقوله: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ) (يُوسُف: 22).

وكل إنسان يُحسِن الإقامة لِمَا هو فيه؛ يعطيه الله ثمرة هذا الحُسْن، والمثل: حين لا يتأبى فقير على قَدَرِ الله أن جعله فقيراً، ويحاول أن يُحسن ويُتقِن ما يعمل، فيوضح الله بحُسْن الجزاء: أنت قبلت قدري، وأحسنت عملك؛ فخُذْ الجزاء الطيب.

وهذا حال عظماء الدنيا كلهم.

وهكذا نجد قول الحق سبحانه: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ) (يُوسُف: 22).

لا ينطبق على يُوسُف وحده؛ بل على كل مَنْ يحسن استقبال قَدَرِ الله؛ لأنه سبحانه ساعة يأتي بحُكْم من الأحكام؛ وبعد ذلك يعمِّم الحكم؛ فهذا يعني أن هذا الحكم ليس خاصاً بل هو عام.

وإذا كان الحق سبحانه يورد هذا في مناسبة بعينها، فإنه يقرر بعدها أن كل مُحْسِن يعطيه الله الحُكْم والعلم.

وقول الحق سبحانه: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) (يُوسُف: 22).

يوحي لنا أن يُوسُف -عليه السلام- كان قد بلغ مرحلة الفتوة، وهنا بدأت متاعبه في القَصْر، ففي طفولته نظرتْ إليه امرأة العزيز كطفل جميل؛ فلم يكُنْ يملك ملامح الرجولة التي تهيج أنوثتها.

أما بعد البلوغ فنجد حالها قد تغيَّر، فقد بدأت تدرك مفاتنه؛ وأخذ خيالها يسرح فيما هو أكثر من الإدراك، وهو التهاب الوجدان بالعاطفة المشبوبة، وما بعد الإدراك والوجدان يأتي النزوع.

ولو كانت محجوبة عنه؛ لما حدثت الغواية بالإدراك والوجدان.

وهذا يعطينا عِلَّة غَضِّ البصر عن المثيرات الجنسية؛ لأنك إنْ لم تغضّ البصر أدركتَ، وإن أدركتَ وجدتَ، وإن وجدتَ نزعتَ إلى الزواج أو التعفف بالكبْت في النفس، وتعيش اضطراب القلق والتوتر، وإن لم تتعفف عربدتَ في أعراض الناس.

وكذلك أمرنا الحق سبحانه ألا تُبدِي النساء زينتهن إلا لأناس حددهم الحق سبحانه في قوله تعالى: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ) (النور: 31).

أي: الذي بلغ من العمر والشيخوخة حداً لا يجعله يفكر في الرغبة في النساء.

وكانت نظرة امرأة العزيز إلى يُوسُف -عليه السلام- وهو في فتوته، بعد أن بلغ أَشُدَّه نظرةً مختلفة، يوضحها الله تعالى في قوله: (وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ...). 



سورة يوسف الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

سورة يوسف الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 021-025   سورة يوسف الآيات من 021-025 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2019, 8:36 pm

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وساعة تسمع "راود" فافهم أن الأمر فيه منازعة مثل: "فَاعَل" أو "تَفاعل" ومثل: "شارك محمد علياً" أي: أن علياً شارك محمداً؛ ومحمد شارك علياً؛ فكل منهم مفعول مرة، وفاعل مرة أخرى.

والمُرَاودة مطالبةٌ برفق ولين بستر ما تريده مِمَّنْ تريده؛ فإنْ كان الأمر مُسهَّلاً، فالمُراودة تنتهي إلى شيء ما، وإنْ تأبَّى الطرف الثاني بعد أن عرفَ المراد؛ فلن تنتهي المراودة إلى الشيء الذي كنت تصبو إليه.

وهكذا راودتْ امرأة العزيز يُوسُف -عليه السلام-، أي: طالبته برفق ولين في أسلوب يخدعه لِيُخرِجه عمَّا هو فيه إلى ما تطلبه.

ومن قبْل كان يُوسُف يخدمها، وكانت تنظر إليه كطفل، أما بعد أن بلغ أَشُده فقد اختلف الأمر، ولنفرض أنها طالبته أن يُحضر لها شيئاً؛ وحين يقدمه لها تقول له "لماذا تقف بعيداً؟” وتَدعوه ليجلس إلى جوارها، وهو لن يستطيع الفكاك؛ لأنه في بيتها؛ وهي مُتمكِّنة منه؛ فهي سيدة القصر.

وهكذا نجد أن المسألة مجموعة عليه من عدة جهات؛ فهو قد تربَّى في بيتها؛ وهي التي تتلطف وترقُّ معه، وفَهِم هو مرادها.

وهكذا شرح الحق سبحانه المسألة من أولها إلى آخرها بأدب رَاقٍٍ غير مكشوف، فقالتعالى: (وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ) (يُوسُف: 23).

وكلمة: (وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ) (يُوسُف: 23).

توضح المبالغة في الحدث؛ أو لتكرار الحَدث، فهي قد أغلقت أكثرَ من باب.

ونحن حين نحرك المزلاج لنؤكد غَلْق الباب، ونحرك المفتاح، ونديره لتأكيد غَلْق الباب.

فهذه عملية أكبر من غَلْق الباب؛ وإذا أضفنا مِزْلاجاً جديداً نكون قد أكثرنا الإغلاق لباب واحد؛ وهكذا يمكن أن نَصِفَ ما فعلنا أننا غلّقنا الباب.

وامرأة العزيز قامت بأكثر من إغلاق لأكثر من باب، فَقُصور العظماء بها أكثر من باب، وأنت لا تدخل على العظيم من هؤلاء في بيته لتجده في استقبالك بعد أول باب، بل يجتاز الإنسان أكثر من باب لِيَلقى العظيم الذي جاء ليقابله.

ويحمل لنا التاريخ قصة ذلك الرجل الذي رفض أن يبايع معاوية في المدينة، فأمر معاوية باستدعائه إلى قصر الحكم في دمشق.

هذا القصر الذي سبق أن زاره عمر بن الخطاب؛ ووجد فيه أبهة زائدة بررها له معاوية بحيلة الأريب أنها أُبهة ضرورية لإبراز مكانة العرب أمام الدولة الرومانية المجاورة، فسكتَ عنها عمر.

وحين استدعى معاوية الرجل، دخل بصحبة الحرس من باب، وظن أنه سوف يلقى معاوية فَوْر الدخول؛ لكن الحرس اصطحبه عبر أكثر من باب؛ فلم ينخلع قلب الرجل، بل دخل بثبات على معاوية وضَنَّ عليه بمناداته كأمير المؤمنين، وقال بصوت عال: "السلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

ففطن معاوية إلى أن الرجل يرفض مبايعته.

ونعود إلى الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها-؛ فنجد أن امرأة العزيز قد غلَّقتْ الأبواب؛ لأن مَنْ يفعل الأمر القبيح يعلم قُبْح ما يفعل، ويحاول أن يستر فِعْله، وهي قد حاولتْ ذلك بعيداً عن مَنْ يعملون أو يعيشون في القصر، وحدثتْ المراودة وأخذتْ وقتاً، لكنه فيما يبدو لم يَستجِبْ لها.

(وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) (يُوسُف: 23).

أي: أنها انتقلتْ من مرحلة المُراودة إلى مرحلة الوضوح في طلب الفعل؛ بأن قالت: تهيأتُ لك؛ وكان ردُّه: (قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ) (يُوسُف: 23).

والمَعَاذ هو مَنْ تستعيذ به، وأنت لا تستعيذ إلا إذا خارتْ أسبابك أمام الحدث الذي تمرُّ به عَلَّك تجد مَنْ ينجدك؛ فكأن المسألة قد عَزَّتْ عليه؛ فلم يجد مَعَاذاً إلا الله.

ولا أحد قادر على أن يتصرف هكذا إلا مَنْ حرسه الله بما أعطاه له من الحكمة والعلم؛ وجعله قادراً على التمييز بين الحلال والحرام.

ولبيان خطورة وقوة الاستعاذة نذكر ما ترويه كتب السيرة من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقد على ابنة ملكٍ؛ كانت شديدة الجاذبية، وشعرت بعض من نساء النبي بالغيرة منها، وقالت واحدة منهن لعلها عائشة -رضي الله عنها-: إن تزوجها ودخل بها قد يفضلها عنَّا، وقالت للعروس: إن النبي يحب كلمة ما، ويحب مَنْ يقولها، فسألت الفتاة عن الكلمة، فقالت لها عائشة: إن اقترب منكِ قولي: "أعوذ بالله منكَ"، فغادرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: "قد عُذْتِ بمُعاذٍ" وسرَّحها السَّراح الجميل.       

وهناك في قضية السيدة مريم عليها السلام، نجدها قد قالت لحظة أن تمثَّل لها الملاك بشراً سوياً: (إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً) (مريم: 18).

فهي استعاذت بمَنْ يقدر على إنقاذها.

وهنا في الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها-: (قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ) (يُوسُف: 23).

وأعطانا هذا القول معنيين اثنين: الأول: أنه لم يوافق على طلبها بعد أن أوضحتْ ما تريد.

والمعنى الثاني: أنه طلب المعونة من الله، وهو سبحانه مَنْ أنجاه من كيد إخوته؛ ونجَّاه من الجُبِّ؛ وهيَّأ له أفضل مكان في مصر، ليحيا فيه ومنحه العلم والحكمة مع بلوغه لأشُدَّه.

وبعد كل هذا أيستقبل كل هذا الكرم بالمعصية؟ 

طبعاً لا.

أو: أنه قال: (أَحْسَنَ مَثْوَايَ) (يُوسُف: 23).

ليُذكِّر امرأة العزيز بأن لها زوجاً، وأن هذا الزوج قد أحسن ليُوسُف حين قال لها: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) (يُوسُف: 21).

فالصعوبة لا تأتي فقط من أنها تدعوه لنفسها؛ بل الصعوبة تزداد سوء لأن لها زوجاً فليست خالية، وهذا الزوج قد طلب منها أن تُكرِم يُوسُف، وتختار له مكانَ إقامةٍ يليق بابن، ولا يمكن أن يُستَقبل ذلك بالجحود والخيانة.

وهكذا يصبح قول يُوسُف: (إِنَّهُ رَبِّيۤ) (يُوسُف: 23).قد يعود على الله سبحانه؛ وقد يعود على عزيز مصر.

وتلك مَيْزة أسلوب القرآن؛ فهو يأتي بعبارة تتسع لكل مناطات الفهم، فما دام الله هو الذي يُجازي على الإحسان، وهو مَنْ قال في نفس الموقف: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ) (يُوسُف: 22).

فمعنى ذلك أن مَنْ يسيء يأتي الله بالضد؛ فلا يُفلح؛ لأن القضيتين متقابلتان: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ) (يُوسُف: 22).

و (لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ) (يُوسُف: 23).

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ...). 



سورة يوسف الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

سورة يوسف الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 021-025   سورة يوسف الآيات من 021-025 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2019, 8:38 pm

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والهَمُّ هو حديث النفس بالشيء؛ إما أن يأتيه الإنسان أو لا يأتيه، ومن رحمة ربنا بخلْقه أن مَنْ هَمَّ بسيئة وحدَّثتْه نفسه أن يفعلها؛ ولم يفعلها كُتِبتْ له حسنة.

وقد جاءت العبارة هنا في أمر المراودة التي كانت منها، والامتناع الذي كان منه، واقتضى ذلك الأمر مفاعلة بين اثنين يصطرعان في شيء.

فأحد الاثنين امرأة العزيز يقول الله في حقها: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) (يُوسُف: 24).

وسبق أن أعلن لنا الحق سبحانه في الآية السابقة موقفها حين قالت: "هيت لك" وكذلك بيَّن موقف يُوسُف -عليه السلام- حين قال يُوسُف "معاذ الله".

وهنا يبين لنا أن نفسه قد حدثته أيضاً؛ وتساوى في حديث النفس؛ لكن يُوسُف حدث له أن رأى برهان ربه.

ويكون فَهْمُنا للعبارة: ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها؛ لأننا نعلم أن "لولا" حرف امتناع لوجود؛ مثلما نقول: لولا زيد عندك لأتيتك.

ولقائل أن يقول: كيف غابت قضية الشرط في الإيجاد والامتناع عن الذين يقولون: إن الهم قد وُجِد منه؟ 

ولماذا لم يَقُل الحق: لقد همَّتْ به ولم يهم بها؛ حتى نخرج من تلك القضية الصعبة؟ 

ونقول: لو قال الحق ذلك لما أعطانا هذا القولُ اللقطةَ المطلوبة؛ لأن امرأة العزيز هَمَّتْ به لأن عندها نوازع العمل؛ وإنْ لم يَقُلْ لنا أنه قد هَمَّ بها لظننا أنه عِنِّين أو خَصَاه موقف أنها سيدته فخارتْ قواه.

إذن: لو قال الحق سبحانه: إنه لم يَهِمّ بها؛ لكان المانع من الهَمِّ إما أمر طبيعي فيه، أو أمر طارىء لأنها سيدته فقد يمنعه الحياء عن الهَمِّ بها.

ولكن الحق سبحانه يريد أن يوضح لنا أن يُوسُف كان طبيعياً وهو قد بلغ أشُدَّه ونُضْجه؛ ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها.

وهكذا لم يَقُمْ يُوسُف -عليه السلام- بما يتطلبه ذلك لنقص فيه؛ ولا لأن الموقف كان مفاجأة ضَيَّعَتْ رجولته بغتة؛ مثل ما يحدث لبعض الشباب في ليلة الزفاف، حين لا يستطيع أن يَقربَ عروسه؛ وتمر أيام إلى أن يستعيد توازنه.

ويقرب عروسه.

إذن: لو أن القرآن يريد عدم الهَمِّ على الإطلاق؛ ومن غير شيء، لَقَال: ولقد هَمَّتْ به ولم يَهِم بها.

ولكن مثل هذا القول هو نَفْيٌ للحدث بما لا يستلزم العفة والعصمة، لجواز أن يكون عدم الهَمِّ راجعاً إلى نقص ما؛ وحتى لا يتطرق إلينا تشبيهه ببعض الخدم؛ حيث يستحي الخادم أن ينظر إلى البنات الجميلات للأسرة التي يعمل عندها؛ ويتجه نظره إلى الخادمة التي تعمل في المنزل المجاور، لأن للعواطف التقاءات.

ومن لُطْفِ الله بالخلق أنه يُوجِد الالتقاءات التفاعلية في المتساويات، فلا تأتي عاطفة الخادم في بعض الأحيان ناحية بنات البيت الذي يعمل عنده؛ وقد يطلب من أهل البيت أن يخرج لشراء أي شيء من خارج المنزل، لعله يحظى بلقاء عابر من خادمة الجيران.

ويجوز أن الخادم قد فَكَّرَ في أنه لو هَمَّ بواحدة من بنات الأسرة التي يعمل لديها؛ فقد تطرده الأسرة من العمل؛ بينما هو يحيا سعيداً مع تلك الأسرة.

وهكذا يشاء الحق سبحانه أن يوزع تلك المسائل بنظام وتكافؤات في كثير من الأحيان.

وهنا في الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها- قال الحق سبحانه: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يُوسُف: 24).

إذن: فبرهان ربه سابق على الهَمِّ، فواحد هَمّ ولم يرتكب ما يتطلبه الهمّ؛ لأن برهان ربه في قلبه، وقد عرف يُوسُف برهان ربه من البداية.

وبذلك تنتهي المسألة، ولذلك فلا داعي أن يدخل الناس في متاهات أنه هَمّ وجلس بين شعبتيها، ولم يرتعد إلا عندما تمثِّل له وجه والده يعقوب ونهاه عن هذا الفعل؛ فأفسقُ الفُسّاق ولو تمثَّل له أبوه وهو في مثل هذا الموقف لأصيب بالإغماء.

وحين تناقش مَنْ رأى هذا الرأي؛ يردّ بأن هدفه أن يثبت فحولة يُوسُف؛ لأن الهمّ وجد وأنه قد نازع الهمّ.

ونقول لصاحب هذا الرأي: أتتكلم عن الله، أم عن الشيطان؟ 

أنت لو نظرتَ إلى أبطال القصة تجدهم: امرأة العزيز؛ ويُوسُف والعزيز نفسه؛ والشاهد على أن يُوسُف قد حاول الفِكَاك من ذلك الموقف، ثم النسوة اللاتي دَعتْهُنَّ امرأة العزيز ليشاهدوا جماله؛ والله قد كتب له العصمة.

فكُلُّ هؤلاء تضافروا على أن يُوسُف لم يحدث منه شيء.

وقال يُوسُف نفسه: (هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي) (يُوسُف: 26) وامرأة العزيز نفسها قالت مُصدِّقة لِمَا قال: (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ) (يُوسُف: 32).

وقالت: (ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ * ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ) (يُوسُف: 51-52).

وعن النسوة قال يُوسُف: (مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (يُوسُف: 50).

وقال يُوسُف لحظتها: (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ) (يُوسُف: 33).

والصَّبْوة هي حديث النفس بالشيء؛ وهو ما يثبت قدرة يُوسُف -عليه السلام- على الفعل، وحماه الله من الصبوة؛ لأن الحق سبحانه قد قال: (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) (يُوسُف: 34).

وانظر إلى لقطة النسوة اللاتي تهامسْنَ بالنميمة عن امرأة العزيز وحكايتها مع يُوسُف، ألم يَقُلْنَ: (مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) (يُوسُف: 31).

فحين دخل عليهن اتجهت العيون له، وللعيون لغات؛ وللانفعال لغات؛ وإلا لماذا قال يُوسُف: (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ) (يُوسُف: 33).

وهكذا نعلم أنه قد حدثت مُقدِّمات تدل على أن النسوة نَويْنَ له مثل ما نَوَتْه امرأة العزيز؛ وظَننَّ أن امرأة العزيز سوف تطرده؛ فيتلقفنه هُنَّ؛ وهذا دَأب البيوت الفاسدة.

وهل هناك أفسد من بيت العزيز نفسه، بعد أن حكم الشاهد أنها هي التي راودتْ يُوسُف عن نفسه؛ فيدمدم العزيز على الحكاية، ويقول: (يُوسُف أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ) (يُوسُف: 29).

وكان هدف العزيز أن يحفظ مكانته من القيل والقال.

وحين سأل الشاهد النسوة، بماذا أَجبْنَ؟ 

يقول الحق سبحانه أن النسوة قُلْنَ: (مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ) (يُوسُف: 51).

وقد صرف الله عنه الشيطان الذي يتكفل دائماً بالغُواية، وهو لا يدخل أبداً في معركة مع الله؛ ولكنه يدخل مع خَلْق الله؛ لأن الحق سبحانه يورد على لسانه: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ) (ص: 82-83).

فالشيطان نفسه يُقِرُّ أن مَنْ يستخلصه الله لنفسه من العباد إنما يعجز -هو كشيطان- عَن غوايته، ولا يجرؤ على الاقتراب منه.

والشاهد الذي من أهل امرأة العزيز، واستدعاه العزيز ليتعرف على الحقيقة قال: (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ) (يُوسُف: 27).

وبعد كل هذه الأدلة فليس من حَقِّ أحد أن يتساءل: هل هَمَّ يُوسُف بامرأة العزيز، أم لم يَهِمّ؟ 

وفي الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها-، يقول الحق سبحانه: (لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يُوسُف: 24).

والبرهان هو الحجة على الحكم.

والحق سبحانه هو القائل: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 15).

وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ) (النساء: 165).

أي: لابُدَّ أن يبعث الحقُّ رسولاً للناس مُؤيداً بمعجزة تجعلهم يُصدِّقون المنهج الذي يسيرون عليه؛ كي يعيشوا حياتهم بانسجام إيماني، ولا يعذبهم الله في الآخرة.

ويُذيِّل الحق سبحانه الآية بقوله: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ) (يُوسُف: 24).

والفحشاء هي الزنا والإتيان؛ والسوء هي فكرة الهَمِّ، وبعض المعتدلين قالوا: إنها بعد أن راودتْه عن نفسه؛ وخرجت بالفعل إلى مرحلة السُّعَار لحظة أن سبقها إلى الباب؛ فكَّرتْ في أن تقتله؛ وحاول هو أن يدافع عن نفسه وأن يقتلها، ولو قتلها فلسوف يُجازى كقاتل.

فصرف الحق عنه فكرة القتل؛ وعنى بها هنا قوله الحق "السوء"؛ ولكني اطمئن إلى أن السوء هو فكرة الهَمِّ، وهي مُقدِّمات الفعل.

ويقرر الحق سبحانه أن يُوسُف -عليه السلام- من عباده المُخْلصين، وفي هذا رد على الشيطان؛ لأن الشيطان قال: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ) (ص: 83).

وقوله الحق هنا: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ) (يُوسُف: 24).

يؤكد إقرار الشيطان أنه لن يَقْرب عباد الله المخلصين.

وهناك "مُخْلِصِين".

و"مُخْلَصِين" والمخلِص هو مَنْ جاهد فكسب طاعة الله، وَالمُخْلَص هو مَنْ كسَب فجاهد وأَخلصه الله لنفسه.

وهناك أُناس يَصِلُون بطاعة الله إلى كرامة الله، وهناك أُناس يكرمهم الله فيطيعون الله -ولله المثل الأعلى- مُنزَّه عن كل تشبيه، أنت قد يطرق بابك واحد يسألك من فضل الله عليك؛ فتستضيفه وتُكرمه، ومرة أخرى قد تمشي في الشارع وتدعو واحداً لتعطيه من فضل الله عليك، أي: أن هناك مَنْ يطلب فتأذن له، وهناك مَنْ تطلبه أنت لتعطيه.

وبعد الحديث عن المراودة بما فيها من لين وأَخْذٍ ورَد؛ ينتقل بنا الحق سبحانه إلى ما حدث من حركة، فيقول تعالى: (وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ...).



سورة يوسف الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48175
العمر : 71

سورة يوسف الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 021-025   سورة يوسف الآيات من 021-025 Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2019, 8:43 pm

وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وعرفنا أن كلاهما حاول الوصول إلى الباب قبل الآخر؛ وتسابقا في هذا الاستباق، ونلحظ أن الحق سبحانه يذكر هنا باباً واحداً؛ وكانت امرأة العزيز قد غلَّقَتْ من قبل أكثر من باب.

لكن قول الحق سبحانه: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلْبَابِ) (يُوسُف: 25).

يدلنا على أنها لحقتْ بيُوسُف عند الباب الأخير؛ وهي قد استبقتْ مع يُوسُف إلى الأبواب كلها حتى الباب الأخير؛ لأنها تريد أن تغلق الباب لتسد أمامه المنفذ الأخير، وهذا الاستباق يختلف باختلاف الفاعل فهي تريده عن نفسه، وهو يريد الفرار من الموقف، ثم قدَّتْ قميصه من دُبر.

هذا دليل على أنه قد سبقها إلى الباب؛ فشدَّته من قميصه من الخلف، وتمزَّق القميص في يدها، وقد محَّص الشاهد - الذي هو من أهلها - تلك المسألة ليستنبط من الأحداث حقيقة ما حدث.

وقوله تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلْبَابِ) (يُوسُف: 25).

أي: حدثت لهما المفاجأة، وهي ظهور عزيز مصر أمامهما؛ وصار المشهد ثلاثياً: امرأة العزيز؛ ويُوسُف؛ وزوجها.

وهنا ألقت المرأة الاتهام على يُوسُف -عليه السلام- في شكل سؤال تبريري للهروب من تبعية الطلب، وإلقاء التهم على يُوسُف: (قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا) (يُوسُف: 25).

ثم حددت العقاب: (إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يُوسُف: 25).

ويأتي الحق سبحانه بقول يُوسُف -عليه السلام-: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ) (يُوسُف: 26).

وهنا وجد عزيز مصر نفسه بين قوليْنِ مختلفين؛ قولها هي باتهام يُوسُف؛ وقوله هو باتهامها، ولابُدَّ أن يأتي بمَن يفصِل بين القولين، وأن يكون له دِقَّة استقبال وفَهْم الأحداث.

ويتابع الحق سبحانه: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي...).



سورة يوسف الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يوسف الآيات من 021-025
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة يوسف الآيات من 001-005
» سورة يوسف الآيات من 081-085
» سورة يوسف الآيات من 006-010
» سورة يوسف الآيات من 086-090
» سورة يوسف الآيات من 011-015

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: يوسف-
انتقل الى: