أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: حكم الاحتفال بذكرى المَولد النَّبوي من غير غناء ولا مُحَرَّمَات الأربعاء 08 نوفمبر 2017, 5:32 pm | |
|
حكم الاحتفال بذكرى المَولد النَّبوي من غير غناء ولا مُحَرَّمَــات ====================================== السؤال: الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في بلاد الأسبان، ونحن نستغل المناسبة لِلَمِّ الشَّمل، والتآخي، ولتعريف الأبناء بعضهم على بعض، ومؤاخاتهم، وتوصيتهم بالاعتزاز والفخر بدينهم، ولوقايتهم ضد ما يخرّبون به عقول أبنائنا بأعيادهم، من كرنفالات وأعياد حُبٍ وهوى؟
الجواب: الحمد لله أولاً: اختلف أهل السيرة في وقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، واتفقوا على أن وفاته كانت في الثاني عشر من ربيع أول للسنة الحادية عشرة للهجرة! وهو اليوم الذي يحتفل به العوام، ويجعلونه: "عيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم".
ثانياً: ليس في شريعة الإسلام ما يسمَّى "عيد المولد النبوي"، ولم يكن الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم من أئمة الإسلام يعرفون مثل هذا اليوم فضلاً عن الاحتفال به، وإنما استحدث هذا العيد بعض المبتدعة من جهلة الباطنية، ثم سار عوام الناس في كثير من الأمصار على هذه البدعة.
ثالثاً: بعض المحبين للسنَّة ممن قد يتأثر بما يراه من الاحتفالات القائمة في بلده، يرى أنه يمكنه أن ينجو من الوقوع في البدعة باجتماعه مع أهل بيته، وصنع طعام خاص لتلك المناسبة فيأكلون جميعاً، كما منهم من يجمع أصحابه وأقرباءه للأمر نفسه، ومنهم من يرى أن يجتمع بالناس لأجل قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، أو لإلقاء محاضرات دينية.
ومن ذلك أيضا: مقصدكم الحسن، في لم الشمل، وإحياء روح الاعتزاز بالدين في بلاد الغربة والكفر.
والواقع: أن كل تلك النيات لا تجعل اجتماعاتهم تلك شرعية، بل هي بدعية منكرة، بل إن كنتم تريدون عيداً: فالفطر والأضحى هما عيدان لأهل الإسلام، وإن كنتم تريدون عيداً أكثر من ذلك: فعندنا يوم الجمعة عيد الأسبوع، فاجتمعوا فيه على صلاة الجمعة، وعلى إحياء الاعتزاز بالدين.
فإن لم يتيسر لكم ذلك؛ فأيام العام كثيرة، ويمكنكم أن تجتمعوا في مناسبة أخرى، لا تكون عيداً مبتدعاً، بل في أي مناسبة مباحةً، كحفل زواج، أو اجتماع على وليمة، أو عقيقة، أو تهنئة بخير، كل ذلك يمكن أن يكون مناسبة لإحياء ما ذكرتم من روح التواصل، ولَمِّ الشَّمل، والتمسك بالدين.
وهذه فتاوى لأهل العلم في حكم مَنْ اجتمع لتلك النيَّات في تلك المناسبة: 1. قال الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني -رحمه الله- في بيان أنواع الموالد-: أحدهما: أنْ يعمله رجل مِنْ عَيْن مالِهِ لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام، ولا يقترفون شيئاً من الآثام، فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشنيعة؛ إذ لم يفعله أحَدٌ من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام، وعلماء الأنام، سُرُج الأزمنة، وزين الأمكنة. "المورد في عمل المولد" (ص 5).
2. وقال ابن الحاج المالكي -رحمه الله- في حكم المولد النبوي الخالي من منكرات آلات المعازف والغناء والاختلاط بين الرجال والنساء: فإن خلا منه، وعمل طعاماً فقط ونوى به المَولد، ودعا إليه الإخوان، وسلِم من كل ما تقدم ذِكره: فهو بدعة بنفس نيَّته فقط؛ إذ إن ذلك زيادة في الدين، وليس من عمل السلف الماضين، واتباع السلف أولى، بل أوجب من أن يزيد نيَّة مخالفة لما كانوا عليه؛ لأنهم أشدَّ الناس اتباعاً لسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً له ولسنَّته صلى الله عليه وسلم، ولهم قدم السَّبق في المبادرة إلى ذلك، ولم ينقل عن أحدٍ منهم أنه نوى المولد، ونحن لهم تبع، فيسعنا ما وسعهم، وقد عُلِمَ أن اتباعهم في المصادر والموارد، كما قال الشيخ الإمام أبو طالب المكي -رحمه الله- تعالى في كتابه. "المدخل" (2 / 10).
3. وقال -رحمه الله-: وبعضهم يتورع عن هذا -أي: السَّماع المُحَرَّم- ويعمل المولد بقراءة "البخاري"، وغيره عِوَضَاً عن ذلك، وهذا وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القُرَبِ والعبادات، وفيها البركة العظيمة والخير الكثير: لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي كما ينبغي، لا بنية المولد، ألا ترى أن الصلاة من أعظم القُرَبِ إلى الله تعالى، ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشرع لها لكان مذموماً مخالفاً، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة: فما بالك بغيرها؟!. "المدخل" (2 / 25).
والخُلاصَة: لا يجوز لكم الاجتماع في تلك المناسبة البدعية لأجل ما ذكرت من لَمِّ الشَّمل، والنُّصح، والتَّوجيه، واجعلوا تحقيق هذه الغايات الشريفة في غير تلك المناسبة، وعندكم العام بطوله لجعل الاجتماعات في أحد أيامه، ونرجو الله تعالى أن يوفقكم لمسعاكم الخَيِّر، وأن يزيدكم هدىً وتوفيقاً. والله أعلم الإسلام سؤال وجواب. |
|