منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة آل عمران الآيات من 156-160

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 156-160 Empty
مُساهمةموضوع: سورة آل عمران الآيات من 156-160   سورة آل عمران الآيات من 156-160 Emptyالخميس 25 أبريل 2019, 9:42 pm

يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإخْوَانهمْ إذَا ضَرَبُوا في الْأَرْض أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتلُوا ليَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلكَ حَسْرَةً في قُلُوبهمْ وَاللَّهُ يُحْيي وَيُميتُ وَاللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ [١٥٦]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والضرب في الأرض هو السعي واستنباط فضل الله في الأرض وفي سبيله لإعلاء كلمته، فالذين كفروا يرتبون الموت والقتل والعمليات التي يفارق الإنسان فيها الحياة على ماذا؟        


على أنه ضرب في الأرض أو خرج ليقاتل في سبيل الله، وقالوا: لو لم يخرجوا ما حصل لهم هذا! سنرد عليهم، ونقول لهم: كأنكم لم تروا أبداً ميتاً في فراشه.       

كأنكم لم تروا مقتولاً يسقط عليه جدار، أو يصول عليه جمل، أو تصيبه طلقة طائشة، هل كل من يموت أو يقتل يكون ضارباً في الأرض لشيء أو خارجاً للجهاد في سبيل الله؟      

إذن فهذا حُمق في استقراء الواقع، وجاء الحق بذلك ليعطينا صورة من حكمهم على الأشياء، إنه حكم غير مبني على قواعد استقرائية حقيقية.       

فإذا عرفنا أنهم كفروا نقول: هذه طبيعتهم، لأننا نجد أن حكمهم ليس صحيحاً في الأشياء الواضحة، وما دام حكمهم ليس صحيحاً أو حقيقياً في الجزئيات التي تحدث -فإذا عرفتم أنهم كفروا فهذا كلام منطقي بالنسبة لهم- فشأنهم أنهم لا يتثبتون في أحكامهم فلا عجب -إذن- أن كانوا كافرين.       

{أَوْ كَانُواْ غُزًّى} [آل عمران: 156], وغُزى: جمع غازٍ، مثل: صُوّم وقُوَّم؛ يعني جمع: صائم وقائم.       

{لَّوْ كَانُواْ عنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتلُواْ ليَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلكَ حَسْرَةً في قُلُوبهمْ} [آل عمران: 156]. 

إذن فالله سبحانه وتعالى يصور لهم ما يقولونه ليعذبهم به، كيف؟        

لأنهم عندما يقولون: لو كانوا عندنا لكنا منعناهم أن يخرجوا أو يُقتلوا، إذن فنحن السبب.       


وهكذا نجد أنهم كلما ذكروا قتلاهم أو موتاهم يعرفون أنهم أخطوا، وهذه حسرة في قلوبهم، ولو أنهم ردوها إلى الحق الأعلى لكان في ذلك راحة لهم ولَما كانوا قد أدخلوا أنفسهم في متاهة، ويحدُث منهم هذا حتى نعرف غباءهم أيضاً؛ فهم أغبياء في كل حركاتهم وفي استقراء الأحداث الجزئية، وأغبياء في استخراج القضية الإيمانية الكلية، أغبياء في أنهم حشروا أنفسهم وأدخلوها في مسألة ليست من شأنهم، فأراد ربنا سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك حسرة عليهم.       

{لَّوْ كَانُواْ عنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتلُواْ ليَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلكَ حَسْرَةً في قُلُوبهمْ} [آل عمران: 156] إن القضية الإيمانية هي {وَٱللَّهُ يُحْيـي وَيُميتُ} [آل عمران: 156] أي هو الذي يَهَب الحياة وهو الذي يهب الموت، فلا الضرب في الأرض ولا الخروج في سبيل الله هو السبب في الموت، ولذلك يقول خالد بن الوليد -رضي الله عنه-: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربةُ سيف أو طعنة رمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت العَيْر -أي حتف أنفه- فلا نامت أعين الجبناء.       

والشاعر يقول:
ألا أيهــذا الزاجري أحضر الوغى
وأن أشهد اللذات هل أنت مُخْلدي؟

أي يا من تمنعني أن أحضر الحرب هل تضمن لي الخلود ودوام البقاء إذا أحجمت عن القتال. 

ويكمل الشاعر قوله:
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بمــا ملكت يدي

ويختم الحق الآية بقوله: {وَٱللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ} [آل عمران: 156] فكأنهم قد بلغوا من الغباء أنهم لم يستتروا حتى في المعصية، ولكنهم جعلوها حركة تُرى، وهذا القول هنا أقوى من "عليم"؛ لأن "عليم" تؤدي إلى أن نفهم أنهم يملكون بعضاً من حياء ويسترون الأشياء، ولكن علم الله هو الذي يفضحهم.       

لا، هي صارت حركة واضحة بحيث تُبْصَر.       

فجاء قوله: {وَٱللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ} [آل عمران: 156].       

ويقول الحق من بعد ذلك: {وَلَئنْ قُتلْتُمْ في سَبيل ٱللَّه أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفرَةٌ...}.



سورة آل عمران الآيات من 156-160 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 156-160 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 156-160   سورة آل عمران الآيات من 156-160 Emptyالخميس 25 أبريل 2019, 11:47 pm

وَلَئنْ قُتلْتُمْ في سَبيل اللَّه أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفرَةٌ منَ اللَّه وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ ممَّا يَجْمَعُونَ [١٥٧]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والذي يحرص على ألا يخوض المعركة مخافة أن يُقتل، فما الذي يرجح عنده هذا العمل؟        
إنه يبتغي الخير بالحياة.       

وما دام يبتغي الخير بالحياة، إذن فحركته في الحياة في وهمه ستأتيه بخير، فهو يخشى أن يموت ويترك ذلك الخير، إنه لم يمتلك بصيرة إيمانية، ونقول له: الخير في حياتك على قدر حركتك: قوة وعلماً وحكمة، أمَّا تمتعك حين تلتقي بالله شهيداً فعلى قدر ما عند الله من فضل ورحمة وهي عطاءات بلا حدود.

إذن فأنت ضيَّعت على نفسك الفرق بين قُدرتك وحكمتك وعِلمك وحَركتك في الكسب وبين ما يُنسب إلى الله في كل ذلك.

ولذلك يقول الحق: {وَلَئنْ قُتلْتُمْ في سَبيل ٱللَّه أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفرَةٌ مّنَ ٱللَّه وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: 157].       

وبعد ذلك يقول الحق: {وَلَئنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتلْتُمْ لإلَى...}.



سورة آل عمران الآيات من 156-160 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 156-160 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 156-160   سورة آل عمران الآيات من 156-160 Emptyالخميس 25 أبريل 2019, 11:50 pm

وَلَئنْ مُتُّمْ أَوْ قُتلْتُمْ لَإلَى اللَّه تُحْشَرُونَ [١٥٨]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ولنا أن نلحظ أن قول الحق في الآية الأولى جاء بتقديم القتل على الموت قال تعالى: {وَلَئنْ قُتلْتُمْ في سَبيل ٱللَّه أَوْ مُتُّمْ} [آل عمران: 157] وجاء في هذه الآية بتقديم الموت على القتل قال -جل شأنه-: {وَلَئنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتلْتُمْ} [آل عمران: 158].

فقَدَّمَ القتل على الموت في الآية الأولى لأنها جاءت في المُقاتلين، والغالب في شأنهم أن مَنْ يلقى الله منهم ويُفضي إلى ربه يكون بسبب القتل أكثر مِمَّا يكون بسبب الموت حتف أنفه، أمَّا هذه الآية فقد جاءت لبيان أن مصير جميع العباد ومرجعهم يوم القيامة يكون إلى الله -تعالى- وأن أكثرهم تزهق نفسه وتخرج روحه من بدنه بسبب الموت، فلذا قَدَّمَ الموت هنا على القتل.       

إذن فكل كلمة وجملة جاءت مناسبة لموقعها.       

إنه قول الحكيم الخبير.       

وبعد ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {فَبمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّه لنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ ٱلْقَلْب لاَنْفَضُّواْ منْ حَوْلكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفرْ لَهُمْ...}.



سورة آل عمران الآيات من 156-160 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 156-160 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 156-160   سورة آل عمران الآيات من 156-160 Emptyالخميس 25 أبريل 2019, 11:58 pm

فَبمَا رَحْمَةٍ منَ اللَّه لنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَليظَ الْقَلْب لَانْفَضُّوا منْ حَوْلكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفرْ لَهُمْ وَشَاورْهُمْ في الْأَمْر فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه إنَّ اللَّهَ يُحبُّ الْمُتَوَكّلينَ [١٥٩]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

إن الآية كما نرى تبدأ بكلام إخباري هو {فَبمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّه لنتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].     

فكأنه -سبحانه- يريد أن يقول: إن طبيعتك يا محمد طبيعة تتناسب لما يُطلب منك في هذه المسألة، هم خالفوك وهم لم يستجيبوا لك حينما قلت: إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله إني رسول الله، وهذا شيء يُحْفظ ويُغضب.       

ولكنه لا يُحفظ طبيعتك ولا يُغضب سجيتك لأنك مفطور مع أُمّتك على الرحمة.       

فكأنه يريد أن يُحنن رسول الله على أمته التي أصابته بالغم؛ فقال له: إياك أن تجازيها على هذا؛ لأن طبيعتك أنك رحيم، وطبيعتك أنك لست فظاً، طبيعتك أنك لست غليظ القلب، فلا تخرج عن طبيعتك في هذه المسألة، مثلما تأتي لواحد مثلاً وتقول له: أنت طبيعة أخلاقك حسنة، يعني اجعلها حسنة في هذه.       

{فَبمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّه لنتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] أي بأي رحمة أودعت فيك.       

ساعة تقول: بأي رحمة فأنت تبهم الأمر، وعندما تُبهم الشيء فكأنه شيء عظيم؛ لأن الشيء يُبهم إما لأنه صغير جداً، وإما لأنه كبير جداً، فالشيء إذا كان كبيراً يكون فوق المستوى الإدراكي، وإذا كان صغيراً جداً يكون دون مستوى الإدراك.       

ولذلك فالأشياء الضخمة جداً نرى منها جانباً ولا نرى الجانب الآخر، والشيء الدقيق جداً لا نراه، ولذلك يقولون: هذا الشيء نكرة، وذلك يدل مرة على التعظيم ويدل مرة على التحقير، ومرة يدل على التكثير، ومرة يدل على التقليل.       

فإن نظرت إلى أن الإدراك لا يستوعبه لضخامته إذن فهو كثير، وإن رأيت أن الإدراك لا يستوعبه للطفه ودقَّته، وأنه ليس في متناول البصر يكون قليلاً أو دقيقاً.       

إذن فقول الحق: {فَبمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران: 159] أصلها هو: برحمة من الله طُبعت عليها لنْتَ لهم، و"ما" لماذا جاءت هنا؟        

إنك إما أن تأخذها إبهامية.      

يعني بأي رحمة فوق مستوى الإدراك، رحمة عظيمة.       

أو تقول: "فبما رحمة" أي أن "ما" تكون اسماً موصولاً.       

وكأن الحق يقول له: فبالرحمة المُودعة من خالقك فيك والتي تُناسب مُهمتك في الأمة لنْت لهم، وما دامت تلك طبيعتك فَلنْ لهم في هذا الأمر واعفُ عنهم واستغفر لهم.       

وهذه الآية جاءت عقب أحداث حدثت في أُحد: الحدث الأول: أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى ألا يخرج إلى قتال قريش خارج المدينة بل يظل في المدينة، فأشار عليه المحبون للشهادة والمحبون للقتال والمحبون للتعويض عما فاتهم من شرف القتال في "بدر" أن يخرج إليهم، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند رأيهم، ولبس لأمته، فلما أحسوا أنهم أشاروا على رسول الله بما يخالف ما كان قد بدر منه، تراجعوا وقالوا: يا رسول الله إن رأيت ألا نخرج، فقال: "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل".

فما دام قد استعد للحرب انتهى الأمر، هذه أول مسألة وهي مسألة المشورة.       

وبعد ذلك تخلف ابن أُبيّ بثُلثُ الجيش وهذه مسألة ثانية، أما المسألة الثالثة فهي مُخالفة الرُماة أمره -صلى الله عليه وسلم- وتَرْكهم مواقعهم على الرغم من أنه -صلى الله عليه وسلم- قد حذرهم من ذلك وقال لعبد الله بن جبير الذي أمَّره على الرماة: "أنضح عنا الخيل بالنَّبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتَين من قَبْلك"، ولكنهم خالفوا عن أمر رسول الله.       

والمسألة الرابعة هي: فرارهم حينما قيل: قُتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمسألة الخامسة: أنه حين كان يدعوهم؛ فروا لا يلوون على شيء.       

كل تلك أحداث كادت تترك في نفسه -صلى الله عليه وسلم- آثاراً، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: أنا طبعتك على رحمة تتسع لكل هذه الهفوات، والرحمة مني، وما دامت الرحمة موهوبة مني فلابد أني جعلت فيك طاقة تتحمل كل مخالفة من أمتك ومن أتباعك.       

ولا تظن أنك قد أُرسلت إلى ملائكة، إنما أُرسلت إلى بشر، والبشر خطاءون، البشر من الأغيار، فلهذا اجعل المسألة درساً، وأنا فطرتك على الرحمة، وأنت بذاتك طلبت مني كثيراً من الخير لأمتك، ومن رحمته أن جبريل نادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال فسلم على ثم قال: يا محمد إن الله قد بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك، فما شئت؟        

إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً“.

فأنا أطلب منك الرحمة التي أودعتُها في قلبك فاستعملتها في كل مجال، وبهذه الرحمة لنت لهم، وبهذه الرحمة التفُّوا حولك، التفوا حولك لأدبك الجم، ولتواضعك الوافر، لجمال خلقك، لبسمتك الحانية، لنظرتك المواسية، لتقديرك لظرف كل واحد حتى إنك إذا وضع أي واحد منهم يده في يدك لم تسحب يدك أنت حتى يسحبها هو، خُلُق عالٍ، كل ذلك أنا أجعله حيثية لتتنازل عن كل تلك الهفوات ولْيَسَعها خُلقك وليسعها حلمك، لأنك في دور التربية والتأديب.       

والتربية والتأديب لا تقتضي أن تغضب لأي بادرة تبدر منهم، وإلا ما كنت مُربياً ولا مُؤدباً.  

{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ ٱلْقَلْب لاَنْفَضُّواْ منْ حَوْلكَ} [آل عمران: 159]        

لماذا؟           

لأنك تُخرجهم عما ألفوا من أمور الجاهلية.       

والذي يخرج واحداً عما ألف لا يصح أن يَجْمَع عليه إخراجه عما اعتاد بالأسلوب الخشن الفظ؛ لأنه في حاجة إلى التودد وإلى الرحمة، لا تجمع عليه بين أمرين تقبيح فعله، وإخراجه عما ألف واعتاد، ولذلك يقولون للذي ينصح إنساناً، النصح ثقيل؛ لأن النصح معناه تجريم الفعل في المنصوح، فعندما تقول لواحد: لا تفعل هذا، ما معناها؟        

معناها أن هذا الفعل سيء، فما دمت تُجرّم فعله فلا تجمع عليه أمرين، إنك قبحت فعْله وأخرجته مما أَلف، وبعد ذلك تنصحه بما يكره لا، إنه في حاجة إلى ملاطفة وملاينة لتستل منه الخصال القبيحة، نحن نستعمل ذلك في ذوات أنفسنا حين نجد مرضاً يحتاج إلى علاج مر، فنغلف العلاج المر في غلاف من السكر بحيث يمر من منطقة الذوق بلا ألم أو نغص، حتى ينزل في المنطقة التي لا تحس بهذه المرارة؛ لأن الإحساس كله في الفم.       

فإذا كنتم تفعلون ذلك في الأمور المادية، فلابد إذن أن نطبق ذلك أيضاً في الأمور المعنوية، ولأن النُصح ثقيل فلا تجعله جدلاً ولا ترسله جبلاً، وخفة البيان تؤدي عنك بدون إثارة أو استثارة، وبلطف يحمل على التقبل.      

بهذا تصل إلى ما تريد، ومثال ذلك حكاية الملك الذي رأى في منامه أن أسنانه كلها وقعت، فجاء للمعبر ليعبر، فقال له: أهلك جميعاً يموتون، التعبير لم يُسر منه الملك، فذهب لواحد آخر فقال له: ستكون أطول أهل بيتك عمراً، إنه التعبير نفسه، فما دام أطول أهل بيته عمرا، إذن فسيموتون قبله، هي هي، ولذلك قالوا: الحقائق مرة فاستعيروا لها خفة البيان.       

{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ ٱلْقَلْب لاَنْفَضُّواْ منْ حَوْلكَ} [آل عمران: 159] إذن فبالرحمة لنت لهم وبلين القول تبعوك وألفوك وأحبوك.       

و"الفظُّ" هو: ماء الكرش، والإبل عندما تجد ماءً فهي تشرب ما يكفيها مدة طويلة، ثم بعد ذلك عندما لا تجد ماء فهي تجتر من الماء المخزون في كرشها وتشرب منه، في موقعة من المواقع لم يجدوا ماء فذبحوا الإبل وأخذوا الماء من كرشها، الماء من كرش الإبل يكون غير مستساغ الطعم، هذا معنى "الفَظّ"، ونظراً لأن هذا يورث غضاضة فسموا: "خشونة القول" فظاظة، والغلظ في القلب هو ما ينشأ عنه الخشونة في الألفاظ.       

{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ ٱلْقَلْب لاَنْفَضُّواْ منْ حَوْلكَ} [آل عمران: 159].       

إنها رحمة طُبعت عليها يا رسول الله من الحق الذي أرسلك.       

وبالرحمة لنت لهم وظهر أثر ذلك في إقبالهم عليك وحُبهم لك؛ لأنك لو كنت على نقيض ذلك لما وجدت أحداً حولك.       

إذن فالسوابق تثبت أن هذه هي طباعك، وخلقك، هو الرحمة واللين.       

وبعد ذلك اعفُ عنهم، وقلنا: إن "العفو" هو: مَحْو الذنب محواً تاماً وهو يختلف عن كظم الغيظ؛ لأن كظم الغيظ يعني أن تكون المسألة موجودة في نفسك أيضاً إلا أنك لا تُعاقب عليها؛ لأنك كففت جوارحك وصنت لسانك، أما المسألة فما زالت في نفسك، لكن العفو هو أن تمحو المسألة كلها نهائياً، وتأكيداً لذلك العفو فأنت قد تقول: أنا من ناحيتي عفوت.       

لا.       

المسألة لا تتعلق بك وحدك لأنك رسول من الله، أنت وراءك إله يغار عليك، فلا يكفي أن تعفو عنهم.       

بل لابد أن تستغفر الله لهم أيضاً، فمن الممكن أن يعفو صاحب الذنب، ولكن ربي ورب صاحب الذنب لا يعفو، فيوضح الحق: أنت عفوت فهذا من عندك؛ لكنه يطلب منك أن تستغفر لأجلهم.

كي لا يعذبهم الله عما بدر منهم نحوك.       

{فَٱعْفُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 159] هذه خاصة بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.    

{وَٱسْتَغْفرْ لَهُمْ} [آل عمران: 159] بسبب ما فعلوه، وترتب عليه ما ترتب من هزيمتكم في "أحُد"، وشجك وجرحك، ولا تقل: استشرتهم وطاوعتهم في المشورة، وبعد ذلك حدث ما حدث، فتكره أن تشاورهم، لا تقفل هذا الباب برغم ما حدث نتيجة تلك المشورة وأنَّها لم تكن في صالح المعركة، فالعبرة في هذه المشقة هي أن تكون "أحُد" معركة التأديب، ومعركة التهذيب، ومعركة التمحيص، إذن فلا تُرتّب عليها أن تكره المشورة، بل عليك أن تشاورهم دائماً، فما دام العفو قد رضيت به نفسك، وما دمت تستغفر لهم ربك، واستغفارك ربك قد تستغفره بعيداً عنهم، وعندما تشاورهم في أي أمر من بعد ذلك فكأن المسألة الأولى انتهت، وما دامت المسألة الأولى قد انتهت، فقد استأنفنا صفحة جديدة، وأخذنا الدرس والعظة التي ستنفعنا في أشياء كثيرة بعد ذلك.       

ولذلك تجد بعد هذه المعركة أن الأمور سارت سيرها المنتصر دائماً؛ لأن التجربة والتعليم والتدريب قد أثر وأثمر، لدرجة أن سيدنا أبا بكر -رضي الله عنه- عندما جاءت حروب الردة، ماذا صنع؟        

شاور أصحابه، فقال له بعضهم: لا تفعل.       

فهل سمع مشورتهم؟        

لا.       

لم يسمع مشورتهم، إنما شاورهم.       

فلإنفاد المشورة حُكم، ولرد المشورة حكْم، المهم أن تحدث المشورة؛ ونعمل بأفضل الأراء فالمشورة: تلقيح الرأي بآراء متعددة.

ولذلك يقول الشاعر:
شــــاور ســــواك إذا نابتـــك نائبة
يوماً وإن كنت من أهل المشورات

لقد اهتدى الشاعر إلى كيفية تقريب المعنى لنا، فعلى الرغم من أن الإنسان قد يكون من أهل المشورة والناس تأخذ برأيه، فعليه أن يسأل الناس الرأي والمشورة،        

لماذا؟           

ها هو ذا الشاعر يكمل النصيحة:
فالعين تنظر منها ما دنا ونأى
ولا تـــرى نفسهـــا إلا بمــرآة

إن العين ترى الشيء القريب والشيء البعيد، لكن هذه العين نفسها تعجز عن رؤية نفسها إلا بمرآة، وكذلك شأن المسألة الخاصة بغيرك والتي تعرض عليك، إن عقلك ينظر فيها باستواء ودون انفعال؛ لأنه لا هوى لك، والحق هو الذي يجذبك.       

لكن مسائلك الخاصة قد يدخل فيها هواك ويُحليها لك ويُحسنها.       

إذن فالمشورة في أحُد كانت نتيجتها كما علمتم، وكأن الله يقول لرسوله: إياك أن تأخذ من سابقة المشورة أن المشورة لا تنفع، فتقاطعهم ولا تشاورهم؛ لأنك لن تظل حياً فيهم، وسيأتي وقت يحكمهم بشر مثلهم، وما دام يحكمهم بشر مثلهم فلا تحرمه أن يأخذ آراء غيره، وعندما يأخذ الآراء وتكون أمامه آراء متعددة فهو يستطيع أن يتوصل إلى الحكم الصحيح بحكم الولاية وبحكم أنه الإمام، ويستطيع أن يفاضل ويقول: هذه كذا وهذه كذا، إلا أن يُفوض غيره.

{وَشَاورْهُمْ في ٱلأَمْر فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّه} [آل عمران: 159] وقد عزم رسول الله أيضاً على الحرب ولبس لأمته، أكان يلبس اللأمة -وهي عُدة الحرب- وبعد ذلك يقولون له: لا تخرج فيدعها؟        

لا؛ فالمسألة لا تحتمل التردد.       

{فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّه} [آل عمران: 159] وهذه فائدة الإيمان، وفائدة الإيمان: أن الجوارح تعمل والقلوب تتوكل، معادلة جميلة! الجوارح تقول: نزرع، نحرث، نأتي بالبذر الجيد، نروي، نضع سماداً ونفترض أن الصقيع قد يأتي ونخشى على النبات منه فنأتي بقش ونحوه ونُغطيه، كل هذه عمل الجوارح.       

وبعد ذلك القلوب تتوكل.       

فإياك أن تقول: المحصول آتٍ آتٍ لأنني أحسنت أسبابي، لا.       

لأن فوق الأسباب مُسَبّبَها.       

فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل، هذه فائدة الإيمان لأنني مؤمن بإله له طلاقة القدرة، يخلق بأسباب ويخلق بغير أسباب.       

الأسباب لك يا بشر، أما الذي فوق الأسباب فهو لله، فأنت حين تعمل أخذت بالأسباب، وحين تتوكل ضمنت المسبب وهو الله -سبحانه-.       

إذن فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل.       

إياك أن تظن أن التوكل يعني أن تترك الجوارح بلا عمل، لا، فهذا هو التواكل أو الكسل، إنه التوكل الكاذب، والدليل على كذب من يقول ذلك أنه يحب أن يتوكل فيما فيه مشقة، والسهل لا يتوكل فيه، ونقول للرجل الذي يدعي أنه يتوكل ولا يعمل: أنت لست متوكلاً، ولو كنت صادقاً في التوكل إياك أن تمد يدك إلى لقمة وتضعها في فمك.       

كن متوكلاً كما تدعي، ودع التوكل يضع لك اللقمة في فمك واترك التوكل ليمضغها لك! وطبعاً لن يفعل ذلك، ولهذا نقول له أيضاً: إن ادعاءك التوكل هو بلادة حس إيماني وليس توكلاً.        إن الحق سبحانه وتعالى يقول: {وَٱسْتَغْفرْ لَهُمْ وَشَاورْهُمْ في ٱلأَمْر فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّه} [آل عمران: 159] و"عزمت" تقتضي عزيمة، والتوكل يقتضي إظهار عجز، فمعنى أني أتوكل على الله أنني استنفدت أسبابي، ولذلك أرجع إلى من عنده قدرة وليس عنده عجز، وهذا هو التوكل المطلق.       

وفي حياتنا اليومية نسمع من يقول: أنا وكلت فلاناً، أي أنني لا أقدر على هذا الأمر فوكلت فلاناً.       

ومعنى توكيله لفلان أنه قد أظهر عجزه عن هذا الأمر.       

ولهذا ذهب إلى غير عاجز.       

كذلك التوكل الإيماني، فالتوكل معناه: تسليمك زمام أمورك إلى الحق ثقة بحسن تدبيره، ومن تدبيره أن أعطاك الأسباب فلا ترد يد الله الممدودة بالأسباب ثم تقول له اعمل لي يارب؛ لأننا قلنا في سورة الفاتحة: إن الإنسان يدعو قائلاً: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ} [الفاتحة: 5].       
ومعنى "نستعين" أي نطلب منك المعونة التي نتقن بها العمل.       

وبعد ذلك يقول الحق: {إن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالبَ لَكُمْ وَإن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْده...}.



سورة آل عمران الآيات من 156-160 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 156-160 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 156-160   سورة آل عمران الآيات من 156-160 Emptyالجمعة 26 أبريل 2019, 12:02 am

إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالبَ لَكُمْ وَإنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذي يَنْصُرُكُمْ منْ بَعْده وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّل الْمُؤْمنُونَ [١٦٠]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق يقول هنا: {وَعَلَى ٱللَّه فَلْيَتَوَكَّل ٱلْمُؤْمنُونَ} [آل عمران: 160]، المؤمنون بمن؟


بالله.

وما داموا مؤمنين به فمن إيمانهم به أنه إله قادر حكيم عالم بالمصلحة، ولا يوجد أحسن من أنك توكله.       

وعندما نقرأ {إن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] فقد نسأل: وما هو المقابل؟

المقابل هو {وَإن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْده} [آل عمران: 160].

إذن فأنت دخلت بالأسباب التي قالها الحق سبحانه وتعالى مُؤتمراً بأمر القيادة السماوية التي مُثلت في الرسول المبلغ عن الله، وقد أخذت عُدتك على قدر استطاعتك، إياك أن تقارن عَدَدَك بعدد خصمك أو تقارن عُدتك بعُدة خصمك؛ فالله لا يكلفك أن تقابل العدد بالعدد ولا العُدة بالعُدة، وإنما قال: أنت تُعد ما استطعته.

لماذا؟

لأن الله يريد أن يصحب ركب الإيمان معونة المؤمن به ؛ لأنه لو كانت المسائل قدر بعضها، لكانت قوة لقوة.

لكن الله يريد أن يكون العدد قليلاً وتكون العُدة أقل وأن نعترف ونقول: هذا ما قدرنا عليه يارب.

وما دام هو الذي قدرنا عليه، فتكون هذه هي الأسباب التي مكنتنا منها، ونثق بأنك يارب ستضع مع العدد القليل مدداً من عندك، فأنت المعين الأعلى، فسبحانك القائل: {ذَلكَ بأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافرينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد: 11].

والحق هنا يقول: {إن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] فأنت تضمن نصر الله لك إن كنت قد دخلت على أن تنصره.

كيف نعرف أننا ننصر الله؟

نعرف ذلك عندما تأتي النتيجة بنصرنا، لأنه سبحانه لا يعطي قضية في الكون وبعد ذلك يأتي بالواقع ليكذبها، وإلا فالمسلمون يكونون قد انخدعوا -معاذ الله- لأنه لو جاء الدين بقضية ثم يأتي الواقع ليكذبها، فلابد أن يقولوا: إن الواقع كذب تلك القضية.

لكن الحق قال: {إن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [آل عمران: 160] ويجيء الواقع مؤكداً لهذه القضية، عندئذ نحن لا نصدق في هذه القضية فقط، بل نصدق كل ما غاب عنا، فعندما تظهر جزئية ماديَّة واقعة محسوسة لتثبت لي صدق القرآن في قضية؛ فأنا لا أكتفي بهذه القضية، بل أقول: وكل ما لا أعلمه داخل في إطار هذه القضية.

ولذلك قلنا: إن الحق سبحانه وتعالى ترك بعض أسراره في كونه، وهذه الأسرار التي تركها في كونه هي أسرار لا تؤدي ضرورات؛ إن عرفناها فنحن ننتفع بها قليلاً في الكماليات، ويترك الحق بعض الأسرار في الكون إلى العقول لتستنبطها، فالشيء الذي كان العقل يقف فيه قديماً يصبح باكتشاف أسرار الله مقبولاً ومعقولاً، كأن الشيء الذي وقف فيه العقل سابقاً أثبتت الأيام أنه حق، إذن فما لا يُعرف من الأشياء يُؤخذ بهذه القضية أو بما أُخذَ من الغير.

يقولون -مثلاً- اكتشف الميكروب على يد "باستير"، لكن ألم يكن الميكروب موجوداً قبل "باستير"؟

كان الميكروب موجوداً، ولم يكن أحد يراه؛ لأن الشيء إذا دق ولطف لا نقدر أن ندركه؛ فليس عندنا الآلة التي تدركه، ولم نكن قد اخترعنا المجهر الذي يكبّر الأشياء الدقيقة آلاف المرات.

وكذلك اخترع الناس التلسكوب، فبعد أن كان الشيء لا يُرى لبعده، أصبح يرى بوساطة التلسكوب، وإن كان الشيء ضئيلاً جداً ولا نراه.

فقد استطعنا أن نراه بوساطة المجهر المسمى "الميكروسكوب”.

و"التلسكوب" يقرب البعيد و"الميكروسكوب" يكبر الصغير فنرى له حركة وحياة، ونجد له مجالاً يسبح فيه، وهذا جعلني إذا حدثني القرآن أن لله خلقاً غاب عن الحس لا يدرك من جن وملائكة، فلا أكذب ذلك، لأن هناك أشياء كانت موجودة ولم تدخل تحت حسى ولا إدراكي مع أنها من مادتي، فإذا كانت الأشياء الأخرى من مادة أخرى مثل الملائكة من نور، أو الجن من النار، ويقول لي سبحانه إنهم مخلوقون وموجودون فأنا لا أكذب ما جاء عن الحق؛ لأن هناك أشياء من جنسي كانت موجودة ولم أستطع أن أراها.

إذن فهذه قربت لي المسألة، فعندما يقول الحق: {إن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] فنحن نعرف أن نصر الله مترتب على أن تدخل المعركة وأنت تريد أن تنصر الله، وتنصره بماذا؟

بأنك تحقق كلمته وتجعلها هي العليا، وليس هذا فقط هو المطلوب، بل لتجعل - أيضاً - كلمة الذين كفروا السفلى.

{وَإن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْده} [آل عمران: 160] إنه في ظاهر الأمر يكون معنا، لكننا نشعر أنه تخلى عنا.

لماذا؟

لأننا نترك بعضاً من تعاليم الله، إذن فهو في المظهر العام معكم كمسلمين، ومن معيته لكم أن يؤدبكم على المخالفة فيخذلكم عندما تخالفون عن أمره.

ويختم الحق سبحانه الآية بقوله: {وَعَلَى ٱللَّه فَلْيَتَوَكَّل ٱلْمُؤْمنُونَ} [آل عمران: 160] وفي الآية السابقة قال سبحانه: {إنَّ ٱللَّهَ يُحبُّ ٱلْمُتَوَكّلينَ} [آل عمران: 159]، والذي لا يتوكل على الله عليه أن يراجع إيمانه.

وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: {وَمَا كَانَ لنَبيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْت بمَا...}.



سورة آل عمران الآيات من 156-160 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة آل عمران الآيات من 156-160
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة آل عمران الآيات من 061-065
» سورة آل عمران الآيات من 141-145
» سورة آل عمران الآيات من 066-070
» سورة آل عمران الآيات من 146-150
» سورة آل عمران الآيات من 001-005

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: آل عمران-
انتقل الى: