(حرف الصاد ص)
(ص):
تقدمت في لفظ: التصلية من حرف التاء.
ويأتي في لفظ: صلعم.
صاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب:
لابن القيم -رحمه الله تعالى- في: ((إغاثة اللهفان 2/ 177 - 179)) كلام حافل في هذا ونحوه أنقله بطوله فيقول -رحمه الله تعالى-: (وقال: أما الدنيا فإنَّا نرى الكفَّار والمنافقين يغْلِبُون فيها، ويظهرون، ويكون لهم النصر والظفر. والقرآن لا يرِدُ بخلاف الحِسِّ، ويعتمد على هذا الظن: إذا أُديل عليه عدوٌّ من جنس الكفار والمنافقين، أو الفجرة الظالمين، وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى، فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحقِّ، وأنا مغلوبٌ، فصاحب الحقِّ في هذه الدنيا مغلوبٌ مقهور، والدولة فيها للباطل.
فإذا ذُكِّر بما وعد الله تعالى من حُسنِ العاقبة للمتقين والمؤمنين، قال: هذا في الآخرة فقط. وإذا قيل له: كيف يفعلُ الله تعالى هذا بأوليائه وأحبَّائِه، وأهلِ الحقِّ؟
فإن كان ممن لا يُعلِّلُ أفعال الله تعالى بالِحِكم والمصالح، قال: يفعلُ الله في مُلكِه ما يشاء، ويحكم ما يريد {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [ الانبياء: 23].
وإن كان ممن يُعلِّل الأفعال، قال: فعل بهم هذا ليُعرَّضهم بالصبر عليه لثواب الآخرة وعُلوِّ الدرجات، وتوْفيةِ الأجر بغير حساب.
ولكلِّ أحدٍ مع نفسه في هذا المقام مُباحثاتٌ وإيراداتٌ وإشكالات وأجوبة، بحسب حاصله وبضاعتِه، من المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاتِه وحِكْمته، والجهل بذلك، فالقلوبُ تغْلِي بما فيها، كالقدْر إذا استجْمعتْ غلياناً.
فلقد بلغنا وشاهدنا من كثير من هؤلاء من التظلُّم للِرَّبِّ تعالى، واتِّهامه، ما لا يصْدُرُ إلا من عدو، فكان الجهْمُ يخرجُ بأصحابِه، فيُوقِفُهم على الجذْمى وأهل البلاء، ويقول: انظروا، أرْحمُ الراحمين يفعلُ مثل هذا؟ إنكاراً لرحمته، كما أنكر حِكمته.
فليس الله عند جهمٍ وأتباعه حكيماً ولا رحيماً.
وقال آخر من كبار القوم:
ما على الخلق أضرُّ من الخالق.
وكان بعضهم يتمثل:
إذا كان هذا فِعله بمحبِّة فماذا تراهُ في أعادِيه يصْنعُ؟
وأنت تشاهد كثيراً من الناس إذا أصابه نوعٌ من البلاء يقول: يا ربِّ: ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا؟
وقال لي غير واحد: إذا تبتُ إليه وأنبْتُ وعملتُ صالحاً ضيَّق عليَّ رزقي، ونكد عليَّ معيشتي، وإذا رجعْتُ إلى معصيته، وأعْطيْتُ نفسي مُرادها جاءني الرِّزْقُ والعوْنُ، ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه، ليرى صِدْقك وصبرك، هل أنت صادقٌ في مجيئك إليه وإقبالك عليه، فتصبر على بلائِه؛ فتكون لك العاقبةُ، أم أنت كاذبٌ فترجع على عقِبك؟
وهذا الأقوالُ والظنونُ الكاذبةُ الحائدةُ عن الصواب مبْنيةٌ على مُقدمتين: إحداهما:
حُسْنُ ظنِّ العبدِ بنفسه وبدينه، واعتقادُه أنه قائمٌ بما يجبُ عليه، وتارك ما نُهي عنه، واعتقادُه في خصْمه وعدُوِّه خلاف ذلك، وأنه تارك للمأمور، مرتكب للمحظور، وأنه نفْسه أولى بالله ورسوله ودِينه منه.
والمقدمة الثانية:
اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى قد لا يُؤيد صاحب الدين الحق وينْصُره، وقد لا يجعلُ له العاقبة في الدنيا بوجهٍ من الوجوه، بل يعيش عُمره مظلوماً مقهوراً مُسْتضاماً، مع قيامه بما أُمِر به ظاهراً وباطناً، وانتهائه عما نُهِي عنه باطناً وظاهراً، فهو عند نفسه قائمٌ بشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم، والفجور والعُدْوان... فلا إله إلا الله، كم فسد بهذا الاغترار مِنْ عابدٍ جاهلٍ، ومُتديِّن لا بصيرة له، ومُنْتسب إلى العلم لا معْرِفة له بحقائق الدين.
فإنه من المعلوم:
أن العبد وإن آمن بالآخرة، فإنه طالبٌ في الدنيا لما لابُدَّ له منه: مِنْ جلْب النَّفْعِ ودفع الضر، بما يعتقد أنه مُستحب أو واجب أو مباحٌ، فإذا اعتقد أنَّ الدين الحقَّ واتِّباع الهدى، والاستقامة على التوحيد، ومتابعة السُّنة، ينافي ذلك، وأنه يُعادي جميع أهل الأرض، ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء، وفوات حُظوظه ومنافعه العاجلة؛ لزم من ذلك: إعراضهُ عن الرَّغبة في كمال دينه، وتجرده لله ورسوله، فيعرض قلبه عن حال السابقين المقربين، بل قد يُعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد يدخل مع الظالمين، بل مع المنافقين، وإن لم يكن هذا في أصل الدين، كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (( بادِرُوا بالأعمال فِتناً كقطع الليل المظلم، يُصبحُ الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً، ويُمسي كافراً ويُصْبح مؤمناً، يبيعُ دينه بِعرضٍ من الدنيا)).
وذلك أنه إذا اعتقد أن الدين الكامل لا يحصلُ إلا بفساد دُنياه، من حصول ضرر لا يحتمله، وفوات منفعة لابُدَّ له منها؛ لم يُقدم على احتمال هذا الضرر، ولا تفويت تلك المنفعة.
فسبحان الله! كم صدَّت هذه الفتنةُ الكثير من الخلق، بل أكثرهم، عن القيام بحقيقة الدين ) انتهى.
صار الله:
لا يجوز أن يقال: صار الله؛ لأن صار -وهي فعل ماض ناقص- معناها الانتقال من حال إلى حال، وإنما يقال: كان الله؛ فإن (( كان)) -وهي فعل ماض ناقص- تدل على الزمان الماضي من غير تعرض لزواله في الحال أو لا زوال له، ولهذا في الحديث: (( كان الله ولم يكن شيء قبله)) ولم يقل: صار الله. والله أعلم.
وانظر: (( عمدة القاري)) للبدر العيني -رحمه الله تعالى- في شرحه لترجمة البخاري -رحمه الله تعالى-: باب كيف كان بدء الوحي.
وقرر الشارح أنه لا يقال: صار.
فإن أراد منع الإطلاق لعدم النص فذاك، وإن أراد النفي لمذهب الأشاعرة نفاة الأفعال الاختيارية لله تعالى فهذا المقصد مرفوض، والله أعلم.
الصانع:
في (( بغية الوعاة)) للسيوطي ترجمة لضياء بن سعيد القزويني - م سنة 708 هـ -.
فقال: ( وكانت لحيته طويلة بحيث تصل إلى قدميه، ولا ينام إلا وهي في كيس، وإذا ركب تتفرق فرقتين، وكان عوام مصر إذا رأوه يقولون: سبحان الخالق، فكان يقول: عوام مصر مؤمنون حقاً لأنهم يستدلون بالصنعة على الصانع.
فائدة - رأيت أن أطرز بها هذا الكتاب -: وقع في كلام الشيخ ضياء الدين هذا السابق نقله عنه آنفاً إطلاق ( الصانع ) على الله تعالى، وهو جارٍ في ألسنة المتكلمين، وانتقد عليهم بأنه لم يرد إطلاقه على الله تبارك وتعالى، وأسماؤه توقيفية.
وأجاب التقي السبكي:
بأنه قُرئ شاذاً: ( صنعه الله ) بصيغة الماضي، فمن اكتفى بإطلاق الأسماء بورود الفعل اكتفى بمثل ذلك.
وأجاب غيره
بأنه مأخوذ من قوله: { صُنْعَ اللَّهِ } ويتوقف أيضاً على القول بالاكتفاء بورود المصدر.
وأقول: إني لأعجب للعلماء - سلفاً وخلفاً - من المحدثين والمحققين، ممن وقف على هذا الانتقاد، وقول القائل: إنه لم يرد وتسليمهم له ذلك، ولم يستحضروه، وهو وارد في حديث صحيح.
ثم أسند الحديث من طريق البيهقي بسنده عن حذيفة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( إن الله صانع كل صانع وصنعته)).
هذا حديث صحيح أخرجه الحاكم عن أبي النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه عن عثمان بن سعيد الدارمي عن علي بن المديني به، وقال على شرط الشيخين؛ ولم ينتقده الذهبي في (( تلخيصه))، ولا العراقي في (( مستخرجه)).
وقال الحاكم: حدثنا أبو بكر بن أبي الهيثم، حدثنا الفربري، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أما أفعال العباد مخلوقة، فقد حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا مروان بن معاوية، عن ربعي؛ فذكره بلفظ: (( إن الله صنع كل صانع وصنعته)).
والعجب من السبكي كيف لم يستحضره، وعدل إلى جواب لا يسلم له؟! مع حفظه حتى قال ولده: إنه ليس بعد المزي والذهبي أحفظ منه ) ا هـ.
قلت:
هذا على رأي من اكتفى في إطلاق الأسماء بورود الفعل، وقد غلَّط المحققون هذا الرأي في مباحث مطولة نفيسة وقرروا أن أسماء الله توقيفية، وعليه فلا يكون ( الصانع ) اسماً من أسماء الله تعالى.
ونجد هذا مبسوطاً في مؤلفات ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله تعالى - كما في شفاء العليل والبدائع، كلاهما لابن القيم. والله أعلم.
تكميل: حديث حذيفة المذكور، أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة 1/ 158، رقم 357 بلفظ: (( إن الله خلق كل صانع وصنعته)).
وصححه الألباني، وقال: أخرجه البخاري في أفعال العباد، والحاكم، وغيرهما، وهو مخرج في: (( الصحيحة)) ( 1637 ).
وفي ترجمة: عبدالقادر النحاس م سنة ( 1091 هـ ) من (( فهرس الفهارس)): ذكر كلام السيوطي المذكور عزواً إلى شرحه للنقاية، ثم كتب عليه عبدالقادر المذكور ما نصه: ( وفي صحيح مسلم في كتاب الذكر: (( إن الله صانع ما شاء لا مكره له)). ا هـ.
صبأ:
في كتاب المغازي: باب بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد إلي بني جذيمة، من (( صحيح البخاري)) ذكر قصته معهم، وقولهم له: صبأنا.
وفي ترجمة السَّميدع الكناني من الإصابة قال:
( روى أبو الفرج الأصبهاني من طريق ابن دأب أن خالد بن الوليد لما توجه إلى بني كنانة يقاتلهم، فقالوا: إنا صبأنا. ولم يحسنوا أن يقولوا: إنا أسلمنا، فقتلهم، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- علياً فأعطاهم ديات من قتل منهم... ) الخبر.
صباح الخير:
لابن حجر الهيتمي -رحمه الله تعالى- مطلب مهم ذكر فيه جملة ألفاظ هذا نصه:
(( [ مطلب: على أنه تكره التحية بصباح الخير بخلاف صبحك الله بالخير ].
ومحل عدم كراهة التحية بكرة النهار حيث لم تكن بألفاظ اليهود المشهورة كصباح الخير، بخلاف نحو صبحك الله بالخير.
وكذا تكره التحية بعد الحمام بنحو: أطال الله بقاءك، بخلاف: أدام الله لك النعيم، وقول الجلال: ولا بالتهنئة إلخ، لو أبدله بقوله: بل لا يبعد ندبه إذ له أصل في السنة: لكان أولى ولا كراهة في: جعلني الله فداءك، ولو لغير عالم وصالح، ولا في الذكر في الطريق ومحله إن لم يلته وإلا كره.
وقوله: ( على من ظلمه أو غيره ) الظاهر أن ( أو غيره ) تحريف؛ إذ من الواضح حرمة الدعاء على الغير الذي لم يقع منه ظلم للداعي فكيف ينفي عنه عدم الكراهة؟
وقوله: ( يداوم أو يؤذ ) توهم، والصواب ( أو يداوم )بأو، فإن الفحش وحده والمداومة وحدها كل منهما يقتضي الكراهة ولا يشترط فيهما اجتماعهما؛ خلافاً لما يوهمه عطفه المداومة وما بعدها بأو.
والعجب بسبحان الله صح عنه -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة شهيرة، ومستقر الرحمة: الجنة.
والشوط أصله الهلاك فالكراهة في تسمية الطواف به عليها جماعة من الأئمة؛ لما فيها من التفاؤل بالقبيح، فهو نظير كراهته-صلى الله عليه وسلم- للإنسان أن يقول: خبثت نفسي، بل تلك أولى؛ لأن لفظ الهلاك أقبح من لفظ الخبث، لكن صح عن ابن عباس رضي الله عنهما التعبير بالأشواط.
وحديث (( إن رمضان من أسماء الله)) ضعيف فلا دليل فيه لمن كره ذكر رمضان وحده من غير إضافة، وقد ذكره -صلى الله عليه وسلم- مجرداً عنه في أحاديث كثيرة صحيحة كـ (( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة)).
وزعْمُ بعض السلف أن ( السورة التي تذكر فيها البقرة ) لا كراهة فيه، بخلاف سورة البقرة: في غاية الضعف إذ لا فرق بينهما في الحقيقة، وإيهام الثاني أن السورة للبقرة لا يتوهمه أحد البتة، وقد نطق -صلى الله عليه وسلم- بذلك في عدة أحاديث صحيحة.
والمراد بـ ( يقول) - في أن الله يقول ليس حقيقة المستقبل إذا لا يتعقل من له أدنى مسكة ذلك منه، قال الله: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ } وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- التصريح به في أحاديث كثيرة.
وروى مسلم في القصر: (( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)).
وصح في الأحاديث التصريح بإعتاق الله من شاء من خلقه من النار، وبأن من فعل كذا حلت له شفاعته -صلى الله عليه وسلم-، وزعم أنه لا تكون إلا للمذنبين خطأ صريح بل قد تكون في نحو رفع الدرجات، على أنهم أجمعوا على ندب الدعاء بالمغفرة المستدعية لوقوع - ولعله برفع - برفع الذنب وطلب العفو عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (( اذبحوا على اسم الله)) أي قائلين ذلك، وزعم أنه يكره أن يقول: ارحمنا برحمتك، كاجمع بيننا في مستقر رحمتك، يردهما أنه لا دليل له بوجه إذ المراد: اجمع بيننا في الجنة التي هي دار القرار ولا تنال إلا بالرحمة)) انتهى. يظهر أن في الكلام سقطاً بعد قوله: وطلب العفو عنه فلينظر؟
صباح النور:
في (( مجلة مجمع اللغة العربية بمصر)) مقال ممتع للأستاذ / عمر فروخ، قال فيه: ( ومعظم الناس إذا حيا بعضهم بعضاً قالوا: صباح الخير أو مساء الخير! والرد على هذه التحية هو: صباح النور - مساء النور، وهذه التحية هي: التحية المجوسية، يعتقد المجوسي بقوتين: الخير، والشر، يمثلهما: النور والظلمة.
وللمجوسي إله للخير أو النور، وإله للشر أو الظلمة، وهما يتنازعان السيطرة على العالم، فكان من المعقول أن يحيي المجوس بعضهم بعضاً بقولهم: صباح الخير - صباح النور! ومع أن الإسلام قد أمرنا بأن نأخذ تحية الإسلام: ( السلام عليكم ) مكان كل تحية أخرى، فلا يزال العرب في معظمهم - من المسلمين ومن غير المسلمين - يتبادلون التحية بقولهم صباح الخير - صباح النور ) ا هـ.
صبَّحك الله بالخير:
النهي عن الابتداء بها قبل لفظ: السلام.
قال النووي -رحمه الله تعالى-:
( مسألة: إذا ابتدأ المارُّ، الممْرور عليه، فقال: صبحك الله بالخير، أو: بالسعادة، أو: قواك الله أو: لا أوحش الله منك، أو غير ذلك من الألفاظ التي يستعملها الناس في العادة؛ لم يستحق جواباً، لكن لو دعا له قبالة ذلك، كان حسناً، إلا أن يترك جوابه بالكلية، زجراً له في تخلفه، وإهماله السلام، وتأديباً له ولغيره في الاعتناء بالابتداء بالسلام ) انتهى.
قال ابن علان في شرحه لها:
( هذه الألفاظ كلها لا أصل لها في التحية، ولم يثبت فيها شيء ) انتهى.
الصّحْوة الإٌسْلاميّة:
هذا وصف لم يعلق الله عليه حكماً، فهو اصطلاح حادث، ولا نعرفه في لسان السلف جارياً، وجرى استعماله في فواتح القرن الخامس عشر الهجري في أعقاب عودة الكفار كالنصارى إلي (( الكنيسة)).
ثم تدرج إلى المسلمين، ولا يسوغ للمسلمين استجرار لباس أجنبي عنهم في الدين، ولا إيجاد شعار لم يأذن الله به ولا رسوله؛ إذ الألقاب الشرعية توقيفية: الإسلام، الإيمان، والإحسان، التقوى، فالمنتسب: مسلم، مؤمن، محسن، تقي....
فليت شعري ما هي النسبة إلى هذا المستحدث (( الصحوة الإسلامية)): صاحٍ، أم ماذا؟ ثم إنه يعني أن الإسلام كان في غفوة، وحال عزل في المسجد -كالديانة النصرانية كانت في الكنيسة فحسب- ثم أخذ في التمدُّد والانتشار، ففي هذا بخصوص الإسلام إغفال للواقع، ومغالطة للحقيقة، وإيجاد جو كبير للتخوف من المتدينين والرُّعب منهم حتى تتم مقاومتهم، وفي مصطلحات الصوفية كما في رسالة ابن عربي (( مصطلحات الصوفية)): الصحوة: رجوعٌ إلى الإحسان بعد الغيبة بوارد قوي.
صدر صدور العرب والعجم:
مضى في حرف الألف: أفضل العالم.
صدقت وبررت:
يقولها من يسمع المؤذن في أذان الفجر يقول: (( الصلاة خير من النوم)) وهو لا يثبت، فليقل السامع مثل قول المؤذن سواء، والله أعلم.
صديق إبراهيم:
طرداً للقاعدة العقدية عن أهل السنة والجماعة من أنا لا نسمي الله تعالى ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى ووصف به نفسه، أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم-.. فنقول: اتخذ الله إبراهيم خليلاً، كما ذكره الله تعالى في كتابه، ولا نقول: اتخذ الله إبراهيم صديقاً؛ للتوقيف بالنص، والله أعلم.
وانظر: (( اجتماع الجيوش الإسلامية))، ومضى نقله في حرف السين: بلفظ سرير، وهو مهم.
صدق الله العظيم:
نعم صدق الله العظيم { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [ النساء: من الآية: 122] ، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [ النساء: من الآية: 87].
وقول القائل:
صدق الله العظيم، ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لابد له من دليل؛ إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه: فإن التزام هذه بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه، فيكون غير مشروع، والتعبُّد بما لم يُشرع من البِدَعِ، فالتزامها والحال هذه بدعة. والله أعلم.
الصديق:
لا يجوز إطلاق كلمة: (( الصديق)) على (( الكافر))؛ لأن أصل اشتقاق هذه الكلمة في اللغة يدور على: (( المحبة والمودة))، والله -سبحانه- يقول: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [ المجادلة: من الآية: 22]، فكيف إذا أُطلقت على كافر لا قرابة معه في نسب ولا سبب؟
ولهذا كانت (( الصداقة)) عند أهل اللسان هي: اتفاق الضمائر على المودة فإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحبه، فصار باطنه فيها كظاهره، سُمِّيا: صديقين، ولهذا لا يقال: الله صديق المؤمن، كما أنه وليُّه.
وقال العسكري -أيضاً- في الفرق بين المحبة والصداقة: ( أن الصداقة: قوة المودة مأخوذة من الشيء الصدق، وهو: الصلب القوي، وقال أبو علي -رحمه الله تعالى-: الصداقة اتفاق القلوب على المودة، ولهذا لا يقال: إن الله صديق المؤمن، كما يقال: إنه حبيبه، وخليله ) انتهى.
ومثلها كلمة: (( أخ)) أو (( أخي)) فلا يجوز لمسلم أن يقولها لكافر، وهو ليس أخاً له من نسب أو رضاع.
لكن يرد على هذه -(( أخي)) للكافر- قول الله -تعال-: { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ } [ الاحقاف: من الآية: 21] وهو هود - عليه السلام - وقد قال - تعالى -: {أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [ هود: من الآية: 60]. فليحرر!!
الصرم:
روى البخاري في: الأدب المفرد، والحاكم في: المستدرك، بإسناديهما عن: ابن عبدالرحمن بن سعيد المخزومي -وكان اسمه الصرم- فسماه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( سعيداً))، وقال: حدثني جدي قال: (( رأيت عثمان -رضي الله عنه- متكئاً في المسجد)) ورواه أحمد، والبزار، والطبراني، قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
وأما حديث: سعيد بن يربوع (( الصرم قد ذهب)) كما في: (( الجامع الصغير)) وقد رمز لضعفه، فمعناه: الصرم: الهجر. وقد ذهب: أي جاء الشرع بإبطاله.
الصرورة:
في الجاهلية تسمية من لم يحج: صرورة، ومنه قول:
لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متبتل
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ولهم من تاموره بتنزل
وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (( لا صرورة في الإسلام)).
رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم.
وعن القاسم بن عبدالرحمن، عن ابن مسعود قال:
لا يقولنّ أحدكم: إني صرورة، فإن المسلم ليس بصرورة، ولا يقولن أحدكم: إني حاج، فإن الحاج هو المُحْرِمْ.
رواه البيهقي، قال النووي: موقوف منقطع.
صفر (( تسمية محرم به)):
قال النووي في الأذكار:
( فصل: ويكره أن يسمى المحرَّم: صفراً؛ لأن ذلك من عادة الجاهلية ).
قال ابن علان في شرحه: قال السيوطي:
( سئلت: لم خص المحرم بقولهم: شهر الله دون سائر الشهور مع أن فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان؟ ووجدت ما يجاب به: بأن هذا الاسم إسلامي دون سائر الشهور في الجاهلية، وكان اسم المحرم في الجاهلية: صفر الأول، والذي بعده: صفر الثاني، فلما جاء الإسلام سماه الله: المحرم، فأضيف إلى الله تعالى، بهذا الاعتبار، وهذه فائدة لطيفة، رأيتها في: الجمهرة ) انتهى.