منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة هود الآيات من 066-070

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 066-070 Empty
مُساهمةموضوع: سورة هود الآيات من 066-070   سورة هود الآيات من 066-070 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2019, 5:58 pm

فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فحين شاء الحق أن يُنزِل العذاب بثمود، بعد مُضيِّ المدة التي أنذروا بنزول العذاب بعدها، نجَّى الحق صالحاً عليه السلام والذين آمنوا برسالته من الهلاك، فحفظتهم رحمة الله؛ لأنهم آمنوا بما نزل على صالح من منهج، ولم يُعَانِ المؤمنون برسالة صالح ما عانى منه قوم ثمود من الذل والفضيحة.

هذا الذل وتلك الفضيحة التي حاقت بثمود.

ويذيل الحق -سبحانه- الآية الكريمة بقوله: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ) (هود: 66).

هذا خطاب لمحمد -صلى الله عليه وسلم- تسلية وتسرية عنه وتقوية لعزمه، فالحق -سبحانه- مقتدر يأخذ كل كافر، ولا يغلبه أحد ولا يعجزه شيء، وفي هذا إنذار لمن كفروا برسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويقول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ...).



سورة هود الآيات من 066-070 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 066-070 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 066-070   سورة هود الآيات من 066-070 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2019, 6:01 pm

وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ويسمي الحق -سبحانه- هنا العذاب الذي نزل على ثمود "الصيحة" وسمّاه في موضع آخر "الطاغية": (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ) (الحاقة: 5).

وسمّاه في موضع آخر "صاعقة" فقال -سبحانه-: (فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) (فصلت: 13).

وفي سورة الأعراف سمّاه "الرَّجفة"، وكل من الصاعقة والصيحة والرجفة تؤدي معنى الحدث الذي يَدْهَمُ، ولا يمكن الفكاك منه.

ولقائل أن يقول: لماذا لم يقل الحق -سبحانه- هنا: "وأخذت الذين ظلموا الصيحة"؟

لماذا اختفت تاء التأنيث من الفعل، وقال -سبحانه-: (وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ) (هود: 67).

ونقول: إن الذي يتكلم هنا هو رب العباد -سبحانه-، ولا يصح أن نفهم الصيحة على أنها جاءت لتعبر عن صيحة واحدة، فتاء التأنيث تُعَبِّرُ عن الصيحة لِمَرَّة وصارت صياحاً كثيراً تأخذهم كل صيحة من الصياح.

وهنا نلمح أن الصيحة فيها ضعف الأنوثة، أما الصياح ففيه عزيمة وقوة الرُّجولة، فأراد الحق -سبحانه- أن يجمع الأمرين، فقال: "أخذ" ولم يقل: "أخذت".

ثم قال -سبحانه-: (فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (هود: 67).

أي: مُلْقون على رُكَبهم وعلى جباههم بلا حركة.

ويقول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ...).



سورة هود الآيات من 066-070 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 066-070 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 066-070   سورة هود الآيات من 066-070 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2019, 6:02 pm

كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (٦٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ومادة "غَنِيَ"، "غِنىً"، أو "غَنَاءً" كلها متساوية؛ لأن الغَنَاء هو الوجود؛ وجود شيء يُغَنِي عن شيء، فالغِنَى هو وجود مال يغنيك عن غيرك، والغناء هو ما نسمعه من المُغَنِّين، والأغنية التي يعجب الإنسان من كلماتها ولحنها، فهو يقيم معها إقامة تطرد ما سواها مما سمع من الكلام على كثرة ما سمع أو قرأ، والغَناء هو للإقامة.

والحق -سبحانه- يقول: (حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ) (يونس: 24).

أي: كأنها لم توجد من قبل.

وهنا يقول الحق -سبحانه-: (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ) (هود: 68).

أي: لم يقيموا فيها، لأنها صارت حصيداً.

ثم يقول الحق -سبحانه- في نفس الآية: (أَلاَ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفرُواْ رَبَّهُمْ) (هود: 68)، وهذه هي حيثية العذاب الذي نزل بهم.

وعادة ما تتعدى كلمة "كفر" بالباء، ويقال: كفروا بربهم، ولكن الحق -سبحانه- يقول هنا: (أَلاَ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفرُواْ رَبَّهُمْ) (هود: 68).

والفارق كبير بين المعنيين، فمعنى (كَفرُواْ رَبَّهُمْ) أي: ستروا وجوده، فلا وجود له، ولكن معنى "كفروا بربهم" هو اعتراف بالله الموجود، لكنهم لم يؤمنوا به.

وقول الحق -سبحانه-: (كَفرُواْ رَبَّهُمْ) يرد على الملاحدة الذين لا يقرون بوجود الله، لأن ذنب إنكار وجود الله ليس بعده ذنب، ولا يوجد ما هو أكثر منه في الذنوب.

لذلك يقول الحق -سبحانه-: (أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ) (هود: 68).

أي: أنهم يستحقون ما وقع عليهم من إهلاك وطرد من رحمة الله، ولن يعطف عليهم أحد لضخامة ذنبهم.

ويأتي الحق -سبحانه- في الآية التالية بقصة جديدة من قصص الأنبياء، وهي جزء من قصة أبي الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، يقول -سبحانه-: (وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ...).



سورة هود الآيات من 066-070 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 066-070 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 066-070   سورة هود الآيات من 066-070 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2019, 6:03 pm

وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكلمة "رسل" جمع "رسول"، والرسول هو المرسَل من جهة إلى جهة، وأي إنسان تبعثه إلى جهة ما؛ اسمه رسول، ولكن المعنى الشرعي للرسول: أن يكون مُرسَلاً من الله.

ويقول الحق -سبحانه-: (ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ) (الحج: 75).

واصطفاء الملائكة كرسل لتيسير التلقِّي عن الخالق -سبحانه-؛ لأن القوة التي تتلقى عن الخالق -سبحانه وتعالى- لابد أن تكون قوة عالية، والإنسان منا لا يقدر على أن يتلقى مباشرة عن الحق -سبحانه- لذلك يأتي لنا الله جَلَّ عُلاَه بالرسل، فيصطفي من الملائكة المخصوصين القادرين على التلقي لينزلوا على المصطفى من البشر القادر على حمل الرسالة.

وهكذا نعلم أن الملائكة ليست كلها قادرة على التلقي من الله، ولا كل البشر بقادرين على التلقي عن الله أو عن الملائكة.

وهذه الحلقات في الإبلاغ أرادها الحق -سبحانه-، لتؤهل للضعيف أن يأخذ من الأقوى؛ والبشر يلجأون إلى ذلك في حياتهم.

وسبق أن ضربت المثل، بأننا أثناء الليل نطفىء نور المنزل، لكننا نترك ضوءاً خافتاً يوضح لنا ملامح البيت، فإن قمنا ليلاً من النوم؛ لا نصطدم بمتاع البيت، فيتحطم ما نصطدم به إن كان أضعف منا، أو نُصَاب نحن إن اصطدمنا بما هو أقوى منا.

والنور الضعيف يتيح لنا أن نرى مكان مفتاح الضوء القوي.

وكذلك يفعل الله -سبحانه وتعالى-، فيأتي بمصطفى من الملائكة، يتلقى عن الحق -سبحانه- ويبلغ المَلَكُ من هؤلاء الرسولَ المصطفى من البشر.

والحق -سبحانه- هو القائل: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ) (الشورى: 51).

وهنا يقول الحق -سبحانه-: (وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ) (هود: 69).

والبشرى هي الإخبار بشيء يسرُّ قبل أوان وقوعه، وهي عكس الإنذار الذي يعني الإخبار بشيء محزن قبل أوانه.

وقبل أن يوضح الرسل لإبراهيم -عليه السلام- البشارة التي جاءوا من أجلها، يعلمنا الحق -سبحانه- المقدمات اللازمة للدخول إلى الأماكن، فمن أدب الدخول إلى أي مكان أن نسلِّم على أهل هذا المكان، والحق -سبحانه- القائل: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا) (النور: 27).

ولذلك يأتي الحق -سبحانه- هنا بما قالته الملائكة من قبل إبلاغ البشرى: (قَالُواْ سَلاَماً) (هود: 69).

وجاء -سبحانه- بردِّ إبراهيم عليه السلام: (قَالَ سَلاَمٌ) (هود: 69).

ونحن نلحظ أن السلام جاء على ألسنتهم بالنصب، والرد بالسلام جاء بالرفع، وقولهم: (سَلاَماً) دل على فعل يوضح التجدد، والرد جاء بكلمة (سَلاَمٌ) بالرفع؛ ليدل على الثبات والإصرار.

والحق -سبحانه- هو القائل: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ) (النساء: 86).

هكذا استقبل إبراهيم عليه السلام رسل الحق -سبحانه- ثم يقول الحق -سبحانه-: (فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (هود: 69).

والعجل هو ولد البقر.

وهناك آيات كثيرة في القرآن تعرضت لقصة إبراهيم عليه السلام في أكثر من موضع من مواضع القرآن، لا بقصد التكرار، ولكن لأن كل لقطة في أي موضع هي لقطة مقصودة لها دلائلها وأسرارها، فإذا جُمِعَتْ اللقطات فسوف تكتمل لك قصة إبراهيم عليه السلام في شمول متكامل.

وعلى سبيل المثال: يقول الحق -سبحانه-: (وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ) (الأنعام: 75).

وفي موضع آخر يتعرض الحق -سبحانه- للتربية اليقينية التي أرادها لإبراهيم، فيقول -سبحانه-: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ * فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ * فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 76-79).

إن هذه الآيات تبين وظيفة الحواس إدراكاً، ووظيفة الوجدان انفعالاً، ووظيفة الاختيار توحيداً وإذعاناً بيقين.

ثم يقول الحق -سبحانه- في موضع آخر على لسان إبراهيم عليه السلام فخاطب عمه باحترام لمكانته التي تساوي منزلة الأب.

يقول الحق -سبحانه-: (وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً * يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) (مريم: 41-45).

فهذه الآية تبين رفق الداعي مع جمال العرض.

فأصرَّ العَمُّ على الشرك، فقال إبراهيم عليه السلام: (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ) (مريم: 47).

وبعد ذلك يتبرأ منه لإصراره على الكفر.

ثم هناك لقطة من يُحاجِج إبراهيم في ربه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) (البقرة: 258).

وكانت تلك سفسطة في القول ناتجة عن عجز في التعبير، فليس إصدار حكم بالقتل على إنسان، ثم العفو عنه، هو إحياء وإماتة، فأخذه إبراهيم عليه السلام إلى منطقة لا يجرؤ عليها أحد، وقال: (فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ) (البقرة: 258).

وهذه الآية تبين منطق الحق أمام زيف الباطل، ثم يأتي في موضع آخر من القرآن ليبين المقارنة بين فكرة الكفر، وفكرة الإيمان، فيقول -سبحانه-: (وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) (الشعراء: 69-74).

وفي هذه الآية أمثلة تحمل جواب الإسكات.

ثم يقول الحق -سبحانه-، على لسان إبراهيم عليه السلام: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ) (الشعراء: 78-82).

يقول رب العزة -سبحانه- في سورة الأنبياء: (وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ) (الأنبياء: 51-56).

هذه هي التربية اليقينية التي أرادها الحق -سبحانه- لإبراهيم عليه السلام ليعلمنا كيف يكون الإيمان؟

وكان قوم إبراهيم يعبدون آلهة غير الله، لكن إبراهيم عليه السلام توصَّل إلى عبادة مَنْ خَلَقه وخَلَق الكون، وهو الصانع الذي يضع قانون صيانة ما يصنع -سبحانه وتعالى-: ولذلك نلاحظ قوله: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (الشعراء: 78).

فلم يقل: "الذي خلقني يهديني" لأن هذه دعوى؛ ستُدَّعى، وسيضع الناس قوانين لأنفسهم، فبيَّن الحق -سبحانه- أن الذي خَلَق هو الذي يَهْدِي.

وجاء الحق -سبحانه- بكلمة "هو" لحصر الأمر حتى لا يشارك الخلق خالقهم فيه، لكن الأمر الذي لم يُدَّعَ، لم يأت فيه بكلمة "هو" كقوله:  (وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (الشعراء: 81).

فما لا شركة فيه عند الخَلْق يأتي به القرآن من غير تأكيد الضمير، ولكن في الأمر الآخر يأتي بتأكيد الضمير كقوله: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء: 80).

فقد يقال: "إن الطبيب هو الذي يشفيني"، ولكن ذلك غير حقيقي؛ لأن الله -سبحانه- هو الذي يضع العلم، وهو الذي خلق الداء وخلق الدواء.

ثم بعد ذلك يقول الحق -سبحانه- في قصة إبراهيم عليه السلام: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ) (البقرة: 127).

إذن: فكل مناسبة تأتي لتأكيد معنى من معاني الإيمان تأتي معها لقطة من لقطات قصة إبراهيم عليه السلام، وإذا جُمِعت اللقطات كلها تجد قصة إبراهيم كاملة.

وإذا كان الله -سبحانه وتعالى- يريد أن يقص على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- القصص، فذلك لتثبيت فؤاده -صلى الله عليه وسلم-: (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) (هود: 120).

لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعرض لكثير من الأحداث فيذكِّره الله -سبحانه- بما حدث للرسل عليهم السلام ويأتي باللقطات الإيمانية ليثبت فؤاد الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وهنا يقول الحق -سبحانه-: (قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (هود: 69).

وفي موضع آخر يقول الحق -سبحانه-: (إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (الحجر: 52).

وفي آية أخرى يقول الحق -سبحانه- عن هذا الموقف: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ) (الذاريات: 28).

أي: أحس في نفسه الخوف، وهذا من أمر المواجيد؛ لأن كل فعل من الأفعال له مقدمات تبدأ بالإدراك، ثم النزوع، ثم الفعل؛ فحين رآهم إبراهيم عليه السلام أوجس في نفسه خيفة، ثم نزع إلى فعل هو السلام.

والشرع لا يتدخل في الإدراك أو المواجيد، ولكنه يتدخل في النزوع، إلا في أمر واحد من مدركات الإنسان، وهو إدراك الجمال في المرأة.

لذلك أمر الشرع بغض البصر؛ حتى لا يدرك الإنسان ذلك فينزع إلى سلوك ليس له حق فيه، ولأن إدراك حُسْن المرأة قد يدفع الغرائز إلى السلوك الفوري؛ لأن الغرائز لا تفصل النزوع عن الوجدان والإدراك.

وهنا بيَّن الحق مواجيد إبراهيم عليه السلام حين قال: (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ) (هود: 70).

وجاء بالمعنى النزوعي حين قال: (قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ) (هود: 69).

وهو حين التأكيد والتثبيت.

وقال الحق -سبحانه-: (فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (هود: 69).

وهو: العجل السمين المشوي على الحجارة؛ لأن الشواء -كما نعلم- قد يكون على اللهب أو على الفحم، أو على الحجارة.

ومثل ذلك يحدث في البلاد العربية حين يأتون بحجر رقيق جدّاً، ويحمُّونه على النار، ثم يشوون عليه اللحم، وهذا ما يضمن عدم حدوث تفاعلات بين اللحم والحجر؛ لأن هناك تفاعلات تحدث من الحديد أو من الفحم؛ ولذلك فهذه أنظف طريقة للشواء.

أو أن كلمة: (بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (هود: 69).

أي: ينزل منه الدهن بعد الشواء.

وقول الحق -سبحانه-: (فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (هود: 69).

لأن طبيعة سيدنا إبراهيم عليه السلام هي محبة الضيوف وإكرامهم.

ومن عادة الكرام أن يُعجِّلوا بإكرام الضيف، وتقديم الطعام له، والكريم هو من يفعل ذلك؛ لأنه لا يعلم ما قد مر على الضيف دون طعام، فإن كان الضيف جائعاً؛ أكل، وإن كان شبعان فهو يعلن ذلك.

ويقول الحق -سبحانه- ما حدث بعد أن جاء لهم إبراهيم عليه السلام بالعجل المشوي: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ...).



سورة هود الآيات من 066-070 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 066-070 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 066-070   سورة هود الآيات من 066-070 Emptyالسبت 16 نوفمبر 2019, 6:04 pm

فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ (٧٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وحين رأى إبراهيم أن أيديهم لا تصل إلى الطعام توجس من ذلك شرّاً ونكرهم، أي: استنكر أنهم لم يأكلوا من طعام قدَّمه لهم، فهل علم إبراهيم أنهم ملائكة؟لقد علم إبراهيم عليه السلام أنهم ملائكة من كلامهم.

وقد بيَّن ذلك قول الحق -سبحانه- في موضع آخر من القرآن: (إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ * قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ * قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ) (الحجر: 52-58).

إذن: فهم لم يقولوا له مثلما قالوا للوط عليه السلام: (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) (هود: 81).

وهنا حين قالوا لإبراهيم عليه السلام: (لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ) (هود: 70).

أي: أنهم فهموا أن إبراهيم عليه السلام يعلم أنهم ملائكة؛ لأن المَلك قد يتشكل في هيئة إنسان، مثلما تشكَّل جبريل عليه السلام أمام سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وكذلك الجن لهم قدرة على التشكل، إلا أن هناك فارقاً بين تشكل الملك وتشكل الجن، فالجن إن تشكل تحكمه الصورة، فإن تشكل في صورة رجل فيمكنك أن تمسك به وتؤذيه.

ألم يَقُلْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن عفريتاً من الجن تفلَّت البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته، فأردتُ أن أربطه على سارية من سواري المسجد، حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: (قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ). فرددته خاسئاً".

إذن: إذا تشكل الجن حكمته الصورة، ويمكن أن نضربه مثلاً، أما الملاك إذا تشكل فالصورة لا تحكمه.

وحُكْم الصورة عند تشكل الجني هي التي تحمينا من مخاوفنا، وهو أيضاً يخاف منا مثلما نخاف منه، ولذلك لا يظهر الجني متشكلاً في صورة إلا لحظة قصيرة ليختفي على الفور؛ لأنه يخاف أن تكون قد علمت أن الصورة التي تشكل عليها تحكمه وتستطيع أن تفتك به؛ لذلك فالجن يخافون من البشر.

وشاء الحق -سبحانه- ذلك الأمر حتى لا يفزع الجنُّ الناسَ.

وهنا يقول الحق -سبحانه-: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) (هود: 70).

وكلمة (نَكِرَهُمْ) تقتضي أن ننظر في مادة "النون والكاف والراء" وكلمة "نكر" وكلمة "أنكر" كلتاهما مستعملة في القرآن.

والشاعر يقول:
وَأنْكَرتْنِي ومَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ مِنَ الحَوادِث إلاّ الشَّيبَ والصَّلَعا

والاستعمال اللغوي يدل على أن المقابح من ألوان السلوك تسمى منكرات، أي: ينكرها الإنسان بفطرته.

وهنا حين رأى إبراهيم عليه السلام أن أيديهم لا تصل إلى العجل الحنيذ نكرهم، وأوجس في نفسه خيفة، فلاحَظوا ذلك، وقالوا: (لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ) (هود: 70).

وهكذا عرف لمن جاءوا، واطمأن أن قومه لم يأتوا بفعل يستحقون عليه العذاب، وخصوصاً أن كتب التاريخ تقول: إن إمرأة إبراهيم عليه السلام قالت له: ألا تضم ابن أخيك إلى كنفك هنا؛ لأن قومه يوشك أن يعمهم الله بالعذاب.

وحين سمعت أن الرسل إنما جاءت إلى قوم لوط سُرَّتْ من فراستها، وتبسَّمت لأنها تنبهت إلى هذه المسألة.

وفي آية أخرى يقول الحق -سبحانه-: (قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) (الذاريات: 32-34).

ويقول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ...).



سورة هود الآيات من 066-070 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة هود الآيات من 066-070
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 001-005
» سورة هود الآيات من 081-085
» سورة طه الآيات من 016-020
» سورة هود الآيات من 006-010
» سورة هود الآيات من 086-090

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: هـود-
انتقل الى: