التخطيط في خدمة الدعوة إلى دين الله
لا يخفى على كل داعية نذر نفسه لـتـحـمــل هذه الأمانة العظيمة مدى الحاجة إلى دعوة راشدة تنهض بهذه الأمة، وتستند إلى قواعد صلبة من كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهدي السلف الصالح.
ولا ريب أن من أهم السمات المطلوبة في الداعـيـــة إلى الله هي البصيرة بمفهومها الواسع، والتي تشمل غير العلم بموضوع الدعوة معاني أخرى كثيرة من أهمها: وجود الفهم الشامل لدى الداعية بأهداف دعوته ومقاصدها، وإدراكه للوسائل الشرعية التي ينبغي أن يسلكها لتحقيق هذه الأهداف، والتنبؤ بما قد يعترضه من عوائق ومشكلات، وهذا الوعي والإدراك لمثل هذه الأمور هو ما نسميه بلغة الإدارة: (التخطيط).
ماهية التخطيط:
لا شك أن كل داعية إنما يهدف من وراء دعوته إلى تحقيق جملة من الأهداف؛ إذن: فما هي أهدافه؟ ولديه العديد من الوسائل التي ينوي الـقـيام بها: فما هي أفضل هذه الوسائل لتحقيق أهدافه؟
ويطمح لأن تتحقق أهدافه ومقاصده: فكيف تتحقق هذه الأهداف بالشكل المطلوب؟
ويـرد فـي ذهـنه العديد من العوائق والصعوبات عند رسم برامجه: فما السبيل لتلافي هذه المعوقات وتوقعها مسبقاً؟
إن هذه الخواطر والتساؤلات تبرز مسيس الحاجة إلى التخطيط في برامجنا الدعوية؛ لأن ضعف جانب التخطيط أحياناً وانعدامه في أحيان أخرى أسهم في إضاعة الكثير من جهود الدعاة وأضعف ثمار أعمالهم الدعوية وأضحى الكثير من البرامج تنفذ لمجرد التنفيذ فقط أو لتكون أرقاماً تضاف إلى أعداد البرامج المنفذة.
وإذا تأملت في آثارها فلا تكاد تجد لها أثراً في الواقع أو أنها قد حققت الحد الأدنى من أهدافها، وبتتبع معظم السلبيات في الجهود الدعوية نجد أن الكثير منها يمكن إرجاعه إلى ضعف أو انعدام التخطيط.
وهذا لا يعني إغـفـــــــال العوامل الأخرى كسلامة المنهج وإخلاص النوايا لدى العاملين، وغيرها، ولكن هذه الجـــــوانب قد تكون معلومة لدى معظم الدعاة وليست بخافية كما هو حال التخطيط الذي لا زال قـلـيـــــــلاً أو شبه معدوم في واقع كثير من الدعاة أو الجهات العاملة في حقل الدعوة؛ ولا زالت الارتجالية والعشوائية والفوضى المالية والإدارية أحياناً هي السمة البارزة في كثير من الأعمال الدعوية.