أهداف التشريع الإسلامي
تلخيص لكتابين:
1-أهداف التشريع الإسلامي
د. محمد حسن أبو يحيى
2-مقاصد الشريعة الإسلامية
د. يوسف العالم
إعداد:
سامي بن خالد الحمود
غفر الله لهم ولوالديهم وللمسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
أهداف التشريع الإسلامي
1) تبليغ شريعة الله للناس كافة:
خلق الله تعالى الإنسان لغايات أهمها: عبادة الله تعالى وعدم الشرك به، قال الله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”. (1)
ولهذا أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمقاتلة من يجب قتاله حتى يؤمن بالله تعالى.
ولتحقيق هذا الهدف أرسل الله رسله للعباد.
ويهدف الشارع من إرسال الأنبياء والرسل تحقيق ما يلي:
1ـ دعوة الناس إلى عبادة الله تعالى وتحريرهم من عبودية غيره من طواغيت وطبيعة، قال الله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسـول إلا نوحي إليـه أنـه لا إلـه إلا أنا فاعبدون”. (2)
2ـ تعليم الناس دستور السماء بما فيه من عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات، ونظام سياسي واجتماعي واقتصادي وتربوي وجهادي وتعلمي، ثم وجوب العمل بما تعلموه.
وتطبيق ذلك تطبيقاً كاملاً في جميع مرافق الحياة، وأن تحكيم غير ذلك في مجال علاقات الأفراد والأسر والجماعة يعد كفراً وظلماً وفسقاً.
قال الله تعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”. (3)
3ـ وفي ذلك التعليم تأديب وتزكية وإصلاح للناس جميعاً.
قال الله تعالى: " هو الذي بعث في الأمين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " (4)
وقد مرت الدعوة إلى الله زمن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع مراحل: (5)
المرحلة الأولى:
مرحلة الدعوة إلى الله تعالى دون قتال.
وقد بدأت منذ أن أوحى الله إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واستمرت هذه المرحلة ثلاث عشر سنة، وهذه المرحلة مرحلة الإعداد فكرياً وعقائدياً وأخلاقياً وتربوياً على أساس المنهج الرباني.
قال الله تعالى: " واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً”. (6)
وقال تعالى " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " (7)
وقال تعالى " فاعف عنهم واصفح " (8)
المرحلة الثانية:
الدعوة إلى الله تعالى مع الإذن بالقتال دون فرضه وهذه المرحلة بدأت منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
قال الله تعالى: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " (9)
المرحلة الثالثة:
الدعوة إلى الله تعالى مع وجوب قتال المسلمين دون من لم يقاتلهم، قال تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " (10)
المرحلة الربعة:
الدعوة إلى الله مع فرضية قتال الكفرة مع مراعاة البدء بالأقرب داراً.
وهذه المرحلة نزلت فيها الأدلة الدالة على فرضية ذلك، وهي كثيرة، منها:
قول الله تعالى "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين".
وقول الله تعالى:: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير" (11)
2) نفوذ الشريعة الإسلامية:
إن من مقاصد الشريعة أن تكون نافذة في الأمة، إذ لا تحصل المنفعة المقصودة منها كاملة بدون نفوذها.
وإن أعظم باعث على احترام الشريعة ونفوذها خطاب الله تعالى للأمة. (12)
قال الله تعالى: " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " (13)
ومما يدل على نفوذ الشريعة في الأمة وأنه يجب عليها أن تطيعها أدلة كثيرة.
قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (14)
وقال تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً " (15)
ولقد سلكت الشريعة الإسلامية مسلكين لتحصيل ذلك. (16)
المسلك الأول:
مسلك الحزم في إقامة أحكام الشريعة.
المسلك الثاني:
مسلك التيسير والرحمة بقدر لا يفضي إلى انخرام مقاصد الشريعة.
مرد نفوذ الشريعة الإسلامية:
إن مرد نفوذ الشريعة الإسلامية يرجع إلى الوازع الجبلي والديني والسلطاني. (17)
أولاً: الوازع الجبلي:
ولذا فإنها ليست بحاجة إلى الإطالة والتفصيل في بيان المصالح ودرء المفاسد عن طريق الأدلة التفصيلية.
ولهذا " لا تجد في الشريعة وصايات تحفظ الأزواج، لأنه في الجبلة إذا كانت الزوجة كافية”. (18)
والوازع الجبلي يمنع زواج الشخص من زوجة أبيه بعد موته... وهكذا.
ثانياً: الوازع الديني:
وهو وازع الإيمان الصحيح المتفرع إلى الرجاء والخوف، فذلك كان تنفيذ الأوامر والنواهي موكولاً إلى دين المخاطبين بها. (19)
ومما يدل على ذلك قول الله تعالى " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر " (20)
وقول الله تعالى: " واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم " (21)
ثالثاً: الوازع السلطاني:
" فمتى ضعف الوازع الديني في زمن أو قوم أو في أحوال يصار إلى الوازع السلطاني..
فيناط التنفيذ بالوازع السلطاني، كما قال عثمان بن عفان " يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " (22)
ولذلك يجب على ولاة الأمور حراسة الوازع الديني من الإهمال، فإن خيف إهماله أو سوء استعماله وجب عليهم تنفيذه بالوازع السلطاني. (23)
وإذا فسد الزمان فإن إصلاح الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكفي لحمل الناس على اتباع شرع الله تعالى، بل لا بد من استعمال السلطان لوازعه لحملهم على طاعة الله ورسوله.
3) قوة الأمة وهيبتها:
إن الشريعة الإسلامية عندما اهتمت بإصلاح الفرد، وإن هذا الإصلاح أحد مقاصدها، كانت تقصد من هذا تحقيق مقصد أصلي، ألا وهو أن تكون الأمة الإسلامية قوية مرهوبة الجانب مطمئنة البال. (24)
ولن تكون أمة الإسلام قوية إلا إذا تمسكت بعقيدتها، وجعلت القرآن الكريم والسنة النبوية وغيرهما من مصادر التشريع الإسلامي مصادر لتشريعاتها في كافة الأنظمة.
وإذا فعلنا هذا كانت لنا السيادة والتمكين على وجه الأرض، مصداقاً لقول الله تعالى " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينـهم الذي ارتضـى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً " (25)
4) الإصلاح وإزالة الفساد:
إن المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان.
ويشمل صلاحه صلاح عقله وصلاح عمله وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذي يعيش فيه. (26)
وسائل تحقيق المصالح ودرء الفاسد:
الوسيلة الأولى:
إصلاح العقيدة.
الوسيلة الثانية:
إصلاح حال الإنسان.
فابتدأت الدعوة بإصلاح الاعتقاد الذي هو إصلاح مبدأ التفكير الإنساني الذي يسوقه إلى التفكير الحق في أحوال هذا العالم، ثم عالجت الإنسان بتزكية نفسه وتصفية باطنه.
الوسيلة الثالثة:
إصلاح العالم.
وفي إصلاح حال الإنسان إصلاح للعالم المهيمن عليه ذلك الإنسان والعكس صحيح قال تعالى " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " (27).
الوسيلة الرابعة:
إصلاح العمل:
ويكون ذلك " بتفنن التشريعات كلها، فاستعداد الإنسان للكمال وسعيه إليه يحصل بالتدريج في مدارج تزكية النفس " (28)
الوسيلة الخامسة:
إصلاح أحوال المسلمين في نظام المعاملات المدنية ويكون بجلب المصلحة لهم ودرء المفسدة عنهم.
4) المساواة:
تمتاز الشريعة الإسلامية بالديمومة والعالمية.
وإذا كانت الشريعة تمتاز بالعالمية، فإن هذا الوصف يقتضي المساواة بين أفراد الأمة الإسلامية، وكذا أفراد أهل الذمة، فيما يقبل المساواة.
مرد المساواة:
الاعتبار الأول:
المساواة في القيمة الإنسانية المشتركة أي الخلقة.
ومما يدل على ذلك:
قول الله تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " (29).
الاعتبار الثاني:
أن الناس متساوون في حقوق الحياة في هذا العالم بحسب الفطرة، ولا أثر لما بينهم من اختلاف في الجنس واللون والصور والمواطن (30).