منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 كتاب: فضل كفالة اليتيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49017
العمر : 72

كتاب: فضل كفالة اليتيم Empty
مُساهمةموضوع: كتاب: فضل كفالة اليتيم   كتاب: فضل كفالة اليتيم Emptyالخميس 05 أبريل 2018, 2:30 pm

فضل كفالة اليتيم
(دعوة إلى مرافقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجنة)
تأليف وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية
الدكتور: عبد الله بن ناصر بن عبد الله السدحان
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
المملكة العربية السعودية
-----------------
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب: فضل كفالة اليتيم _o_a_o10

قال أحد السلف:
حق على من سمع هذا الحديث -يعني قول الرسول (صلى الله عليه وسلم)-: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين...)) أن يعمل به ليكون رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.
 
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لقد اعتنى الإسلام بالأيتام عنايةً كبيرةً وما تلك الآيات العديدة في كتاب الله وذلك الحثُّ المتوالي من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا دليل قوي على هذه العناية ولقد ترجمت القرون الأولى هذه التوجيهات عملياً وتعاملت معها أمراً واقعاً فمَنْ يتتبع التاريخ الإسلامي يرى بوضوح مقدار الحرص على رعاية اليتيم وكفالته بحثاً عن الأجر ومُرافقة النبي (صلى الله عليه وسلم).

ولئن كانت الدولة معنية وجوباً برعاية اليتيم ومَنْ في حُكمه بتربيته والعناية به إذا لم يوجد مَنْ يرعاه، فإن الفرد المسلم عليه جزءٌ من واجب الرعاية لليتيم ومَنْ في حُكمه من اللقطاء أو مجهول النسب ويكون ذلك بكفالته وأخذه ليتربى في أحد بيوت المسلمين بين أحضان أسرة طبيعية ليعيش حياة هنيئة وفق سنة الله في تكوين المجتمعات.

ومما لاشك فيه أن رعاية اليتيم في كنف أسرة من أسَرِ المجتمع المسلم هو الوضع الطبيعي، أما مؤسسات الرعاية أو دور تربية الأيتام التي وضعتها الدولة -وفقَّها الله- فهي وضعٌ بديلٌ لِمَنْ لم يجد أسرة تقوم برعايته والعناية به، ورغم قيام الدولة بتوفير كامل أوجه الرعاية لهؤلاء الأيتام في المؤسسات الاجتماعية إلا أن الشيء الذي لا يمكن توفيره مهما بلغت الإمكانات المادية، هو الحنان الأسري الطبيعي أو شبه الطبيعي فهذا الحنان لا يتيسَّر لليتيم أو مَنْ في حكمه بشكل مناسب إلا في حالة قيام أحد الأسَرِ المسلمة بكفالته وجعله يعيش في أحضانها مُحتسبةً الأجر في ذلك من الله الجواد الكريم.

ومن واقع عملي لسنوات طويلة في مجال الرعاية الاجتماعية لمست خلال زياراتي المتكررة إلى دور التربية الاجتماعية ودور الحضانة الاجتماعية وهي الدور المعنية برعاية الأيتام ومن في حكمهم من اللقطاء ومجهول الأبوين... لمست تطلع هؤلاء الأطفال الأبرياء إلى العيش بين أحضان أسرة من أسَرِ المجتمع يجمعهم بيت واحد ومشاعر مشتركة وعطف متبادل.

ولا يمكن أن يتجاهل أي زائر لهم تلهفهم الشديد وطلبهم المُلحّ لجلسة أسرية أو جمعة عائلية يسودُها جوٌ من الألفة والمحبة مثل بقية الأطفال في المجتمع، وكم ترنو نظراتهم البريئة التي تقابلك عند دخولك عليهم وعبراتهم التي تسابق كلماتهم إلى احتضان صدر حنون يخفف عنها فقد الوالدين ويعوضهم ضمة الأم لوليدها  وفزعة الأب لفلذة كبده ويجعله يشعر بالأمن النفسي والاجتماعي في خضم المجتمع المتلاطم.

ولقد سعت الدولة لتنفيذ هذا البرنامج الاجتماعي المهم لفئة الأيتام ومن في حكمهم وهو برنامج الأسر البديلة وعملت بقوة على التوسع فيه وتشجيع المسلمين للإقدام عليه وذلك من خلال تسهيل إجراءاته الإدارية وتقديم المعونات المادية والمعنوية لكل من يقوم بكفالة أحد الأيتام الموجودين في المؤسسات الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشئون الاجتماعية.

ومن هنا يأتي هذا الكتاب ليقدم في عرض سريع فضل رعاية اليتيم والفوائد التي يجنيها المجتمع والفرد المسلم جراء كفالته لأحد الأيتام، ثمّ نلقي الضوء بشكل مختصر على الحقوق الأساسية التي يجب أن يحصل عليها اليتيم، وبعد ذلك نتعرف على الأسس التي تقوم عليها رعاية الأيتام في الإسلام.

وأخيراً طرح خطوة عملية لِمَنْ أراد أن يحتسب الأجر ويعقد النيَّة على مُصاحبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الجنَّة كما أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي يقول فيه: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسَّبَّابَةِ والوسطى وفَرَّجَ بينهما شيئاً) (رواه البخاري)، وبعد ذلك توضيح الخطوات العملية لتنفيذ هذا المشروع المضمون الربح مع الله -عز وجل-، مع ذكر للمزايا الدنيوية والأخروية التي يحصل عليها كافل اليتيم.

ونختم ببعض التوصيات لمن أكرمه الله ووفقه إلى كفالة أحد الأيتام في بيته وبين أفراد أسرته و أبناءه.

والله أسأل أن ينفع بهذا الكتيب وأن يجعله من العلم الذي يُنتفع به في الدنيا والآخرة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كتاب: فضل كفالة اليتيم Unatit10

المؤلف
ص. ب     7351
الرياض    11462

 
من هو اليتيــــم؟
اليتيم في اللغة:
اليُتمُ هو: الانفراد، واليتيم: الفردُ وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم، وأصل اليتيم الغفلة، وبه سُميَّ اليتيم يتيماً؛ لأنه يتغافل عن بره، كما قيل إن اليتيم الإبطاء، ومنه أُخذ اليتيم؛ لأن البر يُبطيءُ عنه، ويقال أيضاً في سيرة يَتَمُ: أي إبطاء أو ضعف أو فتور، فكلمة اليتيم في أصلها اللُّغوي تدور على الانفراد والضعف والبطء والحاجة، وتلك صفات في واقع الحال لليتيم في الغالب.

تدور كلمة اليتيم في اللغة على الانفراد والضعف والحاجة.

أما اليتيم في الشَّرع:
فهو من فقد أباه وهو دون البلوغ، ففي الأثر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا يتم بعد احتلام...).

وتقول العرب:
اليتيم الذي يموت أبوه، والعجيُّ الذي تموت أمه، ومن مات أبواه فهو لطيم.

إلا أن اسم اليتيم يطلق تجاوزاً لكل من فقد أحد والديه أو كليهما، ويُقال للصبي يتيماً إذا فقد أباه قبل البلوغ، فهو يتيم حتى يبلغ الحلم، ويُقال للمرأة يتيمة ما لم تتزوج، فإذا تزوجت زال عنها اسم اليُتم.

والجمع أيتام ويتامى.

أما اليتيم في الشرع:
فهو مَنْ فقد أباه وهو دون البلوغ، أخذاً من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): (لا يُتْمَ بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل) (رواه أبو داود)، مع اختلاف بين الفقهاء في وقت انقطاع حكم اليتيم عنه، لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (إن الرجل لتنبت لحيته، وأنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم)، وهذا في أحكام التصرف المالي، أما اسم اليتيم فهو ينقطع بالبلوغ لما ورد في حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)  (لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل).

ومما يلحق بالأيتام، بل إن أمرهم أشد اللقطاء أو من كان مجهول الأب أو الأم أو كليهما فقد يفقد الطفل أبويه لأي سبب من الأسباب، والأسباب كثيرة فقد يتوفى الوالدان وهو صغير وقد يفقداه في زحام الحج، أو في حادثة حريق، أو حادث مروري وما أكثرها في أيامنا هذه.

ولاشك أن العناية بهذه الفئة قد تكون أفضل، فاليتيم قد يجد العم أو الخال أو الجد أو القريب، أما مجهول الأبوين لأي سبب من الأسباب لا يجد أياً من ذلك إلا رحمة الرحمن الرحيم وهي خير وأبقى.

وتأكيداً لهذا الأمر وحتى يزول الإشكال الذي قد يرد لدى بعض الناس ومحبي الخير صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 20711 مؤرخة في 24/12/1419هـ حول هذا الأمر وجاء فيها ما نصه: (إن مجهولين النسب في حُكم اليتيم لفقدهم لوالديهم بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب يلجئون إليه عند الضرورة وعلى ذلك فإن مَنْ يكفل طفلاً من مجهولين النسب فانه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله (صلى الله عليه وسلم): ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً)) (رواه البخاري).

ثمّ صدرت فتوى أخرى لاحقة لها وبتفصيل أكبر برقم 21145 مؤرخة في 22 / 10 / 1420هـ، وجاء في أول فقرة منها ما يلي: (من أبواب الإحسان في شريعة الإسلام حضانة اللقيط المجهول النسب، والإحسان إليه في كفالته وتربيته تربية إسلامية صالحة، وتعليمه فرائض الدين وآداب الشرع وأحكامه، وفي هذا أجر عظيم وثواب جزيل، ويدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قول النبي (صلى الله عليه وسلم): ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً)) (رواه البخاري).

فضل كفالة اليتيم
لقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم قال تعالى: (فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ  تَقهَر) [الضحى: آية 9] وقال تعالى: (أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ) [الماعون: آية 1-2]، وهاتان الآيتان تؤكدان على العناية باليتيم والشفقة عليه، كي لا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم.

ومما يؤكد على حرص التشريع الإسلامي على اليتيم والتأكيد المستمر على العناية به وحفظه، هو ورود كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم، وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم، فإنه يمكن تصنيفها إلى خمسة أقسام رئيسة، كلها تدور حول: دفع المضار عنه، وجلب المصالح له في ماله، وفي نفسه، وفي الحالة الزواجية، والحث على الإحسان إليه، ومراعاة الجانب النفسي لديه.

يقول تعالى:
(وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسرَائيلَ لاَ تَعبُدونَ إِلاّ اللَّهَ وبِالوالدينِ إحسَانا وذِي القُربَى واليَتَامى والمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنا وأَقِيمُوا الصّلاةَ وآتوا الزّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيتُم إِلا قَلِيلاً مِّنكُم وأنتُم مُعرِضُون) [البقرة، آية: 83]، فالإحسان إلى اليتيم متعين كما هو للوالدين ولذي القربى، كما قال تعالى: (أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ * ولا يحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ) [الماعون: 1-3].

وقوله تعالى:
(فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ  تَقهَر) [الضحى: آية 9].

قال ابن كثير عن تفسير هذه الآية:
فلا تقهر اليتيم: أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطَّف به، وكن لليتيم كالأب الرحيم.

ولقد كان (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس باليتيم وأشفقهم عليه حتى قال حاثاً على ذلك: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً).

كما أمر الله -عز وجل- بحفظ أموال الأيتام، وعدم التعرض لها بسوء، وعدَّ ذلك من كبائر الذنوب وعظائم الأمور، ورتَّب عليه أشد العقاب، قال تعالى: (إنَّ الذِينَ يَأكُلُونَ أَمَوالَ اليَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسَيصلَونَ سَعِيرًا) [النساء: آية 10]، كما قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالْتِي هِيَ أحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء: آية 34].

وعدَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) أكل مال اليتيم من السَّبع المُوبقات، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (اجتنبوا السَّبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) (رواه البخاري).

ولخطورة ذلك الأمر، وجَّهَ (صلى الله عليه وسلم) مَنْ كان ضعيفاً من الصحابة ألا يتولينَّ مال يتيم، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفاً، وإني أحِبُّ لكَ ما أحِبُّ لنفسي، لا تأمرن على أثنين، ولا تَوَلَيَنَّ مال يتيم) (رواه مسلم).

واستمراراً لحرص التشريع الإسلامي على أموال اليتامى، أمر باستثمارها وتنميتها حتى لا تستنفدها النفقة عليهم، فلقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (ألا مَنْ رَبَّى يتيماً له مال فليتجر به، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة) (رواه أبو داود).

كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال:
(اتَّجِرُوا في مال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة)، ومن هنا يلزم الولي على مال اليتيم استثمارها لمصلحة اليتيم على رأي كثير من أهل العلم بشرط عدم تعريضها للأخطار.

وجـماعاً لكل ما سبق:
أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بكفالة اليتيم، وضمه إلى بيوت المسلمين، وعدم تركه هملاً بلا راعٍ في المجتمع المسلم، فلقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما شيئاً) (متفق عليه)، كما عَدَّ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) خير بيتٍ من المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسَنُ إليه.

 فلقد ورد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
(خيرُ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسَنُ إليهِ، وشَرُّ بيتٍ في المسلمينَ بيتٌ فيه يتيمٌ يُسَاءُ إليهِ) (رواه ابن ماجه).

ولقد وعد الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالأجر العظيم لمَنْ تكفل برعاية الأيتام، فقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ عَالَ ثلاثةً من الأيتام كان كمَنْ قام ليلهُ وصام نهارهُ وغدا وراح شاهراً سيفهُ في سبيل الله، وكنتُ أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السَّبَّابَةَ والوسطى) (رواه ابن ماجه).

كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجاً لقسوة القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قسوة قلبه فقال: (امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين) (رواه أحمد)، ورَتَّبَ على ذلك الأجر العظيم، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة يمسح فيها على رأس ذلك اليتيم، فعن أبي أمامة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَنْ مسح رأس يتيمٍ لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرةٍ مرَّت عليها يده حسنات، ومَنْ أحسن إلى يتيمةٍ أو يتيمٍ عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرَّق بين إصبعيه السَّبَّابَة والوسطى) (رواه أحمد).

ولقد تمثَّل المجتمع المسلم تلك التوجيهات عملياً بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى يومنا الحاضر، فلقد ثبت أن هناك العديد من الصحابة والصحابيات كفلوا أيتاماً ويتيماتٍ وضَمُّوهُم إلى بيوتهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أبو بكر الصديق، ورافع بن خديج، ونعيم بن هزال، وقدامة بن مظعون، وأبو سعيد الخدري، وأبو محذورة، وأبو طلحة، وعروة بن الزبير، وسعد بن مالك الأنصاري، وأسعد بن زرارة، وعائشة بنت الصديق، وأم سُلَيم، وزينب بنت معاوية -رضي الله عنهم- وغيرهم كثير وكثير جداً من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

واعلم أخي المسلم أن رعاية المسلمين للأيتام ومَنْ في حكمهم تقوم على أسس أصيلة قوية تنطلق منها جميع أوجه الرعاية التي يقدمونها لهم سواء من آحاد المسلمين أو من المجتمع المسلم بشكل عام، وهذه الرعاية لا تقوم على مجرد عاطفة قد تضمحلُّ أو شفقة عابرة أو رحمة قد تزول وتتناقص على مر الأيام، بل هي قواعد أساسية مرتكزة على توجيهات ربانية وهدي نبوي، ولاشك أن استحضار هذه الأسس تعين المسلم على الأقدام على رعاية هؤلاء الأيتام والعطف عليهم والشفقة بهم.

ومن ذلك أنهم ينظرون إلى هذا اليتيم على أنه مخلوق بشري له كرامته التي كرمه الله بها فقد أسجد ملائكته له حين خلقه، قال تعالى: (إذ قَالَ ربُكَ للمَلائكَةِ إِنيِ خَالِقُ بَشَراً من طِين * فإذا سَوَّيتُهُ ونَفَختُ فِيهِ من رُّوحِي فَقَعُوا لهُ سَاجِدِين * ‎فَسَجَدَ الملائكَةُ كُلُّهُم أَجمعُون * إِلا إِبلِيسَ استَكبرَ وكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ) [ص: آية 71-74]. 

وهذا السجود سجود إكرام وإعظام واحترام كما ذكر المفسرون.

وجنس الإنسان مُكَرَّمٌ، وللإنسان منزلة خاصة بين مخلوقات الله عز وجل، قال تعالى: (وَلَقد كَرَّمنَا بنِي آدَمَ وحَمَلناهُم في البَّرِ والبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِن الطّيّباتِ وفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِير مّمَّنْ خَلَقنا تَفضِيلًا) [الإسراء آية: 70]، فلقد كرم الله هذا المخلوق البشري على كثير ممن خلق، كرمه بهيئته، وتسويته، وفطرته، وخلافته في الأرض، وبتسخير الكون له، وكرمه بإعلان ذلك التكريم وتخليده في كتابه العزيز.

ومن هنا، فالإنسان مُكَرَمٌ له منزلته المُحترمة، وله كرامته المَصُونة المحترمة، واليتيم له حق هذا التكريم، ومما يزيد في حق تكريم اليتيم ومَنْ في حكمه الضَّعف الذي يعيشه.

ثمّ أعلم أخي الحبيب:
أن المجتمع المسلم مجتمع متراحم متماسك متوادٌّ، قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُم... الآية) [الفتح آية: 29]، وقال تعالى واصفاً المؤمنين: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وتَوَاصَوا بِالصَّبرِ وتَوَاصَوا بِالمَرحَمَةِ) [البلد آية: 17].

ويصف الرسول (صلى الله عليه وسلم) المؤمنين بأنهم كالجسد الواحد، ففي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) (رواه البخاري).



كتاب: فضل كفالة اليتيم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 1:33 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49017
العمر : 72

كتاب: فضل كفالة اليتيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب: فضل كفالة اليتيم   كتاب: فضل كفالة اليتيم Emptyالخميس 05 أبريل 2018, 2:38 pm

وعن أنس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (رواه البخاري)، ولعظم قيمة التراحم عدّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي لا يرحم البشر عموماً من الخاسرين ففي الحديث: (خاب عبدٌ وخسر لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر).

ومن هذا الأساس الذي يحثُّ على التراحم، نجد ذلك الإقبال الكبير على كفالة اليتيم ورعايته بين أحضان أسر المسلمين على مر التاريخ، وبخاصة أنهم يستشعرون قيمة عظيمة من قيم الإسلام وقاعدة أساسية في التعامل، وهي إن جزاء الإحسان في الإسلام الإحسان بمثله، قال الله تعالى: (هَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانَ) [الرحمن: 60]، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق، ونفع عبيده، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير والعيش السليم.

وفي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ...) (رواه مسلم).

وتنجلي حكمة التشريع ومتانة هذا الأساس الذي تقوم عليه رعاية الأيتام من خلال تأمُّلِ هذه الآية الكريمة وربطها بالذي نحن بصدده، قال تعالى: (وَلْيَخْشَ الّذِيِنَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) [النساء آية: 9].

فجعل كافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضِعافاً، فإنه ستُعامل ذريته الضِّعَاف بما عامل به ذرية غيره، فليعاملوا الأيتام الذين تحت أيديهم، كما يحبون أن يعامل غيرهم أيتامهم من بعدهم، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد، وكما تَدين تُدان، فإن كان خيراً كان الخير بالخير والبادئ أكرم، وإن كان شراً كان الشر بالشر والبادئ أظلم.

وليضمن الإسلام حق الأيتام في الرعاية والعناية نجد أنه قد حرص على جعل المجتمع المسلم متآزراً متعاوناً يشد بعضه بعضاً، وذلك من خلال الحثَّ المتواصل لأفراده على خدمة بعضهم بعضاً، وتفريج كرب إخوانهم المسلمين، وإدخال السرور على أنفسهم، وكفّ ضيعتهم، ورتَّب على ذلك الأجر الجزيل، وعدَّه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أفضل الأعمال، فعن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سُئِلَ: أيُّ العمل أفضل؟ قال: (أفضل العمل أن تُدْخِلَ على أخيك المؤمن سُرُوراً أو تقضي عنه دَيْناً أو تُطعمه خبزاً) (رواه المنذري).

كما جعل عَوْنَ الرجل لأخيه المسلم صدقةً يتصدَّق بها عن نفسه في كل يوم، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (في ابن آدم ستون وثلاثمائة سُلامى أو عظم أو مفصل، على كل واحد في كل يوم صدقة، كل كلمة طيبة صدقة، وعون الرجل أخاه صدقة) (رواه البخاري في الأدب المفرد).

ويتواصل الحث من الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأفراد المجتمع المسلم بأن يتعاونوا ويكونوا في خدمة بعضهم بعضاً، والتساعد لقضاء حوائج بعضهم بعضاً، ففي الحديث أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (... من كان في حاجة أخيه كان الله فـي حاجته) (رواه مسلم)، ويا له من عون للإنسان عندما يكون الله في حاجته، و ذلك لا يتحقق إلا حينما يكون المسلم في حاجة أخيه لأي نوع من أنواع الحاجة.

ولقد وجَّه الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمته إلى نفع الناس وإدخال السرور على أنفسهم وكشف كربهم، وعدَّ مَن يفعل ذلك بأنه أحب الناس إلى الله، فقال:(أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه...) (رواه الطبراني)، ولا شك أن من أشد الكرب اليتم وما يستتبعه من ضعف وضرر وضياع إذا لم يتعهد ذلك اليتيم بالحفظ والرعاية.
 
فوائد كفالة الأيتام
اعلم أخي المسلم أن من نعمة الله عليك أن يوفقك إلى كفالة يتيم أو من كان في حكمه، وقد رتب الشرع جملة من الفوائد التي تتحقق  لك وللمجتمع عند قيامك أو أحد أفراد المسلمين بكفالتهم ورعايتهم.

ومن هذه الفوائد:
(1)    كفالة اليتيم من قبل المسلم تؤدي إلى مصاحبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الجنة وكفى بذلك شرفاً وفخراً.
(2)    كفالة اليتيم والإنفاق عليه وتربيته والعناية به تدل على طبعٍ سليمٍ وفطرةٍ نقيةٍ وقلبٍ رحومٍ.
(3)    كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره تؤدي إلى ترقيق القلب وتزيل القسوة عنه.
(4)    كفالة اليتيم تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فضلاً عن الآخرة قال تعالى: (هَل جَزَاءُ الإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانَ) [الرحمن: 60]، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق، ونفع عبيده، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير والعيش السليم في الدنيا والآخرة.
(5)    كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليمٍ خالٍ من الحقد والكراهية وتسود فيه روح المحبة والمودة قال (صلى الله عليه وسلم): (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) (رواه البخاري).
(6)    في إكرام اليتيم والقيام بأمره ورعايته والعناية به وكفالته إكرام لمن شارك الرسول (صلى الله عليه وسلم) في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبته (صلى الله عليه وسلم).
(7)    كفالة اليتيم تزكي مال المسلم وتطهره وتجعل هذا المال نعم الصاحب للمسلم.
(8)    كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة التي أقرها الإسلام وأمتدح أهلها.
(9)    في كفالة اليتيم بركة عظيمة تحل على الكافل، وتزيد في رزقه (1).
(10)    كفالة اليتيم تجعل البيت الذي فيه اليتيم من خير البيوت كما قال (صلى الله عليه وسلم): (خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه...).
(11)    في كفالة اليتيم حفظ لذريتك من بعدك وقيام الآخرين بالإحسان إلى أيتامك قال تعالى: (وليَخشَ الّذيِنَ لَو تَركُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتّقُوا اللَّه وليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً) [النساء آية: 9]، فكافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافاً، فكما تُحسن إلى اليتيم اليوم يُحسن إلى أيتامك في الغد، وكما تدين تدان.


وبكل حال أخي الحبيب:
لا يمكن أن تستشعر هذه الفوائد الدنيوية المترتبة على كفالة اليتيم، وجعله يعيش في كنف أسرتك إلا بعد التطبيق العملي لهذا المشروع الخيّر وقيامك بكفالة أحد الأيتام، وستجد الخير كل الخير في الدنيا وفي الآخرة بإذن الله.
 
حقوق اليتيم في الإسلام
لقد اهتم التشريع الإسلامي بأمر الأيتام ومن في حكمهم من الأطفال اللقطاء أو مجهولي الأب، وأحاطهم  بالرعاية، وأقر لهم من الحقوق ما يضمن لهم حياة كريمة واستقراراً نفسيا واجتماعيا، وسنورد بعض الحقوق التي كفلها الإسلام للأطفال بشكل عام، وللطفل اليتيم ومن في حكمه بشكل أخص، ذلك أنه قد تهمل هذه الحقوق وتهضم حقوقه عند فقد أبيه أو عدم معرفة والديه ولا يجد من يطالب له بها.

1) حق الحياة:
وهذا الحق من أبرز ما كفله التشريع الإسلامي للطفل، حيث كان وأد البنات منتشراً في الجاهلية خشية العار، إضافة إلى قتل الأولاد خوفاً من العيلة والفقر، فحرم الإسلام ذلك وشدد عليه، قال تعالى: {ولا تَقتُلُوا أولادَكُم خَشيَةَ إملاقٍ نحنُ نَرزُقُهُم وإيّاكُم إنّ قَتلَهُم كَانَ خِطئاً كبيراً} [الإسراء: أية 31].

وروى البخاري -يرحمه الله- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سُئِلَ أيُّ الذَّنب أعظم عند الله؟ قال: (أن تجعلَ للهِ نداً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم. قلت: ثمّ أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك. قلت: ثم أي. قال: ثم أن تُزاني بحليلة جارك)) (رواه البخاري).

كما أخرج البخاري أيضاً عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن الله حَرَّمَ عليكم عُقوق الأمَّهات ووأد البنات  ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) (رواه البخاري).

وبهذه التوجيهات قرر الإسلام حقاً ثابتاً للطفل وهو حقه في الحياة، لا يحل انتهاكه بأي شكل من الأشكال، وبخاصة للطفل اليتيم أو اللقيط، بل هذا الحق متقرَّر لِمَنْ كان مجهول النسب بشكل أكبر.

2) حق النسب:
بعد أن ضمن التشريع الإسلامي للطفل الحق في الحياة، ضمن له الحق في النسب والانتساب لأبيه، حتى لا يكون عرضة للجهالة، ومن ثمَّ ضياع حقوق أخرى مثل الإنفاق والإرث، فيقرر الله عز وجل ذلك في قوله: (أدعوهم لآبَائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإن لَّم تَعلَمُوا آبَاءهُم فَإخوَانُكُم في الدِينِ وَمَوَالِيكُم) [الأحزاب آية: 5].

كما حَرَّمَ الإسلام التلاعب بالأنساب، أو محاولة انتساب الطفل لغير أبيه، ورَتَّبَ على ذلك العقاب الشديد، فلقد ثبت أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَنْ ادَّعَى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) (رواه البخاري).

وبذلك ضمن الإسلام للطفل يتيماً كان أو غيره انتساباً لأب والتصاقاً بفئة ينتمي إليها، ولم يتركه هملاً مجهولاً في المجتمع.

كما قرَّر التشريع الإسلامي للطفل حق الانتساب، فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وجه باختيار الاسم المناسب للطفل، فدلنا على الأسماء المحببة إلى الله مثل: عبد الله وعبد الرحمن وكذلك أسماء الأنبياء، كما أرشدنا إلى ترك بعض الأسماء غير المناسبة مثل: يسار، وحزن، وعاصية، وبره.

3) حق الرضاعة:
ويُعَدُّ هذا هو الحق الثالث للطفل في تسلسله في الحياة، فلقد أوجب الإسلام على الأمهات إرضاع أولادهن، قال تعالى: (وَالوَالدِاتُ يُرضِعنَ أَولاَدَهُنَّ حَولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أن يُتمَّ الرَّضَاعَة) [البقرة آية: 232]، ولقد أجمع الفقهاء على وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه وهو في سن الرضاع، مع اختلاف بين الفقهاء في وجوبه على مَنْ يكون؟.

4) حق النفقة:
وهذا الحق من الحقوق المقرر للأبناء على الآباء في التشريع الإسلامي وقد أجـمع الفقهاء على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، لأن ولد الإنسان بعضه، وهو بعض والده، كما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله، كذلك على بعضه وأصله، قال تعالى: (ليُنفِق ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ ومَن قُدِرَ عَلَيه رِزقُهُ فَليُنفِق مِمَّا آتهُ اللَّهُ لا يُكلّفُ اللَّهّ نفساً إلا ما آتَاها سَيَجعلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرا) [الطلاق: آية 7].

كما عَدَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) النفقة على الأبناء والأهل خير نفقة ينفقها الرجل، فعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أفضل دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله)، قال أبو قلابة -أحد رواة الحديث- وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم من رجل ينفق على عيال صغار يعفُّهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم (رواه مسلم).

والنفقة الواجبة كما يعرفها الفقهاء هي:
كفاية من يمونه خبز وإداماً، وكسوة ومسكناً وتوابعها، كما تشتمل النفقة الرضاع والحضانة والعلاج والمصاريف المدرسية وغيرها من الأمور اللازمة.

وذلك أخذاً من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)  الذي ترويه عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (جاءت هند إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف) (رواه مسلم).

وإذا مات الأب أو كان في حكم المُعدم غير القادر على الكسب، فتكون النفقة على كل الذين يرثونه على قدر إرثهم لو مات هو، فإن تعذَّر ذلك فعلى بيت مال المسلمين بما يقدمه من مساعدات نقدية، أو من خلال الدُّور الإيوائية والمؤسسات الاجتماعية.

5) حق الولاية:
وهذا الحق للأطفال، وبخاصة للأيتام ومن في حكمهم من اللقطاء مقرر من ثلاثة أوجه هي:
-    ولاية الحضانة.
-    ولاية النفس.
-    ولاية المال.

فولاية الحضانة يكون الدور فيها للنساء:
وهي تربية الطفل ورعايته في الفترة التي لا يستغني فيها الطفل عن النساء، والنساء أحق بحضانة الطفل، وهذا ما يتفق عليه الفقهاء، مع تقديم الأم في حق الحضانة لطفلها دون ما سواها من النساء متى ما توافرت فيها شروط أهلية الحضانة، وذلك أخذاً من الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضى أن المرأة أحق بولدها ما لم تتزوج) (رواه أحمد).

أما وقت الحضانة:
فيكون من ولادة الطفل إلى بلوغه السن التي يستغني فيها عن النساء، ذلك بأن يستطيع أن يأكل ويشرب ويلبس بنفسه، إلا أن بعض الفقهاء قدرها بسبع سنين، وقدرها بعضهم بتسع سنين.

وإن لم يكن للطفل أحد من الأقارب فالسلطان وليه وله الحق في إسناد رعايته إلى من يقوم بحفظه، وإلا انتقل الواجب على الدولة من خلال الدور الإيوائية أو المؤسسات.

أما ولاية النفس فالمقصود بها:
التأديب والتربية، والتوجيه، والإرشاد بعد انتهاء فترة الحضانة، وهذه الولاية خاصة بالرجال دون النساء، لما جبل الله الرجال عليه من القوة والقدرة والشدة أكثر من النساء، ولقد حث الله -عز وجل- الآباء على القيام بتربية أولادهم في قوله تعالى: (يا أيُهَا الذِينَ آمنُوا قُوا أنفُسَكُم وأهلِيكُم نَاراً وقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ) [التحريم آية: 6].

كما ألزم الرسول (صلى الله عليه وسلم) كل راعٍ بالعناية بمن تحت يده، ففي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته، والإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ ومسئول عن رعيته) (رواه البخاري)، وعلى ذلك فإنه يلزم الولي والقائم على أمر الطفل واليتيم أن يتعاهده بالحفظ والصيانة والتعليم والتربية والتأديب والإرشاد.



كتاب: فضل كفالة اليتيم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 1:33 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49017
العمر : 72

كتاب: فضل كفالة اليتيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب: فضل كفالة اليتيم   كتاب: فضل كفالة اليتيم Emptyالخميس 05 أبريل 2018, 2:46 pm

أما الولاية على المال:
فتقتضي المحافظة على أموال الطفل اليتيم بخاصة لكونه عديم التجربة في الحياة، ولم يكتمل بعد بناؤه الجسمي والاجتماعي والنفسي، والعقلي، فلو تركت له حرية التصرف في ماله فقد يضيعه في شهواته ونزواته وحماقته وجهله، وعندما يبلغ ويصبح رشيداً لا يجده وهو في أمس الحاجة إليه)).

والوَلِيُّ الذي له حَقُّ القوامة على مال اليتيم:
فهو الوصيُّ من قِبَلِ الأب، وإذا لم يكن ثمة وصيٌ فعلى ولي الأمر أن يعيّن مَنْ يثق في أمانته ودينه وحفظه للمال، حيث يلزمه المحافظة على أموال اليتيم، واستثمارها وإخراج الزكاة عنها، وبعد ذلك إعادتها له عند الرُّشد.

6) حق الرحمة:
وهذا الحق يستحقه اليتيم على أساس أنه صغير لم يرشد بعد، ففي التشريع الإسلامي توجيهات متواصلة برحمة الصغير والعطف عليه والأخذ بيده، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا) (رواه البخاري).

ولقد تَعَجَّبَ الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) من الصحابي الأقرع بن حابس التميمي عندما قال للرسول (صلى الله عليه وسلم): إن لي عشرة من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحداً، وذلك عندما رأى الرسول (صلى الله عليه وسلم) يُقَبِّلُ الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ) (رواه البخاري).

وكل هذه التوجيهات من الإسلام برحمة الصغير، يُهدف من ورائها تعزيز هذا الشعور لديه، وملؤه به ليفيض به عندما يكبر، فمن المعروف أن فاقدَ الشيءِ لا يُعطيه، فلو حُرِمَ الطفل اليتيم من الرحمة فلن يجود بها إذا كبر لحرمانه منها في الصغر، ولقد أثبت علماء التربية والنفس والاجتماع أن عادات الأهل وطباعهم ومسالكهم في الحياة تنتقل إلى الأبناء بحكم التنشئة والتربية والمُحَاكَاة.
 
الخطوة العملية لكفالة يتيم
مما لا يخفى على كل ذي لُبٍ أن القاعدة الفطرية في البشر أن ينشأ الطفل بين أبوين وتحت رعايتهما، ولهذا حكمة إلهية عظيمة، فالأسرة الطبيعية هي البيئة ذات الأثر الفعال في تشكيل وتنمية جميع جوانب النمو لدى طفلها، حيث يتحقق للطفل من خلال أبويه إشباع الحاجات الأساسية لديه، سواء كانت حاجات اجتماعية أو نفسية أو عاطفية، أو أمثالها من الحاجات اللازمة لنموه النمو السليم المتوازن، وتؤكد العديد من الدراسات أهمية وجود الأبوين في حياة الطفل، وخطورة فقدهما أو أحدهما على مستقبل حياته سواء كان ذلك الفقد نتيجة للوفاة أو الطلاق بين الوالدين.

وإيماناً من وزارة العمل والشئون الاجتماعية بذلك الدور الأسرى المهم في حياة الطفل، سعت إلى إقرار نظام الأسر البديلة المتمثل في قيام إحدى الأسر الطبيعية في المجتمع بأخذ أحد الأطفال الأيتام أو اللقطاء من دور الحضانة لتربيته ورعايته بين أحضانها، وهو نظام يتحقق من خلال كفالة اليتيم التي حث عليها الإسلام ورغب فيها بشكل كبير.

ويهدف نظام الأسر البديلة إلى جعل الطفل فاقد الرعاية، ينشأ بين أحضان أسرة طبيعية تعوضه عمَّا فقده من حنان بفقدان والديه أو عجزهما عن رعايته، ومن المعلوم تفوق رعاية الأسرية البديلة للطفل على الرعاية المؤسسية بمراحل عديدة، إذ يتوافر للطفل العيش وسط أم وأب يغدقان عليه من الحنان والعطف ما قد يفتقده من عاش في بيئة مؤسسية إيوائية أو في دور التربية الاجتماعية.

ومن هنا فلا عجب أن نرى حرص وزارة العمل والشئون الاجتماعية على إيلاء هذا الجانب العناية الكبيرة، حيث وضعت له العديد من المزايا المالية والتسهيلات الإدارية بما يكفل توجيه أكبر قدر ممكن من هؤلاء الأطفال إلى أسر بديلة في المجتمع.

واستكمالاً لجوانب الرعاية للأطفال ذوي الظروف الخاصة -اللقطاء- سَنَّتْ الدولة نظاماً خاصاً بهم ينظم عملية منحهم الهوية وكيفية تسميتهم، لقد نَصَّ النظام على أن كل طفل يولد لأبوين مجهولين أو لأب مجهول داخل السعودية فهو سُعُودي ويُمنح حفيظة نفوس حال بلوغه السن القانونية، ويسمَّى اسماً رباعياً مثل أي طفل في المجتمع.

ويشترط لإسناد حضانة أحد الأطفال إلى أسرة بديلة لرعايته عدد من الشروط اليسيرة.

ومنها:
أ-    أن تكون الأسرة سعودية الجنسية.
ب-    أن تكون الأسرة مكونة من زوجين، وأن لا يتجاوز سن الزوجة الخمسين عاماً، ويجوز عند الضرورة رعايته من قِبَلِ امرأةٍ فقط.
ج-    أن يُثبت البحث الاجتماعي صلاحية الأسرة لرعاية الطفل اجتماعياً ونفسياً واقتصادياً.


كما تحرص الوزارة أن تعمل الأسرة البديلة على محاولة إرضاع الطفل المُحتَضَنْ من قِبَلِ إحدى نساء الأسرة من طرف الأب أو الأم محاولة، لجعل الطفل ابناً لهذه الأسرة بالرضاع، ومن ثمَّ تزول المحاذير الشرعية حال وصول الطفل أو الطفلة إلى سن البلوغ.

وتشجيعاً من وزارة العمل والشئون الاجتماعية لهذا النظام وتحقيقاً لأكبر نتيجة ممكنة من هذا النظام قررت عدداً من المزايا المالية للطفل الذي تُسند حضانته لإحدى الأسر البديلة.

ومن ذلك:
أ)    إعانة شهرية مقدارها (1000) ريال لكل طفل.
ب) إعانة شهرية مقدارها (1200) ريال للطفل إذا تجاوز السادسة من العمر.
ج) إعانة إضافية تعادل مكافأة شهرين تصرف للطفل الملتحق بالمدرسة مع بداية كل عام دراسي.
د) مكافأة مقدارها (5000) ريال تصرف للأسرة الحاضنة عند انتهاء إقامة الطفل لديها.


ويستمر صرف الإعانة المالية حتى يبلغ الطفل ويلتحق بإحدى الوظائف العامة أو الخاصة ويصبح بمقدوره الاعتماد على نفسه.

أمَّا مَنْ يرغب في كفالة أحد الأيتام فما عليه إلا أن يتقدَّم إلى أقرب فرع من فروع وزارة العمل والشئون الاجتماعية بطلب ذلك وسيجد كل تيسير من رب العالمين أولاً ثُمَّ سيجد مساعدة المسئولين عن الأطفال الأيتام من البنين أو البنات.

وأخيراً أذَكِّرُ نفسي وإخواني المسلمين بقول أحد السلف حول هذا الموضوع حين قال: (حَقٌ على مَنْ سَمِعَ هذا الحديث -يعني قول الرسول (صلى الله عليه وسلم)-: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين… الحديث)) أن يعمل به ليكون رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك).
 
خطوات عملية بديلة لكفالة اليتيم
لاشك أن بعض الأُسَرِ قد لا تستطيع القيام بمشروع كفالة أحد الأيتام بشكل متكامل وأخذه ليعيش بينها طوال حياته وفق ما ذكر في الفصل السابق وذلك لأي سبب من الأسباب يمنع الأسرة من ذلك، وحرصاً من الدولة -وفقها الله- على إشباع حاجات هؤلاء الأطفال الأيتام النفسية والاجتماعية، سَنَّتْ نُظُمٌ أخرى أقل تبعيَّةً على الأسَرِ البديلة، وأقل التزاماً من نظام الكفالة الكاملة أو ما يُسَمَّى الأسَرُ البديلة.

ومن ذلك:
نظام الأسر الصديقة:
وهو نظام تقوم بموجبه أحد الأسر الطبيعية في المجتمع بالارتباط بأحد الأطفال الأيتام المقيمين في دار التربية أو دار الحضانة في المناسبات، أو الإجازات، أو الأعياد. 

ويُفَضَّل أن يكون لدى الأسرة أطفال في سِنٍ متقاربة مع الطفل المُستضاف من دار التربية أو الحضانة، بحيث تستلم الأسرة الطفل في بداية الإجازة، أو يوم العيد ليشاركها الفرحة والمُتعة مع أبنائها، ثم يُعاد الطفل بعد انتهاء المناسبة أو بعد نهاية الإجازة، سواءً كانت إجازة نهاية الأسبوع أو الإجازة الصيفية أو غيرها من الإجازات، وهذا النظام لا يلزم الأسرة بفترة أو مُدة معينة لأخذ الطفل، بل هو متروك لمدى الارتباط بين الأسرة والطفل فقد تستضيف الأسرة الطفل في نهاية الأسبوع فقط، أو الأعياد فقط.

وهذا النظام يحقق فوائد عِدَّةٍ للأسرة وكذلك للطفل اليتيم:
فمن فوائده على الطفل اليتيم أو مَنْ في حُكمه، شعور هذا الطفل بالحنان الأَسرى وإن كان جزئياً، وحصوله على قسطٍ لا بأس به من الاستقرار النفسي والاجتماعي، وتمتعه بحياة طفولية طبيعية، ولا يخفى انعكاس كل ذلك على حياة الطفل اليتيم الحالية والمستقبلية.

أما فوائد القيام باستضافة أحد الأطفال الأيتام على الأسرة فليس بخافٍ أن في ذلك الفعل إدخال السرور على قلب يتيم والأجر في هذا العمل عظيم، بل عَدَّهُ الرسول (صلى الله عليه وسلم) من  أحب الأعمال إلى الله، فقال عليه الصلاة والسلام: (أحَبُّ النَّاس إلى اللهِ تعالى أنفعُهُم للناس، وأحَبُّ الأعمال إلى اللهِ -عز وجل- سُرُورٌ يُدخِلُهُ على مسلم، أو يكشف عنه كُرِبَةً...) (رواه الطبراني).

ماذا يجب عليك بعد كفالة اليتيم
لاشك أخي المسلم أن الله قد أنعم عليك بنعمة عظيمة إذا قمت بكفالة أحد الأيتام، فقد ضَمِنَ لك الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) مرافقته في الجنة متى توفَّرت شروطها وأهمها الإخلاص لله -عز وجل- في كفالتك لهذا اليتيم ومراقبة الله فيه وحُسن تربيته والعطف عليه.

واليك بعض النقاط الأساسية التي أرى ضرورة أخذها بعين الاعتبار والعناية مِمَّنْ أكرمه الله بوجود يتيم في بيته وبعض هذه التوجيهات وردت في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 21145 والمؤرخة في 22 / 10 / 1420هـ (2).

ومن ذلك:
(1)    محاولة إرضاع الطفل رضاعة شرعية تتحقَّق بها المَحرَميَّة فور أخذه وقبل تجاوزه سن الرضاعة وهي السنتين من عمره، ويكون الإرضاع أكثر من خمس مرات من أخت الزوجة أو الزوجة أو قريبة يأخذ بالرضاع منها المَحرَميَّة.
(2)    لا تجوز نسبة اللقيط إلى حاضنه من ذكر أو أنثى ونسبته إلى الحاضن تُعَدُّ من المُحَرَّمَات وكبائر الذنوب عند الله لقوله تعالى: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم).
(3)    وما يحصل من تسجيل بعض حاضني مجهول النسب لهم في حفائظ نفوسهم وبطاقات عوائلهم خطأ محض وتزوير صرف وتجاوز لحدود الله وكذب على المسئولين في الدولة بما هو خلاف الواقع، ولا يثبت بهذا التسجيل والإلحاق نسبٌ ولا ارثٌ مِمَّنْ نسبه إليه، ومَنْ فعله فعليه التوبة إلى الله تعالى وتصحيح ذلك التسجيل بالإلغاء.
(4)    من قام بحضانة أكثر من طفل مجهول النسب فلا يجوز توحيد الاسم التالي لاسم كل منهما، لإيهام الأخوَّة بينهما في النَّسب وفي ذلك من المحاذير الشرعية من التلبيس على الناس، والآثار في النسب والمواريث ما يعظم ضرره ويكثر خطره.
(5)    لا تجوز نسبة مجهول النسب إلى قوم من قبيلة أو أسرة، لما في ذلك من الكذب والإيهام والتلبيس على الناس، وما ينتج عنه من اختلاط الأنساب.
(6)    يجب أن يعرف حاضن مجهول النسب أنه بعد بلوغ الطفل سن الرشد فإن المحضون أجنبي عنه كبقية الناس من حيث النظر والخلوة والحجاب بين الرجال والنساء وغير ذلك من الأحكام.
(7)    وإذا وُجد رضاع محرماً شرعاً للمحضون فانه يكون محرماً لمَنْ أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم به النسب.
(8)    لا يجوز للحاضن أن يخفي على مَنْ حضنه من مجهولي النسب حاله، بل الواجب هو إخباره بذلك، وتخفيف مصيبته وأنه ليس أولاً ولا أخراً، وأن ذلك لا يضرُّه شرعاً إذا استقام على دين الله.
(9)    يجب أن يكون إخبار الطفل مجهول النسب عن واقعه الحقيقي متدرجاً وفي مرحلة مبكرة من عمره واختيار الوقت والظرف المناسبين حتى لا يُصدم المحضون أو تنتكس حالته إذا علمه بشكل مفاجئ أو من الآخرين، وعلى سبيل المثال يمكن أن يخبره أن والداه فُقِدَا في حادث مروري أو حريق أو غرق كارثة من الكوارث، أو غيرها من الحوادث (3).
(10)    يجوز لِمَنْ قام بكفالة أحد الأيتام أو مجهول النسب أن يتصرَّف في أمواله بما ينفع اليتيم ويحقق الغِبْطَةَ له قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسنُ حتى يبلغ أشُدَّهُ) فولي اليتيم يتصرَّف في مال اليتيم بما يُنَمِّيه وما هو من مصلحته، أما أن يتصرَّف فيه بما ينقصه أو يضرُّه فهذا لا يجوز (4).
(11)    وقد كانت عائشة -رضي الله عنها- تعطي أموال مَنْ تكفُلُهُم من اليتامى إلى مَنْ يَتَّجِرُ فيها.
(12)    ومن صور الإضرار بأموال اليتيم ما يفعله بعض الناس من وضع أموال اليتيم في البنوك الرِّبوية واستثمارها وأخذ الفوائد الرِّبوية المُحَرَّمَةِ شرعاً بحجة حفظ حق اليتيم وتنمية أمواله.
(13)    لابد من مُراعاة إخراج الزكاة عن أموال مَنْ تحت ولايتك من الأيتام ومَنْ في حكمهم، ففي الموطأ أن القاسم بن محمّد قال: (كانت عائشة تليني أنا وأخاً لي ويتيمين في حِجرها فكانت تُخرجُ من أموالنا الزكاة (5).
(14)    اعلم أخي الموفق أن الطفل الذي قمت بكفالته من الأيتام أو مجهولي النسب لا يستحق شيئاً من الميراث بعد وفاتك، ومتى رَغِبْتَ أن تَهَبَ له شيئاً من مالك في حياتك فلا مانع.
(15)    ومَنْ أراد أن يجعل له شيئاً من تركته بعد وفاته فالطريقة الشرعية أن يوصي له بما يريد بشرط أن يكون من الثُّلُثِ فأقل، ولا يتجاوز ثُلُثَ التَّرِكَةِ مع بقية وصاياه إن كان له وصايا أخرى (6).

الهوامش:
(1) موسوعة نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صالح بن حميد وعبد الرحمن الملوح، دار الوسيلة للنشر، جده، جزء 8، ص 3264.
(2) وهي الفقرات ذات الرقم (2، 3، 4، 5، 6).
(3) من فتوى شفهية لسماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله وأسكنه فسيح جنَّاته- وقد أخبرني بها أخي الفاضل منصور بن صالح العمري مدير عام الرعاية اللاحقة في وزارة العمل والشئون الاجتماعية.
(4) فتوى لسماحة الوالد عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في كتاب فتاوى إسلامية،جمعها محمّد المسند، دار الوطن، الجزء 4، ص 352.
(5) فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم -رحمه الله- في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، جمعها محمّد بن قاسم، الجزء 8، ص 29.
(6) فتوى لسماحة الشيخ محمّد بن إبراهيم -رحمه الله-، المرجع السابق، الجزء 9، ص 20.

قائمــة المراجع
(1)    أضواء البيان، الشنقيطي،  مكتبة  ابن  تيمية، 1408 هـ.
(2)    أماه أين أبي، محمّد بن عبد الله الشائع، دار شقراء، 1419هـ.
(3)    استثمار أموال الأيتام في الفقه الإسلامي، نزيه حماد، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، الرياض،  عدد 24، 1415هـ.
(4)    الأدب المفرد، البخاري، عالم الكتب، بيروت، 1405هـ.
(5)    الترغيب  والترهيب، المنذري، تحقيق:  مصطفى عمارة.
(6)    الرعاية الاجتماعية لليتامى في الإسلام، محمّد عزمي صالح.
(7)    الطفل  في  الشريعة  الإسلامية، أحمد الصالح، 1402هـ.
(8)    المعجم  الكبير،  الطبراني ،  تحقيق : حمدي  السلفي.
(9)    الموسوعة  الفقهية، وزارة الأوقاف، الكويت، 1412هـ.
(10)    تربية الأطفال مجهولي الأبوين، صالح العساف، 1409هـ.
(11)    تربية الأيتام بالمملكة العربية السعودية، مصلح السلمي، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أم القرى، 1415هـ.
(12)    تفسير  القرآن العظيم، ابن كثير، دار الباز، مكة  المكرمة.
(13)    رعاية الأيتام  في  المملكة  العربية  السعودية (النشأة والتطور)، عبد الله  بن  ناصر  السدحان ، 1419هـ.
(14)    صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، دار الخير، 1404هـ.
(15)    مجموعة نظم ولوائح، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
(16)    موسوعة نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صالح  بن  حميد، دار الوسيلة  للنشر، جدة، 1418هـ.?


الفهرس
الموضوع    الصفحة   
مقدمة 7
من هو اليتيم؟ 11
فضل كفالة اليتيم 15
فوائد كفالة اليتيم 25
حقوق اليتيم في الإسلام 29
خطوة عملية لكفالة يتيم 37
خطوة عملية بديلة لكفالة يتيم 41
ماذا يجب عليك بعد كفالة اليتيم 43
المراجع 49
الفهرس 50



كتاب: فضل كفالة اليتيم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
كتاب: فضل كفالة اليتيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث: كفالة اليتيم
» فوائد كفالة الأيتام في الدنيا والآخرة
» كيفية كفالة اليتيم
» (88) سُنَّةُ كفالة اليتيم
» فضل كفالة اليتيم في الدنيا والاخرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأســــــــــــرة والــطــفــــــــــــــل :: ي؟ و؟ م؟ ا؟ ل؟ ي؟ ت؟ ي؟ م؟ العالمـــي-
انتقل الى: