بسم الله الرحمن الرحيم
الآخطاء التي يقع فيها الحجاج والعمار
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالي من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) أما بعد:
أعلموا أيها الأحبة أن لله مواسم ونفحات يصيب بها من يشاء من عباده فالسعيد من أغتنم هذه الأوقات وقرب إلى مولاه رب الأرض والسماوات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بعدها سعادة لا يشقى بعدها ابداً.
ومن هذه الأيام المباركات العشر من ذي الحجة وهي أفضل أيام الدنيا وقد شرع الله فيها حج بيته الحرام.
فالحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وهو من أفضل الطاعات و أجل القربات التي ترضي رب الأرض و السماوات وهو عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين
وقف الناس جميعاً في صعيد واحد وسمعوا قول الحق سبحانه وتعالي:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران 97)
وسمعوا قوله تعالي:
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ( البقرة 196)
- أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:
سئل رسول الله أي العمل أفضل ؟
قال: إيمان بالله ، قيل ثم ماذا ؟
قال: الجهاد في سبيل الله ، قيل ثم ماذا ؟
قال: حج مبرور .
- وأخرج البخاري من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت:
قلت يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد ؟
قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور .
- وعند الإمام أحمد بلفظ:
يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم ؟ فقال: أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور .
قال عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعته من رسول الله .
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
- أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال:
العمرة إلى العمرة كفارة بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
والحج المبرور هو الحج الذي لم يخالطه إثم وكان على وفق ما جاء به النبي
ولذا كان حرياً على كل مسلم أن يسلك أفضل طريق ليكون حجه مبروراً وعمرته مقبوله ولا يكون ذلك إلا بأتباع النبي وهو القائل كما في الصحيح خذوا عني مناسككم ولكن لما بعد الناس عن طلب العلم ومدارسة الشريعة كان هناك جهل بأحكام الشرع، فيكون في العبادات من التخليط والأبتداع مما يقدم في حق العمل فيرد على صاحبه لانه لم تتوافر فيه أحد شروط صحة العمل وهو الأتباع لذا كان لزاما أن أن نوضح ملة من الأخطاء و التي يقع فيها بعض الحجاج أو العمار حتى يتبنه لها من أراد الحج أو العمره فيحج كما حج النبي ويرجع من حجه كيوم ولدته أمه.
- أخطاء الحجاج والمعتمرين -
* أولاً: أخطاء ما قبل الإحرام *
وهذه الأخطاء لا ترتبط بأعمال الحج والعمرة مطلقاً ، ولكن قد تكون مخلة بشرط صحتهما أو قادحة فيها ، وهي ثمانية أخطاء فقبل أن تلبس لباس الإحرام أخي تعرف عليها واستعن بالله على التخلص منها ، وهي كالتالي:
الخطأ الأول: إهمال التوبة النصوح قبل السفر للحج أو العمرة .
ومن المعروف أن من شروط التوبة الإقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم الأكيد على عدم العودة إليها ، ثم إذا كانت هذه المعصية تتعلق بحق آدمي يزيد شرط رابع وهو التحلل من هذا الحق واسترضاء صاحبه .
والصواب: أن التوبة من أوائل ما يحرص عليه الحاج والمعتمر قبل سفره لأداء هذه العبادة .
الخطأ الثاني: استهانة بعض الحجاج بحقوق العباد .
وذلك نتيجة خطأ في فهم النصوص الواردة في فضل الحج .
- كقول الرسول الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال:
من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .
- وكقول الرسول الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال:
العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
وغير ذلك من النصوص الذي يوهم ظاهرها أن الحج والعمرة يُسقطان حقوق العباد .
والصواب: أن الحج والعمرة مع فضلهما لا يسقطان حقوق العباد .
* والدليل على ذلك أمران:
أ – الحج والعمرة ثوابهما يسقط الأوزار والذنوب ولا يسقط حقوق العباد .
قال الإمام الترمذي تعليقاً على حديث رسول الله :
من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه .
هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله خاصة دون حقوق العباد ولا تسقط الحقوق أنفسها فمن كانت عليه صلاة أو كفارة ونحوهما من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب إنما الذنوب تأخيرها فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي أنفسها ، فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا هي . إرشاد الساري شرح صحيح البخاري ج3 ص97
ب – القتل في سبيل الله لا يسقط حقوق العباد .
- أخرج الإمام أحمد والبيهقي من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي قال:
القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة ، قال يؤتى بالعبد يوم القيامة – وأن قتل في سبيل الله – فيقال: أدِّ أمانتك .
فيقول: أي ربِّ كيف وقد ذهبت الدنيا ؟!!
فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية ، فينطلق به إلى الهاوية وتـُمثـَّل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها فيعرفها فيهوي في أثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه حتى إذا ظن أنه خارج قلَّت عن منكبه فهو يهوي بها أبد الآبدين .
ثم قال: الصلاة أمانة والوضوء أمانة والوزن أمانة والكيل أمانة وأشياء عدَّدها وأشدُّ ذلك الودائع .
ومن هذا يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الحج والعمرة وإن كانا من الأعمال العظيمة التي تجعل المسلم بعد أدائها كيوم ولدته أمه ، إلا أنها لا تـُسقط حقوق العباد كما يظن بعض الناس ومنشأ ذلك من فهمهم الخاطئ للنصوص .
الخطأ الثالث: عدم استرضاء من يجب عليهم استرضاؤه كالوالدين والزوج ( بالنسبة للزوجة ) .
والصحيح أن الحاج أو الحاجة ينبغي لهما أن يسترضيا الوالدين وغيرهما ممن يجب عليهما استرضاؤه ، حتى لا يكون في نفوس أقربائهم منهم شيء فلا يدري الحاج والمعتمر هل يعود إلى بلاده فيُرضي من أساء إليه أم لا ، فينبغي له أن يبادر بذلك قبل سفره للحج .
الخطأ الرابع: التهاون في توخي الحلال في النفقة بحجة أن الحج سيمحو كل ذلك .
والصحيح أن الحج والعمرة وإن كان ثوابهما عظيم وفضلهما جزيل فلا يمكن أن يمحو الحرام الذي أكتسبه الحاج أو المعتمر.
- ويصدق ذلك على حج الفنانين والفنانات فمهما حجوا أو حججن بالمال الذي اكتسبوه من الرقص والغناء والتمثيل فإنه لا يمكن أن يكون حجهم مقبولاً ولا مبروراً لأن النفقة فيه ليست من الحلال ، وشرط الحج المقبول أن تكون النفقة من الحلال .
- أخرج الطبراني بسنده أن النبي قال:
إذا خرج الحاج حاجاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه منادِ من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور .
وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك ناداه منادِ من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور .
فعلى الحج أو المعتمر أن يطيب نفقته فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
إذا حَجَجتَ بمال ٍ أصلُهُ سُحْتٌ فما حَجَجْتَ ولكن حجتِ العيرُ
لا يقبــــلُ الله إلا كـــل طيبةٍ ما كُلُ من حج بيت اللهِ مَبْرُورُ
الخطأ الخامس: عدم طلب الدعاء ممن يُرجى إجابة دُعائهم .
والحق ينبغي للحجاج أن يطلبوا ممن يعتقد أو يظن فيه الصلاح والتقوى بأن يدعو لهم بالسلامة في الوصول والتوفيق في أداء المناسك .
- فقد روى أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –
أنه استأذن النبي في العمرة فإذن له ،
وقال: يا أخي لا تنسنا من دعائك ، فقال كلمة ً ما يسرني بها الدنيا .
فينبغي للحاج والمعتمر أن يطلب من غيره أن يدعو له ، كما ينبغي من الغير أن يطلب من الحاج والمعتمر أن يدعو له عند الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء .
الخطأ السادس: عدم كتابة الحاج والمعتمر وصيته بما له وما عليه عند سفره .
والصواب أنه ينبغي كتابة وصيته عند السفر .
وذلك لقول رسول الله الثابت في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر:
ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده .
فإذا كانت الوصية مستحبة في كل الأوقات فقبل السفر للحج والعمرة تستحب من باب أولى لما يترتب على السفر من المخاطر والمتاعب ولا يدري الإنسان ماذا يلقى في هذا السفر وهل سيعود سالماً منه أم لا .
الخطأ السابع: وصية بعض الحجــــاج لأولادهم وذويهـــم عند السفر أو عنـــد المجيء بزخرفة البيت أو الكتابة عليه بعبارات معينة .
مثل سفر سعيد وعود حميد أو حج مبرور وذنب مغفور ، فإن هذا قد يتنافى مع الإخلاص فينبغي للعبد أن لا يقصد بحجه رياء ولا سمعة ولا مباهاة ولا فخراً ولا خيلاء ، ولا يقصد به إلا وجه ربه ورضوانه ويتواضع ويستكين ويخشع لربه ويجعل عمله خالصاً لوجه .
قال بعضهم: الركب كثر . فرد عليه الآخر: ولكن الحجاج قليل .
قال تعالى قُلْ إِنَّ صَــــلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيــكَ لَـهُ وَبِذَلِكَ
أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ .
* ثانياً: أخطاء الإحرام *
الخطأ الأول: تجاوز الحاج أو المعتمر الميقات المكاني دون أن يحرم .
والصواب الإحرام من الميقات أو قبله إذا لم يعلم الميقات تحديداً ، ويكون هذا الأمر آكد بالنسبة للذين يسافرون بالطائرة فمنهم من يتهاون في الإحرام عند مروره على الميقات أو أن يحرم عند نزوله في أرض المطار .
- قال ابن باز – رحمه الله:
القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة أو السفينة ، فإذا تجاوز من أراد الحج أو العمرة الميقات فعليه أن يرجع ويعود للميقات أو لأقرب ميقات ويحرم منه وإن لم يرجع إليه وأحرم من مكانه فعليه فدية يذبحها في مكة ويطعمها كلها للفقراء .
- والمواقيت المكانية معروفة حددها الرسول بخمسة مواقيت ، وهي:
1- ميقات أهل المدينة: " ذو الحُلَيفـَة " وبينه وبين مكة 540 كم ، ويعرف اليوم بأبيار علي .
2- ميقات الشام ومصر: وهو " الجُحْفـَة ُ " وبينها وبين مكة 204 كم .
3- ميقات نـَجد: وهو " قـَرْنُ المنازل " وبينها وبين مكة 94 كم .
4- ميقات اليمن: وهو " يَلـَمْلـَم " وبينها وبين مكة 54 كم .
5- ميقات العراق: وهو " ذاتُ عِرْق ٍ " وبينها وبين مكة 94 كم .
الخطأ الثاني: اعتقاد بعضهم أن ركعتي الإحرام واجبة .
ليس للإحرام صلاة مخصوصة ، وإنما يستحب فعله بعد صلاة سواء كانت هذه الصلاة فريضة أو صلاة مسببة كسنة الوضوء ، وهي إن كانت من الآداب المستحبة في الإحرام إلا أن الإحرام يصح بدونها .
الخطأ الثالث: تأخير إحرام المرأة لعدم طهارتها من الحيض أو النفاس .
والصواب: أنها تحرم كغيرها وتعمل كل شيء ٍ مع الحجاج غير أنها لا تطوف بالبيت فإذا ما طهرت اغتسلت وطافت بالبيت .
- أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها:
أن رسول الله دخل عليها وهي تبكي فقال: أنفست ؟ " يعني الحيضة " .
قالت: نعم ، قال: إن هذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي .
- وقد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشدِّ والعصبِ وبعد الغـُسل حتى لا يسقط منها ما يؤذي الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها .
- وقد أفتى كل من ابن تيمية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صُحبتها بشرط أن تـَعْصُبَ موضع خروج دم الحيض حتى لا ينزل منها شيء في المسجد وقت الطواف . أحكام الحج والعمرة لمحمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر
الخطأ الرابع: اعتقـــــاد النســــــاء أن لبـــــــس البيــــــاض أفضــــــل للإحــــــرام أو لبسهن ملابس تشف أو تصف أجسامهن .
والصواب أنه ينبغي للمرأة عند تلبثها بالإحرام أن تكون ثيابها مما لا يشف ولا يصف حتى لا يظهر جسمها ، وليس معنى أنها تحج في ملابسها العادية أنها تظهر شيئاً من جسمها كما يحدث من بعض الحاجات وخاصة الإفريقيات .
وكذلك اعتقاد البعض أن ثوب الإحرام لابد له من لون خاص كالأخضر أو الأبيض مثلاً وهذا خلاف الصواب لأنه لا يتعين لون خاص للنساء وإنما تحرم في ثيابها العادية .
الخطأ الخامس: اعتقــاد بعض الحجاج أن معنى أنه لا يلبس المخيط أنه لا يخيط ملابس الإحرام إن انقطعت أو يصل الرداء بخيط أو غير ذلك .
والصواب: جواز وصل الرداء بالخيط أو تخييط ما انقطع من الرداء أو الإزار ولا يُعَدُّ ذلك مخالفة ، لأن العبرة بالمخيط ما كان محيطاً بالجسم عن طريق الخياطة أو لاصقاً بالجسم من غير تخييط كالجورب .
- يقول الشيخ عبد العزيز عيسى:
المراد بالمخيط الممنوع الثياب المفصلة على البدن التي تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز ونحوها .
كيف تحج وتعتمر للشيخ / عبد العزيز عيسى
- يقول الشيخ الأفريقي " كما في كتاب حجة النبي للشيخ ناصر الدين الألباني ":
المخيط الممنوع هو كل ثوب على صورة عضو الإنسان كالقميص والفنيلة والجُبَّ والصَّدريَّة والسراويل وكل ما على صفة الإنسان محيط بأعضائه .
الخطأ السادس: الحج بالملابس العادية لغير عذر .
والصواب: ضرورة الحج بملابس الإحرام إلا لعذر ، وملابس الإحرام من الواجبات عند أكثر المذاهب التي تجبر بدم، وذلك بالنسبة للرجل .
- أما المرأة فتحرم في ثيابها العادية التي لا تشف ولا تصف ولا تنت- ولها أن تضع علي وجهها ما يستره، وفي ملابس الإحرام مظهر الحج بما يوحيه من التساوي بين الناس في الثياب والتشبه بالخروج من الدنيا في قطعة من القماش، والملابس العادية لا تعبر عن هذا المعنى ولا تدل عليه .
الخطأ السابع: اعتقاد بعض الحجاج أنه لا يجوز تغيير ملابس الإحرام أو تنظيفها .
والصواب: جواز التغيير والتنظيف عند الحاجة على أن يكون تغيير ملابس الإحرام بمثلها .
الخطأ الثامن: كشف بعض الرجال أكتافهم على هيئة الاضطباع عند الإحرام .
وهذا غير مشروع إلا في حالة الطواف وطواف القدوم أو العمرة خاصة وماعدا ذلك يكون الكتف مستوراً بالرداء في كل الحالات .
- ملحوظة: والاضطباع هو أن يدخل المحرم الرداء من تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على يساره ويظهر منكبه الأيمن ويغطي الأيسر ، ولا يكون هذا الاضطباع إلا في طواف القدوم أو العمرة كما مر معنا .
الخطأ التاسع: اعتقاد بعض الناس بجواز لبس النقاب والقفاز مع الإحرام وبعده .
والصواب: أنه لا يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس النقاب والقفاز .
- وذلك لما أخرجه البخاري من حديث ابن عمر أن النبي قال:
لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين .
- وأخرج الإمام أحمد من حديث عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت:
كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزوا بنا كشفناه .
ملحوظة: ويستدل بهذا الحديث أن للمرأة المنتقبه أن تدل علي وجهها ما يستره في الحج والعمرة وذلك في وجود الرجال الأجانب
الخطأ العاشر: رفع بعض النساء أصواتهن بالتلبية كالرجال .
والصواب: أن المرأة تسمع نفسها فقط أثناء التلبية ولا ترفع صوتها ، لأن أمر النساء مبنى على الستر وليس على الإعلان والإشهار .
الخطأ الحادي عشر: إهمال التلبية بعد الإحرام .
والصواب: مداومتها في كل الأحوال إلا بعد وصول المعتمر إلى الكعبة ورؤيتها وبدء الطواف ، لقول النبي " يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر " أبو داود عن ابن عباس .
وتتوقف التلبية كذلك عند وصول الحاج إلى جمرة العقبة وبدء الرمي ، وذلك لما أخرجه البخاري عن الفضل بن عباس
كنت رديف رسول الله من جَمْ إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
وأخيراً:
ينبغي أن يتجنب فعل أي من المحظورات التي سبق ذكرها من محظورات الإحرام مثل حلق الرأس أو تغطيتها بعمامة أو كلنسوة أو لبس ثوب مخيط أو مس طيب ، فمن فعل شيء من ذلك فعليه فدية ( من صيام أو صدقة أو نسك ، فإما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الطعام ) .
الخطأ الثاني عشر: تعمـــد البعض الإحرام للحــج من المسجد الحرام في اليوم الثامن من ذي الحجة أو يحرم من التنعيم .
والصواب: أن الذي يريد الإحرام للحج بعد أدائه للعمرة قبل ذلك وهو ما يعرف بحج التمتع يحرم للحج من مكانه الذي هو فيه وليس من المسجد الحرام . كالمكي ( المقيم بمكة ) تماماً .
* وأما الإحرام من أحد الأماكن التي هي حدود الحرم وأدني في الحل وهي:
التنعيم: وبينه وبين مكة 6 كيلو مترات ويسمى اليوم مسجد عائشة .
أضاه: وبينها وبين مكة 12 كم .
الجعـْرانه: وبينها وبين مكة 16 كم وسميت باسم امرأة كانت ساكنة فيها .
وادي نـَخـْلة: وبينه وبين مكة 14 كم .
الحُديبية: وبينه وبين مكة 15 كم ويسمى اليوم الشميس .
فإحرام العمرة وإحرام المكي يكون من هذه المواقيت في العمرة ، وأما إحرامه بالحج فمن مكانه الذي هو فيه كما أسلفنا بيانه .
* ثالثاً: أخطاء الحج والعمرة *
- أخطاء الطواف:
فإذا كنت أخي الحاج أو المعتمر استعنت بالله وتخلصت من أخطاء الإحرام ونجوت منها ، فعليك بمعرفة الأخطاء التي تقع منك عند القيام بالحج والعمرة .
الخطأ الأول: صلاة الحاج ركعتين تحية المسجد حين دخوله إلى المسجد الحرام .
والصواب: أن تحية المسجد الحرام هي الطواف بالكعبة وليس الصلاة كبقية المساجد .
- قال الزركشي كما في كتابه إعلام الساجد بأحكام المساجد:
التحيات خمس:
أحدها: تحية المسجد بالصلاة .
ثانيها: تحية البيت بالطواف .
ثالثها: تحية الحرم بالإحرام بالحج والعمرة .
رابعها: تحية منى بالرمي .
خامسها: تحية المسجد بالنسبة للخطيب يوم الجمعة الخطبة .
الخطأ الثاني: اعتقاد بعض الحجاج أن الملتزم هو باب الكعبة .
والصواب: أن الملتزم هو ما بين باب الكعبة والركن الأسود فوق الحجر الأسود والشاذروان ( جدار الكعبة ) وليس باب الكعبة كما هو اعتقاد بعض الحجاج .
الخطأ الثالث: الطواف من داخل حجر إسماعيل .
والصواب: أن الحجر من الكعبة فلابد من الطواف من خارجه وليس من داخله .
- لقول الرسول فيما أخرجه البخاري ومسلم:
الحجر من البيت .
- وعند البخاري ومسلم أيضاً من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت:
ألم ترى أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم .
فلو طاف الحاج أو المعتمر من داخل حجر إسماعيل فإنه لا يعتد بذلك الشوط لأنه بطل حينئذ .
الخطأ الرابع: الطواف من غير وضوء .
وهذا يبطل الطواف ، فإن الطهارة شرط من شروط صحة الطواف فهي واجبة فيه ، فمن طاف بالبيت يجب عليه أن يكون متوضأ ، فإذا انتقض وضوءه أثناء الطواف فليذهب وليتوضأ ، وعندما يرجع فليكمل طوافه وليبني على ما مضى من غير أن يطيل الفصل .
الخطأ الخامس: الرمل في جميع مرات الطواف .
والرمل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطا وهز الكتفين ، ولا يكون الرمل إلا في المرات الثلاث الأولى في الطواف ، ويكون في طواف القدوم فقط .
- ملحوظة:
الاضطباع والرمل خاصان بالرجال دون النساء .
- لقول عائشة – رضي الله عنها – كما عند البيهقي:
يا معشر النساء " ليس عليكن رمل بالبيت لكُنَّ فينا أسوة " .
- وعند أبي شيبة في مصنفه عن ابن عمر " ليس على النساء رمل ولا بين الصفا والمروة " .
- وعند أبي شيبة في مصنفه عن ابن عباس " ليس على النساء رمل " .
الخطأ السادس: المزاحمة على الحجر الأسود وإيذاء الضعفاء .
والصواب:
أ – أن تقبيل الحجر الأسود في حالة عدم الزحام ، أما مع الزحام في موسم الحج فلا ينبغي المزاحمة عليه وإيذاء الضعفاء والمرضى ، حتى لا يكون الحاج ارتكب إثماً محققاً ووزراً أكيداً من أجل الوصول إلى تحصيل سنة " إنما يكفي الإشارة فقط مع التكبير " .
بل هناك ما هو أشد من ذلك وهو أن بعض النساء تقوم بمزاحمة الرجال بجسمها فيلتصق بها الرجال ، وهنا مكمن الشر والفتنة فترتكب المحرم وتتسبب في فتنة الآخرين في تحصيل أمر مسنون ، بل تركه في حقها والحال كما تقدم واجب ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
ب – التمسح بالحجر الأسود أثناء التقبيل التماساً للبركة .
وهذا الفعل بدعة لا يجوز فعلها ، وإنما السنة تقبيله فقط إن تيسر من غير مزاحمة .
الخطأ السابع: تقبيل الركن اليماني والمزاحمة عليه .
والسنة مَسْحُهُ إن تيسر ذلك ولا يُسن تقبيله كالحجر الأسود ، وعند المزاحمة عليه لا يشار إليه كما يفعل مع الحجر الأسود .
بل يصل الشطط بالبعض يستلم جميع أركان الكعبة ، بل يتمسح البعض بأي جزء منها وهذا يخالف السنة .
الخطأ الثامن: التزام أدعية خاصة في الطواف وأحياناً يرددونها بصوت جماعي .
وهو خطأ من ناحيتين:
- الأولى: أنه التزام دعــــاء لم يؤمر بالتزامـــه في هـــذا الموطن ، لأنه لم يرد عن النبي في
الطواف دعاء خاص .
- الثانية: أن الدعــــاء الجماعي بدعــــة وفيه تشويش على الطائفين ، والمشروع أن يدعو كل
شخص لنفسه وبدون أن يرفع صوته .
وهناك من يلتزم بعض الأوراد المعينة والتي فيها دعاء الشوط الأول ودعاء الشوط الثاني وهكذا
ولم يرد شيء من ذلك عن النبي ، وإنما الذي ورد فقط أثناء الطواف دعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود وهو:
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( البقرة: 201 )
والأفضل أن يدعو بما يتيسر من حفظه فإن ذلك أخشع له .
الخطأ التاسع: اعتقاد بعض الحجاج أن كل طواف يعقبه سعي .
والصواب: أن الطواف ينقسم إلى عدة أنواع:
1- طواف القدوم: ويسمى كذلك طواف القادم – والورود – والوارد – والتحية .
- ودليل هذا النوع ما أخرجه مسلم من حديث جابر:
أن رسول الله لما قدم مكة أتى الحجر ( الحجر الأسود ) فاستلمه ثم مشى على يمينه ( جاعلاً الكعبة عن يساره ) فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً .
2- طواف التطوع: وهو مــــا يفعلـــه الحـاج على سبيل التقرب إلى الله ، ومن هذا النوع طواف
تحية .
3- طواف الإفاضة: ويسمى طواف الزيارة – والفرض – والركن – والصدر .
وهو المقصود بقوله تعالى وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وإذا لم يفعله الحاج بطل حجه بإجماع العلماء .
4- طواف الوداع: ويكـــــون آخر عهــــد الحــــاج بالبيت ، وهو على غيـر الحائض والنفساء ،
ومن فات حجه أو فسد وكذلك غير المكي .
والسعي يكون بعد طواف القدوم أو طوف الإفاضة إذا لم يكن الحاجُ سعى في طواف القدوم ، وماعدا ذلك ليس فيه سعي .
الخطأ العاشر: الإصرار على أداء ركعتين خلف مقام إبراهيم .
من المعلوم أن من السنة الصلاة خلف مقام إبراهيم بعد الطواف إن تيسر ذلك ، وإن لم يتيسر ذلك ففي أي مكان من المسجد الحرام يصلي هاتين الركعتين ، ولتحرص النساء على عدم المزاحمة على هذه الأمكنة .
وهناك من الحجاج من يتمسح بمقام إبراهيم عند المرور عليه أثناء الطواف ، وهذا لا يجوز .
- ملحوظة: من الأخطاء الجهر بالنية عند بدء الطواف والسعي .
* ثانياً: الأخطاء الخاصة بالسعي بين الصفا والمروة *
الخطأ الأول: الاعتقاد أن الوضوء لازم للسعي كلزومه للطواف .
والصواب: أن الوضوء لا يلزم السعي ، فيجوز السعي على غير وضوء ، لأن السعي لم يكن بالمسجد الحرام ولكنه ضم بعد ذلك فدخل ضمن المسجد في هذه الأيام .
الخطأ الثاني: قراءة الحجاج الآية إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ وذلك كل شوط .
والصواب: قراءتها مرة واحدة فقط عند الاقتراب من الصفا أول مرة .
الخطأ الثالث: تخصيص كل شوط بدعاء معين .
والصواب: أن الحاج يدعو بما شاء من الأدعية وليس هناك دعاءً مخصوص لكل شوطٍ من الأشواط ، وينبغي ألا يرفع صوته بالذكر أثناء السعي ، وهناك من يترك الأدعية الواردة أثناء صعوده وهبوطه ذهاباً وإياباً ، وهذا لا يبطل السعي ولكنه ينقص الأجر .
الخطأ الرابع: الرمل بين الصفا والمروة في كل المسافة .
والصواب: أن الهرولة بين الميلين الأخضرين فقط ، وليس في كل المسافة ما بين الصفا والمروة .
الخطأ الخامس: الرمل بين الميلين في الأشواط الثلاثة الأولى كما يفعل في الطواف .
الصواب: أن الرمل بين الميلين يكون في الأشواط السبعة كلها ، وهو سنة في حق الرجال دون النساء ، مع أن حكمة الرمل سببها امرأة وهي هاجر- عليها السلام- ولكنه ليس بواجب عليهم ولا مستحب .
الخطأ السادس: الاستمرار في السعي بين الصفـــا والمروة عند إقامـة الصلاة ظناً من بعض الحجاج أنه لا يجوز الفصل بين أشواط السعي .
والصواب: ضرورة قطع السعي عند إقامة الصلاة ومعاودة السعي بعد الانتهاء منها ، ولا يضر الفصل بين الأشواط بالصلاة .
- سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله –
عن الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي ؟
فأجاب سماحته بما نصه " يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه ويبدأ من حيث انتهى " .
الخطأ السابع: اعتبار الشوط الأول من الصفا إلى الصفا .
والصواب: أنه من الصفا إلى المروة شوطٌ ، ومن المروة إلى الصفا شوط وهكذا .
- يقول الشوكاني في السيل الجرار
لو كان السعي من الصفا إلى المروة ، ثم منها إلى الصفا شوطاً ، لكان قد طاف الطائف بين الصفا والمروة أربع عشرة مرة لا سبعاً فقط ،
والذي ثبت في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما -:
أنه طاف بين الصفا والمروة سبعاً .
الخطأ الثامن: صعود المرأة الصفا ومزاحمة الرجال .
- قال ابن مفلح كما في البدع:
والمرأة لا ترقى الصفا لئلا تزاحم الرجال ولأنه أستر لها .
* ثالثاً: الأخطاء الخاصة في عرفات *
الخطأ الأول: النزول خارج حدود عرفة .
فبعض الحجاج ينزل خارج حدود عرفة وبقاؤهم في أماكن نزولهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى المزدلفة دون أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ جسيم يفوت عليهم الحج ، لأن الحج عرفة كما في الحديث ، وبتركه يبطل الحج ، والواجب على الحاج أن يكون عند وقوفه داخل حدود عرفة ، وعليه أن يتحرى ذلك خصوصاً أن هناك علامات إرشادية تدل على ذلك .
الخطأ الثاني: الانشغال في يوم عرفة بما لا يفيد كالغيبة والنميمة وشرب الدخان .
والصواب: أن ينشغل الحاج بما يفيده في دينه ودنياه فيدعو بخير الدنيا أو بخيري الدنيا والآخرة معاً أو يهلل ( يقول لا إله إلا الله). أو يكبر ، يقول الله أكبر.
- لقول الرسول :
خيرُ الدعاءِ دعاءُ يوم عرفة وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . رواه أحمد والترمذي .
أو يلبي:
يقول:( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)
فهذا ما يفيده في هذا اليوم العظيم .
بل يصل الشطط بالبعض فيصحب معه الألعاب كالنرد ( الطاولة ) والكوتشينة والشطرنج أو الشيشة أو الدخان ، وقد تناسوا قول الله عز وجل:
وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ( الحج: 34 )
الخطأ الثالث: تكويم بعض الحجاج التراب والحصى في يوم عرفة في أماكن معينة .
وهو عمل لم يثبت في الشرع وليس لهم في فعله دليل .
الخطأ الرابع: اعتقاد بعض الحجاج بوجوب الصعود على جبل الرحمة عند الصخرات كما وقف الرسول .
والصواب: جواز الوقوف في أي مكان من صعيد عرفات .
- فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود:
أن الرسول لما وقف عند الصخرات على جبل الرحمة قال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف .
فلا ينبغي للحاج أن يُتعب نفسه ويتجشم في الوصول إلى جبل الرحمة ، مع أنه يجوز له التواجد في أي مكان من صعيد عرفات خاصة في هذه الأيام التي يكثر فيها الحجاج المتواجدون في عرفات والذين يزيدون على الملايين الثلاثة ، فلو أن كل الحجاج أرادوا أن يقفوا على الصخرات كما وقف الرسول لحدث ما لا يحمد عقباه من الإصابات بين جموع الحجاج نتيجة التدافع ، كما يحدث عند رمي الجمرات .
فالأفضل الأخذ بالرخصة ، وهي الوقوف في أي مكان من صعيد عرفات الطاهر خاصة للنساء وكبار السن وذوي الأعذار ، وفيه موافقة السنة أيضاً لظاهر الحديث " وعرفة كلها موقف " .
الخطأ الخامس: اعتقاد بعض الحجاج أن يسن للحاج صيام يوم عرفة .
والصواب: أنه ليس عليه صيام يوم عرفة ، ولم يصم رسول الله عام حجه حجة الوداع يوم عرفة وفي سنن أبي داود ((وأن النبي- صلي الله عليه وسلم- نهي عن صوم عرفه لمن بعرفه.
الخطأ السادس: اعتقاد بعض الحجاج أن في حقهم صلاة عيد الأضحى في الحرم المكي أو في منى .
والصواب: أن الحاج ليس عليه صلاة الأضحى لانشغاله بأعمال الحج ، كما أنه ليس عليه صلاة جمعة إن وافقت عرفة يوم جمعة .
- قال مالك رحمه الله:
لا تجب الجمعة بعرفة ولا بمنى أيام الحج .
الخطأ السابع: الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس .
وهذا لا يجوز ، لأن النبي وقف بعرفة حتى غربت الشمس .
وهو القائل: " خذوا عني مناسككم " .
* رابعاً: الأخطاء عند المزدلفة *
الخطأ الأول: الإيضاع ( الإسراع ) وقت الدفع من عرفة إلى مزدلفة .
الخطأ الثاني: الانشغـــال بالتقــاط الحصــى قبــل أن يصلــوا المغــرب والعشـاء ( وذلك عند نزولهم إلى المزدلفة ) .
فهم يعتقدون أن حصى الجمار لابد أن يكون من مزدلفة ، مع أن الحصى يجوز أخذه من أي موضع بالحرم ماعدا ما هو بداخل أحواض الجمار أو ما يسقط منها ، أما ماعداه فيجوز الرمي به .
- يقول ابن باز – رحمه الله –:
وما يفعله بعض العامة من لقط الجمار حين وصوله إلى مزدلفة قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع فهو غلط لا أصل له ، والنبي لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى ، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك ، ولا يتعين لقطه من مزدلفة ، بل يجوز له لقطه من منى .
الخطأ الثالث: تأخر بعض الحجاج وعدم إتيانهم إلى المزدلفة إلا بعد فجر يوم النحر .
وهذا خطأ ، ومن فعل ذلك لزمه دم ، والصواب أن يأتي الحاج إلى المزدلفة إلى ما قبل الفجر .
الخطأ الرابع: عدم المبيت بالمزدلفة .
خصوصاً لمن لم يرخص لهم ذلك ، وإنما الرخصة للضعفة والعجائز وتابعيهم .
* خامساً: الأخطاء عند رمي الجمار *
الخطأ الأول: غسل بعض الحجاج الحصى المراد الرجم به .
وهذا غير صحيح ، لأنه لم يثبت عنه ولا عن صحابته فعل ذلك .
الخطأ الثاني: رمي الجمار بحصى كبيرة وبالحذاء والخفاف والأخشاب .
وهذا غير صحيح ، لأن الرمي بالحجر رمز للتبرء من الشيطان ، فينبغي الاتباع ولا ينبغي الابتداع ، والنبي قال:
هلك المتنطعون بمثل هذا فارموا .
والسنة ألا يتجاوز حجم الحصاة حبة الفول وحصى الخذف الذي يشبه بعر الغنم .
- فقد أخرج ابن ماجه عن ابن عباس أنه قال:
قال لي رسول الله وهو على ناقته: القط لي حصى فلقطت له سبع حصيات هي كحصى الخذف ، فجعل ينفضهن في كفه ويقول أمثال هؤلاء ارموا .
حصى الخذف: أكبر من الحمص قليلاً .
الخطأ الثالث: اعتقاد بعض الحجاج أنهم يرمون الشيطان فعلاً .
فتجدهم يرمون الجمار بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم .
والصواب: أن هذه الجمرات الثلاث رمز لتمثل الشيطان لسيدنا إبراهيم عليه السلام لما أراد أن يذبح ولده إسماعيل عليه السلام ومحاولة صده عنه ، وفعل إبراهيم عليه السلام للرمي حينئذ لطرده عن الوسوسة له ، فكأن الحاج حينما يرمي هذا الحجر المتمثل في الشيطان يعلن البراءة منه وعدم طاعته له ، فإذا ما عاد إلى البلاد استقبح في نفسه أن يرجمه في هذه الأماكن المقدسة ويطيعه في بلاده وموطنه .
الخطأ الرابع: انشغال الحجاج بالتلبية مع رمي جمرة العقبة .
والصواب: قطع التلبية مع بدء الرمي لتنافي المعينين .
- فالتلبية: وهي إجابة دعاء إبراهيم عليه السلام بالحج ، ومعناها استجابة لك يا رب
بعد استجابة .
- قال ابن قدامة في العمرة:
والتلبية مأخوذة من قولهم لب بالمكان إذا لزمه فكأنه قال: أنا مقيم على طاعتك وأمرك وغير خارج عن ذلك ولا شارد عليك وكرره لأنه أراد إقامة بعد إقامة .
- الرجم: معنـــاه التبرؤ من الشيطـان وإغوائه ووسوسته ، فالذي يتناسب مع الرجم هو التكبير
وليس التلبية ، وهذا هو الثابت عن النبي .
- فقد أخرج البخاري ومسلم عن الفضل بن عباس أنه قال:
كنت رديف النبي من جَمْع ( مزدلفة ) إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
وعند البخاري من حديث عبد الرحمن بن زيد أنه كان مع عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه –
حين رمى جمرة العقبة فاستبطن الوادي حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها
فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاه .
- يقول ابن قدامة: ويقطع التلبية عند ابتداء الرمي .
الخطأ الخامس: رمي بعض الحجاج الحصى جميعاً دفعة واحدة .
وهذا خطأ ، ومن فعل هذا فإنه يحسب كله كحصاه واحدة ، وعلى من فعل ذلك جمع حصى من جديد وإعادة الرمي حصاه تلو الأخرى مع التكبير مع كل حصاه ، وعدم الزيادة على التكبير أثناء الرمي .
الخطأ السادس: إنابة بعض الحجاج غيرهم في الرمي من غير ضرورة أو عذر .
وهذا لا يجوز ، لأن الإنابة لا تجوز إلا عند عدم الاستطاعة لمرض أو ضعف أو نحوه .
الخطأ السابع: تدافع الحجـــــاج لرمي جمرة العقبــــة من طلــــوع الشمس إلى الزوال لإصابــة السنة
وهذا صحيح .
ولكن الأولى في ظل هذا الزحام الشديد الذي يصل إلى الملايين في هذه الأيام أن تأخذ بالرخصة التي رخصها الرسول للضعفة والنساء بالرمي في ليلة النحر ، ويمكن أن يستمر الرمي من الزوال يوم النحر إلى الليل ، حتى لا يتدافع الناس في وقت شروق الشمس حتى الزوال فيحدث ما لا يحمد عقباه ، ويموت الحجاج تحت الأقدام بسبب التدافع على رمي الجمار .
- وقد ثبت في الصحيحين:
أن النبي أذن للناس برمي جمرة العقبة ليلاً قبل زحمة الناس وتكاثرهم ، كما استأذنته السيدة سودة بنت زمعة – زوجته – لتصلي الصبح بمنى وترمي جمرة العقبة ،
وقالت السيدة عائشة: وددت لو أني استأذنته كما استأذنته سودة .
ومن المعلوم أن الازدحام لم يكن كهذه الأيام ، فليت الحجاج يأخذوا بهذه الرخصة في ظل الزحام الرهيب ،وما جعل الله علينا في هذا الدين من حرج .
قال تعالى وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ( الحج: 78 )
* سادساً: من الأخطاء عند الذبح والحلق . *
الخطأ الأول: ترك الذبح الواجب من الهدي والتصدق بثمنه .
وهذا خطأ ، ويفعله الحاج بزعم أن لحم الهدي يذهب في التراب ، وذلك لكثرة الهدي ولا يستفاد منها إلا القليل .
الخطأ الثاني: ذبح بعض الحجاج هدي التمتع بمكة قبل يوم النحر .
الخطأ الثالث: ترك بعض الحجاج الهدي بعد أن وجب عليهم بتمتعهم أو قرانهـــم مع قدرتهم عليــه وإتيانهم بالصيام بدلاً منه ، مع أن الصيام لا يشرع لهم إلا عند عدم إيجادهم للهدي
الخطأ الرابع: اعتقاد بعض الحجاج أن الذبح للهدي لا يكون إلا في المنحر من منى .
والصواب: أن النحر يكون في أي مكان من منى أو مكة .
- لقول الرسول حينما ذبح في المنحر من منى:
نحرت هاهنا وكل فجاج مكة طريق ومنحر . أحمد وأبو داود
الخطأ الخامس: اعتقاد بعض الحجاج أن كل أنواع الحج يجب عليها هدي حتى ولو كان مفرد بالحج
والصواب: أن المفرد ليس عليه هدي واجب ، وإنما يتطوع بإهداء إن أراد ، وأما الذي عليه هدي واجب هو المتمتع بالحج وهو الذي أتى أعمال العمرة أولاً ، ثم تحلل منها وأحرم يوم التروية بالحج ، وكذلك القارن وهو الذي أتى بأفعال الحج والعمرة معاً بإحرام واحد ، فهذان يجب عليهما هدي لكونهما أتيا بنسكين اثنين في سفر واحد ، وأما المفرد بالحج كما قلت فليس عليه هدي واجب بإجماع العلماء .
* وأما الأخطاء عند الحلق *
الخطأ الأول: البدء بالحلق بالشق الأيسر من الرأس ، مع أن السنة البدء بالشق الأيمن عند الحلق
الخطأ الثاني: الاقتصار على حلق ربع الرأس أو بعض الرأس ( بالنسبة للرجال ) أما المرأة فالصحيح أنها تأخذ.
بقدر الأنملة من أطراف شعرها .
الخطأ الثالث: استقبال بعضهم القبلة عند الحلق ، وكذا اختلاق بعضهم أذكار معينة عند ذلك .
* سابعاً: الأخطاء عند طواف الوداع *
الخطأ الأول: طواف الوداع قبل رمي الجمرات .
ينزل بعض الحجاج من يوم النفر .......... قبل رمي الجمرات ، فيطوف للوداع ثم يرجع إلى منى فيرمي الجمرات ثم يسافر من هناك إلى بلدة فيكون آخر عهده بالجمار لا بالبيت .
ويوم النفر هو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة إن تعجل فيه فينصرف بعد رمي الجمرات فيسمى ( يوم النفر الأول ) ، وإن تأخر حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو ثالث أيام التشريق ولم يتعجل فيسمى ذلك اليوم ( يوم النفر الثاني ) .
- مع أن النبي قال:
لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف .
فطواف الوداع يجب أن يكون بعد الفراغ من أعمال الحج وقبيل السفر مباشرة لا يمكث بمكة بعده إلا لعارض يسير .
الخطأ الثاني: الخروج من المسجد الحرام بعد طواف الوداع القهقري ( بظهره ) .
وهي بدعة لم يفعلها النبي ولا أصحابه الكرام .
الخطأ الثالث: التفات بعضهم إلى الكعبة عند باب المسجد الحرام بعد انتهائهم من طواف الوداع
ودعائهم بدعوات كالمودعين للكعبة أو تلويحهم لها وهي أيضاً بدعة .
* وأخيراً أخطاء عامة وشائعة في الحج *
1- التمسح بكسوة الكعبة وجدرانها وحِلق الأبواب ، فإنه لا يجوز التبرك بالشجر أو بالحجر .
2- وقوف البعض تحت ميذاب الكعبة عند نزول المطر للتبرك بالماء النازل منه .
3- استباحة المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام ومقاومتهم للمصلي الذي يحاول دفعهم
4- تلاوة بعض الحجاج أذكار خاصة عند تقبيل الحجر الأسود ، وكذا عند دخول حجر إسماعيل .
5- اتباع الحجاج وتوديعهم عند السفر إلى الحج بآلات اللهو والموسيقى أو استقبالهم بها عند عودتهم وتعليق الزينة والأنوار وغيرها .
6- يقوم البعض بدهان واجهة بيت الذي سافر للحج ونقشه بالصور وكتابة اسم الحاج عليه وبعض آيات القرآن والمراءة بذلك .
7- والبعض يتفاخر على أقرانه أنه حج حجاً سياحياً أو حجاً سريعاً أو حجاً ممتازاً ، فأين الحج المبرور ؟
والرسول حج عام الحج على رحل رث عليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم ، وكان يخاف من الرياء والسمعة .
- فكان النبي يدعو ويقول
اللهم اجعله حجاً لا رياء فيه ولا سمعة .
- وقال أنس:
حج النبي على رحل رث عليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم ،
وقال " اللهم اجعله حجاً لا رياء فيه ولا سمعة " .
فأين هذا ممن يتفاخر على أقرانه بأنه حج حجاً سياحياً أو سريعاً أو ممتازاً ، فأين الحج المبرور الذي ذكره الرسول الذي هو مطلب المسلم حتى يغفر له ما تقدم من ذنبه .
8- زيارة بعض الآثار على سبيل التعبد ، مثل غار حراء وغيره .
- وقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – والأثر ذكره سعيد بن منصور:
إنما هلك من كان قبلك بمثل هذا يتبعون آثار أنبيائهم .
9- التقاط الصور التذكارية وسط الحمام أو عند الأماكن المقدسة ، وقد لعن الله المصورين ، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير ، والتصوير حرام إلا لمصلحة راجحة ، والحرمة أشد في هذه البقاع المباركة .
10- استعمال المعازف والملاهي في الحج وغيره ، وكذلك مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني وسائر مظاهر الفحش والتفحش .
11- اعتقاد بعض الحجاج أن كلمة حاج أصبحت حقاً مكتسباً لهم عند عودتهم من أداء هذه الفريضة ، ولا ينبغي أن ينادوا إلا بها ولا يلقبوا بدونها .
- وهذا خطأ في الفهم لهذه الفريضة ، بل ولأمور الدين عامة ، فلم يشتهر أنه خوطب بها رسول الله بعد حجته التي حجها والتي عرفت بحجة الوداع .
كما لم يشتهر عن سلفنا الصالح – رضوان الله عليهم – أنه لقبوا أحداً بالحاج فلان .
فالحج فريضة كالصلاة والزكاة ، وكما أنه لا يقال للمصلي يا مصلي ، ولا يقال للمزكي يا مزكي فكذلك لا يقال للحاج يا حاج .
- وأما إن قيلت على سبيل التوقير والإجلال – وخاصة أن من يحج في الغالب كبار السن فلا بأس في ذلك ، بل هذا الأمر من إعظام الصغير للكبير واحترام الصغير للكبير .
- وتصديقاً لحديث النبي :
إن من إجلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم .
- وقوله :
ليس منا من لم يرحمنا صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه .
* ومن الأخطاء عن زيارة المسجد النبوي *
1- قصد قبره عند شد الرحال والسفر .
والصواب: أن يكون القصد عند شد الرحال والسفر زيارة المسجد نفسه ، ثم إذا أتيت المسجد وصليت فيه شرع لله زيارة قبره فليس لك أن تزور القبر عند أول دخولك المسجد ، وكأنك ما أتيت إلا لذلك ، بل الصواب ما ذكر .
2- وقوف بعض الزائرين أمام القبر في غاية الخشوع واضعاً يده اليمنى على اليسرى كهيئته في الصلاة .
3- استقبال القبر عند الدعاء والتوسل والاستغاثة به .
4- التمسح بالجدران وقضبان الحديد وتقبيل القبر وكل ذلك .
5- قصد القبر بالزيارة بعد كل صلاة لنهيه عن ذلك:
لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني .
6- الخروج من المسجد النبوي القهقري عند الانصراف .
7- قصد بعض الناس الذهاب إلى بعض المزارات كالمغارات في جبل أحد ومثلها في غار حراء وغار ثور بمكة وربط الخرق عندها .
8- زيارة بعض الأماكن التي يزعمون أنها من آثار النبي، كمبرك الناقة وبئر الخاتم أو بئر عثمان، وأخذ التراب من هذه الأماكن للتبرك بها، وكل ذلك لا يجوز .
9- دعاء الأموات عند زيارة مقابر البقيع ومقابر شهداء أحد ورمي النقود عندها تقرباً للمقبورين وتبركاً بأهلها.
(*) تنبيه: استفدت كثيراً من كتاب أخطاء الحجاج والمعتمرين للشيخ عثمان إبراهيم.