منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم Empty
مُساهمةموضوع: عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم   عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم Emptyالجمعة 31 مارس 2017, 6:47 pm

عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم 20130907114231

عناية القرآن الكريـم
بتربية وحقوق اليتيم

إعداد: السيد مختــار
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
=================
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُه وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:
فقد جاء القرآن ليجمع القلب إلى القلب ويضم الصف إلى الصف, ويرسخ قيم المحبة والألفة والرحمة والعدل والترابط والتكافل في الأسرة والمجتمع تثبيتًا للمبدأ العام: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } ويُنشئ مجتمعًا قويًا مترابطًا لا يخاف فيه الضعفاء عامة, واليتامى خاصة, ضياعَ حقوقهم, وسلبَ أموالهم أو أكلها بالباطل.

وقد رأيت -في هذه المقالة- أن ألقي الضوء على مدى عناية القرآن الكريم البالغة باليتامى في جميع نواحي حياتهم, وكيف ربَّاهم القرآن ليجعل منهم عناصر قوة للمجتمع, وقد حرصت على ذكر جميع الآيات الواردة بشأنهم مبينًا المراد منها ليتضح  لكلًّ منصفٍ أن القرآن سبق كل أولئك المطالبين بإنصاف اليتامى, بل أعطاهم- بتشريعاته الشاملة- ما يعجز عنه أي تشريع سواه.

وأسأل الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
******************
ما معنى ( اليتيم )؟
اليتيم  في كتب اللغة (1) هو: الفرد من كل شيء, وكلُّ شيءٍ يَعِزُّ نَظيرُه.

يقال: بيت يتيم، وبلد يتيم، ودُرة يتيمة.

واليتيم من الناس: مَنْ فقَد أباه.

ومن البهائم: مَنْ فقَد أمه.

وذلك لأن الكفالة في الإنسان منوطة بالأب فكان فاقد الأب يتيماً دون من فقد أمه.

وعلى العكس في البهائم، فإن الكفالة منوطة بالأم لذلك كان من فقد أمه يتيماً.

واليتيم عند الفقهاء هو مَن فقد أباه ما لم يبلغ الحُلُم, فإذا بلغ الحُلُم زال عنه اليُتم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ " (2).

وقد يُطلق على اليتيم بعد بلوغه لفظ يتيم وهو إطلاق مجازي، وليس بإطلاق حقيقي, وذلك باعتبار ما كان, كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم- وهو كبير- يتيم أبي طالب, لأنه رباه بعد موت أبيه.

وكما في قوله تعالى: { وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ }[النساء:2] وهم لا يُؤْتَوْن أموالهم إلا بعد البلوغ والرشد،  أي بعد زوال صفة اليُتم عنهم.

اليتيم في القرآن:
قد تعرَّضت الآيات في القرآن الكريم له في اثنين وعشرين آية (3), ذُكِرت فيها كلمة ( يتيم ) بالإفراد ثماني مرات, وبالتثنية مرة واحدة, وبالجمع (يتامى) أربع عشرة مرة.

ومَنْ تدبَّر هذه الآيات وجدها مقسمة إلى أقسام ثلاثة:
القسم الأول منها:
تعرض إلى بيان الإحسان إليه والوصية به في شريعتنا والشرائع السابقة.

والقسم الثاني:
تعرض إلى بيان حقوقه النفسية والاجتماعية.

والقسم الثالث:
اعتنى ببيان حقوقه المالية.

أولاً: الإحسان إلى اليتيم والوصية به في شريعتنا وفي الشرائع السابقة:
اليتيم وإن فقد أباه الذي يكفله، وفقد حنان الأب وعواطفه، لكنه لم يفقد الرحمة الإلهية حيث إحاطته بالتشريعات التي تعتني به, قال تعالى: { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ...} [النساء:36].

وقال تعالى: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } [الإنسان:8].

وقال: { أوْ إطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ } [البلد:15]، وقال:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } [البقرة:220].

ورعاية اليتيم والمحافظة عليه لا تقتصر على الشريعة الخاتمة بل كانت في الشرائع السابقة لشرعنا, فمن جملة بنود الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل : الإحسان إلى اليتامى قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ}[البقرة:83].

وفي مشهد آخر من المشاهد التي نرى فيها رعاية اليتيم واضحة عبر الشرائع السابقة، نجد القرآن الكريم يتعرض لقصة موسى و الخضر عليهما السلام حيث وجدا في سفرهما: « جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَه » [الكهف:77]، وأصلحه الخضر بدون أجر يأخذه على ذلك العمل.

ويكشف القرآن سبب ذلك الإكرام في قول الخضر لموسى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً} [الكهف:82].

وهكذا كان صلاح الآباء سببًا في حفظ حقوق الذرية ورعاية ما أودع لهما من كنز مالي ، أو علمي على اختلافٍ في التفسير في بيان نوعية الكنز(4).

ثانيًا: اهتمام القرآن باليتيم من الناحية النفسية والاجتماعية:
شرع له في هذا المجال ما يحقق رعايته كفرد فقد كفيله، فأوصى له بمن يبادله العطف والحنان، والتربية الصالحة ليكون فرداً صالحاً لا تؤثر على نفسيته حياة اليتم ولا تترك الوحدة في سلوكه انحرافاً يسقطه عن المستوى الذي يتحلى به بقية الأفراد ممن يتنعم بحنان الأبوة وعطفها.

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نشأ يتيمًا بيَّن الله تعالى له بأنه قد أنعم عليه وكفله وأغناه فقال تعالى: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى:6- 8]، وهذه الآيات الكريمة يُستنبط منها ما يحتاجه اليتيم في الحياة الاجتماعية.

فهي بمجموعها تشكل بيان المراحل التي لابد للأولياء والمجتمع من اجتيازها للوصول بهذا اليتيم إلى الهدف المنشود.

فيستفاد من الآيات أن اليتيم يحتاج إلى:
ـ المسكن الذي يأوي إليه:
{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى }.


ـ والتربية الصالحة بما تشتمل عليه من تأديب وتعليم حتى لا يقع فريسة للضلال:
{ وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }.


ـ والمال الذي يُنفق عليه منه:
{ وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى }.

فعلى المجتمع الذي يريد أن ينشأ اليتيم فيه نشأةً سليمة, ليصبح ٌإنسانًا صالحًا سويًا,تستفيد منه أمته, أن يوفر له المسكن الآمن, والمال الذي يحتاجه مع التربية الصالحة, ويمكن ذلك بإنشاء مؤسسات وملاجئ- دور لليتامى- تُعنى بكل ذلك.

وقد جاءت آيات القرآن الكريم لتراعي اليتيم من الناحية النفسية والاجتماعية لينشأ نشأة سوية, فأمرت بإكرامه والرفق به ونهت عن قهره وزجره وإهانته, قال تعالى: { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } [الضحى:9]، وهذه الآية الكريمة خطاب للأمة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائد لتقتدي به, إذ الخطاب للقائد خطاب للرعية, وحاشاه أن يقهر يتيماً، أو يعبس في وجهه وهو الذي قال فيه ربه عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4].

وقد ذَمَّ اللهُ تعالى أولئك الذين يهينون اليتيم ولا يكرمونه ,بل يزجرونه ويدفعونه عن حقه, وجعل ذلك من صفات غير المؤمنين المكذبين بيوم الدين, حتى لا يتشبه بهم المؤمنون, قال تعالى: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } [الماعون:1-3]، وقال تعالى: { كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ } [الفجر:17].

ويُفهم من هذا أنه لابد من إكرام اليتيم, وهذا الإكرام يشمل كل صور حفظ اليتيم من ناحية حقوقه الاجتماعية سواء فيها الإيواء، أو الإنفاق، أو التربية.

فمن إكرامه:
عدم تركه بلا تربية وتعليم.

ومن إكرامه:
تهذيبه كما يهذب الشخص أولاده.

فليس المراد بإكرامه إذًا هو الإنفاق عليه فقط بل المقصود كل ما يحقق إكرامه.

وبمراعاة تعاليم القرآن هذه يجد اليتيم اليد الرقيقة التي تحنو عليه، وتمسح على رأسه لتزيل عنه غبار اليتم، وتضفي عليه هالة من العطف والحنان.

ثالثًا:  اهتمام القرآن باليتيم من الناحية المالية:
قد عنيت الآيات في القرآن الكريم عناية عظيمة بالحقوق المالية لليتامى ,حتى لا يكونوا عرضة للضياع ولسلب أموالهم.

وشرعت لهم موارد كثيرة يأخذون منها المال ,منها ما في قول الله تعالى: { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ.. الآية } [البقرة:177]، وقوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 215].

وفرَضَ لهم الله تعالى في قرآنه نصيبًا من الخُمُس(5) مما يحصل عليه المسلمون من الغنائم التي غنموها من قتال الكفار قال تعالى: { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الأنفال:41].

وفرَضَ لهم نصيبًا من الفَيْء -وهو كل مالٍ أُخِذ من الكفار من غير قتال- قال تعالى: { مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الحشر:7].

وجعل لهم أيضًا نصيبًا غير محدد -جبرًا لخاطرهم- إذا حضروا قسمة الميراث ,ولم يكن لهم نصيب من هذا الميراث قال تعالى: { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } [النساء: 8]، سواء كان هذا النصيب على سبيل الوصية لهم من الميت فيما لا يزيد على ثلث التركة, أو كان من الورثة إحسانًا منهم لهؤلاء اليتامى وغيرهم مِمَّنْ ذُكِر في الآية.

وهذا كله بالإضافة إلى ما يستحقه اليتامى من الزكوات إن كانوا فقراء أو مساكين ,إذ يدخلون في قول الله تعالى: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }[التوبة:60].

* هذا... ومشكلة اليتامى الأثرياء ليست بأقل من مشكلة اليتامى الفقراء إذ من الأيتام مَنْ لهم من الأموال ما ليس للكبار مما قد يعرض هذه الأموال لجشع الكبار لذا شرع لهم الله تعالى في قرآنه ما يحمي هذه الأموال ويحافظ عليها من جشع الجشعين وتسلط الأقوياء, كما أولتهم العناية بتوجيه النفوس إليهم في بقية المراحل الحياتية والتربوية.

وقد بدا ذلك واضحاً من الآيات العديدة التي راعت هذه الجهة فأكدت على احترام مال اليتيم، وعدم التصرف فيه إلا بما فيه مصلحة تعود إليه.

لذلك نرى هذه الآيات -التي خُصِّصَتْ لمعالجة مشكلة اليتامى الأثرياء- تتمشى مع اليتيم في ثلاثة مراحل وهي:
المرحلة الأولى: المحافظة على أموال اليتامى :
وبهذا الصدد يقول تعالى: { وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [النساء:2].

فقد تعرَّضت الآية الكريمة إلى ترك عملية تبديل أموال اليتامى حيث كان ذلك سائداً عندهم فقد ذكر المفسرون (6) أن بعض الأوصياء كانوا يأخذون الجيد من مال اليتيم ويبدلونه بالرديء لذلك جاءت الآية الكريمة لتنهي عن هذه التجاوزات غير المشروعة بتبديل أموال هؤلاء الضعفاء.

ونهت كذلك عما هو أعظم من التبديل، ألا وهو التجاوز على أصل مال اليتيم فيضمه إلى ماله ويتصرف في الجميع، ويترك هذا المسكين يقاسي متاعب هذه الحياة الكالحة، وقد جمع بهذا التجاوز على اليتيم مشكلة الفقر إضافة إلى مشكلة يتمه.

لذلك وقف القرآن مهددًا ومحذرًا هؤلاء الأولياء المتجاوزين مغبة هذا التعدي الوقح ومبيِّنًا عظم هذا الذنب الكبير فقال سبحانه: « وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ».

ثم يصوِّر مشهدًا مرعبًا , مشهد النار وهى تتأجج في بطون هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا فيقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [النساء:10]، ولهذا بعدما نزلت هذه الآية مباشرة بادر كل من عنده مالٌ ليتيم فعزل طعامه وشرابه واجتنبوا أمورهم نظراً لما في هذا التحذير من عقاب صارم ينتظر آكل مال اليتيم، ولا شك أن هذا يؤثر نفسيًا بالسلب على اليتيم لشعوره بالعزلة.

روى أبو داود (2871) -وحسنه الألباني- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [الأنعام:152]، و{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً... الْآيَةَ }, انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ, فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ, فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ, فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ }، فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِ".

إذًا قد جاءت الآية الكريمة: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة:220]، لتخفف عنهم هذه الشدة، وتصحح لهم المفهوم الخطأ الذي تصوروه فتسهل عليهم مخالطتهم.

فالعبرة بما فيه الإصلاح والخير لليتيم, وإذا كانت المصلحة في مخالطتهم والتعايش معهم فهم إخوانكم، ولا شك في أنّ المخالطة الحسنة تؤكد عرى المحبة.

والإصلاح في الآية مطلق لا يقتصر على جهة معينة بل يشمل كل صور الإصلاح لأموالهم باستثمارها وتنميتها، وفي الوقت نفسه تشمل إصلاح اليتيم في بقية نواحيه ولو كانت غير مالية كالتربية والتهذيب, إذ أن الآية الكريمة تريد أن يكون اليتيم في نظر الآخرين كالابن أو كالأخ الصغير حيث يحتضنه الأخ الكبير، ويحوطه بعنايته فهو يقوم برعايته من النواحي المالية، والأخلاقية، ويخالطه ويعاشره لا طمعًا منه في أموال الصغير، بل لرعايته، وتوجيهه بحُسن نيّة، وإخلاص ممزوجين بعطف أخوي: { وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ }.

ولم تقتصر الآيات الكريمة في مقام التهديد على النهي عن التجاوز، وأكل مال اليتيم، والوعيد بالعذاب الأخروي بل سلكت طريقاً آخر مستوحىً من الواقع الحياتي الذي يعيشه الفرد في كل يوم.

إن هذه الطريقة الجديدة تتمثل في تنبيه المتجاوزين بأنهم لو ظلموا اليتامى، وتجاوزوا على حقوقهم، فليحذروا أن يكون جزاؤهم نفس ما عملوه مع اليتيم، والجزاء من جنس العمل, فلينتظروا يوماً يعامل فيه أيتامهم بنفس الطريقة التي أساؤوا بها إلى أيتام الآخرين.

قال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } [النساء: 9].

المرحلة الثانية: حقوق الأولياء والأوصياء:
لم تقف الشريعة في أثناء مرحلة ولاية الولي على اليتيم في وجه الولي لتمنعه من تناول شيء من المال جزاء أتعابه، ورعايته في هذه المدة، بل سمحت له بذلك إلا أنها قيدته بما يقتضيه الحال لرعاية حال اليتيم الذي يكون في الغالب محتاجاً إلى ما يدخر له من مال.

تقول الآية الكريمة: { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً } [النساء: 6].

فالآية الكريمة  صنفت الأولياء إلى قسمين:
الأول:

وليٌّ غنيٌّ له من المال ما يكف نفسه عن تناول شيء من أموال اليتيم، وقد خاطبت الآية هذا النوع من الأولياء بقوله تعالى: ( فليستعفف ).

والاستعفاف في اللغة هو:
الامتناع عن الشيء، والإمساك عنه.

فهي إذًا تخاطب الأغنياء بترك أموال اليتامى وعدم أكلها لا قليلاً ولا كثيراً، فالغني قد أعطاه الله من المال ما كفاه عن التطلع إلى أموال هؤلاء الضعفاء؟ وكيف تتم حلقة التكافل الاجتماعي والتضامن إذا كان الغني يلاحق هؤلاء الصغار الذين فقدوا من يكفلهم ليضيف إلى مخزونه المالي ما يتقاضاه لقاء عَمَله لرعاية الأيتام؟.

فمن الأفضل للولي الغني أن يبتغي وجه الله تعالى فيما يقدمه من خدمة ورعاية ,وله بذلك أعظم الأجر (7), وربما يكون هو في مستقبل الأيام محتاجاً لمثل هذه الرعاية من الآخرين لو اختطفه الموت، وخلف أيتاماً كهؤلاء الذين تولى هو أمرهم، ورعايتهم؟: { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } [النساء: 9].

الثاني:
وليٌّ فقير قد يضر بحاله المالي أن ينشغل بإدارة الشؤون المالية لليتيم لذلك نجده يصبو إلى أخذ شيء من المال لقاء ما يقدمه له من رعاية ومحافظة, وهذا قد خاطبته الآية الكريمة -مراعاة لحاله- بقوله تعالى: « فليأكل بالمعروف ».

وهو كناية عن تناوله من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية -على بعض التفاسير- مع تقييد كون هذا الأخذ على نحو القرض حيث يلزم رده إذا تمكن بعد ذلك مالياً، أو الأخذ على قدر ما يسد به جوعته، وليستر به عورته لكن لا على جهة القرض بل على جهة تملك المأخوذ لقاء عمله ورعايته, كما جاء في بعض التفاسير الأخرى.

والتعدّي عن المقدار اللازم في الأخذ من مال اليتيم هو أكل لذلك المال ظلماً، وهو مهدد بنص الآية الكريمة: « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ».

هل الحفاظ على مال اليتيم يعني عدم تثميره ونمائه؟
رعاية اليتيم لا تقتصر على حفظ ماله وإيداعه إلى أن يصل إلى حد البلوغ ليسلم إليه بل ينبغي تثميره وتنميته رعاية لحق اليتيم, فالأدلة الواردة في رعاية اليتامى والإحسان إليهم ثبت فيها أنه إذا كان الترك للتصرف بأموالهم فيه ضرر ومفسدة حرم ذلك لأنه إتلاف لها وإفساد.

وهذا ما لا يريده الشرع الحنيف, لذا يستحب تثمير مال اليتيم وتنميته عن طريق التجارة أو الزراعة أو أي تصرف يعود عليه بالنفع والنماء.

وهذا من التصرف الحسن الذي أقره قول الله تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152- الإسراء:34]، وهو أيضاً من الإصلاح المذكور في قوله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } [البقرة:220].

فلابد إذاً من رعاية الأصلح له إن لم يكن ذلك موجباً لإدخال الضرر على من يتصدى للتصرف بمال اليتيم.

المرحلة الثالثة: تسليم أموال اليتامى:
كي يتسلم اليتامى أموالهم  يلزم شرطان أساسيان وهما:
1 ـ البلوغ:
وهو كناية عن وصول الطفل اليتيم إلى مرحلة النضوج البدني والذي هو تعبير عن قدرته على ممارسة العملية الجنسية (8).

2 ـ الرشد:
وهو ضد السفه, والرشد هو صلاح العقل ونضوجه.

وقيل:
الصلاح في العقل والدين.

والمقصود هنا:
حسن التصرف في المال ووضعه في مواضعه, وعدم التبذير به.

ويلزم الارتباط بين هذين الشرطين فلا يكفي أحدهما دون الآخر، وذلك مستفاد من قول الله تعالى: { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً } [النساء:6].

وأرى أنه ينبغي على ولي اليتيم أن يربيه ويدربه تدريجيًا على حسن استخدام المال وعدم الإسراف حتى إذا بلغ كان أهلاً لتحمل أعباء هذا المال وحسن التصرف فيه.

* ونالت اليتيمة في القرآن رعاية خاصة غير ما سبق:
فقد كفل الإسلام للمرأة عمومًا جميع حقوقها المالية، والاجتماعية, وجعلها تتصرف في مالها بكامل الحرية والاختيار، والشريعة قد أولت يتامى النساء عناية أكثر, فكما عالجت مشكلة اليتامى الصغيرات من الناحيتين المادية والاجتماعية -كما سبق بيانه-  شأنها في ذلك شأن اليتامى الذكور, عالجت أيضًا مشكلة اليتيمات إذا بلغن سن الزواج.

وقد جاءت آيتان مرتبطتان من حيث الغاية والهدف لمعالجة هذه المشكلة:
-  الآية الأولى هي قول الله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ } [النساء:3].

ومعنى الآية:
إن خشيتم أيها الأولياء على النساء اليتامى ألا تعدلوا فيهن إذا تزوجتم بهن -بأن تسيئوا إليهن في العشرة، أو بأن تمتنعوا عن إعطائهن الصداق المناسب لهن- فانكحوا غيرهن من النساء الحلائل اللائي تميل إليهن نفوسكم ولا تظلموا هؤلاء اليتامى بنكاحهن دون أن تعطوهن حقوقهن؛ فإن الله تعالى قد وسع عليكم في نكاح غيرهن.

وقد روى البخاري (2362) ومسلم (3018) وغيرهما عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- عن هذه الآية فقالت: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حِجْر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها, فيريد وليُّها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره..

وفي الآية قولٌ آخر عند المفسرين:
وهو أنّ الآية مسوقةٌ للنهي عن نكاح ما فوق الأربع خوفًا على أموال اليتامى أن يأخذها أولياؤهم لينفقوها على نسائهم، وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار مُعدما مَالَ على مالِ اليتيمة التي في حجره فأنفقه، أو تزوج به، فنهوا عن ذلك (9).

- أما الآية الثانية:
فهي  قوله تعالى: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } [النساء:127].

لقد نددت هذه الآية الكريمة بأولئك الذين لم يلتفتوا إلى التشريع الإسلامي الكافل لحقوق المرأة المالية، بل أصرٌوا على التجاوز على ميراثها فقال تعالى: « الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ »، والمراد بما كتب لهن: ما فرض لهن من ميراث وصداق وغير ذلك من حقوق شرعها الله تعالى لهن.

ومضافاً إلى جريمة التجاوز على الحقوق المالية من عدم إعطائهن ما كتب لهن, فإنهم كانوا يرغبون في الزواج منهن لأجل ذلك المال وطمعاً فيه.

أما إذا حفظ الولي أو الوصي لليتيمة ميراثها وحقوقها وتزوجها رغبةً فيها لا طمعًا في مالها فان هذا العمل منه خير: « وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليماً ».

وقد روى البخاري (4324)عن عائشة رضي الله عنها في قول الله تعالى: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساء قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ... إلى قوله: وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ... } أنها قالت: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ, هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا, فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعَذْقِ, فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا, وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ, فَيَعْضُلُهَا, فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ".

وفي الآية معنىً آخر:
إذ قوله تعالى: { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } تحتمل معنى: ( ترغبون في أن تنكحوهن ) وتحتمل معنى: ( ترغبون عن أن تنكحوهن ), لأن فعل ( رَغب ) يتعدى بحرف ( في ) للشيء المحبوب، وبحرف ( عن ) للشيء غير المحبوب,

وقد روى البخاري (2362) وغيره عن عائشة في قول الله تعالى: { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قالت: رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ, قَالَتْ: فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلَاتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ".

قال ابن كثير (10):
والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزوجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها فأمره الله عز وجل أن يمهرها أسوة بمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء فقد وسَّع الله عليه, وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة, وتارة لا يكون له فيها رغبة -لدمامتها عنده أو في نفس الأمر- فنهاه الله تعالى أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها.اهـ.

من ذلك يتضح أن اليتيمة كغيرها من النساء لها الحرية الكاملة في اختيار مَن تشاء مِن الأزواج، ولا تُمنع مهرها أو شيئًا منه كسائر النساء, إلا إذا كان ذلك عن رغبتها وإرادتها، ولا يجوز للولي أو غيره إكراهها على شيءٍ من ذلك.

ومن مجموع ما جاء في تفسير هاتين الآيتين يتضح لنا أن القرآن الكريم حرص على تكريم المرأة اليتيمة، وندد بالمتجاوزين على حقوقها سواءً المالية، أو الاجتماعية.

وختاماً:
أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت فيما أردت بيانه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
===============
بقلم: السيـد مختار العصَري
مصــــــــــر- دميــــــــــــــاط
===============
الهــــــــــــــــــــــــــــوامـش:
===============
1 - أنظر مادة (يتم) في كتب اللغة كالقاموس المحيط, والصحاح وغيرهما, و ذكرت كتب التفاسير نفس المعنى.
2 - رواه أبو داود (2873) وغيره, وذكر الألباني طرقه في  إرواء الغليل برقم (1244) وصححه.
3 -  وهي كما يلي: سورة البقرة: آية (83 ، 177 ، 215 ، 230). وسورة النساء : آية (2, 3، 6، 8، 10، 36، 137).
وسورة الأنعام: آية (153) ، وسورة الأنفال آية (41) وسورة الإسراء آية : (17) وسورة الكهف: آية (82)، وسورة الحشر: آية (7) وسورة الإنسان: آية (8) وسورة الفجر: آية (17) وسورة البلد: آية (15) وسورة الضحى: آية (6، 9) وسورة الماعون آية (2).
4 - تفسير القرطبي (11/34) الناشر: المكتبة التوفيقية بمصر, وفتح القدير للشوكاني (3/304) ط:عالم الكتب.
5 - الخمس: حق مالي فرضه الله سبحانه على عباده في الغنيمة التي يغنمها المسلمون من قتال الكفار, فكلفهم بإخراج سهم واحد من كل خمسة سهام نصيبًا للمذكورين في الآية.
والسهام الأربعة الباقية توزع على المجاهدين.
6 - تفسير الطبري (7/525) الناشر: مؤسسة الرسالة.
وتفسير البغوي (2/160) دار طيبة للنشر والتوزيع.
7 -  روى البخاري (5659) وغيره عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا, وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ".
وروى مسلم (2983) وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ " وَأَشَارَ الراوي مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ". وروى مسلم (2631) والترمذي (1914) وغيرهما عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ, وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ".
8 -  علامات البلوغ عند الفقهاء خمسة: ثلاثة يشترك فيها الذكور والإناث، واثنان تختص بالإناث.
أما  المشتركة فهي:
1 ـ الإنبات للشعر الخشن على العانة.
2 ـ السن: أن يبلغ 15 عاماً (على خلاف).
3 ـ الاحتلام (نزول الماء الذي منه الولد).
وأما المختصة بالنساء هما: 1ـ الحيض. 2 ـ الحمل.
9 - تفسير الطبري (7/534) والبغوي (2/ 161).
10- تفسير ابن كثير (1/561) الناشر: مكتبة مصر.



عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
عناية القرآن الكريـم بتربية وحقوق اليتيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مكانة اليتيم بين القرآن والسنة
» تربية اليتيم في ضوء القرآن الكريم
» 4ـ عناية الإسلام بالأولاد
» دروس فضيلة الشيخ: عائض بن عبدالله القرني
» بحث: كفالة اليتيم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأســــــــــــرة والــطــفــــــــــــــل :: ي؟ و؟ م؟ ا؟ ل؟ ي؟ ت؟ ي؟ م؟ العالمـــي-
انتقل الى: