التَّوْبَة وأَدَاء الْحُقُوقِ فِي الحَّجِ
لِصَاحِبِ الْفَضِيْلَةِ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ
د. سَعـدِ بْنِ نَاصِرٍ الشّثـرِيِّ
عضو هيئة كِبَار العلمـاء
وعضو اللَّجنة الدائمة للإفتـاء
ـ حَفِظَهُ اللَّـهُ تَعَالَى ـ
قام بتفريغ هذه المحاضرة : مؤسسة الدَّعوة الخيرية.
وَقام بتنسيقها، ونشرها :
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ
ـ عَامَلَهُ اللَّـهُ بِلُطْفِهِ الْخَفِي،آمين ـ
الحمدُ للَّـهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الْأَنْبياءِ والْـمُرْسَلينَ.
أمَّا بَعدُ :
رِحلةُ الحجِّ من أهم الرَّحلات التي تَكون في حياة الْـمُسلم، وذلك لأن رحلة الحجّ؛ رِحلةٌ إلى اللَّـهِ ـ جلَّ وعلا ـ رِحلة إلى تلك المَشاعِر المقدسة إلى بَيتِ اللَّـهِ الْحَرَام.
رِحْلَةُ الحجِّ رِحلةٌ للتَّخلُص من أمور الدُّنيا كلها حتّى في الثِّيَابِ للتجرد لربِّ العِزَّةِ والْجَلالِ.
ومِن هُنا فَرحلة الحجِّ لها أثر عظيم على العَبدِ، وآثار رحلة الحجّ كثيرة .
أوَّل هذه الآثار: التّخفف من الذُّنُوبِ والْمَعَاصي الَّتي ارْتَكَبها الإنسانُ في حَياتِه، كَما قالَ ﷺ : « وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ ».
ما الحجّ المبرور؟ الحج المبرور يشتمل على صفات ،
أوّل هذه الصِّفات أن يكون خالصًا لِلَّـهِ، فمن حَجَّ مرآة للخلق أو طلب لِلْفُرْجَة أو تمضية ومزج للوقت ، فهذا ليس حَجًّا للَّـهِ ولَيسَ مِن الحجِّ الْمَبرُورِ في شَيء، لأنَّ الْعَمَلَ لا يقبل إلَّا إذا كان للَّـهِ ـ جَلَّ وعَلا ـ .
مالدليل ؟ قول النَّبِيِّ ﷺ : « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ».
من صِفات الحجِّ الْمَبرُور أن يكون على وفق الطَّريقة الشَّرعيَّة الإسلاميَّة بدون بِدَعٍ بدون فعل أمور مخالفة لطريقةِ النَّبِيِّ ﷺ وهديه في الحجِّ، لأنَّ الأَعْمَالَ الْمُبْتَدَعَة غَيْر مَقْبُولَة عِندَ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ ، بل هي مَرْدُودَة في وَجهِ صَاحِبِهَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ : « مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ » .
وَمِن هُنا لا بُدَّ مِن تَعَلُّم طَرِيقَة النَّبِيِّ ﷺ وهديه في الحجِّ حتَّى يكون حَجُّنَا مبرورًا لقولِ النَّبِيِّ ﷺ : « لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ ».
الصِّفة الثَّالِثة من صِفَاتِ الْحَجِّ الْمَبرُور : أن لا يكون معه مَعَاصِي ولا ذُنُوب، فَحَجٌّ فيه معصية وذَنب يُخَالِف الْمَقْصُود الشَّرعي مِن كَمَالِ الْحَجِّ وتَمامه ، لأن الشَّارع قصد تخليص النفس من تلك الأوزار والذُّنوب بحيث تتعود على الطَّاعَةِ وتعرِف قِيمَتَها ولذتها، لكن النفس إذا كانت تزاول المعاصي في الحجِّ معناه أنها لم ولن تتعود ترك المعاصي بعد الحجِّ.
الحَجّ المبرور من صفاته أن يكون العبد مستشعرًا للمعاني الشرعية لأركان الحجّ وواجباته يستشعر أن الحجَّ لإقامة ذِكْر اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لعبادةِ رَبِّهِ أنَّ الحَجَّ للتَّخلص من الذُّنُوبِ ، أن الحجَّ يُراد بِه رفعة الدَّرَجَة بالآخرةِ عُلو المنزلة عند رَبِّ الْعِزَّةِ والْجَلالِ.
فهذه من صفات الْحَجِّ المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجَنَّة.
ومِن هُنا فالحجُّ مهم لأن له آثار عظيمة سواء في التّخفف من الذُّنوبِ أو فِي تصفية النُّفُوس مِن طَاعَةِ الشَّياطين والْهَوَى إلى طَاعَةِ رَبِّ الْعِزَةِ والْجَلالِ، أو في اسْتِشْعَارِ الْمَعانِي الشَّرعيَّة من التَّعاون على البِرِّ والتَّقْوَى مِن حُسْنِ الْخُلُقِ والتَّعَامُل مع الْخَلْقِ مِن إِطَابَةِ الْقَوْلِ مَعَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ مِن الإكثار مِن ذِكرِ اللَّـهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ) [ سورة البقرة ، الآية : 200 ] ، الحَجّ فيه تعليق للقُلوبِ فِي الآخرةِ كَيف تعلقت الْقُلُوب بالآخرةِ ، لأنَّهُ فِي الْحَجِّ يدع الدُّنيا كُلّها ويتوجه إلى ربِّ الْعِزَّةِ وَالْجَلالِ يدع العلائق مَعَ كافةِ الْخَلائقِ للاتصال بِربِّ السَّمَاوَاتِ والأرَاضين.
ومن هنا فالحجّ مدرسة عظيمة لتربية النُّفوس فلا بُدَّ من استشعار هذه المعاني ومن أوئل ما نحقق به هذه الفوائد العظيمة في الْحَجِّ أن نَفْعَل مُقَدِّمَات الْحَجِّ ، من مثل ماذا ؟
أوَّل ذلك تدريب النُّفُوس على إخلاصِ النِّيَةِ لِلَّـهِ فِي جَمِيعِ الأَعْمَالِ، ومِن ذلك تقديم عَمَل صَالِح قبل الْحَجِّ مِن صَدَقَةٍ وَبرٍّ وصِلةٍ ونحو ذلك، لأن من علامة قَبُولِ الْعَمَل الصَّالِح تتابع الأعمال الصالحة، لأنَّ اللَّـهَ يقبل مِن الْمُتقينَ.
ومن ذلك أيضًا أن ندرس أحكام الحجِّ قبل أن نفد إلى تلك المواطن العظيمة، ماذا نفعل؟ ما هي الأمور المشروعة لنا لنفعلها في مِنَى ،في مكة ،في عرفة ، في مزدلفة. كيف نفعل في الميقات ؟ ونحو ذلك من الأحكام الشرعية، لتكون بذلك قد عَرَفْتَ أحْكَامَ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَكُنْتَ ممن دَخَلَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ : « وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّـهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ » ، وبذلك أيضًا تكون ممن يَتَمكَّن مِن اسْتحضارِ النِّية في أعمالِه في المشاعر، لأنَّك عندما تَعرِف أحكام أفعالك في الْمَشاعِر تتمكَّن مِن التَّقرب للَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بها تعرف أن هذا واجبٌ فتتقرب إلى اللَّـهِ به،تعرف أن هذا مستحب فتتقرب إلى اللَّـهِ به.
أمَّا إذا لم تعرف الأحكام الشَّرعيَّة فكيف تتقرب إلى اللَّـهِ بما لا تعرف أنه قربة وعبادة ؟! وبذلك يتمكن الإنسان من ضبط وقته لِيَكُوْن وَقْتُهُ كُلُّهُ في تلك المشاعر منشغلًا بِطَاعَةِ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وعِبَادَتِهِ سُبْحَانَهُ .
ومما يقدم بين يدي الحجِّ ؛ التَّخلص من الذُّنوب والمعاصي، لأنَّه من طبيعةِ الْبَشَرِ أن يكون عندهم معصية، ما من أحد منا إلا وعنده ذُنُوب ومعاصي ، لكن من فضل اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أن فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لنا، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّـهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ».
ما أعظم رحمة ربِّكَ يعرض التَّوبَة عليكَ ولا يؤاخذك بها إذا تبت إلى اللَّـهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [ سورة طه ، الآية : 82 ] ، ، ويقول النَّبِيُّ ﷺ : « مَنْ تَابَ، تَابَ اللَّـهُ عَلَيْهِ »، بل هناك ميزة للتائبين ؛ ألا وهي أن اللَّـهَ يحبّ أؤلئكَ الَّذينَ يكثرون من التَّوْبَةِ : ( ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) [ سورة البقرة ، الآية : 222 ]، بل هناك ميزة أخرى أن اللَّـه ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يقلب تلك السّيئات التي عملها العبد لتكون في ميزان حسناته كَما قالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ) [ سورة الفرقان ، الآية : 70 ] .
ومِن هُنا لا بُدَّ أن نستجيب للأمر الإلهي الذي أمرنا بالتَّوْبَةِ ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ) [ سورة النور ، الآية : 31 ]، فَأهل التَّوْبَةِ هُم أهل الْفَلاحِ دُنيا وآخِرَة.
إذا تقرر هَذا مَا هي التَّوْبَة التي أَمَرَ اللَّـهُ بها ، وكيف نفعلها ،وكيف نتحقق من وجودها ؟
التوبة مركبة من عدد من الأركان :
أوّلها تركك الذنوب التي تريد التوبة منها، كيف تقول أنك تبت إلى اللَّـهِ وأنت لا زلت مستمرًّا على معصيتك وذنبك، فلا بد من الإقلاع عن الذَّنبِ لأن من لم يقلع عن الذنب ، فهو لم يرجع إلى اللَّـهِ لا زال مستمرًّا في طريق الغواية، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : (ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ـ إخوان الشياطين ـ ﮗ ﮘ ﮙ ـ يجعلون يستمرون في غيهم ومعاصيهم ـ ﮚ ﮛ ﮜ) [ سورة الأعراف، الآيتان : 201 ـ 202 ] ، بل إن اللَّـهَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ جعل تلك الدَّار الجنة لأَصْحَابِ التَّوْبَةِ ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ :
(ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ـ يعني كبيرة ـ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ) [ سورة آل عمران، الآيتان : 135 ، 136 ] .
إذًا هَذا هو الرُّكن الأوَّل مِن أركان التَّوبةِ ؛ وهو الإقلاع عَن الذَّنبِ .
الرُّكن الثَّاني أن يوجد عندك عزيمة جازمة بأن لا تعود إلى الذَّنبِ مرة أخرى، لأنك إذا تركت الذَّنب لمدة محدودة وفي نيتك أن تعود إليه ،فأنت حينئذ لم تقلع عن الذَّنب لا زال قلبك متعلق بالمعصية.
ومن أمثلة هؤلاء من يقلع عن الذنب في المواسم ؛ موسم الحَجِّ أو موسم رمضانَ، وفي نيته أن يعود إلى الذَّنبِ بعده ؛ هذا لم يتب إلى اللَّـهِ ، لأنَّهُ لم يوجد عنده عزم جازم بترك ذلك الذنب في المستقبل.
والأمر الثَّالِث النَّدَمُ على ما فعله من المعصية سابقًا، فمن لم يندم ولا زال مفتخرًا بفعله للمعصية ؛ هذا لم يتب إلى اللَّـهِ ، لأن قلبه لم يستشعر خطورة ذلك الذنب.
وأمر آخر أن تَكُون هذه التوبة للَّـهِ خوفًا مِن عِقَابِ اللَّـهِ ورَجاءً في ثَوابِ اللَّـهِ ، نُريدُ الْجَنَّة ونَخَاف مِن النَّارِ.
بعض النَّاسِ يترك المعصية خَوفًا على صِحَّتِهِ لمجرد الصِّحَّة هذا ليس له أجر وليست هذه توبة.
لا بُدَّ بالتَّوبة أن تكون للَّـهِ ، لكن لو ترك ذلك الضَّار ببدنه ليستمر بدنه قويًّا على الطَّاعةِ كان مَأجورًا ، وكانت توبة صحيحة.
أمَّا إذا تَرَكَهُ ـ تَرَكَ الذَّنب ـ خوفًا على بدنه ليستمتع به في الدُّنيا ولا يستشعر أن ذلك البدن يقوم بالطاعات حينئذ لا يؤجر على هذا التَّرك للمعصية.
تَرَكَ الخمر لأنه مريض بمرض في كبده عنده تليف بالكبد، فهو يريد أن يبقى بدنه ليستمتع به في الدُّنيا ،هذا ليس مأجورًا على هذا الترك.
تَرَكَ شرب الدُّخان خوفًا على بدنه ، ليس مأجورًا على هذا الترك ، وإنما يؤجر إذا نوى بذلك التّقرب للَّـهِ كأن ينوي أن يستمر هذا البدن سليمًا ليعبد اللَّـه به ليقوم بالواجبات الشرعية عليه.
هناك شروط للتوبة ، من هذه الشروط :
أن تكون التوبة في الوقت المحدد شرعًا، متى الوقت المحدد؟
الوقت المحدد له جهتان جهة متعلقة بكل إنسان لوحده ، فإن الرَّوح إذا بلغت الحلقوم لم تقبل التوبة حينئذ، لأنه قد عاين الموت ، مثل فرعون عندما تاب لما أدركه الغرق : (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ) [ سورة يونس ، الآية : 91 ] .
قالَ تَعَالَى : ( ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)
[ سورة النساء ، الآية : 17 ]، متى من قريب يعني مدام الإنسان في حياته قبل بلوغ الروح الحلقوم ، ثم قال في الآية التي بعدها : (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ)[ سورة النساء ، الآية : 92 ].
من شروط التَّوْبةِ أيضًا : إرجاع الحقوق لأصحابها، إذا كان هناك حقوق عندك لأحد من الخلق فلا بد من إعادته لصاحبه.الحقوق مثل ماذا ؟
جميع الحقوق ولو كانت قليلة حتى قلم الرصاص أو القلم ، لا بد من إعادته لصاحبه أو يأذن.
قال : واللَّـهِ ، أنا ما شعرت وأخذته وأنا ما أدري .
هذا قلمه لابد من إرجاعه إليه ، ولا يستهين الإنسان بحقوق الآخرين.
قال : طَيَّب ، هذا مال عام ، أنا ماخذه من الوظيفة ولا من مكتبي ، ما له لأحد فيه حق عموم الناس. وإن كان كذلك لما ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الغلول وما يؤخذ من المال الفيء والمال العام قَالَ : « مَن كَتَمنا شَيْئًا وَلَوْ مَخِيط مِن حَدِيدٍ ، ـ وَفِي لَفْظٍ :
"وَلَوْ قَضِيب مِنْ أَرَاكٍ" ـ عُذِّبَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَةِ » أو كما قال ﷺ .
وَيَقُولُ ﷺ : « مَا بَالُ أَقْوَامٍ يتغولون الْمَال ـ وَفِي لفْظٍ : مَالَ اللَّـهِ ـ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ » كَما فِي الصَّحيح بمعناه.
والغلول هو أخذ المال العام ، أموال الدولة ، أموال الوظائف العامة.
فلذلك لابد من إرجاع الحقوق لأصحابها، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقُ ،أَوْ لَيَأخُذَنَّ اللَّـهُ مِن حَسَنَاتِكُم لِأَصْحَابِهَا ».
يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ : « مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِس فِيكُمْ ؟
قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ »( ).
تصور أنك تأتي يوم القيامة معك أعمال كالجبال صلاة وصيام وصدقة وحج إلى آخره، ثم توقف في ذلك الموقف ثم تؤخذ حسناتك التي تعبت عليها في الدنيا، قال : هذا حجي بذلت فيه من الأموال الشيء الكثير وأتعبت نفسي وأكللت سيارتي ودفعت تذاكر ودفعت للحملة وو...، قيل : هذا بما جنت يداك يؤخذ من حسنات حجك وتوضع لغيرك وأنت مسكين تتفرج.
حتى إذا لم يبقى من حسناتك شيء من تلك الجبال أخذت من سيئاتهم وطُرِحَت عليكَ ، فَطُرِحَ فِي نَار جهنم ،والعياذ باللَّـهِ.،
تصور نفسك وأنت في هذا الموقف.
إذا تقرر هذا فلا بد من إرجاع الحقوق لأصحابها ، لكن قد يعجز الإنسان عن رد الحق لصاحبه وحينئذ عليه أن يذهب إليه ويَطْلُب مِنهُ أن يُبِيحَهُ ويُحلله، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « مَنْ كَانَ عِنْدَهُ لِأَخِيهِ مَظْلِمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِرْهَمٌ وَلاَ دِينَارٌ».
لكن في بعض المواطن قد لا يكون من المصلحة الشرعية التحلل منه كحديث الإنسان بالآخرين بذكر معايبهم ، ذكر عيوب الآخرين حرام ومن المعاصي التي يقول فيها النَّبِيُّ ﷺ عندما فسّر الْغِيبَة ، قَالَ : « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ » ، وهي مما يَدْخُل فِي قَولِ اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : ( ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ) [ سورة الحُجُرات ، الآية : 12 ] .
عندما تقول فلان خل عنك مطول ثوبه ، هذه معصية وغيبة، فلان يحلق لحيته هذه معصية، فلان إذا خلى أقدم على معاصي وذنوب ويشاهد القنوات التلفزيونية ؛ كلامك هذا غيبة حرام ، لا يجوز لك أن تقوله.
وهكذا أعظم منه وأشنع منه أن تتكلم بالعيوب الخلقية على جهة الذّم للآخرين، فلان قصير شف قصره، ناظر يده يا أخي يتشائم الواحد من يده، هذا معصية وحرام ، لأنه يمكن أصبحت ما تعيب هذا الشخص وإنما أصبحت تعيب خَلْق العزة والجلالة.
وهذا أشنع وأعظم ولذلك يحذر الإنسان منه.
جاء في الحديثِ أنَّ عائشةَ أو غيرَهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ : يَكْفِيكَ مِنْ صَفِيَّةَ أَنَّهَا هَكَذَا ـ وأشارت بيدها أي أنها قصيرة ـ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : « لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ ».
هي استشارة كم تتكلمون في اليوم كلام بالآخرين بذكر معايبهم وعيوبهم.
من ما لهم شغل وحديث في ريسهم كل شيء مسجل (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ) [ سورة ق ، الآية : 18 ]
، ( ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [ سورة الانفطار ،الآيات : 10 ، 11 ، 12 ] .
ومن هنا مثل هذا الذنب الغيبة كيف نتحلل منه كيف نتخلص منه؟
إن علم المغتاب بهذه الغيبة ؛ وجب عليك التحلل منه ، لأنه حق له ، فوجب عليك أن تطلب منه أن يحللك وأن يبيحك .
لكن إذا لم يعلم، لو أخبرته لترتب على ذلك مفسدة أعظم وأدى ذلك إلى مخالفة مقصود الشارع من تآلف الناس وتعاونهم ومحبة بعضهم لبعض فماذا نفعل ؟ نقول : اذكر هذا الشخص بمحاسنه في تلك المجالس التي ذكرت مساوئه فيها ، لما ذكرت مساوئه في مجلس فإذا جلست في ذلك المجلس فأذكر محاسنه .
ما من إنسان إلا وفيه مساوئ ومحاسن، يقول رَسَولُ اللَّـهِ ﷺ : « وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا »، ويقول اللَّـهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ) [ سورة هود ، الآية : 114 ]، وبذلك نتمكن من إرجاع هذه الحقوق لأصحابها. يتعلق بعنواننا أن نؤدي الحقوق في أثناء تأديتنا للحَجِّ عندما تذهب للحجِّ عليك حقوق يجب عليك أن تؤديها وأن تقوم بها.
من تلك الحقوق حقّ ربّ الْعِزَّة والجلال ؛عليك بإخلاص النية والقيام بالطَّاعة البعد عن المعصية، وهو سبحانه لم يستفيد من عملك أنت المستفيد لكنه حق لربِّك : ( ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ) [ سورة النساء ، الآية : 36 ]، ومن ذلك أن لا نصرف شيئًا من حقوق اللَّـهِ الخاصة به لغيره كائن من كان. موب يروح الواحد في تلك المواطن ويصبح يدعو الأولياء والأنبياء يا نبي اللَّـهِ أغثني، يا مهدي أدركني، لأن هذا اعتداء على حق ربِّ الْعِزَّةِ والْجَلالِ ، فإن اللَّـهَ سُبْحَانَهُ قد أمر بدعاءه وحده فقال : (ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ) [ سورة البقرة ، الآية : 186 ]، و قال : (ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ) [ سورة غافر ، الآية : 60 ] ، ويقول سُبْحَانَهُ: (ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ) [ سورة الجن ، الآية : 18 ]، ويقول ـ جَلَّ وَعَلا ـ : (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [ سورة الأحقاف، الآيتان : 5 ـ 6 ] .
ومن هنا لا بد أن نفرد اللَّـه ـ جَلَّ وعَلا ـ بعبادتنا ؛ صلاتنا للَّـهِ، حجّنا للَّـهِ، دعاؤنا للَّـهِ، صيامنا للَّـهِ، لا نقصد به شيئًا من الدُّنيا ولا مرآة أحد من الخلق ولا التّقرب والشّرك في عملنا بأن نصرف لغير اللَّـهِ : « مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ » .
الحق الثاني : حق النَّبِيِّ ﷺ ، بأن نكون متبعين له ﷺ في تلك المناسك ليُقبل حجّنا وأن نحبّه ﷺ محبةً أعظم من محبتنا لأنفسنا ووالدينا وأولادنا والنّاس أجمعين.
يقول النَّبِيُّ ﷺ : « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ، ويقول ﷺ : « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّـهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ »،وهذا في الحديث الصحيح .
وكذلك نحرص على أداء حقوق الوالدَيْنِ ببرِّهما والإحسان إليهما وطاعتهما، لو قال الوالد لك : لا تحج حج النافلة ، وجب عليك طاعته وحرم عليك الذهاب للحج.
ومن فضل اللَّـهِ أن اللَّـهَ يعوضك بأن يكون لك أجر الحجّ ، لأن من ترك الحجّ بسبب خارج عنه ومن ذلك الأسباب الشرعية يكون له أجر الحج ومثله أيضًا الوالدة .
وكذلك من الحقوق : حقوق الأولاد ؛ بأن يقوم الإنسان بتربيتهم وتعليمهم وتوجيههم ، وأن لا يذهب إلى الحجّ ويتركهم هملا ، سواء في توجيههم أو في مأكلهم ومشربهم، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ».
لو قُدِّرَ أن إنسان قال : ليس لدي إلا مال قليل إما أن يكون للحجّ ، وإما أن يكون لنفقة أبناءه .قيل وجب عليك أن تنفق على أبناءك، وصرف هذه النفقة في الحجّ حرام عليك ؛ هذا حكم شرعي وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول ، لأن هذا وجب متعين عليك والحج يسقط مع العجز عنه: ( ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [ سورة آل عمران ، الآية : 97 ].
ومثل ذلك حق الزوجة ما يضيعها الإنسان ، ولا يترك النفقة عليها من أجل الحجّ. وهكذا أيضًا صلة الأقارب ، فإنها من الحقوق الواجبة على الإنسان ، التي ينبغي به أن يحرص على أدائها بكلمة طيبة بصلة وزيارة.
يقول النَّبيُّ ﷺ : « لَمَّا خَلَقَ اللَّـهُ الخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ، قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ ، قَالَ اللَّـهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : « أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ » ، ويقول ﷺ : « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، وَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ »( ).
يتعلق بهذا أيضا حقوق جميع المسلمين وخصوصًا الحجاج، فالحاج لابد أن يراعي حقوق أخوانه من الحجّاج ومن غيرهم من المسلمين.
ومن حقوق إخوانك الحجّاج عليك ، الذين هم ضيوف ربّ العالمينَ ، الذين قدموا للَّـهِ ، تركوا الدنيا رغبةً بما عند اللَّـهِ ، يجب لهم حقوق .
أول هذه الحقوق : ترك ظلمهم لأن الظلم عقيم، لأن الظلم وخيم العاقبة، يقول اللَّـهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ) [ سورة الحج ، الآية : 71 ]، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « إِنَّ اللَّـهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » ،ثم تلى قوله اللَّـهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ) [ سورة هود ، الآية : 102 ]
يقول اللَّـهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ في الحديث القدسي : « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلَا تَظَالَمُوا».
ومن ذلك أن يحرص الإنسان على إحسان الخلق والتعامل مع الآخرين وخصوصًا مِن الحجاج، الناس يرضيهم منك تبسم بوجهك ، يرضيهم منك ترك التعبيس بالوجه ، يقول النَّبِيُّ ﷺ : « تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ »، ويقول ﷺ : « أَنَا ضَمينٌ بِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ »، ويقول : « إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِم لَيَبْلُغ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ».
والنصوص في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام كثيرة.
وهكذا أيضًا ما يتعلق بالكلام الطَّيّب فإن من حق إخوانك عليك إطابة القول معهم وخصوصًا الحجّاج، يقول اللَّـهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : ( ﯦ ﯧ ﯨ ) [ سورة البقرة ، الآية : 83 ]، ويقول سُبْحَانَهُ : (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ) [ سورة الإسراء ، الآية : 53 ]، ويقول النَّبِيُّ ﷺ : « الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ».
إذًا لابدّ من مراعاة هذه الحقوق وخصوصًا في ذلك المشعر ، ومن هنا نعلم أن بعض التّصرفات الموجودة من بعض الناس لا تمد إلى الشرع في شيء ، بل هي مخالفة للشرع.
عندما يأتي إنسان وَيَدْفر من بجواره من أجل أن يرجم الجمرات ، نقول : أخطأت ، أقدمت على معصية عظيمة تتعلق بحقوق الآخرين من أجل إدراك أمر لو فات عليك أمكنك استدراكه بذبح ذبيحة ولا يلحقك شيء من المأثم ، فكيف تلحق بذمتك هذه المعاصي والذنوب؟!
بل أعظم من هذا ، يأتي الواحد ويقول : هذه حجة الإسلام لابد أن أقبل الحجر الأسود ، فيأتي وَيَدْفُرُ المئات من أجل فعل هذه السنة والأمر المستحب ، ألا وهو تقبيل الحجر الأسود.
مسكين رتب على نفسه آثام عظيمة في أقدس مكان وأعظمه من أجل جهله ومن أجل عدم إدراكه للمقاصد الشرعية في هذا .
ومثله أيضًا فيما يتعلق بالمشاعر ، ترك الإيثار بأداء الأعمال الصَّالحة ، يأتي إنسان ويكون معه ماء ، فيجدوا كبير سن أو محتاج إلى ماء صغير سن أو غيره فيعطيه الماء فيعظم أجره وثوابه عند اللَّـهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بأجور عظيمة.
وكلما كانت حاجة المعطي لهذا الماء أكثر ، كلما كان أجره وثوابه أعظم.
انتظر في سرة دورة المياه عشر دقائق ، فجاء ذلك الكبير في السِّن أو ذلك المريض ، فقال : يا أخي تعال خذ مكاني، ياخذ كومة حسنات ؟ اللَّـه أعلم بها، ( ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) [ سورة الحشر ، الآية : 9 ]
عشان تخلى عن سرة من الحمام صار من المفلحين ، عمل سهل ثوابه عظيم.
قال : لا ،لا ، أنا جايين قبله .وبعض المرات يحاولن يتجاوز اللي قدامه، أنت منت بتعامل الخلق ولانت بتخادع عمل الخلق أنت تعامل ربّ العزّة والجلال.
كل عمل لك مسجل عند ربّ العالمين.
أَسالُ اللَّـهَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ أن يرزقنا وإيّاكم حجَّا مبرورًا ، وأن يجعلنا مما دخل في قولِ النَّبِيِّ ﷺ : « مَنْ حَجَّ لِلَّـهِ فَلَمْ يَرْفُثْ ، وَلَمْ يَفْسُقْ ، رَجَعَ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ »،
كما أسأله ـ جَلَّ وَعَلا ـ أن يسلم الحجاج وأن يتقبل منهم حجهم وأن يعيدهم إلى بلدانهم سالمين غانمين مأجورين قد عظم ثوابهم وارتفعت درجاتهم عند رب العزة والجلال،
كما أسأله سُبْحَانَهُ وتعالى أن يوفّق ولاة أمورنا لكل خير وأن يجزيهم خير الجزاء على ما يقدمونه لحجّاج بيت اللَّـه الحرام وأن يعظم لهم الأجر وأن يبارك في جهودهم ،هذا ،واللَّـهُ أَعْلمُ.
وَصَلَّى اللَّـهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْن.
[ أسئلة و أجوبة ]
السؤال:ما هو الأفضل في حق المسلم أن يحج حجة النفل أو أن يتصدق بهذا المال؟
الجواب: إذا وجد المحتاج للمال حينئذ الصدقة عليه أفضل من حج النفل، وذلك أن النبي ﷺ فضل عمل الذي يتعدى نفعه للغير على العمل الذي لا يتعدى نفعه ولأن من تصدق بهذا المال فإنه حينئذ يكون قد سد حاجة أخيه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.
السؤال: ما الفرق بين الذنب والسيئة والإثم والخطيئة؟
الجواب: الذنب هو العمل الذي يعمله الإنسان من المعاصي والسيئة الأصل فيها أنه ما يسجل على العبد من هذه الأفعال، سميت سيئة لأنها تسوء صاحبها يوم القيامة.
السؤال: إذا كان على الشخص حق ولكنه نسيه ولم يعده إلى أهله فماذا يفعل؟
الجواب: يعيده متى تذكره.
السؤال: لدي حق لأحد الأشخاص وذلك في سن التاسعة ولكن انقطعت سبل التواصل مع هذا الشخص فماذا ينبغي علي؟
الجواب: يجب عليك أن تبذل الأسباب في البحث عنه فإذا عجزت فتصدق بذلك المال بنية أنه عن صاحبه، فإن وجدته بعد ذلك فخيره بين الأجر وبين مال مماثل للمال الذي له.
السؤال: أتعرض بشكل يومي للأذى من غمز ولمز بشكل مباشر وغير ذلك من الزملاء فماذا أفعل في هذا؟
الجواب: احمد ربك هذي نعمة لأنه يعظم أجرك وثوابك عند رب العزة والجلال، يقول النبي ﷺ : « من يرد الله به خير يصب منه»، ويقول النبي ﷺ : « لا يصيب العبد المؤمن من هم ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كان ذلك كفارة لذنوبه»، ومن هذا الحزن الذي يدركه بسبب كلام الآخرين ومن هنا فتح الله عليك باب أجر عظيم بالصبر، يقول اللَّـهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : ( ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ) [ سورة الزُّمَر ، الآية : 10 ] ،بغير حساب ماله حدود ويقول ﷺ : « لم يعطى أحدا عطاء أفضل ولا أعظم أجر من الصبر» ومن هنا احمد ربك أنه فتح الله لك باب عظيم من أبواب الأجر والثواب الذي يكفر به ذنبك.
السؤال: هذا بما يتعلق بمسألة سب الآخرين يقول: قول الإنسان يعني – يلعن شكلك- أو كذا هل يعتبر من الاستهزاء بخلق الله؟
الجواب: هذا لعن للآخرين ولعن الآخرين من كبائر الذنوب وقد ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال: « لا تلاعنوا بلعنة الله»، ومن هنا فلا يجوز للعبد أن يفعل هذا، وهذا ليس فيه استهزاء وإنما فيه إثم عظيم لأنه من اللعن والنصوص قد جاءت بالنهي عن اللعن
أسألُ اللَّـهَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ أن يوفّقنا وإيّاكم للخير ، وأن يجعلنا وإيّاكم من الهداة المهتدين ، وأن يصلح أحوال الأمَّة ، وأن يردهم إلى دينهم ردًّا جميلًا .
هذا ،واللَّـهُ أَعْلمُ.وَصَلَّى اللَّـهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ ، وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْن. ( )