أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 30050 العمر : 68
 | موضوع: سورة يوسف الآيات من 011-015 الإثنين 18 نوفمبر 2019, 5:50 am | |
| قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُف وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وبعد أن وافقوا أخاهم الذي خفَّف من مسألة القتل، ووصل بها إلى مسألة الإلقاء في الجب؛ بدأوا التنفيذ، فقال واحد منهم مُوجِّهاً الكلام لأبيه، وفي حضور كل الإخوة: (يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُف) (يُوسُف: 11).
وساعة تسمع قول جماعة؛ فاعلم أن واحداً منهم هو الذي قال، وأمَّنَ الباقون على كلامه؛ إِما سُكوتاً أو بالإشارة.
ولكي يتضح ذلك اقرأ قول الحق سبحانه عن دعاء موسى -عليه السلام- على فرعون وكان معه هارون.
قال موسى -عليه السلام-: (رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ) (يونس: 88).
ورد الحق سبحانه على دعاء موسى: (قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا) (يونس: 89).
والذي دعا هو موسى، والذين أمَّنَ على الدعوة هو هارون -عليه السلام- وهكذا نفهم أن الذي قال: (يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُف وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ) (يُوسُف: 11).
تلك الكلمات التي وردتْ في الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها-، هو واحد من إخوة يُوسُف، وأمَّن بقية الإخوة على كلامه.
وقولهم: (مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُف وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ) (يُوسُف: 11).
يدل أنه كانت هناك محاولات سابقة منهم في ذلك، ولم يوافقهم الأب.
وقولهم: (وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ) (يُوسُف: 11).
يعني أنهم سوف ينتبهون له، ولن يحدث له ضرر أو شرّ؛ وسيعطونه كل اهتمام فلا داعي أن يخاف عليه الأب.
ويستمر عَرْض ما جاء على لسان إخوة يُوسُف: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً...). | |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 30050 العمر : 68
 | موضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 011-015 الإثنين 18 نوفمبر 2019, 6:09 am | |
| أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (١٢) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
ولأنهم كانوا يخرجون للرعي والعمل؛ لذلك كان يجب أن يأتوا بعِلَّة ليأذن لهم أبوهم بخروج يُوسُف معهم، ويُوسُف في أوان الطفولة؛ واللعب بالنسبة له أمر مُحبَّب ومسموح به؛ لأنه ما زال تحت سن التكليف، واللعب هو الشغل المباح لقصد انشراح النفس.
ويُفضِّل الشرع أن يكون اللعب في مجال قد يطلبه الجدُّ مستقبلاً؛ كأن يتعلمَ الطفلُ السباحةَ، أو المصارعة، أو إصابة الهدف؛ وهي الرماية وهكذا نفهم معنى اللعب: إنه شُغُل لا يُلهِي عن واجب، أما اللهو فهو شغُلُ يُلهِي عن واجب.
وهناك بعضٌ من الألعاب يمارسها الناس؛ ويجلسون معاً؛ ثم يُؤذِّن المؤذن؛ ويأخذهم الحديث؛ ولا يلتفون إلى إقامة الصلاة في ميعادها؛ وهكذا يأخذهم اللهو عن الضرورة؛ أما لو التفتوا إلى إقامة الصلاة: لَصَار الأمر مجرد تسلية لا ضرر منها.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ...). | |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 30050 العمر : 68
 | موضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 011-015 الإثنين 18 نوفمبر 2019, 6:18 am | |
| قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وكلام الأب هنا لابُدَّ أن يغيظهم فهو دليل المحبة الفائقة إلى الدرجة التي يخاف فيها من فِراق يُوسُف لِقلَّة صبره عنه، وشدة رعايته له؛ ثم جاء لهم بالحكاية الأخرى، وهي: (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يُوسُف: 13).
وقال بعض الناس: لقد علَّمهم يعقوب الكذبة؛ ولولا ذلك ما عرفوا أن يكذبوها.
ونلحظ أن يعقوب جعل للأخوة لَحْظاً؛ فلم يقل: "أخاف أن يأكله الذئب وأنتم قاعدون" بل قال: (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يُوسُف: 13).
وهذا ليُربِّي فيهم مواجيد الأخوة التي تفترض ألاَّ يتصرفوا مع أخيهم بشرّ؛ ولا أن يتصرف غيرهم معه بشرّ إلا إذا غفلوا عن أخيهم.
ونلحظ في ردِّهم عجزَهم عن أنْ يردوا على قوله: (إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ) (يُوسُف: 13).
فهذا الحب من يعقوب ليُوسُف هو الذي دفعهم إلى الحقد على يُوسُف، ورَدُّوا فقط على خوفه من أنْ يأكله الذئب، وجاء القرآن بما قالوه: (قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ...). | |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 30050 العمر : 68
 | موضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 011-015 الإثنين 18 نوفمبر 2019, 6:43 am | |
| قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (١٤) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وهنا يكشف لنا الحق سبحانه محاولاتهم لطمأنة أبيهم؛ كي يأذن في خروج يُوسُف معهم؛ ولهذا استنكروا أن يأكله الذئب وهم مُحِيطون به كعُصْبة، وأعلنوا أنه إنْ حدث ذلك فهم سيخسرون كرامتهم أمام أنفسهم وأمام قومهم، وهم لا يقبلون على أنفسهم هذا الهوان.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ). | |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى

عدد المساهمات : 30050 العمر : 68
 | موضوع: رد: سورة يوسف الآيات من 011-015 الإثنين 18 نوفمبر 2019, 6:46 am | |
| فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥) تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وقوله الحق: (وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ) (يُوسُف: 15).
يدلنا على أن تلك المسألة أخذتْ منهم مناقشة، فيها أَخْذٌ ورَدٌّ، إلى أن استقروا عليها.
وألهم الحق سبحانه يُوسُف -عليه السلام- بما سوف يفعلونه، والوحي كما نعلم هو إعلام بخفاء.
وسوف يأتي في القصة أن يُوسُف -عليه السلام- بعد أن تولى الوزارة في مصر ودخلوا عليه أمسك بقدح ونقر عليه بأصابعه، وقال لهم: اسمعوا ما يقوله القدح؛ إنه يقول: إن لكم أخاً وقد فعلتم به كذا وكذا.
وبعض المفسرين قال: إن الحق سبحانه أوحى له، ولم يَلْحَظ إخوته هذا الوحي.
ونقول: إن الوَحْي إعلام بخفاء، ولا يمكن أن يشعر به غير المُوحَى إليه، وعلى ذلك نرى أنهم لم يعلموا هذا الأمر إلا بعد أن تولى يُوسُف مقاليد الوزارة في مصر؛ بل إنهم لم يعرفوا أن يُوسُف أخوهم؛ لأنهم قالوا له لحظتها: (إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ) (يُوسُف: 77).
والمقصود بالوحي في هذه الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها- هو إيناس الوَحْشة؛ وهو وارد إلهي لا يرده وارد الشيطان؛ والإلهام وارد بالنسبة لمَنْ هم غير أنبياء؛ مثلما أوضحنا الأمر الذي حدث مع أم موسى حين أوحى لها الله أن تلقيه في اليم.
والوارد الإلهي لا يجد له معارضة في النفس البشرية، وقد أوحى الله ليُوسُف ما يُؤنِسُ وحشته حين ألقاه إخوته في الجُبِّ الذي ابتعد فيه عن حنان أبيه وأنسه بأخيه، ومفارقته لبلده التي درج فيها وأُنْسه بالبيئة التي اعتاد عليها.
فكان لابُدَّ أن تعطيه السماء دليلاً على أن ما حدث له ليس جَفْوة لك يا يُوسُف؛ لكنه إعداد لك لتقابل أمراً أهمَّ من الذي كنت فيه؛ وأن غُرمَاءك -وهم إخوتك- سوف يُضطَّرون لدقِّ بابك ذات يوم يطلبون عَوْنك، ويطلبون منك أقواتهم، وستعرفهم أنت دون أن يعرفوك.
هذا من جهة يُوسُف؛ وجهة الجُبِّ الذي ألقوْه فيه، وبقي أن تعالج القصة أمر الإخوة مع الأب، فيقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَجَآءُوۤ أَبَاهُمْ...). | |
|