منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers (إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..) |
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)
(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
|
|
| مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الأحد 12 أغسطس 2018, 11:23 pm | |
| مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) حسين بن محمد بن عبد الله آل الشيخ غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الأولى إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يَهْدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فسبق وأن وفقني الله لتحقيق منسك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وطبع أكثر من مرة، إلا أني رأيت أن اختصره، وذلك اتِّباعًا لمنهج السلف -رحمهم الله- في تعاملهم مع الكتب المفيدة، وحرصًا مني على إتمام الفائدة، ومراعاةً لظروف أهل العصر ورغبتهم في كل ما هو مفيد مختصر.
فكان عملي في المختصر كالآتي: 1- إعادة ترتيب مسائل الكتاب؛ لتكون متسلسلةً وفق مناسك الحَجّ الفعلية. 2- جمع المسائل ذات العلاقة المشتركة ببعضها. 3- التخلص مما تكرر ما لم يؤثر على المعنى، وإضافة ما يوضِّحه إذا لزم الأمر. 4- إعادة صياغة بعض الجمل لتكون بعبارة أقل. 5- مع الالتزام بكل معنى أشار إليه المؤلف -رحمه الله- له علاقة بالنُّسُك.
وفي الختام: ندعو الله بدعاء الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي علمه لأصحابه: ((اللهم إنَّا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم))؛ رواه أحمد (4: 402). وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. الرياض، ص ب 18126 حسين بن محمد آل الشيخ الفصل الأول في التعريف بالحَجّ وحكمه والاستطاعة إليه([1]) أولاً التعريف: لغةً: قرئ الحَجّ والحَجّ بفتح الحاء، وكسرها، وهو قصد الشيء، وإتيانه، ومنه سُمي الطريق محجة؛ لأنه موضع الذهاب والمجيء، ويسمى ما يقصده الخصم حجة لأنه يأتمه وينتحيه، ومنه في الاشتقاق الأكبر الحاجة، وهو ما يقصد، ويطلب للمنفعة به.
ومنه قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))؛ رواه أحمد والبخاري.
ويقول بعض أهل اللغة: الحَجّ القصد أو كثرة القصد إلى من يعظمه.
وشرعًا: ثم غلب في الاستعمال الشرعي، والعرفي على حج بيت الله سبحانه وتعالى وإتيانه، فلا يفهم عند الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد لأنه هو المشروع الموجود كثيرًا وذلك كقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجّ} [الحَجّ: 27] وقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجّ وَالعُمْرَة لِلَّهِ}، إلى قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَة إِلَى الحَجّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196].
وقد بين المحجوج إليه؛ فيقول تعالى: {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} [آل عمران: 97]، وقوله تعالى: {فَمَن حَجَّ البَيتَ أَوِ اعتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].
ثم إن حج البيت له صفةٌ معلومةٌ في الشرع، من الوقوف بعرفة والطواف بالبيت وما يتبع ذلك فان ذلك كله من تمام قصد البيت فإذا أطلق الاسم في الشرع انصرف إلى الأفعال المشروعة إما في الحَجّ الأكبر أو الأصغر أي العُمْرَة.
ثانيًا: حكم الحَجّ والعُمْرَة 1- حكم الحَجّ: واجب في الجملة، وهو أحد مباني الإسلام الخمس وهو من العلم المستفيض.
والأصل فيه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً}، وقد أتْبَعَهُ بقوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ العَالَمِينَ} {آل عمران : 97] فيبين أن من لم يعتقد وجوبه فهو كافر.
وأنه إنما وضع البيت وأوجب حجه ليشهدوا منافع لهم لا لحاجة إلى الحَجّاج لأن الله غنى عن العالمين.
وأما السُّنَّة: فقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((بني الإسلام على خمس، شهادة إلا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت))؛ متفقٌ عليه.
والآيات والأحاديث الصحيحة في إثبات ذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون في الجملة على أن الحَجّ فرض لازم.
2- حكم العُمْرَة: العُمْرَة واجبة العُمْرَة فريضة قاله أحمد في مواضع، وهو قول ابن عباس وابن عمر وجابر رضي الله عنهم، وذكر عنه رواية أخرى أنها سنة لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] ولم يذكر العُمْرَة، وعن جابر -رضيَ الله عنه- قال: أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أعرابي فقال: أخبرني عن العُمْرَة أواجبة هي؟ فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا، وإن تعتمر خيرٌ لك) [2]؛ رواه أحمد، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح [3].
3 - والحَجّ والعُمْرَة: يجبان مرة في العمر بإيجاب الشرع، فأما إيجاب المرء على نفسه فيجب في الذمة بالنذر، ويجب القضاء لما لم يتمه، ويجب إتمامه بعد الشروع؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الحَجّ وَالعُمْرَة لله} [البقرة: 96].
4- ولا يجب الوجوب المقتضى للفعل وصحته إلا على مسلم لقوله الله سبحانه: { إِنَّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقرَبُواْ المَسجِدَ الحَرَامَ بَعدَ عَامِهِم هَذَا} [التوبة: 38].
5-ولا حج على مجنون إلا أن يفيق، ولا على صبي حتى يبلغ؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:
((رُفع القلم عن المجنون حتى يفيق، والصبي حتى يحلم))؛ رواه أحمد: 1: 118، ورواه البخاري موقوفًا.
ولا يجب إلا على حرٍّ كامل الحرية.
ثالثًا: الاستطاعة 1-أما الاستطاعة فهي شرط في الوجوب: وليست شرطًا في الإجزاء... والحَجّ إنما يجب على من استطاع إليه سبيلا بنص القرآن والسُّنَّة وإجماع المسلمين وهو معنى قوله تعالى: {مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97].
2- واستطاعة السبيل عن الإمام أحمد وأصحابه: ملك الزاد والراحلة؛ فمناط الوجوب: وجود المال، فمن وجد المال وجب عليه الحَجّ بنفسه أو بنائبه، وأن يجد ذلك بعد ما يحتاج إليه من قضاء دَيْنِه، ومؤنة نفسه وعياله على الدوام.
3- فان حجَّ راجلاً تجزؤه من حجة الإسلام ويكون قد تطوع بنفسه، (ورُويَ) أحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب وجود الزاد والراحلة، مع علم النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأن كثيرًا من الناس يقدرون على المشي، ودليل الأصل قوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الذينَ إِذَا ما أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم} [التوبة: 91، 92].
وأيضًا فإن المشي في المسافة البعيدة مظنَّة المشقَّة العظيمة، وتعتبر الراحلة في حق من بينه وبين مكة مسافة القصر عند أصحابنا، فأما القريب والمكي ونحوهما ممن يقدرون على المشي فيلزمه ذلك كما يلزمه المشي إلى الجمعة والعيد.
4- وإن كان العاجز عن الحَجّ يرجو القدرة عليه كالمريض والمحبوس لم تجز له الاستنابة في فرض كما ذكره أحمد؛ لأن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنما أذن للشيخ الكبير الذي لا يستمسك على الراحلة، وأما الذي يُرجى أن يقدر على الحَجّ ليس في معناه.
5- أما المرأة: فلا يجب عليها أن تسافر للحج ولا يجوز لها ذلك إلا مع زوج أو ذي محرم لقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا معها ذو محرم)؛ متفقٌ عليه، وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز لها السفر إلا على وجه يؤمن فيه البلاء.. والله أعلم.
الفصل الثاني في الدخول في النُّسُك والمواقيت 1- الدخول في المنسك: أول مناسك الحَجّ والعُمْرَة للدخول فيهما هو: الإحرام بذلك من الميقات. وقبل ذلك فهو بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة الجمعة؛ فله أجر السعي، ولا يدخل فيها حتى يحرم بها.
2- والمواقيت خمسة: مُهَلُّ أهل المدينة ذو الحليفة ومهل أهل الشام الجحفة ومهل أهل اليمن يلملم ومهل أهل نجد قرن المنازل ومهل أهل العراق ذات عرق.
ولما وقَّت النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- المواقيت قال: ((هنَّ لأهلهنَّ، ولمن مر عليهن من غير أهلهن لمن يريد الحَجّ والعُمْرَة، ومن كان منزله دونهن فَمَهِلُّه من أهله، حتى أهل مكة يهلُّون من مكة)؛ متفقٌ عليه.
فذو الحليفة: أبعد المواقيت، بينها وبين مكة عشرة مراحل تقريبًا -بحسب الطرق- وتسمى وادي العقيق، ومسجدها مسجد الشجرة، وفيها بئر يسميها الجُهَّال بئر علي؛ لظنهم أن عليًّا رضي الله عنه قاتل الجن بها!! وهو كذب، ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمَّة.
وأما الجحفة: فبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل وهى قرية كانت معمورة، تسمى مهيعة، وهى اليوم خراب والناس يحرمون قبلها من رابغ.
وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب ولكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية -كما يفعلون الآن - أحرموا من ميقات أهل المدينة وهو المستحب لهم بالاتفاق، فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع[4].
وأما المواقيت الثلاثة: فبين كل واحد منها وبين مكة نحو مرحلتين وليس لأحد أن يتجاوز الميقات إذا أراد الحَجّ أو العُمْرَة إلا بإحرام، وإن قصد مكة للتجارة أو الزيارة؛ فينبغي له أن يحرم وفي الوجوب نزاع[5].
الفصل الثالث في أنواع الحَجّ (النُّسُك) وأفضلها 1- أنواع المناسك: ومن وافي الميقات في أشهر الحَجّ فهو مخير بين ثلاثة أنواع، التمتع، والقران، والإفراد، : فإن أهل بعمرة فإذا حل منها أهل بالحَجّ، فهذا التمتع، : وإن أحرم بهما جميعًا، أو أحرم بالعُمْرَة ثم أدخل عليها الحَجّ قبل الطواف فهو القران: وإن أحرم بالحَجّ مفردًا، فهو الإفراد.
2- والأفضل: يتنوع باختلاف حال الحاج، فإن سافر سفرة للعمرة وللحج أخرى أو اعتمر قبل أشهر الحَجّ وأقام بمكة حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق ألأئمة الأربعة. وأما إذا جمع بين العُمْرَة والحَجّ في سفرة واحدة، في أشهر الحَجّ: وهن شوال، وذو القعدة وعشر من ذي الحَجّة فهذا إن ساق الهَدْي فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهَدْي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل، فقد ثبت أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لما حج هو وأصحابه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهَدْي محله يوم النحر، وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد ساق الهَدْي هو وطائفة من أصحابه وقرن هو بين العُمْرَة والحَجّ فقال: ((لبيك عمرةً وحجًّا))؛ رواه مسلم.
ولم يُنقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعًا حل فيه، بل كانوا يسمون القِران تمتعًا، وعامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعرف مرادهم، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحَجّ كعائشة وابن عمر وجابر قالوا أنه تمتع بالعُمْرَة إلى الحَجّ، فقد ثبت في "الصحيحَيْن" عن عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع القران كما ثبت ذلك في الصحاح أيضًا، والإحرام بالحَجّ قبل أشهره مكروه وإذا فعله فهل يصير محرمًا بعمرة أو بحج؟ فيه نزاع [6].
عدل سابقا من قبل أحــمــد لــبــن AhmadLbn في الإثنين 13 أغسطس 2018, 5:57 am عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الأحد 12 أغسطس 2018, 11:50 pm | |
| الفصل الرابع في العُمْرَة 1- اعتماره -صلَّى الله عليه وسلَّم-: وفي "الصحيحَيْن" أنه اعتمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد هجرته أربع عمر: عمرة الحديبية: صَدَّهُ المشركون عن البيت فصالحهم وحَلَّ من إحرامه وانصرف. وعمرة القضية: اعتمر من العام القابل. وعمرة الجعرانة: بعد قتاله -صلَّى الله عليه وسلَّم- المشركين بحُنَيْن -شرق الطائف- رجع وقسَّم الغنائم بالجعرانة واعتمر منها داخلاً إلى مكة لا خارجًا منها للإحرام. والرابعة: مع حجته -صلَّى الله عليه وسلَّم- قرن بين العُمْرَة والحَجّ باتفاق الصحابة على ذلك.
2- الاعتمار من التنعيم أو العُمْرَة المكية: لم يعتمر بعد الحَجّ أحد ممن كان مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلا عائشة -رضيَ الله عنه- لأنها حاضت فلم يمكنها الطواف فشكت للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال لها: ((افعلي كما يفعل الحاج، غير ألاَّ تطوفي بالبيت حتى تطهري))؛ البخاري: 1650، ومسلم: 1211: 119.
فأمرها أن تُهل بالحَجّ وتدع أفعال العُمْرَة لأنها كانت متمتعة، ثم طلبت منه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يعمرها، فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، وهو أقرب الحِل إلى مكة.
وبه مساجد عائشة، وليس دخولها ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها محرمًا ولا فرضا ولا سنة بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر ودخل واحدًا منها وصلى فيها للإحرام فلا بأس بذلك.
ومن الأعمال الصالحة الإكثار من الطواف بالبيت، وهو أفضل من أن يخرج الرجل ويأتي بعمرة مكية.
ولم يكن على عهد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر لا في رمضان ولا في غيره، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، إلا أن يكون شيئًا نادرًا؛ بل كرهه السلف وتنازعوا: هل يكون متمتعًا عليه دم أم لا؟ وهل تجزؤه هذه العُمْرَة عن عمرة الإسلام أم لا؟[7].
الفصل الخامس في نية الإحرام وكيفية التلبية 1- نية الإحرام: إن كان قارنًا قال: لبيك عمرة و حجًا، أو متمتعًا قال: لبيك عمرة متمتِّعًا بها إلى الحَجّ أو مفردًا قال: لبيك حجة، ومهما قال من نحو ذلك أجزأه باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يُشرع للمسلمين شيئًا من ذلك[8].
ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية ولا أصحابه.
2- التلبية: فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))؛ متفقٌ عليه.
وإن زاد على ذلك ((لبيك ذا المعارج))؛ رواه أبو داود، أو: ((لبيك وسعديك))، ونحوه – جاز، وكان الصحابة يزيدون ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يسمعهم فلم ينههم، وكان هو يداوم على تلبيته من حين يحرم.
والإهلال: هو التلبية، والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم - صلَّى الله عليه وسلَّم.
والملبِّي: هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لُبِّبَ وأُخِذَ بلبته، والمعنى: "إنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لا نزال على ذلك".
و: ((التلبية شعار الحَجّ؛ فأفضل الحَجّ: العَجُّ والثَّجُّ))[9].
فالعَجُّ: رفع الصوت بالتلبية. والثَّجُّ: إراقة دماء الهدي.
ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجال بحيث لا يجهد نفسه والمرأة بحيث تسمع رفيقتها.
ويستحب الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات وإذا صعد نشزًا أو هبط واديًا أو سمع ملبيًا أو أقبل الليل والنهار أو التقت الرفاق أو فعل ما نُهي عنه.
وإن دعا عقيب التلبية وصلى على النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وسأل الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن.
فهذا هو الذي شرع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- للمسلمين التكلم به في ابتداء الحَجّ والعُمْرَة.
ولو أهل ولبى كما يفعل الناس قاصدًا للنسك ولم يسمِّ شيئًا بلفظه ولا قصد بقلبه لا تمتعًا ولا إفرادًا ولا قرانًا صح حجه أيضًا، وفعل واحدًا من الثلاثة وهو تأويل قوله تعالى {الحَجّ أَشهُرُ مَّعلُومَاتُ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلا جِدِالَ في الحَجّ} [البقرة: 197] فإن فعل ما أمر به النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه كان حسنًا.
ولا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحَجّ ونيته، بل لابد من قول أو عمل يصير به محرمًا، وهذا هو الصحيح من القولين.
3- الاشتراط خوفًا من العارِض: وإن اشترط على ربه خوفًا من العارض كان حسنًا، فان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر ابنة عمه ضُبَاعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط لما كانت شاكية فخاف أن يصدها المرض عن البيت قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك ومحلى من الأرض حيث تحبسني))؛ رواه الجماعة، وعند النسائي: ((فإن لك على ربك ما استثنيتِ))، ولم يكن يأمر بذلك كل من حج.
4- الرفث و الفسوق والجدال في الحَجّ: وثبت أنه-صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع كما ولدته أمُه))؛ رواه البخاري: 1819.
وفي مسلم: ((من أتى هذا البيت))؛ الحديث: 1350.
فالرفث: اسم للجماع قولاً وعملاً، وليس في المحظورات ما يفسد الحَجّ إلا الرفث.
والفسوق: اسم للمعاصي كلها.
والجدال: هو المِرَاء في أمر الحَجّ، فان الله قد أوضحه وبيَّنه وقطع المِراء فيه كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه.
وفُسر بأن لا يُمارى الحاج أحدًا، والتفسير الأول أصح فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقًا؛ بل الجدال قد يكون واجبًا أو مستحبًّا كما قال تعالى: {وجَادِلهُم بِالَّتِي هِي أَحسَنُ} [النحل: 125].
وقد يكون الجدال مُحَرَّمًا في الحَجّ وغيره؛ كالجدال بغير علم، وكالجدال في الحق بعدما تبيَّن.
وينبغي للمحرم ألا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه حية صماء.
الفصل السادس في مُستحبَّات الإحرام 1- المُستحب أن يحرم عقيب صلاة فرض، أو تطوع إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الآخر إن كان يصلى فرضًا أحرم عقيبه، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصُّه، وهذا أرجح.
ويُستحب أن يغتسل للإحرام ولو كانت نفسا أو حائضًا[10]، وإن احتاج إلى التنظيف كتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة، فعل ذلك، وهذا ليس من خصائص الإحرام، لكنه مشروع بحسب الحاجة.
2- لباس الحاج: والتجرد من اللباس واجب في الإحرام وليس شرطًا فيه، فلو أحرم وعليه ثياب صح ذلك بسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وباتفاق الأئمة، وعليه أن ينزع اللباس المحظور.
ويُستحب أن يُحرم في ثوبين نظيفين، والأبيضين أفضل ويجوز فيغيره من الألوان الجائزة، ويجوز أن يحرم في جميع أجناس الثياب المباحة: من القطن والكتان والصوف.
والسُّنَّة أن يُحرم في إزار ورداء سواء كانا مخِيطَيْن، أو غير مخِيطَيْن باتفاق الأئمة، ولو أحرم في غيريهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه.
والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، فان لم يجد، لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين فان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر بالقطع[11] أولاً ثم رخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين.
وكذلك إذا لم يجد إزارًا فانه يلبس السراويل ولا يفتقه وهذا أصح قولي العلماء؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – رخَّص في البدل في عرفات[12].
وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضًا ويلبسه مقلوبًا يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره.
ولكن لا يغطى رأسه إلا لحاجة والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: نهى المحرم أن يلبس القميص والبرنس والسراويل والخف والعمامة؛ أخرجه: البخاري 1265 ومسلم : 1206، وفي "الصحيحَيْن": نهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبَّةٍ أن ينزعها عنه.
فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فما كان في معنى القميص أوفي معنى الخف كالجورب ونحوه، أوفي معنى السراويل كالتُّبَّان ونحوه، فهو مثله. وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يدخل يديه فيه ولا الدرع[13]، وأمثال ذلك باتفاق الأئمة.
وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المَخِيط.
والمَخِيط ما كان من اللباس على قدر العضو.
3- عقد ما يحتاج إلى عقده: وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار وهميان النفقة.
والرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده فان احتاج إلى عقد ففيه نزاع.
والأشبه جوازه، وليس على تحريمه دليل إلا ما نقل عن ابن عمر-رضيَ الله عنه- أنه كره عقد الرداء وقد اختلف المتبعون له بين الكراهة والتحريم.
4- والاستظلال: تحت السقف والشجر وفي الخيمة ونحو ذلك جائز باتفاقهم وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس في حال السير فهذا فيه نزاع والأفضل للمحرم أن يُضْحِى لمن أحرم له كما كان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه يحجون وقد رأى ابن عمر رجلا ظلل عليه فقال: أيها المحرم أضح لمن أحرمت][14] حق الرجل.
[color=#ff0000]5- إحرام المرأة: وأما المرأة فإنها عورة؛ فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تسترها وتستظل بالمحمل، لكن نهاها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم –أن تنتقب أو تلبس القفازين كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف؛ رواه البخاري: 1838، مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة.
والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم.
ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضًا، فان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- سوَّى بين وجهها ويديها وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه.
وأزواجه -صلَّى الله عليه وسلَّم- كُنَّ يُسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة ولم ينقل عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال إحرام المرأة فيوجهها وإنما هذا قول بعض السلف. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الأحد 12 أغسطس 2018, 11:57 pm | |
| الفصل السابع في محظورات الإحرام 1- المحظورات: ومما ينهى عنه المحرم: أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه أو يتعمد شم الطيب، بعد الإحرام وإن شاء قبل الإحرام أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر بذلك، فان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فعله ولم يأمر به الناس.
وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى.
ولا يقلم أظفاره ولا يقطع شعره وله أن يحك بدنه إذا حكه ويحتجم وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك جاز ففي "الصحيحَيْن": أن النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- احتجم في وسط رأسه وهو محرم؛ رواه البخاري برقم1836 ومسلم 1203.
ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر وإذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره.
ويَفْتَصِد إذا احتاج إلى ذلك، ويغتسل من الجنابة بالاتفاق ولغير الجنابة.
ولا ينكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب.ولا يصطاد صيدًا بريًا ولا يتملكه بشراء ولا إيهاب ولا غير ذلك ولا يعين على صيد ولا يذبح صيدًا.
فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله.
وأن يقطع الشجر في الحل، لكن الحرم لا يقطع شيئًا من شجره وإن كان غير محرم ولا من نباته المباح إلا الإذخر وأما ما غرسه الناس أو زرعوه فهولهم، وما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيدًا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه.
2- قتل ما يؤذي: وللمحرم قتل ما يؤذى بعادته الناس، كالحية والعقرب والفأرة والغراب، والكلب العقور؛ رواه البخاري: 1828، ومسلم: 1198.
وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، ولو لم يندفع إلا بالقتال قاتله لقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((من قُتلَ دون ماله فهو شهيد، ومن قُتلَ دون دمه فهو شهيد، ومن قُتلَ دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد))[15]، وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه وله قتلها ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون.
وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله وإن كان في نفسه مُحَرمَا أكله كالأسد والفهد فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء، وأما التفلِّي بدون التأذي فهو من الترفُّه فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.
3- الوطء ومقدماته: يحرم على المحرم القبلة ولمس بيد أو نظر بشهوة فإن جامع فسد حجه، وفي الإنزال بغير الجماع نزاع ولا يفسد الحَجّ بشيء من المحظورات إلا الرفث، فإن قبل أو أمذى لشهوة فعليه دم.
4- فدية المحظورات: وليس للمحرم أن يلبس شيئًا مما نهى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عنه إلا لحاجة، مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه، فيلبس قدر الحاجة فإذا استغنى عنه نزع.
وعليه أن يفتدى إما بصيام ثلاثة أيام وإما بنسك شاة أو ب-إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو شعير أو مد من بر وإن أطعمه خبزًا جاز، وينبغي أن يكون مأدومًا.
وإن أطعمه مما يأكل جاز وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيرًا، وكذلك في سائر الكفارات؛ وذلك لقوله تعالى: {إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهلِيكُم أَو كِسوَتُهُم} [المائدة: 89].
فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم.
لكن؛ هل ذلك مقدر بالشرع أم بالعرف؟ والراجح أنه يرجع فيه إلى العرف فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم، ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر؛ أمره النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يطعم فرقًا من التمر بين ستة مساكين؛ البخاري1814 ومسلم1201.
5- وقت إخراج الفدية: والفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده ويجوز أن يذبح النُّسُك قبل أن يصل إلى مكة ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة إن شاء أو متفرقة فإن كان له عذر أخّر فعلها وإلا عجل فعلها.
وإذا لبس ثم لبس مرارا ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.
الفصل الثامن في دخول مكة و المسجد الحرام وأحكام الطواف والسعي: 1- دخول مكة والمسجد: إذا أتى مكة جاز أن يدخلها والمسجد من جميع الجوانب والأفضل أن يأتي من وجه الكعبة إقتداء بالنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد دخل من الناحية العليا التي فيها باب المعلاة.
ودخل مكة من الثنية العليا ثنية كداء -بالفتح والمد- المشرفة على المقبرة (الحَجّون).
ودخل المسجد من باب بني شيبة (كان مقابلاً لباب الكعبة محاذياً للمقام) ثم ذهب إلى الحَجّر الأسود.
وفي "الصحيحَيْن" كان -صلَّى الله عليه وسلَّم- (يغتسل لدخول مكة ويبيت بذي طوى) (البخاري1573 ومسلم 1259) وهو عند آبار الزاهر فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس عليه شيء من ذلك..
وروي أن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: ((اللهم زِدْ هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا، وزِدْ مَنْ شَرَّفَه وكرَّمه مِمَّنْ حَجَّهُ أو اعتمره تشريفًا وتعظيمًا)) [16]، فمن رأى البيت فعل ذلك.
2- الطواف: والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ابتدأ بالطواف؛ ففي "الصحيحَيْن": أن أول شيء بدأ به: توضأ ثم طاف، ولم يُصلِّ قبله؛ بل الطواف بالبيت هو تحية المسجد الحرام، يبتدئ من الحَجّر الأسود يستقبله استقبالا ويقبله إن أمكن ويقول (بسم الله والله أكبر) [17].
وإن شاء قال: "اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعًا لسنة نبيك محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم"[18]، ولا يؤذى أحدًا بالمزاحمة عليه فان لم يمكن استلمه بيده وقبلها، وإلا أشار إليه ثم ينتقل للطواف ويجعل البيت عن يساره.
وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين ولا يمشى عرضًاً، فيطوف سبعًاً.
ولا يخترق الحَجّر في طوافه لما كان أكثر الحَجّر من البيت والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه.
ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم وما وراءها من السقائف (المصابيح) المتصلة بحيطان المسجد.
ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنما استلمها خاصة لأنهما على قواعد إبراهيم والآخران هما في داخل البيت.فالركن الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل والآخران لا يستلمان ولا يقبلان والاستلام هو مسحه باليد.
وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومغارة إبراهيم ومقام نبينا -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي كان يصلي فيه فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة.والطواف بذلك من أعظم البدع المحرمة ومن اتخذه دينًا يستتاب فان تاب وإلا قتل.
ولو وضع يده على الشاذروان الذي يُربَط فيه أستار الكعبة لم يضره في أصح قولي العلماء وليس الشاذروان من البيت بل جُعِلَ عمادًا للبيت.
3- الرمل والاضطباع: ويستحب له في الطواف الأول -القدوم- أن يرمل من الحَجّر إلى الحَجّر في الأشواط الثلاثة ففي "الصحيحَيْن": أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة.
والرمل مثل الهرولة وهو مسارعة المشي مع تقارب الخُطا فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون الرمل وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السُّنَّة فهو أولى.
وكذلك يُستحب أن (يضطبع) [19] في هذا الطواف.
والاضطباع: هو أن يبدى ضبعه الأيمن فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه.
4- دعاء الطواف والصلاة بعده وشرب زمزم: ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما شرع وإن قرأ القرآن سرًّا فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية.
وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له.
وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يختم طوافه بين الركنين بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، كما كان يختم سائر دعائه بذلك [20].
والطواف بالبيت كالصلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام؛ فلا يتكلم فيه إلا بخير.
ويؤمر الطائف أن يكون متطهِّرًا الطهارتين الصغرى والكبرى مستور العورة مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلى.
فإذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص والكافرون.
ولو صلى المصلى في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره سواء مرَّ أمامه رجل أو امرأة وهذا من خصائص البيت [21].
ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحَجّر وأن يشرب من ماء زمزم ويتضلَّع منه، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية ولا يُستحب الاغتسال منها.
ومن حمل شيئًا من ماء زمزم جاز؛ فقد كان السلف يحملونه.
5- الطهارة في الطواف: والمطاف طاهر لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع، فلم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف ولا نهى المحدث أن يطوف.
ولكنه طاف طاهرًا، ونهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) [22].
فالطهارة لصلاة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم وفيها ركوع وسجود، وصلاة الجنازة وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا.
وقد اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الطهارة فيه ووجوبها، وهو أحد القولين في مذهب أبى حنيفة لكنها ليست بشرط.
وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه، ومن طاف في جوارب ونحوه لئلا يطأ ذرق الحمام أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السُّنَّة؛ فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه والتابعين مازالوا يطوفون بالبيت ومازال الحمام بمكة، والاحتياط حسن، فإذا خالف السُّنَّة المعلومة كان خطأً.
6- طواف أهل الأعذار: وإن لم يمكنه الطواف ماشيًا فطاف راكبًا أو محمولاً أجزأه بالاتفاق، وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف؛ مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها؛ كالمستحاضة ومن به سلس البول؛ فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة.
وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عريانًا فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عريانًا.
7- طواف الحائض: وقدا اتفق العلماء على أنهُ لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك, ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك ولهذا كان مقتضى تعليل منْ مَنَعَ الحائض لحرمة المسجد أنهُ لا يرى الطهارة شرطًا بل مقتضى قوله انهُ يجوز لها ذلك عند الحاجة كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة.
وقد يُعلل بأنه يشبه الصلاة وقد يُعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع منه في الاعتكاف.
وقد أمر الله تعالى بقوله: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] بتطهيره لهذه العبادات؛ فمُنعت الحائض من دخوله.
والعاكف فيه لا يشترط له الطهارة من الحدث الأصغر باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك.
وأما الرُّكَّع السُّجُود فهم المصلُّون، والطهارة شرطٌ للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلى لا قضاء ولا أداء.
يبقى الطائف: هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي، أو يكون قسمًا ثالثًا بينهما؟ هذا محلُّ اجتهاد، وقوله: ((الطواف بالبيت صلاة)) لم يثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولكن هو ثابتٌ عن ابن عباس، وقد روي مرفوعًا.
ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، ليس المراد أنه نوعٌ من الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: ((إذا صلى أحدكم في المسجد فلا يشبِّكن بين أصابعه؛ فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد))؛ المسند: 3: 54، ونحو ذلك.
فالمرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضًا بحيث لا يمكنها التأخر بمكة في أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف، فإذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقًا أجزاه الطواف وعليه دم بَدَنَة مع الحيض والجنابة وشاة مع الحدث الأصغر؛ فقد نقل عن ابن عباس أنه قال: إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم.
فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء ولو قدمت المرأة حائضا لم تطف بالبيت، لكن تقف بعرفة وتفعل المناسك كلها مع الحيض إلا الطواف فأنها تنتظر حتى تطهر إن أمكنها ذلك ثم تطوف وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء [23].
8 - السعي بين الصفا والمروة: ثم يخرج إلى السعي بين الصفا والمروة، ولو أخَّر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز.
فإن الحَجّ فيه ثلاثة أطواف: طواف عند الدخول: وهو طواف القدوم والدخول والورود.
والثاني بعد عرفة: ويقال له طواف الإفاضة والزيارة، وهو طواف الفرض، لابد منه لقوله تعالى: {ثُمَّ ليَقضُوا تَفَثَهُم وَليُوفُواْ نُذُورَهُم وَليَطَّوَّفُواْ بِالبَيتِ العَتِيقِ} [الحَجّ: 29].
والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة وهو طواف الوداع.
وإذا سعى عقيب واحد منها أجزأه، وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يرقى على الصفا والمروة -وهما في جانب جبلي مكة- فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى.
وقد بُني فوقهما دكتان؛ فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، فيطوف بالصفا والمروة سبعًا يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة.
ويُستحب أن يرمل ثلاثا في بطن الوادي من العَلَم إلى العَلَم وهما مَعْلَمان (أخضران) هناك وإن مشى على هيئته وجمع مابين الصفا والمروة أجزأه باتفاق العلماء ولاشيء عليه.
ولا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة بسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه كما أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره.
والمفرِد والقارِن لا يحلان إلا يوم النحر ويستحب له أن يقصر من شعره ليدع الحِلاق للحج وكذلك أمرهم النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وإذا أحل حلَّ له ما حَرُمَ عليه بالإحرام. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الإثنين 13 أغسطس 2018, 12:27 am | |
| الفصل التاسع ما يفعله الحاج يوم التروية ويوم عرفة 1- يوم التروية: فإذا كان يوم التروية أحرم وأهل بالحَجّ كما فعل عند الميقات.
والسُّنَّة أن يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((من كان منزله دون مكة فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة))؛ متفقُ عليه.
والصحابة أحرموا من منزلهم بالبطحاء بأمره -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
والسُّنَّة أن يبيت الحاج بمنى فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ولا يخرجون منها حتى تطلع الشمس كما فعل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
2- يوم عرفة: يسير الحاج من منى إلى نمرة على طريق ضب [24] من يمين الطريق، ونمرة كانت قرية خارج عرفات من جهة اليمين ببطن الوادي في حدود عرفة ببطن عُرنة، وهناك مسجد نمرة فيقيمون بها إلى الزوال.
ويخطب بهم الإمام ثم إذا قضى الخطبة أذَّن المؤذن وأقام لكل صلاة فيصلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا كما فعل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويصلي خلفه جميع الحاج من أهل مكة وغيرهم، ثم بعد ذلك يذهب إلى عرفات، فهذه السُّنَّة.
ولا يكاد الآن يذهب كثير من الحاج إلى نمرة ولا إلى مصلى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بل يدخلون عرفات قبل الزوال ومنهم من يدخلها ليلا ويبيتون بها قبل التعريف وهذا يجزئ معه الحَجّ لكن فيه نقص عن السُّنَّة فعليه فعل ما يمكن من السُّنَّة مثل الجمع بين الصلاتين، والوقوف بعرفات ولا يخرجون منها حتى تغرب الشمس.
ويجتهد في الذكر والدعاء هذه العشيَّة؛ فإنه: ((ما رؤى إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أغيظ ولا أدحض من عشيِّة عرفة؛ لما يرى من تنزيل الرحمة وتجاوز الله سبحانه عن الذنوب العظام، إلا ما رؤى يوم بدر؛ فإنه رأى جبريل يزع الملائكة))؛ أي: يصفهم [25].
ويصح وقوف الحائض وغيرها، ويجوز الوقوف ماشيًا وراكبًا، وأما الأفضل فيختلف باختلاف الناس فإن كان ركوبه لحاجة الناس أو كان يشق عليه ترك الركوب وقف راكبًا؛ فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقف راكبًا.
ولم يعيِّن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعرفة دعاء ولا ذكرًا؛ بل يدعو الرجل بما شاء من الأدعية الشرعية، ويُكبر ويهلل ويذكر الله تعالى حتى تغرب الشمس.
وقال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة ومزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسِّر))، ((ومنى كلها منحر وفجاج مكة كلها طريق)) [26].
3- الاغتسال في الحَجّ: والاغتسال لعرفة روى عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- [[27]] وروى عن ابن عمر وغيره.
ولم ينقل عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا عن أصحابه في الحَجّ إلا ثلاثة أغسال: غسل للإحرام، وعند دخول مكة، ويوم عرفة.
وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمار وللطواف وللمبيت بمزدلفة فلا أصل له عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا أصحابه، بل هو بدعة إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب مثل أن يكون عليه رائحة يؤذى الناس فيغتسل لإزالتها.
4- صعود الجبل: وأما صعود الجبل الذي هناك فليس من السُّنَّة ويسمى جبل الرحمة ويقال له: إلال على وزن هلال.
وكذلك قبة كانت فوقه يقال لها قبة آدم لا يُستحب دخولها ولا الصلاة فيها.
وأما الطواف بها أو بالصخرة أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم أو مكان غير البيت العتيق فهو من الكبائر وأعظم البدع المحرمة.
الفصل العاشر في الإفاضة من عرفات إلى المشعر الحرام 1- الإفاضة: والسُّنَّة إذا أفاض من عرفات ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين وهو طريق الناس اليوم، فلعرفة طريق أخرى تسمى طريق ضب ومنها دخل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى عرفات وخرج على طريق المأزمين.
وكان -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى، ولا يزاحم الناس؛ بل إن وجد خلوة أسرع.
2- الإيقاد بالمشعر: وإنما الإيقاد بمزدلفة [28] خاصة بعد الرجوع من عرفة، وأما الإيقاد بمنى أو عرفة فبدعة باتفاق العلماء.
3- الصلاة بمزدلفة: فإذا وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تنزيل الأحمال إن أمكن ثم إذا أنزلوها صلوا العشاء وإن أخَّر العشاء لم يضره ذلك.
ويبيت بمزدلفة، وهى المشعر الحرام وهى ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسِّر، فإن بين كل مشعرين حدًا ليس منهما، فبين عرفة ومزدلفة بطن عرنة وبين مزدلفة ومنى بطن محسِّر.
4- المبيت بمزدلفة: والسُّنَّة أن يبيت بمزدلفة ويصلى بها الفجر في أول الوقت ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر جدا قبل طلوع الشمس.
فإن كان من الضَّعَفَة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر.
ومزدلفة كلها موقف لكن الوقوف عند قزح أفضل وهو جبل المقيدة الذي يقف فيه الناس اليوم وقد بُني عليه مسجد يخص باسم المشعر الحرام.
فإذا كان قبل طلوع الشمس أفاض من مزدلفة إلى منى فإذا أتى محسِّرًا أسرع قدر رمية بحجر.
5- قطع التلبية: ولا يزال يلبى في ذهابه من مشعر إلى مشعر مثل ذهابه إلى عرفات ومنها إلى مزدلفة حتى يرمى جمرة العقبة.
فإذا شرع في الرمي قطع التلبية فإنه حينئذ يشرع في التحلل.
وفي التلبية ثلاثة أقوال: قول: يقطعها إذا وصل إلى عرفة. وقول: يلبي بعرفة وغيرها إلى أن يرمي الجمرة. والثالث: أنه إذا أفاض من عرفة إلى مزدلفة لبى وإذا أفاض من مزدلفة إلى منى لبى حتى يرمى جمرة العقبة، وهكذا صح عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- [29].
وأما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة فلم ينقل عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقد نُقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا يلبون بعرفة.
الفصل الحادي عشر في أعمال يوم النحر 1-رمي جمرة العقبة: فإذا أتى منى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ويرفع يده في الرمي وهى آخر الجمرات من ناحية منى وأقربهن من مكة وهى الجمرة الكبرى، ولا يرمي يوم النحر غيرها، يرميها مستقبلاً لها، يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه.
هذا هو الذي صح عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيها، ويُستحب أن يكبِّر مع كل حصاة [30].
وله أن يأخذ الحصى من حيث شاء لكن لا يرمى بحصى قد رُمي به.
ويُستحب أن يكون فوق الحمص ودون البندق وإن كسره جاز.
والتقاط الحصى أفضل من تكسيره.
وإن شاء قال مع ذلك: "اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا)".
فإذا رمى جمرة العقبة نحر هديه إن كان معه هدى.ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل من التقصير وإذا قصره جمع الشعر وقص منه بقدر الأنملة أو أقل أو أكثر، والمرأة لا تقص أكثر من ذلك، وإذا فعل ذلك فقد تحلَّل باتفاق المسلمين التحلُّل الأول، فيلبس الثياب ويقلم أظفاره، وكذلك له -على الصحيح- أن يتطيب ويتزوج، أي يحل له عقد النكاح دون المباشرة، وأن يصطاد في الحلِّ خارج الحرم، ولا يبقى عليه من المحظورات إلا النساء؛ لحديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إذا رميتم الجمرة فقد حلَّ لكم كل شيء إلا النساء)) [31].
2- الهَدْي والصيام على القارِن والمتمتِّع: الهَدْي: وليس في عمل القارِن زيادة على عمل المفرد لكن عليه وعلى المتمتع هدى بَدَنَة أو بقرة أو شاة أو شرك في دم.ويستحب أن تُنحر الإبل مستقبلة القبلة قائمة معقولة اليد اليسرى والبقر والغنم بضجعها على شقها الأيسر مستقبلاً القبلة ويقول بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك اللهم تقبل منى كما تقبلت من إبراهيم خليلك.
وكل ما ذُبِح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدى بالاتفاق، ويُسمَّى أيضًا أضحية بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فانه أضحية وليس بهدى.
وأما إذا اشترى الهَدْي من منى وذبحه فيها ففيه نزاع فمذهب مالك أنه ليس بهدى وهو منقول عن ابن عمر ومذهب الثلاثة أنه هدى وهو منقول عن عائشة.
الصيام: فمن لم يجد الهَدْي صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر وسبعة إذا رجع.
وفيه ثلاث روايات عن أحمد... قيل: أنه يصومها قبل الإحرام بالعُمْرَة... وقيل: لا يصومها إلا بعد الإحرام بالحَجّ.. وقيل: يصومها من حين الإحرام بالعُمْرَة، وهو الأرجح.
وقد قيل: أنه يصومها بعد التحلُّل من العُمْرَة؛ فإنه حينئذ شرع في الحَجّ؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((دخلت العُمْرَة في الحَجّ إلى يوم القيامة)) [32]، وحينئذ فلابد من صوم بعض الثلاثة قبل الإحرام بالحَجّ.
3- الطواف والسعي بعد الإفاضة من عرفة: وبعد ذلك يدخل مكة فيطوف طواف الإفاضة إن أمكنه يوم النحر، وإلا فعله في أيام التشريق فإن تأخيره عن ذلك فيه نزاع.
ثم يسعى بعد ذلك سعى الحَجّ وليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارِن عند جمهور العلماء، وكذلك المتمتِّع في أصحِّ أقوالهم، وهو أصح الروايتين عن أحمد، فإن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف، فإذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه ذلك كما يجزئ المفرِد والقارِن.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "قيل لأبى: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين يعنى بالبيت وبين الصفا والمروة فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس، وإن طاف طوافين فهو أعجب إليَّ".
وروى أحمد بسنده عن ابن عباس أنه كان يقول: "المفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة".
وقد اختلفوا في الصحابة المتمتعين مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولاً بالبيت وبين الصفا والمروة، ولما رجعوا من عرفة قيل: إنهم سعوا أيضًا بعد طواف الإفاضة، وقيل: لم يسعوا وهذا هو الذي ثبت في صحيح مسلم: 1218 وغيره عن جابر قال: "لم يطف النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا؛ طوافه الأول".
وقد روى في حديث عائشة: "أنهم طافوا مرتين"، لكن هذه الزيادة قيل: إنها من قول الزهري، وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب طوافان، وهذا ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر، ويؤيده قوله: ((دخلت العُمْرَة في الحَجّ إلى يوم القيامة)).
فالمتمتع من حين أحرم بالعُمْرَة دخل بالحَجّ لكنه فصل (بتحليل) ليكون أيسر على الحاج، ((وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة))؛ المسند: 1: 236.
ولا يستحب للمتمتع ولا لغيره أن يطوف للقدوم بعد التعريف بل هذا الطواف هو السُّنَّة في حقه كما فعل الصحابة مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فإذا طاف طواف الإفاضة فقد حلَّ له كل شيء؛ النساء وغير النساء.
الفصل الثاني عشر في المبيت بمنى ورمي الجمرات ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال يبتدئ بالجمرة الأولى التي هي أقرب إلى مسجد الخيف.
ويُستحب أن يمشي إليها فيرميها بسبع حصيات، وأن يكبِّر مع كل حصاة، وإن شاء قال: "اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا".
ويُستحبُّ له إذا رماها أن يتقدَّم قليلاً إلى موضعٍ لا يصيبه الحصى، فيدعو الله تعالى مستقبل القبلة، رافعًا يديه [33] بقدر قراءة سورة البقرة، ثم يذهب إلى الجمرة الثانية فيرميها كذلك، فيتقدم عن يساره يدعو مثل ما فعل عند الأولى، ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات أيضًا ولا يدعو عندها.
ثم يرمي في اليوم الثاني من أيام منى مثل ذلك، ثم إن شاء رمى في اليوم الثالث -وهو الأفضل- وإن شاء تعجَّل في اليوم الثاني بنفسه قبل غروب الشمس، كما قال تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ في يَومَينِ فلا إِثمَ عَلَيهِ} [البقرة: 203]، فإذا غربت الشمس وهو بمنى أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث.
ولا ينفر الإمام الذي يقيم للناس المناسك؛ بل السُّنَّة أن يقيم إلى اليوم الثالث ويصلي بالناس بمنى، ويصلي خلفه أهل الموسم. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الإثنين 13 أغسطس 2018, 1:26 am | |
| الفصل الثالث عشر الصلاة في المشاعر 1- الصلاة: ويصلون بعرفة ومزدلفة جمعاً وقصراً، ويقصرون الصلاة فقط بمنىكما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم يأمر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة.
إنما قال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((يا أهل مكة، أتمُّوا صلاتكم، فإنَّا قوم سفرٍ)) [34] في غزوة الفتح لمَّا صلى بهم بمكة، وأما في حجه؛ فكان نازلاً خارج عمران مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم ثم رجعوا معه، ولما صلى بمنى أيام منى صلوا معه.
ولم يحدَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- السفر لا بمسافة ولا بزمان، ولم يكن بمنى أحدٌ ساكنًا في زمنه؛ ولهذا قال: ((منى مُناخ مَنْ سبق))؛ رواه أحمد: 6: 207 وصححه الترمذي: 881.
وقيل أنها سُكِنَتْ في خلافة عثمان، وأنه بسبب ذلك أتمَّ عثمان الصلاة؛ لأنه كان يرى أنَّ المسافر مَنْ يحمل الزاد والمزاد.
ويُستحب ألا يدع الصلاة في مسجد نمرة، والخيف بمنى مع الإمام؛ فإن لم يكن للناس إمامٌ عامٌّ؛ صلى الرجل بأصحابه.
2- صلاة العيد والجمعة بالمشاعر: وليس بمنى صلاة عيد والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يصلِّ جمعة ولا عيدًا في السفر لا بمكة ولا عرفة؛ بل كانت خطبته بعرفة خطبة نُسك لا خطبة جمعة، ولم يجهر بالقراءة في الصلاة بعرفة.
3- طواف الوداع والتزام الملتزَم: ثم إذا نفر من منى؛ فإن بات بالمحصب وهو الأبطح وهو ما بين الجبلَيْن إلى المقبرة، ثم نفر بعد ذلك فحسن؛ فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بات به وخرج ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى لكنه ودَّع البيت وقال: ((لا ينفرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت)) [35].
فلا يخرج الحاج حتى يطوف طواف الوداع ليكون آخر عهده بالبيت.
ومَنْ أقام بمكة فلا وداع عليه، وهذا الطواف يؤخِّره الصادر من مكة حتى يكون بعد جميع أموره، فلا يشتغل بعده بتجارة ونحوها، لكن إن قضى حاجته أو اشترى شيئًا في طريقه بعد الوداع أو عمل ممَّا هو من أسباب الرحيل؛ فلا إعادة عليه.
وإن أقام بعد الوداع أعاده، وهذا الطواف واجب عند الجمهور ويسقط عن الحائض.
وإن أحب أن يأتي الملتزَم وهو ما بين الحَجّر الأسود والباب، فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته - فعل.
ولا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة.
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنًا.
فإذا ولَّى؛ لا يقف ولا يلتفت ولا يمشي القهقرى -مشية الراجع إلى خلف- وكذلك عند سلامه على النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.
4- دعاء ابن عباس المأثور في طواف الوداع: وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيَّرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نُسُكي، فإن كنت رضيت عنى فازدد عنى رضا، وإلا فمن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغبًا عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسِن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، وأجمع لي بين خير الدنيا والآخرة؛ إنك على كل شيء قدير".
5- دخول الكعبة: ليس بفرض ولا سنة مؤكدة؛ بل دخولها حسنٌ، والنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يدخلها في الحَجّ ولا العُمْرَة، وإنما دخلها عام فتح مكة.
ومن دخلها يستحبُّ أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه ويذكره، فإذا دخل تقدَّم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه، فذلك المكان الذي صلى فيه النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا يدخلها إلا حافيًا.
والحَجّر أكثره من البيت من حيث ينحني حائطه، فمن دخله فهو كمن دخل الكعبة، وليس على داخل الكعبة ما ليس على غيره من الحَجّاج.
الفصل الرابع عشر في زيارة مسجد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وغيره 1- حرمة المدينة كحرمة مكة، ولا ثالث لهما: وحرم المدينة محدد بقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((المدينة حَرَمٌ ما بين عير إلى ثور)) [36]، وهو ما بين لابتَيْها.
واللاَّبة: هي الحَرَّة، وهى الأرض التي فيها حجارة سود، وهو بُرَيْد في بُرَيْد –والبُرَيْد: أربع فراسخ- فهذا الحرم لا يُصطاد صيده، ولا يُقطع شجره إلا لحاجة؛ كآلة الركوب والحرث، ويؤخذ من حشيشه ما يُحتاج إليه للعلف؛ فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- رخَّص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم إليه، وإذا أدخل عليه صيدٌ لم يكن عليه إرساله.
والحرم المُجمَع عليه حرم مكة، والمدينة لها حرم عند الجمهور، ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في وجوه وواد بالطائف – وهو عند بعضهم حرم، وعند الجمهور ليس بحرم.
ولا يقال حرم المقدس وحرم الخليل؛ فإن هذين وغيرهما ليس بحرمٍ باتفاق المسلمين.
2-آداب الزيارة: فإذا دخل المدينة فإنه يأتي مسجد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويصلي فيه: ((والصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام))، كما لا تُشَدُّ الرحال إلا إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ أخرجه البخاري: 1189, 1190، ومسلم: 1397، 1396.
ومسجده كان أصغر مما هو اليوم وكذلك المسجد الحرام لكن زيد فيهما، وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام.
ثم يسلم على النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصاحبيه؛ فإنه قد قال: ((ما من رجل يسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام))؛ رواه أبو داود وغيره.
وكان عبد الله بن عمر يقول إذا دخل المسجد: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتٍ"، ثم ينصرف.
وهكذا كان الصحابة يُسلّمون عليه، مستقبلي الحَجّرة مستدبري القبلة عند أكثر العلماء كمالك والشافعي وأحمد.
وأبو حنيفة قال: يستقبل القبلة فمن أصحابه من قال: يستدبر الحَجّرة ومنهم من قال: يجعلها عن يساره.
واتفقوا على أنه لا يستلم الحَجّرة ولا يقبلها، ولا يطوف بها ولا يصلي إليها.
وإذا قال في سلامه: "السلام عليك يا رسول الله، يا نبي الله، يا خيرة الله من خلقه، يا أكرم الخلق على ربه، يا إمام المتقين"؛ فهذا كله من صفاته - بأبي هو وأمي، صلَّى الله عليه وسلَّم.
ولا يدعو هناك مستقبل الحَجّرة؛ فإن هذا كله منهيٌّ عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك.
ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده، فإنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، يحذِّر ما فعلوا.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكنه كره أن يُتَّخذ مسجدًا؛ أخرجه البخاري: 1330، ومسلم: 529، فدفنته الصحابة في موضعه الذي مات فيه من حجرة عائشة، وكانت وسائر الحَجّر خارج المسجد من قبليِّه وشرقيِّه.
ولما كان في زمن الوليد بن عبد الملك عُمِّر هذا المسجد وغيره، فدخلت الحَجّرة في المسجد من ذلك الزمان، وبُنيت منحرفةً عن القبلة مسنَّمةً، لئلا يصلي أحدٌ؛ إليها لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها))؛ رواه مسلم: 972. والله أعلم.
3- زيارة مسجد قباء: ويُستحب أن يأتي مسجد قباء ويُصلّى فيه فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال (الصلاة في مسجد قباء كعمرة) قال الترمذي: حديث حسن.
لكنه يُزار من المدينة وليس لأحد أن يسافر إليه لنهيه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن تشد الرِّحال إلا إلى المساجد الثلاثة، كما مر.
4- رفع الأصوات في المساجد: ورفع الصوت في المساجد منهيٌّ عنه، وهو في مسجد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أشد.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب -رضيَ الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد؛ فقال: "لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا؛ ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-!!"؛ البخاري: 470.
5- تُمُورُ المدينة ومياهها: أما التَّمر الصَّيحاني فلا فضيلة فيه؛ بل غيره من التَّمر البرني والعجوة خيرٌ منه، وصَحَّ عنه: ((مَنْ تصبَّح كل يوم سبع تمراتٍ عجوةً؛ لم يضرَّه ذلك اليوم سمٌّ ولا سِحْرٌ))؛ رواه البخاري: 5445، ومسلم: 2047.
ولم يكن بالمدينة على عهد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عين جارية، لا الزرقاء ولا عيون حمزة ولا غيرهما؛ بل كل هذا مستخرجٌ بعده.
6- زيارة المسجد الأقصى - فَكَّ اللهُ أسره: والسفر إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف مُستحب، ولا يفعل فيه وفي مسجد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلا ما يفعل في سائر المساجد، وليس فيها شيءٌ يُتمسَّح به ولا يُقبَّل ولا يُطاف به، هذا كله ليس إلا في المسجد الحرام خاصة.
ولا يُستحب زيارة الصخرة؛ بل المُستحب أن يصلي في قبليِّ المسجد الأقصى الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين.
7- زيارة القبور شرعية وبدعية: فالزيارة الشرعية: المقصود بها السلام على الميت والدعاء له، فزيارته بعد موته من جنس الصلاة عليه، فالسُّنَّة أن يسلِّم على الميت ويدعو له، سواء كان نبيًّا أو غير نبي؛ لأمره-صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا زاروا القبور أن يقولوا: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنَّا بعدهم، واغفر لنا ولهم)) [37].
وهكذا إذا زار أهل البقيع أو زار شهداء أُحد أو غيرهم، وليست الصلاة عند قبورهم أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبر أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم أفضل من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك، باتفاق أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد التي على القبور إمَّا محرمة وإما مكروهة.
وتُزار القبور بالزيارة الشرعية من كان قريبًا ومن اجتاز بها.
والزيارة البدعية: أن يكون مقصود الزائر طلب حوائجه من ذلك الميت أو الدعاء عند قبره أو الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق الأئمة، وقد كره مالك وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهذا لفظ لم يُنقل عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قوله: ((من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد؛ ضمنتُ له على الله الجنة))، وقوله: ((من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي))، أو: ((حلَّت عليه شفاعتي)) ونحو ذلك - كلها أحاديث ضعيفة؛ بل موضوعة، ليست في شيءٍ من دواوين الإسلام التي يعتمد عليها، ولكن روى بعضها البزار، والدارقطني ونحوهما بأسانيد ضعيفة، لأن من عادة الدارقطني وأمثاله يذكرون هذا في السنن ليُعرف، وهو وغيره يبينون ضعف الضعيف من ذلك، فإذا كانت هذه الأمور التي فيها شرك وبدعة نهي عنها عند قبره وهو أفضل الخلق؛ فالنهي عن ذلك عند قبر غيره أوْلى وأحرى.
8- زيارة البقاع التي بُنيت على الآثار: وأما زيارة المساجد التي بنيت بمكة وغيرها على آثار النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه غير المسجد الحرام.
وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر؛ مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال فيه قبة الفداء، وما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على الآثار ونحوها، فإن ذلك كله ليس من سُنَّةٍ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قصدًا أو زيارة شيءٍ منها؛ بل هو بدعة. |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الإثنين 13 أغسطس 2018, 5:56 am | |
| الفصل الخامس عشر في حق الله تبارك وتعالى والله هو المعبود المسئول المُستعان به، الذي يُخاف ويُرجى ويُتوكَّل عليه؛ قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخشَ اللهَ وَيَتَّقهِ فَأُوْلَئَكَ هُمُ الفائزون} [النور: 52]، فجعل الطاعة لله والرسول كما قال تعالى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللهَ} [النساء: 80]، وجعل الخشية والتقوى لله وحده لا شريك له؛ فقال تعالى: {وَلَو أَنَّهُم رَضُواْ ما أتاهم اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسبُنَا اللهُ سَيُؤتِينَا اللهُ مِن فَضلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59]، فأضاف الإيتاء إلى الله والرسول كما قال تعالى: {وَمَا أَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُواْ} [الحشر: 7].
فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الله والرسول، وإن كان الله آتاه ذلك من جهة القدرة والملك؛ فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ولهذا كان -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول في الاعتدال من الركوع وبعد السلام: ((اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطيَ لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) [38]؛ أي: من آتيته جَدًّا -وهو البخت والمال والمُلك- فإنه لا ينجيه منك إلا الإيمان والتقوى، وأما التوكل فعلى الله وحده والرغبة فإليه وحده كما قال تعالى: {وَقَالُواْ حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وقالوا: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} [القلم: 32]، ولم يقولوا هنا (ورسوله) كما قال في الإيتاء.
وقد قال تعالى: {يا أيُّهَا النبي حَسبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنِيَن} [الأنفال: 64]؛ أي: الله وحده حسبك وحسب المؤمنين الذين اتبعوك.
ومن قال: إن المعنى: الله والمؤمنون حسبُك فقد ضلَّ؛ بل قوله من جنس الكُفْر؛ فإن الله وحده هو حسب كل مؤمن به.
والحسب: الكافي كما قال تعالى: {أَلَيسَ اللهُ بِكَافٍ عَبدَهُ} [الزمر: 36].
ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق، وذلك أن الدين مبنى على أصلَيْن: ألا يُعبَد إلا الله وحده لا شريك له، ولا يُعبَد إلا بما شَرَع، لا نعبده بالبدع، كما قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَاءَ رَبِهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِهِ أَحَدَا} [الكهف: 110]، ولهذا كان عمر بن الخطاب -رضيَ الله عنه- يقول في دعائه: "اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحدٍ شيئًا".
وقال الفُضَيْل بن عِياض في قوله تعالى: {لِيَبلُوَكُم أَيُكُم أَحسَنُ عَمَلاً} [الملك: 2]: "إن العمل لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السُّنَّة".
وقد قال الله تعالى: {أَم لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُم مِنَ الدِينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ اللهُ} [الشورى: 21].
والمقصود بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده، فله الدين خالصًا: {وَلَهُ أَسلَمَ مَنْ فِي السَماوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83]، وقال تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 1-3] إلى قوله تعالى: {قُلِ اللهَ أَعبُدُ مُخلِصًا لَّهُ ديني} [الزمر: 14]، إلى قوله: {قُل أَفَغَيرَ اللهِ تأمروني أَعبُدُ أَيُّهَا الجَاهلُونَ} [الزمر: 64]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ} الآيتين [الإسراء: 56]، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} الآيات [الأنبياء: 26-27]، وقال تعالى: {وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ} [الذاريات: 56].
فيجب على المسلم أن يعلم: أن الحَجّ من جنس الصلاة ونحوها من العبادات التي يُعبد الله بها وحده لا شريك له، وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم، والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة؛ ولهذا كان أئمة العلماء يعدُّون من جملة البدع المنكرة السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين، وأن من سافر هذا السفر لا يقصر فيه الصلاة؛ لأنه سفر معصية، أو سافر لأجل الاستعاذة بهم ونحو ذلك، فهذا شركٌ وبدعةٌ كما تفعله النصارى ومن أشبههم من مبتدعة هذه الأمة، ولهذا قال -صلَّى الله عليه وسلَّم- لما ذكرت له أم سلمة كنيسةً بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير: ((أولئك قومٌ إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة))؛ رواه البخاري: 434، ومسلم: 528.
فلا يجوز بناء المساجد على القبور لقول النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس ليال: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم رقم: 532].
الفصل السادس عشر في حقِّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- فحقُّه: الإيمان به، وطاعته، واتِّباع سنته، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، وتقديمه في المحبة على الأهل والمال والنفس، كما قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))؛ رواه البخاري: 1573، ومسلم: 1259.
وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 62].
والصلاة عليه مشروعةٌ في كل زمان ومكان، وفي مسلم [408] أنه -صلَّى الله عليه وسلَّم-قال: ((مَنْ صلَّى عليَّ مرةً؛ صلَّى الله عليه بها عشرًا))، وقال: ((أكثِروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ فإن صلاتكم معروضةٌ عليَّ)) [39].
وفي المسند [5: 136]: أن رجلاً قال: يا رسول الله، أجعل عليك ثُلُثَ صلاتي؟ قال: ((إذًا يكفيك الله ثُلُثَ أمركَ))، فقال: أجعل عليك ثُلُثَي صلاتي! قال: ((إذًاً يكفيك الله ثُلُثَي أمركَ)), قال: أجعل صلاتي كلها عليكَ! قال: ((إذًا يكفيك الله ما أهمَّك من أمر دنياك وأمر أخِرتك)؛ ورواه الترمذي وقال: "حسنٌ صحيحٌ".
وفي "السنن" عنه-صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: ((لا تتخذوا قبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني)).
لذا؛ لمَّا رأى عبد الله بن حسن شيخ الحسنَيْين في زمنه رجلاً ينتاب قبرَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- للدعاء عنده قال: "ما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء"!
ولهذا كان السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان، وكانوا يفعلون في مسجده ما هو المشروع في سائر المساجد؛ من الصلاة والقراءة والذِّكْر والدعاء والاعتكاف، وتعليم القرآن والعلم وتعلمه ونحوه.
وقد علموا أن للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- مثلَ أجرِ كلِّ عملٍ صالحٍ تعملَّه أمَّته، فإنه -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((مَنْ دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور منِ اتَّبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا))؛ رواه مسلم: 2674.
فكل خيرٍ يعمله أحدٌ من الأمَّة فله مثل أجره، فلم يكن -صلَّى الله عليه وسلَّم- يحتاج إلى أن يُهدى إليه ثواب أيِّ عمل.
وكل من كان له أَطْوَع وأَتْبَع، كان أوْلى الناس به في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108].
والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين آمين. ________________________________________ [1] - انظر: شرح العمدة في بيان مناسك الحَجّ والعُمْرَة لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق الدكتور صالح بن محمد الحسن [1/73-179] باختصار. [2] - رجَّح الحافظ ابن حجر وقفه على جابر؛ انظر: بلوغ المرام حديث رقم (728). [3] - قال شيخ الإسلام - رحمه الله – بالقولين؛ انظر: مجموع الفتاوى [26/5 – 9/197]، وشرح العمدة [1/88-104]، ولقد قال بسنِّيتها الأحناف والمالكية، وبوجوبها الشافعية، وكذا المشهور من قولَي الحنابلة، وهو الراجح،،، والله اعلم. [4] - قال ابن تيمية في شرح العمدة [1/318]: "ومَنْ مرَّ على ميقاتين؛ فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة، قال أحمد: إذا مر رجل من أهل الشام بالمدينة، وأراد الحَجّ؛ فإنه يهلُّ من ذي الحُلَيْفة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: ((هن لأهلهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))؛ فجعل الميقات لكل من مرَّ به". [5]- قال في المغني: "وقال بعضهم: لا يجب الإحرام عليه، وعن أحمد ما يدلُّ على ذلك، وقد روي عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحرام. ولأن الوجوب من الشرع، ولم يرد من الشارع إيجابُ ذلك على كل داخلٍ؛ فبقي على الأصل"؛ [5/72]. [6] - روى البخاري معلقًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من السُّنَّة أن لا يحرم بالحَجّ إلا في أشهر الحَجّ" في كتاب الحَجّ باب قوله تعالى (الحَجّ أشهر معلومات) وعند الجمهور: يكره الإحرام بالحَجّ قبل أشهر الحَجّ مع صحة انعقاده، أما الشافعية فلا ينعقد الإحرام بالحَجّ في غير أشهره، وينعقد عمرة مجزية على الأصح عندهم. [7] - انظر: مجموع الفتاوى 26/41-43. [8]- لقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأصحابه: ((من أراد منكم أن يُهلّ بحج وعمرة فليُهلّ ومن أراد أن يُهلّ بحج فليُهلّ ومن أراد أن يُهلّ بعمرة فليُهلّ))؛ رواه مسلم في الحَجّ باب وجوه الإحرام (1211/114). [9] - رواه ابن ماجه (2924)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه أبو يعلى وفيه رجل ضعيف" (3/224)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (1112). [10] - لأمره -صلَّى الله عليه وسلَّم- أسماءَ بنت عميس حين نفست أن تغتسل وتُهِلَّ؛ رواه مسلم في الحَجّ، باب إحرام النفساء برقم (1210). [11] - لقوله-صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل، ولا ثوبًا مسَّه وَرَسٌ ولا زعفران، ولا الخفَّين، إلا ألا يجد نعلين، فيقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين))؛ رواه الجماعة. [12]-لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال:سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يخطب بعرفات: ((من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين))؛ رواه البخاري في اللباس باب السراويل (ح/5804) ومسلم في الحَجّ باب ما يباح للمحرم (1178/4) [13]- القميص الذي يلبس ليمتص العرق، فيكون فوق الركبة. [14] - رواه الإمام أحمد، والبيهقي في سننه 5/70، قوله: ((أضح لمن أحرمت له))؛ أي: ليبرز للشمس ولا يستظل؛ قربةً لله. [15] - لفظ: ((من قُتلَ دون ماله فهو شهيد)) في الصحيحين؛ رواه البخاري برقم [2480]، ومسلم [141]، وروى الحديث بتمامه الترمذيُّ برقم 1421، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، ورواه باقي الجماعة. [16] - أخرجه الشافعي في مسنده 1/339، ومن طريقه خرجه البيهقي 5/73 عن ابن جُريج، وقال عنه ابن القيم: إنه مرسل [زاد الميعاد]5/224. [17] - قال في نيل الأوطار: سنده صحيح [5/47]. [18] -أخرجه الشافعي في كتابه الأم عن ابن جريج 2/170، باب ما يقال عند استلام الركن. [19] -لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- اضطبع فاستلم وكبر، ثم رمل" الحديث؛ رواه أبو داود في المناسك، باب في الرمل، رقم (1889)، وحديث يعلى بن أمية رضي الله عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف مضطبعًا وعليه بُرْدٌ"؛ رواه الترمذي برقم (859)، وقال: "وهو حديث حسن صحيح". [20] - لحديث أنس رضي الله عنه: كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار))؛ متفقٌ عليه. [21] - لما رواه أبو داود عن كثير بن كثير عن جده: "أنه رأى رسول الله صلى الله يصلي مما يلي باب بني سهم، والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما ستره"؛ كتاب المناسك، باب مكة (ح/2014). قال صاحب "عون المعبود": "الحديث أخرجه أبو يعلى الموصلي .. وترجم به عبدالرزاق في باب لا يقطع الصلاة في مكة شيء"، ثم قال: "وأخرجه من هذا الوجه أصحاب السنن، ورجاله موثوقون، إلا أنه معلولٌ، وقال المنذري: في إسناده مجهول". انتهى. انظر: عون المعبود في شرح سنن أبى داود [5/345] [22] - رواه أحمد 1/123،129.والترمذي في الطهارة باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور رقم(3) وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن ورواه غيرهما. [23] - طواف الحائض: يذكر ابن القيم -رحمه الله- أن طواف الحائض من اختيارات شيخ الإسلام -رحمه الله- لكن في أقواله في مجموع الفتاوى (26/185 –188) ما يفهم منه رأي آخر لهذا الاختيار؛ حيث يقول: "ومعلوم أن المرأة إذا لم يمكنها فعل شيء من فرائض الصلاة أو الصيام أو غيرهما إلا مع الفجور - لم يكن لها أن تفعل ذلك؛ فإن الله لم يأمر عباده بأمر لا يمكن إلا مع الفجور". ويقول: "وإلزامها بالمقام بمكة مع عجزها عن ذلك وتضررها به .. لا تأتى به الشريعة؛ فإن مذهب عامة العلماء أن من أمكنه الحَجّ ولم يمكنه الرجوع إلى أهله لم يجب عليه الحَجّ"، ويقول: "وأما إذا أمكن العبد أن يفعل بعض الواجبات دون بعض؛ فإنه يؤمَر بما يقدر عليه، وما عجز عنه يبقى ساقطا". انتهى. قلتُ: ولعل هذا هو الاختيار الراجح في نظري؛ لقوله تعال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))، فالحائض عليها أن تبقى حتى تطهر فتطوف، وهذا هديه صلى الله عليه وسلم، ولا يمكنها الطواف وهى حائض؛ لنهيه الحائض عن الطواف. وصفة الحيض لا تزول عنها بالاغتسال؛ فهي حائض ولو استنفرت واغتسلت، وقد أمرنا الله أن ننتهي عند نهيه صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فالحائض غير قادرة على الطواف لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعائشة رضي الله عنها: ((أفعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي البيت حتى تطهري)؛ متفقٌ عليه. والحائض ليس لها إلا الانتظار مع مَحْرَم لها كما بينه صلى الله عليه وسلم عندما حاضت أم المؤمنين صفيه بنت حييٍّ بقوله: ((لعلها تحبسنا)، أو: (أحابستنا هي؟)). فقيل: إنها قد أفاضت. قال: ((فلا إذًا))؛ رواه البخاري. ولو كان لها الطواف لبينه صلى الله عليه وسلم في حينه. أما عدم الاستطاعة: فقد بين حكمه الكتاب والسُّنَّة أنه عفوٌ، فلو عادت إلى أهلها لعدم استطاعتها الطواف طاهرةً وعدم قدرتها على البقاء؛ فهي أشبه بالمُحْصَر، فلعلها تقاس به لعدم تفريطها؛ فالمُحْصَر منع من دخول البيت بمنع الخلق له، والحائض مُنعت بحكم الله عليها. ويقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ولهذا لم يُوجب القضاء على المُحْصَر في أظهر قولَي العلماء؛ لعدم التفريط، ومن أوجب القضاء على من فاته الحَجّ فإنه يوجبه لأنه مفرط عنده". انتهى. وانظر: صحيح البخاري، كتاب المُحصَر، باب من قال ليس على المُحْصَر بدل. ولعل الله جعل فيما استحدث من عقاقير مؤثِّرة على دورة الحيض مخرجًا من ذلك الحرج والخلاف،،، والله اعلم. ولشيخ الإسلام حديثٌ أوسع في طواف الحائض. أنظر: مجموع الفتاوى [26/176-247]. [24] - وهو المعروف الآن بطريق القناطر، وافتراقه من مزدلفة، ويقع جنوب المشاعر، ويروى أن عطاء - رحمه الله – كان يسلكه ويقول: "هي طريق موسى بن عمران عليه السلام". انظر: (تاريخ مكة للأزرقي: 2/191). [25] - مالك في الموطأ مرسلاً، باب جامع الحَجّ، والبغوي في شرح السُّنَّة: الدعاء يوم عرفة. [26] -صحيح مسلم في الحَجّ، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، والموطأ في الحَجّ، باب الوقوف بعرفة. [27] - روى الإمام أحمد عن الفاكه بن سعد رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفه ويوم الفطر ويوم النحر..." الحديث؛ المسند 4/78 [28] - لما رواه الأزرقي في تاريخ مكة (2/191) بسنده عن غنيم بن كليب عن أبيه عن جده، قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حجته وقد دفع من عرفة إلى جمع، والنار توقد بالمزدلفة، وهو يؤمها، حتى نزل قريب منها". وكذا قول ابن عمر: "كانت النار توقد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان". 36 - في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة؛ رواه البخاري في الحَجّ، باب التلبية والتكبير غداة النحر 1686، ومسلم في الحَجّ باب، استحباب إدامة التلبية 1281. [30] - لما رواه البخاري في الحَجّ، باب يكبر مع كل حصاة 1750، ومسلم في الحَجّ، باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي 1296. [31] - "لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت"؛ متفقٌ عليه واللفظ للبخاري. فإذا ثبت بهذه السُّنَّة حل الطيب، وهو من مقدمات النكاح ودواعيه: فعقدُ النكاح أولى؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَإِذَا حَلَلتُم فَاصطَادُواْ} [المائدة: 2]، ولم يقيده من جميع المحظورات؛ بل هو مطلق ونكره في سياق الشرط: فيدخل فيه كل حِلٍّ، سواء كان حلاًّ من جميع المحظورات أم أكثرها أم من بعضها". أهـ مختصرًا، انظر: شرح العمدة [2/535- 538] [32] - رواه أحمد (1/236)، ومسلم (1243) في الحَجّ، باب جواز العُمْرَة في أشهر الحَجّ بنحوه. [33] - لما رواه البخاري في الحَجّ، باب رفع اليدين عند الجمرتين الدنيا والوسطى 1752 و1753. [34] - رواه الإمام مالك في الموطأ موقوفاً على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الحَجّ، باب صلاة مِنى، برقم 203. [35]- رواه البخاري في الحَجّ، باب طواف الوداع 1755، ومسلم في الحَجّ، باب وجوب طواف الوداع 1328. [36] - حرمة المدينة وردت في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، انظر مثلاً: صحيح البخاري، كتاب فضائل المدينة، ومسلم في كتاب الحَجّ، باب فضل المدينة. [37] - نحوه في المسند (6/111)، وكذا مسلم في الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور. [38] - في الاعتدال بعد الركوع رواه مسلم (471) وبعد السلام. أخرجه البخاري في الآذان، باب الذكر بعد الصلاة (844)، ومسلم في الصلاة، باب اعتدال أركان الصلاة (593)، ورواه أصحاب السنن. [39] -رواه الإمام أحمد: 4/8، وأبو داود برقم 1047، والنسائي في الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 3/91، ورواه ابن ماجه والدارمي.
المصدر: موقع الألوكه جزاهم الله خير الجزاء
الرابط: http://www.alukah.net/spotlight/0/1589/ |
| | | | مختصر منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|