منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:20 pm

متفــرقـات... يجمعهــا حُبُّ العِلْــم
الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
غفر الله له ولولديه وللمسلمـــين
متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2362-510
* قرأ الحافظ ابن حجر في رحلته الشامية "معجم الطبراني الصغير" وهو كتاب فيه ألف وخمسمائة حديث في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر، كما أنه قد قرأ "صحيح الإمام البخاري" في أربعين ساعة رملية.

* ومجد الدين الفيروزأبادي اللغوي صاحب "القاموس المحيط" قد قرأ "صحيح الإمام مسلم" بدمشق في ثلاثة أيام.

* كان الإمام الشافعي يضع يده اليسرى على الصفحة اليسرى حين يقرأ الصفحة اليمنى؛ كي لا يسبق نظره إليها، فإذا قرأ اليسرى وضع يمناه على اليمنى.

* قرأ الحاكم صاحب "المستدرك" وغيره على ألفي شيخ [1].

* كانت خزانة كتب الصاحب ابن عباد حمل أربعمائة جمل [2].

* أصابت الجوهري العالم اللغوي في أواخر عمره وسوسة فمضى إلى الجامع القديم بنيسابور وصعد إلى سطحه محاولاً الطيران، ويروى أنه قال بعد أن صعد السطح: أيها الناس إني عملت في الدنيا شيئًا لم أسبق إليه، وضمَّ إلى جنبيه مصراعي باب وتأبطهما بحبل، وزعم أنه يطير، فألقى بنفسه من أعلى مكان في الجامع فمات [3].

* وقال هارون بن عبدالعزيز:
قال أبو جعفر -ابن جرير الطبري-: لما دخلت مصر لم يبقَ أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقَّق به، فجاءني يومًا رجل فسألني عن شيء من العروض ولم أكن نشطت له قبل ذلك، فقلت له: علي قول أن لا أتكلم اليوم في شيء من العروض، فإذا كان في غدٍ فصِرْ إليَّ، وطلبت من صديق لي العروض للخليل بن أحمد فجاء به، فنظرت فيه ليلتي فأمسيت غير عروضي وأصبحت عروضيًّا [4].

* قال ياقوت في "معجم البلدان" [5]:
قال الخطيب البغدادي: وسمعت علي بن عبيد الله اللغوي السمسمي يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنَّة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.

* وحدَّث عبدالله بن أحمد بن جعفر الفرغاني في كتابه المعروف بكتاب "الصلة"، وهو كتاب وصل به "تاريخ ابن جرير"، أن قومًا من تلاميذ ابن جرير حصلوا [6] أيام حياته منذ بلغ الحلم إلى أن توفي وهو ابن ست وثمانين، ثم قسَّموا عليها أوراق مصنَّفاته فصار منها على كل يوم أربع عشرة ورقة، وهذا شيء لا يتهيَّأ لمخلوق إلا بعناية الخالق.

* مرَّ أبو الدرداء يومًا على رجل قد أصاب ذنبًا والناس يسبُّونه، فنهاهم وقال: أرأيتم لو وجدتموه في حفرة، ألم تكونوا مخرجيه منها؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبُّوه إذًا واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فإنه أخي.

* وكان سعد بن مالك بن أبي وقاص -رضي الله عنه- مُجاب الدعوة، عن قيس بن حازم قال: نُبِّئت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد بن مالك: ((اللهم استجب دعاءه إذا دعاك)).

* سمع سعد بن أبي وقاص رجلاً يَسُبُّ عليًّاً وطلحة والزُّبير فنهاه، فلم ينتهِ فقال له: إذًاً أدعو عليك، فقال الرجل: أراك تُهدِّدُنِي كأنَّك نبيٌ، فانصرف سعد وتوضَّأ وصلّى ركعتين، ثم رفع يديه وقال: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سَبَّ أقوامًا سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطني سَبُّهُ إيَّاهُمْ فاجعله آيةً وعِبرةً، فلم يَمْضِ غير وقتٍ قصير حتى خرجت من إحدى الدُّور ناقة لا يردُّها شيء حتى دخلت في زحام الناس كأنَّها تبحث عن شيء ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها وما زالت تتخبطه حتى مات.

قال سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-:
ما أسلم رجلٌ قبلي إلا رجل أسلم في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد أتى عليَّ يوم وإني لثلث الإسلام.

وقال سعد بن أبي وقاص:
أنا أول مَن رمى في الإسلام بسهم، خرجنا مع عبيدة بن الحارث ستين راكبًا سرية.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال:
ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفدي أحدًا بأبويه إلا سعدًا؛ فإني سمعته يقول يوم أحد: ((ارمِ سعد، فداك أبي وأمي)).

ومن شعر سعد:
أَلاَ أَبْلِغْ رَسُولَ اللهِ أَنِّي
حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي
أَذُودُ بِهَا عَدُوَّهُمُ ذِيَادًا
بِكُلِّ حزُونَةٍ وَبِكُلِّ سَهْلِ
فَمَا يَعْتَدُّ رَامٍ مِنْ مَعَدٍّ
بِسَهْمٍ مَعْ رَسُولِ اللهِ قَبْلِي


طلحة بن عبيدالله:
من خيار الصحابة وأكثرهم مالاً، وكان ينفق أمواله في سبيل الله، لقَّبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلحة الخير، وطلحة الجواد، وطلحة الفيَّاض.

قالت زوجته سعدى بنت عوف:
دخلت على طلحة يومًا فرأيته مهمومًا فسألته: ما شأنه؟ فقال: المال الذي عندي قد كَثُر حتى أهمَّني وأكربني، وقلت له: ما عليك، اقسمه، فقام ودعا الناس، وأخذ يقسمه بينهم حتى ما بقي منه درهم.

محمد الأمين الشنقيطي (آبه) [7]
عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والمدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

ولد محمد الأمين بن محمد المختار في مدينة شنقيط عام 1325 هـ ونشأ في بيت علم من رجال ونساء، ودرس العلوم الشرعية واللغوية على أخواله، والسيرةَ على نساء أخواله.

وفي عام 1367 هـ بدأ التدريسَ في المسجد النبوي الشريف، وفي عام 1371 هـ بدأ التدريس في المعهد العلمي بالرياض ثم الكليات هناك، وفي عام 1381 هـ انتقل للتدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وبقي يحاضر في معهد القضاء العالي بالرياض.

توفي فجر يوم الخميس 17 ذي الحجة 1393 هـ وتمَّ دفنه في مقابر المعلاَّة.

والشيخ (آبه) وهذه هي شهرته بين تلامذته المنتشرين في أنحاء العالم الإسلامي، عالم من علماء المدينة المنورة المبرَّزين، وقد قضى حياته كلها في طلب العلم ونشرِه حتى بلغ في العلوم النقلية والعقلية مكانًا قلَّ أن يبلغه عالم في العصر الحديث.

وقد قضى حياته في تدريس كافَّة علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية والأصول والمنطق وما إلى ذلك، وله مؤلَّفات منها ما هو مخطوط ومنها ما هو مطبوع.

وفي السنوات الأخيرة من حياته كرَّس جهوده في وضْع مؤلَّف صدرت منه عِدَّة مجلَّدات، وهناك أخرى مخطوطة منه بعنوان "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن"، الكتاب يجسِّد مقدرة الشيخ (آبه) وتطويعه لعلوم القرآن واللغة، كما عكست عبقريته في تخريج الأحكام والاستدلال عنها والتوفيق بينها، ومعالجة المتشابه من القرآن الكريم.

ومن مؤلفاته المخطوطة والمطبوعة:
("أنساب العرب"، "فروع مالك"، "الغين في المنطق"، "الفرائض"، ومن مؤلفاته المطبوعة "شرح مراقي السعود"، و"شرح على مسلم"، "رفع إيهام الاضطراب"، "منع جواز المجاز في المنزَّل للتعبُّد والإعجاز"، "مذكرة في أصول الفقه على روضة الناظر"، "مذكرة في آداب البحث والمناظرة" (جزءان))، عِدَّة محاضرات منها حكمة التشريع، المُثُل العليا في الإسلام، آيات الصفات في القرآن الكريم... (هذه كلها طبعتها الجامعة الإسلامية)، محاضرة حول شبهة الرق، المصالح المرسلة.

كتب أنيس منصور في "صحيفة عكاظ" [8] السعودية بتاريخ 20 ذي الحجة 1393 هـ قال:
في المدينة المنورة طلبت من الأستاذ عبدالعزيز إلياس -مدير المراسم الملكية- أن يبحث لي عن أحد علماء المدينة وأن يضع يدي على كتفه؛ لكي أتفرج على الآثار الباقية لهذه المدينة المقدَّسة التي أرسيت فيها كل قواعد الإسلام في الصلاة والصوم والزكاة والمعاملات، وكل أصول الدولة الحديثة، وكانت السنوات العشر التي أقامها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه المدينة أصعب وأعظم عشر سنوات في تاريخ العالم.

وكان الأستاذ عبدالعزيز إلياس في سرعة البرق، فما طلبت منه شيئًا إلا قال: الأمير عبدالله قال لي: أحضر له كل ما يريد من الكتب ومن المقابلات.

وجاءت سيارة وتخطَّت السيارة كلَّ الحواجز، ووقفت أمام أحد البيوت، وطال الوقوف وطال، ورأيت على الرصيف رجلاً يتوكَّأ على عصًا ويخطو بصعوبة ويلهث، ويساعده رجلان آخران ويسنده من الخلف رجل ثالث، وتساءلت طبعًا: ما هذا؟ مَن هذا؟ لماذا هذا؟ فقيل لي: هذا هو أعلم علماء المدينة.

وسألت: إن كان من عادة أهل المدينة أن يمشوا في جنازة الميت قبل أن يموت؟ وهل نحن في الطريق إلى دفن هذا الرجل؟ وقالوا: بل إنه سعيد جدًّا.

مَن هذا السعيد؟

هذا الرجل، إنه مريض، حبيس المرض، وهذه فرصة سعيدة لكي يرى الدنيا.

هو سعيد؟

ومن أين يستمد هذا الرجل سعادته؟

إن أحدًا لا يدق بابه، وهذا يُحزنه، ولذلك فهو سعيد أنك جئت تسأله، تستوضحه، تكلمه.

ونهضت بسرعة لأصافح الرجل، وكاد الرجل يلفظ آخر أنفاسه وهو يقول: أهلاً وسهلاً يا أستاذ.

ولا أعرف أين هم "الأهل" وأين هو "السهل"، وأين "الأستاذ"؟

واعتذرت له عن هذه الرغبة الطائشة، وقلت: والله يا أستاذ إن أحدًا لم يخبرني بذلك -أي بحالتك- وإلا لجلست إليك ولما اضطررتك إلى الخروج إلى الشارع، فأنا شديد الأسف.

ولكن الأستاذ الشريف إبراهيم العياشي أعلم العلماء بآثار المدينة أكَّد -على قدر طاقته- بأنه سعيد جدًّا، رغم أمراضه الكثيرة، في ساقيه وفي البنكرياس، ورغم أنه كان يبكي على نفسه وعلى جسمه وعلى أسرته وعلى ما أصابه على أيدي الناس، رغم هذا كله فهو سعيد لأنني أخرجته من هذا العذاب، وأنه لم يكن قد رأى الشارع منذ أربعة أشهر، وأنه شديد الامتنان لذلك، منتهى الرقَّة واللطف من هذا العالم الجليل، ومنتهى القسوة أن أرى ذلك وأن أسمع ساعتين كاملتين في سيارة تجوب أطراف المدينة من مسجد قباء إلى حيث الخندق وجبل أحد وأحياء بني النضير وبني قينقاع.

ولم يكن الأستاذ العياشي يتحدَّث عن اليهود في المدينة حتى سألته: أريد أن أتحقَّق من كلمة قرأتها في تاريخ المدينة يا أستاذ، فقال دون أن يلتفت ناحيتي؛ لأنه عاجز عن تحريك عنقه تمامًا، وفي صوت صارخ كأنه صوت طفل صغير: ما هي يا أستاذ؟ تفضَّل، والله إنني مريض والله كنت أبكي قبل أن تجيئ يا أستاذ، فتفضل إنني تحت أمرك يا أستاذ.

قلت -دون أن أنظر إليه وقد أوجعني صوته وحالته تمامًا: كلمة قفوص أو قفاص أو قفاصي، قرأت أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- قد استولى على قلعة من قلاع اليهود لها هذا الاسم، فأجاب الرجل: نعم لها هذا الاسم، ولم يدرك الأستاذ العياشي أن كلمة قفاص أو قفاس هي الكلمة المدوَّنة الآن "قبوتص أو قبوتس" ومعناه المستعمرة السكنية عند اليهود، والتي تكتب الآن باللغة الحديثة هكذا: كبوتز، ولكن الأصح أن تنطق هكذا: قبوتص.

ومعنى ذلك أن اليهود في المدينة كانت لهم مستعمرات سكنية، وكان الناس يعيشون فيها معًا يملكون الأرض معًا؛ أي: لا يملك أحد منهم شيئًا.

وراح الأستاذ العياشي يبهرني بعلمه الغزير المؤكِّد، فهو يقول: هنا ثنيات الوداع يا أستاذ، وفي المدينة ثلاث ثنيَّات، وهنا -ويشير إلى جبل صغير- هنا وقف اليهود، وهنا سقط اليهود، وهنا كان الطريق يلتوي ثلاثة أمتار ثم ينعطف أربعة أمتار.

وتمضي السيارة، ويقول الأستاذ العياشي: شيء غريب يا أستاذ، هذه المباني لم تكن موجودة منذ أربعة أشهر، إن المدينة تتغيَّر معالمها بسرعة عجيبة.

وهنا -ويشير إلى شارع مرصوف- هنا يا أستاذ كان الخندق الذي حفره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في ستة أيام، وفي منتصف الخندق كان حجر، الحجر كان هنا بالضبط، وهنا كانت تنطلق قوَّات خالد بن الوليد، وهنا كان الرماة حيث وضعهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس يخلطون يا أستاذ بين معركة أحد ومعركة الخندق، إن الأماكن متقارِبة، وهنا عقارب كثيرة يا أستاذ، كنت أقتل منها كل يوم ثلاثين أو أربعين.

وتمنَّيت لو يسكت الأستاذ العياشي؛ فإنني أخشى أن يموت ويكون موته نوعًا من الاستشهاد، إنني لا أعترض على دخوله الجنة -أستغفر الله- ولكن أخاف أن يدخل الجنة وأدخل أنا النار؛ لأنني قاتل هذا الرجل، وإن رغبتي في أن أعرف قد جاءت على حساب حياة هذا الرجل!

ومررنا على مسجد الغمامة، ومررنا على مساجد أخرى كثيرة، ولم يتوقف الأستاذ العياشي عن السُّعال، وأنا لا أكفَّ عن القول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والله يا أستاذ عياشي أنا لم أقصد إلى تعذيبك، فأنا شديد الأسف، وهو ينكر ذلك بكل ما عنده من قوة - وما عنده منها إلا قليل جدًّا.

وقبل أن نصل إلى بيته كنت قد جدَّدت الاعتذار له، وكنت قد قلت له: إن الأستاذ عبدالعزيز إلياس لا يعرف حالتك بالضبط، وإنما هو فقط نفَّذ أوامر الأمير عبدالله الفيصل بالحرف الواحد: افعل كل ما تستطيع من أجل راحتي، وهو لم يقصد أن تكون راحتي في القضاء على راحتك أو القضاء عليك، أو في أن أستريح بعض الوقت لأتعذب بسببك كل الوقت.

وأصر الأستاذ العياشي على أن نزوره في البيت، وقاومت ولكنه أصر، وزحفنا وراءه وهو يجر نفسه جرًا ويتوكأ على عصاه، ودخلنا بيتًا هو الفوضى كلها، فليس في البيت أحد، طفلان صغيران، أمَّا بقية الأطفال فقد أخذتهم الأم، وأما الأم فقد تركت البيت لهذا الرجل العالم المريض، وتركت غرفة بها ست مراتب كانت لسبعة من الأطفال، والمقاعد فوق المراتب، وتحت المراتب زجاجات فارغة، وعلى الأرض أنابيب المياه من المطَّاط كأنها أحشاء البيت، وكأن هذا البيت حيوان ضخم ذبحوه وسلخوه وأكلوه ولم تبقَ منه إلا هذه العظام، وإلا هذا الرجل المريض الذي يتساند على جدرانه، هذا العالم الذي يعرف كلَّ طوبة وكل بئر في المدينة، لا يعرف أين يوجد المقعد أو الكوب أو الطريق إلى دورة المياه في هذا البيت، إنه وحده تمامًا.

وطلب منِّي أن احضر له لوحة على الحائط وخريطة على المنضدة، وهنا مأساة هذا الرجل، هذه اللوحة أعدَّها في عشر سنوات، وهذه الخريطة أعدَّها الرجل في 15 عامًا، وهذه المخطوطات التي أحرقتها زوجتُه قد أنفق عليها كلَّ ثروته -وهي قليلة- وأنفق عليها أكثر سنوات شبابه، وثارت الزوجة على جنون هذا العالم جنونه بالتاريخ والآثار والمدينة المنورة.

وجُنَّ جنوننا نحن عندما عرفنا أنه أمضى مئات الليالي يحقِّق في موقعة بدر وموقعة أحد، ويرصدها على الخريطة جنديًّا جنديًّا، وسيفًاً سيفًاً، ورمحاً رمحاً، ويمكن لكل زوجة أن تقول: إنه مجنون، ولكن العلماء الذين خدموا الإنسانية كلها من هذا الطراز من الناس، الذي تهون عليهم الدنيا من أجْل شيء ما، والذين تهون عليهم حياتهم من أجل التأكُّد من شيء ما، وراحت على الرجل دنياه وأسرتُه، ولم يبقَ إلا البكاء على الجميع.

وتذكَّرت أينشتين الذي اكتشف نظرية "النسبية" والتي تقول بأن أي شيء له طول وعرض وارتفاع وزمن، وأن الزمن هو البعد الرابع للأشياء، هذا الرجل كان مُدرِّساً للرياضيات في إحدى جامعات سويسرا، وكان يستأجر شقة، ثم جاء طالب فاستأجر منه غرفة في هذه الشقة، وفي أحد الأيَّام جاء الطالب يدق بابه ويسأله: كم الساعة من فضلك؟ ويضحك أينشتين قائلاً: إنَّني وضعت ساعة على كل مليمتر في هذا العالم ولكن نسيت أن أضع في يدي ساعة!

وهذا الأستاذ العياشي يعرف كلَّ حجَر في أرض المدينة المنورة، لكنه لا يعرف ولا يستطيع أن يهتدي إلى أيِّ شيء في بيته.

ولم أكن قد رأيت صورة زوجة الفيلسوف اليوناني سقراط، ولكن كتبت عن هذه السيدة الكثير جدًّا، وأعدت الآن وجه الشبه بين زوجة الأستاذ العياشي وزوجة سقراط، إن سقراط كان أسعد حالاً، فهو أعظم الفلاسفة على الإطلاق، ولكنَّه لم يكتب سطرًا واحدًا، وإنما جاء تمليذه أفلاطون وسجَّل محاوراته مع كل الناس، ولذلك لم يكن لدى زوجة سقراط ما تحرقه من الكتب لو أرادت، وإنما كانت فقط تلقي الماء القذر فوق صدره العريان.

ولكنه لأنه رجل عاطل والناس كلهم مشغولون، وكان سقراط له صناعة تافهة؛ فهو كان يمسك قطعة من القماش المبلل ويمسح بها التماثيل التي تلوَّثت بمخلَّفات العصافير، وكأنه يقول عن زوجته: إن زوجتي تشبه السماء، ترعد وتبرق ثم تمطر!

وكانت زوجة سقراط تجمع أولادها أيضًا وتذهب إلى بيت أسرتها، ولكن سقراط لم يكن يهتمُّ كثيرًا بأولاده أو زوجته، ولا يهمُّه كثيرًا ما تفعله بعد ذلك، فلم يكن في حاجة إلى ماله؛ لأن تلامذته من أغنياء أثينا، ولم تكن عنده كتب يخاف عليها.

ولا أعرف في النهاية إن كان الأستاذ العياشي قد أراحني أو أوجع قلبي، إنه أراحني قليلاً وعذبني طويلاً، ليس هو الذي عذَّبني ولكنها تلك الشريرة التي تفرَّدت بتعذيب هذا العالم الجليل.

إن كل العلماء والناس الطيبين يجب أن ينهضوا لحماية هذا الرجل الفريد، إن الحزن عليه لا يكفي، إن الانبهار أمام علمه الغزير ليس أفضل من أن ينقلوه إلى أحد المستشفيات وأن يدخلوا زوجته أحد السجون، فمن أجلها ومن أجل زوجة سقراط ابتدع الإنسان المشانق والمحارق، فليرحمك الله يا أستاذ عياشي، ميتًا وحيًّا قبل ذلك.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:24 pm

حمَّاد الرواية [9]:
هو حمَّاد بن ميسرة وقيل إنه حمَّاد بن سابور، وهكذا اختلفوا في اسم أبيه ونسبه، فسموه حمادًا الراوية، وقد سأله الوليد بن زيد عن سبب تسميته بالراوية فقال: إني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر ممَّن تعرف أنك لا تعرفه ولم تسمع به، وقال: إنني أستطيع أن أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة طويلة، عدا المقطَّعات من شعر الجاهلية، دون شعر الإسلام.

وقيل:
إن الوليد أراد امتحانه فيما قال فأنشد ألفين وتسعمائة قصيدة للجاهليين ("الأغاني" 6- 2151).

نشأ حمَّاد صعلوكًا متشرِّدًا، وصاحَب من أجل هذا اللصوص والسُّرَّاق، وكان يسطو معهم على أموال الناس في بادئ حياته، وفي أحد الأيام سطا على منزل رجل فوقع في يده شعر للأنصار، فأخذه وقرأه، ويبدو أنه كان شهر مواعظ فتاب من ساعته واستقام وبدأ يجمع الشعر ويحفظه، وربما لا تكون هذه الرواية صحيحة، ذلك أنَّ حمَّادًا الرواية واجه أعداءً لا حصر لهم، طعنوا فيه كثيرًا وأساؤوا إلى سُمْعته، وهذه الرواية عن ابن النطاح.

ها هو أبو عمرو الشيباني يقول:
ما سألت أبا عمرو بن العلاء عن حمَّاد إلا قدَّمه على نفسه، وما سألت حمَّادًا عن أبي عمرو إلا قدَّمه على نفسه ("الأغاني" 6- 2153).

ونحن نعلم أن أبا عمرو بن العلاء رجل فاضل، ما كان يفعل ذلك لو أن حمَّادًا فاسقًا كما تقول الروايات، وكان يؤخذ على حمَّاد أنَّه يلحن، وهذا ما فعله يونس بن حبيب حينما رفض الأخذ برأيه، وقد برَّر حمَّاد موقفه من اللحن حين قال: إننا نتحدَّث إلى العامَّة ونتكلَّم بكلامها، لكن لم ينكر أحد على حمَّاد أنه راوية، وأنه روى الكثير، والكثير من الشعر.

وقد أرادوا الطعن في روايته للشعر فقالوا إنه كان يتزور على الشعراء، واخترعوا قصصًا منها ما هي على لسان حمَّاد نفسه في هذا الخصوص، وأغلب الظن أن هذا يعود إلى الحسد، فقد كسب حمَّاد من روايته للشعر أموالاً طائلة، وكان الخلفاء من بني أمية يطلبونه ليرحل إليهم ولينشدهم ما يحفظ من الأشعار، ثم يجيزونه على ذلك.

وربما أوغر ذلك صدور بعض الناس فدسُّوا عليه أن روايته كاذبة، وأنه كان يضيف من شعره إلى شعر أولئك الشعراء، ولو كان الأمر كذلك -أي لو أن حمَّادًا كان قادرًا على قول شعر جاهلي متين- لا ندري ماذا كان يمنعه أن ينسب شعره إلى نفسه، وبالتالي يكون أفضل شعراء عصره، وأقدرهم وينال على شعره ما كان سيفوق ما ناله من رواية الشعر..

يقول حمَّاد:
صرت إلى يوسف بن عمر وهو في الإيوان الأحمر فرمى إليَّ كتابًا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر، أمَّا بعد، فإذا قرأت كتابي هذا فابعث إليَّ حمَّاد الراوية مَن يأتيك به غير مروَّع ولا متمنِّع، وادفع إليه خمسمائة دينار، وجملاً مهريًّا يسير عليه إلى دمشق.

ويقول:
سرت إلى هشام واستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام، وهشام جالس على طنفسة حمراء، وعليه ثياب خز حُمْر، وقد تضمَّخ بالمسك والعنبر، وبين يديه مسك مفثوث في أواني ذهب، يقلِّبه بيده فتفوح روائحه، فسلَّمت فردَّ عليَّ واستدناني، وإذا جاريتان لم أرَ قبلهما مثلهما، في أذنَي كل واحدة منهما حلقتان من ذهب فيهما لؤلؤتان تتوقَّدان، فقال لي: كيف أنت يا حمَّاد وكيف حالك؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: أتدري فيمَ بعثت إليك؟ قلت: لا، قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي لم أدرِ مَن قاله، قلت: وما هو؟

 فقال:
فَدَعَوْا بِالصَّبُوحِ يَوْمًا فَجَاءتْ
قَيْنَةٌ فِي يَمِينِهَا إِبْرِيقُ

قلت:
هذا يقوله عديُّ بن زيد في قصيدته المطوَّلة التي أوَّلها:
بَكَّرَ العَاذِلُونَ فِي وَضَحِ الصُّبْ
حِ يَقُولُونَ لِي أَلاَ تَسْتَفِيقُ
وَيَلُومُونَ فِيكِ يَا ابنَةَ عَبْدِ الْ
لَهِ وَالقَلْبُ عِنْدَكُمْ مَوْثُوقُ

إلى آخر القصيدة.

فما كان من هشام إلا أن وهب حمادًا الجاريتين وأمدَّه بمائة ألف دينار ومسكن فخم أقام فيه مُدَّة من الزمن.

تلك رواية حمَّاد، لكن أدخلوا عليها أنه سكر مع هشام، والدليل على كذبهم أن هشامًا معروف عنه أنه لم يشرب قط.

هذا نموذج من الدس على حمَّاد، أتيت به لكي لا نصدق الروايات التي تمس بالتراث، وهو أساس بنيان الأمم.

حمَّاد الراوية هو أوَّل مَن أطلق لفظ (المعلقات) على القصائد الشعرية للشعراء الجاهليين، وربما يكون هو أوَّل مَن قال بأنها كانت معلقة بالكعبة وتبعه ابن الكلبي، وحين تعرَّض "نولدكه" المستشرق الألماني لهذا الأمر أنكر ذلك رغم أن الإغريق كانوا يعلقون القصائد العظام في معابدهم.

ويقول الأستاذ أحمد حسن الزيات:
أن تعليق الصحائف الخطيرة على الكعبة كان سُنَّة في الجاهلية بقي أثرها في الإسلام، وضرب مثلاً بتعليق هارون الرشيد وصيَّته بتولية الخلافة مَن بعده لولديه الأمين فالمأمون، راجع "تاريخ الأدب العربي"؛ أحمد حسن الزيات 34- طبعه دار الثقافة لبنان.

فإذا صح أن حمَّادًا قد أطلق عليها المعلَّقات فهذا يعني: أنه اشتق ذلك الاسم ممَّا كانت عليه وممَّا علمه عنها.

وقال أبو جعفر النحاس في القرن الرابع الهجري:
إن أوَّل مَنْ جمع السَّبع الطوال هو حمَّاد الراوية، وهو مِمَّنْ ساعدوا الوليد بن يزيد على جمع ديوان العرب الذي لا يعرف عنه شيء حتى اليوم، وكل الذي هو معروف أن حمَّادًا وجنادًا ساعدا الوليد على جمعه، حسب رواية ابن النديم ("الفهرست" 140).

وكان لحمَّاد ديوان جمع فيه أشعارًا مختلفة، أو كانت له كتب مختلفة مدوَّن بها أشعار القوم، فها هو يقول: أرسل الوليد إليَّ بمائتي دينار وأمر بحملي على البريد، فنظرت في كتابي قريش وثقيف فلمَّا قدمت عليه سألني عن أشعار، فأنشدته منها ما استحسنه.

وإذا علِمنا أن حمَّادًا كان يُعَدُّ من رؤوس مدرسة الكوفة، وكانوا هم أكثر الناس رواية للشعر، ويقال: إنهم استحوذوا على الطنوج التي كانت للنعمان بن المنذر؛ أي: الكراريس التي دونت للنعمان بن المنذر - فإن رواية حمَّاد تصبح مقبولة، خاصَّة إذا وجدنا أن يونس بن حبيب -وهو بصري- أكثر الناس طعنًا في حمَّاد، وجناد ويليه خلف الأحمر في ذلك الطعن.

لم يكن حمَّاد شاعرًا حتى تجوز عليه دسيسة أنه أدخل شعرًا على شعراء الجاهلية، فمن الأبيات القليلة التي نجدها هنا وهناك يتَّضح أن شعر حمَّاد ضعيف، وأنه لا يرقى إلى مرتبة الشعر الجاهلي بحيث يجوز أن يدس في أشعارهم.

ومن شعر حمَّاد:
إِذَا سِرْتَ فِي عِجْلٍ فَسِرْ فِي صَحَابَةٍ
وَكِندَةَ فَاحْذَرْهَا حِذَارَكَ لِلْخَسْفِ


إلى أن قال:
مَتى كُنتُ فِي حَيَّيْ بَجِيلَةَ فَاِستَمِعْ
فَإِنَّ لَهَا قَصْفًا يَدلُّ عَلَى حَتْفِ
إِذَا اعْتَزَموا يَوْمًا عَلَى قَتْلِ زَائِرٍ
تَدَاعَوْا عَلَيْهِ بِالنُّبَاحِ وَبِالعَزْفِ


فهذا شعر حمَّاد، وهو شعر سطحي عادي، إخباري أو تقريري ليس به أيُّ عمق.

ومن شعر حمَّاد مخاطبته للشاعر أبي العطاء السِّندي، الذي كان بلسانه لحن حين ينطق العربية.

وفي ذلك قال حمَّاد:
فَمَا صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ
كَأَنَّ رُجَيلَتَيْهَا مِنْجَلاَنِ


فرد عليه أبو العطاء:
أَرَدْتَ زَرَادَةً وَأَزُنُّ زَنًّا
بِأَنَّكَ مَا أَرَدْتَ سِوَى لِسَانِي


و(زرادة) هي جراده، و(أزن زنًّا) أظن ظنًّا، (راجع "الحيوان" 5/558).

فليس إذًا في شعر حمَّاد كبير معنًى أو أيُّ عمق، وما كان له ليستطيع أن يدخل شعرًا له في الشعر الجاهلي.

والادِّعاء بأن حمادًا أقحم بيتين على زهير بن أبي سلمى في قصيدته "دع ذا" فإن البيتين يؤكِّدان من خلال ما احتويا من معان وأسماء أماكن ومطلع جاهلي يؤكِّدان أنهما جاهليان في كل الفروض.

وهذان البيتان هما:
لِمَنِ الدِّيَارُ بِقُنَّةِ الحِجْرِ
أَقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ وَمِنْ شَهْرِ
قَفْرًا بِمُنْدَفَعِ النَّحَائِتِ مِن
ضَفْوَى أُولاَتِ الضَّالِ وَالسِّدْرِ


ثم قال:
دَعْ ذَا وَعَدِّ القَوْلَ فِي هَرِمٍ
خَيْرِ الكُهُولِ وَسَيِّدِ الحَضْرِ


تتواتر الروايات عن حمَّاد بأنه عالم بالعربية، كما تواترت بأنه كثير اللحن، وهي روايات متناقضة، فالمفضَّل الضبِّي قال: قد سلط على الشعر من حمَّاد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبدًا، فلمَّا سُئِل: وكيف ذلك أيخطئ في روايته أم يلحن، قال: ليته كان كذلك فإن أهل العلم يردُّون مَن أخطأ إلى الصواب، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق فتختلط أشعار القدماء ولا يتميز الصحيح إلا عند عالم ناقد وأين ذلك ("الأغاني" 6- 2169).

وفي هذا مدح وذم؛ مدح لحمَّاد بأنه عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء، وذم للادِّعاء بأنه يدخل في أشعارهم ما يشاء.

وقال الأصمعي:
كان حمَّاد أعلم الناس إذا نصح ("الأغاني" 6- 2150).

فحمَّاد إذا كان عالمًا باللغات ومذاهب الشعراء وبالشعر، لكن هذا العالم لم يكن يتعرَّض كثيرًا لنقد الشعر، كان يدرك أنه محارب، وأنه ربما لو تعرَّض للشعر والشعراء لأثار حفيظة أناس آخرين عليه، وهو يكفيه ما هو فيه، متَّهم بسوء الخلق وغير ذلك، من هنا نجد أن نقده لا يأخذ شكل النقد الموضوعي، ولكنه نقد تهكُّمي تفهم منه إرضاء أذواق أناس معينين أو الاستهتار بعقولهم.

فحين فضَّل أبو عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب الأخطل على الفرزدق وجرير من الشعراء المحدَثين آنذاك، كان هو يرى غير ذلك؛ فكان يرى أن جريرًا أفضل من الأخطل، لكنه حين سُئِل عن ذلك قال متهكِّمًا: الأخطل، ألست ترى أنه حبَّب إلينا النصرانية في شعره، وهذا الكلام نقْد جارح لشعر الأخطل، وتحطيم له في شكل تجاوب مع السائل، وهو أراد أن يقول: إن شعر الأخطل نوعٌ من التبشير لا أكثر ولا أقل.

إنني أضرب كفًّا بكفٍّ؛ كيف تغلبت الظروف على حمَّاد فأسكتته عن نقد الشعر وهو ناقد من الجوارح؟ لكن كيف نطلب ممَّن حبس نفسه في داره عامًا كاملاً لا يخرج منها تخوُّفًا من الناس ومن حقدهم عليه، كيف نطلب منه أن ينشب مخالبه بقرض أبيات الشعر الركيكة وينهش ما سقط منها معنى وقالبًا، ويلحق بالجديد الجيد؟

وحين تعرَّض حمَّاد للشعراء الجاهليين فضَّل النابغة الذبياني؛ لأنه كان يرى أن معانيه يمكن أخذها في البيت الواحد أو نصف البيت أو ربعه، فهي موجَزة مستقلَّة، لا ترتبط بما حولها من محسنات أو تتعلق بسبب أعمال اللغة، فشعره في نظره موجز وفصيح.

ومن هذا النقد يتَّضح أن حمادًا كان يرى أن الإفصاح ضروري في الشعر، وأن المعاني يلزم أن تأتي مباشرة، وأن لا تضيع في كنَف المحسنات أو البديع، وهو ما كان قد بدأ يرى ظهوره في عصره.

ونحن إذ تعمَّقنا في هذا الذي قاله عن النابغة، نجد أنه في الحقيقة أراد انتقاد شعر وشعراء عصره الذين بدؤوا يأتون بشعر تغلب عليه المحسنات اللفظية".

كتب عبدالله العباسي [10]:
"ابن الأعرابي" هو أبو عبدالله محمد ابن زياد الأعرابي، ربيب المفضَّل الضبي، وكانت أمه تحته.

عالم بليغ ملمٌّ بالشعر وروايته وناقد.

أخذ عنه ثعلب الذي قال:
قد أملى على الناس ما يحمل على جمال ولم يرَ أحد في الشعر أغزر منه، وأخذ عنه أبو عكرمة وإبراهيم الحربي، وله كتب منها "النوادر"، وكتاب "الأنواء"، وكتاب "صفة الخيل" ("الفهرست" 69، و"البيان" 1- 157 ح ا).



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:30 pm

كان أبو عبدالله ابن الأعرابي:
ممَّن استهوتهم القراءة، وتُروى عنه هذه الرواية: بعث إليه أبو أيوب أحمد بن محمد بن شجاع غلامًا من غلمانه يسأله المجيء إليه، لكنَّه لم يلبِّ الطلب، وقال للغلام: عندي قومٌ من الأعراب فإذا قضيت أربي معهم أتيت، وقال الغلام: ما رأيت عنده أحدًا إلا أني رأيت بين يديه كتبًا ينظر فيها، فينظر في هذه مرَّة وفي هذه مرَّة، وأظنُّه لم يكن ينظر إلا في دواوين شعر بحكم قوله: "عندي قوم من الأعراب".

ولقد كان متحمِّسًا كبيرًا للمفضَّل الضبِّي، وهو الذي نقل إلينا الكثير من أقواله، وتُعَدُّ الأشعار المروية عنه عن المفضل الضبي عند كثير من الدارسين أنها الأكثر صحَّة ودقَّة.

ورد في "الصناعتين":
أخبرنا أحمد عن أبي بكر الصولي قال: كان ابن الأعرابي يأمر بكتابة جميع ما يجري في مجلسه، قال: فأنشده رجل يومًا أرجوزة أبي تمام في وصف السحاب على أنها لبعض العرب.

وهي:
سَارِيَةٌ لَمْ تَكْتَحِلْ بِغَمْضِ
كَدْرَاءُ ذَاتُ هَطَلاَنٍ مَحْضِ
موْقَرَةٌ مِنْ خُلَّةٍ وَحَمْضِ
تَمْضِي وَتُبْقِي نِعَمًا لاَ تَمْضِي
قَضَتْ بِهَا السَّمَاءُ حَقَّ الأَرْضِ


فقال ابن الأعرابي:
اكتبوها، فلمَّا كتبوها قيل له: إنها لحبيب بن أوس -أبي تمام- قال: خرِّق خرِّق، لا جرم أن أثر الصنعة فيها بيَّن ("الصناعتين" 51، راجع أيضًا: "أخبار أبي تمام"؛ للصولي 175 حيث تروى أرجوزة أخرى).

هذه الرواية تعطي مفهومين؛ الأول: أن لفظًا جديدًا أصبح يستعاض به عن معنى التكلُّف، وهو لفظ الصنعة أو التصنُّع أو الصناعة... الخ، والثاني: أن مدلول هذا اللفظ عندهم أوسع من مدلول لفظ التكلُّف؛ لأنهم قد دخلوا مرحلة اقتصادية جديدة بظهور الكثير من الصناعات اليدوية، فاستعاروا اللفظ واستخدموه بدلاً من التكلُّف ليعطي مفهومًا أكثر دقَّة بأن هناك مثابرة واجتهاد وتأنٍّ ودقة، تصل في مرتبتها إلى مرتبة الصانع في إخراج العمل المصنوع، وهو في نظرهم عيب من عيوب الشعر الذي يجب أن ينساب من النفس دون صناعة.

وبالرغم من أن هذا اللفظ قد ذكره النابغة الذبياني حين نبَّه إلى الإقواء في شعره، حيث قال: دخلت يثرب فوجدت في شعري صنعة، وبالرغم من أن الفرزدق قد استخدم أيضًا هذا اللفظ بمعنى العيب؛ حيث قال "القصائد تصنعًا"، إلا أن هذا اللفظ أخذ مدلوله أو بدأ في أخذ مدلوله في عصر ابن الأعرابي وما تلاه من عصور، حتى إننا سوف نجد الجاحظ في مرحلة لاحقة يصف شعر الحطيئة بأنه من الشعر المصنوع.

نستدل من هذا أن الشعر المصنوع مرفوض لدى نقاد ذلك العصر ومنهم ابن الأعرابي.

لكن ابن الأعرابي -كما يقولون- كان يتحامل على أبي تمام، وأرادوا من الرواية السابقة أن يبيِّنوا بأن النقد لم يكن نقدًا صادقًا، ولكن به تحامل على الشعراء المعاصرين لهم.

ولما كنَّا نذهب إلى ما ذهب إليه الأقدمون أن "المعاصرة حجاب"، فإن تحامل ابن الأعرابي على أبي تمام ربَّما يكون صحيحًا من ناقد اهتم كثيرًا بالشعر القديم ودراسته وتدريسه وتفسير غريبه، في الوقت الذي جاء أبو تمام ليقول شعرًا بلغة العصر ليس به غريب ولا وحشي، ولهذا قال ابن الأعرابي عن شعره: لو كان هذا شعرًا، فإنَّ ما قالته العرب باطل.

فابن الأعرابي كان يرى أن شعر أبي تمام لا يصل في مرتبته إلى شعر الأقدمين من الشعراء، إلاَّ أنَّنا يمكن أن نستنتج أسباب الذهاب إلى هذا الحدِّ من القول، فالنقَّاد في ذلك الزمان كان نقدهم يدور في فلك المقارنة باستمرار؛ بمعنى: أن الناقد وقد درس وحفظ شعر الأقدمين ما إن ينظر في شعر محدَث إلا وقارنه بالشعر القديم الذي عنده، فتكون النتيجة أنه يُسقط ما بيده من الشِّعر المحدَث ويُعلِي الشعر القديم؛ وذلك لما للشِّعر القديم في نفسه من مكانة، وهم حين كانوا يفعلون ذلك ينسون الظروف الموضوعية للشعر وللشعراء، ويضعون نصْبَ أعينهم اللغة القديمة التي بهرتهم، وجمال الألفاظ الذي استحوَذ على قلوبهم.

لكننا يجب أن نفرِّق بين نوعين من المقارنة -إذا كان لابُدَّ من مقارنة -المقارنة العمياء التي لا ترى أكثر من صورة تاريخية تعشِّش في الذاكرة، والمقارنة التي ترفع حجابَ الظلام عن الحاضر وشعر وشعراء العصر الذي يقارن بالماضي، فإذا ما رُفِع حجاب الظلام أمكن أن يعطى حتى على ضوء المقارنة لشعراء أيِّ عصر من العصور حقوقهم التي يستحقونها.

قد يكون النقد القديم في بعض جوانبه فيه تحامُل كما رأينا، لكن لا يعني هذا أن ذلك التحامل في كل الظروف مقصود إليه قصدًا، وإنما كما قلنا لم يكونوا بمستطيعين أن ينسوا النابغة وزهيرًا وعدي بن زيد وامرأ القيس وغيرهم.

كانوا بالنسبة لهم الكنوزَ التي عثروا عليها، وجمعوها من أشتات وأصقاع، فهم غير مفرطين فيها مهما جاء لهم الشعراء المحدَثون بشعر محدَث.

ولقد كانت حركة الدفاع عن الشعر القديم في جانبٍ من جوانبها نفسيَّةً، بمعنى أننا نجد هذا الموقف في كل الأزمنة، ما أن يأتي جيل جديد بجديد، إلا وانتصبتْ أمامه صفوفٌ من المدافعين عن القديم، وبعضهم قد لا يعرف القديم أبدًا.

وإذا خلتْ هذه المواقف من الجاهلين بالقديم، تصبح ظاهرةً مقبولة؛ لأنها تخفف من غلواء التطرف والاندفاع وراء الجديد، بحيث يُختار من الجديد أكثرُه أصالة، أما إذا قاد لواءها الجاهلون بالقديم، فإنهم يؤدُّون إلى نتيجة عكسية خطرة على الجديد والقديم سواء بسواء.

ابن الأعرابي:
كان من الذين ألمُّوا بالقديم إلمامًا واسعًا، فهو الذي فتح لهم ضوابط اللغة والجمال اللغوي، ومن هنا فوقوفه في وجه أبي تمام وغيره من الشعراء الجدد في زمانه، كان عن غيرة متفهمة، وليست غيرةً جاهلة كما نرى اليومَ في كثير من الجدل الذي نقرؤه.

ابن الأعرابي الناقد أراد للشعر أن يحافظ على فخامة ألفاظه، وجمال صوره، وبُعد مراميه.

أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار، الملقب بثعلب:
قال ابن خلكان: وكان سبب موته أنه خرج من الجامع وفي يده كتاب ينظر فيه، وكان قد أصابه صممٌ شديد، فصدمتْه فرس فألقتْه في هوة، فاضطرب دماغه فمات في اليوم الثاني -رحمه الله-  [11].

إبراهيم بن عبدالله بن مسلم الكجي:
أحد المشايخ المُعمَّرين، كان يحضر مجلسَه خمسون ألفًا مِمَّنْ معه محبرة سوى النظارة، ويستملي عليه سبعة مُستملين كلٌّ يبلغ صاحبه، ويكتب بعض الناس وهم قيام، وكان كلما حدَّث بعشرة آلاف حديث تصدَّق بصدقة، ولما فرغ من قراءة السُّنن عليه، عمل مأدبة غرم عليها ألف دينار، وقال: شهدت اليوم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقُبلت شهادتي وحدي، أفلا أعمل شكرًا لله -عز وجل-؟!  [12].

وروى الخطيب البغدادي بسنده عن صافي الجرمي الخادم، قال:

 انتهى المعتضد وأنا بين يديه إلى منزل شعث، وابنه المقتدر جعفر جالس فيه، وحوله نحوٌ من عشرة من الوصائف والصبيان من أصحابه في سنه عنده، وبين يديه طبقٌ من فضة فيه عنقود عنب، وكان العنب إذا ذاك عزيزًا، وهو يأكل عنبة واحدة، ثم يفرِّق على أصحابه من الصبيان كل واحد عنبة، فتركه المعتضد وجلس ناحية في بيت مهمومًا، فقلت له: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ويحك! والله لولا النار والعار لأقتلن هذا الغلام؛ فإن في قتله صلاحًا للأمة، فقلت: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك، فقال: ويحك يا صافي، هذا الغلام في غاية السخاء؛ لما أراه يفعل مع الصبيان، فإن طباع الصبيان تأبى الكرم، وهذا في غاية الكرم، وإن الناس من بعدي لا يولُّون عليهم إلا من هو من ولدي، فسَيلي عليهم المكتفي، ثم لا تطول أيامُه؛ لعلته التي به -وهي داء الخنازير- ثم يموت، فيلي الناسَ جعفر هذا الغلام، فيذهب جميع أموال بيت المال إلى الحظايا؛ لشغفه بهن، وقرب عهده من تشبُّبِه بهن، فتضيع أمور المسلمين، وتعطل الثغور، وتكثر الفتن والهرج والخوارج والشرور، قال صافي: والله لقد شاهدت ما قاله سواء بسواء  [13].

أبو أحمد العسال، محمد بن أحمد العسال الأصبهاني:
من أكابر العلماء، قال ابن منده: كتبت عن ألف شيخ، لم أرَ أفهمَ ولا أتقنَ من أبي أحمد العسال  [14].

أبو الحسين بن المنادى أحمد بن جعفر بن محمد بن يزيد:
نقل ابن الجوزي عن أبي يوسف القدسي أنه قال: صنف أبو الحسين بن المنادى في علوم القرآن أربعمائة كتاب ونيفًا وأربعين كتابًا، ولا يوجد في كلامه حشوٌ؛ بل هو نقي الكلام، جمع بين الرواية والدراية [15].

وقال الفريابي:
اجتمع سفيان والأوزاعي وعباد بن كثير بمكة، فقال سفيان: أيا أبا عمرو، حدثنا حديثك مع عبدالله بن علي عم السفاح، فقال: لما قدم الشام وقتل بني أمية، وجلس يومًا على سريره، دعا أصحابه أربعة أصناف: صنف بالسيوف المسللة، وصنف معهم الجزرة، وصنف معهم الأعمدة، وصنف معهم الكافر كوب، ثم بعث إليَّ، فلما صرت إلى الباب أنزلوني عن دابتي، وأخذ اثنان بعضدي وأدخلوني بين الصفوف، حتى أقاموني بحيث يسمع كلامي، فقال لي: أنت عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي؟ قلت: نعم أصلح الله الأمير، قال: ما تقول في دماء بني أمية؟ قال: قد كان بينك وبينهم عهود وكان ينبغي أن يثقوا به  [16]، قال: ويحك، اجعلني وإياهم لا عهد بيننا، فأجشهت نفسي وكرهت القتل، فذكرتُ مقامي بين يدي الله فلفظتها فقلتُ: دماؤهم عليك حرام، فغضب وانتفختْ أوداجه، واحمرَّت عيناه، فقال لي: ويحك ولِمَ؟ قلت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: ثيب زانٍ، ونفس بنفس، وتارك لدينه))  [17]، قال: ويحك، أليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى لعليٍّ؟ قلت: لو أوصى له لما حكّم الحكمين.

فسكتَ وقد اجتمع غضبًا، فجعلتُ أتوقع رأسي يسقط بين يدي، فقال بيده هكذا أومى أنْ أخرِجوه، فخرجت فما ابتعدت حتى لحقني فارس، فنزلت وقلت وقد بعث ليأخذ رأسي: أصلي ركعتين، فكبَّرت وأنا أصلي، فسلم وقال: إن الأمير بعث إليك هذه الدنانير، قال: ففرقتُها قبل أن أدخل بيتي  [18].

تذاكر مالك والأوزاعي مرة في المدينة من الظهر حتى صلَّيَا العصر، ومن العصر حتى صليا المغرب، فغمره الأوزاعي في المغازي، وغمره مالك في الفقه أو في شيء من الفقه.

وقال ابن زياد:
أفتى الأوزاعي في سبعين ألف مسألة بحدَّثَنا وأخبرنا.

وقال أبو زرعة:
روي عنه ستون ألف مسألة.

وقال غيرهما:
أفتى في سنة ثلاث عشرة وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة، ثم لم يزل يفتي حتى مات وعقله ذاك [19].

حج الأوزاعي مرةً فدخل مكة وسفيان الثوري آخذٌ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: أفسحوا للشيخ، حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه [20].

يحكى أن الإمام سفيان الثوري دخل على الخليفة المهدي، فأقبل عليه بوجه طلق وقال له:

 يا سفيان، تفرُّ منا ها هنا وها هنا، أتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك؟ فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ قال سفيان: إن تحكم فيَّ، يحكم فيك ملكٌ قادر، يفرِّق بين الحق والباطل، فقال الربيع وهو القائم على رأس الخليفة: ائذن لي يا أمير المؤمنين بضرب عنقه، فقال المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ ثم كتب له عهدًا على قضاء الكوفة، وأمر بألاَّ يعترض عليه بحكم، فأخذه سفيان وخرج ورمى به في دجلة.

قيل لمكحول:
مَن أعلم مَن رأيت؟
قال: ابن شهاب.

قيل له: ثم مَنْ؟
قال: ابن شهاب.

قيل له: ثم مَنْ؟
قال: ابن شهاب.

وقال العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي [21]:
ما رأيت أبي يتعجَّب من شيء ما رآه في الدنيا تعجُّبَه من الأوزاعي، كان يقول: سبحان الله! يفعل ما يشاء، وكان الأوزاعي يتيمًا فقيرًا في حجر أمه، فخرجت به أمُّه من بلد إلى بلد، إلى أن بلغته حيث رأيته، ثم يقول: يا بُني، عجزتِ الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدبَه في نفسه، ما سمعت منه كلمة قط إلا احتاج مستمعُها إلى إثباتها، ولا رأيته ضاحكًا قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد، أقول في نفسي: أيرى في المجلس قلب لم يَبكِ؟

قال مسعر بن كدام:
كنت أمشي مع سفيان الثوري فسأله رجل، فلم يكن معه ما يعطيه فبكى، فقال له: ما يبكيك؟ قال: وأي مصيبة أعظم من أن يؤمل فيك رجلٌ خيرًا، فلا يصيبه عندك؟

كان الصاحب بن عباد يقول:
لم أسمع جوابًا أطرف وأوقع وأبلغ من جواب عبادة، فإنه قال لرجل: من أين أقبلتَ؟ قال: من لعنة الله، فقال: ردَّ الله عليك غربتك.

قال ابن مفلح في كتابه "الآداب الشرعية"، ج2، ص148، 150:
فصل في مكانة حفاظ الحديث، وإقبال الألوف على مجالسهم، وحَسَد الخلفاء لهم: قال جعفر بن درستويه: كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني وقتَ العصر اليوم لمجلس غد، فنقعد طول الليل؛ مخافةَ أن لا نلحق من الغد موضعًا نسمع فيه، فرأيت شيخًا في المجلس يبول في طيلسانه، ويدرج الطيلسان؛ مخافة أن يؤخذ مكانُه إن قام للبول.

وذكر غير واحد أنه كان في مجلس يزيد بن هارون عددٌ يحزر بسبعين ألفًا.

وأمر المعتصم بحزر مجلس عاصم بن علي، فحزروا المجلس عشرين ألفًا ومائة ألف.

وأملى البخاري ببغداد، فاجتمع له عشرون ألفًا.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:38 pm

وقال أبو الفضل الزهري:
كان في مجلس جعفر الفريابي من أصحاب الحديث مَن يكتب حدود عشرة آلاف، ما بقي منهم غيري، سوى من لا يكتب.

وأملى أبو مسلم الكجي في رحبة غسان

 فكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه، وكتب الناس عنه قيامًا بأيديهم المحابر، ثم مسحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة، فبلغ ذلك نيفًا وأربعين ألف محبرة، سوى العطارة.

قال ابن الجوزي:
قد كانت الهمم في طلب العلم كما قد ذكرنا، ثم ما زالتْ تقلُّ الرغبات حتى اضمحلت، فحكى شيخنا أبو حفص عمر بن طفر المغازلي، قال: كنا في حلقة ابن يوسف نسمع الحديث، فطلبنا محبرة نكتب بها السماع، فما وجدنا، قال: وقد كان الخلفاء والكبراء يغبطون المحدثين على هذه المرتبة، ثم روى بإسناده عن محمد بن سلام الجمحي أنه قال: قيل للمنصور: هل من لذَّات الدنيا شيء لم تنلْه؟ قال: بقيتْ خصلةٌ، أنْ أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث، فيقول المستملي: من ذكرتَ - رحمك الله؟ قال: فغدا عليه الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابُهم، المتشققة أرجلُهم، الطويلة شعورُهم، برد الآفاق، ونَقَلة الحديث.

وقال يحيى بن أكثم:
قال لي الرشيد: ما أنبل المراتب؟ قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين، قال: فتعرف أجلَّ مني؟ قلت: لا، قال: لكني أعرفه: رجلٌ في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: يا أمير المؤمنين، هذا خيرٌ منك، وأنت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وولي عهد المسلمين؟! قال: نعم، ويلك هذا خير مني؛ لأن اسمه مقترن باسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يموت أبدًا، ونحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر.

وقال المأمون:
ما طلبتْ مني نفسي شيئًا إلا وقد نالتْه، ما خلا هذا الحديث، فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي ويقال لي: من حدثك؟ فأقول: حدثني فلان، قيل له: يا أمير المؤمنين، فلِمَ لا تحدث؟ قال: لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث.

وقال يحيى بن أكثم:
وليت القضاء، وقضاء القضاء، والوزارة، وكذا وكذا، ما سررتُ لشيء كسروري بقول المستملين: مَنْ ذكرت - رضي الله عنك؟

بينما ابن عباس جالسٌ في مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ما كفَّ بصرُه، وحوله ناس من قريش، إذ أقبل أعرابي يخطر وعليه مطرف خز، وجبَّة وعمامة خز، حتى سلم على القوم، فردُّوا عليه السلام، فقال: أيا ابن عم رسول الله، أفتني، قال: في ماذا؟ قال: أتخاف عليَّ جناحًا إن ظلمني رجل فظلمته، وشتمني فشتمته، وقصّر بي فقصرت به؟ فقال: العفو خير، ومن انتصر فلا جناح عليه، فقال: يا ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرأيت امرأ أتاني فوعدني وغرَّني ومنَّاني، ثم أخلفني واستخف بحرمتي، أيسعني أن أهجوه؟ قال: لا يصلح الهجاء؛ لأنه لابد لك من أن تهجو غيرَه من عشيرته، فتظلم مَنْ لم يظلمْك، وتشتم مَنْ لم يشتمك، وتبغي على مَنْ لم يبغِ عليك، والبغي مرتعٌ وخيم، وفي العفو ما قد علمتَ من الفضل، قال: صدقتَ وبرِرتَ.

فلم ينشب أن أقبل عبدالرحمن بن سيحان المحاربي حليف قريش، فلما رأى الأعرابي، أجلَّه وأعظمه وألطف في مسألته، وقال: قرَّب الله دارك يا أبا مليكة، فقال ابن عباس: أجرول؟ قال: جرول، فإذا هو الحطيئة، فقال ابن عباس: لله أنت، أي مردي قذاف وذائد عن عشيرته، ومثنى بعارفه تؤتاها أنت يا أبا مليكة، والله لو كنت عركت بجنبك بعض ما كرهت من أمر الزبرقان كان خيرًا لك، ولقد ظلمت من قومه من لم يظلمك، وشتمت من لم يشتمك، قال: إني والله بهم يا أبا العباس لَعالمٌ، قال: ما أنت بأعلم بهم من غيرك، قال: بلى والله -يرحمك الله-.

ثم أنشأ يقول:
أَنَا ابْنُ بَجْدَتِهِمْ عِلْمًا وَتَجْرِبَةً
فَسَلْ بِسَعْدٍ تَجِدْنِي أَعْلَمَ النَّاسِ
سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ كَثِيرٌ إِنْ عَدَدْتَهُمُ
وَرَأْسُ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ آلُ شَمَّاسِ
وَالزِّبْرِقَانُ ذُنَابَاهُمْ وَشَرُّهُمُ
لَيْسَ الذُّنَابَى أَبَا العَبَّاسِ كَالرَّاسِ


فقال ابن عباس:
أقسمت عليك ألا تقول إلا خيرًا، قال: أفعل، ثم قال ابن عباس: يا أبا مليكة مَنْ أشعر الناس؟ قال: أمن الماضين أم من الباقين؟ قال: من الماضين؟

قال: الذي يقول:
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ
يَفِرْهُ وَمَنْ لاَ يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ


وما بدونه الذي يقول:
وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لاَ تَلُمُّهُ
عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ المُهَذَّبُ

ولكن الضراعة أفسدتْه كما أفسدت جرولاً -يعني نفسه- واللهِ يا ابن عم رسول الله، لولا الطمع والجشع لكنتُ أشعر الناس الماضين، فأما الباقون فلا تشكك أني أشعرهم وأصوبهم سهمًا إذا رميت [22].

كان أبو بكر بن الأنباري

 يحفظ كل جمعة عشرة آلاف ورقة [23].

كان أبو العلاء الهمذاني

يحفظ من جملة محفوظاته كتاب "الجمهرة" [24].

محمد بن يحيى الزبيدي القرشي:

صنف كتبًا في فنون العلم تزيد على مائة تصنيف [25].

أبو النجيب السهروردي

 حفظ كتاب الوسيط في التفسير للواحدي [26].

ابن حمويه اليزدي علي بن أحمد بن الحسين:

زادت مصنفاته على خمسين مصنفًا [27].

عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد أبو القاسم السهيلي:

 استخرج "الروض الأنف" من نيف وعشرين ومائة ديوان [28].

ابن يونس موسى بن محمد بن منعة، المعروف بابن يونس الموصلي الشافعي:
أحد المتبحرين في العلوم المتنوعة، قيل: إنه كان يتقن أربعة عشر علمًا، كان يقرأ عليه الحنفيون كتبهم، وكان يقرأ عليه أهل الكتاب التوراة والإنجيل، فيقرُّون أنهم لم يسمعوا بمثل تفسيره لها، وكان الشيخ تقي الدين بن الصلاح يبالغ في الثناء عليه، فقيل له يومًا: من شيخُه؟ فقال: هذا الرجل خلقه الله عالمًا، لا يقال: على من اشتغل؟ فإنه أكبر من هذا، قال ابن خلكان: وكان يتهم في دينه؛ لكون العلوم العقلية غالبة عليه، توفي سنة 639هـ [29].

أبو عمر محمد بن عبدالواحد الزاهد، المعروف بغلام ثعلب:
أحد أئمة اللغة المشاهير المكثرين، صحب أبا العباس ثعلبًا فعُرف به، وله تصانيفُ كثيرة، وكانت تسعه روايتُه وحفظه، يكذبه أدباء زمانه في أكثر نقل اللغة، ويقولون: لو طار طائر يقول أبو عمر: حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي، ويذكر في معنى ذلك شيئًا كثيرًا، وكان أغلب تصانيفه من حفظه، حتى إنه أملى في اللغة ثلاثين ألف ورقة؛ فلهذا الإكثار نُسب إلى الكذب، قال الملك المؤيد صاحب حماة في تاريخه: وكان اشتغاله بالعلوم قد منعه من اكتساب الرزق، فلم يزل مضيقًا عليه، توفي سنة 345هـ.

ابن مقلة الوزير:
أحد المشاهير الكتاب، محمد بن علي بن الحسين بن عبدالله أبو علي، المعروف بابن مقلة الوزير، كان له بستان كبير جدًّا، وعليه جميعه شبكة من أبريسم، وفيه من الطيور والقمارى والهزار والطواويس شيءٌ كثير، وفيه من الغزلان وبقر الوحش وحميره والنعام والأيل شيء كثير أيضًا، ولي الوزارةَ لثلاثة من الخلفاء: المقتدر والظاهر والراضي، وبنى له دارًا، فجُمع عند بنائها خلقٌ كثير من المنجمين، فاتَّفقوا على أن تبنى في الوقت الفلاني، فأسس جدرانها بين العشاءين كما أشاروا، فما لبث بعد استتمامها إلا يسيرًا.

وقد أنشد فيه بعض الشعراء:
قُلْ لاِبْنِ مُقْلَةَ مَهْلاً لاَ تَكُنْ عَجِلاً
وَاصْبِرْ فَإِنَّكَ فِي أَضْغَاثِ أَحْلاَمِ
تَبْنِي بِأَنْقَاضِ دُورِ النَّاسِ مُجْتَهِدًا
دَارًا سَتَنْقَضُّ أيَضًا بَعْدَ أَيَّامِ
مَا زِلْتَ تَخْتَارُ سَعْدًا تَطْلُبُهُ لَهَا
فَلَمْ تُوَقَّ بِهَا مِنْ نَحْسِ بَهْرَامِ
إِنَّ القُرَانَ وَبَطْلَيْمُوسَ مَا اجْتَمَعَا
فِي حَالِ نَقْضٍ وَلاَ فِي حَالِ إِبْرَامِ


ثم عزل عن وزارته، وأحرقتْ دارُه، وانقلعت أشجاره، وقُطعت يده، ثم قُطع لسانه، وأغرم ألف ألف دينار، ثم سجن وحده، مع الكبَر والضعف والضرورة، وكان يستقي الماء بنفسه من بئر عميق يدلي الحبل بيده اليُسرى ويمسكه بفيه، وقاسى جهدًا جهيدًا، حتى مات في الحبس سنة 328هـ.

ومن نظمه وهو يبكي على يده:
إِذَا مَا مَاتَ بَعْضُكَ فَابْكِ بَعْضًا
فَإِنَّ البَعْضَ مــِنْ بَعْضٍ قَرِيبُ
[30]

ابن الدهان:
ناصح الدين أبو محمد سعيد، المعروف بابن الدهان النحوي البغدادي، شارح كتاب "الإيضاح والتكملة" وكتاب "اللمع" لابن جني، وكان يفضل على أبي محمد الجواليقي وابن الخشاب الشجري المعاصرينِ له، انتقل إلى الموصل قاصدًا جناب الوزير جمال الدين الأصفهاني المعروف بالجواد، وكانت كتبه ببغداد، واستولى الغرق في تلك السنة على البلد فغرقت كتبه، وكان خلف داره مدبغة، ففاضت بالغرق إلى بيته، فتلفت كتبُه بهذا السبب زيادة على تلف الغرق، فأرسل من أحضرها له وكان قد أفنى عمره فيها، فأشاروا عليه أن يطيبها بالبخور ويصلح ما أمكنه فيها، فبخرها باللاذن ولازمها بالبخور، إلى أن بخَّرها بأكثر من ثلاثين رطلاً لاذنًا، فطلع ذلك إلى رأسه وعينيه فأحدث له العمى، توفي سنة 569هـ [31].

محمد بن الزيات:

أبو جعفر بن عبدالملك، وزير المعتصم ثم ابنه هارون الواثق، ثم لما مات الواثق أشار هو بتولية ولده، وأشار القاضي أحمد بن أبي دؤاد بتولية أخيه المتوكل، وتم أمر المتوكل فحقد ذلك عليه، مضمومًا إلى حقده عليه القديم؛ لأنه كان يغلظ عليه في حياة الواثق تقرُّبًا إليه، وكان ابن الزيات قد صنع تنورًا من حديد في أيام وزارته، وله مسامير محددة إلى داخله، يعذِّب فيه الناس، وكان يقول إذا استرحم: الرحمة خور في الطبيعة، فلما اعتقله المتوكل أدخله التنور، وقيده بخمسة عشر رطلاً من الحديد، ومات في التنور سنة 333هـ [32].


 فوجد قد كتب في التنور بفحمة:
مَنْ لَهُ عَهْدٌ بِنُو
رٍ يُرْشِدُ الصَّبَّ إِلَيْهِ
سَهِرَتْ عَيْنِي وَنَامَتْ
عَيْنُ مَنْ هُنْتُ عَلَيْهِ
رَحِمَ اللَّهُ رَحِيمًا
دَلَّ عَيْنِي عَلَيْهِ


أبو حامد الإسفرايني:

 أحمد بن محمد بن أحمد، أبو حامد الإسفرايني، طبق الشيخ أبو حامد الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقِّهٍ، واتَّفق الموافق والمخالف على تفضيله، حتى قال أبو الحسين القدوري: هو عندي أفقه أو أنظر من الشافعي، وأفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، وقام يفتي إلى ثمانين سنة، انتهتْ إليه رئاسة الدين والدنيا، حتى إنه قال للخليفة: إنك لست بقادر على عزلي من ولايتي التي أولاني الله - تعالى - إيَّاها، وأنا أقدر أن أكتب إلى خراسان بكلمتين أو ثلاثة، أعزلك عن خلافتك، وأرسل إلى مصر فاشترى أمالي الشافعي بمائة دينار.

قال السبكي في الطبقات عن سليم الرازي:

إن الشيخ أبا حامد كان يحرس في درب، وكان يطالع في زيت الحرس، ويأكل من أجرة الحرس، توفي في شوال سنة 456هـ.

محمد بن عبدالرزاق بن رزق بن أبي بكر العدل العالم شمس الدين بن محمد المحدث الرسعني الحنبلي:

 كان من أعيان الشهود تحت الساعات.


ومن شعره:
وَلَوْ أَنَّ إِنْسَانًا يُبَلِّغُ لَوْعَتِي
وَوَجْدِي وَأَشْجَانِي إِلَى ذَلِكَ الرَّشَا
لأَسْكَنْتُهُ عَيْنِي وَلَمْ أَرْضَهَا لَهُ
وَلَوْلاَ لَهِيبُ القَلْبِ أَسْكَنْتُهُ الحَشَا


سافر إلى مصر في شهادة، ثم عاد على حمار، فسُرق حماره وما عليه في الطريق، فرجع إلى القاهرة شاكيًا فلم يحصل له مقصود، فخرج متوجهًا إلى دمشق، فأتى ليسقي فرسه بالتشريعة فغرق، ولم يظهر له خبر، توفي سنة 689هـ.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:44 pm

أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه الكوفي:
أحد الأئمة المتبوعين، كان يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أميرَ العراقين، فأراده لقضاء الكوفة أيام مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، فأبى فضربَه مائة سوط وعشرة أسواط، كل يوم عشرة أسواط، وبقي على الامتناع وسجنه فتوفي بالسجن في أحد القولين سنة 150 هـ ببغداد [33].

أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر أبو حاتم الحنظلي الرازي:
أحد الأَثْبات العارفين بعلل الحديث والجرح والتعديل، وهو قرين أبي زرعة الرازي - تغمَّدهما الله برحمته - سمع الكثير وطاف الأقطار والأمصار، وروى عن خلق من الكبار، وحدَّث عنه الربيع بن سليمان ويونس بن عبدالأعلى وهما أكبر منه، قال لابنه عبدالرحمن: يا بني مشيتُ على قدمي في طلب الحديث أكثر من ألف فرسخ، وذكر أنه لم يكن له شيء ينفق منه في بعض الأحيان، وأنه مكث ثلاثًا لا يأكل شيئًا حتى استقرض من بعض أصحابه نصف دينار، توفي سنة 277 هـ [34].

ابن الخشَّاب:
أبو محمد عبدالله بن أحمد المعروف بابن الخشاب البغدادي، العالم المشهور في الأدب والنحو والتفسير والحديث والنسب والفرائض والحساب، له في العلوم اليد الطولى، كان فيه بذاذة وقلَّة اكتراث بالمأكل والملبس، زاد الحافظ الذهبي ناقلاً له عن ابن النجار وجمال الدين القفطي أنه كان بخيلاً قذرًا تبقى عمامته على رأسه حتى تتقطع مما يلي رأسه من الوسخ، ويرمي عليها العصافير ذرقها، فيتركه على حاله، ولم يتزوج قط ولا تسرَّى، وكان يستقي بجرة مكسورة، ويلعب بالشطرنج حيثما وجده، ويقف على المشعبذ وأصحاب النرود، ويستعير الكتاب فلا يعيده متعللاً بضياعه بين كتبه، وكان مزَّاحًا... [35].

أبو الوقت السجزي:
عبدالأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم ابن إسحاق أبو الوقت السجزي الأصل، الهروي الصوفي مسند العصر ورحلة الدنيا، روى عن خلائق، وروى عنه أمم لا يحصون، حكى عنه والده أنه أخذ ماشيًا من هراة إلى بوشنج ليسمعَه الحديث، وكان أبوه أيضًا ماشيًا، فكان إذا أعيا حمله على كتفه وعمره إذ ذاك دون عشر سنين قال: وكنا نلتقي على أفواه الطرق فلاحين، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إليه هذا الطفل نركبه وإياك، فيقول: معاذ الله أن يركب في طلب حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فلحسن نية الوالد صارتِ الوفود ترحل إليَّ من الأمصار، توفي سنة 553 هـ [36].

أبو الطيب الطبري طاهر بن عبدالله بن طاهر بن عمر أبو الطيب الطبري:
شيخ الشافعية، أخذ عن أبي حامد الإسفرايني وأبي الحسن الماسرجسي، وصنَّف في الأصول والجدل وغير ذلك، كان له ولأخيه عمامة وقميص، إذا لبسهما هذا جلس الآخر في البيت.

وقد قال في ذلك القاضي أبو الطيب:
قَوْمٌ إِذَا غَسَلُوا ثِيَابَ جمَالِهِمْ
لَبِسُوا البُيُوتَ إِلَى فَرَاغِ الغَاسِلِ


بلغ مائة وستين سنة صحيح العقل والفهم والأعضاء، يُفتي ويقضي ويشتغل، توفي سنة 450 هـ.

مالك بن أنس بن أبي عامر بن الحارث بن غياث بن غيمان -بالغين المعجمة-:
أبو عبدالله الإمام المدني أحد أئمة الإسلام سعى به آل جعفر بن سليمان بن علي ابن عمِّ أبي جعفر المنصور، فدعا به وجرَّده وضربه سبعين سوطًا، ومدتْ يداه حتى انخلع كتفاه، وسبب ضربه أنهم سألوه عن مبايعة محمَّد بن عبدالله بن حسن، وقالوا له: إنَّ في أعناقنا مبايعة أبي جعفر، فقال: إنما بايعتم مُكرَهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى محمد فسعى به فضُرِب لذلك، ثم لم يزل بعده في علوٍّ ورفعة، كأنما كانت تلك السياط حليًّا تحلَّى بها، توفي سنة 174 هـ [37].

قال الزِّركلي في "الأعلام": ابن سريج (249- 306 هـ):
أحمد بن عمر بن سريج البغدادي أبو العباس، فقيه الشافعية في عصره، مولده ووفاته في بغداد، له نحو 400 مصنف، وكان يلقَّب بالباز الأشهب، ولي القضاء بشيراز وقام بنصرة المذهب الشافعي فنشره في أكثر الآفاق حتى قيل: بعث الله عمر بن عبدالعزيز على رأس المائة من الهجرة، فأظهر السنة وأمات البدعة، ومَنَّ الله في المائة الثانية بالإمام الشافعي، فأحيا السنة وأخفى البدعة، ومَنَّ بابن سريج في المائة الثالثة فنصر السنن وخذل البدع، وكان حاضرَ الجواب، له مناظرات ومساجلات مع محمد بن داود الظاهري، وله نظم حسن [38].

كان الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي:
 لا يرى منكرًا إلا غيَّره بيده أو لسانه، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، قال ضياء الدين المقدسي: ولقد رأيته مرة يهريق خمرًا فجبذ صاحبه السيف فلم يخف من ذلك وأخذه مِن يده، وكان -رحمه الله- قويًّا في بدنه وفي أمر الله، وكثيرًا ما كان ينكر المنكر، ويكسر الطنابير والشبابات.

قيل لابن المبارك:
إلى متى تطلب العلم؟
قال: حتى الممات إن شاء الله، وقيل له مرة أخرى مثل ذلك فقال: لعلَّ الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد.

وسُئِل أبو عمرو بن العلاء:
حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلَّم؟
فقال: ما دام تحسن به الحياة.

وسُئِل سفيان بن عيينة:
مَن أحوج الناس إلى طلب العلم؟
قال: أعلمهم؛ لأن الخطأ منه أقبح.

وقال ابن أبي غسان:
لا تزال عالمًا ما كنت متعلمًا، فإذا استغنيت كنت جاهلاً.

عن أبي موسى الأشعري قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أيُّما رجل كانت عنده وليدة فعلَّمها وأحسنَ تعليمها، وأدَّبها فأحسن تأديبها وأعتقها فتزوَّجها، فله أجران، وأيُّما رجل من أهل الكتاب آمنَ بنبيه وآمنَ بي فله أجران، وأيُّما مملوك أدَّى حقَّ مواليه وأدَّى حق ربه فله أجران)) [39].

قال الشعبي بعد روايته لهذا الحديث:
خذْها بغير شيء قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة.

وروى خالد بن خداش البغدادي قال:
ودعت مالك بن أنس فقلت: يا أبا عبدالله أوصني فقال: عليك بتقوى الله في السر والعلانية، والنصح لكل مسلم، وكتابة العلم من عند أهله.

وعن الأعمش قال:
قال لي إبراهيم وأنا شاب في فريضة: احفظ هذه لعلك أن تُسْأَل عنها.

وكان عروة بن الزبير يقول لبنيه:
يا بني إن أزهد الناس في عالمٍ أهلُه، فهلمُّوا إليَّ فتعلموا منِّي، فإنكم توشكون أن تكونوا كبارَ قوم، إني كنت صغيرًا لا يُنْظَر إليَّ فلمَّا أدركت من السن ما أدركت جعل الناس يسألونني، وما شيء أشد على امرئ من أن يُسْأَل عن شيء من أمر دينه فيجهله.

وكان يقال:
من أدَّب ولده أرغم أنفَ عدوِّه.

وقال ابن عون عن محمد قال:
كانوا يقولون: أكرم ولدك، وأحسن أدبه.

وقال يوسف بن يعقوب بن الماجشون:
قال لنا ابن شهاب ونحن نسأله: لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدَّة عقولهم.

وقال عبدالملك بن عبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون:
أتيت المنذر بن عبدالله الخزامي وأنا حديث السن، فلما تحدَّثت إليه اهتز إليَّ على غيري؛ لما رأى فيَّ بعض الفصاحة فقال لي: مَن أنت؟ فقلت له: عبدالملك بن عبدالعزيز بن أبي سلمة، فقال: اطلب العلم فإن معك حذاءك وسقاءك.

قال إبراهيم بن المنذر الخزامي:
ما رأيت شابًّا قط لا يطلب العلم ولا سيما إذا كانت له حدة إلا رحمتُه.

وروى ابن أبي الزناد عن أبيه قال:
رأيت عمر بن عبدالعزيز يأتي عبيدالله بن عبدالله يسأله عن علم ابن عباس فربما أذن له وربما حجبه.

وكان مالك يقول:
إنَّ هذا الأمر لن ينال حتى يذاق فيه طعم الفقر، وذكر ما نزل بربيعة من الفقر في طلب العلم، حتى باع خشب سقف بيته في طلب العلم، وحتى كان يأكل ما يلقى على مزابل المدينة من الزبيب وعصارة التمر.

وكان سحنون يقول:
لا يصلح العلم لِمَن يأكل حتى يشبع، ولا لِمَن يهتم بغسل ثوبه.

وقال أيوب:
إنك لا تعرف خطأ معلمك حتى تجالِسَ غيره.

وقال قتادة:
لو كان أحد يكتفي من العلم بشيء لاكتفى موسى -عليه السلام- ولكنه قال: هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدًا.

وقال علي -رضي الله عنه-:
تزاوروا وتذاكروا الحديث، فإنكم إن لم تفعلوا يدرس علمكم.

وعن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء:
أنه كان يأتي صبيان الكُتاب فيعرض عليهم حديثه كي لا ينسى.

وقال إبراهيم:
إذا سمعت حديثًا فحدِّث به حين تسمعه، ولو أن تحدث به مَن لا يشتهيه، فإنه يكون كالكتاب في صدرك.

وقال يزيد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى:
إحياء الحديث مذاكرته، فقال له عبدالله بن شداد: يرحمك الله، كم من حديث أحييته في صدري قد كان مات.

وقال الخليل بن أحمد:
كن على مدارسة ما في صدرك أحرص منك على مدارسة ما في كتبك.

وقال الرياشي:
سمعت الأصمعي وقيل له: كيف حفظت ونسي أصحابك؟ قال: درست وتركوا.

عن يونس بن يزيد قال:
قال لي ابن شهاب: يا يونس، لا تكابر العلم، فإن العلم أودية فأيها أخذت فيه قطع قبل أن تبلغه، ولكن خذه مع الأيام والليالي، ولا تأخذ العلم جملة؛ فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي.

وعن أبي سعيد قال:
تذاكروا الحديث، فإن الحديث يهيج الحديث.

التوحيدي [40]:
النهضة التي نشرت فيها نفائس المخطوطات تجلت بها شخصية (أبي حيان التوحيدي) في كتبه المتعددة بين الدراسات الأدبية والاجتماعية، فهي الآن بعد نحو ألف سنة من وفاته يذكر بها، كان هذا الأديب منكودًا يشكو القلة وضَعَة الحال، فلم يلقَ ممَّن صحبهم من الأمراء والوزراء إلا جحود فضله وإساءة معاملته، حتى ضاق بأمره واستبدَّت به المحنة فأدَّت به إلى أزمة نفسية غضب فيها عن عمله ونقم من كتبه فأحرقها جميعًا.

وما ينشر اليوم من مؤلفاته هو مما كتب عنه في حياته، ومما خرجت نسخه من يده قبل هذا الحريق المشؤوم، وقد كتب إليه القاضي أبو سهل يعذله على سوء صنيعه في إحراق كتبه، فأجابه برسالة طويلة تفيض يأسًا وكمدًا يقول فيها: "... هذه الكتب حوَت من أصناف العلم سره وعلانيته؛ فأما ما كان سرًّا فلم أجد له مَن يتحلَّى بحقيقته راغبًا، وأما ما كان علانية فلم أجد مَن يحرص عليه طالبًا.

إني فقدت ولدًا نجيبًا وصديقًا حبيبًا وصاحبًا قريبًا وتابعًا أديبًا ورئيسًا مشيبًا، فشق علي أن أدع كتبي للقوم يتلاعبون بها ويدنسون عرضي إذا نظروا فيها، ويشمتون بسهوي وغلطي إذا تصفحوها، ويتراءون نقصي وعيبي في أجلها.

ولي في إحراق هذه الكتب أسوة بأئمة يقتدى بهم، هذا داود الطائي طرح كتبه في البحر وقال يناجيها: نعم الدليل كنت والوقوف مع الدليل بعد الوصول عناء وذهول وبلاء وخمول، وهذا أبو سليمان الداراني جمع كتبه في تنُّور، وزجَّ به في النار، ثم قال: والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك، وهذا وهذا، على أنك لو علمت في أي حال غلب عليَّ ما فعلت وعند أي مرض وعلى أية عسرة وفاقة، لعرفت من عذري أضعاف ما أبديته واحتججت لي بأكثر مما نشرته وطويته.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 1:53 pm

قالت عائشة -رضي الله عنها-:
نِعْمَ النساءُ نساءُ الأنصار؛ لم يمنعهن الحياءُ أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه.

وروى عبدالله بن بريرة:
أن معاوية بن أبي سفيان سأل دعبلاً النسَّابة فسأله عن العربية وسأله عن أنساب الناس وسأله عن النجوم فإذا رجل عالم، فقال: يا دعبل من أين حفظت هذا؟ قال: حفظت هذا بقلب عقول ولسان سؤول.

وسُئِلَ الأصمعي:
بم نلت ما نلت؟
قال: بكثرة سؤالي وتلقي الحكمة الشرود.

وقال الحسن:
مَن استتر عن طلب العلم بالحياء لبس للجهل سرباله، فاقطعوا سرابيل الجهل عنكم بدفْع الحياء في العلم؛ فإنه مَن رَقَّ وجهه رَقَّ علمه.

وقال يحيى بن أبي كثير:
لا يُنال العلم براحة البدن.

قال الشعبي:
ما علمت أنَّ أحدًا من الناس كان أطلب لعلم في أفق من الآفاق من مسروق.

وقال بسر بن عبدالله الحضرمي:
إن كنت لأركب إلى المصر من الأمصار في طلب الحديث الواحد لأسمعه.

وقال الشعبي:
لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن ليسمع كلمة حكمة ما رأيت أن سفره ضاع.

وقال مالك بن أنس:
لا ينبغي لأحد يكون عنده العلم أن يترك التعلم.

أبو علي عبدالرحيم بن علي بن الحسن اللخمي البيساني ثم العسقلاني ثم المصري، محي الدين، وقيل:
مجير الدين، الوزير صاحب ديوان الإنشاء وشيخ البلاغة، ولد سنة 529 هـ وقيل: إن مسودات رسائله لو جمعت بلغت مائة مجلد، وكان له حدبة يخفيها الطيلسان، وله آثار جميلة وأفعال حميدة، مات في سابع ربيع الآخرة سنة 596 هـ ودفن بالقرافة [41].

وقال سفيان الثوري:
لا أعلم من العبادة شيئًا أفضل من أن يعلم الناس العلم.

وقال ميمون بن مهران:
بنفسي العلماء هم ضالَّتي في كل بلد وهم بغيتي إذا لم أجدهم، وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء.

وقال الحسين:
مَن طلب الحديث يريد به وجه الله كان خيرًا مما طلعت عليه الشمس.

وقال ابن مسعود:
نعم المجلس مجلس تنشر فيه الحكمة، وترجى فيه الرحمة.

وقال الزهري:
ما عُبد الله بمثل العلم.

وقال الحسن:
إن الرجل ليتعلم الباب من العلم فيعمل به خيرٌ من الدنيا وما فيها.

وقال ميمون:
إن مثَل العالم في البلد كمثَل عين عذبة في البلد.

وقال سفيان الثوري:
ما يُراد الله -عز وجل- بشيء أفضل من طلب العلم، وما طلب العلم في زمان أفضل منه اليوم.

وقال الحسن:
إن كان الرجل ليصيب الباب من أبواب العلم فينتفع به فيكون خيرًا له من الدنيا لو جعلها في الآخرة.

وقال سفيان لرجل من العرب:
ويحكم، اطلبوا العلم فإني أخاف أن يخرج العلم من عندكم فيصير إلى غيركم فتذلون، اطلبوا العلم فإنه شرف في الدنيا وشرف في الآخرة.

وقال بعض العلماء:
من شرف العلم وفضله أن كل منه نسب إليه فرح بذلك، وإن لم يكن من أهله، وكل مَن دفع عنه ونسب إلى الجهل عزَّ عليه ونال ذلك من نفسه، وإن كان جاهلاً.

وقال ابن شهاب:
العلم ذكَر يحبه ذكورة الرجالة ويكرهه مؤنثوهم.

ويُقال:
مثَل العلماء مثَل الماء حيثما سقطوا نفعوا.

وقال أبو الأسود الدؤلي:
الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك.

وقال عبدالملك بن مرْوان لبنيه:
يا بني، تعلموا العلم؛ فإن استغنيتم كان لكم كمالاً، وإن افتقرتم كان لكم مالاً.

وعن زيد بن ثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
((نضَّر الله امرأ سمع منَّا حديثًا فحفظه وبلَّغه غيره، فرُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ، ثلاثٌ لا يغل عليهن قلبُ مسلم: إخلاص العمل لله، ومُناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم))، وفي رواية أخرى: ((نضَّر الله امرأ سمع منَّا حديثًا فحفظه حتى يُبلغه غيره، فرُبَّ حاملُ فقهً ليس بفقيهٍ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هو أفقه منه)) [42].

وعن ابن مسعود قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نضَّر الله امرأ سَمِعَ منَّا حديثًا فحفظه حتى يُبلغه فرُبَّ مُبلَّغ أوعى من سامع)) [43].

وروى يحيى بن أبي كثير عن الأزدي قال:
سألت ابن عباس عن الجهاد؟ فقال: ألا أدلك على خيرٍ من الجهاد؟ فقلت: بلى، قال: تبني مسجدًا وتعلم فيه الفرائض والسنة والفقه في الدين.

وقال أبو الدرداء:
ما من أحد يغدو إلى المسجد لخير يتعلمه أو يُعلمه إلا كتب له أجر مجاهد لا ينقلب إلا غانمًا.

وروى أبو يوسف عن أبي عن أبي حنيفة قال:
حججت مع أبي سنة ثلاث وتسعين ولي ست عشرة سنة، فإذا شيخ قد اجتمع الناس عليه، فقلت لأبي: مَن هذا الشيخ؟ فقال: هذا رجلٌ قد صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقال له: عبدالله بن الحارث بن جزء، فقلت لأبي: فأي شيء عنده؟ قال: أحاديث سمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت لأبي: قدِّمني إليه حتى أسمع منه، فتقدم بين يدي وجعل يفرج الناس حتى دنوت منه فسمعته يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن تفقَّه في دين الله كفاه الله همَّه ورَزَقه من حيث لا يحتسب)) [44].

وقال علي:
العلم خيرٌ من المال؛ لأن المال تحرسه والعلم يحرسك، والمال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، مات خُزَّان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة.

وقال المبرد:
كان يقال: تعلموا العلم فإنه سببٌ إلى الدين، ومنبهة للرجل، ومؤنس في الوحشة، وصاحب في الغربة، ووصلة في المجالس، وجالب للمال، وذريعة في طلب الحاجة.

وقال ابن المقفع:
اطلبوا العلم، فإن كنتم ملوكًا برزتم، وإن كنتم سوقة عشتم.

وقال أيضًا:
إذا أكرمك الناس بمال أو سلطان فلا يعجبك ذلك؛ فإن زوال الكرامة بزوالها، ولكن ليعجبك إذا أكرموك لعلم أو دين.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((مَن سُئِلَ عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)) [45].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاثة أشياء: من صدقةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٌ يُنتفعُ به بعده، أو ولدٍ صالح يدعو له)) [46].

وقال الشافعي:
لطلبُ العلم أفضل من الصلاة النافلة.

وقال سفيان الثوري:
ما من عمل أفضل من طلب العلم إذا صحَّت النية، وقال أيضًا: لا أعلم من العبادة شيئًا أفضل من أيٍّ يعلِّم الناس العلم.

وقال الحسن:
اغدُ عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا، ولا تكن رابعًا فتهلِك.

وقال ابن مسعود:
اغدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تغدُ إمَّعة بين ذلك.

قال أبو بكر بن دريد:
أَهْلاً وَسَهْلاً بِالَّذِينَ أُحِبُّهُمْ
وَأَوَدُّهُمْ فِي اللهِ ذِي الآلاَءِ
أَهْلاً بِقَوْمٍ صَالِحِينَ ذَوِي تُقًى
غُرِّ الوُجُوهِ وَزَيْنِ كُلِّ مَلاَءِ
يَسْعَوْنَ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ بِعِفَّةٍ
وَتَوَقُّرٍ وَسَكِينَةٍ وَحَيَاءِ
وَمِدَادُ مَا تَجْرِي بِهِ أَقْلاَمُهُمْ
أَزْكَى وَأَفْضَلُ مِنْ دَمِ الشُّهَدَاءِ
يَا طَالِبِي عِلْمِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
مَا أَنْتُمُ وَسِوَاكُمُ بِسَوَاءِ


قال ابن شهاب الزهري:
إن للعلم غوائل؛ فمن غوائله أن يترك حتى يذهب بعلمه، ومن غوائله النسيان، ومن غوائله الكذب فيه، وهو شرُّ غوائله.

وقال أيضًا:
إنما يُذهب العلم النسيان وترك المذاكرة.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 2:13 pm

وقال الحسن:
غائلة العلم النسيان وترك المذاكرة.

وكان علقمة يقول:
كرِّروه لئلاَّ يدرس.

وعن طاووس قال:
إن من السنَّة أن توقِّر العالم.

قال ابن شهاب الزهري:
إني لأمرُّ بالبقيع فأسدُّ آذاني؛ مخافة أن يدخل فيها شيء من الخنا، فوالله ما دخل أذني شيءٌ قط فنسيته.

وعن هشام بن عروة عن أبيه:
أنه احترقت كتبه يوم الحرة، وكان يقول: وددت لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي.

وذكر محمد بن عبدالله بن نزار قال:
أقام شهاب بن عبدالملك كاتبَين يكتبان عن الزهري، فأقامَا سنة يكتبان عنه.

وقال الخليل بن أحمد:
ما سمعت شيئًا إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته إلا نفعني.

وعن هشام بن عروة قال:
قال لي أبي: كتبت؟ قلت: نعم، قال: عارضت؟ قلت: لا، قال: لم تكتب.

وقال عبدالرزاق:
سمعت معمرًا يقول: لو عورض الكتاب مائة مرة ما كاد يسلم من أن يكون فيه سقط، أو قال: خطأ.

ومما ينسب إلى منصور الفقيه:
عِلْمِي مَعِي حَيْثُ مَا يَمَّمْتُ أَحْمِلُهُ
بَطْنِي وِعَاءٌ لَهُ لاَ بَطْنُ صُنْدُوقِ
إِنْ كُنْتُ فِي البَيْتِ كَانَ العِلْمُ فِيهِ مَعِي
أَوْ كُنْتُ فِي السُّوقِ كَانَ العِلْمُ فِي السُّوقِ


وقيل للأعمش:
يا أبا محمد، قد أحييت العلم بكثرة مَن يأخذه عنك، فقال: لا تعجبوا؛ فإن ثلثًا منهم يموتون قبل أن يدركوا، وثلثًا يلزمون السلطان فهم شر من الموتى، ومن الثلث الثالث قليل مَن يفلح.

قال ابن وهب:
ما تعلمت من أدب مالك أفضلُ من علمه.

ويُقال:
ثلاثة لابُدَّ لصاحبها أن يسود: الفقه، والأمانة، والأدب.

وقال الحجَّاج لخالد بن صفوان:
مَن سيد أهل البصرة؟ فقال له: الحسن، فقال: وكيف ذلك وهو مولًى؟ فقال: احتاج الناس إليه في دينهم، واستغنى عنهم في دنياهم، وما رأيت أحدًا من أشراف أهل البصرة إلا وهو يروم الوصول في حلقته ليستمع قوله، ويكتب علمه، فقال الحجاج: هذا والله السؤدد.

وحجَّ معاوية في بعض الحجات فابتنى بالأبطح مجلسًا، فجلس عليه ومعه زوجته ابنة قرظة بن عبدعمرو بن نوفل، فإذا هو بجماعة على رحال لهم...

وإذا شابٌّ منهم قد رفع عقيرة يغني:
وَأَنَا الأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُنِي
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ مِنْ بَيْتِ العَرَبْ
مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا
يَمْلَأُ الدَّلْوَ إِلَى عَقْدِ الكرَبْ


فقال معاوية:
مَن هذا؟ فقالوا: فلان بن جعفر بن علي بن أبي طالب، قال: خلُّوا له الطريق فليذهب...

ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يغني:
بَيْنَمَا يَذْكُرْنَنِي أَبْصَرْنَنِي
دُونَ قَيْدِ المَيْلِ يَعْدُو بِي الأَغَرّْ
قُلْنَ تَعْرِفْنَ الفَتَى قُلْنَ نَعَمْ
قَدْ عَرَفْنَاهُ وَهَلْ يَخْفَى القَمَرْ


قال:
مَن هذا؟ قالوا: عمر بن عبدالله بن أبي ربيعة، قال: خلُّوا له الطريق فليذهب، ثم إذا هو بجماعة حول رجل يسألونه، فبعضهم يقول: رميت قبل أن أحلق، وبعضهم يقول: حلقت قبل أن أرمي، يسألونه عن أشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج...

فقال:
مَن هذا؟ قالوا: هذا عبدالله بن عمر، فالتفت إلى زوجته ابنة قرظة فقال: هذا وأبيك المُشرَّف، وهذا والله شرف الدنيا والآخرة.

قال أبو العتاهية:
مَنْ مُنِحَ الحِفْظَ وَعَى
مَنْ ضَيَّعَ الحِفْظَ وَهِمْ

وقال أبو معشر في الحفظ:
يَا أَيُّهَا المُضَمِّنُ الصَّحَائِفَا
مَا قَدْ رَوَى يُضَارِعُ المَصَاحِفَا
احْفَظْ وِإِلاَّ كُنْتَ رِيحًا عَاصِفَا


وسمع يونس بن حبيب رجلاً ينشد:
اسْتَوْدَعَ العِلْمَ قِرْطَاسًا فَضَيَّعَهُ
وَبِئْسَ مُسْتَوْدَعُ العِلْمِ القَرَاطِيِسُ


فقال يونس:
قاتله الله، ما أشد صيانته للعلم وصيانته للحفظ، إن علمك من روحك، وإن مالك من بدنك، فصُنْ علمك صيانتك روحك، وصُنْ مالك صيانتك بدنك.

وقد حفظ ابن عباس قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ
غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رَائِحٌ فَمُهَجِّرُ


عندما سمعها مرة واحدة، وكانت تقارب سبعين بيتًا.

قال ابن عباس:
قيِّدوا العلم بالكتاب.

وقال الضحَّاك:
إذا سمعت شيئًا فاكتبه، ولو في حائط.

وكان سعيد بن جبير يكون مع ابن عباس فيستمع منه الحديث، فيكتبه في واسطة الرحل، فإذا نزل نسخه.

وقال أبو قلابة:
الكتاب أحب إلينا من النسيان.

وقال أبو المليح:
يعيبون علينا الكتاب، وقد قال الله: "عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ" [طه: 52].

وعن عبدالله بن خنيس قال:
رأيتهم عند البراء يكتبون على أيديهم بالقصب.

وعن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال:
كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كلَّ ما سمع، فلمَّا احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس.

وعن يحيى بن أبي كثير أنه حدَّث معمرًا بأحاديث ثم قال له:
اكتب لي حديث كذا وحديث كذا، فقلت له: أما يُكْرَه أن تكتب العلم؟ قال: اكتب؛ فإنك إن لم تكن كتبت فقد ضيَّعت، أو قال: عجزت.

قال أبو العلاء المعري:
كتب أبو عمرو الشيباني شعر سبعين قبيلة، وكان كلَّما كتب شعر قبيلة كتب مصحفًا، فكتب سبعين مصحفًا، وعاش مائة وستين [47].

ولما غنى علوية للمأمون قول الشاعر:
وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى ظِلِّ صَاحِبٍ
يَرُوقُ وَيَصْفُو إِنْ كَدَرْتُ عَلَيْهِ


استعاده المأمون مرَّات، ثم قال:
هات يا علوية، هذا الصاحب وخذ الخلافة [48].

وقال عبدالملك بن مروان:
من كل شيء قد قضيت وطرًا إلا من محادثة الإخوان في الليالي الزهر على التلال العفر [49].



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 2:15 pm

كتب محمد عبدالله السمان مقالة في "مجلة المجتمع الكويتية" [50]، بعنوان "الأزهر في مهبِّ الريح" جاء فيها:
"أكرِّر هنا قبل كل شيء أن أي مسلم خالص الإسلام في مشارق الأرض ومغربها لا يحمل للأزهر إلا كل خير، ويتمنى من أعماق نفسه أن يصبح الأزهر في المكان اللائق به، وأن يؤدِّي رسالته المَنُوط بها والملقاة على عاتقه، ولكن أي أزهر نعني؟ بالطبع الأزهر الشخصية المعنوية لا الأزهر الإدارة والأشخاص والمباني.

وأودُّ أن أشير هنا إلى أن الدافع إلى هذه المقالة هو حبنا للأزهر وحرصنا عليه، ونعوذ بالله أن يكون الدافع هوًى أو حاجة في نفس يعقوب، وحرصنا على الأزهر نابع من أن الأزهر لا يزال له مكانة في نفوس المسلمين، ولاسيما الشعوب المسلمة خارج مصر وخارج العالم العربي، التي لم يقدَّر لها أن تحتك بالأزهر الإدارة والأشخاص والمسار، ولقد قال لنا المهندس أحمد الشرباصي الذي كان وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر لبضع سنين، وأشهد أنه كان من أخلص وزراء الأوقاف للإسلام والأزهر، قال لنا عندما كُنَّا نزور الهند والباكستان، وكان معنا الشيخ الباقوري بزيِّه الأزهري، لمسنا مدى تقدير الشعوب المسلمة للشيخ، لا شيء إلا لأنه في نظرهم بزيِّه ممثِّلاً للأزهر، ولقد تمنيت أن لو كنت قد ارتديت الزيَّ الأزهري لأكون موضع الحفاوة التي لا تقدر.

لعل القرَّاء يذكرون موقفًا مجيدًا للشيخ عبدالمجيد سليم شيخ الأزهر الأسبق، والعالم السلفي الكبير -رحمه الله- كان يطالب الحكومة بأن تحقق للأزهر حاجته من المال، والحكومة تماطِل، وكان الملك يقضي الصيف بإيطاليا ولا حديث للصحف العالمية إلا بذَخ الملك فاروق وإسرافه، وإنفاق الأموال الطائلة على موائد المَيْسِر، وعلى فتيات الليل، وفاض الكيل بالشيخ فأدلى بتصريحٍ كان قنبلة مدوية، قال: تقتير هنا وإسراف هناك، وكان الشيخ يدرك أنه سوف يدفع ثمن تصريحه التضحية بمنصبه، ولكنه لم يتردد في أن يقول كلمة الحق، وأُبْعِد عن منصبه ومات الشيخ، ولكن موقفه العظيم لم يمت ولن يموت.

استقبل خديوي مصر البعثة المصرية المسافرة إلى باريس في طلب العلم، وكان من بين أفراد البعثة الدكتور طه حسين، ورحَّب به الخديوي ترحيبًا خاصًّا، وكان الشيخ محمد شاكر وكيل مشيخة الأزهر -وهو والد المحدث الشيخ أحمد محمد شاكر والأستاذ المحقق محمود محمد شاكر- كان يصلي الجمعة بمسجد محمد أبي الذهب المجاور للأزهر، وسمع خطيب الجمعة يثني على خديوي مصر ويقول: وجاءه الأعمى، فما عبس وما تولى، فاعتبر الشيخ محمد شاكر أن في هذا القول تعريضًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما أن انتهت الصلاة حتى وقف الشيخ محمد شاكر يقول للمصلين: أيها الناس، أعيدوا صلاتكم فإن صلاتكم خلف هذا الإمام باطلة، ولم يقف عند هذا الحد، بل كتب مذكرة ورفعها إلى المسؤولين، وكان أن أبعد الخطيب عن المسجد.

وفي عام 1953م حدث اعتداء فرنسي على سلطان المغرب محمد الخامس -رحمه الله- وعُزِل عن العرش، وسانَد ذلك بعض الخوَنة من المغاربة، وكان شيخ الأزهر هو الشيخ محمد الخضر حسين، فجمع هيئة كبار العلماء وأصدروا بيانًا اتهموا فيه المغاربة الخوَنة بالخروج على الإسلام، وأرسل البيان إلى الصحف، ومنع نشر البيان بأمر عالٍ، فكتب شيخ الأزهر استقالته وأرفقها بالبيان وأرسلها إلى رئيس الجمهورية، وكان أن نُشِر البيان.

ومنذ سنوات قلائل صدر في الصومال قانون للأحوال الشخصية اعتبره علماء الدين هناك تحديًا لشريعة الله، وخطبوا في المساجد ضدَّ القانون وشنَّ زياد بري حملة مسعورة على العلماء استشهد خلالها شنقًا ورميًا بالرصاص بضعةٌ وعشرون عالمًا، وقبل تنفيذ حكم الإعدام أرسل الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر برقية هادئة يطلب فيها وقْف حكم الإعدام.

وعن ابن المهاجر قال:
قدم أمير المؤمنين المنصور مكة حاجًّا، فكان يخرج إلى الطواف من آخر الليل يطوف ويصلي ولا يعلم به أحد، فإذا طلع الفجر رجع، فخرج ذات ليلة حين أسحر فبينما هو يطوف إذ سمع رجلاً عند الملتزم وهو يقول: اللهم إني أشكو إليك ظهورَ البغي والفساد في الأرض، وما يحول بين الحق وأهله من الظلم والطمع، فأسرع المنصور في مشيه حتى ملأ مسامعه من قوله، ثم خرج فجلس ناحية من نواحي المسجد وأرسل إليه فدعاه فأتاه الرسول، وقال له: أجب أمير المؤمنين، فصلى ركعتين وأقبل مع الرسول فسلم عليه فقال له المنصور: ما هذا الذي سمعتُك تقوله من ظهور البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحق وأهله من الطمع والظلم، فوالله لقد حشوت مسامعي ما أهمَّني وأقلقني.

فقال:
يا أمير المؤمنين إن الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين الحق وإصلاح ما ظهر من البغي والفساد في الأرض هو أنت، فقال: ويحك! وكيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء في يدي والحلو والحامض في قبضتي؟ فقال: وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك يا أمير المؤمنين، إن الله استرعاك أمور المسلمين وأموالهم، فأغفلت أمورهم، واهتممت بجمع أموالهم، وجعلت بينك وبينهم حجابًا وأبوابًا، وبعثت عُمَّالك في جمع الأموال وجبايتها، واتخذت وزراء وأعوانًا ظلَمة؛ إن نسيت لم يذكِّروك، وإن ذكرت لم يعينوك، وقوَّيتهم على ظلم الناس بالأموال والسلاح وأمرت أن لا يدخل عليك من الناس إلا فلان وفلان نفر سمَّيتهم، فلما رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك تجني الأموال ولا تقسمها قالوا: هذا قد خان الله فما لنا لا نخونه، فأتمروا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس شيء إلا ما أرادوا، وأن لا يخرج لك عامل فيخالف لهم أمرًا إلا أقصوه حتى تسقط منزلته ويضعف قدره، فلمَّا انتشر ذلك عنك وعنهم أعظمهم الناس وهابوهم، فاتقِ الله يا أمير المؤمنين فإنه يرى منك ما عُقد عليه قلبك وأضمرته جوارحك، فماذا تقول غدًا إذا انتُزِع ملك الدنيا من يدك، ودعاك إلى الحساب؟ فبكى المنصور بكاءً شديدًا ثم قال: ليتني لم أُخلَق ولم أكُ شيئًا.

وذكر ابن كثير في "تاريخه" في ترجمة العاضد العبيدي آخر خلفاء العبيديين بمصر وذكر مخلفاته:
"قال ابن أبي طي: ووجد خزانة كتب ليس لها في مدائن الإسلام نظير تشتمل على ألفي ألف مجلد، قال: ومن عجائب ذلك أنه كان بها ألف ومائتان وعشرون مجلد منها "تاريخ الطبري"، وكذا قال العماد الكاتب: كانت قريبة من مائة وعشرين ألف مجلد، وقال ابن الأثير: كان فيها من الكتب بالخطوط المنسوبة مائة ألف مجلد، وقد تسلَّمها القاضي الفاضل وأخذ منها شيئًا كثيرًا مما اختاره وانتخبه".

قال ابن النديم في "الفهرست" ص 150:
قال محمد بن إسحاق: قرأت بخط عتيق قال: خَلّفَ الواقدي بعد وفاته ستمائة قمطر كتبًا، كل قمطر منها حمْل رجلين، وكان له غلامان مملوكان يكتبان الليل والنهار، وقبل ذلك بيع له كتب بألفي دينار.

وقال الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟":
ومما روى لنا الشيوخ من ذلك أنه وقع نزاع بين الهنادك والمسلمين في قرية كاندهلة من مديرية مظفر نكر في الولايات المتحدة الهندية على أرض، فادَّعى الهنادك أنها معبد لهم والمسلمون أنها لهم مسجد، وتحاكموا إلى حاكم البلد الإنجليزي، فسمع الحاكم القضية ودلائل الفريقين ولم يطمئن إلى نتيجة فسأل الهنادك هل يوجد في القرية مسلم تثقون بصدقه وأمانته أحكم على رأيه؟ قالوا: نعم فلان، وسموا شيخًا من علماء المسلمين وصالحيهم، فأرسل إليه الحاكم وطلبه إلى المحكمة، فلما جاءه الرسول قال: لقد حلفت أن لا أرى وجه إفرنجي، ورجع الرسول فقال الحاكم: لا بأس ولكن أحضر وأدلِ برأيك في القضية، فحضر الشيخ وولى دبره إلى الحاكم وقال: الحق مع الهنادك في هذه القضية والأرض لهم، وبذلك قضى الحاكم، وخسر المسلمون القضية، ولكن كسبوا قلوبَ الهنادك، وأسلم منهم جماعة.

أرسل يزيد بن عبدالملك عمر بن هبيرة لما كان واليًا على البصرة إلى العالم الفقيه الحسن بن يسار البصري أنَّه سوف يزوره في منزله من أجل استشارته في بعض الأمور، وقام الأمير بزيارة الحسن البصري وقال له: إن أمير المؤمنين يزيد بن عبدالملك ينفذ إليَّ كتبًا -رسائل- أعرف أن في إنفاذها الهلَكة فإن أطعته عصيت الله وإن عصيته أطعت الله -عز وجل- فهل ترى في متابعتي إياه فرجًا؟

فقال له الحسن:
يا عمر بن هبيرة، يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله -تعالى- فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، يا عمر بن هبيرة: إن تتقِ الله -تعالى- يعصمك من يزيد بن عبدالملك، ولا يعصمك يزيد بن عبدالملك من الله -عز وجل- يا عمر بن هبيرة، لا تأمن أن ينظر الله -تعالى- إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبدالملك نظرةَ مَقْت، فيغلق بها باب المغفرة دونك، يا عمر بن هبيرة: لقد أدركت ناسًا من صدر هذه الأمة كانوا والله على الدنيا وهي مقبِلة أشد إدبارًا من إقبالكم عليها وهي مدبرة، يا عمر بن هبيرة: إني أخوِّفك مقامًا خوَّفكه الله -تعالى- فقال: "ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ" [إبراهيم: 14]، يا عمر بن هبيرة: إن تكُ مع الله -تعالى- في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبدالملك، وإن تكُ مع يزيد بن عبدالملك على معاصي الله وكلك الله -تعالى- إليه، فبكى وقام بعبرته.

ذكر الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟" ص 361:
اشتهر نبأ وفاة الأستاذ الشهير العلامة نظام الدين اللكهنوي (م 1161 هـ) صاحب منهاج الدرس النظامي الجاري تطبيقه في الهند وخراسان، فلما أتى النعي تلميذه السيد كمال الدين العظيم آبادي مات من شدة الحزن، وعمي تلميذه الآخر ظريف العظيم آبادي من كثرة البكاء، وتحقَّق بعد ذلك أن الإشاعة غير صحيحة.

وقال الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه هذا (ص 354- 355):
ومما حكى لنا الثقات وقرأناه في التاريخ أن الشيخ عبدالرحيم الرامبوري (م1234 هـ) كان يعمل في بلدة رامبور براتب زهيد يتقاضاه كل شهر من الإمارة الإسلامية لا يزيد على عشر روبيات -أقل من جنيه مصري- فقدَّم إليه حاكم الولاية الإنجليزي المستر هاكنس وظيفة عالية في كلية برلي، راتبها مائتان وخمسون روبية (تسعة عشر جنيهًا مصريًّا) وذلك يساوي خمسين جنيهًا في هذا العهد، ووعد بالزيادة في الراتب بعد قليل، فاعتذر الشيخ عن قبوله وقال: إني أتقاضى عشر روبيات، وإنها ستنقطع إذا تحوَّلت إلى هذه الوظيفة، فتعجب الإنجليزي وقال: ما رأيت كاليوم أنا أقدم راتبًا يزيد على راتبك الحالي بأضعاف أضعاف وتترك الأضعاف المضاعفة وتقنع بالنزر اليسير، فتعلل الشيخ بأن في بيته شجرة سدر وهو مغرم بثمرها وأنه سيحرمها إذا أقام في بريلي، ولم يفطن الإنجليزي إلى مقصود الشيخ فقال: أنا زعيم بأن هذا الثمر يصل إليك من رامبور إلى بريلي، فتشبَّث ثالثة بأن حوله طلبة وتلاميذ يقرؤون عليه في بلده، فلو انتقل إلى هذه الوظيفة انقطعت دروسهم، ولم ييأس الإنجليزي المناقش من إقناعه فقال: أنا أجري لهم جرايات في بريلي ويواصلون دروسهم هناك.

وهنا أطلق الشيخ آخر سهامه الذي أصمى رميته فقال:
وماذا يكون جوابي غدًا إذا سألني ربي: كيف أخذت الأجرة على العلم؟

وهنا بُهِتَ الإنجليزي وأُسقِط في يده، وعرف نفسية العالم المسلم، وقضى الشيخ حياته على أقل من جنيه يأخذه كل شهر.

وذكر الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه المذكور آنفًا (ص 352):
وقد روى لنا التاريخ الهندي طرائف في هذا الباب لا بُدَّ أن تكون أمثلتها متوافرة في تاريخ جميع البلاد الإسلامية، منها: أن الشيخ رضي الله البداوني اتُّهم بالاشتراك في الثورة على الإنجليز عام 1857م وحُوكِم أمام حاكم إنجليزي كان من تلاميذه، فأوعز إليه الحاكم على لسان بعض الأصدقاء أن يجحد الاتِّهام فيطلقه، ولكن الشيخ أبى وقال: قد اشتركتُ في الخروج على الإنجليز فكيف أجحد؟ واضطرَّ الحاكم فحكم عليه بالإعدام، ولما قُدِّم للشنق بكى الحاكم وقال له: حتى في هذه الساعة لو قلت مرة: إن القضية مكذوبة عليَّ وإني برئ لاجتهدت في تخليصك، فغضب الأستاذ وقال: أتريد أن أحبط عملي بالكذب على نفسي؛ لقد خسرت إذًا وضلَّ عملي، بل لقد اشتركت في الثورة فافعلوا ما بدا لكم، وشُنِق الرجل.



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48359
العمر : 71

متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Empty
مُساهمةموضوع: رد: متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم   متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2019, 2:19 pm

محمد بن محمد بن يوسف الميداني شمس الدين:
فقيه أصله من حماة (في سورية)، ومولده في الميدان بدمشق، جاور في الأزهر بمصر تسع سنين، وعاد إلى دمشق فتصدَّر للتدريس نحو أربعين سنة، وعظم شأنه حتى كان الحكام لا يستطيعون الظلم خوفًا منه مع قلة اكتراثه بهم، وتوفي بدمشق، له حاشية على شرح التحرير في فقه الشافعية، ولم يعنَ بالتأليف، توفي سنة 1033 هـ.

وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" ج12 ص 70 في ترجمة علي بن أحمد بن علي الغالي هذه الأبيات:
لَمَّا تَبَدَّلَتِ المَجَالِسُ أَوْجُهًا
غَيْرَ الَّذِينَ عَهِدْتُ مِنْ عُلَمَائِهَا
وَرَأَيْتُهَا مَحْفُوفَةً بِسِوَى الأُلَى
كَانُوا وُلاَةَ صُدُورِهَا وَفَنَائِهَا
أَنْشَدْتُ بَيْتًا سَائِرًا مُتَّقَدِّمًا
وَالعَيْنُ قَدْ شَرِقَتْ بِجَارِي مَائِهَا
أَمَّا الخِيَامُ فَإِنَّهَا كَخِيَامِهِمْ
وَأَرَى نِسَاءَ الحَيِّ غَيْرَ نِسَائِهَا


ومن شعره أيضًا:
تَصَدَّرَ لِلتَّدْرِيسِ كُلُّ مُهَوِّسٍ
بَلِيدٍ تَسَمَّى بِالفَقِيهِ المُدَرِّسِ
فَحُقَّ لِأَهْلِ العِلْمِ أَنْ يَتَمَثَّلُوا
بِبَيْتٍ قَدِيمٍ شَاعَ فِي كُلِّ مَجْلِسِ
لَقَدْ هُزِلَتْ حَتَّى بَدَا مِنْ هُزَالِها
كُلاَهَا وَحَتَّى سَامَهَا كُلِّ مُفْلِسِ


قال ابن كثير في حوادث سنة 276 هـ [51]:
بقي بن مخلد، له "المسند" المبوَّب على الفقه، روى فيه عن ألف وستمائة صحابي، رحل بقي إلى العراق فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق وغيرها يزيدون على المائتين بأربعة وثلاثين شيخًا، كان رجلاً صالحًا عابدًا زاهدًا مجاب الدعوة.

المعتمد على الله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد [52]:
مكث في الخلافة ثلاثًا وعشرين سنة وستة أيام، وكان عمره يوم مات خمسين سنة وأشهرًا، وكان أسنَّ من أخيه الموفق بستة أشهر وتأخَّر بعده أقل من سنة، ولم يكن إليه مع أخيه شيء من الأمر، حتى إن المعتمد طلب في بعض الأيام ثلاثمائة دينار فلم يَصِلْ إليها...

فقال الشاعر في ذلك:
أَلَيْسَ مِنَ العَجَائِبِ أَنَّ مِثْلِي
يَرَى مَا قَلَّ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ
وَتُؤْخَذُ بِاسْمِهِ الدُّنْيَا جَمِيعًا
وَمَا مِنْ ذَاكَ شَيْءٌ فِي يَدَيْهِ
إِلَيْهِ تُحَمَّلُ الأَمْوَالُ طُرًّا
وَيُمْنَعُ بَعْضَ مَا يُجْبَى إِلَيْهِ


قال عبدالله بن ثابت بن يعقوب المقري النحوي [53]:
إِذَا لَمْ تَكُنْ حَافِظًا وَاعِيًا
فَعِلْمُكَ فِي البَيْتِ لاَ يَنْفَعُ
وَتَحْضُرُ بِالجَهْلِ فِي مَجْلِسٍ
وَعِلْمُكَ فِي الكُتْبِ مُسْتَوْدَعُ


وقال محمد بن خلف بن حيان الضبي المعروف بوكيع [54]:
إِذَا مَا غَدَتْ طلاَّبةُ العِلْمِ مَا لَهَا
مِنَ العِلْمِ إِلاَّ مَا يُخَلَّدُ فِي الكُتْبِ
غَدَوْتُ بتَشْمِيرٍ وَجِدٍّ عَلَيْهِمُ
وَمحْبَرَتِي سَمْعِي وَدَفْتَرُهَا قَلْبِي


قال عبدالله بن المعتز يرثي الخليفة المعتضد المتوفى سنة 288 هـ:
يَا دَهْرُ وَيْحَكَ مَا أَبْقَيْتَ لِي أَحَدًا
وَأَنْتَ وَالِدُ سُوءٍ تَأْكُلُ الوَلَدَا
أَسْتَغْفِرُ اللهَ بَلْ ذَا كُلُّهُ قَدَرٌ
رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَاحِدًا صَمَدَا
يَا سَاكِنَ القَبْرِ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
بِالظَّاهِرِيَّةِ مُقْصَى الدَّارِ مُنْفَرِدَا
أَيْنَ الجُيُوشُ الَّتِي قَدْ كُنْتَ تُشَحِّنُهَا
أَيْنَ الكُنُوزُ الَّتِي لَمْ تُحْصِهَا عَدَدَا؟
أَيْنَ السَّرِيرُ الَّذِي قَدْ كُنْتَ تَمْلَؤُهُ
مَهَابَةً مَنْ رَأَتْهُ عَيْنُهُ ارْتَعَدَا؟
أَيْنَ القُصُورُ الَّتِي شَيَّدْتَهَا فَعَلَتْ
وَلاَحَ فِيهَا سَنَا الإِبْرِيزِ فَاتَّقَدَا؟

استدعى الرشيد إليه أبا معاوية الضرير محمد بن حازم؛ ليسمع منه الحديث فقال أبو معاوية:
ما ذكرت عنده حديثًا إلا قال: صلى الله وسلم على سيدي، وإذا سمع فيه موعظة بكى حتى يبل الثرى، وأكلت عنده يومًا ثم قمت لأغسل يدي فصب الماء علي وأنا لا أراه، ثم قال: يا أبا معاوية أتدري مَن يصب عليك الماء؟ فقلت: لا، قال: يصب عليك أمير المؤمنين، قال أبو معاوية: فدعوت له، فقال: إنما أردت تعظيم العلم.

وحدثه أبو معاوية يومًا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بحديث احتجاج آدم وموسى فقال له عم الرشيد: أين التقيا يا أبا معاوية؟ فغضب الرشيد من ذلك غضبًا شديدًا وقال له: أتعترض على الحديث؟ عليَّ بالنطع والسيف فأُحْضِر ذلك، فقام الناس إليه يشفعون فيه فقال الرشيد: هذه زندقةٌ ثم أمر بسجنه وأقسم أن لا يخرج منه حتى يخبرني مَن ألقى إليه هذا، فأقسم عمُّه بالأيمان المغلظة ما قال هذا له أحد، وإنما كانت هذه الكلمة بادرة منِّي، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه منها، فأطلقه [55].

قال ابن كثير في "البداية والنهاية" ج11، ص 196 في ترجمة محمد بن القاسم الأنباري:
"وكان له من المحافيظ مجلدات كثيرة أحمال جمال، وكان لا يأكل إلا النقالي ولا يشرب ماء إلا قريب العصر مراعاة لذهنه وحفظه، ويقال: إنه كان يحفظ مائةً وعشرين تفسيرًا وحفظ تعبير الرؤيا في ليلة واحدة، وكان يحفظ في كل جمعة عشرة آلاف ورقة".

وقال أبو محمد عبدالله بن محمد البطَلْيَوسي ثم التنيسي صاحب "شرح أدب الكاتب" وغيره، المتوفى سنة إحدى وعشرين وخمسمائة من الهجرة:
أَخُو العِلْمِ حَيٌّ خَالِدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ
وَأَوْصَالُهُ تَحْتَ التُّرَابِ رَمِيمُ
وَذُو الجَهْلِ مَيْتٌ وَهْوَ مَاشٍ عَلَى الثَّرَى
يُظَنُّ مِنَ الأَحْيَاءِ وَهْوَ عَدِيمُ
[56]

الهوامش:
 [1] "طبقات السبكي".
 [2] مقدمة كتاب "الصحاح"، ص 87.
 [3] "معجم الأدباء لياقوت"، ج6، ص434.
 [4] ج6، ص424- 426.
 [5] انظر: "كتاب الصحاح ومدارس المعجمات".
 [6] لعله حصروا.
 [7] "صحيفة المدينة المنورة"، العدد 2967، الجمعة 18 ذي الحجة 1393 هـ.
 [8] "صحيفة عكاظ"، 20 ذي الحجة 1393 هـ، ص 7.
 [9] "صحيفة المدينة المنورة"، العدد 4725، الأربعاء 19 ذو القعدة 1399 هـ.
 [10] "صحيفة المدينة المنورة"، العدد 4788، الأربعاء 7 صفر 1400 هـ، ص7.
 [11] "البداية والنهاية"، ج11، ص98.
 [12] "البداية والنهاية"، ج 11، ص99.
 [13] "البداية والنهاية"، ج11، ص87 - 88.
 [14] "البداية والنهاية"، ج 11، ص237.
 [15] "البداية والنهاية"، ج 11، ص219.
 [16] لعل الصحة أن تفوا بها.
 [17] أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676).
 [18] "محاسن المساعي".
 [19] "محاسن المساعي في مناقب الإمام الأوزاعي"، ص 72.
 [20] "محاسن المساعي في مناقب الإمام الأوزاعي"، ص 69.
 [21] "محاسن المساعي في مناقب الإمام الأوزاعي"، ص 60 - 61.
 [22] "الأغاني"، ج2، ص110 - 111.
 [23] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص127.
 [24] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص99.
 [25] كتاب افلاكة والمفلوكون، ص98.
 [26] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، 98.
 [27] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص 87.
 [28] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص 87.
 [29] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص84.
 [30] كتاب "الفلاكة والمفلوكون".
 [31] كتاب "الفلاكة والمفلوكون".
 [32] كتاب "الفلاكة والمفلوكون".
 [33] كتاب "الفلاكة والمفلوكون"، ص 123.
 [34] المرجع السابق، ص 82 - 83.
 [35] "الفلاكة والمفلوكون"، ص 78 - 79.
 [36] "الفلاكة والمفلوكون"، ص 96.
 [37] "الفلاكة والمفلوكون"، ص 123.
 [38] طبقات الشافعية للسبكي 2/87، والبداية والنهاية 11/129، ووفيات الأعيان 1/17 وتاريخ بغداد 4/287، والشريشي 1/166.
 [39] تقدم تخريجه.
 [40] "صحيفة الرياض"، 12/7/1395 هـ، ص7.
 [41] حسن المحاضرة للسيوطي، ج1، ص 270.
 [42] أخرجه أحمد (5/183)، وأبو داود (3660)، والترمذي (2656)، وابن ماجة (230) من حديث زيد بن ثابث.
 [43] أخرجه أحمد (5/183)، وأبو داود (3660)، والترمذي (2656)، وابن ماجة (230) من حديث زيد بن ثابث.
 [44] أخرجه أحمد (1/ 437)، والترمذي (2657)، وابن ماجة (232)، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (26).
 [45] تقدم تخريجه.
 [46] تقدم تخريجه.
 [47] "تاريخ ابن الوردي"، ج 2، ص218.
 [48] ص 50 من كتاب "الصداقة والصديق"؛ لأبي حيان التوحيدي.
 [49] ص 23 من كتاب "الصداقة والصديق"؛ لأبي حيان التوحيدي.
 [50] "مجلة المجتمع الكويتية"، العدد 416 في 15/11/1398 هـ.
 [51] "البداية والنهاية"، ج11، ص 56.
 [52] "البداية والنهاية"، ج 11، ص65.
 [53] "البداية والنهاية"، ج 11، ص 131.
 [54] "البداية والنهاية"، ج 10، ص130.
 [55] البداية والنهاية"، ج 10، ص215.
 [56] "البداية والنهاية"، ج12، ص198.

رابط الموضوع:
https://www.alukah.net/web/fayad/0/24609/#ixzz5qCEDRTSj



متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
متفرقـات... يجمعها حُبُّ العِلْم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (196) سُنَّة حُبُّ الصَّالحين
» المُشَوِّقُ إِلَى القِرَاءَةِ وَطَلبِ العِلْم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة-
انتقل الى: