منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة يونس الآيات من 036-040

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:10 am

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٣٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقول الحق سبحانه: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً) (يونس: 36) يفيد أن بعضهم كان يتبع يقيناً؛ لأن مقابل الظن هو اليقين، فالنسب التي تحدث بين الأشياء تربط بين الموضوع والمحمول، أو المحكوم والمحكوم عليه، وهي نسب ذكرناها من قبل، ونذكِّر بها، فهناك شيء أنت تجزم به، وشيء لا تجزم به.

وما تجزم به وتُدلِّل عليه هو علم يقين، أما ما لا تستطيع التدليل عليه فليس علم يقين، بل تقليد، كأن يقول الطفل: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1).

وهذا حق، لكن الطفل لا يستطيع أن يدلل عليه أو أن يقال شيء ومن يقوله جازم به، وهو غير واقع؛ فذلك هو الجهل.

والعلم هو القضية المجزوم بها، وهي واقعة وعليها دليل، على عكس الجهل الذي هو قضية مجزوم بها وليس عليها دليل.

والظن هو تساوي نسبتين في الإيجاب والسلب، بحيث لا تستطيع أن تجزم بأي منهما؛ لأنه إن رجحت كفة كانت قضية مرجوحة، والقضية المرجوحة هي شك أو ظن أو وهم.

فالظن هو ترجيح النسب على بعضها.

والشك هو تساوي الكفتين.

وقول الحق سبحانه: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً) (يونس: 36) يبين لنا أن الذين كانوا يعارضون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلوا ذلك إما عناداً -رغم علمهم بصدق ما يبلغ عنه-، وإما أنهم يعاندون عن غير علم، مصداقاً لقول الحق سبحانه: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ) (يونس: 39).

وكان الواحد منهم إذا تمعَّن في البلاغ عن الله تعالى والأدلة عليه، يعلن الإيمان، لكن منهم من تمعن في الأدلة وظل على عناده، والذين اتبعوا الظن إنما اتبعوا ما لا يغني من الحق شيئاً.

لذلك يبيّن لهم الحق سبحانه أنه عليم بخفايا نفوسهم، ويعلم إن كان إنكارهم للإيمان نابعاً من العناد أو من العجز عن استيعاب قضية الإيمان؛ لذلك يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (يونس: 36).

إذن: فقد علم الله سبحانه أزلاً أن بعضهم في خبايا نفوسهم يوقنون بقيمة الإيمان، لكنهم يجحدونها، مصداقاً لقول الحق سبحانه: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام: 33).

إذن: فالحق سبحانه وتعالى عليم، ولا يخفى عليه أنهم كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وبعضهم لم يفهم قيمة الإيمان، ومن علم منهم قيمة الإيمان جحدها، عناداً واستكباراً.

يقول الحق سبحانه: (وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) (النمل: 14).

وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: (وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:11 am

وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وحين تستمع للقرآن وما فيه من سر الأعداد والإخبار بالمغيبات التي لا تخضع لمنطق الزمان، ولا لمنطق المكان، فالفطرة السليمة توقن أن هذا القرآن لا يمكن أن يُفتَرى، بل لابد أن قائله ومُنزِّله عليم خبير؛ لأن القرآن جاء مصدقاً لما بين يديه من الكتب السابقة.

أي: أن ما به دائماً هو أمام الناس، أو مواجه لهم، وهو كتاب مصدِّق للكتب السابقة من قبل تحريفها كالتوراة والإنجيل والزبور، وهي الكتب التي سبقت القرآن نزولاً، لا واقعاً، فجاء القرآن مصدِّقاً لها.

أي: هي تصدقه، وهي يصدقها من قبل تحريفها، وهي الكتب التي بشَّرت بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولاً، مثلما جاء في القرآن عن تصديق عيسى عليه السلام بمجيء محمد -عليه الصلاة والسلام-: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصف: 6).

فلما جاء أحمد (محمد -صلى الله عليه وسلم-) ونزل عليه القرآن صدَّق الإنجيل في قوله هذا، وما جاء في القرآن من عقائد أصيلة هي عقائد جاءت بها كل الكتب السماوية، فالحق سبحانه يقول: (إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) (النساء: 163).

ويقول الحق سبحانه: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ) (الشورى: 13).

إذن: فهناك أصول جاءت بها كل الكتب السماوية، وهناك كذلك أخبار أخبرت عن حدوثها الكتب السماوية، وأبلغنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن وفيه تلك الأخبار، فمن أين جاء محمد -صلى الله عليه وسلم- بتلك العقائد الصحيحة، وتلك الأخبار الموجودة في الكتب السابقة، وهو -صلى الله عليه وسلم- لم يكن من أهل الكتاب، ولا عَلِمَ منهم شيئاً؟

إذن: فعندما يقول محمد -صلى الله عليه وسلم- ما جاء ذكره في الكتب السابقة على القرآن، فهذه الكتب مصدقة لما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن هذه الأخبار قد وقعت، وهذا تأكيد لصدقه؛ لأنه بشهادة أهل زمانه لم يجلس إلى معلِّم، ولم يقرأ كتاباً، وتاريخه وسيرته معروفة؛ لأنه من أنفسكم، ولم يُعْلَم عنه أنه قد زاول كلاماً بليغاً، أو خطب في قوم قبل الرسالة، أو قال شعراً.

وبعد ذلك فوجىء هو -كما فوجئتم أنتم- بمجيء هذا البيان الرائع، فمن أين جاء به؟

أنتم تقولون إنه هو الذي جاء به، لكنه -صلى الله عليه وسلم- ينسب الرفعة لصاحبها، ويعلن أنه -صلى الله عليه وسلم- مُبلِّغ فقط، فيقول ما أمره الله به أن يقوله: (قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (يونس: 16).

ويحضُّ القرآن الكريم النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أن يسألهم: هل لاحظوا على كلماته -من قبلُ- البلاغةَ والفصاحةَ أو الشعرَ؟      

ولننظر في "ماكُنَّات" القرآن الكريم، وهي الآيات التي يقول فيها الحق سبحانه: (وَمَا كُنتَ) مثل قوله سبحانه: (ذٰلِكَ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) (آل عمران: 44).

وهذا أمر ثابت في الأخبار.

وقول الحق سبحانه: (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ) (القصص: 44).

والوحي إلى موسى -عليه السلام- والمكان الذي نزل فيه ذلك الوحي أمر ثابت في الأخبار.

وقول الحق سبحانه: (وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (القصص: 45).

وكثير من هذه الآيات تجعل محمداً -صلى الله عليه وسلم- وكأنه يسأل المعاصرين له: كيف أخبرت بوقائع وأخبار لم أكن موجوداً في زمانها أو مكانها؟

لابد -إذن- أن الله الحق -سبحانه- هو الذي أخبرني بما وافق ما عندكم من أخبار.

وبعد ذلك جاء القرآن الكريم مصدقاً لما بين يديه: (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) (البقرة: 97).

أي: أنه الكتاب الذي يضم صدق كل حدث قادم؛ لأن القرآن خرق حُجُب وحُجُزَ الماضي والمستقبل.

ونحن نعلم أن الأشياء الغيبية تحدث بسببين؛ الأول: أن يتكلم عن شيء سبق الزمان الذي نزل فيه، فهو يتكلم في الماضي الذي لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الاطلاع والتعلم ليعرفه ويعلمه.

وكذلك خرق القرآن الكريم حجب الحاضر الذي عاصر نزوله، هذا الحاضر الذي قد يكون محجوباً بالمكان.

وأضرب هذا المثل -ولله المثل الأعلى- فقد يحدث حادث في الإسكندرية في نفس الوقت الذي تكون أنت فيه موجوداً بالقاهرة، وأنت لا تعلم هذا الحدث؛ لأنه محجوب عنك ببعد المكان، وحاجز المكان يتمثل -غالباً- في الأمور الحاضرة، أما أمور المستقبل فهي محجوبة عنا بالزمان والمكان معاً.

وحين يخبرنا القرآن الكريم بحدث ماضٍ لم يشهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتعلمه، ولم يقرأ عنه؛ إذن: فالقرآن إنما يخرق أمامنا حجاب الزمن الماضي.

وإذا أخبر القرآن بحدث حاضر في غير مكان نزوله على سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا خرق لحجاب المكان مثل قول الحق سبحانه: (وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ) (المجادلة: 8).

وحين سمع المنافقون والكفار هذا القول الكريم، لم ينكروا أنهم قالوا في أنفسهم ما جاء به القرآن، وهكذا خرق القرآن حاجز المكان في أنفسهم هم.

إذن: فأخبار الغيب في القرآن إما خَرْقٌ لزمان ماضٍ أو خرق لزمان الحال، وإما خرق لزمان ومكان الاستقبال.

ونحن نعلم أن القرآن كان ينزل والمسلمون ضعاف، لا يستطيعون حماية أنفسهم، ولا أحد يجير على أحد، ويتجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف ليعرض الإسلام على أهلها، لعلَّه يلتمس لهم مجيراً من أهل الطائف؛ ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لا يجد إلا الإيذاء والإعراض، ويوصي بعضاً من صحابته أن يهاجروا إلى الحبشة.

وفي ظل كل هذه الأزمات، ينزل قول القرآن: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45).

حتى إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يتساءل: أيُّ جمع هذا الذي يهزم، ونحن غير قادرين على حماية أنفسنا؟

ثم تأتي غزوة بدر ويشهد عمر هزيمة وفرار مقاتلي قريش؛ فيرى رأي العين صدق ما جاء به الوحي من قبل.

وهكذا تأكد الجميع أن القرآن الكريم غير مُفترىً، فكيف يُتَّهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه افتراه؟

وإذا كان هذا القرآن مفترىً، فلماذا لا تفترون مثله؟

وفيكم الشعراء والبلغاء والخطباء؟      

ولم يقل محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه بليغ أو خطيب أو شاعر، ولم يطلب القرآن الكريم منهم أن يأتوا بواحد مثل محمد -صلى الله عليه وسلم-، لا صلة له بالبلاغة أو الفصاحة، بل يطلب منهم أن يأتوا بالفصحاء كلهم، ويدعوهم أن يقولوا مثل آية واحدة من القرآن.

وإن قالوا: إن ما جاء به هو السحر، وإن محمداً ساحر قد سحر العبيد والضعاف، وأدخلهم في الإسلام، فلماذا لم يسحركم محمد؟

إن بقاءكم من غير سحر يدل على أن إطلاقكم كلمة السحر على ما جاء به دعوى كاذبة.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ) (يونس: 37).

فالقرآن قد جاء فيه تفصيل كل الأحكام الصالحة إلى قيام الساعة، أما الكتب السابقة على القرآن فكانت تضم الأحكام المناسبة لزمانها، ولأمكنة نزولها.

وهو كتاب (لاَ رَيْبَ فِيهِ) أي: لا شك فيه، يكشف الكفار، ويفضح ارتيابهم وكذبهم، فَهُمْ قد اعترفوا بعظمة القرآن وقالوا: (لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31).

إذن: فهم قد عرفوا أن القرآن لا عيب فيه، ولا ريب، حتى من الكافرين به.

ويـأتي الرد على قولهم بالافتراء، في قول الحق سبحانه: (أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:13 am

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقد سبق هذا المجيء بالتحدي أسبابُ عجزهم عن النجاح في التَّحَدِّي؛ لأن الآية السَّابقة تقرر أن الكتب السَّماوية السَّابقة تُصَدِّق نزول القرآن الكريم، وبينها وبين القرآن تصديقٌ مُتَبَادَلٌ.

فهم مهزومون فيه قبل أن ينزل.

ويقول الحق سبحانه وتعالى: (قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38).

وقد جاء التحدي مرة بالكتاب في قول الحق سبحانه: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88).

ولم يستطيعوا، فنزلت درجة التحدي؛ وطالبهم أن يأتوا: (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13).

فلم يستطيعوا الإتيان بعشر سور، فطالبهم أن يأتوا بسورة تقترب -ولو من بعيد- من أسلوب القرآن، فلم يستطيعوا (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

فكيف -إذن- من بعد كل ذلك يدَّعون أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد افترى القرآن، وهو -صلى الله عليه وسلم- لم تكن له صلة بالأساليب البلاغية أو الفصاحة؟      

لقد دعاكم أن تأتوا بكل الفصحاء والبلغاء ليفتروا، ولو سورة من مثله، ووضع شرطاً فقال: (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ) (يونس: 38).

لأن الله سبحانه وتعالى هو القادر الوحيد على أن يُنزل قرآناً؛ لذلك دعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوا الشركاء؛ وذلك حتى لا يقول الكفار وبعضهم من أهل اللجاجة: سندعوا الله؛ ولذلك يأتي القرآن بالاستنثاء (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (يونس: 38).

وهم بطبيعة الحال غير صادقين في هذا التحدي.

والله -سبحانه وتعالى- حين يرسل رسولاً إلى قوم؛ ليعلِّمهم منهجه في حركة الحياة، إنما يريد سبحانه أن تؤدي حركة الحياة إلى الغاية المطلوبة من الإنسان الخليفة في الأرض؛ ولذلك يأتي الرسول من جنس المرسل إليهم؛ ليكون أسوة لهم؛ لأن الرسول إن جاء مَلَكاً لما صحَّت الأسوة، بل لابد أن يكون بشراً.

والحق سبحانه لا يرسل أي رسول إلا ومعه بينة ودليل صدق على أنه رسول يبلِّغ عن الله تعالى والبينة لابد أن تكون من جنس نبوغ القوم، فلا يأتي لهم بمعجزة في شيء لم يعرفوه ولم يألفوه؛ حتى لا يقولوا: لو تعلمنا هذا لجئنا بمثل ما جاء.

وقد جاء القرآن ليثبت عجزهم عما نبغوا فيه من صناعة الكلام؛ شعراً ونثراً وخطابة.

وكان القرآن هو معجزة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوم فصحاء يعقدون للشعر أسواقاً، ويعلِّقون الفائز من هذا الشعر على جدران الكعبة شهرة له وشهادة به.

إذن: فهم أصحاب دراية بصناعة الكلام، وجاءت المعجزة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من جنس ما نبغوا فيه؛ لتتحداهم.

والتحدي يستدعي استجماع قوة الخصم؛ ليرد على هذا المتحدي، فإذا عجز مع التحدي، يصير العجز ملزماً.

وقد تحدَّى الحق سبحانه العرب جميعاً بالقرآن كله: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88).

فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، فتدرَّج القرآن معهم في التحدي فطلب منهم ما هو أقل من ذلك، وهو أن يأتوا بعشر سور مثله في قوله تعالى: (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13).

ثم تحداهم بالإتيان بمثل سورة من القرآن.

وعند التأمل نجد أن الأسلوب الذي جاء بطلب سورة كان على لونين: فمرة يقول: (بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38).

ومرة يقول: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

وكل من اللونين بليغ في موضعه فـ (بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38) تبين أن المثلية هنا محققة، أي: مثل ما جاء من سور القرآن.

وقوله: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

أي: سورة من مثل محمد -صلى الله عليه وسلم- في أنه لم يجلس إلى معلِّم، ولم يقرأ، ولا عُرف عنه أنه تكلم بالبلاغة في أي فترة من مراحل حياته قبل الرسالة.

وقال الحق سبحانه: (قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (يونس: 16).

إذن: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

أي: مثل محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يتعلم وكان أمياً، ولكن لماذا يأتي هذا اللون من التحدي؟

لأنهم قالوا عن القرآن: (أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان: 5).

بل واتهموه في قمة غفلتهم أنه يتعلم من رجل كان بمكة، فيلفتهم القرآن إلى أن الرجل الذي قالوا إنه معلم للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أعجمياً غير عربي، يقول الحق سبحانه: (لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) (النحل: 103).

ويريد الحق سبحانه أن يصنفهم، فيقول بعد ذلك: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:15 am

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقد سبق هذا المجيء بالتحدي أسبابُ عجزهم عن النجاح في التَّحَدِّي؛ لأن الآية السَّابقة تقرر أن الكتب السَّماوية السَّابقة تُصَدِّق نزول القرآن الكريم، وبينها وبين القرآن تصديقٌ مُتَبَادَلٌ.

فهم مهزومون فيه قبل أن ينزل.

ويقول الحق سبحانه وتعالى: (قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38).

وقد جاء التحدي مرة بالكتاب في قول الحق سبحانه: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88).

ولم يستطيعوا، فنزلت درجة التحدي؛ وطالبهم أن يأتوا: (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13).

فلم يستطيعوا الإتيان بعشر سور، فطالبهم أن يأتوا بسورة تقترب -ولو من بعيد- من أسلوب القرآن، فلم يستطيعوا (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

فكيف -إذن- من بعد كل ذلك يدَّعون أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد افترى القرآن، وهو -صلى الله عليه وسلم- لم تكن له صلة بالأساليب البلاغية أو الفصاحة؟      

لقد دعاكم أن تأتوا بكل الفصحاء والبلغاء ليفتروا، ولو سورة من مثله، ووضع شرطاً فقال: (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ) (يونس: 38).

لأن الله سبحانه وتعالى هو القادر الوحيد على أن يُنزل قرآناً؛ لذلك دعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوا الشركاء؛ وذلك حتى لا يقول الكفار وبعضهم من أهل اللجاجة: سندعوا الله؛ ولذلك يأتي القرآن بالاستنثاء (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (يونس: 38).

وهم بطبيعة الحال غير صادقين في هذا التحدي.

والله -سبحانه وتعالى- حين يرسل رسولاً إلى قوم؛ ليعلِّمهم منهجه في حركة الحياة، إنما يريد سبحانه أن تؤدي حركة الحياة إلى الغاية المطلوبة من الإنسان الخليفة في الأرض؛ ولذلك يأتي الرسول من جنس المرسل إليهم؛ ليكون أسوة لهم؛ لأن الرسول إن جاء مَلَكاً لما صحَّت الأسوة، بل لابد أن يكون بشراً.

والحق سبحانه لا يرسل أي رسول إلا ومعه بينة ودليل صدق على أنه رسول يبلِّغ عن الله تعالى والبينة لابد أن تكون من جنس نبوغ القوم، فلا يأتي لهم بمعجزة في شيء لم يعرفوه ولم يألفوه؛ حتى لا يقولوا: لو تعلمنا هذا لجئنا بمثل ما جاء.

وقد جاء القرآن ليثبت عجزهم عما نبغوا فيه من صناعة الكلام؛ شعراً ونثراً وخطابة.

وكان القرآن هو معجزة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوم فصحاء يعقدون للشعر أسواقاً، ويعلِّقون الفائز من هذا الشعر على جدران الكعبة شهرة له وشهادة به.

إذن: فهم أصحاب دراية بصناعة الكلام، وجاءت المعجزة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من جنس ما نبغوا فيه؛ لتتحداهم.

والتحدي يستدعي استجماع قوة الخصم؛ ليرد على هذا المتحدي، فإذا عجز مع التحدي، يصير العجز ملزماً.

وقد تحدَّى الحق سبحانه العرب جميعاً بالقرآن كله: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88).

فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، فتدرَّج القرآن معهم في التحدي فطلب منهم ما هو أقل من ذلك، وهو أن يأتوا بعشر سور مثله في قوله تعالى: (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13).

ثم تحداهم بالإتيان بمثل سورة من القرآن.

وعند التأمل نجد أن الأسلوب الذي جاء بطلب سورة كان على لونين: فمرة يقول: (بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38).

ومرة يقول: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

وكل من اللونين بليغ في موضعه فـ (بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ) (يونس: 38) تبين أن المثلية هنا محققة، أي: مثل ما جاء من سور القرآن.

وقوله: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

أي: سورة من مثل محمد -صلى الله عليه وسلم- في أنه لم يجلس إلى معلِّم، ولم يقرأ، ولا عُرف عنه أنه تكلم بالبلاغة في أي فترة من مراحل حياته قبل الرسالة.

وقال الحق سبحانه: (قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (يونس: 16).

إذن: (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) (البقرة: 23).

أي: مثل محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يتعلم وكان أمياً، ولكن لماذا يأتي هذا اللون من التحدي؟

لأنهم قالوا عن القرآن: (أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان: 5).

بل واتهموه في قمة غفلتهم أنه يتعلم من رجل كان بمكة، فيلفتهم القرآن إلى أن الرجل الذي قالوا إنه معلم للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أعجمياً غير عربي، يقول الحق سبحانه: (لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) (النحل: 103).

ويريد الحق سبحانه أن يصنفهم، فيقول بعد ذلك: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:17 am

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا الصنف من الناس الذين (كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ) (يونس: 39)، وهم من أخذتهم المفاجأة حين حُدِّثوا بشيء لا يعرفونه، والناس أعداء ما جهلوا؛ فكذبوا ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القرآن قبل أن يتبينوا جمال الأداء فيه، ونسق القيم العالية، وإذا ما سنحت لهم فرصة يتبينون فيها جمال الأداء، ودقة الإعجاز فهم يتجهون إلى الإيمان.

ومثال ذلك: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد كان كافراً ثم علم أن أخته وزوجها قد أسلما؛ فذهب إليها في منزلها وضربها، فأسال دمها، وسيل الدم من أخت بضربة أخيها مثير لعاطفة الحنان، وهذا ما حدث مع عمر؛ فهدأت موجة عناده، فاستقبل القرآن بروح لا عناد فيها؛ فذهب فآمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان من قبل ذلك ممن: (كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (يونس: 39) أي: لم يعرفوا مراميه، وبمجرد أن سمعوا عن رسالته -صلى الله عليه وسلم- فجأة، اتهموه بالكذب والعياذ بالله.

ولذلك اقرأ قول الحق سبحانه: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) (محمد: 16).

وهذا يدل على أنهم لم يفهموا ما نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القرآن، وتأتي الإجابة من الحق سبحانه وتعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (فصلت: 44).

إذن: فالقرآن هدًى لِمَنْ تتفتح قلوبهم للإيمان، أما القلوب المليئة بالبغض لقائله وللإسلام؛ فهؤلاء لا يمكن أن يصح حكمهم.

وإن أراد أي منهم حكماً صحيحاً فليُخرجْ من قلبه ما يناقض ما يسمع، ثم عليه أن يستقبل الأمرين؛ ولسوف يدخل قلبه الأقوى حجة، وهو الإسلام.

إذن: فمن امتلأ قلبه بعقيدة كاذبة؛ لا يمكن له أن يهتدي.

(بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (يونس: 39).

والتأويل هو ما يرجع الشيء إليه، وهذا يوضح لنا أن هناك أقضية من القرآن لم يأت تفسيرها بعد، ستفسرها الأحداث، وقد يقول القرآن الكريم قضية غيبية، ثم يأتي الزمن ليؤكد هذه القضية، هنا نعرف أن تأويلها قد جاء.

وهؤلاء القوم قد كَذَّبوا من قبل أن يأتي لهم التأويل، وكان عدم مجيء التأويل هو السبب في تأخر بيان الحق في المسألة لتأخر زمنه.

وعلى سبيل المثال، ها هو ذا عمار بن ياسر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قامت المعركة بين معاوية بن أبي سفيان والإمام علي -رضي الله عنه- وَقاتَلَ عمَّار في صف عليّ، وقُتِل.

هنا تنبه الصحابة إلى تأويل حديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "ويح عمار.. تقتله الفئة الباغية".

وهكذا جاء تأويل حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما تحقق في الواقع، وكان هذا سبباً في انصراف بعض الصحابة عن جيش معاوية.

وهنا يقول الحق سبحانه: (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (يونس: 39).

أي: أن التأويل لم يظهر لهم بعد.

ومن أدوات النفي: "لم" مثل قولنا: "لم يَجِيءْ فلان"، ونقول أيضاً: "لما يجيء فلان"، والنفي في الأولى جزم غير متصل بالحاضر، كأنه لم يأت بالأمس.

أما النفي بـ "لما" فيعني أن المجيء مُنْتف إلى ساعة الكلام، أي: الحاضر، وقد يأتي من بعد ذلك؛ لأن "لما" تفيد النفي، وتفيد توقُّع الإثبات.

والحق سبحانه يقول: (قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا) (الحجرات: 14).

وهؤلاء القوم من الأعراب قالوا: (آمَنَّا) رغم أنهم راءوا المسلمين وقلدوهم زيفاً ونفاقاً، ولم يكن الإيمان قد دخل قلوبهم بعد، وحين سمعوا قول الحق سبحانه: (وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات: 14).

قالوا: الحمد لله؛ لأن معنى ذلك أن الإيمان سوف يدخل قلوبهم.

وكذلك قول الحق سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ) (آل عمران: 142).

فحين سمعوا ذلك قالوا: إذن: وثقنا أنه سيأتي علم الله سبحانه بنا كمجاهدين وصابرين.

وهكذا نعرف أن (لَمَّا) تعني أن المنفي بها متوقع الحدوث.

والتأويل كما نعلم هو مرجع الشيء.

وقد جاء في القرآن الكثير من الأخبار لم تكن وقت ذكرها بالقرآن متوقعة، أو مظنة أن توجد.

وحين وُجدت ولا دخل لبشر في وجودها، فهذا يعني أن قائل هذا الكلام قد أخذه عَمَّن يقدر على أن يوجد، مثلما جاء في خبر انتصار الروم على الفرس رغم هزيمة الروم.

قال الحق سبحانه: (غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ) (الروم: 2-5).

جاء هذا الخبر وانتظر المسلمون تأويله، وقد جاء تأويله طبقاً لما أخبر القرآن.

أو أن التأويل سيأتي في الآخرة، وما يؤول الأمر في التكذيب سيعلمونه من بعد ذلك.

والحق سبحانه يقول: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ) (الأعراف: 52-53).

هم ينتظرون ما يؤول إليه القرآن وما يؤولون إليه، إن كان في الدنيا فنصر أهل القرآن، وإن كان في الآخرة، فهذا قول الحق سبحانه: (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (الأعراف: 53).

هذا هو التأويل الذي كذَّبه البعض من قبل.

إذن: فالتأويل إما أن يكون لمن بقي من الكفار فيرى ما أخبر به القرآن وقد جاء على وفق ما أخبر به نبيٌّ لا يملك أن يتحكم في مصائر الأشياء، وتأتي على وفق ما قال.

فكأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- كان يجازف بأن يقول كلاماً لا يتحقق؛ فينصرف عنه الذين آمنوا به، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقل إلا ما هو واثق ومطمئن من وقوعه؛ لأن الخبر به جاء من لدن عليم خبير.

وإما أن التأويل -أيضاً- يأتي في الآخرة.

وهنا قال الحق سبحانه: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (يونس: 39).

والحق سبحانه هنا يلفت رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلى أن ما حدث معه قد حدث مع رسل من قبله، فقال سبحانه في نفس الآية: (كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ) (يونس: 39).

أي: انظر لموكب الرسل كلهم من بدء إرسال الرسل، هل أرسل الله رسولا ونصر الكافرين به عليه؟

لا، لقد كانت الغلبة دائماً لرسل الحق عز وجل مصداقاً لقوله سبحانه: (كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ) (المجادلة: 21).

وعرفنا ما حدث للظالمين، فمنهم من أغرقه الله، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أخذه بالصيحة.

إذن: فالتأويل واضح في كل مواكب الرسل التي سبقت رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان كل قوم من الظالمين قد نالوا ما يناسب رسالة رسولهم، فسينال القوم الظالمين الكافرين برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- ما يناسب عمومية رسالته -صلى الله عليه وسلم-.

وحين يقول الحق سبحانه: (فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ) (يونس: 39) لابد لنا أن نعرف معنى الظلم، إنه نقل الحق لغير صاحبه، والحقوق تختلف في مكانتها، فهناك حق أعلى، وحق أوسط، وحق أدنى.

فإذا جئت للحق الأدنى في أن تنقل الألوهية لغير الله سبحانه وتعالى فهذا قمة الظلم، والحق سبحانه يقول: (إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: 13).

لأن في هذا نقل الألوهية من الله سبحانه إلى غيره، ويا ليت غيره كان صاحب دعوة بينه وبين الله تعالى، لا، فليس ذلك المنقول له الألوهية بصاحب دعوة، بل تطوَّع الظالم من نفسه بذلك، واتخذ من دون الله شريكاً لله، وفي هذا تطوع بالظلم بغير مُدَّع.

وهَبْ أن الله تعالى قال: لا إله إلا أنا، فإما أن القضية صحيحة، وإما أنها غير ذلك، فإن افترض أحد -معاذ الله- عدم صحتها، فالإله الثاني كان يجب أن يعلن عن نفسه، ولا يترك غيره يسمع له ويعلن عنه، وإلا كان إلهاً أصمَّ غافلاً، ولكن أحداً لم يعلن ألوهيته غير الله سبحانه؛ لذلك تثبت الألوهية الواحدة للإله الحق سبحانه وتعالى وقد بيَّن لنا الحق سبحانه: لا إله إلا أنا، أنا الخالق، أنا الرازق.

ولم يصدر عن أحد آخر دعوى بأنه صاحب تلك الأعمال، إذن: فقد صَحَّت الدعوى في أنه لا إله إلا الله.

والدرجة التالية في الظلم هي الظلم في الأحكام، فإذا حكم أحد بحلِّ الربا فهذا ظلم في قضية كبيرة، ولكن إن حكم قاض على مدين بأن يردَّ الدَّين فقط فهذا عدل؛ وكذلك القاضي الذي يظلم في أحكامه إنما ينقل حقوق الناس إلى غيرهم.

إذن: فالظلم يأخذ درجات حسب الشيء الذي وقع فيه الظلم.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة يونس الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يونس الآيات من 036-040   سورة يونس الآيات من 036-040 Emptyالجمعة 04 أكتوبر 2019, 1:19 am

وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والكلام هنا في الذين كذَّبوا، فكيف يقسِّم الله المكذبين -وهم بتكذيبهم لا يؤمنون- إلى قسمين: قسم يؤمن، وقسم لا يؤمن؟

ونحن نعلم أن الإيمان عمل قلوب، لا عمل حواس، فنحن لا نطَّلع على القلوب، والحق سبحانه يعلم مَنْ مِنْ هؤلاء المُكذبين يُخفي إيمانه في قلبه.

إذن: فمن هؤلاء مَنْ يقول بالتكذيب بلسانه ويُخفي الإيمان في قلبه، ومنهم مَنْ يوافق تكذيبه بلسانه فراغُ قلبه من الإيمان، ومن الذين قالوا: إن هذا القرآن افتراء إنما يؤمن بقلبه أن محمداً رسول من الله، وصادق في البلاغ عن الله، ولكن العناد والمكابرة والحقد يدفعونه إلى أن يعلن عدم الإيمان.

وكذلك منهم قسم آخر لا يؤمن ويعلن ذلك.

إذن: فالمقسم ليس هو الإيمان الصادر عن القلب والمعبَّر عنه باللسان، ولكن المُقسِّم هو إيمان بالقلب غير مُعبَّر عنه، ولم يصل إلى مرتبة الإقرار باللسان.

والذي جعل إيمان بعضهم محصوراً في القلب غير مُعبَّر عنه باللسان هو الحقد والحسد والكراهية وعدم القدرة على حكم النفس على مطلوب المنهج.

وبعض العرب حين أعلن لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقولوا: لا إله إلا الله؛ فيضمن لهم السيادة على الدنيا كلها.

ورفضوا أن يقولوا الكلمة؛ لأنهم يعلمون أنها ليست كلمة تقال: بل فهموا مضمون ومطلوب الكلمة، وعرفوا أن "لا إله إلا الله" تعني: المساواة بين البشر، وهم يكرهون ألاَّ تكون لهم السيادة والسيطرة في أقوامهم.

وهذا يدل أيضاً على أن الحق سبحانه قد شاء أن يبدأ الإسلام في مكة، حيث الأمة التي تعلن رأيها واضحاً؛ ولذلك نجد أن النفاق لم ينشأ إلا في "المدينة"، أما في مكة، فهم قوم منسجمون مع أنفسهم، فهم حين أعلنوا الكفر لم يعانوا من تشتت المَلَكَات، لكن المنافقين في المدينة وغيرها هم الذين كانوا يعانون من تشتت الملكات، ومنهم من كان يلعب على الطرفين، فيقول بلسانه ما ليس في قلبه.

ولذلك يُعزِّي الحق رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- ويُسَرِّي عنه ويبين له: إياك أن تحزن لأنهم يكذبونك؛ لأنك محبوب عندهم وموقَّر، فيقول الحق سبحانه: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ) (الأنعام: 33).

أي: أنك يا محمد مُنزَّه عن الكذب؟

ويقول الحق سبحانه: (وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام: 33).

أي: أنه سبحانه يحملها عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الحق سبحانه يعلم أن رسوله أمين عند قومه، وهم في أثناء معركتهم معه، نجد الواحد منهم يستأمنه على أشيائه النفيسة.

والذين آمنوا برسالته -صلى الله عليه وسلم- ولم يعلنوا إيمانهم، والذين لم يؤمنوا، هؤلاء وأولئك أمرهم موكول إلى الله تعالى؛ ليلقوا حسابهم عند الخالق سبحانه؛ لأنه سبحانه الأعلم بمن كذَّب عناداً، ومن كذَّب إنكاراً.

والحق سبحانه هو الذي يُعذِّب ويُعاقِب، وكل إنسان منهم سوف يأخذ على قَدْر منزلته من الفساد؛ لذلك يُنهي الحق سبحانه الآية بقوله: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ) (يونس: 40).

والمفسد كما نعلم هو الذي يأتي إلى الشيء الصالح فيصيبه بالعطب؛ لأن العالَم مخلوقٌ قبل تدخُّل الإنسان -على هيئة صالحة، وصنعة الله سبحانه وتعالى- لم يدخل فيها الفساد إلا بفعل الإنسان المختار، وصنعة الله تؤدي مهمتها كما ينبغي لها.

وأنت أيها الإنسان إن أردت أن يستقيم لك كل أمر في الوجود، فانظر إلى الكون الأعلى الذي لا دخل لك فيه، وستجد كل ما فيه مستقيماً مصداقاً لقول الحق سبحانه: (وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ * وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ) (الرحمن: 7-9).

أي: أتقِنوا أداء مسئولية ما في أيديكم وأحسنوه كما أحسن الله سبحانه ما خلق لكم بعيداً عن أياديكم، والمطلوب من الإنسان -إذن- أن يترك الصالح على صلاحه، إن لم يستطع أن يزيده صلاحاً؛ حتى لا يدخل في دائرة المفسدين.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ...).



سورة يونس الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يونس الآيات من 036-040
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: يونس-
انتقل الى: