منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة يونس الآيات من 031-035

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة يونس الآيات من 031-035 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يونس الآيات من 031-035   سورة يونس الآيات من 031-035 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 12:43 am

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: أن الحق سبحانه يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: اسألهم هذا السؤال، ولا يسأل هذا السؤال إلا مَنْ يثق في أن المسئول لو أدار في ذهنه كل الأجوبة، فلن يجد جواباً غير ما عند السائل.

ومثال ذلك من حياتنا -ولله المثل الأعلى- إن جاء لك من يقول: أبي يهملني، فتمسك به، وتسأله: من جاء لك بهذه الملابس وذلك القلم ويُطعمك ويُعلِّمك؟

سيقول لك: أبي.

وأنت لا تسأله هذا السؤال إلا وأنت واثق أنه لو أدار كل الأجوبة فلن يجد جواباً إلا الذي تتوقعه منه، فليس عنده إجابة أخرى؛ لأنك لو كنت تعرف أنه سوف يجيبك إجابة مختلفة لما سألته فكأنك ارتضيت حكمه هو في المسألة.

والحق سبحانه وتعالى قال في بداية هذه الآية الكريمة: (قُلْ) كما أنزل عليه مثيلاتها مما بُدىء بقوله سبحانه: (قُلْ) مثل قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الصمد: 1).

وهذا ما اقتضاه خطاب الحق سبحانه دائماً للخَلْق، ويختلف عن خطاب الخَلْق للخَلْق، فحين تقول لابنك: "اذهب إلى عمِّك، وقُلْ له كذا".

فالابن يذهب إلى العمِّ ويقول له منطوق رسالة الأب، دون أن يقول له: "قُلْ"، أما خطاب الحق سبحانه للخلق، فقد شاء سبحانه أن يبلِّغنا به رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- كما نزل (قُلْ) فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمين في البلاغ عن الله تعالى، لا يترك كلمة واحدة من الوحي دون أن يبلِّغها للبشر، وما دام الحق سبحانه وتعالى هو الذي أمره، فهو يبلغ ما أمِرَ، حتى لا يحرم آذان خلق الله تعالى من كل لفظ صدر عن الله سبحانه وكذلك أمر الحق -سبحانه- هنا لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن يقول: (مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ) (يونس: 31).

ونحن نعلم أن الرزق هو ما يُنتفع به، والانتفاع الأول مُقوِّم حياة، والثاني تَرَفٌ أو كماليات حياة، والرزق الذي هو أصل الحياة هو ماء ينزل من السماء، ونبات يخرج من الأرض.

وهكذا قال الحق سبحانه السؤال والإجابة معروفة مقدَّماً، فلم يَقُلْ لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: "أجِب أنت" بل ترك لهم أن يجيبوا بأنفسهم.

وكذلك جاء الحق سبحانه بسؤال آخر: (أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ) (يونس: 31).

والسمع والبصر هما السيدان لملَكَات الإدراك؛ لأن إدراك المعلومات له وسائل متعددة، إنْ أردتَ أنْ تُدرك رائحة؛ فبأنفك، وإن أردتَ أنْ تدرك نعومة؛ فبلمسك وببشرتك، وإنْ أردتَ أن تدرك مذاق شيء فبلسانك، وإنْ أردت أن تتكلم فبأجهزة الكلام وعمدتها اللسان، وإنْ أردتَ أن تسمع فبأذنك.

وكذلك تتجلَّى لك المرائي بعينيك، ثم تأتي إدراكات متعددة من الحواس؛ لتُكوِّن أشياء نسميها الخميرة، توجد منها القضية العقلية الأخيرة، فالطفل أمام النار يجد منظرها جميلاً جذاباً، لكن ما إن يلمسها حتى تلسعه؛ فلا يقرب منها أبداً من بعد ذلك؛ لأنه اختبرها بحواسه فارتكزت لديه القضية العقلية وهي أن هذه نار محرقة، واستقر هذا لديه يقيناً.

وهكذا تكون الإدراكات الحسية إدراكات متعددة تصنع خميرة في النفس تتكون منها الإدراكات المعنوية.

إذن: فوسائل العلم للكائن الحي هي الحواس، وهذه الحواس تعطي العقل معطيات تنغرز فيه لتستقر من بعد ذلك في الوجدان؛ فتصبح عقائد.

إذن: فمراحل الإدراك هي: إدراك حسيٌّ، وتفكُّر عقليٌّ، فانتهاء عَقَدِيٌّ؛ ولذلك نسمِّي الدين عقيدة.

أي: أنك عقدت الشيء في يقينك بصورة لا تحلُّه بعدها من جديد لتحلّله، فهذا يُسمى عقيدة.

ولذلك حينما أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يقصَّ علينا مراحل الإدراك في النفس الإنسانية؛ ليربي الإنسان معلوماته، قال الحق سبحانه: (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل: 78).

لذلك يقال: "كما ولدته أمه"، أي: لم يُعْطَ القدرة على استخدام حواسِّه بعد، ثم يجعل له الحق سبحانه الحواس، ويجعله قادراً على استخدامها.

ولم يذكر بقية الحواس، بل جاء بالسيدين، وهما السمع والبصر؛ لأن آيات الكون تحتاج إلى الرؤية، وإبلاغ الرسل يحتاج للسماع، وهما أهم آلتين في البلاغ، فأنت ترى بالعين آيات الكون ومعجزات الرسل، وتسمع البلاغ بمنهج الله سبحانه وتعالى من الرسل.

وقد لفتنا الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى العجائب فقال: "اعجبوا لهذا الإنسان، ينظر بشحمٍ، ويتكلم بلَحْمٍ، ويسمع بعظمٍ، ويتنفس من خَرْمٍ".

فالصوت يطرق عظمة الأذن، ويرنّ على طبلتها، ونرى بشحمة العين، وننطق بلحمة اللسان.

وأضاف البعض: "ونشمْ بغضروف، ونلمس بجلد، ونفكر بعجين".

فالإنسان يولد وكأن مخه قطعة من العجين التي تعمل في استقبال المعلومات من الكون وتخزينها فيه، وهي التي ستكون ركيزة لتشكيل الفؤاد من بعد ذلك.

وجاء قول الحق سبحانه هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها بوسيلتين من وسائل الإدراك، وترك بقية الوسائل الثلاث الأخرى الظاهرة، مع أن العلم الحديث حين تكلم عن وظائف الأعضاء، احتاط للأمر وقرر أن هذه الحواس هي الحواس الخمس الظاهرة.

وهذا يعني أن هناك حواسّاً أخرى غير هذه سيكشف عنها، وهي حواس لم يكن القدماء يعرفونها، مثل حاسة البَيْنَ بَيْنَ، التي نفرق بها بين أنواع الأقمشة والأوراق وغيرها، وكثافة هذا النوع من ذاك، وهذه الحاسة توجد بين لمستين من إصبعين متقاربين.

وكذلك حاسة العَضَل التي تزن ثقل الأشياء، وتعرف حين تحمل ثقلاً ما مدى الإجهاد الذي يسببه لك، وهل يختلف عن إجهاد حَمْل ثقلٍ آخر.

وحين نظر العلماء في معاني الألفاظ قالوا: "النظائر حين تخالف فلابد من علّة للمخالفة" فالسمع آلة إدراك، والبصر آلة إدراك، فلماذا قال الحق سبحانه في آلة الإدراك "السمع"، وقال في الآلة الثانية "الإبصار"؟

ولماذا جاء السمع بالإفراد، وجاء الإبصار بالجمع، ولم يأتْ بالاثنين على وتيرة واحدة؟

فنقول: إن المتكلم هو الله تعالى، وكل كلمة منه لها حكمة وموضوعة بميزان، وأنت حين تسمع، تسمع أي صوت قادم من أي مكان، لكنك بالعين ترى من جهة واحدة، فإنْ أردتَ أن ترى ما على يمينك فأنت تتجه بعينيك إلى اليمين، وإنْ أردت أن ترى ما خلفك، فأنت تغيِّر من وقفتك، فالأذن تسمع بدون عمل منك، لكن البصر يحتاج إلى عمليات متعددة؛ لترى ما تريد.

وأيضاً فالسمع لا اختيار لك فيه، فأنت لا تستطيع أن تحجب أذنك عن سماع شيء، أما الإبصار فأنت تتحكم فيه بالحركة أو بإغلاق العين. وجاء الحق -سبحانه وتعالى- بالسمع أولا.

لأن الأذن هي أول وسيلة إدراك تؤدي مهمتها في الإنسان، أما العين فلا تبدأ في أداء مهمتها إلا من بعد ثلاثة أيام إلى عشرة أيام غالباً.

وهنا يقول الحق سبحانه: (أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ) (يونس: 31).

والحق سبحانه يملكها؛ لأنه خالقها وهو القادر على أن يصونها، وهو القادر سبحانه على أن يُعَطِّلها، وقد أعطانا الحق مثالاً لهذا في القرآن فقال عن أصحاب الكهف: (فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (الكهف: 11).

فَعَطَّل الله سبحانه أسماعهم بأن ضرب على آذانهم، فذهبوا في نوم استمر ثلاثة قرون من الزمن وازدادوا تسعاً.

كيف حدث هذا؟

إن أقصى ما ينامه الإنسان العادي هو يوم وليلة، ولذلك عندما بعثهم الله تساءلوا فيما بينهم: (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) (الكهف: 19).

ولكن هيئتهم لم تكن تدل على هذا، فإن شعورهم قد طالت جدّاً، بل إن لونها الأسود قد تبدل وأصبحوا شيباً وكهولاً، ولذلك قال الحق سبحانه: (لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) (الكهف: 18).

ونلحظ هنا ملحظاً يجب الانتباه إليه، ففي هذه الآية الكريمة يقول الحق سبحانه: (أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ) (يونس: 31).

بينما يقول في آية أخرى في سورة السجدة: (وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ) (السجدة: 9).

ولابد أن ننتبه إلى الفارق بين "الخَلْق" و"الجَعْل"، و"الملْك"، فالخلق قد عرفنا أمره، وملكية كل شيء لله -تعالى- أمر مُلْزِمٌ في العقيدة، ومعروف، أما "الجَعْل"، فهو توجيه ما خلق إلى مهمته.

فأنت تجعل الطين إبريقاً، والقماش جلباباً، هذا على المستوى البشري، أما الحق سبحانه وتعالى فقد خلق المادة أولاً، ثم جعل من المادة سمعاً وبصراً، وزاد من بعد ذلك (أَمَّن يَمْلِكُ)، فمن خَلَق هو الله تعالى، ومن جَعَلَ هو الله تعالى، ومن مَلَكَ هو الله تعالى وهو سبحانه ينبهنا إلى ذلك، فالأشياء النافعة لابن آدم يخلقها الله سبحانه، ويجعلها، ثم يُملِّكها له.

أما ذات الإنسان وأبعاضه من سمع وبصر وغيرهما وإن كانت قد خُلقت في الإنسان، وجُعلت له للانتفاع بها، ولكنها ستظل مِلْكاً لله، يبقيها على حالها، أو يخطفها أو يصيبها بآفة، أو يعطلها.

إذن: فهي خُلقت لله، وجُعلت من الله، وتظل مملوكة لله، ويُصيِّرها كيف يشاء، فدقات القلب والحب والكراهية والأمور اللا إرادية التي تعمل لصالح الإنسان هي مملكة الله.

والحق سبحانه -على سبيل المثال- جعل لكلِّ حيوان جلداً؛ ننتفع به وندبغه إلا جلدين اثنين: جلد الإنسان وجلد الخنزير، وقد حُرِّم استخدام جلد الإنسان؛ لكرامته عند خالقه، وحُرِّم استخدام جلد الخنزير؛ ليدُلَّ على حرمته ونجاسته.

وعلينا أن ننتبه إلى أن الحق سبحانه قد خَلَقَ وجَعَلَ ومَلَكَ، ودليل ملكية الحق -سبحانه وتعالى- أنه حَرَّم الجنة على المُنتحِر؛ لأنه لا يأخذ الحياة إلا واهبُ الحياة، فأنت أيها الإنسان لستَ مِلْكَ نفسك.

ولا عذر لأحد ما دام قد وصله هذا البلاغ، وعليه أن يستوعبه أما من لا يستوعب؛ فيلقى مصيره.

لذلك فإنه سبحانه هو الذي رزق، وهو -سبحانه- الذي يملك.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ) (يونس: 31).

ونحن نعلم أن لكل كائن في الوجود حياة تناسبه، بدليل قول الحق سبحانه: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) (القصص: 88).

وما دام كل شيء سيأتي له وقت يهلك فيه، فمعنى ذلك أن لكل شيء حياة، إلا أن حياتنا نحن في ظاهر الأمر عبارة عن الحس والحركة، والإنسان يأكل الخضروات والخبز والفاكهة، ومن هذه المأكولات وغيرها يكوِّن الجسمُ الحيوانات المنوية في الرجل، والبويضات في المرأة، ومنهما يأتي الإنسان، وكذلك يخرج الكتكوت من البيضة المخصَّبة؛ لأن البيضة غير المخصبة لا تُخرِج كتكوتاً؛ فهي بدون حياة؛ ولذلك لا يتكون منها جنين، فهناك فرق بين قابلية الحياة، وبين الحياة نفسها.

وكذلك نواة التمرة، إذا ما ألقيتْ دون أن توضع في الأرض، فلن تكون نخلة أبداً، ولكن إذا ما زُرعتْ في الأرض، ووجدت لها البيئة المناسبة؛ خرجَتْ نخلة.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ) (يونس: 31).

والتدبير هو عملية الإدارة لأي شيء؛ حتى يؤدي مهمته، وبالله من يُدير قلبك؟

ومن يدير حركة أمعائك؟

لتستخلص من الطعام ما يفيدك، ثم تخرج ما لا يفيدك.

إياك أن تقول: إنني أنا الذي أدير ذلك؟

ونقول: كنت طفلاً في مرحلة الطفولة، فهل كنت تدير حركة قلبك أو أمعائك؟

ومَنْ الذي يدير حركة رئتيك؟

إن الذي يديرها هو خالقها؛ لذلك اطمئنوا على حركة أجهزتكم التي لا دخل لكم فيها؛ لأن الذي خلقها فيكم قيُّوم لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يؤوده حفظ ذلك.

ويجيب مَنْ يسألهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على كل تلك الأسئلة -بأمر الله تعالى- الإجابة التي حددها الله سبحانه سلفاً (فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ) (يونس: 31).

إذن: أما كان يجب أن نرهف الآذان، ونُعْمِل الأبصار؛ لنرى قدرة الله سبحانه الذي وهب لنا كل تلك النعم من رزق، وسمع، وبصر، وإحياء، وإماتة، وإحياء من ميت، وتدبير الأمر كله؟

أما كان يجب أن نقول: يا مَنْ خَلَقْتَنَا ماذا تنتظر مِنَّا؛ لنعمِّر الكون الذي أوجدتنا فيه؟

فكيف -إذن- يتجه البعض بالعبَادة لغير الله تعالى؛ لشمسٍ أو قمرٍ، أو ملائكة، أو نبيّ، أو صنمٍ؟

كيف ذلك والعبادة معناها إطاعة العابد للمعبود فيما يأمر به؟

وهل هناك إله بغير منهج يأمر به عباده، ومن عبد الشمس هل كَلَّفته بشيء؟

لا.

إذن: يتساوى عندها مَنْ عبدها، ومَنْ لم يعبدها، وفي هذا نقض لألوهية كل معبود غير الله تعالى ولذلك يُنهي الحق سبحانه الآية بقوله: (أَفَلاَ تَتَّقُونَ) (يونس: 31).

فما دام الله سبحانه هو الذي خلق كل ذلك، وأنزل منهجاً، فعليكم أن تجعلوا بينكم وبينه وقاية؛ تحميكم من صفات الجلال، وتقرّبكم من آثار صفات الجمال وأن تسمعوا إلى البلاغ من الرسل عليهم السلام، وإلى مطلوباته سبحانه وما دام كل إنسان سيجيب عن أسئلة هذه الآية، ويعترف أن الخالف سبحانه والمالك هو الله تعالى، فعلى الإنسان أن يقي نفسه النار.

والعجيب أن الجميع يجيب بأن الله سبحانه هو الذي خَلَق، فالحق سبحانه يقول: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ) (الزخرف: 87).

ويقول أيضاً: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ) (لقمان: 25).

وما دام الله تعالى هو الذي خلق، ورزق، ودبَّر الأمر، فكيف تتركون عبادته وتتجهون لعبادة غيره؟

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ...).



سورة يونس الآيات من 031-035 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة يونس الآيات من 031-035 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 031-035   سورة يونس الآيات من 031-035 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 12:44 am

فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ (٣٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقد جاء قول الحق سبحانه: (فَذَٰلِكُمُ) إشاره منه إلى ما ذكره قَبْلاً من الرزق، وملكية السمع والأبصار، وقدرة إخراج الحيّ من الميت، وأخراج الميت من الحي، وتدبير الأمر.

إذن: فقوله سبحانه: (فَذَٰلِكُمُ) إشارة إلى أشياء ونعم كثيرة ومتعددة أشار إليها بلفظ واحدٍ؛ لأنها كلها صادرة من إله واحد.

(فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ) (يونس: 32).

ولا يوجد في الكون حقَّان، بل يوجد حق واحد، وما عداه هو الضلال؛ لذلك يقول الحق سبحانه: (فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ) (يونس: 32).

إذن: أنتم إنْ وجَّهتم الأمر بالربوبية إلى غيره؛ تكونون قد ضللتم الطريق، فالضلال أن يكون لك غاية تريد أن تصل إليها، فتتجه إلى طريق لا يوصِّل إليها.

فإن صُرفتم من الإله الحق فأنتم تصلون إلى الضلال.

ولذلك يُنهي الحق سبحانه الآية بما يبين أنه لا يوجد إلا الحق أو الضلال، فيقول سبحانه: (فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) (يونس: 32).

أي: أنكم إن انصرفتم عن الحق -سبحانه وتعالى- فإلى الضلال، والحقُّ واحد ثابت لا يتغيَّر.

ومَنْ عبد الملائكة أو الكواكب أو النجوم؛ أو بعض رسل الله -عليهم السلام- أو صنماً من الأصنام؛ فقد هوى إلى الضلال.

وإن كنتم تريدون أن نجادلكم عقلياً، فَلْنقرأ معاً قول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ...).



سورة يونس الآيات من 031-035 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة يونس الآيات من 031-035 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 031-035   سورة يونس الآيات من 031-035 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 12:44 am

كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله: (كَذَلِكَ) إشارة إلى ما تقدم من رزق الله تعالى للبشر جميعاً، ومن مِلْك السمع والبصر، ومن تدبير الأمر كله، ومن إخراج الحيّ من الميت، وإخراج الميت من الحي، ذلك هو الإله الحق سبحانه، وقد ثبت ذلك بسؤاله سبحانه وتعالى هذا السؤال الذي علم مُقدَّماً ألا إجابة له إلا بالاعتراف به إلهاً حقاً: (فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ) (يونس: 32).

ومثل هذه القضية تماماً قَوْلُ الحق سبحانه: (حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (يونس: 33).

لأنهم أساءوا الفهم في الوحدانية، وفي العقيدة، واستحقوا أن يُعذَّبوا؛ لأنهم صرفوا الحق إلى غير صاحب الحق.

وقد كان هذا خطاباً للموجودين في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن بعضهم آمن بالله تعالى؛ ولذلك فالعذاب إنما يحُلّ على مَنْ لم يؤمن.

وهذا القول متحقق فيمَنْ سبق في علم الله سبحانه أنهم لا يؤمنون، وكذلك حقَّتْ كلمة ربك على هؤلاء الذين فسقوا ولا ينتهون عن فسقهم وكفرهم، وإصرارهم على الانحراف بالعبودية لغير الله الأعلى والرَّبِّ الحق سبحانه وتعالى والدليل على العلم الأزليِّ لله سبحانه ما نقرأه في سورة البقرة: (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 6).

إذن: معلوم لله تعالى مَنْ يؤمن ومَنْ لا يؤمن، ومَنْ يستمر ويُصِرّ على كفره؛ هو الذي يَلْقَى العذاب، بعلم الله تعالى فيه أنه لن يؤمن.

ثم يذكر الحق بعد ذلك ما يمكن أن يُجادَلَ به الكافرون بمنطق أحوالهم، ففي ذوات نفوس غير المؤمنين بإله توجد نزعة فطرية لفعل الخير، وتوجيه غيرهم إليه، وهو موجود حتى في الأمم غير المؤمنة، فكل قوم يُوجِّهون إلى الخير بحسب معتقداتهم، فنجد بين الشعوب غير المؤمنة بإلهٍ حكماء وأطباء وعلماء، وهؤلاء يوجهون الناس إلى بعض الخير الذي يرونه.

ونجد الطفل الصغير يكتسب المعتقدات والعادات والاتجاهات من والديه، ومما يسمعه من توجيهاتهم، فنجده يبتعد عن النار مثلاً أو الكهرباء؛ لأنه ترسخت في ذهنه توجيهات ونصائح غيره؛ بل إنه يتعلم كيف يتعامل مع هذه الأشياء دون أن تصيبه بالضرر.

إذن: يوجد توجيه من الخلق إلى الخلق لجهات الخير، ألا نجد في الدول غير المؤمنة بإله مَنْ يرشد الناس إلى الطرق التي يمكن أن يسيروا فيها باتجاهين، والطرق التي عليهم أن يسيروا فيها باتجاه واحد؟

ألا يوجد مَنْ يدل الناس على المنحنيات الخطرة على الطرق، وكذلك يوجّههم إلى ضرورة خفض سرعة السيارات أمام مدارس الأطفال؟

نعم، يوجد في البلاد غير المؤمنة مَنْ يفعل ذلك.

إذن: فالتفكير في الخير لصالح الأمم أمر طبيعي غريزي موجود في كل المجتمعات، وإذا كان التوجيه للخير يحدث من الإنسان المساوي للإنسان، ألا يكون الله سبحانه هو الأحق بالتوجيه إلى الخير، وهو سبحانه الذي خلق الإنسان، وخلق له ما يقيم حياته على الأرض.

ولذلك يقول الحق سبحانه: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ...).



سورة يونس الآيات من 031-035 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة يونس الآيات من 031-035 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 031-035   سورة يونس الآيات من 031-035 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 12:45 am

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ (٣٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهنا يأمر الحق سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يسألهم: (هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (يونس: 34).

ومعنى أن الله يسأل القوم هذا السؤال أنه لابد أن تكون الإجابة كما أرادها هو سبحانه.

وإنْ قال قائل: وكيف يأمنهم على مثل هذا الجواب، ألم يكن من الجائز أن ينسبوا هذا إلى غير الله؟

نقول: إن هذا السؤال: لا يُطرح إلا وطارحه يعلم أن له إجابة واحدة، فلن يجد المسئول إجابة إلا أن يقول: إن الذي يفعل ذلك هو الله سبحانه ولا يمكن أن يقولوا: إن الصنم يفعل ذلك؛ لأنهم يعلمون أنهم هم الذين صنعوا الأصنام، ولا قدرة لها على مثل هذا الفعل.

فالإجابة معلومة سلفاً: إن الله سبحانه وتعالى وحده هو القادر على ذلك، وهذا يوضح أن الباطل لجلج والحق أبلج، وللحق صَوْلة؛ فأنت ساعة تنطق بكلمة الحق في أمر ما، تجدها قد فعلت فِعْلها فيمن هو على الباطل، ويأخذ وقتاً طويلاً إلى أن يجد كلاماً يرد به ما قلته، بل يحدث له انبهار واندهاش، وتنقطع حجته.

ولذلك لم يَقُل الحق سبحانه هنا مثلما قال من قبل: (فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ) (يونس: 31).

بل قال: (قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (يونس: 34).

وجاء بها الحق سبحانه هكذا؛ لأنهم حينما سُئلوا هذا السؤال بهرهم الحق وغلب ألسنتهم وخواطرهم؛ فلم يستطيعوا قول أي شيء.

ومثال ذلك -ولله المثل الأعلى- نجد وكيل النيابة يضيّق الخناق على المتهم بأسئلة متعددة إلى أن يوجه له سؤالاً ينبهر المتهم من فرط دقته وليس له إلا إجابة واحدة تتأبى طباعه ألا يجيب عنه، فيجيب المتهم معترفاً.

والإنسان -كما خلقه الله تعالى- صالح لأن يؤمن، وصالح لأن يكفر، فإرادته هنا تتدخل، لكن أبعاضه مؤمنة عابدة مسبحة، فاللسان الذي قد ينطق الكفر، هو في الحقيقة مؤمن مُسبِّحٌ، حامد، شاكر، لكن إرادة الإنسان التي شاءها الله -سبحانه- متميزة بالاختيار قد تختار الكفر -والعياذ بالله- فينطق اللسان بالكفر.

وقد تأتمر اليد بأمر صاحبها؛ فتمتد لتسرق، أو تسعى الأقدام -مثلاً- إلى محل احتساء الخمر، ولكن هل هذه الفاعلات راضية عن تلك الأفعال؟

لا، إنها غير راضية، إنما هي خاضعة لإرادة الفاعل.

وحين يسأل السؤال: من يبدأ الخلق ثم يعيده؟

فاللسان بفطرية تكوينه المؤمنة يريد أن يتكلم؛ لكنه لا يملك إرادة الكلام، فيبين الحق سبحانه للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجيب نيابة عن الأبعاض المؤمنة، فيقول سبحانه: (قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (يونس: 34) وهو بذلك يؤكد الصيغة، ويكفي أن يقول محمد -صلى الله عليه وسلم- هذا القول مُبلِّغاً عن ربه، وينال هذا القول شرف العندية: (قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ) (يونس: 34).

والإفك: هو الكذب المتعمَّد، وهو الافتراء، وهناك فارق بين الكذب غير المتعمد والكذب المتعمد، فالكذب غير المتعمد هو من ينقل ما بلغه عن غيره حسبما فهم واعتقد، وهو لون من ألوان الكذب لا يصادف الحق، ويتراجع عنه صاحبه إن عرف الحق.

أما الافتراء فهو الكذب المتعمد، أي: أن يعلم الإنسان الحقيقة ويقلبها؛ ولذلك نجد العلماء قد وقفوا هنا وقفة؛ فمنهم من قال: هناك صدق، وهناك كذب، لكن علماء آخرين قالوا: لا، إن هناك واسطة بين الصدق والكذب.

ومثال ذلك: أن يدخل ابنٌ على أبيه، بعد أن سمع هذا الابن من الناس أن هناك حريقاً في بيت فلان، فيقول الابن لوالده: هناك حريق في بيت فلان؛ فيذهب الأب ليعاين الأمر، فإن وجد حريقاً فقول الابن صدق، وإن لم يكن هناك حريق فالخبر كاذب، ولكن ناقل الخبر نقله حسبما سمع.

إذن: فهناك فَرْق بين صدق الخبر وصدق المُخْبِر، فمرة يَصْدُق الخبر ويصدُق المخبر، ومرة يصدُق الخبر ولا يصدُق المخبِر، ومرة يصدق المخبر ولا يصدق الخبر.

فهُنا أربعة مواقف، والذين قالوا إن هناك واسطة بين الصدق والكذب هم مَنْ قالوا: إن الصدق يقتضي مطابقة بين الواقع والخبر.

أما الكذب فهو ألا يطابق الواقع الخبر.

لذلك يجب أن نفرِّق بين صدق الخبر في ذاته، وصدق المخبر، بأنه يقول ما يعتقد.

أما صدق الخبر فهو أن يكون هو الواقع.

وقول الحق سبحانه: (فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ) أي: فكيف تقلبون الحقائق؛ لأنكم تعرفون الواقع وتكذبونه كذباً متعمداً؟

وكلنا نعلم قول الحق سبحانه: (وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ) (النجم: 53).

والمؤتفكة: هي القرى التي كُفئت أعلاها إلى أسفلها، كذلك الكذَّاب يقلب الحقيقة.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ...).



سورة يونس الآيات من 031-035 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة يونس الآيات من 031-035 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 031-035   سورة يونس الآيات من 031-035 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 12:47 am

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا أمر للرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يسألهم سؤالاً جديداً، لا إجابة له إلا ما يفرضه الواقع، والواقع يؤكد أن الهداية لا تكون إلا للحق؛ لأن كل كائن مخلوق لغاية، فلا شيء يُخلق عبثاً.

ونحن بقُدرتنا المحدودة نصنع (الميكرفون) و(التليفزيون) أو الثلاجة أو السرير وغيرها، كلّ منها له غاية، وكل له قوانين صيانته الخاصة به، والذي يحدِّد الغاية من هذا المصنوع أو ذاك هو صانعه، ويضع لها قوانين صيانتها؛ لتؤدّي غايتها، فالغاية من أي شيء توجد قبل الشيء نفسه؛ ليوجد الشيء على مقتضى الغاية منه.

وآفة العالم الآن أنهم يعلمون أن الله سبحانه خلق الإنسان، ولكنهم يصنعون من عندهم قوانين لصيانة الإنسان وحركة الإنسان، وهذا غباء وغفلة من الذين يفعلون ذلك، كان عليهم أن يتركوا أمر صيانة الإنسان للقوانين التي وضعها خالق الإنسان سبحانه فالحق سبحانه وتعالى قد حدد الغاية من خَلْق الإنسان وحدّد قوانين صيانته، والشر الموجود حالياً بسبب الجهل بغاية الإنسان، والعدول عن المنهج الذي يجب أن يسير عليه الإنسان، فقال الحق سبحانه: (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ) (يونس: 35).

أي: هل من هؤلاء الشركاء مَنْ يهدي الإنسان إلى غايته؟

هل قالت الشمس -مثلاً- غايتها؟

هل قالت الملائكة غايتها؟

هل قالت الأشجار أو الأحجار أو الرسل الذين عبدتموهم شيئاً غير مراد الله تعالى؟

إنهم آلهة لا يعرفون الغاية من العابد لهم، ولا يعرفون الطريق الموصل إلى تلك الغاية.

ولذلك يأتي القول الفصل: (قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) (يونس: 35).

فالله هداك أيها الإنسان إلى الحق في كل حركة تتحركها بالمنهج الذي أنزله الله سبحانه مكتملاً على رسوله -صلى الله عليه وسلم- من بدء "لا إله إلا الله" إلى إماطة الأذى عن الطريق، وهو منهج مستوعب مستوفٍ لكل حركات الإنسان.

وجاءت الإجابة من الله تعالى على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم انبهروا بالسؤال وتلجلجوا ولم يوجد عند أي منهم قدرة على المعارضة، فالغاية من خلق الإنسان وغيره يوجزها قول الحق سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).

والعبادة ليست أركان الإسلام فقط، بل هي عمارة الكون كبنيان حيّ للإسلام، والذي حدد الغاية هو الخالق سبحانه، وهو سبحانه الذي يحدد طريق الوصول إليها.

ونحن حين نرغب في الوصول إلى مكان في الصحراء مثلاً، إنما نحدد أولاً المكان، ونختار طريق الوصول، فإن كان الطريق المستقيم مليئاً بالعقبات والجبال، فإنك ستضطر للانحراف عن هذا الطريق وصولاً إلى غايتك، فهذا الطريق المعوج هو الطريق المستقيم؛ لأنه الطريق الذي يجنبنا العقبات.

ومثال ذلك: السيول التي تنزل على هضباب الحبشة، فاختارت لنفسها المجرى السهل فكان نهر النيل، فلا أحد قد حفر النيل مثلما حفرنا الرياحات أو قناة السويس، بل نزل السيل واختار لنفسه الطريق السهل فسار فيه بين التعاريج والرمال والصخور.

ولذلك أنت تجد كل ما لا دخل للبشر به قد يتعرج لينفذ، أما ما صنعه البشر فلا يستطيع ذلك.

وكل خلق لابد له من غاية؛ لذلك نجد سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا السلام يقول: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (الشعراء: 78).

فمن خلق هو الذي يحدد الغاية؛ لأن هذه الغاية توجد عنده أولاً ليخلق، وتتجلى الدقة في قول القرآن على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام، فلم يقل: الذي خلقني يهديني، بل قال: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) مما يدل على أن هذه القضية ستخالَف، وبعد أن يخلق الإنسان سيقوم بعض الناس -حماية لمصالحهم- بوضع طريق أخرى تخالف الغاية؛ فتوصل إلى الضلال.

أما الحق سبحانه فقد أنزل القرآن فيه الهداية الحقة، فالذي خلق هو الذي يقنن، ولذلك يذكر القرآن على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام: (وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (الشعراء: 79).

وبهذا القول وصل سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى أن الذي رزق الآباء قدرة استنباط الرزق مطعماً ومشرباً هو الله سبحانه وذكر القرآن على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام: (وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (الشعراء: 81).

فالإماتة والإحياء هما من الحق سبحانه، فلا أحد يسأل عمن يملك الإماتة والإحياء، أما عن شفاء المرض فقال: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء: 80).

فأنت قد تذهب إلى الطبيب وتظن أنه هو الذي يشفيك؛ بل هو يعالج، ولكن الله هو الذي يشفي.

وهكذا نعلم أن قول سيدنا إبراهيم عليه السلام: (ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (الشعراء: 78).

هو كلام منطقي؛ لأن خالق الشيء هو الذي يهدي إلى الغاية من الشيء؛ فالغاية أولاً، ثم الخلق، ثم توضيح الطريق الموصل إلى تلك الغاية، فإذا خولف في شيء من ذلك فلا صلاح لكون أبداً.

وتجد في القرآن على لسان سيدنا موسى عليه السلام: (قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) (طه: 50).

فما دام الحق سبحانه قد خلق فهو يهدي إلى السبيل الموصل إلى الغاية، ويقول القرآن أيضاً: (سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ * ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ) (الأعلى: 1ـ3).

وهكذا يتأكد لنا أنه ما دامت هناك غاية، فلابد من وجود طريق يهدينا إليه من خَلَقَنَا.

وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول الحق سبحانه: (قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) (يونس: 35) لأنه سبحانه هو الذي خلق؛ ولذلك فمن المنطقي أن يأتي بعد ذلك التساؤل: (أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ) (يونس: 35)؟

وسبب وجود اللام في قوله: (يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ) هو النظرة إلى الغاية، وسبب وجود: (إِلَى ٱلْحَقِّ) هو لفت الانتباه إلى أن الوصول إلى الغاية يقتضي طريقاً، فأراد الحق سبحانه في آية واحدة أن يجمع التعبيرين معاً.

ونحن نعلم أن هذه الآية قد نزلت في الذين اتخذوا لله شركاء، فهم يعترفون بالله تعالى ولكنهم يشركون به غيره، فالله سبحانه وتعالى تفرَّد بالألوهية بربوبيته للخلق؛ لأنه خلق من عَدَمٍ، ورزق من عُدْمٍ، وخَلَق لنا وسائل العلم ودبَّر لنا الأمر، وأخرج الحي من الميت، وأخرج الميت من الحي، وهدى للحق.

فأين -إذن- هؤلاء الشركاء الذين اتخذتموهم مع الله تعالى؟

وهل صنع واحد منهم أو كُلُّهم مجتمعين شيئاً واحداً من تلك الأشياء؟

لذلك قال سبحانه: (هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ) (يونس: 35).

إذن: فالذي يهدي هو الذي خَلَق، وهؤلاء الذين أشركوا اعترفوا بالله خالقاً بشهاداتهم حين قال الحق سبحانه: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ) (الزخرف: 87).

إذن: فالذين أشركوا قد ارتكبوا الإثم العظيم، وهؤلاء الشركاء إما أن يكونوا من الملائكة، أو من الأنبياء والرسل الذين فُتن بهم بعض الناس، وهناك من اتخذ وسائط أخرى مثل: الشمس والقَمر والنجوم؛ وهذه أشياء عُلوية، وبعض الناس اتخذوا وسائط سفلية كالأشجار والأحجار، فهل أي شيء من كل ذلك يهدي إلى الحق؟

وما منهج أي منهم إذن؟

وكيف بلَّغوكم به؟

إن كل هؤلاء يعلمون أن أيّاً منهم لا يستطيع أن يَهدي، بل هو يُهْدَى من الله سبحانه وتعالى، فمن أين قلتم إن الملائكة ستهديكم؟

أو من أين جاء الذين فُتنوا برسولهم واتخذوه إلهاً؟

ومن أين جاء هذا الرسول بمنهجه؟

إن كل كائن لا يَهدي إلا بعد أن يُهدى من الله أولاً، وإن كانت الأشياء -المتخذة شركاء- لا هداية لها، ولا منهج، ولا عقل، ولا تفكير، كالشمس والقمر والنجوم في العلويات، والأشجار والأحجار في السفليات، فماذا قالت هذه الأشياء؟

إنها لم تقل شيئاً.

وهكذا لا يستقيم أمر اتخاذهم شركاء مع الله، حتى الملائكة، فالله هو الذي يختار منهم المَلَكَ الذي يُبلِّغ عن الله سبحانه، وكذلك الرسل عليهم السلام: (أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ) (يونس: 35).

(لاَّ يَهِدِّيۤ) تقرأ هكذا، وللغة فيها عملية تخفيف جَرْس لسلامة نطقها واستقامة اللغة العربية، فنحن نعرف أن (يَهِدِّيۤ) يعنى: يهتدي..

أصلها يهتدي..

ويهتدي فيها هاء ساكنة وتاء ودال وياء..

وفيها تقارب لمخارج الحروف، وهذا التقارب يجعل المعنى غائماً، والنطق ثقيلاً، فتقوم اللغة بعملية إبدال وإدغام، وتخلّص من التقاء الساكنين فتصل إلى مسامعنا كما أنزلها الله تعالى لسلامة النطق وجمال المعنى؛ لأن القرآن أدَّب اللغة بكلام السماء؛ لتكون خالدة اللفظ والمعنى.

فإذا كنتم على طريق هداية، فالأصل في الهداية هو الله تعالى ويُنهي الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: (فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (يونس: 35).

أي: ماذا أصاب عقولكم لتحكموا هذا الحكم؛ فتشركوا بالله ما لا منهج له، أو له منهج ولكنه موصول بالله تعالى جاء ليبلغه لهم؟

وساعة تسمع (كَيْفَ) فهي للاستفسار عن عملية عجيبة ما كان -في عُرْف العاقل- أن تحدث.

كأن تقول: "كيف ضربت أباك؟

أو"كيف سببت أمك؟ 

وهذا كله من الأمور التي تأباها الفطرة ويأباه الطبع والدين.

وقوله سبحانه: (فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) كأنه أمر عجيب ما كان يصح أن يحدث؛ لأن الحق سبحانه وحده هو الإله، والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغيَّر غاية وطريقاً.

والله سبحانه وحده هو الذي حدد لنا الغاية والطريق الموصل إليها، وهو سبحانه القائل: (وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ) (يونس: 25).

والمنهج هو الطريق الذي يوصل إلى دار السلام من آفة الأغيار؛ لأن الدنيا كلها أغيار، فأنت قد تكون قوياً ثم تضعف أو صحيحاً فيصيبك المرض، أو غنياً فتفتقر، أو مبصراً فيضيع منك بصرك، أو تكون صحيح الأذن سمعياً فتصير أصم بعد ذلك.

إذن: فهي دنيا أغيار، وهَبْ أن إنساناً أخذ من دنياه كل نصيبه عافية وأمناً وسلامةً وغنًى وكل شيء؛ سنجده في قلق من جهتين: الجهة الأولى أنه يخاف أن يفارقه كل هذا النعيم، أو يخاف أن يترك هو هذا النعيم، هذا ما نراه في حياتنا.

إذن: فالدنيا بما فيها من أغيار لا أمان لها؛ لنفهم أن كل عطاءات المخلوق إنما هي هبة من الخالق سبحانه وتعالى؛ لأنها لو كانت من ذاتك لاستطعت الحفاظ عليها، ولكنها هِبَاتٌ من الحق الأعلى سبحانه والأمر الموهوب قد يصبح مسلوباً.

ثم يقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً...).



سورة يونس الآيات من 031-035 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يونس الآيات من 031-035
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: يونس-
انتقل الى: