أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الحاج الذي لم يحُج السبت 11 أغسطس 2018, 10:23 pm | |
| لقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- الفقراء من أصحابه أنهم بهذا الذكر اليسير يحرزون الدرجات العلا والأجر الكبير كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أونبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يا رسول الله قال: ذكر الله)). رواه الترمذي وابن ماجه بسند صحيح.
ولما كان الحج من أفضل الأعمال والنفوس تتوق إليه لما جعل الله في القلوب من الحنين إلى بيت الله الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً تهفوا النفوس وتشتاق القلوب ويعاودها الحنين إليه، ولما كان كثير من الناس يعجز عنه ولاسيما في كل عام فقد شرع الله لعبادة أعمالا يسيرة يبلغ أجرها أجر الحج فيعتاض بذلك العاجزون عن التطوع بالحج والعمرة.
1- فمن صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة. رواه الترمذي وحسنه الألباني في الصحيحة رقم 3403 .
2- ومن بَكَّرَ إلى الجمعة فراح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة, والبدنة: هي الناقة التي تُهدى إلى بيت الله الحرام في الحج والعمرة ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فكأنما قرَّب بدنة) ولم يقل فكأنما تصدَّق بناقة.
فليست كل ناقة بدنة.
لهذا المعنى ذهب بعض السلف إلى أن شهود الجمعة يعدل في الأجر حج النافلة.
قال سعيد بن المسيب: (هو أحَبُّ إليَّ من حَجَّة النَّافلة).
ويروى بسند ضعيف (الجمعة حج المساكين) فطوبى لمن حج في الشهر أربع مرات وفي العام أكثر من خمسين مرة مع أنه لم يسافر إلى بيت الله الحرام ولم يتجشم أعباء السفر الجسام خاصة إذا حرص على الاغتسال للجمعة واحتسب خطواته إليها وراح في الساعات الأولى وسبق إلى الصف الأول ودنا من الأمام فاستمع وأنصت ولم يلغ كما جاء في الحديث (من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها).
فإذا كان هذا الأجر لمن شهد الجمعة وأنصت للموعظة، فكيف بأجر الإمام الواعظ الذي يقوم في المصلين في مقام النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أخلص النيَّة، ووافق السُّنَّة.
3- ولقد ورد في الفضل ما هو أعظم من ذلك فمن تطهر في بيته ثم خرج إلى المسجد لأداء الصلاة في جماعة فقد نال مثل أجر الحاج وقد ورد هذا في حديث مرفوع: (من تطهر في بيته ثم خرج إلى المسجد لأداء صلاة مكتوبة فأجره مثل أجر الحاج المحرم، ومن خرج لصلاة الضحى كان له مثل أجر المعتمر). رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
4- وصوم يوم عرفة يكفر سنتين سنة ماضية وسنة باقية كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فإذا كان المرجو من الحج غفران الذنوب فإن صيام هذا اليوم كفارة للذنوب.
فأين المُسارعون إلى الخيرات؟ وأين السَّابقون إلى القُربات؟ والله تبارك وتعالى يقول: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 133- 136].
وقال سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
ومع كل هذا الفضل الذي ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليربت به على قلوب الفقراء فتطيب به،فإن منهج المتسابقين إلى الخيرات والمسارعين إلى القربات يملأ قلوب المؤمنين شوقاً وحسرتاً وألماً وحزناً على كل خير فاتهم ويغبطون ويحسدون من سبقهم إليه.
لقد كان الأغنياء من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوظفون أموالهم في سبيل الله، وكان فقراء الصحابة كلما رأوا أصحاب الأموال منهم ينفقون في هذة القربات يصيبهم الحزن لأنهم لا يجدون ما ينفقون ولقد ذكرهم الله في كتابه ومدحهم بهذا فقال: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} [التوبة: 91- 92].
حتى قال بعض أهل العلم هذا والله بكاء الرجال بكوا على فقدهم وسائل تحملهم إلى الموت في سبيل الله لأنهم لا يريدون إلا وجه الله لأجل هذا عوضهم الله تبارك وتعالى بالنية الصادقة الخالصة ثواب العاملين لما علم صدقهم واختبر أحوالهم فأخبر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنهم شاركوا المجاهدين في أجورهم.
فقال تعالى عن المجاهدين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120- 121].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الفقراء الذين حرموا هذا الجهاد: (إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا شاركوكم في الأجر حبسهم العذر) متفق عليه.
وإذا كان أهل الفضل يتنافسون في الخيرات ويتسابقون في القُرُبَات أذن الله لهم أن يغبطوا بعضهم بعضاً وأن يحسد بعضهم بعضاً حسداً محموداً يتشاركون به في الأجر وإذا خلصت النوايا وصدق الصادقون.
(لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في سبيل الله آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار) متفق عليه.
ويشارك هذين في الفضل رجل صادق النية يقول: (لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل) البخاري (7232).
عن أَبُي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم بمنه وكرمة أن يرزقنا حج بيت الله الحرام وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: http: http://www.alukah.net/spotlight/0/8188/#ixzz5NttjISNB |
|