أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52575 العمر : 72
| موضوع: الأشهر الحُرم السبت 12 مارس 2011, 8:34 pm | |
| الأشهر الحُرم
خطبة مسموعة ومكتوبة لشيخنا الفاضل / فضيلة الشيخ: أيمن سامي
للاستماع للخطبة: http://www.alfeqh.com/montda/index.php?showtopic=5311
الخطبة مفرغة : (( الخطبة لم تُراجع من قِبل شيخنا الفاضل ))
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ,
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران [102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء [1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }الأحزاب [70-71]
أما بعد : الليالي في سيرهن مسرعات , و الأيام في انقضائهن ذاهبات , والأعمار في سيرهن منتهيات, وإلى الله المصير. فجدوا رحمكم الله .. فأمامنا يوم ثقيل تذهل فيه المرضعة عما أرضعت , و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد . لمثل هذا فليعمل العاملون , و تزودوا فإن خير الزاد التقوى.
أيها الأحبة : من نعم الله عزوجل و منته و كرمه ما يفتح الله عزوجل على عباده من مواسم الخيرات , تلك الأيام المباركات التي يمن الله بها جل و علا على عباده , فما أن انقضى شهر رمضان في الليلة التي انقضى فيها الشهر .. بدأ موسمًا كريم وهو موسم الحج لبيت الله الحرام. ربي جل وعلا يقول: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) البقرة 197 وهذه الأشهر كما بينها أهل العلم تبدأ من أول شهر شوال فهي أشهر الحج , أشهر مباركات فيها فرائض من فرائض الله و ركن من أركان الدين لكن منة الله و فضل الله يأتي مرة أخرى بدخول الأشهر الحرم و التي تبتدأ من أول ذي القعدة, يقول الله عز وجل: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ .... ) [التوبة : 36]. فبين الله عزوجل أن عدة الشهور و عددها في داخل السنة اثنى عشرا شهرا . هذه الشهور موجودة منذ خلق الله جل و علا السموات و الأرض , و إن كانوا أهل الجاهلية قد حرفوا فيها و بدلوا هروبًا من الأشهر الحرم و هي الأشهر الأربعة ,
منها أربعة حرم : أربعة أشهر حرمها الله عزوجل , حرم فيها سفك الدم . سفك الدم محرم طوال العام و لكنه في هذه الأشهر , أشد تحريمًا . هذه الأشهر الأربعة بينها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع , في حديث أبي بكرة رضي الله عنه : و المخرج في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان" . فهذه هي الأشهر الحرم و هذا هو بيانها , ثلاثة متوالية وواحد فرد , ثلاث متوالية : تبدأ بذي القعدة , ذي الحجة , شهر المحرم . هذه الشهور الثلاثة متوالية كلها محرمة و كلها أشهر حرم . و شهر واحد بمفرده و هو شهر رجب , شهر رجب الذي هو الشهر السابع في السنة الهجرية أي وسط السنة الهجرية شهر رجب مضر , نسب إلى قبيلة مضر لأن قبيلة مضر كانت تعظم هذا الشهر و لا تنسأه و لا تغيره , و رجب مضر هو الذي في وقته الحقيقي بين جمادى و شعبان , فكان أهل الجاهلية لحرصهم على تعظيم هذه الأشهر الحرم لا يريدون لأن يرتكبون سفك الدم فيها و لا يريدون إيقاع القتال فيها .
فماذا يفعلون ؟؟ استحلوا محارم الله بحيلة لا تنطلي على عقل عاقل !! هم سيدخل عليهم شهر حرام كشهر ذي القعدة مثًلا و لكنهم يعدون العدة لحرب الله أعلم بسببها لربما ناقة فلان شربت قبل ناقة فلان فتداعوا القوم للحرب !! تداعوا لتلك الحرب و هم مقبلون على شهر حرام و ربما يريدون الأخذ بثأر حرب قديمة مثًلا فتداعوا غلى الحرب و الشهر الحرام على الأبواب ماذا يعملون ؟؟ مقدم شهر ذي القعدة شهر حرام , بعده ذي الحجة شهر محرم , بعده شهر المحرم شهر حرام , بعده شهر صفر ليس من الأشهر الحرم ,فينسأوا هذه الأشهر (( النسئ هو التأجيل و التأخير )) فيؤجلوها و يقدموا صفر مثلاً فبعد يومين نستقبل ذي القعدة فيقولون لا .. بعد يومين نستقبل صفر !!
كيف جاء صفر ؟؟ نسأوا الأشهر الحرم , و أتوا بشهر صفر حتى يوقعوا القتال و بظنهم أنهم لا يتعدوا على حرمات الله . فلما كانت الأشهر يقع فيها هذا و تبدل , فوقف صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعد أن تم الدين و كمل , و بين صلوات ربي و سلامه عليه : أن الزمان كله قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض , و أن هذه ألأشهر هي في مواعيدها الحقيقة هي ثابتة غير منسوءة و لا مؤجلة , بل في مواعيدها و مواقيتها , فرجب هو رجب و رمضان هو رمضان , و الأشهر الحرم كما هي . هذه هي الأشهر الحرم , ثلاثة متوالية و شهر فرد و هو شهر رجب . فنحن أيها الأحبة سنستقبل هذه الأشهر المتوالية تباعًا , في هذا الاسبوع الذي نستقبله ندخل في هذه الأشهر . قال الله عزوجل : فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ: ظلم النفس بالوقوع فيما لا يرضي الله عزوجل , بالتجرأ على معصية الكبير المتعال محرم في سائر العام , و لكنه في هذه ألأشهر أشد تحريمًا و أشد تعظيمًا , و أشد تجريما ( أشد جرمًا و إثمًا ) . فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ : ظلم النفس بالتعدي على حق الكبير المتعال ظلم و أي ظلم , ظلم النفس بالتعدي على حقوق عباد الله ظلم و أي ظلم . فعلى المرء المسلم أن يتق الله عزوجل , و أن يراقب الله تبارك و تعالى في نفسه في هذه الأشهر فهو أمام حرمة من حرمات الله . ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج 32 (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج 30 و هو أمام حرمة من حرمات الله و شعيرة من شعائر الله , فينظر الله عزوجل كيف نعمل في هذه ألأيام و في هذه الأشهر , التي هي حقيقة وجودنا على هذه الدار ثم إلى ربنا مرجعنا و محاسبنا على ما فعلنا . ظلم النفس حرام , ظلم عباد الله , اجتناب الظلم أي كان نوعه واجب في سائر العام , و هو في الأيام القادمة أشد وجوبًا . ثم : علينا الاجتهاد في الطاعة والإقبال على ما يُرضي الله عزوجل , رغبة في ثواب الله و طمعًا في كرم الله . فربي جل و علا إذا غلظ العقوبة ضاعف الحسنات .. و النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عبد الله بن عمر , فقال له صلوات ربي و سلامه عليه : صم من الحرم و اترك فهذه الأشهر الحرم فيها تقرب من الله عزوجل بالطاعات و لا سيما عبادة الصيام . أمامنا أيها الأحبة موسم جديد للمتاجرة مع الله , فأين الرابحون في رمضان ؟؟ أين من أقبلوا على الواحد الديان ؟؟ إن من علامة قبول الطاعة .. الطاعة بعدها . إن من علامات قبول الحسنة .. الحسنة بعدها . فهيا أيها المحسنون أحسنوا .. إن الله يحب المحسنين . اجتهدوا رحمكم الله في مواقعة الطاعات في هذه الأشهر المباركات و في سائر الأيام . ووقفة ثالثة و أخيرة : في تحريم سفك الدماء في هذه الأشهر و في تحريم القتال . أيها الأحبة : كم عدد أشهر السنة ؟؟ اثنا عشرا شهرا . كم عدد الأشهر الحرم ؟؟ أربعة . فكم تساوي الأربعة بالنسبة للأثنى عشرا شهرا ؟؟ إنها ثلث العام , سلم و سلام و أمن و أمان , يأمن الناس على أموالهم و أعراضهم و دمائهم , يأمنون في أشهر الحج للحج , و يأمنون في شهر رجب للعمرة . يأمنون في هذه الأشهر , على أموالهم و دمائهم . عظم الإسلام الدم و جعل سافك الدم مرتكب لأثم كبير , و في هذه الأشهر تتضاعف تلك الجريمة , إنها رسالة للعالم و للإنسانية أن هذا الدين دين سلم و سلام , و أمن و أمان , ثلث العام .. سلم و سلام و أمن و أمان . أمّن الإسلام الناس على أموالهم و أعراضهم و دماءهم , و جعل هذه الأشهر يحرم فيها القتال , فهلا فقهت البشرية ؟؟!! و هلا اعتبر عقلاء الإنسانية إلى هذا الدين العظيم ؟؟!! الإسلام الذي تحيته السلام و الذي يدعو للسلم و السلام , و يجعل ثلث العام سلم و سلام و أمن و أمان . أقول قولي هذا و أستغفر الله
الخطبة الثانية : الحمد لله كما ينبغي أن يحمد , و أصلي و أسلم على النبي أحمد , صل الله عليه و على آله و صحبه و سلم أيها الأحبة في الله : إن الأيام تمر مسرعات , و هي مراحل نطويها إلى الدار الآخرة , أيام تمر نقطعها مرحلة مرحلة .. و كل يوم يمر يقربنا إلى الدار الآخرة . فهلا اعتبرنا بسرعة مرور الأيام ؟؟!! هلا اعتبرنا بما مضى كيف مضى ؟؟ هلا اعتبرنا كم ودعنا في الأيام الماضية من حبيب وقريب وصاحب ؟؟ هلا اعتبرنا بمن رحلوا للدار الآخرة ؟؟
أيها الأحبة : إنها حقيقة الدنيا , (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن 26 ,27 فاعتبروا رحمكم الله واتعظوا بمرور الأيام, وتزودوا منها لوقوفكم بين يدي الكبير المتعال. هذا وتوجهوا لله عزوجل في هذا الجمع المبارك في هذا اليوم المبارك في هذه الساعة المباركة بالدعاء. (( الدعاء )) وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. |
|