أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: الباب الثالث: حوادث مهمة في تاريخ الكسوة الثلاثاء 06 أغسطس 2019, 11:11 pm | |
| الباب الثالث: حوادث مهمة في تاريخ الكسوة وفيه أربعة فصول: الفصل الأول: كيفية توقف المحمل المصري والشامي لاحظنا في الاحتفالات السابقة في مصر وفي مكة البدع والخرافات والموسيقيات والمزامير والطبول التي تصاحب المحمل الـمُحَمَّل بالكسوة الشريفة. فمن الطبيعي جدًا أن لا مكان لمثل هذه الاحتفالات في حكومة أنشأت على أساس كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ولذا نجد أن الإمام سعود الكبير أول ما دخل مكة واستقر فيها كتب إلى مصدر المحامل بمنع قدومها. جاء في كتاب (الكعبة والكسوة): في اليوم الرابع من شهر المحرم سنة 1218هـ (1803م) دخل الإمام سعود الكبير ابن الإمام عبد العزيز مكة المكرمة حرسها الله في عهد أبيه، ولم يدرك الحج ولا حفل كسوة الكعبة، ولكنه علم ما يصحب الكسوة من بدع، فأراد منع تكرارها فيما يأتي من الأعوام فكتب إلى السلطان سليم يطلب إليه منع قدوم المحمل المصري والمحمل الشامي مصحوبين بالطبول والزمور، لأن ذلك من البدع التي يجب منعها. ونص الكتاب: من سعود بن عبد العزيز السعود إلى سليم أما بعد: فقد دخلت مكة في اليوم الرابع من محرم سنة 1218هـ، وأمنت أهلها مع أرواحهم وأموالهم بعد ما هدمت ما هناك من أشياء وثنية، وألغيت الضرائب إلا ما كان منها حقًا، وأثبت القاضي الذي وليته أنت طبقًا للشرع، فعليك أن تمنع والي دمشق ووالي القاهرة من المجيء بالمحمل والطبول والزمور إلى هذا البلد المقدس، فإن ذلك ليس من الدين في شيء، وعليك رحمة الله وبركاته. ويقول الدكتور منير العجلان: "ومن المعروف أن السلفيين وخاصة الحنابلة منهم كانوا ضد هذه الطقوس المبتدعة، التي لا تخلو من شيء من المظاهر الوثنية، وقد تشدد الإمام سعود الكبير في منع المحمل العثماني من دخول مكة بأبهته المعهودة وحاشيته الموسيقية وحرسه المسلح، وعد ذلك مخالفًا للشرع...". وبعد أن دخل مكة الإمام سعود بن عبد العزيز آل سعود لم يلبث بمكة إلا يسيرًا، وأقام عليها واليًا من طرفه، وعاد إلى نجد، فإذا الوالي من قبل الحكومة العثمانية الذي كان قد هرب من مكة عند دخول سعود الكبير عاد إليها وتسلم زمام الأمر فيها، وأخرج واليه (أي والي سعود الكبير). ولكن سعود الكبير عاد بعد ذلك إلى الحجاز، واستولى على مكة مرة ثانية وذلك سنة 1221هـ. وقال السباعي: "وحج في هذا العام 1221هـ المحمل الشامي والمصري، فاعترض السعوديون على أمر المحامل، ونبهوا على أمرائها ألا يعودوا بعد عامهم هذا". وقال أيضًا: وفي موسم هذا العام 1221هـ وافت المحامل على جري عادتها، وقد أرسل أمير الحج الشامي كتبه بأنه قادم في الطريق، فأعاد السعوديون إليه الكتب يمنعونه من دخول مكة، فعاد من خلال الطريق. وأما المحمل المصري فإنه وصل دون أن يتقدمه خبر، فهجم السعوديون عليه وأحرقوه. وذكر الجبرتي هذا الخبر بتفاصيل أكثر فقال: "في شهر جمادى الآخرة سنة 1221هـ في يوم الخميس ثالث عشرة وصلت قافلة من السويس وصحبتها المحمل، فأدخلوه، وشقوا به من المدينة، وخلفه طبل وزمر، وأمامه أكابر العسكر وأولاد الباشا ومصطفى جاويش المتسفر عليه، ولقد أخبرني مصطفى جاويش المذكور أنه لما ذهب إلى مكة، وكان الوهابي حضر إلى الحج واجتمع به، فقال لـه الوهابي: ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها بينكم يشير بذلك القول إلى المحمل، فقال لـه: جرت العادة من قديم الزمان بها يجعلونها علامة وإشارة لاجتماع الحجاج، فقال: لا تفعلوا ذلك، ولا تأتوا بها بعد هذه المرة، وإن أتيتم بها مرة أخرى فإني أكسره". انتهى. ويؤكد الخبر السابق ما ذكره الجبرتي في مكان آخر فقال: "وفي صفر سنة 1222هـ وصل حجاج المغاربة إلى مصر من طريق البر، وأخبروا أنهم حجوا وقضوا مناسكهم، وأن مسعود الوهابي وصل إلى مكة بجيش كثيف، وحج مع الناس بالأمن وعدم الضرر ورخاء الأسعار، وأحضر مصطفى جاويش أمير الركب المصري، وقال لـه: ما هذه العويدات والطبول التي معكم يعني بالعويدات: المحمل، فقال: هو إشارة وعلامة على اجتماع الناس بحسب عادتهم، فقال: لا تأت بذلك بعد هذا العام وإن أتيت به أحرقته، وأنه هدم القباب...". * * * |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: حوادث مهمة في تاريخ الكسوة الثلاثاء 06 أغسطس 2019, 11:13 pm | |
| الفصل الثاني: انقطاع الحج المصري والشامي وفي عام 1223هـ انقطع الحج المصري والشامي، واتهمت الحكومة المصرية والشامية الحكومة الحجازية بأنها تمنع الناس عن الحج، مع أن الحكومة الحجازية لم تمنع الناس عن الحج، وقد دافع الجبرتي عن الحكومة الحجازية فـقال: من الحوادث العامة في ذي الحجة سنة 1223هـ: انقطاع الحج الشامي والمصري معتلين بمنع الوهابي الناس عن الحج، والحال ليس كذلك، فإنه لم يمنع أحدًا يأتي إلى الحج على الطريقة المشروعة، وإنما يمنع من يأتي بخلاف ذلك من البدع التي لا يجيزها الشرع، مثل المحمل والطبل والزمر وحمل الأسلحة، وقد وصل طائفة من حجاج المغاربة وحجوا ورجعوا في هذا العام وما قبله، ولم يتعرض لهم أحد بشيء.
وقال السباعي: كانت المحامل قد منعت في عهد السعوديين الأول، فلما عاد الحكم إلى العثمانيين في هذا العهد استؤنف المحمل الشامي والمصري مسيرهما إلى مكة. ولم أطلع على خبر المحمل الرومي... وكان المحملان يستقبلان في جدة استقبالاً رسميًا واستمرت مصر في إرسال الكسوة دون أن تتأثر بالحرب العظمى الأولى إلى سنة 1430هـ.
تقدم أن في عام 1341هـ لما لم يسمح الشريف حسين ابن علي بنـزول البعثة الطبية المصرية الإضافية أبى المسئولون المصريون إنزال الكسوة، فأعادوا الباخرة إلى السويس مع ما فيها وفيها الكسوة الشريفة أيضًا، فكسى الشريف الكعبة بالكسوة التي كانت محفوظة في المدينة المنورة من صنع تركيا، ثم أرسلت مصر الكسوة عام 1342هـ وامتنعت عام 1343هـ فكسى الشريف الكعبة بكسوة صنعت في الإحساء. * * * |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الثالث: حوادث مهمة في تاريخ الكسوة الثلاثاء 06 أغسطس 2019, 11:16 pm | |
| الفصل الرابع: حادثة المحمل بمنى تقدَّم أن ركب المحمل المصري لما وصل مكة المكرمة نزل في مكانه المعتاد وقد زاره الملك مع بعض أولاده وحاشيته، ثم سار المحمل من مكانه مساء الاثنين من ذي الحجة قاصدًا منى وعرفات، وكان يحيط به بعض نفر من حرس جلالة الملك يمنعون الناس من المرور في طريق المحمل، لئلا يتعرض المحمل ومن معه لسوء، وليكون رجال المحمل في راحة من زحام الناس، فسار المحمل بكل راحة وهناء حتى بلغ آخر منى حيث كانت خيام حجاج أهل نجد، وكانوا أكثر الحجاج عددًا في ذلك العام، فرأى عربان نجد أمامهم (المحمل) القادم مع الركب المصري على جمل يتهادى بين الجموع، تحيط به موسيقاه وعساكره ودباباته، وإذ ذاك لم يسمع الناس إلا أصوات الأبواق تتصاعد من رجال ركب المحمل، وهذه كان ينكرها أهل نجد، ولا يعرفونها، ولم يكن أحد يعلم سببًا لصوت البوق في ذلك المكان، وما درى غير الذين يفهمون إشارة الأبواق ماذا كان يراد من تلك الأصوات، وماذا فهم الجند منها، لأنها كانت تضرب مشعرة الجند بأوامر تتعلق بالموقف.
فلما سمع البدو النجديين هذه الأصوات وكانوا في خيام بالقرب من طريق المحمل أقبلوا إلى جهة المحمل، وأنكروا ضرب الأبواق في ساعة من ساعات العبادة، وفي مشعر من المشاعر الحرام، فردهم رجال الحرس الملكي الخاص بعنف وشدة، فلم ينتهوا وكان ذلك قريبًا من خيمة جلالة الملك نفسه، فأوصل الجند الخبر إليه فأمر نجله الأمير فيصل بالسير إلى محل المحمل ليمنع أي اعتداء عليه، فسارع سموه إليه من غير أن يأخذ قوة معه، فلما وصل المكان وجد بعض البدو يتنابزون ألفاظ السباب ويتبادلونها، وتجاوز بعضهم إلى رمي الحرس ببعض الحجارة، فطلب من رجال المحمل أن لا يتجاوزوا موقعهم، وانكفأ على البدو يعرفهم بنفسه، ويمنعهم عن تعرض المحمل ويطاردهم بمن معه من حرسه، وطلب من جلالة والده مزيدًا من الحرس فأرسل أكبر أنجاله الأمير سعود لنجدة أخيه بقوة من الجند.
وبينما هما يحاولان تهدئة الموقف وإذا أمير الحج المصري (محمود عزمي باشا) أمر بنصب المدافع والرشاشات وإطلاق نيرانها على الجموع يمنة ويسرة تقتل وتجرح الآمنين، وما هي إلا لمحات والناس يقبلون ويهرعون نحو مخرج النار ملبين ومهللين، وكثير منهم ما كانوا يعلمون عن الخبر شيئًا، وكانت الفتنة في البداية صغيرة في طور السباب والشتائم، فلم يشعر الناس إلا والنار تقذف فعظم الشر، وكان قوة المحمل لا يزيد عددها عن الأربعمائة جندي وعدد الذين كانوا هدفًا لنيران حرس المحمل لا يقلون عن التسعين ألفًا من الحجاج النجديين وكلهم كانوا أولو بأس شديد، وقد قتلت النيران بعضهم، ولم يبق عليهم إلا أن يقابلوا الشر بالشر مثله.
وفي ذلك الموقف المحرج المزعج سمع جلالة الملك أصوات البنادق والمدافع فاستعاذ بالله وخرج لساعته من سرادقه نحو النار، والنار ترمي بشررها في ذلك الليل المظلم البهيم، ولم يفكر في أهله وأطفاله، ولم يفكر بمملكته وخرج ليحمي المحمل وليحمي الحجيج، وتبعه أولاده وإخوانه وأولاد إخوانه، وكل من يدلي إليه بقرابة أو نسب مشى بهم إلى حيث النيران تطلق، فلم يقترب من المحمل إلا وقد أناخ عليه من كل جمع من الإخوان ركب يسائرون أمره، وأخبروه أن قتلاهم يضرجون بدمائهم، فتأثر إذ ذاك تأثرًا بليغًا، وتوجه إلى الإخوان وقال: أذكركم الله وهذا الموقف، أذكركم دينكم، أذكركم حميتكم الإسلامية وشيمتكم العربية أن حجاج بيت الله ضيوفنا، وهم في وجوهنا فلا تمد إليهم يد بأذى.
إنني سأقف أمام ركب هذا المحمل، واعلموا أنه لا تمد يد إليه بسوء وفي (هذا العنق) دم يجري، سمع الإخوان هذا الكلام، وكانت النار تكاد تخرج من أنوفهم، فكان ذلك النداء بردًا وسلامًا، وحملوا سيوفهم وكروا على المجتمعين حول المحمل يردونهم بسيوفهم.
لم يكن بعد أن سمع الإخوان كلام إمامهم ونداءه غير دقائق حتى رجع كل منهم إلى مكانه وقد وتر من وتر منهم، وقتل من قتل منهم، ولم يصب أحد من جند المحمل غير رجل أصيب بحجر في أنفه، وأصابت يد جندي آخر برصاصة طائشة، أما من أهل نجد فقتل منهم خمسة وعشرين بين رجل وامرأة وطفل وقتل من الإبل أربعون بعيرًا، وهكذا هدأت الفتنة.
وقال الزركلي بعد أن هدأت الفتنة: أمر جلالة الملك ابنه فيصلاً أن يتولى إحاطة الجنود المصريين بجنود سعوديين يحرسونهم من أن يتعرض لهم أحد حتى تتم مناسك الحج.
وقال أيضًا: وبعدما انقضى الحج أرسل معهم الأمير مشاري ابن سعود بن جلوي، وثلة من الجند السعوديين تحرسهم إلى جدة وسافروا منها إلى مصر آمنين.
فلما كان عام 1345هـ وحان وقت مجيء الكسوة من مصر منعت الحكومة المصرية إرسال الكسوة المعتادة للكعبة المعظمة مع عموم العوائد مثل الحنطة والصرور وما شاكل ذلك التي هي من أوقاف أصحاب الخير على أهل الحرمين منذ مئات السنين ولم تملك منها الحكومة المصرية شيئًا سوى النظارة عليها بسبب أنها الحاكمة على البلاد، ولم تخبر الحكومة المصرية الحكومة السعودية بذلك إلا في غرة ذي الحجة.
وما عملوا ذلك إلا ليوقعوا جلالة الملك في حرج شديد.
ولكن الله سبحانه وتعالى أعانه واستطاع بمساعدة رجاله المخلصين إعداد كسوة في خلال عشرة أيام، فصنعت من الجوخ الأسود الفاخر مبطنًا بالقلع المتين، وركبت عليها الستارة والأحزمة المطرزة بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وفي رواية: بالذهب الفضي المموه بالذهب مع ستارة الباب (البرقع)، ولم يأت اليوم الموعود إلا والكعبة لابسة تلك الكسوة التي عملت ونسجت في بضعة أيام.
وبهذا السبب عزم جلالة الملك عبد العزيز بإنشاء معمل ومصنع لكسوة الكعبة حتى يُبْعد كسوة الكعبة من سياسة الحكومة المصرية وذلك في مستهل شهر محرم الحرام سنة 1346هـ. * * * |
|