| رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الثلاثاء 15 مارس 2011, 8:47 pm | |
| وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن من يصلي التراويح بعد المغرب: هل هو سنة أم بدعة؟ وذكروا أن الإمام الشافعي – رحمه الله – صلاها بعد المغرب ، وتممها بعد العشاء الآخرة؟ . فأجاب -رحمة الله– (الحمد لله رب العالمين. السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخر، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة. والنقل المذكور عن الشافعي-رحمة الله- باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يعرف عن أحد أنه تعمد صلاتها قبل العشاء ، فإن هذه تسمى قيام رمضان ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه )) .وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء ، وقد جاء مصرحاً به في السنن (( أنه لما صلى بهم قيام رمضان صلى بعد العشاء )) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره ، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة ، لكن كان يصليها طوالاً ، فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أُبي بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة ، يوتر بعدها ، ويخفف فيها القيام ، فكان تضعيف العدد عوضاً عن طول القيام ، وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ، ويوتر بعدها بثلاث ، وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها ، وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخر ..... فمن صلاه قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة ، والله أعلم ) ا.هـ . ثالثاً : بدعة صلاة القدر : وصفتها : أنهم يصلون بعد التراويح ركعتين في الجماعة، ثم في آخر الليل يصلون تمام مائة ركعة ، وتكون هذه الصلاة في الليلة التي يظنون ظناً جازماً ليلة القدر ، ولذلك سميت بهذا الاسم . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن حكمها ، وهل المصيب من فعلها أو تركها ؟ وهل هي مستحبة عن أحد من الأئمة أو مكروهة ، وهل ينبغي فعلها والأمر بها أو تركها والنهي عنها ؟ . فأجاب -رحمه الله- ( الحمد لله ، بل المصيب هذا الممتنع من فعلها والذي تركها ، فإن هذه الصلاة لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين ، بل هي بدعة مكروهة باتفاق الأئمة ، ولا فعل هذه الصلاة لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة، ولا التابعين ، ولا يستحبها أحد من أئمة المسلمين ، والذي ينبغي أن تترك وينهى عنه ) ا. هـ . رابعاً :بدعة القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة : قال أبو شامة : (وابتدع بعضهم أيضاً جمع آيات السجدات ، يقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة التراويح ، ويسبح بالمأمومين في جميعها ) . وقال ابن الحاج: (وينبغي له –الإمام- أن يتجنب ما أحدثه بعضهم من البدع عند الختم، وهو أنهم يقومون بسجدات القرآن كلها فيسجدونها متوالية في ركعة واحدة أو ركعات. فلا يفعل ذلك في نفسه وينهى عنه غيره، إذاً أنه من البدع التي أحدثت بعد السلف . وبعضهم يبدل مكان السجدات قراءة التهليل على التوالي ، فكل آية فيها ذكر (لا إله إلا الله ) أو (لا إله إلا هو) قرأها إلى آخر الختمة ، وذلك من البدع أيضاً ) .ا.هـ . وقال ابن النحاس: (ومنها -البدع والمنكرات- القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة أو ركعات ، أو الآيات المشتملة على التهليل من أول القرآن إلى آخره ، وهذا كله بدعة أحدثت، فينبغي أن تُغير وتُرد ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) )ا.هـ. خامساً : بدعة سرد آيات الدعاء : ومن البدع التي أحدثت في رمضان بدعة سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء ، وذلك في آخر ركعة من التراويح ، بعد قراءة سورة الناس فيطول الركعة الثانية على الأولى ، مثل تطويل بقراءة سورة الأنعام . وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس ولا أصل لشيء من ذلك، فليعلم الجميع أن ذلك بدعة، وليس شيء منها من الشريعة ، بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه . سادساً : بدعة الذكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح : ومما أحدث في هذا الشهر الفضيل : الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح ، ورفع المصلين أصواتهم بذلك ، وفعل ذلك بصوت واحد ، فذلك كله من البدع . وكذلك قول المؤذن بعد ذكرهم المحدث هذا: الصلاة يرحمكم الله. فهذا أمر محدث أيضاً، لم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا أقره . وكذلك الصحابة والتابعون والسلف الصالح ، فالإحداث في الدين ممنوع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- ولم يفعلوا شيئاً من هذا ، فليسعنا ما وسعهم ، فالخير كله في الاتباع ، والشر كله في الابتداع . سابعاً : بعض بدع ليلة ختم القرآن : ومما أحدث في هذا الشهر العظيم : رفع الصوت بالدعاء بعد ختم القرآن ، ويكون هذا الدعاء جماعياً ، أو كل يدعو لنفسه، ولكن بصوت عال، مخالفين بذلك قوله تعالى{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} .وهذا الشهر العظيم موضع خشوع وتضرع وابتهال ، ورجوع إلى سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح الصادقة مما قارفه من الذنوب ، والسهو والغفلات والتقصير في الطاعة فينبغي أن يبذل الإنسان جهده، كل على قدر حاله، ويدعو الله بالأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والسلف الصالح ، والتي تخلو تماماً من دعاء غير الله أو التوسل به . وسرية الدعاء أحرى للإخلاص فيه ، بعيداً عن الرياء والسمعة ، فعندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم . فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه، وتعالى جده )) . وفي رواية لمسلم : (( والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم )) . ومن البدع التي أحدثت في ليلة ختم القرآن : 1. اجتماع المؤذنين تلك الليلة فيكبرون جماعة في حال كونهم في الصلاة، لغير ضرورة داعية إلى السمع الواحد، فضلاً عن جماعة، بل بعضهم يسمعون ولا يصلون، وهذا فيه ما فيه من القبح والمخالفة لسنة السلف الصالح -رحمه الله عليهم-. 2. أنه إذا خرج القارئ من الموضع الذي صلى فيه، أتوه ببغلة أو فرس ليركبها، ثم تختلف أحوالهم في صفة ذهابه إلى بيته، فمنهم من يقرأ القرآن بين يديه ، كما يفعلونه أمام جنائزهم من عاداتهم الذميمة ، والمؤذنون يكبرون بين يديه كتكبير العيد . قال ابن الحاج: ( قال القاضي أبو الوليد بن رشد -رحمه الله تعالى-: كره مالك قراءة القرآن في الأسواق والطرق لوجوه ثلاثة : أحدها : تنزيه القرآن وتعظيمه من أن يقرأه وهو ماش في الطرق والأسواق، لما قد يكون فيها من الأقذار والنجاسات. الثاني : أنه إذا قرأ القرآن على هذه الأحوال لم يتدبره حق التدبر . الثالث : لما يخشي أن يدخله ذلك فيما يفسد نيته )ا.هـ . 3. سير الفقراء الذاكرين بين يدي القارئ ، إلى أن يصل إلى بيته ، ومنهم من يعوض ذلك بالأغاني ، وهو أشدُّ هذه الأمور وإن كانت كلها ممنوعة . 4. ضرب الطبل والأبواق والدف أو الطار أمام القارئ أثنا سيره إلى بيته . 5. وربما جمع بعضهم الأمور السابقة كلها أو أكثرها ، ويكون في ذلك من اللهو واللعب ما هو ضد المطلوب في هذه الليلة ، من الاعتكاف على الخير ، وترك الشر والمباهاة والفخر ونحو ذلك . 6. عمل بعض أنواع الأطعمة والحلاوات لهذه المناسبة . 7. زيادة وقود القناديل الكثيرة الخارجة عن الحد المشروع ، ولما في ذلك من إضاعة المال ، والسرف والخيلاء . 8. استعمال الشمع للوقود في أوان من ذهب أو فضة ، ولا يخفى تحريم استعمالهما لعدم الضرورة إليهما 9. تعليق ختمه عند الموضع الذي يختمون فيه، فمنهم من يتخذها من الشقق الحرير الملونة ، ومنهم من يتخذها من غيرها، لكنها ملونة أيضاً، ويعلقون فيها القناديل، وما في ذلك من السرف والخيلاء وإضاعة المال والرياء والسمعة واستعمال الحرير . 10. ومنم من يستعير القناديل من مسجد آخر وهي وقف عليه ، فلا يجوز إخراجها منه ، ولا استعمالها في غيره . 11. أن هذا الاجتماع يفضي إلى اجتماع أهل الريب والشك والفسوق ، وممن لا يرضى حاله، حتى جرّ ذلك إلى اختلاط النساء بالرجال في موضع واحد ولا يخفى ما في ذلك من الضرر العظيم . 12. كثرة اللغط في المسجد ورفع الأصوات فيه والقيل والقال، إذ أنه يكون الإمام في الصلاة، وكثير من الناس يتحدثون ويخوضون في أشياء ينزه المسجد عن بعضها . 13. اعتقاد بعض العلماء أن هذا الاجتماع بما فيه من البدع ، إظهار لشعائر الإسلام، ولا يخفى ما يجلب هذا الأمر من الضرر العظيم ، وتكثير سواد أهل البدع ، ويكون حضور هؤلاء العلماء حجة إن كانوا قدوة للقوم ، بأن ذلك جائز غير مكروه ، فيقولون : لو كان بدعة لم يحضره العالم فلان ، ولم يرض به . فإنا لله وإنا إليه راجعون . والإثم في هذا من فعله أو أمر به أو استحسنه أو رضي به أو أعان عليه بشيء أو قدر على تغييره فلم يفعل . 14. إحضار الكيزان وغيرها من أواني الماء في المسجد حين الختم ، فإذا ختم القارئ شربوا ذلك الماء ، ويرجعون به إلى بيوتهم فيسقونه لأهليهم ومن شاءوا على سبيل التبرك ، وهذه بدعة لم تنقل عن أحد من السلف-رحمة الله عليهم- . 15. تواعدهم للختم ، فيقولون : فلان يختم في ليلة كذا وفلان يختم في ليلة كذا ، ويعرض ذلك بعضهم على بعض ، ويكون ذلك بينهم بالنوبة – أي بالتناوب-، حتى صار ذلك كأنه ولائم تعمل ، وشعائر تظهر ، فلا يزالون كذلك غالباً من انتصاف شهر رمضان إلى آخر الشهر ، وهذا أمر محدث لم يؤثر على السلف الصالح -رحمة الله عليهم - . فهذه بعض المنكرات والبدع التي أحدثت في ليلة الختم، ولما كانت مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه، وما عليه السلف الصالح زينها الشيطان وأتباعه في نفوسهم ، وسول لهم الإصرار على فعلها ، وجعل ذلك من شعائر الدين ، ولو فرضنا جدلاً أن هذه الأمور المحدثة مطلوبة شرعاً لأدعى هؤلاء المبتدعة المشقة في فعلها ، وعجزهم عنها ، ولتهاونوا بها ، ولكن صدق الله العظيم القائل في محكم كتابه : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} . – والله أعلم -. ثامناً : بدعة التسحير : التسحير من الأمور المحدثة التي لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، وليس من فعل الصحابة أو التابعين أو السلف الصالح -رحمة الله عليهم أجمعين- ولأجل أنه أمر محدث اختلفت فيه عوائد الناس ، ولو كان مشروعاً ما اختلفت فيه عوائدهم . ففي الديار المصرية يقول المؤذنون بالجامع: تسحروا كلوا واشربوا أو ما أشبه ذلك ، ويقرؤن قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الآية.ويكررون ذلك مراراً عديدة،ثم يسقون على زعمهم ويقرؤن قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً}إلى قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً} . والقرآن العزيز ينبغي أن ينزه عن موضع بدعة ، أو على موضع بدعة ، ثم ينشدون في أثناء ذلك القصائد ، ويسحرون أيضاً بالطبلة يطوف بها بعضهم على البيوت ، ويضربون عليها ، هذا الذي مضت عليه عادتهم ، وكل ذلك من البدع . وأما أهل الإسكندرية ، وأهل اليمن ، وبعض أهل المغرب ، فيسحرون بدق الأبواب على أصابع البيوت ، وينادون عليهم: قوموا كلوا ، وهذا نوع آخر من البدع نحو ما تقدم . وأما أهل الشام فإنهم يسحرون بدق الطار والغناء والرقص واللهو واللعب ، وهذا شنيع جداً ، وهو أن يكون شهر رمضان الذي جعله الشارع صلى الله عليه وسلم للصلاة والصيام ، والتلاوة والقيام ، قابلوه بضد الإكرام والاحترام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما بعض أهل المغرب فإنهم يفعلون قريباًَ من فعل أهل الشام ، وهو أنه إذا كان وقت السحور عندهم ، ويضربون بالنفير على المنار ، ويكررونه سبع مرات ، ثم بعده يضربون بالأبواق سبعاً أو خمساً ، فإذا قطعوا حرم الأكل إذ ذاك عندهم . والعجيب أنهم يضربون بالنفير والأبواق في الأفراح التي تكون عندهم، ويمشون بذلك في الطرقات، فإذا مروا على باب مسجد سكتوا وأسكتوا ، ويخاطب بعضهم بعضاً بقولهم : احترموا بيت الله تعالى فيكفون حتى يجوزوه ، فيرجعوا إلى ما كانوا عليه ، ثم إذا دخل شهر رمضان، الذي هو شهر الصيام والقيام، والتوبة والرجوع إلى الله تعالى من كل رذيلة، يأخذون فيه النفير والأبواق، ويصعدون بها على المنار في هذا الشهر الكريم ، ويقابلونه بضد ما تقدم ذكره . وهذا يدل على أن فعل التسحير بدعة بلا شك ولا ريب ، إذ أنها لو كانت مأثورة لكانت على شكل معلوم لا يختلف حالها، في بلد دون آخر كما تقدم . فيتعين على من قدر من المسلمين عموماً التغيير عليهم ، وعلى المؤذن والإمام خصوصاً ، كل منهم يغير ما في إقليمه إن قدر على ذلك بشرطه ، فإن لم يستطع ففي بلده ، فإن لم يستطع ففي مسجده . ومسألة التسحير هذه لم تدع ضرورة إلى فعلها وإذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد شرع الأذان الأول للصبح دالاً على جواز الأكل والشرب والثاني دالاً على تحريمها ، فلم يبق أن يكون ما يعمل زيادة عليهما إلا بدعة ؛ لأن المؤذنين إذا أذنوا مرتين انضبطت الأوقات وعلمت .
تاسعاً : البدع المتعلقة برؤية هلال رمضان : ومن المحدثات في شهر رمضان ، ما تفعله العامة في بعض البلدان الإسلامية ، من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين : ( هل هلالك، جل جلالك، شهر مبارك). نحو ذلك ، مما يعرفه له أصل في الشرع ، بل كان من عمل الجاهلية وضلالاتهم . والذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى الهلال قال :(( اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلام والإسلام، ربي وربك الله)) . فما يفعله بعض الناس عند رؤية الهلال من الإتيان بهذا الدعاء ، والاستقبال ورفع الأيدي، ومسح وجوههم بدعة مكروهة لم تعهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه-رضوان الله عليهم- ولا السلف الصالح-رحمة الله عليهم . ومن ذلك أيضاً ما تفعله العوام ، وأرباب الطرق من الطواف في أول ليلة من رمضان في العواصم وبعض القرى -المسمى بالرؤية- فإنه لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أصحابه ولا أحد من السلف الصالح ، مع اشتماله على قراءة الأوراد والأذكار ، والصلوات مع اللغط والتشويش بضرب الطبول ، واستعمال آلات الملاهي ، وزعقات النساء والأحداث وغير ذلك، مما هو مشاهد في بعض البلدان والأقطار الإسلامية . عاشراً : بدعة حفيظة رمضان : ومن البدع المنكرة التي أحدثت في هذا الشهر الكريم ، كتب الأوراق التي يسمونها (حفائظ) في آخر جمعة من رمضان ، ويسمون هذه الجمعة بالجمعة اليتيمة ، فيكتبون هذه الأوراق حال الخطبة ، ومما يكتب فيها قولهم ( لا آلاء إلا آلاؤك سميع محيط علمك كعسهلون وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) . ويعتقد هؤلاء الجهال المبتدعة أنها تحفظ من الحرق والغرق والسرقة والآفات . فلا شك في بدعية هذا الأمر، لما في ذلك من الإعراض عن استماع الخطبة بل والتشويش على الخطيب وسامعيه، وذلك ممنوع شرعاً كما لا يخفى ، ولا خير في ذلك ولا بركة ، فإنما يتقبل الله من المتقين لا من المبتدعين . وقد يكتب فيها كلمات أعجمية قد تكون دالة على مالا يصح ، أو فيها كفر بالله ، ولم ينقل هذا عن أحد من أهل العلم، وذلك- والله أعلم- من بدع الدجالين التي زينهوها للعامة البسطاء الجهال ، ولذلك لا تقع إلا في القرى المتأخرة ، والبلدان التي تكثر فيها البدع ، فيجب النهي عنها ، والتحذير منها ، مثلها في ذلك مثل جميع البدع التي تشغل الناس عما أوجبه الله عليهم من الفروض والواجبات .
أحد عشر : بدعة قرع النحاس آخر الشهر : ومن البدع المحدثة في شهر رمضان بدعة القرع على النحاس ونحوه آخر يوم من رمضان ، عند غروب الشمس ، يأمر الناس بذلك أولادهم ، ويعلمونهم كلمات يقولونها حالة القرع ، تختلف باختلاف البلدان ، ويزعمون أن ذلك يطرد الشياطين التي هاجت في هذا الوقت ، لخروجها من السجن ، وخلاصها من السلاسل التي كانت مقيدة بها في شهر الصوم ، قاتل الله الجهل كيف يؤدي بالناس إلى هذه المهازل اثنا عشر : بدعة وداع رمضان : ومن البدع المحدثة في شهر رمضان المبارك : أنه إذا بقي من رمضان خمس ليال، أو ثلاث ليال يجتمع المؤذنون، والمتطوعون من أصحابهم ، فإذا فرغ الإمام من سلام وتر رمضان ، تركوا التسبيح المأثور ، وأخذوا يتناوبون مقاطيع منظومة في التأسف على انسلاخ رمضان ، فمتى فرغ أحدهم من نشيد مقطوعة بصوته الجهوري ، أخذ رفقاؤه بمقطوعة دورية ، باذلين قصارى جهدهم في الصيحة والصراخ بضجيج يصم الآذان ، ويسمع الصم ، ويساعدهم على ذلك جمهور المصلين . ولعلم الناس بأن تلك الليالي هي ليالي الوداع ، ترى الناس في أطراف المساجد ، وعلى سدده وأبوابه ، وداخل صحنه ، النساء والرجال والشباب والولدان ، بحالة تقشعر لقبحها الأبدان ، وقد اشتملت هذه البدعة على عدة منكرات منها . 1. رفع الأصوات بالمسجد ، وهو مكروه كراهة شديدة . 2. التغني والتطرب في بيوت الله ، التي لم تشيد إلا للذكر والعبادة . 3. كون هذه البدعة مجبلة للنساء والأولاد والرعاع ، الذين لا يحضرون إلا بعد انقضاء الصلاة للتفرج والسماع . 4. اختلاط النساء بالرجال . 5. هتك حرمة المسجد ، لاتساخه وتبذله بهؤلاء المتفرجين ، وكثرة الضوضاء والصياح من أطرافه ، إلى غير ذلك ، مما لو رآه السلف الصالح لضربوا على أيدي مبتدعيه – وهذا هو الواجب على كل قادر على ذلك – وقاوموا بكل قواهم من أحدث فيه ، نسأل الله تعالى العون على تغيير هذا الحال بمنه وكرمه . ومن الأمور المحدثة المتعلقة بوداع رمضان، ما يفعله بعض الخطباء في آخر جمعة من رمضان ، من ندب فراقه كل عام ، والحزن على مضيه ، وقوله: لا أوحش الله منك يا شهر كذا وكذا . ويكرر هذه الوحشيات مسجعات مرات عديدة ، ومن ذلك قوله: لا أوحش الله منك يا شهر المصابيح، لا أوحش الله منك يا شهر المفاتيح.فتأمل هدنا الله وإياك لما آلت إليه الخطب، لاسيما خطبة آخر هذا الشهر الجليل ، الناس فيه بحاجة ماسة إلى آداب يتعلمونها لما يستقبلهم من صدقة الفطر ، ومواساة الفقراء ، والاستمرار على ما ينتجه الصوم من الأمور الفاضلة ، والآثار الحميدة ، وتجنب البدع وغير ذلك مما يقتضيه المقام .
ثلاثة عشر : بدعة الاحتفال بذكرى غزوة بدر : ومما أحدث في هذا الشهر المبارك الاحتفال بذكرى غزوة بدر ، وذلك أنه إذا كامن ليلة السابع عشر من شهر رمضان اجتمع الناس في المساجد وأغلبهم من العامة، وفيهم من يدعي العلم، فيبدأون احتفالهم بقراءة آيات من الكتاب الحكيم،ثم ذكر قصة بدر وما يتعلق بها من الحوادث، وذكر بطولات الصحابة-رضوان الله عليهم- والغلو فيها، وانشاء بعض القصائد المتعلقة بهذه المناسبة. وفي بعض البلدان الإسلامية تحتفل الدولة رسمياً بهذه المناسبة فيحضر الاحتفال أحد المسئولين فيها . ولا يخفى ما يصاحب هذه الاحتفالات من الأمور المنكرة كالاجتماع في المساجد لغير ما عبادة شرعية، أو ذكر مشروع، وما يصاحب هذه الاجتماعات من اللغط والتشويش ونحو ذلك من الأمور التي تصان بيوت الله عنها ، وكذلك دخول بعض الكفار إلى المسجد كالمختصين منهم في مجال مكبرات الصوت ، أو الإضاءة ، أو الصحافة والإعلام ، وكذلك دخول المصورين للمسجد لتصوير هذه المناسبة ، بالإضافة إلى اعتبار هذا الاجتماع سنة تقام في مثل هذا اليوم ، أو هذه الليلة في كل عام . فتخصيص هذه الليلة -ليلة السابع عشر من رمضان– بالاجتماع والذكر وإلقاء القصائد ، وجعلها موسماً شرعياً ، ليس له مستند من الكتاب ولا من السنة ، ولم يؤثر عن الصحابة-رضوان الله عليهم- أو التابعين أو السلف الصالح -رحمهم الله- ، أنهم احتفلوا بهذه المناسبة في هذه الليلة أو في غيرها . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (( وللنبي صلى الله عليه وسلم -خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله للمدينة ، وخطب متعددة يذكر فيها قواعد الدين .ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً ، وإنما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى – عليه السلام – أعياداً ، أو اليهود ، وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله أتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه .ا.هـ . والاشتغال بهذه الأمور وأمثالها من الأمور المحدثة ، سبب في ابتعاد الناس عما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم من إحياء ليالي رمضان بالصلاة والذكر . ومن أعظم البلاء على المسلمين ترك المشروع وفعل الأمر المحدث المبتدع – والله أعلم - .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الثلاثاء 15 مارس 2011, 8:54 pm | |
| الفصل السابع شهر شوال المبحث الأول : بعض الآثار الواردة فيه . المبحث الثاني : بدعة التشاؤم من الزواج فيه المبحث الثالث : بدعة عيد الأبرار .
المبحث الأول بعض الآثار الواردة فيه 1. عن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذلك صيام الدهر )) . 2. عن عائشة -رضي الله عنها-قالت : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله ، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء ، فأذنت لها فضربت خباء،فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأي الأخبية فقال : ما هذا ؟ فأخبر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البر ترون بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر ، ثم اعتكف عشراً من شوال )) متفق عليه . 3. عن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيامه السنة )) . 4. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : (( تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم في شوال ، وأدخلت عليه في شوال ، فأي نسائه كانت أحظى عنده مني )) . فكانت تستحب أن تدخل نساءها في شوال . 5. عن عبد الله بن مسلم القرشي عن أبيه قال : سألت – أو سُئِل- النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر، فقال: (( إن لأهلك عليك حقاً ، صم رمضان والذي يليه ، وكل أربعاء وخميس ، فإذاً أنت قد صمت الدهر )) . 6. عن محمد بن إبراهيم : أن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- كان يصوم أشهر الحرم ، فقال له رسول صلى الله عليه وسلم : (( صم شوالاً . فترك أشهر الحرم ، ثم لم يزل يصوم شوالاً حتى مات . 7. عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: ((هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) . متفق عليه . 8. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ..)) الحديث . متفق عليه . 9. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر )) 10. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : (( إن الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر)) . 11. عن ابن عمر- رضي الله عنهما-أنه كان يقول :((من اعتمر في أشهر الحج : في شوال ، أو في ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ... )) الخ قوله . 12. قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :(( وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى: شوال، وذو القعدة , وذو الحجة...)).ا. هـ . وقد ورد في ليلة عيد الفطر ويومه أحاديث موضوعة ، منها : حديث أن من صلى ليلة الفطر مائة ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة ، وقل هو الله أحد عشرة مرات ......الخ ) . وحديث : ( من صلى يوم الفطر بعدما يصلي عيده أربع ركعات ، يقرأ في أول ركعة بفاتحة الكتاب ... فكأنما قرأ كل كتاب نزله الله على أنبيائه ..... ) . وحديث : ( من السنة اثنتا عشرة ركعة بعد عيد الفطر ، وست ركعات بعد عيد الأضحى) . وحديث : ( من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة : ليلة التروية ، وليلة عرفة ، وليلة النحر ، وليلة الفطر ) . وحديث : ( من صام صبيحة يوم الفطر فكأنما صام الدهر ) ، والله أعلم .
****************************************
المبحث الثاني بدعة التشاؤم من الزواج فيه قال ابن منظور : (وشوال : من أسماء الشهور معروف ، اسم الشهر الذي يلي رمضان ، وهو أول أشهر الحج ) . قيل : سمي بتشويل لبن الإبل ، وهو توليه وإدباره ، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب .....وكانت العرب تطير من عقد المناكح فيه، وتقول : إن المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم طيرتهم، و قالت عائشة-رضي الله عنها-:((تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال ، فأي نسائه كانت أحظى عنده مني )) .ا.هـ . فالسبب الذي جعل العرب في الجاهلية يتشاءمون من الزواج في شهر شوال : هو اعتقادهم أن المرأة تمتنع من زوجها كامتناع الناقة التي شولت بذنبها بعد اللقاح من الجمل . قال ابن كثير-رحمه الله-( وفي دخوله صلى الله عليه وسلم بها – بعائشة- رضي الله عنها- في شوال ردّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين ، وهذا ليس بشيء ) ا.هـ . فالتشاؤم من الزواج في شهر شوال أمر باطل ؛ لأن التشاؤم عموماً من الطيرة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها بقوله: ((لا عدوى ولا طيرة )) .وقال – عليه السلام - : ((طيرة شرك)) . فمثله مثل التشاؤم بشهر صفر . وقد تقدم الكلام عن ذلك . قال النووي – رحمه الله – في شرحه لحديث عائشة –رضي الله عنها-: ( فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نص أصحابنا على استحبابه ، واستدلُّوا بهذا الحديث . وقصدت عائشة بهذا الكلام ردُّ ما كانت الجاهلية عليه ، وما يتخيله بعض العوام اليوم،من كراهة التزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية ، كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع .......) .ا.هـ .
******************************************* المبحث الثالث بدعة عيد الأبرار ومن الأمور المحدثة المبتدعة في شهر شوال : بدعة عيد الأبرار ، وهو اليوم الثامن من شوال . فبعد أن يتم الناس صوم شهر رمضان ، ويفطروا اليوم الأول من شهر شوال-وهو يوم عيد الفطر- يبدأون في صيام الستة أيام الأول من شهر شوال ، وفي اليوم الثمن يجعلونه عيداً يسمونه عيد الأبرار . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار : فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ، ولم يفعلوها . والله سبحانه وتعالى أعلم ) ا.هـ . وقال أيضاً : ( وأما ثامن شوال : فليس عيداً لا للأبرار ولا للفجار ، ولا يجوز لأحد أن يعتقده عيداً ، ولا يحدث فيه شيئاً من شعائر الأعياد ) ا.هـ . ويكون الاحتفال بهذا العيد في أحد المساجد المشهور فيختلط النساء بالرجال ، ويتصافحون ويتلفظون عند المصافحة بالألفاظ الجاهلية ، ثم يذهبون بعد ذلك إلى صنع بعض الأطعمة الخاصة بهذه المناسبة .
************************************** الفصل الثامن شهر ذي الحجة المبحث الأول : بعض الآثار الواردة فيه . المبحث الثاني : بدعة التعريف . المبحث الثالث : بدعة عيد غدير خم .
المبحث الأول بعض الآثار الواردة فيه 1. عن أبي بكرة – رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، والسنة اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان .... )) الحديث . متفق عليه . 2. عن أبي بكرة -رضي الله-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( شهران لا ينقصان ، شهرا عيد : رمضان وذو الحجة )) متفق عليه . 3. عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : (( أن رجلاً من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابهم تقرؤونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : أي آية ؟ قال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً } . قال عمر -رضي الله عنه- قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة ، يوم جمعة ))متفق عليه . 4. عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )) ، فقالوا : يا رسول الله ! ولا الجهاد في سبيل الله ؟ . فقال رسول صلى الله عليه وسلم : (( و لا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء )) 5. عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر .. )) الحديث . متفق عليه . 6. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفطر )) .متفق عليه . 7. مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: (( هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) . متفق عليه . 8. عن أم الفضل بنت الحارث :(( أنَّ ناساً تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم . وقال بعضهم : ليس بصائم .فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره ، فشربه )) متفق عليه 9. عن ميمونة- رضي الله عنها-:(( أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلتُ إليه بحلاب وهو واقف في الموقف ،فشرب منه والناس ينظرون )) متفق عليه . 10. عن عائشة-رضي الله عنها- قالت:((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط)) 11. عن أم سلمة – رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شهره وبشره شيئاً )) . 12. عن أبي قتادة – رضي الله عنه - : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان ، فهذا صيام الدهر كله ، صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ،وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله)) . 13. عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة . فيقول : أراد هؤلاء ؟ )) . 14. عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق ، عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب )) . 15. عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : (( إن الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر)) . 16. عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فوجده يأكل . قال : فدعاني . قال : فقلت : إني صائم . فقال : (( هذه الأيام التي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن، وأمرن بفطرهن)). قال مالك هي أيام التشريق ) 17. عن أبي نجيح قال : سُئِل ابن عمر – رضي الله عنهما – عن صوم يوم عرفة فقال : (( حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه ،وحججت مع عمر فلم يصمه ، وحججت مع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ، ولا آمر به ، ولا أنهى عنه )) . 18. عن عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر،ثم يوم القر )) 19. عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجّ ، فقال : (( أي يوم هذا ؟)) . فقالوا : يوم النحر ، قال : (( هذا يوم الحج الأكبر )) . 20. عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله لهذه الأمة ... ))الحديث . 21. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – (( أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – بعثه في الحجة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان)) . وفي رواية لأبي داود : (( ويوم الحج الأكبر يوم النحر والحج الأكبر الحج )) . 22. عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال : ((كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسخ صفر ، حلَّت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا:يا رسول الله! أي الحل؟ قال:(( حل كله)) متفق عليه . 23. عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه كان يقول : (( من اعتمر في أشهر الحج : في شوال ، أو ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ... ))الأثر . 24. قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:(( وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى : شوال ، وذو القعدة , وذو الحجة ..)) الأثر . 25. عن ابن عباس – رضي الله عنهما –{وَالْفَجْرِ } قال :فجر النهار ، {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} )) قال : عشر الأضحى . 26. عن جابر – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر)) . وقد ورد في فضل بعض الأعمال في شهر ذي الحجة بعض الأحاديث الموضوعة ، نذكر منها: حديث:(من صام العشر فله بكل يوم صوم شهر ، وله بصوم يوم التروية سنة،وله بصوم يوم عرفة سنتان) وحديث :(من صام آخر يوم من ذي الحجة ،وأول يوم من المحرم ، فقد ختم السنة الماضية ،وافتتح للسنة المستقبلة بصوم ، جعله الله كفارة خمسين سنة ) . وحديث: (من صلى يوم عرفة بين الظهر والعصر أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد خمسين مرة ، كتب الله له ألف ألف حسنة ....الخ ) . وحديث: (من صلى يوم عرفة ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب ثلاث مرات...إلا قال الله عز وجل: أشهدكم أني قد غفرت له) .وحديث: (من صلى ليلة النحر ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب خمس عشرة مرة، وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة....جعل الله اسمه في أصحاب الجنة....الخ) وحديث : (إذا كان يوم عرفة غفر الله للحاج ، فإذا كان ليلة المزدلفة غفر الله للتجار.... الخ) ...إلى غير ذلك من الأحاديث الباطلة التي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم – والله أعلم- .
المبحث الثاني بدعة التعريف المراد بالتعريف : هو اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة ، في غير عرفة ، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء . وأول من جمع الناس يوم عرفة في المساجد هو ابن عباس – رضي الله عنهما - ، وذلك في مسجد البصرة . وقيل إن أول من عرف بالكوفة مصعب بن الزبير . قال ابن كثير – رحمه الله – في ترجمة ابن عباس – رضي الله عنهما -: ( وهو أول من عرف بالناس في البصرة ، فكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله ، فيفسر شيئاً من القرآن ، ويذكر الناس ، من بعد العصر إلى الغروب ، ثم ينزل فيصلي بهم المغرب )ا.هـ . حكم التعريف : اختلف العلماء في حكم التعرف في المساجد يوم عرفة : 1- قال ابن وهب: ( سألت مالكاً عن الجلوس يوم عرفة ، يجلس أهل البلد في مسجدهم ، ويدعو الإمام رجالاً يدعون الله تعالى للناس إلى الشمس فقال : ما نعرف هذا ، وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه )ا.هـ . قال ابن وهب – أيضاً - : ( وسمعت مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر ، واجتماعهم للدعاء، فقال : ليس هذا من أمر الناس ، وإنَّما مفاتيح هذه الأشياء من البدع )ا.هـ . وقال مالك – أيضاً - : ( وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس للدعاء فلينصرف، ومقامه في منزل أحب إليَّ ، فإذا حضرت الصلاة رجع فصلى في المسجد)ا.هـ . وروى ابن وضاح عن أبي حفص المدني قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر ، فقال : أيها الناس إن الذي إن الذي أنتم عليه بدعة ، وليست بسنة ، إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا ، ثم رجع فلم يجلس ، ثم خرج الثانية ففعل مثلها ثم رجع )ا.هـ . وروى أيضاً عن ابن عون قال:(شهدت إبراهيم النخعي سُئلَ عن اجتماع الناس عشية عرفة، فكرهه، وقال: محدث) ا.هـ . وروى أيضاً عن سفيان قال : (ليست عرفة إلا بمكة ، ليس في هذه الأمصار عرفة ) ا.هـ . وقال الحارث بن مسكين : (كنت أرى الليث بن سعد ينصرف بعد العصر يوم عرفة ، فلا يرجع إلى قرب المغرب )ا.هـ . قال الطرطوشي : فاعلموا- رحمكم الله – أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة، ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة، لا في غيرها ولا منعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله تعالى ، وإنما كرهوا الحوادث في الدين ، وأن يظن العوام أن من سنَّة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء ، فيتداعى الأمر إلى أن يدخل في الدين ما ليس منه . وقد كنت ببيت المقدس ، فإذا كان يوم عرفة حشر أهل السواد وكثير من أهل البلد ، فيقفون في المسجد ، مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم بالدعاء، كأنه موطن عرفة ، وكنت أسمع سماعاً فاشياً منهم أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات ، فإنها تعدل حجَّة ، ثم يجعلونه ذريعة إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام )ا.هـ . وروى البيهقي عن شعبة قال : سألت الحكم وحماداً عن اجتماع الناس يوم عرف في المساجد فقالا : ( هو محدث ) . وروى كذلك عن إبراهيم – النخعي – قال : ( هو محدث ) . 2- وقال أبو شامة : فإن ابن عباس -رضي الله عنهما- حضرته نية فقعد فدعا، وكذلك الحسن من غير قصد الجمعية، ومضاهاة لأهل عرفة ، وإيهام العوام أن هذا شعار من شعائر الدين المنكر ، إنَّما هو ما اتَّصف بذلك -والله أعلم- أن تعريف ابن عباس قد صار على صورة أخرى غير مستنكر . ذكر ابن قتيبة في غريبه قال في حديث ابن عباس أن الحسن ذكره فقال : كان أول من عرف بالبصرة صعد المنبر فقرأ البقرة وآل عمران وفسَّرهما حرفاً حرفاً . قلت : - والقول لأبي شامة - : فتعريف ابن عباس – رضي الله عنهما – كان على هذا الوجه فسَّر للناس القرآن ، فإنما اجتمعوا لاستماع العلم ، وكان ذلك عشية عرفة ، فقيل عرَّف ابن عباس بالبصرة ، لاجتماع الناس له كاجتماعهم بالموقف . وعلى الجملة : (فأمر التعريف قريب إلا إذا جرَّ مفسدة ، كما ذكره الطرطوشي في التعريف ببيت المقدس )ا.هـ . قال ابن قدامة : (قال القاضي : ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار ، يجتمعون في المساجد يوم عرفة. قال : أرجو أن لا يكون به بأس ، قد فعله غير واحد . قال أحمد – رحمه الله - : لا بأس به ،إنما هو دعاء وذكر الله ، فقيل له : تفعله أنت ؟ قال : أما أنا فلا ) ا.هـ . وقد تعقب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رواية الأثرم عن الإمام أحمد – رحمهم الله – بقوله : (وحينئذ الراجح هو عدم فعله ؛ لأنَّ هذه عبادة اختصت بمكان وهو عرفة ، ولا يلحق غيره به ، فإلحاق مكان بمكان في عبادة ، زيادة في الشرع ، فالذي عليه العمل أنه بدعة )ا.هـ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( ومن هذا – المتابعة في السنَّة – وضع ابن عمر يده مقعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعريف ابن عباس بالبصرة، وعمرو بن حريث بالكوفة ، فإن هذا لما لم يكن مما فعله سائر الصحابة ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته ، لم يمكن أن يُقال هذا سنَّة مستحبة ، بل غايته أن يًُقال : هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة ، أو مما لا ينكر علي فاعله ؛ لأنَّه مما يسوغ فيه الاجتهاد ، لا لأنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته . أو يقال في التعريف : إنه لا بأس به أحياناً لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة . وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله : تارة يكرهونه ، وتارة يسوغون فيه الاجتهاد ، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة ، ولا يقول عالم بالسنة : إن هذه سنة مشروعة للمسلمين ، فإن ذلك إنَّما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع ، وما سنَّة خلفاؤه الراشدون ، فإنما سنُّوه بأمره ، فهو من سننه .... )ا.هـ . وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن المداومة في الجماعات على غير السنن المشروعة بدعة : كالأذان في العيدين، والقنوت في الصلوات الخمس أو البردين منها ، والتعريف المداوم عليه في الأمصار .... فإن مضاهاة غير المسنون بالمسنون بدعة مكروهة ، كما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة والآثار والقياس ) . وقال -أيضاً-: ( فصل: وقد يحدث في اليوم الفاضل مع العيد العلمي المحدث ، العيد المكاني، فيغلظ قبح هذا ، ويصير خروجاً عن الشريعة ، فمن ذلك : ما يفعل يوم عرفة مما لا أعلم بين المسلمين خلافاً في النهي عنه، وهو قصد قبر بعض من يحسن به الظن يوم عرفة ، والاجتماع العظيم عند قبره ، كما يفعل في بعض أرض المشرق والمغرب ، والتعريف هناك كما يفعل في عرفات، فإن هذا النوع من الحج المبتدع الذي لم يشرعه الله ،ومضاهاة للحج الذي شرعه الله ، واتخاذ القبور أعياداً . وكذلك السفر إلى بيت المقدس للتعريف فيه ، فإن هذا أيضاً ضلال بيِّن ، فإن زيادة بيت المقدس مستحبة مشروعة للصلاة فيه والاعتكاف ،وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، لكن قصد إتيانه في أيام الحج هو المكروه، فإن ذلك تخصيص وقت معين بزيارة بيت المقدس ، ولا خصوص لزيارته في هذا الوقت على غيره . ثم فيه أيضاً مضاهاة للحج إلى المسجد الحرام، وتشبيه له بالكعبة، ولهذا أفضى إلى ما لا يشك مسلم في إنه شريعة أخرى، غير شريعة الإسلام ، وهو ما قد يفعله بعض الضلاَّل من الطواف بالصخرة ، أو من حلق الرأس هناك أو من قصد النسك هناك ، وكذلك ما يفعله بعض الضلال من الطواف بالقبة التي بجبل الرحمة بعرفة ، كما يُطاف بالكعبة .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الثلاثاء 15 مارس 2011, 9:56 pm | |
| فأما الاجتماع في هذا الموسم لإنشاد الغناء، أو الضرب بالدف بالمسجد الأقصى ونحوه، فمن أقبح المنكرات من جهات أخرى، منها : • فعل ذلك في المسجد ،فإن ذلك فيه ما نهي عنه خارج المساجد ، فكيف بالمسجد الأقصى!!!. • ومنها : اتخاذ الباطل ديناَ . • ومنها : فعله في الموسم . فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر ، فهذا هو التعريف في الأمصار الذي اختلف العلماء فيه ففعله ابن عباس ، وعمرو بن حريث من الصحابة ، وطائفة من البصريين والمدنيين ، ورخص فيه أحمد – وإن كان مع ذلك لا يستحبه- . هذا هو المشهور عنه ، وكرهه طائفة من الكوفيين والمدنيين ، كإبراهيم النخعي ، وأبي حنيفة ، ومالك ..... وغيرهم . ومن كرهه قال : هو من البدع ، فيندرج في العموم لفظاً ومعنى . ومن رخَّص فيه قال : فعله ابن عباس بالبصرة ، حين كان خليفة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ولم ينكر عليه ، وما يفعله في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار، لا يكون بدعة، لكن ما يُزاد على ذلك من رفع الأصوات الرفع الشديد في المساجد بالدعاء ،وأنواع من الخطب والأشعار الباطلة ، مكروه في هذا اليوم وغيره . والفرق بين هذا التعريف المختلف فيه ، وتلك التعريفات التي لم يختلف فيها : أنَّ في تلك قصد بقعة بعينها للتعريف فيها، كقبر الصالح ، أو كالمسجد الأقصى ، وهذا تشبيه بعرفات ، بخلاف مسجد المصر ، فإنه قصد له بنوعه لا بعينه ، ونوع المساجد مما شرع قصدها ، فإن الآتي إلى المسجد ليس قصده مكاناً معيناً لا يتبدل اسمه وحكمه ، وإنما الغرض بيت من بيوت الله ، بحيث لو حوِّل ذلك المسجد لتحوَّل حكمه ، ولهذا لا تتعلق القلوب إلا بنوع المسجد لا بخصوصه . وأيضاً ، فإنَّ شد الرحال إلى مكان للتعريف فيه ، مثل الحج ، بخلاف المصر . ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تُشدًّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا )) .هذا مما لا أعلم فيه خلافاً . فقد نهى النبي صلى اله عليه وسلم عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة ، ومعلوم أن إتيان الرجل مسجد مصره إما واجب كالجمعة ، وإما مستحب كالاعتكاف فيه . وأيضاً ، فإن التعريف عند القبر اتخاذ له عيداً ، وهذا بنفسه محرم ، سواء كان فيه شد للرحل أو لم يكن ، وسواء كان في يوم عرفة أو في غيره ، وهو من الأعياد المكانية مع الزمانية )ا.هـ . فمما تقدَّم يتضح لي – والله أعلم – أن التعريف نوعان : الأول : اتفق العلماء على كراهته ، وكونه بدعة وأمراً باطلاً ، وهو الاجتماع في يوم عرفة عند القبور ، أو تخصيص بقعة بعينها للتعريف فيها كالمسجد الأقصى ، وتشبيه هذه الأماكن بعرفات ؛ لأنَّ ذلك يعتبر حجاً مبتدعاً ، ومضاهاة للحج الذي شرعه الله ، واتخاذاً للقبور أعياداً ، حتى وصل بهم الأمر إلى أن زعموا أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات فإنها تعدل حجة ثم يجعلون ذلك ذريعة إلى إسقاط الحج إلى بيت الله الحرام ، كما ذكر ذلك الطرطوشي في كتابه (( الحوادث والبدع )) . وهذا هو النوع الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( لا أعلم بين المسلمين خلافاً في النهي عنه ) ا.هـ . الثاني : ما اختلف العلماء فيه ، وهو قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر . فقال بعضهم : محدث وبدعة . وقال بعضهم : لا بأس به . والذي يترجح عندي – والله أعلم – أن قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر : بدعة. وأما من رخص فيه ؛ مستنداً إلى فعل ابن عباس له ، وغيره من الصحابة والتابعين ، فيمكن الجواب عن ذلك من وجهين : * الأول: أن فعل الصحابي لا يقوى على معارضة النصوص الصريحة ، التي ورد فيها النهي عن الإحداث في الدين ، وهي كثيرة، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) . وقوله- عليه الصلاة والسلام - : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ..)) ...إلى غير ذلك من النصوص الثابتة التي صرحت بالنهي عن الإحداث في الدين . * الثاني : أنه لم يكن قصد ابن عباس – والله أعلم – أن يجتمع الناس للدعاء والاستغفار ، مضاهاة لأهل عرفة ، وأن ذلك من شعائر الدين ، كما بيَّن ذلك أبو شامة في كتابه ((الباعث)) . وإنَّما كان اجتماع الناس لسماع تفسيره للقرآن ، لاسيما وهو أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالتأويل بعد نبيها عليه الصلاة والسلام ، فلم يرد أنهم اجتمعوا للدعاء والاستغفار . وكذلك لم يرد -حسب اطلاعي المحدود- أن ابن عباس -رضي الله عنهما-كرر هذا الفعل مرة أخرى . فكيف بمن اتخذ ذلك سنَّة مشروعة ، يفعلونها كل عام !!!. وقد أشرت آنفاً إلى ذكر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – الذي ورد فيه أن المداومة في الجماعات على غير السنن المشروع بدعة ، ومثل لذلك بالتعريف المداوم عليه في الأمصار – والله أعلم - .
*************************
المبحث الثالث بدعة غدير خم المطلب الأول : حديث غدير خم . عن زيد بن أرقم -رضي الله عن- قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثني عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : (( أما بعد ، ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به)). فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال : (( وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ..)) الحديث . وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي -رضي الله عنه- فقال : ((ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ )) . قالوا : بلى . قال : (( ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ )) . قالوا : بلى . قال : فأخذ بيد علي فقال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه )) . قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة )) . وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم – رضي الله عنه- قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم ، فأمر بروح فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : (( يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل )). ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه-فقال :((يا أيها الناس !من أولى بكم من أنفسكم ؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم . قال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه )) . المطلب الثاني : أول من أحدث هذه البدعة . أول من أحدث بدعة عيد غدير خم هو معز الدولة بن بويه ، وذلك في سنة 352هـ ببغداد . قال ابن كثير في حوادث سنة 352هـ : ( وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد ، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد ، وأن تضرب الذبابات والبوقات ، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء ، وعند الشرط ، فرحاً بعيد الغدير- غدير خم- فكان وقتاً عجيباً مشهوداً ، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة )ا.هـ . وقال المقريزي : (اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة على بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً) ا.هـ . ويعتبر عيد ((غدير خم )) من الأعياد والمواسم التي كان العبيديون – ناصري البدعة – يقيمونها ويرعونها ، ويحافظون عليها، وذلك لإثبات تشيعهم ومحبتهم لآل البيت ، الذي يدَّعُون الانتساب إليهم !! . وأول ما أُقيم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في مصر في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 362هـ) المطلب الثالث : حكم هذا العيد . لا شك في أن جعل الثامن عشر من ذي الحجة عيداً وموسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها ، ويفرحون بقدومها ، ويخصُّونها بشيء من القرب كالإعتاق والذبح ونحو ذلك : بدعة باطلة ، وأساسها الذي اعتمدت عليه أمرٌ باطل لا شك في بطلانه ، وهو زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة عشرة للهجرة ، وهو قافلٌ -عليه الصلاة والسلام- من حجة الوداع ، أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بمكان يسمى غدير خم . وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أن المبتدعين لهذا العيد ، والمعظمين له هم الشيعة ، فهم يفضلونه على عيدي الفطر والأضحى، ويسمونه بالعيد الأكبر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - ، في كلامه عن أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة ، والتي قد يدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال : (النوع الثاني :ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ،من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه ، كثامن عشر ذي الحجة، الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصَّى فيها باتباع كتاب الله ، ووصَّى فيها بأهل بيته ، كما روى ذلك مسلم في صحيحة عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-. فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك ، حتى زعموا أنه عهد إلى علي – رضي الله عنه – بالخلافة بالنص الجلي ، بعد أن فرش له، وأقعده على فراش عالية ، وذكروا كلاماً وعملاً قد علم بالاضطراب أنه لم يكن من ذلك شيء ، وزعموا أن الصحابة تمالؤا على كتمان هذا النص ، وغصبوا الوصي حقه ، وفسَّقوا وكفَّرُوا إلا نفراً قليلاً . والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة ، وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق ، يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا اليوم عيداً محدث لا صل له ، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم ، من اتخذ ذلك اليوم عيداً ، حتى يحدث فيه أعمالاً ؛ إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع لا الابتداع ، وللنبي صلى الله عليه وسلم خُطبٌ وعهودٌ ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً . وإنَّما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام – أعياداً ، أو اليهود . وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه )ا.هـ . وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأن اتخاذ يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيداً. بدعة ، لم يفعلها السلف، ولم يستحبوها ، وأن ذلك موسم غير شرعي ، وإنما هو من المواسم المبتدعة - والله أعلم –
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 7:43 am | |
| وما جاء في معناه من الأحاديث ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( لا تختصموا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم )) فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزا ، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها ، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي ، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة ، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص ، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها ، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها ، وفعل ذلك بنفسه ،كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ولم يكتموه عنهم ، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأرضاهم ، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم – شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب ، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان ، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام ، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة .... ا.هـ .- والله أعلم – وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وآله وصحبه أجمعين . ************************************** المبحث الثالث الصلاة الألفية المبتدعة في شعبان أول من أحدثها : أول من أحدث الصلاة الألفية في ليلة النصف من شعبان رجل يعرف بابن أبي الحمراء من أهل نابلس ، قدم على بيت المقدس سنة 448هـ وكان حسن التلاوة ، فقام فصلى في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان فأحرم خلفه رجل ، ثم انضاف إليهما ثالث ورابع ، فما ختمها إلا وهم في جماعة كثيرة . ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير، وشاعت في المسجد وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى، وبيوت الناس ومنازلهم، ثم استقرت كأنها سنة . صفتها : هذه الصلاة المبتدعة تسمى بالألفية لقراءة سورة الإخلاص فيها ألف مرة، لأنها مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات . وقد رويت صفة هذه الصلاة ، والأجر المترتب على أدائها ، من طرق عدة ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ثم قال : ( هذا حديث لا نشك أنه موضوع ، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل وفيهم ضعفاء بمرة ، والحديث محال قطعاً ) .ا.هـ . وقال الغزالي في الإحياء : ( وأما صلاة شعبان : فليلة الخامس عشر منه يصلى مائة ركعة ، كل ركعتين بتسليمه ، ويقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة (( قل هو الله أحد)) ) .ا.هـ . حكمها : اتفق جمهور العلماء على أن الصلاة الألفية ليلة النصف من شعبان بدعة . فألفية النصف من شعبان لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ، ولا استحبها أحد من أئمة الدين الأعلام كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم – رحمة الله عليهم جميعاً – وكذلك فإن الحديث الوارد فيها موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث .وأعلم أخي المسلم أن مثل هذه الاحتفالات كالاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وليلة الإسراء والمعراج المزعومة ، وليلة الرغائب، يكون فيها من الأمور المبتدعة والمحرمة الشيء الكثير ، والتي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، وقد فصل العلامة ابن الحاج هذه البدع والمحرمات في هذه الاحتفالات فنلخص من كلامه ما يأتي : 1. تكلف النفقات الباهظة ، وهو إسراف يعملونه باسم الدين وهو بريء منه . 2. الحلاوات المحتوية على الصور المحرمة شرعاً . 3. زيادة وقود القناديل وغيرها ، وفي زيادة وقودها إضاعة المال ، لاسيما إذا كان الزيت من الوقف فيكون ذلك جرحاً في حق الناظر، لاسيما إذا كان الواقف لا يذكره ، وإن ذكره لم يعتبر شرعاً، وزيادة الوقود مع ما فيه من إضاعة المال كما تقدم سبب لاجتماع من لا خير فيه، ومن حضر من أرباب المناصب الدينية عالماً بذلك فهو جرحة في حقه إلا أن يتوب ، وأما إن حضر ليغير وهو قادر بشرط فيا حبذا . 4. حضور النساء وما فيه من المفاسد . 5. إتيانهم الجامع واجتماعهم فيه ، وذلك عبادة غير مشروعة . 6. ما يفرشونه من البسط والسجادات وغيرها . 7. أطباق النحاس فيها الكيزان والأباريق وغيرهما ، كأن بيت الله تعالى بيتهم ، والجامع إنما جعل للعبادة ، لا للفراش والرقاد والأكل والشرب . 8. ومن هذه البدع والمحرمات السقاؤون ، وفي ذلك من المفاسد جملة منها :البيع والشراء لأنهم يأخذون الدراهم ، وضرب الطاسات بما يشبه صوت النواقيس ، ورفع الصوت في المسجد وتلويثه ، وتخطي رقاب الناس ، وكلها منكرات . 9. اجتماعهم حلقات ، كل حلقة لها كبير، يقتدون به في الذكر والقراءة وليت ذلك لو كان ذكراً أو قراءة، لكنهم يلعبون في دين الله تعالى فالذاكر منهم في الغالب لا يقول : (لا إله إلا الله ) بل يقول : (لا يلاه يلله ) فيجعلون عوض الهمزة ياء وهي ألف قطع جعلوها وصلاً وإذا قالوا سبحان الله ) يمططونها ويرجعونها حتى لا تكاد تفهم ، والقارئ يقرأ القرآن فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، بحسب تلك النغمات والترجيعات التي تشبه الغناء والأصوات التي اصطلحوا عليها، على ما قد علم من أحوالهم الذميمة ، وهذا منكر يحف به عدة منكرات . 10. ومن الأمور العظيمة فيها أن القارئ يبتدئ بقراءة القرآن والآخر ينشد الشعر ، أو يريد أن ينشده ، فيسكتون القارئ أو يهمون بذلك ، أو يتركون هذا في شعره وهذا في قراءته ، لأجل تشوف بعضهم لسماع الشعر وتلك النغمات الموضوعة أكثر ، فهذه الأحوال من اللعب في الدين أن لو كانت خارج المسجد منعت ، فكيف بها في المسجد ؟ . 11. حضور الوالدان الصغار وما يتبع من لغطهم وتنجيسهم المسجد . 12. خروج النساء في هذه الليلة-ليلة النصف من شعبان- إلى القبور-مع أن زيارة النساء للقبور محرمة شرعاً- ومع بعضهن الدف يضربن به ، وبعضهن يغنين بحضرة الرجال ورؤيتهم لهن متجاهرين بذلك، لقلة حيائهن ، وقلة من ينكر عليهن . 13. اختلاط النساء بالرجال عند القبور ، وقد رفع النساء جلبان الحياء والوقار عنهن ، فهن كاشفات الوجوه والأطراف . 14. أنهم أعظموا تلك المعاصي بفعلها عند القبور التي هي موضع الخشية والفزع والاعتبار ، والحث على العمل الصالح ، لهذا المصرع العظيم المهول أمره ، فردوا ذلك للنقيض ، وجعلوه موضع فرح ومعاصي كحال المستهزئين . 15. إهانة الأموات من المسلمين وأذيتهم بفعل المنكرات بجانب قبورهم . 16. أن بعضهم يقيمون خشبة عند رأس الميتة أو الميت ، ويكسون ذلك العمود من الثياب ما يليق به عندهم . فإن كان الميت عالماً أو صالحاً صاروا يشكون له ما نزل بهم ويتوسلون به ، وإن كان من الأهل أو الأقارب صاروا يتحدثون معه ويذكرون له ما حدث لهم بعده ، وإن كان عروساً أو عروسة كسوا كل واحد منهما ما كان يلبسه في حال فرحة ، ويجلسون يتباكون ويبكون ويتأسفون . وكسوتهم لهذه الخشبة تشبه في الظاهر بالنصارى في كسوتهم لأصنامهم ، والصور التي يعظمونها في مواسمهم ، ومن تشبه بقوم فهو منهم . 17. أنهم اتصفوا بسبب ما ذكره بصفة النفاق ، لأن الفارق صفته قصد المعصية وإظهارها في الصورة أنها طاعة . 18. اللغو في المسجد وكثرة الكلام بالباطل وهو منكر شديد . 19. جعل المسجد كأنه دار شرطة لمجيء الوالي والمقدمين والأعوان ، وفرش البسط ، ونصب الكرسي للوالي ليجلس عليه في مكان معلوم ، وتوقد بين يديه المشاعل الكثيرة في صحن الجامع ، ويقع منها بعض الرماد ، وربما وقع الضرب بالعصا والبطح لمن يشتكي في الجامع ، أو تأتيه – الوالي – الخصوم من خارج الجامع وهو فيه ، هذا كله في ليلة النصف من شعبان ، وإذا وقعت هذه الأشياء في الجامع فلابد من رفع الأصوات من الخصوم والجند وغيرهم ، بل اللغط واقع لكثرة الخلق فيه ، فكيف به إذا انضم إلى الشكاوي وأحكام الوالي ؟! . 20. اعتقادهم أن فعل هذه المنكرات والبدع المحرمات إقامة حرمة لتلك الليلة ، ولبيت الله عز وجل ، وأنهم أتوه ليعظموه ، وبعضهم يرى أن ذلك من القرب وهذا أشد . وسبق وذكرت أن هذه البدع والمنكرات تختلف باختلاف الزمان والمكان ، فالاحتفالات في الوقت الحاضر تكاد لا تخلو من كثير من هذه المنكرات وإن اختلف الشكل والهيئة . 21. ويضاف إلى هذه البدع أيضا :الدعاء المعروف الذي يطلب فيه من الله تعالى أن يمحو من أم الكتاب شقاوة من كتبه شقياً ...... الخ . ونصه ما يلي : اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول والإنعام ، لا إله إلا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، وأمان الخائفين ، اللهم أن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً ، أو مطروداً أو مقتراً عليَّ في الرزق ، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني ، وطردي وإقتار رزقي ، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات ، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل ، على لسان نبيك المرسل : {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } . إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرم ، التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم أسألك أن تكشف عنا البلاء ما نعلم وما لا نعلم ، وما أنت به أعلم إنك أنت الأعز الأكرم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم )) . وهذا الدعاء ليس له أصل صحيح في السنة، كما هو الحال في صلاة النصف من شعبان ، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، ولا عن السلف-رضوان الله عليهم أجمعين- أنهم اجتمعوا في المساجد من أجل هذا الدعاء في تلك الليلة ، ولا تصح نسبة هذا الدعاء إلى بعض الصحابة. وربما شرطوا لقبول هذا الدعاء قراءة سورة(يس)،وصلاة ركعتين قبله،يفعلون القراءة والصلاة والدعاء ثلاث مرات ، يصلون المرة الأولى بنية طول العمر ، والثانية بنية دفع البلايا ، والثالثة بنية الاستغناء عن الناس ، واعتقدوا أن هذا العمل من الشعائر الدينية، ومن مزايا ليلة النصف من شعبان وما تختص به، حتى اهتموا به أكثر من اهتمامهم بالواجبات والسنن فتراهم يسارعون إلى المساجد قبيل الغروب من هذه الليلة، وفيهم تاركوا الصلاة ، معتقدين أنه يجبر كل تقصير سابق عليه، وأنه يطيل العمر ويتشاءمون من فوته . فالاجتماع لقراءة هذا الدعاء بالطريقة المتبعة والمعروف عندهم ، وجعل ذلك شعيره من شعائر الدين ، من البدع التي تحدث في ليلة النصف من شعبان . صحيح أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى مطلوب في كل وقت ومكان ، لكن لا على هذا الوجه المخترع ، فلا يتقرب إلى الله بالبدع ، وإنما يتقرب إليه تعالى بما شرع . 22. ومن البدع المنكرة في الاحتفالات بليلة النصف من شعبان كثيرة الوقيد فالمحدث لهذه البدعة راغب في دين المجوسية ، لأن النار معبودة وأول ما حدث ذلك في زمن البرامكة ، فأدخلوا في دين الإسلام ما يموهون به على الطغام ، وهو جعلهم الإيقاد في شعبان كأنه من سنن الإيمان ، ومقصودهم عبادة النيران ، وإقامة دينهم وهو أخسر الأديان ، حتى إذا صلى المسلمون وركعوا وسجدوا كان ذلك إلى النار التي أوقدوها . فزيادة الوقود فيه تشبه بعبدة النار في الظاهر – وإن لم يعتقدوا ذلك – لأنَّ عبدة النار يوقدونها حتى إذا كانت في قوتها وشعشعتها اجتمعوا إليها بنية عبادتها،ولا شك أن التشبه بأهل الأديان الباطلة منهي عنه . والله أعلم . ************************************* الفصل السادس شهر رمضان المبحث الأول : فضل هذا الشهر وما ورد فيه . المبحث الثاني : بعض البدع التي تقام في هذا الشهر . أولاً : قراءة سورة الأنعام . ثانياً : بدعة صلاة التراويح بعد المغرب . ثالثاً : بدعة صلاة القدر . رابعاً :بدعة القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة . خامساً : بدعة سرد آيات الدعاء . سادساً : بدعة الذكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح . سابعاً : بعض بدع ليلة ختم القرآن . ثامناً : بدعة التسحير . تاسعاً : البدع المتعلقة برؤية هلال رمضان . عاشراً : بدعة حفيظة رمضان . أحد عشر : بدعة قرع النحاس آخر الشهر . إثنا عشر : بدعة وداع رمضان . ثلاثة عشر : بدعة الاحتفال بذكرى غزوة بدر . المبحث الأول فضل هذا الشهر وما ورد فيه يعتبر شهر رمضان من أعظم مواسم المسلمين ، فهو شهر الصوم الذي هو الركن الرابع من أركان الإسلام ، قد فضله الله بأن أنزل فيه كتابه الكريم ، وجعل فيه ليلة خيراً من ألف شهر . وقد ورد في فضله وفضل العبادات فيه آثار كثيرة نذكر منها على النحو التالي : أولاً : وجوب صوم شهر رمضان : 1. عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ،وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج، وصوم رمضان)) متفق عليه . 2. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزاً يوماً للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: (( الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وبلقائه ، ورسله، وتؤمن بالبعث . قال : ما الإسلام؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال: ما الإحسان؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال: متى الساعة ؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان. في خمس لا يعلمهن إلا الله. ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الآية ثم أدبر فقال: ردوه فلم يروا شيئاً ، فقال : هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم )). متفق عليه. 3. عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أن أعربياً جاء إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس:((فقال: يا رسول ، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة ؟ فقال : الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً . فقال : أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصيام ؟فقال : شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً. فقال : أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الزكاة ؟ قال : فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام . فقال : والذي أكرمك بالحق ، لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله علىَّ شيئاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق ، أو دخل الجنة أن صدق )) متفق عليه . 4. حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - : إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من القوم -أو من الوفد ؟- قالوا : ربيعة قال: مرحباً بالقوم -أو الوفد- غير خزايا ولا ندامى. فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة . فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع : أمرهم بالإيمان بالله وحده ، قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ولإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس ...... ))الحديث متفق عليه . 5. عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال : يا محمد أتانا رسولك ! فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك ؟قال : (( صدق )) . قال فمن خلق السماء .... إلى أن قال – وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا . قال : (( صدق)) . قال : فبالذي أرسلك ، آلله أمرك بهذا ؟ قال : (( نعم )) ...... قال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لئن صدق ليدخلن الجنة )) . 6. عن عائشة-رضي الله عنها- قريش كانت تصومه يوم عاشوراء في الجاهلية ،ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه، حتى فرض رمضان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من شاء فليصمه ، ومن شاء أفطره )). متفق عليه . 7. عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – قال : لما نزلت { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} . كان من أراد أن يفطر ويفتدي ، حتى نزلت هذه الآية التي بعدها فنسختها . متفق عليه . وفي رواية لمسلم أنه قال: كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام، ومن شاء فطر فافتدى بطعام مسكين حتى أنزلت هذه الآية { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . . ثانياً : فضل شهر رمضان : 8. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة )). وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء ، وغلقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين )) . 9. عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : ((ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً قط غير رمضان ، ويصوم حتى يقول القائل : لا والله لا يفطر ، ويفطر حتى يقول القائل : لا والله لا يصوم))متفق عليه . 10. عن عائشة – رضي الله عنها – قالت :((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان ، وما رايته أكثر صياماً منه في شعبان )) متفق عليه . 11. عن عبد الله بن شقيق قال : (( قلت لعائشة – رضي الله عنها - : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً معلوماً سوى رمضان ؟ قالت : (( والله إن صام شهراً معلوماً سوى رمضان، حتى مضى لوجهه، و لا أفطر حتى يصيب منه)) . وفي رواة قالت : (( وما رأيته صام شهراً كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان )) . 12. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن ، إذا اجتنب الكبائر )) . 13. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، والله عتقاء من النار وذلك كل ليلة )) . 14. عن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((شهران لا ينقصان ، شهر عيد : رمضان وذو الحجة )) متفق عليه . 15. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم رمضان . شهر مبارك ، فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم )) . 16. عن أبي هريرة – رضي الله عنه –عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم )) متفق عليه .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 7:48 am | |
| ثالثاً : فضل العبادات فيه : 17. عن أبي هريرة- رضي الله عنه-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه . 18. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه . 19. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن أعربياً أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال : ((تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا . فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا )) متفق عليه . 20. عن أبي قتادة – رضي الله عنه - : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر -رضي الله عنه- غضبه ، رضينا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، فجعل عمر -رضي الله عنه-يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه....ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان ، فهذا صيام الدهر كله ...... الحديث )) . 21. عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر )) . 22. عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أفضل الصيام بعد رمضان ، شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة ، صلاة الليل )) . 23. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِّ علىَّ ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك أبواه فلم يدخلاه الجنة)) . 24. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من آمن بالله وبرسوله ، وأقام الصلاة ، وصام رمضان ، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها ....الحديث)) . 25. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال : ((كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل-عليه السلام- يلقاه كل ليل في رمضان حتى ينسخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، فإذا لقيه جبريل -عليه السلام- كان أجود بالخير من الريح المرسلة )) متفق عليه . 26. عن ابن عباس – رضي الله عنهما - : (( لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية :((ما منعك من الحج ؟ قالت : أبو فلان تعني زوجها – كان له ناضحان حج على أحدهما والآخر يسقي أرضاً لنا .قال : فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي )) متفق عليه . 27. عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال:(( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير ، فقلت: يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال :((لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ....الحديث)) رابعاً : صلاة التراويح : 28. عن عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها- ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى من القابلة فكثر ، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: (( قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان )). متفق عليه . وفي رواية (( ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها)) . 29. عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة – رضي الله عنها - : كيف كان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ((ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على أحد عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلى أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلى ثلاثاً . فقلت : يا رسول الله أتنام قبل أن توتر ؟ قال : ((يا عائشة إن عيني تنامان ، ولا ينام قلبي )) . متفق عليه . 30. عن عبد الرحمن بن عبد القادرّي أنه قال :((خرجت مع عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ، قال عمر: نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون -يريد آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله )) . خامساً : العشر الأواخر : 31. عن عائشة - رضي الله عنها- قالت ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )) متفق عليه . 32. عن عائشة-رضي الله عنها-قالت((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر، مالا يجتهد في غيره)) سادساً : الاعتكاف : 33. عن أبي سلمة قال : انطلقت إلى أبي سعيد الخدري فقلت : ألا تخرج بنا إلى النخل نتحدث ؟ فخرج . فقال : قلت : حدثني ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر ؟ قال : (( اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : إن الذي تطلب أمامك . قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً صبيحة عشرين من رمضان فقال : (( من كان اعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع فإني أريت ليلة القدر، وإني نُسّتُها ، وإنها في العشر الأواخر في وتر ، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء . وكان سقف المسجد جريد النخل، وما نرى في السماء شيئاً ، فجاءت قزعة فأمرنا ، فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته تصديق رؤياه )) متفق عليه . 34. عن عائشة – رضي الله عنها – زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، حتى توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه من بعده )) متفق عليه . 35. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان )) متفق عليه . 36. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال((كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً )). 37. عن أبي كعب -رضي الله عنه- ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، فسافر سنة فلم يعتكف ، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوماً )). سابعاً : ليلة القدر : 38. عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) متفق عليه . وفي رواية للبخاري (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )). 39. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(( أريت ليلة القدر ، ثم أيقظني بعض أهلي فُنسيتها . فالتمسوها في العشر الغوابر)) . 40. عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقي )) . 41. عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((هي في العشر الأواخر ، في تسع يمضين ، أو في سبع يبقين )) . 42. عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال : ((خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة )) . 43. عن ا بن عمر – رضي الله عنهما- قال ((أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر )) متفق عليه . 44. عن عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ، وأراني صبيحتها أسجد في ماء طين)) ، فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه . 45. عن عيينة بن عبد الرحمن قال : حدثني أبي قال : ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال : ما أنا بملتمسها لشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في العشر الأواخر، فإني سمعته يقول :(( التمسوها في تسع يبقين ، أو سبع يبقين، أو خمس يبقين ، أو ثلاث أو آخر ليلة )) . قال : وكان أبو بكرة يصلي في العشرين من رمضان كصلاته في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد . 46. عن زر بن حبيش قال : سألت أبي بن كعب -رضي الله عنه- فقلت : إن أخاك ابن مسعود يقول : (( من يقم الحول يصب ليلة القدر )) . فقال : - رحمه الله – أراد أن لا يتكل الناس . أما إنه قد علم أنها في رمضان ، وأنها في العشر الأواخر ، وأنها ليلة سبع وعشرين ، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين . فقلت : بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟. قال : ((بالعلامة ، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها )) . 47. عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : (( صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو نفّلتنا قيام هذه الليلة ، قال : فقال :(( إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة )). قال : فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح . قال : قلت وما الفلاح ؟ قال : السحور ، ثم لم يقم بنا بقية الشهر )) . ثامناً : الإفطار فيه للمسافر : 48. عن ابن عباس- رضي الله عنهما- (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر ، فأفطر الناس )) متفق عليه . 49. عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : ((خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة)) متفق عليه . 50. عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : (( كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم )) متفق عليه . وعلى كثرة ما ورد في فضل شهر رمضان من الأحاديث الصحيحة ، إلا أن هناك بعض الأحاديث الموضوعة في فضل شهر رمضان ، والتي تظهر فيها المبالغة جليه واضحة ، وهذه الأحاديث الموضوعة كثيرة منها : حديث: (( لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا شهر رمضان)) .حديث:((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نادي الجليل رضوان خازن الجنة فيقول: لبيك وسعديك....-وفيه أمره بفتح الجنة وأمر مالك بتغليق النار-)) .حديث : (( لو علم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها )) .حديث :(( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه الصيام ، وإذا نظر الله إلى عبد لم يعذبه...)) . حديث : (( إن لله تبارك وتعالي ليس بتارك أحداً من المسلمين صبيحة أول يوم من شهر رمضان إلا غفر له)) .حديث: ((إن الله تبارك وتعالى في كل ليلة من رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار)) .حديث: ((لو أذن الله لأهل السموات والأرض أن يتكلموا لبشروا صوام شهر رمضان بالجنة)) حديث: ((إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام ، وإذا سلم رمضان سلمت السنة)) .وحديث: (( من أفطر يوماً من رمضان فليهد بدنه ، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعاً من تمر للمساكين )) . حديث : ((من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا عذر له ، كان عليه أن يصوم ثلاثين يوماً ومن أفطر يومين كان عليه ستون ومن أفطر ثلاثاً كان عليه تسعون يوماً )) . حديث : (( رجب شهر الله ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي ......))الحديث وحديث: (( من صلى في آخر جمعة من رمضان الخمس الصلوات المفروضة في اليوم والليلة ، قضت عنه ما أخل به من صلاة سنته )) . إلى غير ذلك من الأحاديث الباطلة – والله أعلم - . ************************************ المبحث الثاني بعض البدع التي تقام في هذا الشهر شهر رمضان شهر مبارك ، وفضائله كثيرة، وقد شرع فيه من الأعمال والقرب الشيء الكثير، ولكن المبتدعة المعارضين لقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } أحدثوا بدعاً في هذا الشهر الفضيل ، وأرادوا بها إشغال الناس عن القرب المشروعة، ولم يسعهم ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته -رضوان الله عليهم- ، ومن تبعهم بإحسان من السلف الصالح- رحمة الله عليهم-، الذين كانوا أحرص الناس على الخير -فلا وسع الله عليهم في الدنيا ولا في الآخرة- فزادوا في الدين ما ليس منه ، وشرعوا ما لم يأذن به الله ، ومن هذه البدع : أولاً : قراءة سورة الأنعام : مما ابتدع في قيام رمضان في الجماعة ، قراءة سورة الأنعام جميعها في ركعة واحدة ، يخصونها بذلك في آخر ركعة من التراويح ليلة السابع أو قبلها . فعل ذلك ابتداعاً بعض أئمة المساجد الجهال مستشهداً بحديث لا أصل له عند أهل الحديث ، ولا دليل فيه أيضاً، إنما يروى موقوفاً على علي وابن عباس، وذكره بعض المفسرين مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سورة الأنعام بإسناد مظلم عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( نزلت سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك ، لهم زجل بالتسبيح والتحميد )) . فاغتر بذلك من سمعه من عوام المصلين . وعلى فرض صحة الحديث فليس فيه دلالة على استحباب قراءتها في ركعة واحدة ، بل هي من جملة سور القرآن ، فيستحب فيها ما يستحب في سائر السور ، والأفضل لمن استفتح سورة في الصلاة وغيرها أن لا يقطعها بل يتمها إلى آخرها ، وهذه كانت عادة السلف . وورد غي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب ، وإن كان فرقها في الركعتين . وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: ((أقبل رجل بناضحين -وقد جنح الليل- فوافق معاذاً يصلي، فترك ناضحه وأقبل على معاذ ، فقرأ بسورة البقرة -أو النساء- فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذاً نال منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا معاذ ، أفتّان أنت- أو أفاتن أنت- أو أفاتن- ثلاث مرات، فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)) . فكون قراءة سورة الأنعام كلها في ركعة واحدة في صلاة التراويح بدعة ، ليس من جهة قرائتها كلها ، بل من وجوه أخرى : الأول : تخصيص ذلك بسورة الأنعام دون غيرها من السور، فيوهم ذلك أن هذا هو السنة فيها دون غيرها، والأمر بخلاف ذلك. الثاني : تخصيص ذلك بصلاة التراويح دون غيرها من الصلاة ، وبالركعة الأخيرة منها دون ما قبلها من الركعات . الثالث : ما فيه من التطويل على المأمومين ، ولاسيما من يجهل أن ذلك من عادتهم ، فينشب في تلك الركعة ، فيقلق ويضجر ويتسخط بالعبادة . الرابع : ما فيه من مخالفة السنة من تقليل القراءة في الركعة الثانية عن الأولى ، فقد ثبت في الصحيحين (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين يطول في الأولى ، ويقصر في الثانية ، ويسمع الآية أحياناً ..... وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح ويقصر في الثانية )) . وقد عكس صاحب هذه البدعة الأمر ، فإنه يقرأ في الركعة الأولى نحو آيتين من آخر سورة المائدة ، ويقرأ في الثانية سورة الأنعام كلها ، بل يقرأ في تسع عشرة ركعة نحو نصف حزب المائدة، ويقرأ في الركعة الموفية عشرين بنحو حزب ونصف حزب، وفي هذا ما فيه من البدعة ومخالفة الشريعة . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمة الله- عما يصنعه أئمة هذا الزمان من قراءة سورة الأنعام في رمضان في ركعة واحدة ليلة الجمعة هل هي بدعة أم لا ؟ . فأجاب – رحمة الله – ( نعم بدعة ، فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين ، ولا غيرهم من الأئمة أنهم تحروا ذلك ، وإنما عمدة من يفعله ما نقل عن مجاهد وغيره من أن سورة الأنعام نزلت جملة مشيعة بسبعين ألف ملك فاقرأوها جملة لأنها نزلت جملة ، وهذا استدلال ضعيف ، وفي قرائتها جملة من الوجوه المكروهة أمور منها : أن فاعل ذلك يطول الركعة الثانية من الصلاة على الأولى تطويلاً فاحشاً والسنة تطويل الأولى على الثانية كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها : تطويل آخر قيام الليل على أوله . وهو بخلاف السنة ، فإنه كان يطول أوائل ما كان يصليه من الركعات على أواخرها ، والله أعلم ) .ا.هـ . ثانياً : بدعة صلاة التراويح بعد المغرب : وهذه البدعة من فعل الرافضة، لأنهم يكرهون صلاة التراويح، ويزعمون أنها بدعة أحدثها عمر بن-رضي الله عنه-، ومعروف موقفهم من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيدخل في ذلك ما يزعمون أنه أحدثه . فإذا صلوها قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح . وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن من يصلي التراويح بعد المغرب: هل هو سنة أم بدعة؟ وذكروا أن الإمام الشافعي – رحمه الله – صلاها بعد المغرب ، وتممها بعد العشاء الآخرة؟ . فأجاب -رحمة الله– (الحمد لله رب العالمين. السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخر، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة. والنقل المذكور عن الشافعي-رحمة الله- باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يعرف عن أحد أنه تعمد صلاتها قبل العشاء ، فإن هذه تسمى قيام رمضان ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه )) .وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء ، وقد جاء مصرحاً به في السنن (( أنه لما صلى بهم قيام رمضان صلى بعد العشاء )) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره ، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة ، لكن كان يصليها طوالاً ، فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أُبي بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة ، يوتر بعدها ، ويخفف فيها القيام ، فكان تضعيف العدد عوضاً عن طول القيام ، وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ، ويوتر بعدها بثلاث ، وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها ، وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخر ..... فمن صلاه قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة ، والله أعلم ) ا.هـ . ثالثاً : بدعة صلاة القدر : وصفتها : أنهم يصلون بعد التراويح ركعتين في الجماعة، ثم في آخر الليل يصلون تمام مائة ركعة ، وتكون هذه الصلاة في الليلة التي يظنون ظناً جازماً ليلة القدر ، ولذلك سميت بهذا الاسم . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن حكمها ، وهل المصيب من فعلها أو تركها ؟ وهل هي مستحبة عن أحد من الأئمة أو مكروهة ، وهل ينبغي فعلها والأمر بها أو تركها والنهي عنها ؟ . فأجاب -رحمه الله- ( الحمد لله ، بل المصيب هذا الممتنع من فعلها والذي تركها ، فإن هذه الصلاة لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين ، بل هي بدعة مكروهة باتفاق الأئمة ، ولا فعل هذه الصلاة لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة، ولا التابعين ، ولا يستحبها أحد من أئمة المسلمين ، والذي ينبغي أن تترك وينهى عنه ) ا. هـ . رابعاً :بدعة القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة : قال أبو شامة : (وابتدع بعضهم أيضاً جمع آيات السجدات ، يقرأ بها في ليلة ختم القرآن وصلاة التراويح ، ويسبح بالمأمومين في جميعها ) . وقال ابن الحاج: (وينبغي له –الإمام- أن يتجنب ما أحدثه بعضهم من البدع عند الختم، وهو أنهم يقومون بسجدات القرآن كلها فيسجدونها متوالية في ركعة واحدة أو ركعات. فلا يفعل ذلك في نفسه وينهى عنه غيره، إذاً أنه من البدع التي أحدثت بعد السلف . وبعضهم يبدل مكان السجدات قراءة التهليل على التوالي ، فكل آية فيها ذكر (لا إله إلا الله ) أو (لا إله إلا هو) قرأها إلى آخر الختمة ، وذلك من البدع أيضاً ) .ا.هـ . وقال ابن النحاس: (ومنها -البدع والمنكرات- القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة أو ركعات ، أو الآيات المشتملة على التهليل من أول القرآن إلى آخره ، وهذا كله بدعة أحدثت، فينبغي أن تُغير وتُرد ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) )ا.هـ.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 8:43 am | |
| خامساً : بدعة سرد آيات الدعاء : ومن البدع التي أحدثت في رمضان بدعة سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء ، وذلك في آخر ركعة من التراويح ، بعد قراءة سورة الناس فيطول الركعة الثانية على الأولى ، مثل تطويل بقراءة سورة الأنعام . وكذلك الذين يجمعون آيات يخصونها بالقراءة ويسمونها آيات الحرس ولا أصل لشيء من ذلك، فليعلم الجميع أن ذلك بدعة، وليس شيء منها من الشريعة ، بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه . سادساً : بدعة الذكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح : ومما أحدث في هذا الشهر الفضيل : الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح ، ورفع المصلين أصواتهم بذلك ، وفعل ذلك بصوت واحد ، فذلك كله من البدع . وكذلك قول المؤذن بعد ذكرهم المحدث هذا: الصلاة يرحمكم الله. فهذا أمر محدث أيضاً، لم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا أقره . وكذلك الصحابة والتابعون والسلف الصالح ، فالإحداث في الدين ممنوع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- ولم يفعلوا شيئاً من هذا ، فليسعنا ما وسعهم ، فالخير كله في الاتباع ، والشر كله في الابتداع . سابعاً : بعض بدع ليلة ختم القرآن : ومما أحدث في هذا الشهر العظيم : رفع الصوت بالدعاء بعد ختم القرآن ، ويكون هذا الدعاء جماعياً ، أو كل يدعو لنفسه، ولكن بصوت عال، مخالفين بذلك قوله تعالى{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} .وهذا الشهر العظيم موضع خشوع وتضرع وابتهال ، ورجوع إلى سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح الصادقة مما قارفه من الذنوب ، والسهو والغفلات والتقصير في الطاعة فينبغي أن يبذل الإنسان جهده، كل على قدر حاله، ويدعو الله بالأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والسلف الصالح ، والتي تخلو تماماً من دعاء غير الله أو التوسل به . وسرية الدعاء أحرى للإخلاص فيه ، بعيداً عن الرياء والسمعة ، فعندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم . فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه، وتعالى جده )) . وفي رواية لمسلم : (( والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم )) . ومن البدع التي أحدثت في ليلة ختم القرآن : 1. اجتماع المؤذنين تلك الليلة فيكبرون جماعة في حال كونهم في الصلاة، لغير ضرورة داعية إلى السمع الواحد، فضلاً عن جماعة، بل بعضهم يسمعون ولا يصلون، وهذا فيه ما فيه من القبح والمخالفة لسنة السلف الصالح -رحمه الله عليهم-. 2. أنه إذا خرج القارئ من الموضع الذي صلى فيه، أتوه ببغلة أو فرس ليركبها، ثم تختلف أحوالهم في صفة ذهابه إلى بيته، فمنهم من يقرأ القرآن بين يديه ، كما يفعلونه أمام جنائزهم من عاداتهم الذميمة ، والمؤذنون يكبرون بين يديه كتكبير العيد . قال ابن الحاج: ( قال القاضي أبو الوليد بن رشد -رحمه الله تعالى-: كره مالك قراءة القرآن في الأسواق والطرق لوجوه ثلاثة : أحدها : تنزيه القرآن وتعظيمه من أن يقرأه وهو ماش في الطرق والأسواق، لما قد يكون فيها من الأقذار والنجاسات. الثاني : أنه إذا قرأ القرآن على هذه الأحوال لم يتدبره حق التدبر . الثالث : لما يخشي أن يدخله ذلك فيما يفسد نيته )ا.هـ . 3. سير الفقراء الذاكرين بين يدي القارئ ، إلى أن يصل إلى بيته ، ومنهم من يعوض ذلك بالأغاني ، وهو أشدُّ هذه الأمور وإن كانت كلها ممنوعة . 4. ضرب الطبل والأبواق والدف أو الطار أمام القارئ أثنا سيره إلى بيته . 5. وربما جمع بعضهم الأمور السابقة كلها أو أكثرها ، ويكون في ذلك من اللهو واللعب ما هو ضد المطلوب في هذه الليلة ، من الاعتكاف على الخير ، وترك الشر والمباهاة والفخر ونحو ذلك . 6. عمل بعض أنواع الأطعمة والحلاوات لهذه المناسبة . 7. زيادة وقود القناديل الكثيرة الخارجة عن الحد المشروع ، ولما في ذلك من إضاعة المال ، والسرف والخيلاء . 8. استعمال الشمع للوقود في أوان من ذهب أو فضة ، ولا يخفى تحريم استعمالهما لعدم الضرورة إليهما 9. تعليق ختمه عند الموضع الذي يختمون فيه، فمنهم من يتخذها من الشقق الحرير الملونة ، ومنهم من يتخذها من غيرها، لكنها ملونة أيضاً، ويعلقون فيها القناديل، وما في ذلك من السرف والخيلاء وإضاعة المال والرياء والسمعة واستعمال الحرير . 10. ومنم من يستعير القناديل من مسجد آخر وهي وقف عليه ، فلا يجوز إخراجها منه ، ولا استعمالها في غيره . 11. أن هذا الاجتماع يفضي إلى اجتماع أهل الريب والشك والفسوق ، وممن لا يرضى حاله، حتى جرّ ذلك إلى اختلاط النساء بالرجال في موضع واحد ولا يخفى ما في ذلك من الضرر العظيم . 12. كثرة اللغط في المسجد ورفع الأصوات فيه والقيل والقال، إذ أنه يكون الإمام في الصلاة، وكثير من الناس يتحدثون ويخوضون في أشياء ينزه المسجد عن بعضها . 13. اعتقاد بعض العلماء أن هذا الاجتماع بما فيه من البدع ، إظهار لشعائر الإسلام، ولا يخفى ما يجلب هذا الأمر من الضرر العظيم ، وتكثير سواد أهل البدع ، ويكون حضور هؤلاء العلماء حجة إن كانوا قدوة للقوم ، بأن ذلك جائز غير مكروه ، فيقولون : لو كان بدعة لم يحضره العالم فلان ، ولم يرض به . فإنا لله وإنا إليه راجعون . والإثم في هذا من فعله أو أمر به أو استحسنه أو رضي به أو أعان عليه بشيء أو قدر على تغييره فلم يفعل . 14. إحضار الكيزان وغيرها من أواني الماء في المسجد حين الختم ، فإذا ختم القارئ شربوا ذلك الماء ، ويرجعون به إلى بيوتهم فيسقونه لأهليهم ومن شاءوا على سبيل التبرك ، وهذه بدعة لم تنقل عن أحد من السلف-رحمة الله عليهم- . 15. تواعدهم للختم ، فيقولون : فلان يختم في ليلة كذا وفلان يختم في ليلة كذا ، ويعرض ذلك بعضهم على بعض ، ويكون ذلك بينهم بالنوبة – أي بالتناوب-، حتى صار ذلك كأنه ولائم تعمل ، وشعائر تظهر ، فلا يزالون كذلك غالباً من انتصاف شهر رمضان إلى آخر الشهر ، وهذا أمر محدث لم يؤثر على السلف الصالح -رحمة الله عليهم - . فهذه بعض المنكرات والبدع التي أحدثت في ليلة الختم، ولما كانت مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه، وما عليه السلف الصالح زينها الشيطان وأتباعه في نفوسهم ، وسول لهم الإصرار على فعلها ، وجعل ذلك من شعائر الدين ، ولو فرضنا جدلاً أن هذه الأمور المحدثة مطلوبة شرعاً لأدعى هؤلاء المبتدعة المشقة في فعلها ، وعجزهم عنها ، ولتهاونوا بها ، ولكن صدق الله العظيم القائل في محكم كتابه : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} . – والله أعلم -. ثامناً : بدعة التسحير : التسحير من الأمور المحدثة التي لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، وليس من فعل الصحابة أو التابعين أو السلف الصالح -رحمة الله عليهم أجمعين- ولأجل أنه أمر محدث اختلفت فيه عوائد الناس ، ولو كان مشروعاً ما اختلفت فيه عوائدهم . ففي الديار المصرية يقول المؤذنون بالجامع: تسحروا كلوا واشربوا أو ما أشبه ذلك ، ويقرؤن قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الآية.ويكررون ذلك مراراً عديدة،ثم يسقون على زعمهم ويقرؤن قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً}إلى قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً} . والقرآن العزيز ينبغي أن ينزه عن موضع بدعة ، أو على موضع بدعة ، ثم ينشدون في أثناء ذلك القصائد ، ويسحرون أيضاً بالطبلة يطوف بها بعضهم على البيوت ، ويضربون عليها ، هذا الذي مضت عليه عادتهم ، وكل ذلك من البدع . وأما أهل الإسكندرية ، وأهل اليمن ، وبعض أهل المغرب ، فيسحرون بدق الأبواب على أصابع البيوت ، وينادون عليهم: قوموا كلوا ، وهذا نوع آخر من البدع نحو ما تقدم . وأما أهل الشام فإنهم يسحرون بدق الطار والغناء والرقص واللهو واللعب ، وهذا شنيع جداً ، وهو أن يكون شهر رمضان الذي جعله الشارع صلى الله عليه وسلم للصلاة والصيام ، والتلاوة والقيام ، قابلوه بضد الإكرام والاحترام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما بعض أهل المغرب فإنهم يفعلون قريباًَ من فعل أهل الشام ، وهو أنه إذا كان وقت السحور عندهم ، ويضربون بالنفير على المنار ، ويكررونه سبع مرات ، ثم بعده يضربون بالأبواق سبعاً أو خمساً ، فإذا قطعوا حرم الأكل إذ ذاك عندهم . والعجيب أنهم يضربون بالنفير والأبواق في الأفراح التي تكون عندهم، ويمشون بذلك في الطرقات، فإذا مروا على باب مسجد سكتوا وأسكتوا ، ويخاطب بعضهم بعضاً بقولهم : احترموا بيت الله تعالى فيكفون حتى يجوزوه ، فيرجعوا إلى ما كانوا عليه ، ثم إذا دخل شهر رمضان، الذي هو شهر الصيام والقيام، والتوبة والرجوع إلى الله تعالى من كل رذيلة، يأخذون فيه النفير والأبواق، ويصعدون بها على المنار في هذا الشهر الكريم ، ويقابلونه بضد ما تقدم ذكره . وهذا يدل على أن فعل التسحير بدعة بلا شك ولا ريب ، إذ أنها لو كانت مأثورة لكانت على شكل معلوم لا يختلف حالها، في بلد دون آخر كما تقدم . فيتعين على من قدر من المسلمين عموماً التغيير عليهم ، وعلى المؤذن والإمام خصوصاً ، كل منهم يغير ما في إقليمه إن قدر على ذلك بشرطه ، فإن لم يستطع ففي بلده ، فإن لم يستطع ففي مسجده . ومسألة التسحير هذه لم تدع ضرورة إلى فعلها وإذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد شرع الأذان الأول للصبح دالاً على جواز الأكل والشرب والثاني دالاً على تحريمها ، فلم يبق أن يكون ما يعمل زيادة عليهما إلا بدعة ؛ لأن المؤذنين إذا أذنوا مرتين انضبطت الأوقات وعلمت . تاسعاً : البدع المتعلقة برؤية هلال رمضان : ومن المحدثات في شهر رمضان ، ما تفعله العامة في بعض البلدان الإسلامية ، من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين : ( هل هلالك، جل جلالك، شهر مبارك). نحو ذلك ، مما يعرفه له أصل في الشرع ، بل كان من عمل الجاهلية وضلالاتهم . والذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى الهلال قال :(( اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلام والإسلام، ربي وربك الله)) . فما يفعله بعض الناس عند رؤية الهلال من الإتيان بهذا الدعاء ، والاستقبال ورفع الأيدي، ومسح وجوههم بدعة مكروهة لم تعهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه-رضوان الله عليهم- ولا السلف الصالح-رحمة الله عليهم . ومن ذلك أيضاً ما تفعله العوام ، وأرباب الطرق من الطواف في أول ليلة من رمضان في العواصم وبعض القرى -المسمى بالرؤية- فإنه لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أصحابه ولا أحد من السلف الصالح ، مع اشتماله على قراءة الأوراد والأذكار ، والصلوات مع اللغط والتشويش بضرب الطبول ، واستعمال آلات الملاهي ، وزعقات النساء والأحداث وغير ذلك، مما هو مشاهد في بعض البلدان والأقطار الإسلامية . عاشراً : بدعة حفيظة رمضان : ومن البدع المنكرة التي أحدثت في هذا الشهر الكريم ، كتب الأوراق التي يسمونها (حفائظ) في آخر جمعة من رمضان ، ويسمون هذه الجمعة بالجمعة اليتيمة ، فيكتبون هذه الأوراق حال الخطبة ، ومما يكتب فيها قولهم ( لا آلاء إلا آلاؤك سميع محيط علمك كعسهلون وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) . ويعتقد هؤلاء الجهال المبتدعة أنها تحفظ من الحرق والغرق والسرقة والآفات . فلا شك في بدعية هذا الأمر، لما في ذلك من الإعراض عن استماع الخطبة بل والتشويش على الخطيب وسامعيه، وذلك ممنوع شرعاً كما لا يخفى ، ولا خير في ذلك ولا بركة ، فإنما يتقبل الله من المتقين لا من المبتدعين . وقد يكتب فيها كلمات أعجمية قد تكون دالة على مالا يصح ، أو فيها كفر بالله ، ولم ينقل هذا عن أحد من أهل العلم، وذلك- والله أعلم- من بدع الدجالين التي زينهوها للعامة البسطاء الجهال ، ولذلك لا تقع إلا في القرى المتأخرة ، والبلدان التي تكثر فيها البدع ، فيجب النهي عنها ، والتحذير منها ، مثلها في ذلك مثل جميع البدع التي تشغل الناس عما أوجبه الله عليهم من الفروض والواجبات .
أحد عشر : بدعة قرع النحاس آخر الشهر : ومن البدع المحدثة في شهر رمضان بدعة القرع على النحاس ونحوه آخر يوم من رمضان ، عند غروب الشمس ، يأمر الناس بذلك أولادهم ، ويعلمونهم كلمات يقولونها حالة القرع ، تختلف باختلاف البلدان ، ويزعمون أن ذلك يطرد الشياطين التي هاجت في هذا الوقت ، لخروجها من السجن ، وخلاصها من السلاسل التي كانت مقيدة بها في شهر الصوم ، قاتل الله الجهل كيف يؤدي بالناس إلى هذه المهازل اثنا عشر : بدعة وداع رمضان : ومن البدع المحدثة في شهر رمضان المبارك : أنه إذا بقي من رمضان خمس ليال، أو ثلاث ليال يجتمع المؤذنون، والمتطوعون من أصحابهم ، فإذا فرغ الإمام من سلام وتر رمضان ، تركوا التسبيح المأثور ، وأخذوا يتناوبون مقاطيع منظومة في التأسف على انسلاخ رمضان ، فمتى فرغ أحدهم من نشيد مقطوعة بصوته الجهوري ، أخذ رفقاؤه بمقطوعة دورية ، باذلين قصارى جهدهم في الصيحة والصراخ بضجيج يصم الآذان ، ويسمع الصم ، ويساعدهم على ذلك جمهور المصلين . ولعلم الناس بأن تلك الليالي هي ليالي الوداع ، ترى الناس في أطراف المساجد ، وعلى سدده وأبوابه ، وداخل صحنه ، النساء والرجال والشباب والولدان ، بحالة تقشعر لقبحها الأبدان ، وقد اشتملت هذه البدعة على عدة منكرات منها . 1. رفع الأصوات بالمسجد ، وهو مكروه كراهة شديدة . 2. التغني والتطرب في بيوت الله ، التي لم تشيد إلا للذكر والعبادة . 3. كون هذه البدعة مجبلة للنساء والأولاد والرعاع ، الذين لا يحضرون إلا بعد انقضاء الصلاة للتفرج والسماع . 4. اختلاط النساء بالرجال . 5. هتك حرمة المسجد ، لاتساخه وتبذله بهؤلاء المتفرجين ، وكثرة الضوضاء والصياح من أطرافه ، إلى غير ذلك ، مما لو رآه السلف الصالح لضربوا على أيدي مبتدعيه – وهذا هو الواجب على كل قادر على ذلك – وقاوموا بكل قواهم من أحدث فيه ، نسأل الله تعالى العون على تغيير هذا الحال بمنه وكرمه . ومن الأمور المحدثة المتعلقة بوداع رمضان، ما يفعله بعض الخطباء في آخر جمعة من رمضان ، من ندب فراقه كل عام ، والحزن على مضيه ، وقوله: لا أوحش الله منك يا شهر كذا وكذا . ويكرر هذه الوحشيات مسجعات مرات عديدة ، ومن ذلك قوله: لا أوحش الله منك يا شهر المصابيح، لا أوحش الله منك يا شهر المفاتيح.فتأمل هدنا الله وإياك لما آلت إليه الخطب، لاسيما خطبة آخر هذا الشهر الجليل ، الناس فيه بحاجة ماسة إلى آداب يتعلمونها لما يستقبلهم من صدقة الفطر ، ومواساة الفقراء ، والاستمرار على ما ينتجه الصوم من الأمور الفاضلة ، والآثار الحميدة ، وتجنب البدع وغير ذلك مما يقتضيه المقام . ثلاثة عشر : بدعة الاحتفال بذكرى غزوة بدر : ومما أحدث في هذا الشهر المبارك الاحتفال بذكرى غزوة بدر ، وذلك أنه إذا كامن ليلة السابع عشر من شهر رمضان اجتمع الناس في المساجد وأغلبهم من العامة، وفيهم من يدعي العلم، فيبدأون احتفالهم بقراءة آيات من الكتاب الحكيم،ثم ذكر قصة بدر وما يتعلق بها من الحوادث، وذكر بطولات الصحابة-رضوان الله عليهم- والغلو فيها، وانشاء بعض القصائد المتعلقة بهذه المناسبة. وفي بعض البلدان الإسلامية تحتفل الدولة رسمياً بهذه المناسبة فيحضر الاحتفال أحد المسئولين فيها . ولا يخفى ما يصاحب هذه الاحتفالات من الأمور المنكرة كالاجتماع في المساجد لغير ما عبادة شرعية، أو ذكر مشروع، وما يصاحب هذه الاجتماعات من اللغط والتشويش ونحو ذلك من الأمور التي تصان بيوت الله عنها ، وكذلك دخول بعض الكفار إلى المسجد كالمختصين منهم في مجال مكبرات الصوت ، أو الإضاءة ، أو الصحافة والإعلام ، وكذلك دخول المصورين للمسجد لتصوير هذه المناسبة ، بالإضافة إلى اعتبار هذا الاجتماع سنة تقام في مثل هذا اليوم ، أو هذه الليلة في كل عام . فتخصيص هذه الليلة -ليلة السابع عشر من رمضان– بالاجتماع والذكر وإلقاء القصائد ، وجعلها موسماً شرعياً ، ليس له مستند من الكتاب ولا من السنة ، ولم يؤثر عن الصحابة-رضوان الله عليهم- أو التابعين أو السلف الصالح -رحمهم الله- ، أنهم احتفلوا بهذه المناسبة في هذه الليلة أو في غيرها . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (( وللنبي صلى الله عليه وسلم -خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله للمدينة ، وخطب متعددة يذكر فيها قواعد الدين .ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً ، وإنما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى – عليه السلام – أعياداً ، أو اليهود ، وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله أتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه .ا.هـ . والاشتغال بهذه الأمور وأمثالها من الأمور المحدثة ، سبب في ابتعاد الناس عما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم من إحياء ليالي رمضان بالصلاة والذكر . ومن أعظم البلاء على المسلمين ترك المشروع وفعل الأمر المحدث المبتدع – والله أعلم - . ***************************** الفصل السابع شهر شوال المبحث الأول : بعض الآثار الواردة فيه . المبحث الثاني : بدعة التشاؤم من الزواج فيه المبحث الثالث : بدعة عيد الأبرار . المبحث الأول بعض الآثار الواردة فيه 1. عن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذلك صيام الدهر )) . 2. عن عائشة -رضي الله عنها-قالت : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله ، فاستأذنت حفصة عائشة أن تضرب خباء ، فأذنت لها فضربت خباء،فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأي الأخبية فقال : ما هذا ؟ فأخبر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البر ترون بهن؟ فترك الاعتكاف ذلك الشهر ، ثم اعتكف عشراً من شوال )) متفق عليه . 3. عن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيامه السنة )) . 4. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : (( تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم في شوال ، وأدخلت عليه في شوال ، فأي نسائه كانت أحظى عنده مني )) . فكانت تستحب أن تدخل نساءها في شوال . 5. عن عبد الله بن مسلم القرشي عن أبيه قال : سألت – أو سُئِل- النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر، فقال: (( إن لأهلك عليك حقاً ، صم رمضان والذي يليه ، وكل أربعاء وخميس ، فإذاً أنت قد صمت الدهر )) . 6. عن محمد بن إبراهيم : أن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- كان يصوم أشهر الحرم ، فقال له رسول صلى الله عليه وسلم : (( صم شوالاً . فترك أشهر الحرم ، ثم لم يزل يصوم شوالاً حتى مات . 7. عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: ((هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) . متفق عليه . 8. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ..)) الحديث . متفق عليه . 9. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر )) 10. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : (( إن الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر)) . 11. عن ابن عمر- رضي الله عنهما-أنه كان يقول :((من اعتمر في أشهر الحج : في شوال ، أو في ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ... )) الخ قوله . 12. قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :(( وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى: شوال، وذو القعدة , وذو الحجة...)).ا. هـ . وقد ورد في ليلة عيد الفطر ويومه أحاديث موضوعة ، منها : حديث أن من صلى ليلة الفطر مائة ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة ، وقل هو الله أحد عشرة مرات ......الخ ) . وحديث : ( من صلى يوم الفطر بعدما يصلي عيده أربع ركعات ، يقرأ في أول ركعة بفاتحة الكتاب ... فكأنما قرأ كل كتاب نزله الله على أنبيائه ..... ) . وحديث : ( من السنة اثنتا عشرة ركعة بعد عيد الفطر ، وست ركعات بعد عيد الأضحى) . وحديث : ( من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة : ليلة التروية ، وليلة عرفة ، وليلة النحر ، وليلة الفطر ) . وحديث : ( من صام صبيحة يوم الفطر فكأنما صام الدهر ) ، والله أعلم .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 8:47 am | |
| المبحث الثاني بدعة التشاؤم من الزواج فيه قال ابن منظور : (وشوال : من أسماء الشهور معروف ، اسم الشهر الذي يلي رمضان ، وهو أول أشهر الحج ) . قيل : سمي بتشويل لبن الإبل ، وهو توليه وإدباره ، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب .....وكانت العرب تطير من عقد المناكح فيه، وتقول : إن المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم طيرتهم، و قالت عائشة-رضي الله عنها-:((تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال ، فأي نسائه كانت أحظى عنده مني )) .ا.هـ . فالسبب الذي جعل العرب في الجاهلية يتشاءمون من الزواج في شهر شوال : هو اعتقادهم أن المرأة تمتنع من زوجها كامتناع الناقة التي شولت بذنبها بعد اللقاح من الجمل . قال ابن كثير-رحمه الله-( وفي دخوله صلى الله عليه وسلم بها – بعائشة- رضي الله عنها- في شوال ردّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين ، وهذا ليس بشيء ) ا.هـ . فالتشاؤم من الزواج في شهر شوال أمر باطل ؛ لأن التشاؤم عموماً من الطيرة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها بقوله: ((لا عدوى ولا طيرة )) .وقال – عليه السلام - : ((طيرة شرك)) . فمثله مثل التشاؤم بشهر صفر . وقد تقدم الكلام عن ذلك . قال النووي – رحمه الله – في شرحه لحديث عائشة –رضي الله عنها-: ( فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نص أصحابنا على استحبابه ، واستدلُّوا بهذا الحديث . وقصدت عائشة بهذا الكلام ردُّ ما كانت الجاهلية عليه ، وما يتخيله بعض العوام اليوم،من كراهة التزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له وهو من آثار الجاهلية ، كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع .......) .ا.هـ . ******************************************* المبحث الثالث بدعة عيد الأبرار ومن الأمور المحدثة المبتدعة في شهر شوال : بدعة عيد الأبرار ، وهو اليوم الثامن من شوال . فبعد أن يتم الناس صوم شهر رمضان ، ويفطروا اليوم الأول من شهر شوال-وهو يوم عيد الفطر- يبدأون في صيام الستة أيام الأول من شهر شوال ، وفي اليوم الثمن يجعلونه عيداً يسمونه عيد الأبرار . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار : فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ، ولم يفعلوها . والله سبحانه وتعالى أعلم ) ا.هـ . وقال أيضاً : ( وأما ثامن شوال : فليس عيداً لا للأبرار ولا للفجار ، ولا يجوز لأحد أن يعتقده عيداً ، ولا يحدث فيه شيئاً من شعائر الأعياد ) ا.هـ . ويكون الاحتفال بهذا العيد في أحد المساجد المشهور فيختلط النساء بالرجال ، ويتصافحون ويتلفظون عند المصافحة بالألفاظ الجاهلية ، ثم يذهبون بعد ذلك إلى صنع بعض الأطعمة الخاصة بهذه المناسبة . *************************************** الفصل الثامن شهر ذي الحجة المبحث الأول : بعض الآثار الواردة فيه . المبحث الثاني : بدعة التعريف . المبحث الثالث : بدعة عيد غدير خم . المبحث الأول بعض الآثار الواردة فيه 1. عن أبي بكرة – رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، والسنة اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان .... )) الحديث . متفق عليه . 2. عن أبي بكرة -رضي الله-عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( شهران لا ينقصان ، شهرا عيد : رمضان وذو الحجة )) متفق عليه . 3. عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : (( أن رجلاً من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابهم تقرؤونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : أي آية ؟ قال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً } . قال عمر -رضي الله عنه- قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة ، يوم جمعة ))متفق عليه . 4. عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )) ، فقالوا : يا رسول الله ! ولا الجهاد في سبيل الله ؟ . فقال رسول صلى الله عليه وسلم : (( و لا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء )) 5. عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: (( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر .. )) الحديث . متفق عليه . 6. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفطر )) .متفق عليه . 7. مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: (( هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما : يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) . متفق عليه . 8. عن أم الفضل بنت الحارث :(( أنَّ ناساً تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم . وقال بعضهم : ليس بصائم .فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره ، فشربه )) متفق عليه 9. عن ميمونة- رضي الله عنها-:(( أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلتُ إليه بحلاب وهو واقف في الموقف ،فشرب منه والناس ينظرون )) متفق عليه . 10. عن عائشة-رضي الله عنها- قالت:((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط)) 11. عن أم سلمة – رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شهره وبشره شيئاً )) . 12. عن أبي قتادة – رضي الله عنه - : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان ، فهذا صيام الدهر كله ، صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ،وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله)) . 13. عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة . فيقول : أراد هؤلاء ؟ )) . 14. عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق ، عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب )) . 15. عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : (( إن الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر)) . 16. عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فوجده يأكل . قال : فدعاني . قال : فقلت : إني صائم . فقال : (( هذه الأيام التي نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن، وأمرن بفطرهن)). قال مالك هي أيام التشريق ) 17. عن أبي نجيح قال : سُئِل ابن عمر – رضي الله عنهما – عن صوم يوم عرفة فقال : (( حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه ،وحججت مع عمر فلم يصمه ، وحججت مع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ، ولا آمر به ، ولا أنهى عنه )) . 18. عن عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر،ثم يوم القر )) 19. عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجّ ، فقال : (( أي يوم هذا ؟)) . فقالوا : يوم النحر ، قال : (( هذا يوم الحج الأكبر )) . 20. عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله لهذه الأمة ... ))الحديث . 21. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – (( أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – بعثه في الحجة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان)) . وفي رواية لأبي داود : (( ويوم الحج الأكبر يوم النحر والحج الأكبر الحج )) . 22. عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال : ((كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسخ صفر ، حلَّت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا:يا رسول الله! أي الحل؟ قال:(( حل كله)) متفق عليه . 23. عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه كان يقول : (( من اعتمر في أشهر الحج : في شوال ، أو ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ... ))الأثر . 24. قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:(( وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى : شوال ، وذو القعدة , وذو الحجة ..)) الأثر . 25. عن ابن عباس – رضي الله عنهما –{وَالْفَجْرِ } قال :فجر النهار ، {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} )) قال : عشر الأضحى . 26. عن جابر – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر)) . وقد ورد في فضل بعض الأعمال في شهر ذي الحجة بعض الأحاديث الموضوعة ، نذكر منها: حديث:(من صام العشر فله بكل يوم صوم شهر ، وله بصوم يوم التروية سنة،وله بصوم يوم عرفة سنتان) وحديث :(من صام آخر يوم من ذي الحجة ،وأول يوم من المحرم ، فقد ختم السنة الماضية ،وافتتح للسنة المستقبلة بصوم ، جعله الله كفارة خمسين سنة ) . وحديث: (من صلى يوم عرفة بين الظهر والعصر أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد خمسين مرة ، كتب الله له ألف ألف حسنة ....الخ ) . وحديث: (من صلى يوم عرفة ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب ثلاث مرات...إلا قال الله عز وجل: أشهدكم أني قد غفرت له) .وحديث: (من صلى ليلة النحر ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب خمس عشرة مرة، وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة....جعل الله اسمه في أصحاب الجنة....الخ) وحديث : (إذا كان يوم عرفة غفر الله للحاج ، فإذا كان ليلة المزدلفة غفر الله للتجار.... الخ) ...إلى غير ذلك من الأحاديث الباطلة التي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم – والله أعلم- . المبحث الثاني بدعة التعريف المراد بالتعريف : هو اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة ، في غير عرفة ، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء . وأول من جمع الناس يوم عرفة في المساجد هو ابن عباس – رضي الله عنهما - ، وذلك في مسجد البصرة . وقيل إن أول من عرف بالكوفة مصعب بن الزبير . قال ابن كثير – رحمه الله – في ترجمة ابن عباس – رضي الله عنهما -: ( وهو أول من عرف بالناس في البصرة ، فكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله ، فيفسر شيئاً من القرآن ، ويذكر الناس ، من بعد العصر إلى الغروب ، ثم ينزل فيصلي بهم المغرب )ا.هـ . حكم التعريف : اختلف العلماء في حكم التعرف في المساجد يوم عرفة : 1- قال ابن وهب: ( سألت مالكاً عن الجلوس يوم عرفة ، يجلس أهل البلد في مسجدهم ، ويدعو الإمام رجالاً يدعون الله تعالى للناس إلى الشمس فقال : ما نعرف هذا ، وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه )ا.هـ . قال ابن وهب – أيضاً - : ( وسمعت مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر ، واجتماعهم للدعاء، فقال : ليس هذا من أمر الناس ، وإنَّما مفاتيح هذه الأشياء من البدع )ا.هـ . وقال مالك – أيضاً - : ( وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس للدعاء فلينصرف، ومقامه في منزل أحب إليَّ ، فإذا حضرت الصلاة رجع فصلى في المسجد)ا.هـ . وروى ابن وضاح عن أبي حفص المدني قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر ، فقال : أيها الناس إن الذي إن الذي أنتم عليه بدعة ، وليست بسنة ، إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا ، ثم رجع فلم يجلس ، ثم خرج الثانية ففعل مثلها ثم رجع )ا.هـ . وروى أيضاً عن ابن عون قال:(شهدت إبراهيم النخعي سُئلَ عن اجتماع الناس عشية عرفة، فكرهه، وقال: محدث) ا.هـ . وروى أيضاً عن سفيان قال : (ليست عرفة إلا بمكة ، ليس في هذه الأمصار عرفة ) ا.هـ . وقال الحارث بن مسكين : (كنت أرى الليث بن سعد ينصرف بعد العصر يوم عرفة ، فلا يرجع إلى قرب المغرب )ا.هـ . قال الطرطوشي : فاعلموا- رحمكم الله – أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة، ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة، لا في غيرها ولا منعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله تعالى ، وإنما كرهوا الحوادث في الدين ، وأن يظن العوام أن من سنَّة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء ، فيتداعى الأمر إلى أن يدخل في الدين ما ليس منه . وقد كنت ببيت المقدس ، فإذا كان يوم عرفة حشر أهل السواد وكثير من أهل البلد ، فيقفون في المسجد ، مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم بالدعاء، كأنه موطن عرفة ، وكنت أسمع سماعاً فاشياً منهم أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات ، فإنها تعدل حجَّة ، ثم يجعلونه ذريعة إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام )ا.هـ . وروى البيهقي عن شعبة قال : سألت الحكم وحماداً عن اجتماع الناس يوم عرف في المساجد فقالا : ( هو محدث ) . وروى كذلك عن إبراهيم – النخعي – قال : ( هو محدث ) . 2- وقال أبو شامة : فإن ابن عباس -رضي الله عنهما- حضرته نية فقعد فدعا، وكذلك الحسن من غير قصد الجمعية، ومضاهاة لأهل عرفة ، وإيهام العوام أن هذا شعار من شعائر الدين المنكر ، إنَّما هو ما اتَّصف بذلك -والله أعلم- أن تعريف ابن عباس قد صار على صورة أخرى غير مستنكر . ذكر ابن قتيبة في غريبه قال في حديث ابن عباس أن الحسن ذكره فقال : كان أول من عرف بالبصرة صعد المنبر فقرأ البقرة وآل عمران وفسَّرهما حرفاً حرفاً . قلت : - والقول لأبي شامة - : فتعريف ابن عباس – رضي الله عنهما – كان على هذا الوجه فسَّر للناس القرآن ، فإنما اجتمعوا لاستماع العلم ، وكان ذلك عشية عرفة ، فقيل عرَّف ابن عباس بالبصرة ، لاجتماع الناس له كاجتماعهم بالموقف . وعلى الجملة : (فأمر التعريف قريب إلا إذا جرَّ مفسدة ، كما ذكره الطرطوشي في التعريف ببيت المقدس )ا.هـ . قال ابن قدامة : (قال القاضي : ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار ، يجتمعون في المساجد يوم عرفة. قال : أرجو أن لا يكون به بأس ، قد فعله غير واحد . قال أحمد – رحمه الله - : لا بأس به ،إنما هو دعاء وذكر الله ، فقيل له : تفعله أنت ؟ قال : أما أنا فلا ) ا.هـ . وقد تعقب الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رواية الأثرم عن الإمام أحمد – رحمهم الله – بقوله : (وحينئذ الراجح هو عدم فعله ؛ لأنَّ هذه عبادة اختصت بمكان وهو عرفة ، ولا يلحق غيره به ، فإلحاق مكان بمكان في عبادة ، زيادة في الشرع ، فالذي عليه العمل أنه بدعة )ا.هـ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( ومن هذا – المتابعة في السنَّة – وضع ابن عمر يده مقعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعريف ابن عباس بالبصرة، وعمرو بن حريث بالكوفة ، فإن هذا لما لم يكن مما فعله سائر الصحابة ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته ، لم يمكن أن يُقال هذا سنَّة مستحبة ، بل غايته أن يًُقال : هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة ، أو مما لا ينكر علي فاعله ؛ لأنَّه مما يسوغ فيه الاجتهاد ، لا لأنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته . أو يقال في التعريف : إنه لا بأس به أحياناً لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة . وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله : تارة يكرهونه ، وتارة يسوغون فيه الاجتهاد ، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة ، ولا يقول عالم بالسنة : إن هذه سنة مشروعة للمسلمين ، فإن ذلك إنَّما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع ، وما سنَّة خلفاؤه الراشدون ، فإنما سنُّوه بأمره ، فهو من سننه .... )ا.هـ . وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن المداومة في الجماعات على غير السنن المشروعة بدعة : كالأذان في العيدين، والقنوت في الصلوات الخمس أو البردين منها ، والتعريف المداوم عليه في الأمصار .... فإن مضاهاة غير المسنون بالمسنون بدعة مكروهة ، كما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة والآثار والقياس ) . وقال -أيضاً-: ( فصل: وقد يحدث في اليوم الفاضل مع العيد العلمي المحدث ، العيد المكاني، فيغلظ قبح هذا ، ويصير خروجاً عن الشريعة ، فمن ذلك : ما يفعل يوم عرفة مما لا أعلم بين المسلمين خلافاً في النهي عنه، وهو قصد قبر بعض من يحسن به الظن يوم عرفة ، والاجتماع العظيم عند قبره ، كما يفعل في بعض أرض المشرق والمغرب ، والتعريف هناك كما يفعل في عرفات، فإن هذا النوع من الحج المبتدع الذي لم يشرعه الله ،ومضاهاة للحج الذي شرعه الله ، واتخاذ القبور أعياداً . وكذلك السفر إلى بيت المقدس للتعريف فيه ، فإن هذا أيضاً ضلال بيِّن ، فإن زيادة بيت المقدس مستحبة مشروعة للصلاة فيه والاعتكاف ،وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، لكن قصد إتيانه في أيام الحج هو المكروه، فإن ذلك تخصيص وقت معين بزيارة بيت المقدس ، ولا خصوص لزيارته في هذا الوقت على غيره . ثم فيه أيضاً مضاهاة للحج إلى المسجد الحرام، وتشبيه له بالكعبة، ولهذا أفضى إلى ما لا يشك مسلم في إنه شريعة أخرى، غير شريعة الإسلام ، وهو ما قد يفعله بعض الضلاَّل من الطواف بالصخرة ، أو من حلق الرأس هناك أو من قصد النسك هناك ، وكذلك ما يفعله بعض الضلال من الطواف بالقبة التي بجبل الرحمة بعرفة ، كما يُطاف بالكعبة .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 8:53 am | |
| الفصل التاسع مشابهة المسلمين للكفار في أعيادهم: المبحث الأول: الاحتفال بعيد ميلاد المسيح. المبحث الثاني: الاحتفال بالنيروز. المبحث الثالث: الاحتفال بأعياد الميلاد. المبحث الرابع: الاحتفالات والأعياد المحدثة. المبحث الخامس: الاحتفال برأس السنة الهجرية. المبحث السادس: الاحتفال برأس القرن الهجري. المبحث السابع: الاحتفال بذكرى بعض العلماء. المبحث الثامن: مشروعية مخالفة أهل الكتاب. تمهيد لا يخفى على كل مسلم أن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق ، على فترة من الرسل ، وقد مقت أهل الأرض عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا- أو أكثرهم- قبيل مبعثه -عليه السلام-، والناس قسمين: 1. كتابي معتصم بكتاب ، وهذا الكتاب إما مبدَّل ، وإما مبدع منسوخٌ ، ودين دارس ، بعضه مجهول ، وبعضه متروك . 2. وأمي من عربي أو عجمي ، مقبل على عبادة ما استحسنه وظنَّ أنه ينفعه : من نجم ، أو وثن ، أو قبر ، أو تمثال ، أو غير ذلك . والناس في جاهلية جهلاء ، أعلمهم من عنده قليل من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين ، وقد اشتبه حقه بباطله ، فيشتغل بعمل قليله مشروع وأكثره مبتدع . فهدى الله الناس بدعوته صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدى ، حتى حصل لأمته المؤمنين عموماً ، - ولأولي العلم منهم خصوصاً – من العلم النافع ، والعمل الصالح ، والأخلاق العظيمة ، والسنن المستقيمة ما يفوق ما عند جميع الأمم علماً وعملاً . فكان دين الإسلام ، الذي بُعث به – عليه الصلاة والسلام – هو الصراط المستقيم ، الذي أوجب الله عليهم أن يسألوه أن يهديهم إليه كل يوم في صلاتهم ، ووصفه بأنه صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين . فالمغضوب عليهم هم اليهود ، الذين قال الله فيهم:{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ...} .وقال فيهم سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ .... } . وهم المنافقون الذين تولوا اليهود . باتفاق أهل التفسير ،وسياق الآية يدلُّ على ذلك. قال تعالى:{ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ... } ففي الآيات السابقة بيان بأن اليهود هم المغضوب عليهم . والضالين : هم النصارى الذين قال الله تعالى فيهم : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ... } إلى قوله عز وجل : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} . وهذا خطاب للنصارى كما دلَّ عليه السياق ، ولهذا نهاهم عن الغلو ، وهو مجاوزة الحدّ ، كما نهاهم في قوله تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ .... }الآية . واليهود مقصرون عن الحق ، والنصارى غالون فيه . فكفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم ، فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه عملاً ، أو لا قولاً ولا عملاً . وكفر النصارى من جهة علمهم بلا علم، فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ويقولون على الله مالا يعلمون. ولهذا كان السلف : سفيان بن عيينة وغيره يقولون : إن من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى . ومع أن الله قد حذَّرنا سبيلهم، فقضاؤه -عزَّ وجل- نافذ بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما سبق في علمه، حيث قال فيما خرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضبِّ تبعتموهم ))، قلنا : يا رسول! اليهود والنصارى؟ . قال: ((فمن ؟)) . ورواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع)) . فقيل: يا رسول الله! كفارس والروم؟. فقال: ((ومن الناس إلا أولئك)) . فأخبر- عليه والسلام- أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى ، وهم أهل الكتاب ، ومضاهاة لفارس والروم ، وهم الأعاجم . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء ، وليس هذا إخباراً عن جميع الأمة ، بل قد تواتر عن صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك )) . وأخبر -عليه والصلاة والسلام- : أن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة . فعلم بخبره الصدق القاطع الأكيد أن في أمته قوماً مستمسكون بهديه ، الذي هو دين الإسلام محضاً ، وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود أو إلي شعبة من شُعب النصارى ، وإن كان الرجل لا يكفر بكل انحراف ، بل وقد لا يفسق أيضاً بل قد يكون الانحراف كفراً ، وقد يكون فسقاً ، وقد يكون معصية ، وقد يكون خطأ . وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ، ويزينه الشيطان ، فلذلك أمر الله سبحانه وتعالى عباده بدوام دعاء الله سبحانه وتعالى بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ، ولا نصرانية أصلاً . وقد ابتلى الله هذه الأمة بكثير من الأمور التي في فعلها تشبه بأهل الكتاب والأعاجم ، وسأتكلم عما يتعلق بموضوع كتابي ، وهو تشبه المسلمين بالكفار في أعيادهم واحتفالاتهم ، وذلك على وجه الإيجاز : المبحث الأول الاحتفال بعيد ميلاد المسيح جرت عادة النصارى على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح.وهذا العيد يكون في اليوم الذي يزعمون أنه ولد فيه المسيح ابن مريم، وهو يوم 24 كانون الأول (ديسمبر ) آخر شهر في السنة الميلادية . وسنتهم في ذلك كثرة الوقود، وتزيين الكنائس، وكذلك البيوت والشوارع والمتاجر، ويستعملون فيه الشموع الملونة، والزينات بأنواعها . ويحتفلون بهذا العيد شعبياً ورسمياً ، ويعتبر إجازة رسمية في جميع الدولة التي تدين بالمسيحية ، وكذلك في غيرها من البلدان ، بل في بعض البلاد الإسلامية يعتبر يوم عيد ميلاد المسيح إجازة رسمية ، ويحتفل الناس بهذه المناسبة . والاحتفال بعيد ميلاد المسيح أمر مُحدث مبتدع في المسيحية ، فاتخاذ يوم ميلاد المسيح عيداً بدعة أحدثت بعد الحواريين ، فلم يعهد ذلك عن المسيح ، ولا عن أحد من الحواريين . وقد ابتلى الله كثيراً من المسلمين في بعض البلدان الإسلامية بالاحتفال بهذه المناسبة . ولم يتوقف الاحتفال فيه على المسيحيين فقط ، بل يشاركهم فيه بعض المسلمين ، الذين دعاهم إلى ذلك الخضوع لشهوات النفس ، والهوى ، والشيطان ؛ لما يحصل في هذه الاحتفالات من اختلاط النساء بالرجال ، ونزع جلباب الحياء بالكلية ، وشُرْب المسكرات ، ورقص النساء مع الرجال ، وما يحدث في هذه الاحتفالات من الأمور التي في ذكرها خدش لكرامة المتحدث بها - عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به -. وكذلك حب التقليد الأعمى للنصارى ، واعتبار ذلك من باب التطور والتقدم ، وأن مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم صورة من صور الحضارة ، لذلك يبادرون إلى حضور هذه الاحتفالات ، ويقدمون التهاني للنصارى بهذه المناسبة ، مع أن النصارى لا يهنئونهم بعيدين الفطر والأضحى . وهذا كله بسبب ضعف الوازع الديني ، وأنهم مسلمون بالاسم لا بالدين والعقيدة ؛ لأن في فعلهم ذلك مخالفة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار خصوصاً ، ونهيه عن المعاصي التي تُرْتَكب في هذه الاحتفالات عموماً . وقد قال الله تعالى : {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} . ولاشك أن حضور هذه الاحتفالات ، والإهداء للنصارى فيها ، من أعظم صور المودة لأعداء الله ورسوله ، فهذا مما يوجب نفي الإيمان عنهم كما ورد في هذه الآية. والنصوص في هذا الشأن كثيرة ، وليس هذا مجال ذكرها. والله أعلم. *********************** المبحث الثاني الاحتفال بالنيروز النيروز ، أو النوروز : هو أول يوم من أيام السنة عند الفرس المجوس . يكون في أول فصل الربيع من كل سنة . وهذا اليوم يوم عيد فارسي مجوسي من أعياد عَّباد النار. وهو من أعظم أعيادهم ، يقال : إن أول من اتخذه جمشيد أحد ملوك الفرس الأُول ، ويُقال فيه : جمشاد ، ومعنى جم : القمر ، وشاد الشعاع أو الضياء . وسبب اتخاذهم لهذا العيد : أن طهومرت لما هلك ملك بعده جمشاد فسمي اليوم الذي ملك فيه نوروز ؛ أي اليوم الجديد . ومن الفرس من يزعم أن النيروز اليوم الذي خلق الله عز وجل فيه النور ، وأنه كان معظم القدر عند جمشاد . وبعضهم يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ فيه الفلك بالدوران ، ومدته عندهم ستة أيام ، أولها اليوم الأول من شهر ( أفريدون ماه) الذي هو أول شهور سنتهم، ويسمون اليوم السادس النوروز الكبير ؛ لأن الأكاسرة كانوا يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس ، ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع خواصهم . وكان من عادتهم فيه : أن يأتي الملك من الليل رجل جميل الوجه ، قد أرصد لما يفعله ، فيقف على الباب حتى يصبح ، فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان ، فإذا رآه الملك يقول له : من أنت ؟ ومن أين أقبلت ؟ وأين تريد ؟ وما أسمك ؟ ولأي شيء وردت ؟ وما معك ؟ فيقول : أنا المنصور ، واسمي المبارك ، ومن قبل الله أقبلت ، والملك السعيد أردت ، وبالهناء والسلامة وردت، ومعي السنة الجديدة. ثم يجلس ، ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة، وفيه حنطة، وشعير، وجلبان ، وحمص، وسمسم، وأرز – من كل واحد سبع سنابل ، وتسع حبات – وقطعة سكر ، ودينار ودرهم جديدان ، فيضع بين يدي الملك ، ثم تدخل عليه الهدايا ، ثم يدخل عليه الناس حسب مراتبهم ، وقربهم من الملك ، ثم يقدم للملك رغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب ، موضوع في سلة ، فيأكل منه ويطعم من حضره ، ثم يقول : هذا يوم جديد ، من شهر جديد ، من عام جديد، من زمان جديد، يحتاج أن تجدد فيه ما أخلق من الزمان ، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس على سائر الأعضاء ، ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم ، ويفرق فيهم ما حمل إليه من هدايا ، ومن عادة عوام الفرس رفع النار في ليلته ورش الماء في صبيحته . فأكثر ما يفعلونه في هذا العيد هو كثرة وقود النيران – لأنَّها معبودهم- وكثرة رش الماء ، فيجتمع الناس في الشوارع والساحات ، وقرب الأنهار والبحيرات ، مختلطين رجالهم ونساؤهم ، وترتفع أصواتهم، ويشربون الخمر ظاهراً بينهم في الطرقات، ويتراش الناس بالماء ، وبالماء والخمر ، ويستخفون بحرمات الناس الذين لا يشاركونهم هذا الاحتفال ، فيرشُّونهم بالماء ممزوجاً بالأقذار ... إلى غير ذلك من أمور الفسق والفساد . وللأسف الشديد ، ليس هذا متوقفاً على الأعاجم فقط ، وإنَّما يشاركهم من يدَّعي الإسلام في بلادهم ، وفي غيرها من البلاد، ولاسيما الملوك والرؤساء والوزراء والتجار والأعيان، ويظهرون من الابتهاج والسرور والاحتفالات، والزينات والتهاني ما يفوق الوصف ، ويكون احتفالهم وفرحهم به وتعظيمهم له، أكثر من احتفالهم وفرحهم وتعظيمهم لعيدي الأضحى والفطر . ويتجلى اهتمام من يدعي الإسلام بالاحتفال بالنيروز في تقليده للأعاجم في جميع ما يعملونه من أكل المأكولات التي تعمل في هذه المناسبات خاصة كالهريسة وغيرها من مآكلهم في النيروز . وكذلك بل بعضهم بعضاً بالماء وإلقائه في الماء، وخرجهم من البساتين ، ورمي بعضهم بعضاً في بِركِها، وفي البحر وغيره، مع ما يتعدى ضرر ذلك إلى الغرباء والمساكين من الرجال والنساء، وأذاهم ، ممن لا يشاركهم في هذه الاحتفالات . فالاحتفال بالنيروز من أعياد الملحدين ، وتقليدهم لا يجوز شرعاً ، فلا يجوز للمسلم أن يحضر تلك الاحتفالات ، ولا أن يهنئهم على هذا العيد ، ومن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته ، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تُقْبل هديته ، خصوصاً إذا كانت الهدية مما يُستعان بها على التشبه بهم . والاحتفال بالنيروز عند غير الأعاجم ، ليس المقصود منه تعظيم النار التي هي معبود الفرس ، ولا محبة لديانتهم ، ولا حباً في تقليدهم ، وإنَّما الذي دعاهم إلى ذلك الشيطان الذي استولى على نفوسهم وعقولهم ، فزيَّن لهم ارتكاب المعاصي ، وفعل ما النساء بالرجال ، وشرب الخمور ، وكثرة الهرج والمرج ، وتساقط الأخلاق والآداب ، والتصرفات الحيوانية ، بل ربما كان عند الحيوانات من الغيرة على محارمها أكثر مما عندهم{...إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} . فجمعوا بين إثم تقليد الكفار المنهي عنه ، وبين الإثم المترتب على فعل المحرمات . ومن عادة الذين اتخذوا إلههم هواهم الميل إلى التصرفات الخارجة عن حدود الدين ، وحدود الشرف والفضيلة ، كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ، فيحرصون على حضور الاجتماعات والاحتفالات ، التي تتوفر فيها أنواع المعاصي ؛ لكونها تلبي شهوات نفوسهم المريضة – والعياذ بالله – {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} . والله الهادي إلى سواء السبيل . ****************************** المبحث الثالث الاحتفال بأعياد الميلاد ومن الأمور التي تشبَّه المسلمون فيها بالكفار ، الاحتفال بأعياد الميلاد . فقد جرت عادة النصارى أن يحتفلوا بكل سنة تمر من حياتهم ، وهو أمر محدث في شريعتهم . فيحتفل الوالدان بمرور سنة على ميلاد ابنهما ، وفي السنة الثانية يحتفلون بمرور سنتين على ميلاده ..... وهكذا. وكذلك الأب والأم يحتفلون بعيد ميلادهم على هذا النحو . وعادتهم في مثل هذا الاحتفال : إقامة الزينات الملونة في أنحاء البيت ، ودعوة الأقارب والأصدقاء والجيران ، فيصطحب كل منهم هدية لصاحب هذا العيد . ويحرص والدي الطفل أو الزوج – إذا كان العيد لزوجته والعكس – على إحضار هدية خاصة بهذه المناسبة ، وعادة ما يكون هذا الاحتفال ليلاً . ومن ضمن استعداداتهم تجهيز الحلويات والمشروبات الخاصة بهذه المناسبة ، وخاصة قطعة من الكعك الخاص ، والتي تكون عادة بشكل دائري ، وتختلف أحجامها ومقاساتها حسب الحالة الاجتماعية ، وعمر المحتفل بميلاده ، ويغرس في هذه الكعكة الخاصة عدد من الشموع تكون بعدد سني المحتفل بميلاده إن كان صغيراً ، وبعدد العقود إذا كان كبيراً ، فمثلاً : إذا كان عمره ثلاث سنوات وضعوا ثلاث شمعات ، وإذا كان كبيراً وعمره خمسين سنة مثلاً وضعوا خمس شمعات ، على أساس كل عقد من عمره له شمعة واحدة. وعادة تكون هذه الكعكة الخاصة موضوعة على مائدة تحيط بها الأنواع الأخرى من الحلويات والمشروبات ، فتكون في وسط المائدة . ثم يوقدون الشموع المغروسة في قطعة الكعك ، ثم يجتمع المحتفلون حول المائدة ، ويكون المحتفل بميلاده في وسطهم قابلاً للشموع ثم يطفئ هذه الشموع بنفخه إياها، ويشاركه الحاضرون . ومعنى أنه قضى من عمره قدر هذه الشموع . ويولي الناس الاحتفال بأعياد الميلاد اهتماماً يفوق الوصف، لحرصهم على تقليد الأعاجم، مع أن هذا من المشابهة المنهي عنها، وفعلهم هذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : (( لتتبعن سنن من كل قبلكم ...))الحديث ومن مظاهر هذا الاهتمام : الإعلان عن ذلك في الصحف والمجلات ، الإسراف في صنع الزينات والمأكولات والمشروبات ، وتباهي الناس في ذلك ومفاخرة بعضهم بعضاً في هذا المجال . أما الأمور التي سنَّها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي منها : العقيقة ، وهي ما يذبح عن المولود ذكراً أو أنثى ، فلا يولونها أي اهتمام ، وإنَّما هي سنَّة من السنن التي كادت أن تندرس بسبب كثرة البدع ، والإعراض عن السنن . وهي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم : (( مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً ،وأميطوا عنه الأذى )) . وقال صلى الله عليه وسلم: (( كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ، ويحلق رأسه )) .وقال أيضاً: (( عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة )) . وقال أيضاً: (( عن الغلام شاتان ، وعن الأنثى واحدة ، ولا يضركم ذكرانا كن أو إناثاً )) ......... إلى غير ذلك من الأدلة التي تدلُّ على استحباب العق عن المولود . فهذه سنة المصطفى – عليه الصلاة والسلام - ، قد تركها الكثير من الناس ولهم في فعلها الأجر العظيم ، وتشبهوا بالكفار في الاحتفال بأعياد الميلاد ، فقدموا ما يحصل به العقاب ، على ما ينالوا به الثواب . والسبب في ذلك ضعف الإيمان ، والجهل ، والتقليد الأعمى ، وقلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكاسل بعض العلماء، وطلاب العلم في محاربة هذه المحدثات البدعية ، التي ليس من شأنها إلا القضاء على السنن لتحل محلها البدع ، فيحصل للناس بذلك الفساد في دينهم وأخلاقهم ، وليس بعد ذلك مصيبة . حمانا الله وإياكم من كل شرِّ ، وأصلح لنا ديننا ودنيانا وآخرتنا ، إنه سميع مجيب . والله أعلم .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 9:01 am | |
| المبحث الرابع الاحتفالات والأعياد المحدثة من الأمور التي تشبه المسلمون فيها بالكفار في هذا الوقت ، وضعهم بعض الأعياد والاحتفالات المحدثة ، والتي تكون معرضة للمحو والتغيير في كل فترة ، لأنها من وضع البشر ، وليست تشريعاً من الله ، وحسب ما تراه الدول وحكامها . فتتخذ بعض الحكومات يوماً معيناً تجعله عيداً بمناسبة ثورتها أو استقلالها ، وبعد أن يتغير الحكم والحكومة بسبب ثورة أخرى يجعل العيد والاحتفال في تاريخ الثورة الجديدة ، ويترك الاحتفال بالثورة الأولى ، فهذه الأعياد حسب رغبة من يضعها ، إن شاء استمرت ، وإن شاء عطلت ، وكفى بذلك مهزلة !!!. وأفقدوا الأعياد قيمتها عند الناس ، بأن جعلوا لكل شيء عيداً – وما المانع إذا كان إحداث العيد متوقفاً على رغبة فئة من الناس- . وهذه الأعياد والاحتفالات تختلف من دولة لأخرى ، فلكل بلد مجموعة من الأعياد تختص بها ، منها ما يكون رسمياً فتعطل فيه الدوائر الحكومية والمدارس ، ومنها ما يختص بفئة دون فئة كعيد الأم ، وعيد العمال مثلاً ، ومنها ما هو شكلي كعيد الشجرة ،....... وهكذا . وبعض الدول تجعل لهذه المناسبات نشرة خاصة يعرفها الناس كلهم ويتمشون عليها . وأكثر البلدان الإسلامية في الوقت الحاضر تجد لها على الأقل عشرة أعياد سنوية فأكثر، مع أن أعياد المسلمين كما هو معروف عيدان فقط: عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، ويضاف إليهما عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة . فمن شرع الباقي؟!.: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ }. ومن الأمثلة على هذه الأعياد : عيد النصر، عيد العلم ، عيد الأم ، عيد الثورة ، عيد السلام، عيد الجلاء ، عيد العمال ، عيد الوحدة، عيد الأحزاب ، عيد الدستور .... إلى غير ذلك . والعيد الذي تكاد تتفق فيه كثير من البلدان في جميع أنحاء العالم هو العيد الوطني ، أو عيد الاستقلال ، أو عيد الجلوس ، ونحو ذلك . ويقام في اليوم الذي يوافق بداية الحكم في كل دولة ، أو بداية استقلال الدولة عن حكم المستعمرين . ولا شك أن اتخاذ مثل هذه الأعياد والاحتفالات بدعة في نفسه ، ومحرم ، وشرع دين لم يأذن به الله . ***************************** المبحث الخامس الاحتفال برأس السنة الهجرية في بداية كل سنة هجرية تحتفل بعض الدول الإسلامية بعيد رأس السنة فتعطل الأعمال في اليوم السابق له ، واليوم اللاحق له. وليس لاحتفالهم هذا أي مستند شرعي ، وإنّما هو حب التقليد والمشابهة لليهود والنصارى في احتفالاتهم . وأول من احتفل برأس السنة الهجرية -حسب اطلاعي المحدود – هم ناصري البدعة حكام الدولة العبيدية -الفاطمية- في مصر. ذكر ذلك المقريزي في خططه ضمن الأيام التي كان العبيديون يتخذونها أعياداً ومواسماً . قال :(موسم رأس السنة : وكان للخلفاء الفاطميين اعتناء بليلة أول المحرم في كل عام ؛ لأنها أول ليالي السنة وابتداء أوقاتها...) ا.هـ . ثم ذكر الرسوم المتبقية في هذا الموسم ، وذكر بعده موسم أول العام وعنايتهم به . وعيد رأس السنة من أعياد اليهود التي نطقت بها التوراة ، ويسمونه رأس هيشا ، أي عيد رأس الشهر ، وهو أول يوم من تشرين ، ينزل عندهم منزلة عيد الأضحى عند المسلمين ، ويقولون : إن الله عز وجل أمر إبراهيم بذبح إسحاق ابنه - عليهما السلام – فيه ، وفداه بذبح عظيم . فجاء النصارى فقلدوا اليهود ، وصاروا يحتفلون بليلة رأس السنة الميلادية . ولهذا الاحتفال عندهم مراسم خاصة ، وذلك أنه في تلك الليلة- ليلة أول يوم من العام الجديد– يجتمع المحتفلون ويسهرون على موائد الأكل والشرب المباحة والمحرمة ، في أماكن عامة للأكل والشرب والرقص واللهو . فإذا جاءت الساعة الثانية عشرة- بالتوقيت الزوالي- وهو منتصف الليل ، أُطفئت الأنوار ، فيقبل كل شخص من بجانبه مدة تزيد عن خمس دقائق ،وتكون الأماكن مرتبة بحيث يكون كل رجل بجانبه امرأة ، سواء كان يعرفها أو لا يعرفها ، ويعلم كل واحد منهما أن الآخر سيقبله في الوقت الذي تطفأ فيه الأنوار، وليس المقصود من إطفاء الأنوار الستر، بل يعبرون بذلك عن نهاية عام، وبداية عام جديد. فلذلك تجد كثيراً من شباب المسلمين وشيبهم يحرصون على حضور هذه الاحتفالات ، سواء في بلادهم ، أو في بلاد الغرب أو الشرق ، لكن لا تفوتهم هذه المراسم ، ويخسرون في سبيل ذلك المال الكثير ، ويعتبرون ذلك فرصة يجب أن تُنتهز؛ لأنَّها – كما يزعمون – من ليالي العمر التي لا تُنسى !!!. ولم يتوقف الاحتفال بها على النصارى فقط ، بل صارت كثير من البلدان الإسلامية ، والتي ربما يوجد بها نسبة من النصارى ولو قليلة ، يحتفل العامة فيها بعيد رأس السنة الميلادية . وسرى التقليد إلى أن احتفلوا أيضاً برأس السنة الهجرية ، ولكن المراسم تختلف . ولا شك أن في هذا الاحتفال – الاحتفال برأس السنة الهجرية – أمر مُحدث مُبتدع ، لم يُؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه –رضوان الله عليهم-، ولا عن السلف الصالح من التابعين وتابعيهم وأعلام الأمة وعلمائها من الأئمة الأربعة وغيرهم – رحمة الله عليهم -. ولكن حدث ذلك بعد القرون المفضلة ، بعدما اختلط المسلمون بغيرهم من اليهود والنصارى، ودخل في الإسلام من يريد بذلك أن يفسد على المسلمين دينهم، فصاروا يحتفلون بأعياد اليهود والنصارى، وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: (( لتتبعن سنن من كل قبلكم ...))الحديث . وقد اخترع بعض المبتدعة دعاء لليلتي أول يوم من السنة وآخرها، وصار العامة في بعض البلدان الإسلامية يرددونه مع أئمتهم في بعض المساجد، وهذا الدعاء لم يُؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، ولا عن التابعين ، ولم يرو في مسند من المسانيد . وهذا نصه : اللهم ما عملته في هذه السنة مما نهيتني عنه ولم ترضه ، ونسيته ولم تنسه ، وحلمت عليَّ في الرزق بعد قدرتك على عقوبتي ، ودعوتني إلى التوبة بعد جراءتي على معصيتك ، اللهم إني استغفرك منه فاغفر لي ، وما عملته فيها من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب فأسألك يا كريم ، يا ذا الجلال والإكرام أن تقبله مني ، ولا تقطع رجائي منك يا كريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . ويقولون : فإن الشيطان يقول : قد تعبنا معه سائر السنة ، فأفسد عملنا في واحدة ، ويحثوا التراب على وجهه. ويسبق هذا الدعاء صلاة عشر ركعات ، يقرأ في كل ركعة الفاتحة ، ثم آية الكرسي عشر مرات، والإخلاص عشر مرات. ولا يخفى على طالب العلم أن الدعاء عبادة ، والعبادات توقيفية ، وهذا الدعاء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يُذكر عن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم – كما تقدَّم . ومما أحدث أيضاً في يومي آخر السنة وأولها صيامهما ، واستند المبتدعة إلى حديث : ( من صام آخر يوم من ذي الحجة ، وأول يوم من الحرم ، فقد ختم السنة الماضية ، وافتتح السنة المستقبلة بصوم جعل الله له كفارة خمسين سنة) *************************** البحث السادس الاحتفال برأس القرن الهجري ومما أُحدث في القرون الأخيرة : الاحتفال برأس القرن الهجري ،وذلك كما حدث في بداية القرن الخامس عشر الهجري، فقد احتفلت بعض البلاد الإسلامية بهذه المناسبة ، وأقيمت المحافل الخطابية، وتبادل بعضهم التهاني بهذه المناسبة، وطبعت بعض الكتب مصدرة بعبارة ( بمناسبة الاحتفال بالقرن الخامس عشر الهجري)، وليس الاعتراض على طبع الكتب ، فنشر الكتب من تبليغ العلم ، لاسيما إذا كانت سلفية ، أو ذات منهج سلفي ، ولكن الاعتراض على جعل بداية القرن موسماً من المواسم التي يحتفل الناس بها ، فالاحتفال برأس القرن الهجري أمر محدث مبتدع ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإحداث في الدين . فالاحتفال برأس القرن الهجري منهي عنه من وجهين : الوجه الأول : النهي عن الاحتفال به قياساً على الاحتفال برأس السنة؛وسبق أن عرفنا أن عيد رأس السنة من أعياد اليهود، وقلدهم فيه النصارى ثم المسلمون ، والتشبه بالكفار قد نهى عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ، والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة . وما دام الأصل منهي عنه ، فكذلك يكون الفرع، فيكون الاحتفال برأس القرن الهجري من الأمور المنهي عنها؛ لأنَّ الاحتفال به فيه مشابهة لأهل الكتاب . الوجه الثاني : النهي عنه لكونه أمراً محدثاً مبتدعاً ؛ لأنَّهُ لم يؤثر عن السلف الصالح من التابعين وتابعيهم ، وعلماء الأمة المشهورين كالأئمة الأربعة وغيرهم ، ولا من جاء بعدهم ، أنه احتفل برأس القرن الهجري ، ولم يرد في كتب التاريخ -حسب اطلاعي المحدود- أن أحداً من العلماء أو الحكام احتفل برأس قرن من القرون ، ولو كان خيراً لسبقنا إليه من هو أحرص منا على الخير وهم السلف الصالح - رحمة الله عليهم- . وقد وردت النصوص بالنهي عن الأمور المحدثة المبتدعة ، ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم :(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) . وقوله – عليه الصلاة والسلام - : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) ، أي : مردود عليه . فلا يشك طالب الحق المنصف ، أن هذا الاحتفال داخل في الاحتفالات البدعية المنهي عنها ؛ لكونها محدثة في الدين (( وكل محدثة بدعة )) ، ولمشابهة أهل الكتاب في احتفالاتهم وأعيادهم ((ومن تشبه بقوم فهو منهم )) . – والله أعلم- . المبحث السابع الاحتفال بذكرى بعض العلماء ومن الأمور المحدثة التي ظهرت في بعض المجتمعات الإسلامية، الاحتفال بذكرى بعض الموتى، وخاصة العلماء، وهذا الاحتفال يكون في التاريخ الموافق لتاريخ وفاة المحتفل بذكراه ، وربما كان هذا الاحتفال بعد موته بسنة أو أكثر . وهذا الاحتفال يختلف من شخص لآخر : فإن كان من عامة الناس ، أو ممن ينتسبون إلى العلم وإن كانوا جهَّالاً، فبعد مرور أربعين يوماً على وفاته، يحتفل أهله بذكرى وفاته ، ويسمونها ( الأربعين ) ، فيجمعون الناس في مخيمات خاصة ، أو بيت المتوفى ويحضرون من يقرأ القرآن ، ويعدون وليمة كوليمة العرس ، ويزينون المكان بالأنوار الساطعة ، وبالفرش الوثيرة ، وينفقون النفقات الباهظة ، وغرضهم من ذلك كله المباهاة والرياء ، ولا شك في حرمة ذلك ، لما فيه من إضاعة مال الميت لغير غرض صحيح ، ولا يفيد الميت بشيء، ويعود بالخسارة على أهله. هذا إذا لم يكن في الورثة قاصر ، فما بالك إذا كان فيهم قاصر!!!. وقد يتكلفون ذلك بالقرض بطريق الربا- نعوذ بالله من سخطه- . قال ابن الجوزي -رحمه الله- : ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن ، لا عند قبره ولا عند غيره ، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة ) 1.هـ . وقال علي محفوظ – رحمه الله - : ( فما يعمله الناس اليوم من اتخاذ الأطعمة للمعزين، والنفقات التي تنفق في ليالي المآتم ، وما يتبعها مثل ليالي الجمع والأربعين، كله من البدع المذمومة ، المخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح من بعده )ا.هـ فهذا الاحتفال أمر محدث مبتدع ، لم يُؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم- ، ولا عن السلف الصالح -رحمهم الله-.والسنة في ذلك: أن يُصنع الطعام لأهل الميت ويرسل إليهم، لا أن يصنعونه هم ويدعون الناس إليه، وقد قال – عليه الصلاة والسلام – لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- : (( اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم ما يشغلهم )) . وقال جرير بن عبد الله البجلي:(كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) ا.هـ . أما إذا كان المحتفل بذكراه من العلماء ، ففي اليوم الذي يوافق تاريخ وفاته ، بعد مرور سنة أو سنين معينة ، يعمل له احتفال خاص ، ويعهد إلى مجموعة من الباحثين كتابة بعض البحوث في سيرته وشخصيته ، ومنهجه في التأليف ، وكل ما يتعلق به ، ثم تلقى في هذا الاحتفال ، وتطبع كتبه ، أو المهم والمشهور منها ، وتوزع أو تُنشر في الأسواق إحياء لذكراه بزعمهم ، وبياناً لجهوده في سبيل نشر العلم والتأليف ونحو ذلك . وإذا كان من الملوك أو السلاطين أو الرؤساء ، فيحتفل بهذه المناسبة ، ويتكلم كبار المحتفلين عن مآثره وجهوده في الحكم ، وربما صدر بعض الكتب عنه بهذه المناسبة . ومن الناس من يذهب إلى قبره ، ويضع عليه الورود ، ويقرأ على روحه الفاتحة ، وكل هذه بدع ما أنزل الله بها من سلطان . وليس في نشر كتب العالم، والكتابة في سيرته، ومنهجه في التأليف وطباعة كتبه، بأس، بل هذا مطلوب إن كان يستحق ذلك، ولكن لا يخصص ذلك بزمن معين ، ولا يكون مصحوباً باحتفالات ومهرجانات خطابية ونحو ذلك ، وكذلك الملوك والحكَّام . فالاحتفال بذكرى بعض الموتى كالعلماء والحكام ، وبعض العامة ونحوهم ، أمر محدثٌ مبتدع ، وكفى بهذا ذماً له . فإنه لا أحد أوسع علماً منه صلى الله عليه وسلم ، ولا أفضل طريقة في الدعوة إلى الدين ، ولا أشرف مقاماً ، ولا أعظم منزلة منه- عليه الصلاة والسلام- فهو أفضل الخلق على الإطلاق ، ومع ذلك لم يحتفل الصحابة -رضوان الله عليهم- بذكراه- مع أنه لا يمكن أن يحب مخلوق مخلوقاً كمحبة الصحابة – رضوان الله عليهم – للرسول صلى الله عليه وسلم ولا التابعين ، ولا تابعيهم، ولا السلف الصالح -رحمة الله عليهم- ولو كان في ذلك خيراً لسبقونا إليه . فتقدير العلماء لا يكون بالاحتفال بذكراهم ، بل يكون بالحرص على الاستفادة مما كتبوا وألفوا ، عن طريق النشر والقراءة ، والتعليق والشروح ، ونحو ذلك . هذا إذا كانوا يستحقون ذلك، بسيرهم على المنهج السلفي الصحيح، والبُعد عن منهج الفرق الضالة، أو التأثر بالغرب ونحوهم. والعلماء من السلف الصالح ومن جاء بعدهم، قد حفظت ذكراهم ورواياتهم،وما أظهروه للناس من العلم، فالعالم يموت ويفارق الدنيا ، ويبقى علمه يتناقله الناس جيلاً بعد جيل . وبسبب ما استفاد الناس من علمهم ، صاروا يترحمون عليهم ، ويَدْعُونَ لهم بالأجر والمثوبة ، وهذا أعظم إظهار لذكراهم . أما الاحتفال بذكراهم ، والتبرك بزواياهم وآثارهم، والطواف بقبورهم، فكل ذلك من البدع ، التي قد يصل بعضها إلى درجة الإشراك بالله -نعوذ بالله من ذلك - . ولو أن هؤلاء العلماء – الذين يُحتفل بذكراهم ويُتبرك بزواياهم – أحياء لأنكروا على من يفعل هذه الأمور . ولكن بعض الناس قد أغواه هواه والشيطان ، والداعون إلى البدع لدنيا يصيبونها ، أو منصب يترأسون الناس به ، فانزلق في متاهات البدع التي لا خلاص منها، إلا بالرجوع إلى كتاب الله -عز وجل- وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم والوقوف عليهما، وعلى ما أجمع عليه علماء الأمة ، وترك ما أحدث من البدع ، التي هي شر في ذاتها ، وتؤدي إلى شرٍّ أعظم ، وبَلِيَّةٍ أكبر . فنسأل الله لنا ولهم الهداية إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وأن يباعد بيننا وبين طريق المغضوب عليهم وطريق الضَّالين ، إنه على كل شيء قدير . ********************* المبحث الثامن مشروعية مخالفة أهل الكتاب لا يخفى على كل مسلم أن التشبه بأهل الكتاب حرام ،- سواء في عاداتهم أو أعيادهم أو أخلاقهم أو غير ذلك-؛ لأنَّ التشبه بهم يدل على نوع مودة ومحبة وموالاة ، وإن لم يجاهر المتشبه بذلك ، وإن لم يورث نوع مودة ومحبة ، فهو على الأقل مظنة المودة فيكون محرماً من هذا الوجه سداً للذريعة ، وحسماً لعادة حب الكافرين والولاء لهم ، فضلاً عن كونه محرماً من وجوه أخرى ، بالنصوص الواردة وغيرها . وكلما كانت المشابهة أكثر ، كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم ، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط. بعكس المتمسكين بهدي الإسلام، والبعيدين عن مشابهة الأمم الأخرى ، فهم أكثر نفرة وأقل مودة لغير المسلمين. والتشبه بأهل الكتاب لا يقتصر على المودة الظاهرة بين المسلم والكافر ، بل قد يصل إلى الأمور الاعتقادية والفكرية الباطنية ، وهذا أخطر من سابقه ؛ لأن المسلم الذي يقلِّد الكفار في الظاهر ، يقوده ذلك إلى التأثر باعتقاداتهم الباطنية ، وذلك عن طريق الاستدراج الخفي شيئاً فشيئاً . فأكثر من تعلموا في ديار الغرب ، أو عاشوا بعض الوقت عندهم ، تجدهم يعشقون حياتهم الغربية ، ويحاولون بقدر الإمكان تقليدهم في كثير من الأمور لشدة إعجابهم بهم ، فيأتون من عندهم وقد حملوا أفكاراً واعتقادات غريبة عن الإسلام ، بل بعضها ربما ينافي العقيدة الإسلامية الصحيحة – هدانا الله وإياهم -. ومن الأمور التي تساهل بها بعض المسلمين ، وسارعوا إلى التشبه بالأمم الأخرى فيها: الأعياد والاحتفالات البدعية -التي هي موضوع كتابنا- فأحدثوا من البدع في هذا المجال الشيء الكثير ، مما حدا بشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن يؤلف كتاباً كاملاً في النهي عن مشابهة أهل الكتاب ، وخاصة في أعيادهم ، سمَّاه ( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ). فقال -رحمه الله- بعد حمد الله والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وبعد : فإني كنت قد نهيت إمَّا مبتدئاً أو مجيباً عن التشبه بالكفار في أعيادهم ، وأخبرت ببعض ما في ذلك من الأثر القديم ، والدلالة الشرعية ، وبينت بعض حكمة الشرع في مجانبة الكفار -من الكتابيين والأميين- وما جاءت به الشريعة من مخالفة أهل الكتاب والأعاجم .... ثم بلغني بأُخرة أن من الناس من استغرب ذلك واستبعده، لمخالفة عادة قد نشأوا عليها،وتمسكوا في ذلك بعمومات وإطلاقات اعتمدوا عليها ، فاقتضاني بعض الأصحاب أن أعلِّق في ذلك ما يكون فيه إشارة إلى أصل هذه المسألة، لكثرة فائدتها، وعموم المنفعة بها ، ولما قد عمَّ كثيراً من الناس من الابتلاء بذلك ، حتى صاروا في نوع جاهلية ، فكتبت ما حضرني الساعة ، مع أنه لو استوفى ما في ذلك من الدلائل ، وكلام العلماء ، واسْتقْريتُ الآثار في ذلك ، لوجد فيه أكثر مما كتبته )ا.هـ . ويعتبر كتاب شيخ الإسلام -رحمه الله- هذا ، من أحسن ما أُلف في هذا الباب ، فقد ذكر فيه تحريم مشابهة الكفار بالأدلة: من الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار. فذكر من الآيات القرآنية ما ينيف على ثلاثين آية ، وقرر بعد كل آية وجه دلالتها على ذلك ، ثم ذكر من الأحاديث النبوية الدَّالة على تحريم مشابهة أهل الكتاب ما يقارب مائة حديث ، وأعقب كل حديث بذكر وجه دلالته على ذلك ، ثم ذكر الإجماع على التحريم ، ثم ذكر الآثار ، ثم ذكر من الاعتبار ما في بعضه الكفاية . فما أجلّ هذا الكتاب وأكبر فائدته .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 9:09 am | |
| وسأذكر- إن شاء الله- بعضاً من هذه الآيات ، والأحاديث ، وكذلك الإجماع ، وبعض الأدلة من الآثار والاعتبار ، الدَّالَّة على تحريم مشابهة أهل الكتاب على النحو التالي : أولاً : الأدلة من الكتاب : 1. قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ* وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ* ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ*إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} • وجه الدلالة من الآيات : أخبر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا ، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغياً من بعضهم على بعض ، ثم جعل الرسول صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له وأمره باتباعها ، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته. وأهواؤهم : ما يهوونه ، وما كان عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل ، وتوابع ذلك ، وموافقتهم فيه ، اتباع لما يهوونه ، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم وموافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره ، فإن من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه . 2. قوله تعالى :{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ*وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ} . • وجه الدلالة من الآيات : أن الضمير في أهوائهم يعود -والله أعلم- إلى ما تقدم ذكره ، وهم الأحزاب الذين ينكرون بعضه ، فدخل في ذلك كل من أنكر شيئاً من القرآن: من يهودي ونصراني وغيرهما، وقد قال جلَّ وعلا: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم ، اتباع لأهوائهم ، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك . 3. وقوله تعالى: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} . • وجه الدلالة من الآيات : أن الله- سبحان وتعالى- قال في الخبر{مِلَّتَهُمْ} وقال في النهي{هْوَاءَهُمْ}؛ لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير ، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين ، نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه ، أو مظنة لمتابعتهم فيما يهوونه . 4. وقوله تعالى: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} . • وجه الدلالة من الآيات : قال غير واحد من السلف : معناه : لئلا يحتج اليهود عليكم بالموافقة في القبلة ، فيقولون : قد وافقونا في قبلتنا ، فيوشك أن يوافقونا في ديننا ، فقطع الله بمخالفتهم في القبلة هذه الحجة : إذ الحجَّة : اسم لكل ما يحتج به من حق وباطل .{ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }وهم قريش ، فإنهم يقولون : عادوا إلى قبلتنا فيوشك أن يعودوا إلى ديننا . فبين الله سبحانه وتعالى أن من حكمة نسخ القبلة وتغييرها مخالفة الناس الكافرين في قبلتهم ، ليكون ذلك أقطع لما يطمعون فيه من الباطل ، ومعلوم أن المعنى ثابت في كل مخالفة وموافقة ، فإن الكافر إذا اتُبع في شيء من أمره ، كان له من الحجة مثل ما كان أو قريب مما كان لليهود من الحجة في القبلة . 5. وقوله تعالى: { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} • وجه الدلالة من الآية: أن المراد بالذين تفرَّقوا هم اليهود والنصارى الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة ، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن متابعتهم في نفس التفرق والاختلاف ، مع أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، مع أن قوله : لا تكن مثل فلان . قد يعم مماثلته بطريق اللفظ أو المعنى ، وإن لم يعم دلّ على أن جنس مخالفتهم وترك مشابهتهم أمر مشروع ، ودلَّ على أنه كلما بَعُدَ الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا ، كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها ، وهذه مصلحة جليلة . 6. وقوله تعالى:{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}. • وجه الدلالة من الآيات : أن متابعتهم في هديهم ، هي من اتباع ما يهوونه ، أو مظنة لاتباع ما يهوونه ، وتركها معونة على ترك ذلك ، وحسم لمادة متابعتهم فيما يهوونه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:( واعلم أن كتاب الله من النهي عن مشابهة الأمم الكافرة ، وقصصهم التي فيها عبرة لنا بترك ما فعلوه كثير ، مثل قوله تعالى ؛ لما ذكر ما فعله بأهل الكتاب من المثلات :{... فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} وقوله تعالى{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} . وأمثال ذلك ، ومنه ما يدلُّ على مقصودنا ومنه ما فيه إشارة وتتميم للمقصود . ثم متى كان المقصود بيان أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا ، فجميع الآيات دالَّة على ذلك ، وإن كان المقصود أن مخالفتهم واجبة علينا ، فهذا إنَّما يدلُّ عليه بعض الآيات دون بعض ، ونحن ذكرنا ما يدلُّ على أن مخالفتهم مشروعة في الجملة ، كان هو المقصود هنا )ا.هـ . ثانياً : الأدلة من السنة : 1. قوله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم )) • وجه الدلالة من الحديث : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفتهم ، وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمراً مقصوداً للشارع ؛ لأنَّه إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود ، وإن كان الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط ، فهو لأجل ما فيه من المخالفة . فالمخالفة إما علّة مفردة - أي أن المخالفة هي وحدها تكون علَّة للنهي- أو علة أخرى، أو بعض علة، وعلى هذه التقديرات تكون مأموراً بها مطلوبة من الشارع . 2. قوله صلى الله عليه وسلم : (( خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى )) • وجه الدلالة من الحديث : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة المشركين مطلقاً ، ثم قال ((أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى)). وهذه الجملة بدلاً من الأولى ، فإن الإبدال يقع في الجمل ، كما يقع في المفردات ، كقوله تعالى :{ َسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } . فهذا الذبح والاستحياء هو سوم العذاب ، فكذلك هنا : هذا هو المخالفة للمشركين المأمور بها هنا ، لكن الأمر بها أولاً بلفظ مخالفة المشركين دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع وإن عنيت هنا في هذا الفعل فإن تقديم المخالفة علة تقديم العام على الخاص، وفي رواية لمسلم: ((جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس)) . . 3. قوله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)) • وجه الدلالة من الحديث : ( كالحديث السابق ). 4. قوله صلى الله عليه وسلم : (( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر)) . • وجه الدلالة من الحديث : أن الفصل بين عبادة المسلمين وعبادة أهل الكتاب : أمر مقصود للشارع ، وقد صرح بذلك فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عن- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون )) . وهذا نص في ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر لأجل مخالفة اليهود والنصارى . وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين ، فإنَّما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله ، فيكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة . 5. قوله صلى الله عليه وسلم : ((من تشبه بقوم فهو منهم)) . • وجه الدلالة من الحديث : أنه قد يحمل هذا على التشبه المطلق ، فإنه يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً، أو معصية ، أو شعاراً لها ، كان حكمه كذلك. وبكل حال يقتضي تحريم التشبه، بعلة كونه تشبهاً ، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه ، وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك ، إذا كان أصل الفعل مأخوذاً عن ذلك الغير ،فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير قد فعله أيضاً ، ولم يأخذ أحدهما عن صاحبه ، ففي كون هذا تشبه نظر ، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ، ولما فيه من المخالفة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (وهذا الحديث أقل أحوال أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم )ا.هـ . ثالثاً : الأدلة من الإجماع : 1. أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- ، ثم عامة الأئمة بعده ، وسائر الفقهاء ، جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمَّة من النصارى وغيرهم، فيما شرطوه على أنفسهم: أن نوقر المسلمين ، ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم : قلنسوة أو عمامة أو نعلين، أو فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئاً من السلاح، ولا نحمله، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رؤوسنا، وأن نلزم زيِّنا حيثما كنَّا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، ولا نظهر صليباً ولا كتباً في شيء من طرق المسلمين، ولا أسواقهم ، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفياً، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين فهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم ، وهي مُجْمَعٌ عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين ، وأصحابهم وسائر الأئمة . والقصد من هذه الشروط : ليتميز المسلم عن الكافر ، ولا يتشبه أحدهما بالآخر في الظاهر ، ولم يرض عمر -رضي الله عنه- والمسلمون بأصل التمييز ، ل بالتميز في عامة الهدي ، وذلك يقتضي إجماع المسلمين على التمييز عن الكفار ظاهراً ، وترك التشبه بهم. والمقصود من هذا التييز ليُعرفوا . 2. ما رواه قيس بن أبي حازم قال : دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على امرأة من أحمس ، يقال لها : زينب ، فرآها لا تكلم ، فقال : ما لها لا تكلم ؟ . قالوا : حجَّت مصمته . فقال لها : تكلمي ، فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية ، فتكلمت ، فقالت : من أنت ؟ . قال : امرؤ من المهاجرين ، قالت : أي المهاجرين ؟ . قال : من قريش. قالت : من أي قريش أنت ؟ قال : إنك لسؤول ، أنا أبو بكر . قالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ . قال : بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم . قالت : وما الأئمة ؟ قال : أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم ؟ قالت : بلى . قال : فهم أولئك الناس . فأخبر أبو بكر -رضي الله عنه- أن الصمت المطلق لا يحل ، وعقَّب ذلك بقوله : (( هذا من عمل الجاهلية )) ، قاصداً بذلك عيب هذا العمل وذمّه . وتعقيب الحكم بالوصف : دليل على أن الوصف علَّة ، فدلَّ على أن كونه من عمل الجاهلية وصف يوجب النهي عنه ، والمنع منه . ومعنى قوله : (( من عمل الجاهلية )) ، أي : ما انفراد به أهل الجاهلية ولم يشرع في الإسلام ، فيدخل في هذا كل ما اتخذ من عبادة، مما كان أهل الجاهلية يتعبدون به، ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام ، وإن لم ينوه عنه بعينه ، كالمكاء والتصدية، فإن الله تعالى قال عن الكافرين : { وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } . والمكاء: الصفير ونحوه ، والتصدية: التصفيق . فما تقدم من الآيات والأحاديث والآثار : يدلُّ على وجوب مخالفة أهل الكتاب عموماً ، وعدم التشبه بهم في جميع الأمور. أما ما يتعلق بالنهي عن مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم ، فقد وردت فيه آيات وأحاديث وآثار ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وسأذكر بعضها فيما يلي : أولاً : من الكتاب : ما تأوَّله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} . قال أبو العالية ، وطاوس ، وابن سيرين ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وغيرهم: (هو أعياد المشركين ) . وفي رواية عن ابن عباس – رضي الله عنهما - : أنه أعياد المشركين . وقال عكرمة – رحمه الله - : (لعب كان في الجاهلية يسمى بالزور ) . وقول هؤلاء التابعين : إنه أعياد الكفار ، ليس مخالفاً لقول بعضهم : إنه الشرك ، أو صنم كان في الجاهلية ، ولقول بعضهم : إنه مجالس الخنا ، وقول بعضهم : إنه الغناء؛ لأنَّ عادة السلف في تفسيرهم هكذا ، يذكر الرجل نوعاً من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه ، أو لينبه به على الجنس . وقال قوم: إن المراد: شهادة الزور هي الكذب، وهذا فيه نظر ، فإنه تعالى قال:{ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} ولم يقل: لا يشهدون بالزور ، والعرب تقول : (شهدت كذا : إذا حضرته) . كقول ابن عباس – رضي الله عنهما- : (( شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )) . ووجه تفسير التابعين المذكورين : أن الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : (( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور )) ؛ لما كان يظهر مما يعظم به مما ليس عنده . فالشاهد بالزور يظهر كلاماًُ يخالف الباطن، ولهذا فسَّره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة أو الشهود، وهو قبيح في الباطن، فالشرك ونحوه : يظهر حسنه للشبهة ، والغناء ونحوه : يظهر حسنه للشهوة . وأما أعياد المشركين: فجمعت الشبهة والشهود، وهي باطل؛ إذ لا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة: فعاقبتها إلى ألم فصارت زوراً ، وحضورها شهوداً . وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها، الذي هو مجرد الحضور، برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك ، من العمل الذي هو عمل الزور ، لا مجرد شهود ؟! ثم مجرد هذه الآية ، فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم ، وذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم ، وغيرها من الزور، ويقضي الندب إلى ترك حضورها ، وقد يفيد كراهة حضورها لتسمية الله لها زوراً ، فأما تحريم شهودها من هذه الآية ففيه نظر ، ودلالتها على تحريم فعلها أوجه . ثانياً : من السنة : 1. ما رواه أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : (( ما هذان اليومان ؟)) قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر )) . • وجه الدلالة من الحديث : أن العيدين الجاهلين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة ، بل قال : (( إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين))،والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه؛ إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما ، كقوله سبحانه وتعالى:{ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} . وقوله تعالى:{وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} . وقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} . وقوله تعالى:{وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} . ومنه الحديث في المقبور : (( فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به خيراً منه مقعداً في الجنة )) . فقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما)) يقتضي ترك الجمع بينهما لاسيما وقوله ((خيراً منهما)) يقتضي الاعتياض بما شرع لنا ، عما كان في الجاهلية. وأيضاً فقوله لهم : ((إن الله قد أبدلكم )) لما سألهم عن اليومين فأجابوا : بأنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية ، دليلٌ على أنه نهاهم عنهما اعتياضاً بيومي الإسلام ؛ إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسباً ؛ إذ أصل شرع اليومين الإسلاميين كانوا يعلمونه ، ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية . وفي قول أنس – رضي الله عنه - : (( ولهم يومان يلعبون فيهما ))، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منها : يوم الأضحى ويوم الفطر )) دليل على أن أنساً -رضي الله عنه- فهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( أبدلكم بهما )) تعويضاً باليومين المبدلين . وأيضاً فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام ، فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عهد خلفائه ، ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ، ونحوه مما كانوا يفعلونه لكانوا بقوا على العادة ؛ إذ العادات لا تتغير إلا بمغير يزيلها ولاسيما طباع النساء والصبيان ، ونفوس كثير من الناس متشوقة إلى اليوم الذي يتخذونه عيداً للبطالة واللعب، ولهذا قد يعجز كثير من الملوك والرؤساء عن نقل الناس من عاداتهم في أعيادهم ، لقوة مقتضيها من نفوسهم، وتوفر همم الجماهير على اتخاذها ، فلولا قوة المانع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانت باقية ، ولو على وجه ضعيف ، فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتاً ، وكل ما منع منه النبي صلى الله عليه وسلم منعاً قوياً كان محرماً ؛ إذا لا يعنى بالمحرم إلا هذا . وهذا أمر بيِّن لا شُبهة فيه ، فإن مثل ذينك العيدين ، لو عاد الناس إليهما بنوع مما كان يفعل فيهما – إن رخص فيه – كان مراغمة بينه وبين ما نهى عنه ، فهو المطلوب . والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها ، أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها ، فإنَّ الأئمة قد حذَّروا مشابهة اليهود والنصارى ، وأخبروا أن سيفعل قوم منهم هذا المحذور بخلاف دين الجاهلية ، فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر ، عند اخترام أنفس المؤمنين عموماً ، ولو لم يكن أشد منه ، فإنه مثله على ما لا يخفى ؛ إذا الشر الذي له فاعل موجود، يخاف على الناس منه أكثر من شر لا مقتضى له قوي.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 9:13 am | |
| 2. ما رواه ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ )) قالوا : لا، قال : هل كان فيها عيد من أعياده ؟ قال : لا ، قال رسول صلى الله عليه وسلم : (( أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم )) . • وجه الدلالة من الحديث : أن هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعماً : إما إبلاً وإما غنماً – على رواية أخرى - بمكان سماه – بوانة- فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : (( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد ؟)) قال: (( فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟)). قال: لا . قال: (( أوفِ بنذرك)) ، ثم قال: (( لا وفاء لنذر في معصية الله)). وهذا يدلُّ على أن الذبح بمكان عيدهم ، ومحل أوثانهم معصية لله ، من وجوهٍ : أحدها : أن قوله : (( فأوف بنذرك )) تعقيب للوصف بالحكم بحرف الفاء ، وذلك يدلُّ على أن الوصف هو سبب الحكم ، فيكون سبب الأمر بالوفاء : وجود النذر خالياً من هذين الوصفين ، فيكون الوصفان ما نعين من الوفاء ، ولو لم يكن معصية لجاز الوفاء به . الثاني : أنه عقّب ذلك بقوله: ((لا وفاء لنذر في معصية الله)). ولولا اندراج الصورة المسئول عنها في اللفظ العام، لم يكن في الكلام ارتباط ، والمنذور في نفسه -وإن لم يكن معصية- لكن لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن الصورتين قال له : ((فأوف بنذرك)) . يعني : حيث ليس هناك ما يوجب تحريم الذبح هناك فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه أمر بالوفاء عند الخلو من هذا ، ونهي عن وجود هذا ، وأصل الوفاء بالنذر معلوم ، فبيَّن ما لا وفاء فيه . واللفظ العام إذا ورد على سبب ، فلا بدَّ أن يكون السبب مندرجاً فيه . الثالث : أنه لو كان الذبح في مواضع العيد جائز لسوغ النبي صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء ، كما سوغ لمن نذرت الضرب بالدف أن تضرب به .بل لأوجب الوفاء به ، إذا كان الذبح بالمكان المنذور واجباً ، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهياً عنه ، فكيف بالموافقة في نفس العيد ، بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم ؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح في مكان ، كان الكفار يعملون فيه عيداً، وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد ، والسائل لا يتخذ المكان عيداً، بل يذبح فيه فقط ، فقد ظهر أن ذلك سداً للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم ، خشية أن يكون الذبح هناك سبباً لإحياء أمر تلك البقعة ، وذريعة إلى اتخاذها عيداً ، مع أن ذلك العيد إنما كان- والله أعلم - سوقاً يتبايعون فيها ، ويلعبون كما قالت الأنصار : يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية . لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم ، ولهذا فرق صلى الله عليه وسلم بين كونها مكان وثن ، وكونها مكان عيد، وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان. وفعل أعياد الكتابيين وغيرهم التي تتخذ ديناً وعبادة أعظم تحريماً من عيد يتخذ لهواً ولعباً؛ لأن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات بما حرَّمه . ولهذا كان الشرك أعظم إثماً من الزنا ، ولهذا كان جهاد أهل الكتاب أفضل من جهاد الوثنيين . وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان ، خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار – الذين قد يئس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب - ، فالخشية من تدنسه بأوضار الكتابيين الباقين أشد ، والنهي عنه أوكد ، كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم . ويضاف إلى ما تقدم أيضاً : أن هذا الحديث وغيره ، قد دلَّ على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها ، ومعلوم أنه بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محى الله ذلك عنه فلم يبق شيء من ذلك ، ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد ؛ لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يُصنع في الأعياد ، وخصوصاً أعياد الباطل ، من اللعب واللذات ، ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد ، فإن العادة طبيعة ثانية وإذا كان المقتضي قائماً قوياً ، فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد . وهذا يوجب العلم اليقيني ، بأن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعاً قوياً عن أعياد الكفار ، ويسعى في دروسها وطمسها بكل سبيل ، وليس في إقرار أهل الكتاب على دينهم ، إبقاء لشيء من أعيادهم في حق أمته، كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق أمته ، لما هم عليه في سائر أعمالهم ، من سائر كفرهم ومعاصيهم ، بل قد بالغ صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات ، وصفات الطاعات ؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم، ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً عن سائر أمورهم ، فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أصحاب الجحيم ، كان أبعد عن أعمال أهل الجحيم . 3. ما روته عائشة – رضي الله عنها – قالت : دخل أبو بكر -رضي الله عنه- وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث ، قال: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً ، وهذا عيدنا )) وفي رواية : (( يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيداً وإن عيدنا هذا اليوم )) . وفي رواية : ((دعهما يا أبي بكر ، فإنها أيام عيد)). وتلك الأيام أيام منى . • وجه الدلالة من الحديث : أحدها : قوله: (( إن لكل قوم عيداً ، وهذا عيدنا)) . فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم ، كما أن الله سبحانه وتعالى لما قال :{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} . وقال تعالى :{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} ، أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم ، وذلك أن اللام تورث الاختصاص ، فإذا كان لليهود عيد ، وللنصارى عيد ، كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه ، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم ، وكذلك لا ندعهم يشركوننا في عيدنا . الثاني : قوله : ((وهذا عيدنا)) فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه ، وكذلك قوله : (( وإن عيدنا هذا اليوم)) فإن التعريف باللام والإضافة يقتضي الاستغراق ، فيقتضي أن يكون جنس عيدنا منحصراً في جنس ذلك ، كما في قوله : (( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم )) . وليس غرض صلى الله عليه وسلم الحصر في عين ذلك العيد ، أو عين ذلك اليوم ، بل الإشارة إلى جنس المشروع ، كما تقول الفقهاء : باب صلاة العيد ، ويندرج فيه صلاة العيدين ، كما يُقال : لا يجوز صوم يوم العيد . وكذا قوله: (( وإن هذا اليوم )) ، أي : جنس هذا اليوم ، كما يقول القائل لما يعاينه من الصلاة : هذه صلاة المسلمين، ويقول لمخرج الناس إلى الصحراء ، وما يفعلونه من التكبير والصلاة ونحو ذلك : هذا عيد المسلمين ... ونحو ذلك . ومن هذا الباب : قوله : ((يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ،وهي أيام أكل وشرب )) . فإنه دليل مفارقتنا لغيرنا في العيد ، والتخصيص بهذه الأيام الخمسة ؛ لأنَّه يجتمع فيها العيدان : المكاني والزماني ، ويطول زمنه ، وبهذا يسمى العيد الكبير ، فلما كملت فيه صفات التعبيد : حصر الحكم فيه لكماله ، أو لأنه عدّ أياماً ، وليس لنا عيد هو أيام ، إلا هذه الخمسة . الثالث : أنه رخص في لعب الجواري بالدف ، وتغنيهن ، معللاً بأن لكل قوم عيداً ، وأن هذا عيدنا ، وذلك يقتضي أن الرخصة معللة بكونه عيد مسلمين، وأنها لا تتعدى إلى أعياد الكفار، وأنه لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار ، كما يرخص فيه في أعياد المسلمين؛ إذ لو ما فعل في عيدنا من ذلك اللعب يسوغ مثله في أعياد الكفار أيضاً لما قال: ((فإن لكل قوم عيداً، وإن هذا عيدنا))؛ لأن تعقيب الحكم بالوصف بحرف الفاء دليل على أنه علة ، فيكون علة الرخصة: أن كل أمة مختصة بعيد، وهذا عيدنا ، وهذه العلة مختصة بالمسلمين ، فلا يجوز لنا أن نفعل في كل عيد للناس من اللعب ما نفعل في عيد المسلمين ، وهذا فيه دلالة على النهي عن التشبه بهم في اللعب ونحوه . 4. أن أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى ، حتى أجلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في خلافته ، وكان اليهود بالمدينة كثيراً في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد هادنهم حتى نقضوا العهد ، طائفة بعد طائفة ، وما زال بالمدينة يهود ، وإن لم يكونوا كثيراً ، فإنه مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي ، وكان في اليمن يهود كثير ، والنصارى بنجران وغيرها ، والفرس بالبحرين . ومن المعلوم أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها ، ومن المعلوم أيضاً أن المقتضي لما يفعل في العيد : من الأكل والشرب، واللباس والزينة ، واللعب والراحة ونحو ذلك، قائم في النفوس كلها ، إذا لم يوجد مانع، خصوصاً في نفوس الصبيان والنساء، وأكثر الفارغين من الناس . ثم من كانت له خبرة بالسيرة ، علم يقيناً أن المسلمين على عهده صلى الله عليه وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم ، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين ، بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام ، لا يخصونه بشيء أصلاً ، إلا ما قد اختلف فيه من مخالفتهم فيه كصومه ونحو ذلك . فلولا أن المسلمين كان دينهم الذي تلقوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم منع من ذلك وكف عنه ، لوجب أن يوجد من بعضهم فعل بعض ذلك ؛ لأن المقتضى إلى ذلك قائم ، كما تدلُّ عليه الطبيعة والعادة ، فلولا المانع الشرعي لوجد مقتضاه ، ثم على هذا جرى عمل المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين ، فلا شك أن المسلمين تلقُّوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم المنع عن مشاركتهم في أعيادهم . 5. ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتينا من بعدهم ، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غداً ، والنصارى بعد غداً)) . وفي لفظ : (( بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه ، فهدانا الله له )) وعن أبي هريرة وحذيفة – رضي الله عنهما – قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا ، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة، المقتضي لهم)). وفي رواية: (( المقضي بينهم – قبل الخلائق )) . وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة عيداً في غير موضع ونهى عن إفراد بالصوم لما فيه من معنى العيد . • وجه الاستدلال من الحديث : أنه ذكر أن الجمعة لنا، كما أن السبت لليهود، والأحد للنصارى، واللام تقتضي الاختصاص، وهذا الكلام يقتضي الاقتسام، فإذا قيل : هذه ثلاثة أبواب : هذا لي ، وهذا لزيد وهذا لعمرو . أوجب ذلك أن يكون كل واحد مختصاً بما جعل له ، ولا يشركه فيه غيره. فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت ، أو عيد يوم الأحد ، خالفنا هذا الحديث ، وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي ، فكذلك في العيد الحولي , إذا لا فرق ، بل إذا كان هذا في عيد يُعرف بالحساب العربي ، فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تُعرف إلا بالحساب الرومي أو القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك . ثالثاً : ومن الإجماع : 1. ما تقدم التنبيه عليه ، من أن اليهود والنصارى والمجوس ، ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية ، يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس ، ثم لم يكن على عهد السابقين من المسلمين ، من يشركهم في شيء من ذلك ، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة ، كراهة ونهياً عن ذلك ، و إلا لوقع ذلك كثيراً ، والمانع هو الدين ، فعُلِم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة ، وهو المطلوب . 2. أنه قد تقدَّم في شروط عمر – رضي الله عنه – التي اتفقت عليها الصحابة ، وسائر الفقهاء بعدهم ، أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وسُمُّوا الشعانين والباعوث فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها ، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها ؟ أوليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهراً لها ؟ . وذلك : أنَّا إنَّما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد ؛ إما لأنها معصية ، أو شعار معصية ، وعلى التقديرين : فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعارها ، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها لقوة قلبه بالمسلم إذا فعلها ، فكيف وفيها من الشر الشيء الكثير !
رابعاً : من الآثار : 1. قول عمر – رضي الله عنه - : (( لا تعلموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم ، فإن السخطة تنزل عليهم )) . 2. قول عمر - رضي الله عنه - : (( اجتنبوا أعداء الله في عيدهم )) . 3. قول عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - :((من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حُشِر معهم يوم القيامة )) . 4. عن محمد بن سيرين قال: أُتي على -رضي الله عنه- بهدية النيروز. فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز . قال : فاصنعوا كل يوم فيروزاً . قال أسامة : كره أن يقول : نيروز . وقال البيهقي : وفي هذا الكراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصاً به . فمما تقدم من الآثار نري أن عمر – رضي الله عنه- نهى عن تعلم لسانهم ، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم ، فكيف بفعل بعض أفعالهم ؟! أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم؟. أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة ؟. أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم ؟ . وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟ ثم قال : (( اجتنبوا أعداء الله في عيدهم )). أليس نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟ وأما عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – فصرح أنه : من بنى ببلادهم ، وصنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت حُشر معهم . وهذا يقتضي أنه جعله كافراً بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور ، أو جعل ذلك معصية ؛ لأنه لو لم يكن مؤثراً في استحقاق العقوبة ، لم يجز جعله جزاءاً من المقتضي ، إذا المباح لا يُعاقب عليه ، وليس الذم على بعض ذلك مشروطاً ببعض ، لأن أبعاض ما ذكره يقتضي الذم منفرداً ، وإنما ذكر – والله أعلم – من بني ببلادهم ، لأنهم على عهد عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة كانوا ممنوعين من إظهار أعيادهم بدار الإسلام ، وما كان أحد من المسلمين يتشبه بهم في عيدهم ، وإنَّما كان يتمكن من ذلك بكونه في أرضهم . وأما علي – رضي الله عنه - ، فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الذي ينفردون به ، فكيف بموافقتهم في العمل ؟ . ومن الاعتبار : وجوه عدة ، منها : * الوجه الأول : أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك ، التي قال الله سبحانه وتعالى فيها : {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ } . كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه ، موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر ، وأظهر شرائعه ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه . وأما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معصية ، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ((إن لكل قوم عيداً وإن هذا عيدنا)). وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم ؛ لأن تلك علامة وضعية ليست من الدين ، وإنما الغرض بها مجرد التمييز بين المسلم والكافر ، وأما العيد وتوابعه ، فإنه من الدين الملعون أهله ، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه . فعيد الكفار شريعة من شرائع الكفر ، أو شعيرة من شعائره ، فحرمت موافقتهم فيه كسائر شعائر الكفر وشرائعه . * الوجه الثاني : أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله ؛ لأنَّه إما محدث مبتدع ، وإما منسوخ ، وأحسن أحواله- ولا حسن فيه- أن يكون بمنزلة صلاة المسلم إلى بيت المقدس . هذا إذا كان المفعول مما يتدين به ، وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس ، واللعب والراحة ، فهو تابع لذلك العيد الديني ، كما أن ذلك تابع له في دين الله : الإسلام . فيكون بمنزلة أن يتخذ بعض المسلمين عيداً مبتدعاً يخرج فيه إلى الصحراء ، ويفعل فيه من العبادات والعادات من جنس المشروع في يومي الفطر والنحر ، أو مثل أن ينصب بنية يطاف بها وتحج، ويصنع لمن يفعل ذلك طعاماً ونحو ذلك . فلو فعل المسلم ذلك ، لكان غير عادته ذلك اليوم ،كما يغير أهل البدعة عادتهم في الأمور العادية أو بعضها ، بصنعة طعام وزينة لباس ، وتوسيع في نفقة ونحو ذلك ، من غير أن يتعبد بتلك العادة المحدثة ، ألم يكن هذا من أقبح النكرات؟ فكذلك موافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين أشدّ. وأهل الكتاب يقرون على دينهم المبتدع والمنسوخ مستسرين به ، والمسلم لا يقر على مبتدع ولا منسوخ، لا سراً ولا علانية، وأما مشابهة الكفار فكمشابهة أهل البدع وأشدّ.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: رد: رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية الأربعاء 16 مارس 2011, 9:27 am | |
| * الوجه الثالث : أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك ، أدي إلى فعل الكثير ، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس ، وتناسوا أصله ، حتى يصير عادة للناس بل عيداً ، حتى يضاهى بعيد الله ، بل قد يُزاد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر ، كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام ، فيما يفعلونه في أواخر صوم النصارى ، من الهدايا والأفراح ، والنفقات وكسوة الأولاد ، وغير ذلك ، مما يصير به مثل عيد المسلمين ، بل البلاد المصاقبة للنصارى التي قلَّ عِلْمُ أهلها وإيمانهم ، قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله . فالمشابهة تفضي إلى كفر ، أو معصية غالباً ، أو تقضي إليهما في الجملة ، وليس في هذا المفضي مصلحة ، وما أفضى إلى ذلك كان محرماً ، فالمشابهة محرمة ، والمقدمة الثانية لا ريب فيها ، فإن استقراء الشريعة في مواردها ومصادرها دالٌّ على أن ما أفضى إلى الكفر غالباً حرِّم ، وما أفضى إليه وجه خفي حرم ، وما أفضى إليه في الجملة ولا حاجة تدعوا إليه حرم . والمقدمة الأولى قد شهد بها الواقع شهادة لا تخفى على بصير ولا أعمى مع أن الإفضاء أمر طبيعي ، قد اعتبره الشارع في عامة الذرائع التي سدَّها ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب ((إقامة الدليل على إبطال التحليل)) . . * الوجه الرابع: أن الأعياد والمواسم في الجملة لها منفعة عظيمة في دين الخلق ودنياهم ، كانتفاعهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج، ولهذا جاءت بها كل شريعة ، كما قال تعالى :{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} . وقال جل وعلا : {كُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ} . ثم إن الله شرع على لسان خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم من الأعمال ما فيه صلاح الخلق على أتم الوجوه ، وهو الكمال المذكور في قوله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } . ولهذا أنزل الله هذه الآية في أعظم أعياد الأمة الحنيفية ، فإنه لا عيد في النوع أعظم من العيد الذي يجتمع فيه المكان والزمان وهو عيد النحر ، ولا عين من أعيان هذا النوع أعظم من يوم كان قد أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامة المسلمين ، وقد نفى الله تعالى الكفر وأهله . ومن شأن الجسد إذا كان جائعاً فأخذ من طعام حاجته استغنى عن طعام آخر، حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة وتجشم ، وربما ضره أكله ، أو لم ينتفع به ، ولم يكن هو المغذي له ، الذي يقيم بدنه ، فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته ، قلَّت رغبته في المشروع وانتفاعه به ، بقدر ما اعتاض من غيره ، بخلاف من صرف نهمته وهمَّته إلى المشروع ، فإنه تعظم محبته له ومنفعته به ، ويتم دينه ويكمل إسلامه . ولذا تجد من أكثر سماع القصائد لطلب صلاح قلبه ، تنقص رغبته في سماع القرآن ، حتى ربما كرهه. ولهذا عظَّمت الشريعة النكير على من أحديث البدع، وكرهتها ؛ لأنَّ البدع لو خرج الرجل منها كفافاً لا عليه ولا له، لكان الأمر خفيفاً ، بل لابد أن يوجب له فساداً ، منه نقص منفعة الشريعة في حقه ؛ إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض منه . ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في العيدين الجاهليين: (( إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيراً منهما )) . فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة ، مانعاً من الاغتذاء ، أو من كمال الاغتذاء بتلك الأعمال الصالحة النافعة الشرعية ، فيفسد عليه حاله من حيث لا يشعر ، كما يفسد جسد المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر، وبهذا يتبين بعض ضرر البدع. * الوجه الخامس: أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم ، بما هم عليه من الباطل ، خصوصاً إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار، فرأوا المسلمين قد صاروا فرعاً لهم في خصائص دينهم ، فإنَّ ذلك يوجب قوة قلوبهم ، وانشراح صدورهم ، وربما أطعمهم ذلك في انتهاز الفرص ، واستذلال الضعفاء ، وهذا أيضاً أمر محسوس ، لا يستريب فيه عاقل. فكيف يجتمع ما يقتضي إكرامهم بلا موجب ، مع شرع الصغار في حقهم؟. * الوجه السادس : أن فيما يفعلونه في عيدهم: ما هو كفر، وما هو حرام، وما هو مباح، لو تجرد عن مفسدة المشابهة، ثم التمييز بين هذا وهذا يظهر غالباً، وقد يخفى على كثير من العامة، فالمشابهة فيما لم يظهر تحريم للعالم، يوقع العامي في أن يشابههم فيما حرام، وهذا هو الواقع والفرق بين هذا الوجه ، ووجه الذريعة -الوجه الثالث- أنا هناك قلنا: الموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في الكثير ، وهنا جنس الموافقة يلبس على العامة دينهم ، حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر، فذاك بيان للاقتضاء من جهة تقاضي الطباع بإرادتها، وهذا من جهة جهل القلوب باعتقاداتها. * الوجه السابع : أن الله تعالى جبل بني آدم -بل سائر المخلوقات- على التفاعل بين الشيئين المتشابهين ، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم ، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط ، فالمشابهة والمشاركة في الأمور الظاهرة ، توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدرج الخفي . ويظهر هذا في اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين ، فهم أقل كفراً من غيرهم ، والمسلمون الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى ، هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام ، والمشاركة في الهدى الظاهر توجب أيضاً مناسبة وائتلافاً، وإن بعد المكان والزمان ، فمشابهتهم في أعيادهم -ولو بالقليل- هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة، وما كان مظنَّة لفساد خفي غير منضبط، علق الحكم به، وأدير التحريم عليه، فنقول: مشابهتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة ، بل في نفس الاعتقادات ، وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط ونفس الفساد الحاصل من المشابهة قد لا يظهر ولا ينضبط، وقد يتعسَّر أو يتعذر زواله بعد حصوله، لو تفطن له، وكل ما كان سبباً إلى مثل هذا الفساد فإن الشارع يحرمه، كما دلَّت عليه الأصول المقررة. * الوجه الثامن : أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة ، وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة ، حتى أن الرجلين إذا كانا من بلد واحد ، ثم اجتمعا في دار غربة ، كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم ، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين ، أو كانا متهاجرين ، وكذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضاً مالا يألفون غيرهم ، وكذلك الملوك والرؤساء وإن تباعدت ديارهم وممالكهم ، إلا أن يمنع من ذلك دين أو غرض خاص. فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية ، تورث المحبة والولاء لهم، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟. فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان. قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} . قال تعالى فيما يذل به أهل الكتاب: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ *كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُو *وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} . فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أُنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم ، فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان ؛ لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم . قال سبحانه وتعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ..........} . فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يواد كافراً ، فمن واد الكفار فليس بمؤمن ، والمشابهة الظاهرة مظنة الموادة ، فتكون محرمة، كما تقدم تقرير مثل ذلك . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ( واعلم أن وجوه الفساد في مشابهتهم كثيرة ، فلنقتصر على ما نبهنا عليه )ا.هـ . فمما تقدم يتبين لنا أن مشابهة الكفار على وجه العموم ، أو الخصوص -في أعيادهم- حرام ومناف للإيمان ، ويدل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار ، التي تقدم ذكرها . فحذار أخي المسلم مشابهة أهل الكتاب وغيرهم، في العادات والتقاليد والعبادات، ظاهراً وباطناً؛ لأنَّهُ من تشبه بقوم فهو منهم. وعليك أيضاً: النصح والإرشاد بالتي هي أحسن لمن رأيته يقلدهم ويتشبه بهم، لعلك تكون سبباً في أن يترك مشابهتهم فينالك من الله الأجر والمثوبة ، لاسيما وأن أغلب المقلدين لهم ليس عن اعتقاد ، وإنما هو مجرد تقليد أعمى ، يفعله عوام الناس وجهَّالهم. فالواجب على الإنسان المسلم أن يبدأ بنفسه ومن تحت يده ، فيترك كل ما فيه مشابهة للكفار وغيرهم ، ويوجه وينصح غيره ممن ابتلاه الله بتقليدهم فإن تقليدهم ومشابهتهم من المنكر الذي يجب تغييره ، على حسب طاقة الإنسان وقدرته ، فإما أن يغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان. وواجب الحكام والعلماء وطلاب العلم أكبر من واجب غيرهم، في إنكار هذا المنكر وغيره؛ لقدرتهم على ذلك، فالحكام بسلطانهم، والعلماء بعلمهم. فإذا اجتمع السلطان والعلم كان الجهد أكبر، والفائدة أكثر في قمع البدعة وإظهار السنَّة. والشواهد على ذلك من التاريخ كثيرة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. *********************** الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الذي علم الإنسان ما لم يعلم . أحمده وأشكره على توفيقه وإعانته على إتمام هذا الكتاب، وأسأله المزيد من فضله وإنعامه ، وأُصلي وأُسلم على خير الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبع هداه إلى يوم الدين . أما بعد : فهذه أهم النتائج التي خرجت بها من خلال كتابي في موضوع (( البدع الحولية )) : 1. أن البدعة: هي كل ما خالف السنة، فليس في البدع محمود، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. 2. أن من البدع ما يكون كفراً، ومنها ما هو مختلف فيه: هل هو كفر أم لا؟ ومنها ما هو معصية، ومنها ما هو مكروه. 3. أن من أسباب انتشار البدع وشيوعها بين الناس: سكوت العلماء عن إنكار هذه البدع، وقول بعض الجهال في الدين بغير علم، واتباع الهوى، والجهل بالسنة. 4. أن ما تفعله الرافضة في اليوم العاشر من شهر محرم من الحزن والنياحة: بدعة محرمة، ومن أمور الجاهلية المنهي عنها. 5. أن الفرح يوم عاشوراء، والتوسيع على الأهل في النفقة وغيرها، والاكتحال والاختضاب: بدعة محرمة، ومن مقابلة الباطل بالباطل. 6. أنه يُستحب صيام يوم عاشوراء، وأن يُصام معه اليوم التاسع. 7. أن التشاؤم بشهر صفر: بدعة محرمة، بل هو من الطيرة الشركية. 8. أن الاحتفال بالمولد النبوي: بدعة محرمة، ليس لها أي مستند أو أصل شرعي، وكذلك جميع الموالد. 9. أن أول من ابتدع الاحتفال بالمولد النبوي هم العبيديون -الذين يُسَّمون بالفاطميين- وذلك في أواخر القرن الرابع الهجري، والذي هم من أكفر الناس وأفسقهم، وانتسابهم إلى آل البيت كذب ومحض افتراء، بل أصلهم من المجوس أو اليهود، وهم من مؤسسي دعوة الباطنية. 10. أن عتيرة رجب محل خلاف بين العلماء، والذي ترجَّع عندي- والله أعلم- أنها باطلة، وما ورد فيها منسوخ. 11. أن تخصيص شهر رجب بالصوم ليس له أصل، بل هو محدث، وما ورد فيه من الأحاديث إما ضعيف لا يحتجّ به، أو موضوع. 12. أن تخصيص شهر رجب بالعمرة محل خلاف بين العلماء. والذي ترجح عندي – والله أعلم – أنه ليس له أصل. 13. أن صلاة الرغائب وهي التي تكون في ليلة أول جمعة من رجب: بدعة منكرة، وحديثها موضوع، وأول ما أحدثت بعد سنة 480هـ. 14. أن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج: بدعة منكرة، لاسيما أنه لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها. 15. أن ليلة النصف من شعبان قد يكون لها شيء من الفضل، ولكن تخصيصها بالقيام جماعة في المساجد: بدعة ليس لها أصل، وأما صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه، أو في جماعة قليلة، من غير مداومة على ذلك، فهو محل خلاف بين العلماء. والذي ترجّح عندي – والله أعلم – أن هذا أيضاً بدعة ليس لها مستند شرعي. 16. أن قراءة سورة الأنعام جميعها في رمضان في ركعة واحدة، في التراويح، ليلة الجمعة أو غيرها: بدعة ليس لها أصل. 17. أن صلاة التراويح بعد المغرب بدعة أحدثتها الشيعة. 18. أن صلاة القدر في رمضان، بدعة منكرة، وصفتها: أنهم يصلون بعد التراويح ركعتين في الجماعة، ثم آخر الليل يصلون تمام مائة ركعة، وتكون في الليلة التي يظنون ظناً جازماً أنها ليلة القدر. 19. أن القيام عند ختم القرآن في رمضان بسجدات القرآن كلها في ركعة: بدعة، وكذلك سرد آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد ختم القرآن. 20. أن الاحتفال بذكرى غزوة بدر ليلة السابع عشر من رمضان: بدعة، ومن التشبه بالنصارى المنهي عنه أيضاً. 21. استحباب التزوج في شوال، وأن التشاؤم من الزواج فيه أمر باطل ليس له أصل. 22. أن ما يسمى بعيد الأبرار – وهو اليوم الثامن من شهر شوال -: بدعة منكرة. 23. أن التعرف - وهو اجتماع الناس يوم عرفة في المساجد للذكر والدعاء -: أمر محدث، وجمهور العلماء على أنه بدعة. 24. أن عيد غدير خم – وهو في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة -: من الأعياد المبتدعة، التي ليس لها أصل، وأول من أحدثه – حسب ما اطلعت عليه – معز الدولة بن بُويه سنة 352هـ. 25. أن احتفال المسلمين بعيد ميلاد المسيح، أو بالنيروز، أو بأعياد الميلاد، أو ذكرى بعض العلماء والحكام، أو برأس السنة الهجرية أو الميلاد، أو برأس القرن الهجري، أو ببعض الأعياد المحدثة؛ كالأعياد الوطنية ونحوها، كل ذلك من التشبه بأهل الكتاب المنهي عنه بالكتاب والسنة والآثار والاعتبار، بالإضافة إلى كونها محدثة لا أصل لها. 26. مشروعية مخالفة أهل الكتاب وغيرهم في عاداتهم، وأعيادهم، وأخلاقهم، وغير ذلك من أمورهم. وختاماً نقول: اللهم اجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أيامنا يوم لقاك، ووفقنا لما تحبه وترضاه، وارزقنا السداد والرشاد، وأسبغ علينا نعمك الظاهرة والباطنة، واجعل عملنا خالصاً لوجهك الكريم، وارزقنا اللهم الفقه في الدين وعلمنا ما جهلنا، وانفعنا بما علمتنا، إنك ولي ذلك والقادر عليه، وصل اللهم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. *************************** www.saaid.net المصدر:
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: هذه الرسالة جديرة بالدراسة والعلم بها وتعليمها لأبناء المسلمين الإثنين 24 يونيو 2013, 12:09 am | |
| هذه الرسالة جديرة بالدراسة والعلم بها وتعليمها لأبناء المسلمين. |
|
| |
| رسالة ماجيستير رائعة عن البدع الحولية | |
|