الإسلام والاهتمام باليتيم
=============
منذ بزوغ فجر الإسلام والطفل اليتيم يحظى بعناية اجتماعية ونفسية ذات مدلولات عصرية غير قابلة للتأويل. فالمطلع على الدراسات والنظريات الخاصة بالطفل عامة واليتيم خاصة يجد أنها لا تخرج عن المفهوم الإسلامي ذي الأطياف الإنسانية الذي يحث على رعاية الطفل اليتيم سواء فاقد الأبوين أو احداهما إلى أن صدرت فتوى هيئة كبار العلماء باعتبار مجهول الأبوين بمثابة اليتيم بل انهم أكثر حاجة للرعاية، لذا يعامل مجهول الأبوين في المملكة العربية السعودية معاملة اليتيم سواء في المؤسسات الإيوائية أو الاحتضان أو الاستضافة عند الأسر التي تتسابق على كفالتهم من منطلق ديني وإنساني لتحظى بمجاورة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "أنا وكافل اليتيم بالجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى.. الحديث" وهو تحقيق لقوله تعالى (فأما اليتيم فلا تقهر).

وقد جاء الاهتمام العالمي بقضايا الأيتام ومجهولي الأبوين من خلال المؤسسات الإيوائية وغير الإيوائية على المستوى الحكومي والأهلي إضافة إلى عقد المؤتمرات والمنتديات والندوات والدراسات العلمية من أجل جلب حياة كريمة لهم لكي يصبحوا مواطنين صالحين يخدمون أنفسهم وأوطانهم ووقايتهم من الضياع والانحراف، حيث أكدت الدراسات أن الأسر الحاضنة وقرى الأطفال هي الحل الأمثل لرعاية الأيتام رغم الجهود التي تبذل لرعايتهم في مؤسسات إيوائية والذي سوف يحتفل العالم في المستقبل بإغلاقها واستبدالها بأسر حاضنة وقرى أطفال.

ويوم اليتيم العربي الذي أقره مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في الجامعة العربية وتحتفل به المملكة العربية السعودية هو ولادة يوم خاص للأيتام يحتفل به العالم العربي لمشاركة فئة الأيتام قضاياهم وتذكير المجتمع بحقوقهم الاجتماعية والنفسية والعاطفية والتشجيع على رعايتهم ضمن أسرنا لكي ينشأوا في جو أسري كريم وذلك من خلال تفعيل المنبر الديني والاجتماعي والتربوي والتعليمي بإقامة المحاضرات والفعاليات الثقافية والترويحية للتذكير بحقوقهم علينا التي كفلها الإسلام لهم وأقرتها مختلف العقائد الفكرية في عالم مشحون بالنظرة المادية البحتة.

فاليتيم قدر وليس خيار
حيث خصصت الدولة رعاها الله وزارة الشؤون الاجتماعية وذلك بإنشاء إدارة عامة لرعاية الأيتام تتبع لوكالة الوزارة للرعاية والتنمية الاجتماعية لرعاية فئة الأيتام وتشجيع وتنظيم العمل الخيري المهتم به هذه الفئة.

فبالإضافة إلى تشجيع الدولة للاحتضان بصرف (2.000) ريال شهري للأسرة الحاضنة قبل دخول الطفل المحتضن للمدرسة و(3.000) ريال شهري بعد دخوله المدرسة هناك (20.000) مكافأة نهاية احتضان إضافة إلى إعانة زواج اليتيم أو اليتيمة وقدرها (60.000) ريال، كما تم إنشاء أربع دور حضانة وأربعة عشر دار تربية للبنين والبنات ومؤسستين نموذجيتين للأيتام الكبار بالسن إضافة إلى دعم دور الضيافة والجمعيات الخيرية المهتمة بهذه الفئة، ويصرف للأيتام شهرياً من مؤسسات الدولة حسب المستوى الدراسي (500) ريال لطلاب الابتدائى و(700) ريال للمتوسط و(900) ريال للثانوي و(1200) ريال لطلاب المستوى الجامعي وعند تركهم المؤسسات الإيوائية يصرف لهم إعانة سيارة وقدرها (20.000) ريال وإعانة زواج وقدرها (60.000) ريال. ومنهج رعاية الدولة للأيتام في المملكة العربية السعودية هو ترجمة لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية. ومن هنا فإن هذا اليوم هو فرصة للتسابق على منزلة المصطفى بالجنة باحتضان أو كفالة يتيم أو مسح رأس يتيم لاضفاء السرور والفرحة عليهم لتعويضهم عن فقد والديهم وإشعارهم أننا جميعاً قريبون منهم ونحب لهم ما نحب لأنفسنا، فلنبارك هذا اليوم لنتذكر أبناءً لنا في الإسلام.
د. إبراهيم بن أحمد الضبيب - بريدة