أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الاحتراف "تأصيله الشرعي ودوره الحضاري" الأربعاء 20 يونيو 2018, 11:39 am | |
| • أما الصناعة، فمنها ما هو مقبول عند العرب في الجاهلية؛ كالغزل والنسيج الذي ينتشر عند الحاضرة والبادية دون احتقار لمن يعمل ذلك عندهم.
• لكنهم -بعد ذلك- كانوا يحتقرون مَهنة الحدادة، ويسمون (الحدَّاد) بالعبد أو بالقَين، وكلمة (القين) التي تعني (العبد الرقيق)، كانت مرتبطة (بالحدَّاد) دائمًا.
• وفي جهاده -عليه الصلاة والسلام- لتغيير مفاهيم الناس الخاطئة نحو الحدادة، دفع الرسول بابنه إبراهيم إلى زوجة أبي سيف الحدَّاد؛ لكي تُرضعه، وكان الرسول يأتي إلى منزل أبي سيف؛ ليرى ابنه إبراهيم ويجالس أبا سيف الحدَّاد؛ حتى يرى الناس منه هذا السلوك، فيقتدوا به في عدم احتقار حرفة الحدادة التي كانت تعدُّ عندهم من أدنى الحِرَف.
وإلى جانب ذلك كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعمل بيده الشريفة مع أصحابه الكرام، فقد عمِل مع أصحابه في بناء مسجد قُباء، وفي بناء مسجده (صلى الله عليه وسلم) كواحد من المسلمين، وكان يأبى على المسلمين أن يحملوا عنه الحجارة، ويحمل كما يحملون، وقد عمِل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع المسلمين في غزوة الخندق، وكان يعمل في الحرف، حتى إنهم إذا عجزوا عن بعض الصخور قام (صلى الله عليه وسلم) بتكسيرها بيده الكريمة.
• ومن الأحاديث التي ورَدت في الحث على الكسب والعمل باليد، وطلب الرزق، ما رُوِي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "لأن يَحتطب أحدكم حُزمة على ظهره، خير ممن أن يسأل الناس أعطَوه أو منَعوه" [27]، كما ورَد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده" [28]، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: "لأن المؤمن إذا لم يكن ذا حرفة، تعيَّش بدينه" [29].
كما ورد في الأثر عن عمر -رضي الله عنه- أنه إذا نظر إلى رجل فأعجبه، قال: هل له حرفة؟ فإن قالوا: لا، قال: سقط من عيني".
• • • • • • أهم الحِرَف في عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم): وقد تعدَّدت الحِرَف والصناعات التي بذَل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جهده في إزالة نزعة الاحتقار التي كان العرب يتعاملون بها؛ لأن الاحتقار يَحول دون العمل، ويَهدِم اقتصاد الأمة الإسلامية، ويتدخل في ارتفاع الأسعار، وقد يؤدي إلى الاحتكار الذي توعَّد الله فاعليه بالعذاب الأليم؛ قال (صلى الله عليه وسلم): "من دخل في أسعار المسلمين ليُغَلِّيه عليهم، فإن حقًّا على الله -تبارك وتعالى- أن يُقعده بعظمٍ من النار يوم القيامة..."؛ رواه الإمام أحمد بإسناد جيد. أما عندما يكون سوق العمل رائجًا، فإن الاحتكار يكون صعبًا.
ولقد كانت جهود الرسول (صلى الله عليه وسلم) توحي بأن أي عملٍ شريفٍ يقوم على نية حسنة ووسيلة كريمة وهدف نبيل، هو عمل يُثاب المرء عليه، وهو عمل مطلوب للمجتمع كله، وللأفراد على السواء، وما كانت هذه الجهود إلا تمهيدًا لتغيير الأمة؛ حتى تؤمن بأن علوم المعاش مفيدة كعلوم الميعاد، وأنها كلها يمكن أن يُثاب عليها المرء في ظل النية والوسيلة والغاية، وكل عمل يُصبح عظيمًا عندما تتوافر فيه شروط الصلاح، والنفع والغاية، وفي الوقت نفسه فإن كل عمل يَفتقد النية الحسنة، والوسيلة الكريمة والغاية النافعة، هو عملٌ مرفوض، حتى ولو شاع بين الناس وأقرَّه العُرف؛ لأنه إذا تصادَم العُرف مع الشرع، لا ينظر إليه، فالمرابون مرفوضون وإن أتَوْا بحُججٍ واهية، وتُجار الفساد - بألوانه المختلفة - مرفوضون، وهكذا..
ومن أهم الحِرَف المعاشية التي رعاها رسولنا (صلى الله عليه وسلم) وشجَّع عليها: الحِرَف التالية: 1- الصيد: وقد اشتَهر أناس في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالصيد وامتهانه؛ إما للعيش، وإما لكونه رياضة مفيدة، وكان من هؤلاء حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- الذي اشتَهر بأنه صاحب صيد، وقد جاءت آيات القرآن؛ لتُبيِّن احتراف المسلمين للصيد؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ [30].
2- جمع الحطَب: فقد كان جمع الحطب مصدرًا لرزق بعض الناس؛ حتى إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) شجَّع عليه، فقد قال: "لأن يأخذ أحدكم حبْله، فيأخذ حُزمة من حطبٍ، فيَبيع، فيكف الله به وجهه - خير من أن يسأل الناس؛ أُعطي، أم مُنِع" [31].
وقد وضع البخاري بابًا في صحيحه سمَّاه باب: (بيع الحطب والكلأ).
3- الرعي وتربية الحيوان: قال تعالى ﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [32]، وما من نبي إلا ورعى الغنم، وقد اهتم المسلمون بتربية الحيوانات؛ مثل: (الغنم - الإبل - الأبقار...).
4- الزراعة: تعتبر الزراعة من أهم الحرف التي عرَفها الإنسان؛ لأنها تسد حاجة طبيعية لديه، فهي من أهم المصادر الأساسية للغذاء والكساء، ولقد شجَّع الإسلام على الزراعة؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ﴾ [33].
5- التجارة: كانت التجارة عند قريش إبَّان ظهور الإسلام من أعظم الحرف والمِهن التي عرَفها العرب قاطبةً، وقد نزَل القرآن؛ ليُبين أهمية التجارة عند العرب؛ قال تعالى: ﴿ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ* إِيِلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾ [34]، ولم يمنع الإسلام التجارة حتى في مواسم الحج؛ لأن العمل الشريف عبادة إذا خضَع للضوابط التشريعية [35].
6- صناعة الأسلحة: ولكي نؤكد اهتمام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالعمل والاحتراف اهتمامًا مباشرًا، يتَّصل بمستوى إتقانهما وتطوُّرهما، نقدم نموذجًا رائدًا من اهتمامه -عليه الصلاة والسلام- بالحِرَف والصناعة، ويتمثل ذلك في حقل الأسلحة، وملاحقة التطورات التي طرَأت عليها في عصره، ونكتفي هنا بذكر أهم الأسلحة الحربية التي استخدمها وطوَّرها، والتي كانت توجَد في زمنه.
وهي: أ- الدبابة: وهي عبارة عن عربة كانت تستخدم للاتقاء من السهام، وكانت تُصنع مغطاة بالجلد الغليظ، وتستخدم لهدْم الحصون.
ب- الضبر: كان يصنع بالخشب المغطى بالجلد، ويستخدم للاتقاء من السهام من الخلف.
جـ- المنجنيق: هو سلاح حربي يستخدم لرمي الأعداء بالحجارة.
د- الحسَك: هو سلاح ذو أشواك، يُفرش حول الحصن والمعسكر؛ حتى تَصير الطريق صعبة شائكة.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد حصل على هذه الأسلحة واستخدمها في غزوة الطائف، بل إنه كان أول من رمى بالمنجنيق ونثَر الحسَك، كما يقول ابن هشام، قال: "حدثني مَن أثِق به أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أول مَن رمى في الإسلام بالمنجنيق، رمى أهل الطائف" [36].
ويقول المقريزي: "ونصب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المنجنيق على حصن الطائف".
وفي موضع آخر: "نثر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحسَك حول الحصن"، وهناك أقوال مختلفة في المنجنيق الذي استخدمه رسول الله، فقد ذكَر بعضهم أنه كان قد جِيءَ به من الخارج، وقال آخر: إنه كان من صُنع سَلمان الفارسي - رضي الله عنه.
وقد دخل في الإسلام (عروة بن مسعود الثقفي)، و(غيلان بن سلمة الثقفي) بعد فتْح الطائف في سنة (9هـ)، ثم ذهبا إلى جُرَش؛ ليَتعلَّما استخدام الأسلحة المذكورة.
7- حِرَف كثيرة أخرى: وبالإضافة إلى ذلك هناك حِرَف علمية وصحية كثيرة أخرى، اهتمَّ بها الإسلام؛ مثل: (القراءة والكتابة، الترجمة، الطب، والتمريض، الحجامة، الحلاقة، العطارة، الصيدلة).
وهناك حرف عامة حثَّ الإسلام على الاشتغال بها؛ مثل: (الحدادة، الصياغة، التعدين، الخرازة، الخياطة، الصباغة) [37] وغيرها.
8- حرفة طلب العلم: ولقد حثَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على العلم والاحتراف بأساليب متنوعة، فقد قال مثلاً: "بُعثت معلمًا".
وقال في القلم الذي هو أحد وسائل العلم: "إن أول ما خلَق الله القلم"، وبيَّن أن نتيجة العلم هي الرقي والعُلو، فقد ورَد في الأثر: "إن الحكمة تزيد الشريف شرفًا، وترفع المملوك حتى تُجلسه مجالس الملوك".
وقد وسَّع الرسول (صلى الله عليه وسلم) نطاق العلم والاحتراف كثيرًا، ولم يحصره في نطاق ديني أو دنيوي واحد، فقال: "الكلمة الحكمة ضالة الحكيم، فحيث وجدها فهو أحقُّ بها" [38]، وقد كان أسلافنا يسافرون السفر الطويل الشاق للحصول على كل علمٍ نافع، حتى ولو كان الوصول إلى التحقق من صحة حديث نبوي شريف.
• • • • • • الرسول -عليه الصلاة والسلام- "النموذج الأعلى للاحتراف": كان الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- جميعًا يحترفون، هذا ما أكَّدته حقائق الدين والتاريخ..
كان آدم -عليه الصلاة والسلام- مزارعًا، وكان نوح نجارًا صنَع السفينة بعون الله له، وكان إدريس حائكَا، وزكريا نجارًا، وكانت مهنة رعاية الأغنام من أهم الحِرَف التي عرَفها الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام).
ولم يكن الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- بِدعًا في هذا الطريق، فمن المعروف أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نشأ في مكة -المدينة التجارية الكبرى في جزيرة العرب- إلى جانب أنها المدينة المقدسة، وكانت لقريش رحلتان ثابتتان: إحداهما في الشتاء إلى اليمن؛ لأن اليمن أدفأُ، والثانية بالصيف إلى الشام.
ولَمَّا جاء (هاشم بن عبد مناف) سيد قريش، أمَر بنوع من التكافل الاقتصادي والاجتماعي بين قريش كلها -غنيِّها وفقيرها- حتى اقترب غنيُّهم من فقيرهم، وظهر الإسلام وهم على ذلك، وبالتالي فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالاً ولا أعز من قريش.
وفي هذه البيئة ظهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان أمرًا طبيعيًّا أن يَنزع الرسول إلى الرحلة بعد أن كان يرعى الغنم في صِغَره، ومن الوقائع الثابتة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) خرج مع قوافل قريش عندما كان عمره يتراوح بين التاسعة والثانية عشرة، وذلك حين تعلَّق بعمه أبي طالب حين أزمَع السفر إلى الشام للتجارة، فأخذه معه في الرحلة التي التقى فيها أبو طالب بالراهب (بحيرا)، الذي تنبَّأ برسالة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وخشِي عليه من اليهود لو عرَفوه، فخرج به عمه أبو طالب سريعًا حتى أقْدَمه مكة حين فرَغ من تجارته بالشام.
وهكذا نرى أن صلة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالرعي تارة وبالتجارة تارة أخرى، بدأت معه -عليه الصلاة والسلام- بداية مبكرة؛ تأثرًا بالبيئة التي يعيش فيها، لكن الحدث التجاري الفاصل في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقع حين لجأت خديجة إلى محمد بن عبد الله؛ ليُضارب في مالها بعد أن بلَغها الكثير من صدق حديثه، وأيضًا لأمانته وكرَم أخلاقه، فلهذا عرَضت عليه - كما يقول ابن إسحاق - أن يخرج بمالها إلى الشام تاجرًا، وتُعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يُسمَّى مَيسرة، فقبِل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك، وخرَج ومعه غلامها ميسرة، حتى قدِم الشام، ثم باع الرسول سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة، الذي حكى لخديجة عن أمانته وتوفيق الله له ما شاء الله له أن يحكي، ورأت خديجة أيضًا أن أرباحها ضُوعِفت، فرَغِبت فيه زوجًا، وكانت أسنَّ منه، وكانت أوسط نساء قريش نسَبًا، وأعظمهن شرَفًا، وأكثرهن مالاً، وكل قومها كان حريصًا على ذلك منها لو قدروا عليه، وكانت له نعم الزوج.
ونحن نستخلص من تحليلنا لسلوك الرسول (صلى الله عليه وسلم) الاحترافي: أنه (صلى الله عليه وسلم) مارَس الرعي ثم التجارة منذ الصغر، وأن سُمعته التجارية الطيبة ولقبه (الأمين)، جعل السيدة خديجة تختاره للتجارة أولاً، ثم تختاره زوجًا ثانيًا، فأمانة الإنسان سبيل نجاحه، وهي أهم رأس مال يستثمره الإنسان في التجارة، فإذا اجتمع مع الأمانة الصدق - كما اجتمع للرسول صلى الله عليه وسلم - توافَرت له الأرضية التجارية السليمة، فإذا أضَفنا إلى ذلك ذكاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقوته ومهارته؛ أي: جمعه (صلى الله عليه وسلم) بين القوة والأمانة والصدق، أدركنا كيف تحقَّق في شخصية الرسول النموذج المثالي الذي يُشير إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ ﴾ [39].
ومما نستخلصه في هذا التحليل أيضًا: الإشارة إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ضرَب المثل بنفسه على أهمية العمل، وها هو أمامنا قد عمِل قبل الرسالة في الرعي والتجارة، وها هو بعد الرسالة يعمل في بناء المسجد، وفي حفر الخندق، وفي جمع الحطَب، ويعمل في خدمة أهله.
وبما أننا نميل إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان له نوع إشرافٍ على تجارة خديجة بعد زواجه منها؛ أي: إنه ظل محترفًا للتجارة بطريقة ما، وأنه لابد أن يكون له حضوره؛ إشرافًا وتوجيهًا وتخطيطًا ومراقبة، فلهذا نؤمن بأن خبرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) التجارية المستمرة في مكة، قد أعانته كثيرًا على تنظيم الشؤون الاقتصادية والتجارية في مكة، بل إنه أظهر عبقرية في معالجة بعض الأزمات الاقتصادية، ونحن نعد إنشاءَه الأسواق - خاصة في المدينة في مواقع متميزة - من الأدلة على ذلك، وكما أننا نعد تنظيمه (صلى الله عليه وسلم) لأسلوب التكافل الاقتصادي والاجتماعي في مجتمع المدينة الناشئ، الذي يضم أصحاب البلد بثرواتهم، ووافدين بلا ثروات وليس لهم إلا خِبراتهم السابقة، من أقوى الأدلة على عبقريته الاقتصادية.
يُضاف إلى ذلك: تقديره لقيمة العمل الحِرَفي واليدوي، والزراعي والصناعي، وإفساحه المجال أمام المرأة المسلمة؛ ليكون لها حضورها في بناء الاقتصاد الإسلامي.
إنه الوحي الصادق مع العقل الواعي مع الخلق الزكي الراقي.
وعلى الله قصد السبيل، وهو وليُّ التوفيق.
الحواشي: [1] إسماعيل بن حماد الجوهري؛ تابع اللغة وصحاح العربية، مادة (حرف). [2] ابن منظور؛ لسان العرب، مادة حرف، ط/ دار المعارف. [3] النحل : 88. [4] نبيل السمالوطي؛ البناء الاجتماعي للمجتمع الإسلامي، ص: 193، رابطة الجامعات الإسلامية - القاهرة. [5] الصف: 3. [6] هود : 6. [7] الملك : 15. [8] المزمل : 20. [9] التوبة : 114. [10] النجم : 39. [11] هود : 15. [12] محمد تقي الأميني؛ الإسلام تشكيل جديد للحضارة، دار العلوم (الرياض) للطباعة والنشر (1402هـ - 1982م)، ص:228. [13] التوبة : 105. [14] الشرح : 7. [15] الجمعة : 10. [16] النحل : 97. [17] النساء : 123. [18] الكهف : 107. [19] مريم : 96. [20] رواه الشيخان والنسائي. [21] الأعراف : 85. [22] رواه الترمذي. [23] موسوعة الإدارة العربية الإسلامية، الناشر: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر - القاهرة، (1424هـ - 2004م) 5/186 - 193، سورة سبأ : 37. [24] فاطر : 10. [25] الكهف : 110. [26] د/ عبدالعزيز العمري؛ الحرف الصناعية في الحجاز في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم، ص: 45، نشر مركز التراث الشعبي، لدول الخليج ، قطر ط/1 1985م. [27] رواه البخاري. [28] رواه ابن ماجه. [29] الخطيب البغدادي؛ الجامع لأحكام الراوي وآداب السامع 1/34، الكويت (1401)، وانظر: العمري؛ الحرف والصناعات في الحجاز في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم، ص: 45، قطر ، ط/1 1985م. [30] المائدة : 94. [31] رواه البخاري . [32] الأنعام : 5 - 8. [33] الأنعام : 141. [34] سورة قريش 1- 4. [35] محمد تقي الأميني؛ الإسلام تشكيل جديد للحضارة، ص:220. [36] محمد تقي الأميني؛ الإسلام تشكيل جديد للحضارة ، ص: 221. [37] انظر في تفصيل هذه الحرف؛ عبدالعزيز العمري؛ الحرف والصناعات في الحجاز، الفصل السادس والسابع. [38] محمد تفي الأميني؛ الإسلام تشكيل جديد للحضارة، ص:219. [39] القصص : 26.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/web/aweys/0/47579/#ixzz58cWp2Uag |
|