منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Empty
مُساهمةموضوع: فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم   فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Emptyالثلاثاء 26 يوليو 2016, 11:23 pm

فـــن التـدبـــر في الـقـــرآن الـكــريـــــــم
تأليـف الدكتـور: عصــام بن صـالح العويد
غـفــــر الله له ولوالديــــه وللمسلــميـــــن
مصدر هذه المادة: موقع الكتيبات الإسلامية
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا"،
"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه.
فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Untitl16
أما بعد:
يا أيها الإنسان:
اسمع نداء رب الناس للناس: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا" [النساء: 174].
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" [يونس: 57].
"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا".
في هذه الآيات الثلاث فقط تجيئ هذه الأوصاف العظام بأنه: هو البرهان، هو النور، هو الموعظة، هو الشفاء، هو الهدى، هو الرحمة، هو الحق.
فأين قلوب المؤمنين والمؤمنات عن كتاب ربهم؟
لذا فهذه رسالة (فن التدبر) وهي الرسالة الأولى ضمن مشروع (تقريب فهم القرآن) كتبتها لعموم المسلمين، لكل قارئ للقرآن يلتمس منه الحياة والهداية، والعلم والنور، والانشراح والسعادة، والمفاز في الدنيا والآخرة، وهي تمثل (المستوى الأول) لمن أراد أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وقد توخيتُ فيها الوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
فأسأل الله أن يتقبلها بقبول حسنٍ، وأن يجعلها ذخراً أفرح بها حين ألقاه.
==============
دكتور: عصام بن صالح العويد
بريد إلكتروني:
owaid2@gmail.com
وللتواصل أرسل (sms) إلى جوال:
(0557405742 - 0505473522)
=======================
تمهيد:
تأملت في أحوال أمة القرآن، فوجدت أنهم في موقفهم من كتاب الله على أقسام ثلاثة:
أ- قسم أعرض عن كتاب الله:
وهؤلاء خصماء رسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يوم القيامة، "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا" [الفرقان: 30]، وليس الحديث معهم في هذه الرسالة.
ب- قسم يتلو كتاب الله تعالى؛ لكنه لم يستشعر عظمته، ولم يدرك حقيقته، ولم يقف على سلطانه، ولم يدر أين إعجازه، ومن أجله كانت هذه الرسالة.

ت- قسم يراجع كتب التفسير:
وله همة في فهم كتاب الله، لكنه يشعر بأنه ما زال بعيداً عن التدبر الحق لهذا الكتاب العظيم، وهذا كتبت له رسالة (المراحل الثمان لطالب فهم القرآن).
وقد كنت وأنا أُقلبُ الفكر في هذا الأمر، أعجب –كما عجب أسلافنا– من مقولٍ بليغ لعربي جاهلي صنديد عنيد وهو يصف القرآن المجيد، يقول: (والله! لقد سمعت من مُحَمَّدٍ آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمُثمر، وإن أسفله لمُغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه).
فلما قرأت قول بليغ أعجمي! فرنسي!! فيلسوف!!!ملحدٍ!!!! وهو (جوزيف آرنست رنان) زال –والله– عجبي منهم، وبقي عجبي منا.

واسمع لما يقول:
(تضم مكتبتي آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها، والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة، وما أكثر الكتب التي للزينة فقط، ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائماً هو كتاب المسلمين القرآن، فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات، طالعت القرآن حيث أنني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة، لو أراد أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء فإن ذلك الكتاب هو القرآن لا غير، إذ أن الكتب الأخرى ليست لها خصائص القرآن).

أليست هي بنفسها مقولة الوليد بن المغيرة؟
فما الذي جعل (الوليد، وجوزيف)! يتفقان على أن القرآن (يعلو ولا يعلى عليه)؟
إنه قول الله -جل جلاله-: "وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الزخرف: 43].
وما أجمل قول الشاطبي –رحمه الله– واصفاً كتاب الله تعالى في ألفيته المشهورة:

وإن كتـــــاب الله أوثق شافع
        وأغنى غَنَاء واهباً متفضَّلاً
وخيـــــر جليس لا يمل حديثه
        وتردادُهُ يزداد فيـــه تجمَّلاً
وحيث الفتى يرتاع في ظلماته
        مـن القبـر يلقاه سنا متهلِّلاً


*أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان، قال ابن مسعود: مَنْ أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.

قال شمر:
(تثوير القرآن): قراءته، ومفاتشة العلماء به، في تفسيره ومعانيه.
*والعجب أننا نؤمن جميعاً بأن هذا القرآن هو النور... هو الروح... هو الهدى... هو الشفاء... هو الفرقان... جمع أنواع السلطان كلها.
ثم بعد هذا كرِّر النظر، وأرجِع البصر في حال أمة القرآن مع القرآن.

فماذا عساك أن ترى؟
الأمر لا يحتاج إلى كثير بيان.
وهذه نصوص أسئلة تتابعت، أذكرها كما هي.

يقول أصحابها:
1- أنا أقرأ القرآن وأقرأ في كتب التفسير ولا أدرك هذا المعنى العظيم الذي تتحدثون عنه في آيات القرآن.
2- عندي يقين تام بأن القرآن مُعجز لكن لا أدري أين هذا الإعجاز؟
3- لا أجد لذةً عند قراءة القرآن.
4- هل يمكن أن يحكمنا القرآن في كل قضايانا حتى الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية والإعلامية وغير ذلك؟
5- أخت داعية تسأل تقول: ندعو الناس إلى الأنفع لهم، أو إلى ما يرغبون فيه؟ هل نعلم الناس الإيمان أو العاطفة؟
6-أخرى تقول: أليست دراستنا لعلم التوحيد أو الفقه أو الحديث هي المقصودة بتدبر القرآن؟
7- الأمة اختلفت في فهم القرآن كثيراً أما تخشى علينا من هذا؟
8- لماذا القرآن؟ مشكلات الأمة أهم... السياسة أهم... الفقه أهم... الدعوة أهم... الجهاد أهم... الاقتصاد أهم.

*والجواب عن هذه كلها هو جواب واحد:
وهو عدم الفهم الحق لهذا القرآن المُنَزَّلُ من لدن حكيم عليم: "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" [النمل: 6].
فلابد من هذا الفهم –بقدر طاقتك-، وإلا -والرحمن- الذي أنزل القرآن لن تبلغ مرادك في الصلاح والإصلاح في الدنيا، ولا في الرفعة والدرجات في الآخرة.
وأدلة ذلك مبسوطة، ستأتي فيما نستقبل –بإذن الله– ولكن أنبه هنا أن الفهم الحق الذي لابد منه نوعان:

1- فهم ذهني معرفي..

2- فهم قلبي إيماني..

والفهم الثاني هو الغاية، والأول إنما هو وسيلة.

قال الحسن البصري –رحمه الله–:
العلم علمان: 
1- علم في القلب: فذاك العلم النافع.

2- وعلم على اللسان: فتلك حجة الله على خلقه.

فتنبه إلى ذلك –يا أخا القرآن– فإنه سور ما بين الفريقين.

فإن قلت:
فكيف تحقيق ذلك؟

فالجواب:
باتباع منهج الذين قال فيهم الله: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ" [الفتح: 29].
وقال فيهم (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كما في الصحيحين عن عمران بن حصين قال رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
فلا محيد ولا مناص من اتباع منهجهم في تعلمنا وتعليمنا للقرآن.

فإن قلت:
وهل خالفناهم في طريق تعلمنا أو تعليمنا القرآن؟

فأقول:
نعم –غفر الله لي ولك– قد فعلنا شيئًا من ذلك.
فقد كان السلف –رحمهم الله– من عظيم فقهم يتعلمون الإيمان قبل أن يتعلموا القرآن، يتعلمون صغار العلم قبل كباره، يمتثلون قبل أن يستكثروا.

فإن سألت:
وكيف نسلك طريقهم؟

فالجواب -يا أخا القرآن–:
إنما رقمت هذه المراحل من أجل بيان ذلك، فخذها، لك غُنمها، وعلى كاتبها غُرمها، ولا حول لي ولا قوة إلا بالله.

وقد قسمتها إلى ثلاث مستويات:
*المستوى الأول: فن التدبر.
*المستوى الثاني: رسالة (أصول في التفسير) للعلامة ابن عثيمين رحمه الله.
*المستوى الثالث: (المراحل الثمان لطالب فهم القرآن).

ومراحل المستوى الأول على النحو التالي:
*المرحلة الأولى:
لابد من اليقين التام أنك مع القرآن حي وبدونه ميت، مبصر وبدونه أعمى، مهتد وبدونه ضال.

*المرحلة الثانية:
الأصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى القلب.

*المرحلة الثالثة:
كيف نقرأ القرآن؟

*المرحلة الرابعة:
بأي القرآن نبدأ؟

*المرحلة الخامسة:
كيف نستفيد من كتب التفسير؟
وهذا أوان الشروع في المقصود، مستعينا بمن أنزل: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ".
يتبع إن شاء الله...



فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 2:35 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم   فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Emptyالثلاثاء 26 يوليو 2016, 11:42 pm

فــــــــــن التدبــــــــــــــــر
وهذا الفن يمكن اكتسابه من مراحل خمسة...

*المرحلة الأولى:
لابد من اليقين التام أنك مع القرآن حي وبدونه ميت، مبصر وبدونه أعمى ، مهتد وبدونه ضال.
كل قارئ للقرآن العظيم لابد له من هذا اليقين قبل قراءة آياته وسوره، ولذا يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الكتب المنزلة -سورة طه-: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [طه: 123 - 124].
 
وأعظم الذكر هو هذا الكتاب الخاتم.
فالقرآن هو الروح وبدونه أنت ميت، "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا" [الشورى: 52].
والقرآن هو النور وبدونه أنت أعمى، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا" [النساء: 174]، "أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" [الرعد: 19].

والقرآن هو الهدى وبدونه أنت ضال، "|قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا" [يونس: 108].
والحق هنا هو القرآن كما قاله ابن جرير وغيره، وكل ما عداه من الحق المبين للناس فإنه تابع له.
*ولذا كان وصف القرآن للمُعرضين عنه في غاية الشدة من التَّنقُّص والذم، وخذ مثلاً واحداً على ذلك.
يقول الله سبحانه وتعالى: "فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" [المدثر: 49-51].
فهل تأملت –يا قارئ القرآن– بم وصف الله -تعالى- المُعرضين عن القرآن؟

أرجو أن تأذن لي لأقرب لك الأمر قليلاً، فأقول:
(الحُمُر) جمع حمار، وهو معروف.
(مستنفرة) هي الشديدة النفار، وهي الهاربة ذعرًا وخوفاً.
(القسورة) هو الأسد أو الرامي ونحوهما.


والمعنى:
إن المعرض عن القرآن كأنه –عند ربه الذي خلقه– حمار، وليس هذا وفقط، بل هو حمارٌ هائج خائف مذعور.
وصفٌ –والله– مُخزٍ، أجارني الله وإياك من ذلك.
*ولعلك تتأمل هذه الأوصاف التي وصف بها سبحانه وتعالى هذا الكلام الصادر منه جلَّ وعلا..

فقد وصف الله جل جلاله كتابه بأنه:
1- هو الحق:
"وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ" [فاطر: 31].

2- الهدى:
"وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً" [الأعراف: 52].

3- العلم:
"وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" [البقرة: 120].
 
4- البرهان:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ" [النساء: 174].

5- المهيمن:
"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ" [المائدة: 48].

6- البركة:
"كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ" [ص: 29].

7- الموعظة:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ" [يونس: 57].

8- الشفاء:
"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" [الإسراء: 82].

9- التذكرة:
"فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ" [المدثر: 49].

10- النور:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا" [النساء: 174].

11- الرحمة:
"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً" [النحل: 89].

12- الصدق:
"وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" [الزمر: 33].

13- المصدق:
"وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ" [فاطر: 31].

14- العلي:
"وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الزخرف: 4].

15- الكريم:
"إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ" [الواقعة: 77].

16- العزيز:
"وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ" [فصلت: 41].

17- المجيد:
"بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ" [البروج: 21].

18- الفرقان:
"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا" [الفرقان: 1].

19- فيه بصائر:
"هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [الجاثية: 20].

20- وأنه محكم:
"وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الزخرف: 4].

21- وأنه مفصل:
"كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [فصلت: 3].

22- وأنه عجب:
"قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا" [الجن: 1].

23- وأنه بلاغ:

"إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ" [الأنبياء: 106].

24- وأنه بشير ونذير:
"بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ" [فصلت: 4].

25- وأنه بيان وتبيان:
"هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران: 138]، "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89].
أما تكفي هذه الأوصاف لندرك ما الذي نجنيه على أنفسنا بابتعادنا عن القرآن.
***
*المرحلة الثانية:
الأصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى القلب.

القلب أمره جلل، وهو سر من أسرار الله في الأرض، كما قال القائل:

للقلب سر ليس يعرف قدره    
        إلا الذي آتاه للإنسـان


ولذا في هذه الشريعة الخاتم جاء التعظيم لشأن هذه الجارحة كثيراً، ولو لم يأت إلا ما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» لكان هذا كافياً.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فالمقصود تقوى القلوب لله، وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له، والعبودية فيها غاية المحبة، وغاية الذل والإخلاص، وهذه ملة إبراهيم الخليل، وهذا كله مما يبين أن عبادة القلوب هي الأصل، كما قال النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إن في الجسد مضغة...» الحديث (مجموع الفتاوى (ج 17-ص: 485).

ورحم الله ابن القيم إذ يقول في نونيته:
قطع المسافة بالقلوب إليه لا
        بالسير فوق مقاعد الركبان

(أي: إلى الله)



وما أشبع كلمات أحمد بن خضرويه حين قال:
القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق، أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح، وإذا امتلأت من الباطل، أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح.

وقد وصفت قراءة الفضيل بن عياض –رحمه الله– فقيل:
كانت قراءته للقرآن قراءة حزينة شهية بطيئة مترسلة، كأنه يخاطب إنساناً.

*ومما يبين أن القلب هو المخاطب بدءاً بالقران؛ أمور منها:
أ- أن القرآن نزل أولاً على القلب:
يقول الله تعالى: "وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" [الشعراء: 193 - 195].
فقال: "عَلَى قَلبِكَ"، ولم يقل: على سمعك أو بصرك أو ذهنك ونحو ذلك، بل "عَلَى قَلبِكَ"، وهذا ظاهر الدلالة.
ويقول تعالى: "قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ" [البقرة: 97].
فأول جارحة تخاطب بهذا القرآن هي القلب، فإن أنصت القلب؛ أنصتت تبعاً له بقية الجوارح، وإن أعرض كانت كالرعية بلا راعي.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في التحفة العراقية بعد كلام له طويل عن أحوال القلب قال: (وهذا الذي ذكرنا مما يبين أن أصل الدين في الحقيقة هو الأمور الباطنة من العلوم والأعمال، وأن الأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها) (ج1 / ص 42)..
ولذا هُيئ قلب النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لتلقي القرآن قبل نزوله عليه، فعن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أتاه جبريل –عليه السلام– وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقةً، فقال: «هذا حظ الشيطان منك» رواه مسلم وللبخاري نحوه.
وقد وصف الصحابة حال قلوبهم أول سماعهم للقرآن، ففي الصحيحين عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، قال: سمعت النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية : "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ" [الطور: 35 - 37]، كاد قلبي أن يطير.

*وجاء عن السلف مثل ذلك في أول سماعٍ بالقلب للقرآن:
*فعن يونس البلخي قال:
كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف، وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة، فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركضه إذا هو بصوت من فوقه: (يا إبراهيم ما هذا العبث؟! "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" [المؤمنون: 115]، اتق الله، عليك بالزاد ليوم الفاقة)... فنزل عن دابته وأخذ في عمل الآخرة. (القصة مشهورة وهي في مسند إبراهيم بن أدهم (ج1 / ص 8)، وسير أعلام النبلاء (ج7 / ص 388) وغيرهما.

*وقال الفضل بن موسى:
كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها سمع رجلاً يتلو: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ" [الحديد: 16]، فقال: يا رب قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: نرتحل: وقال قوم: حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمَّنَهُمْ، وجاور بالحرم حتى مات. (القصة مشهورة، وهي بهذا السياق في تاريخ الإسلام (ج 12 / ص334 ).
***
ب- كثرة تكرار لفظ القلب في القرآن، بل أسند إليه في الآيات ما لم يسند إلى غيره من الجوارح.
لفظ (القلب، والفؤاد، والصدر) في القرآن تكرَّر كثيراً، وأسند إليه في تلك الآيات ما لم يُسند إلى غيره من الجوارح، وقد وقفت –ولم أستقص- على أربعين وصفاً أسنده القرآن إلى القلب، وهي أوصاف جليلة الأثر جداً، أسوقها من أجل أمر واحد فقط، وهو أن الوقوف عليها مجتمعة يوقظ الفؤاد لهذا الأمر الجلل.
أما الإحاطة بعلم هذه الأوصاف ودلالاتها، فهو في فيما نستقبل إن شاء الله، وأذكر معها شاهداً واحداً من القرآن.

فمن هذا الأوصاف:
1- وصف التقوى:
"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ": [الحج: 32].

2- الخشوع:
"أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ" [الحديد: 16].

3- الهداية:
"وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [التغابن: 16].

4- الرأفة والرحمة:
"وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً" [الحديد: 27].

5- الألفة:
"وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ" [الأنفال: 63].

6- الانشراح:
"أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ" [الزمر: 22].

7- السلامة:
"إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" [الشعراء: 89].

8- الإنابة:
"مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ" [ق: 33].

9- الطهارة:
"أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ" [المائدة: 41].

10- الربط:
"وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ" [الأنفال: 11].

11- العقل:
"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا" [الحج: 46].

12- الاطمئنان:
"الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" [الرعد: 28].

13- الإخبات:
"وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ" [الحج: 54].

14- تزين الإيمان:
"وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ" [الحجرات: 7].

15- إنزال السكينة:
"هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ" [الفتح: 4].

16- الكسب:
"وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ" [البقرة: 225].

 
17- الرَّان:
"كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [المطففين: 14].

18- الغفلة:
"وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا" [الكهف: 28].

19- المرض:
"فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا" [البقرة: 10].

20- الختم:
"خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ" [البقرة: 7].

21- الرعب:
"سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" [آل عمران: 151].

22- الزيغ:
"رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا" [آل عمران: 8].

23- العمى:
"فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" [الحج: 46].

24- التَّقلُّب:
"وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ" [الأنعام: 110].

25- الاشمئزاز:
"وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ" [الزمر: 45].

26- القفل:
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [محمد: 24].

27- ضعف الإيمان:
"وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ" [الحجرات: 14].

28- الطَّبع:
"الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ" [غافر: 35].

29- الوجل:
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ" [الأنفال: 2]

30- الرَّيب:
"إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ" [التوبة: 45].

31- القسوة:
"وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام: 43].

32- الغيظ:
"وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ" [التوبة: 15].

33- اللهو:
"لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ" [الأنبياء: 3].

34- الكفر:
"وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا" [النحل: 106].

35- النفاق:
"فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" [التوبة: 77].

36- الغل:
"وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" [الحجر: 47].

37- الكبر:
"إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ" [غافر: 56].

38- الوسوسة:
"الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ" [الناس: 5].

39- الحسرة:
"لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ" [آل عمران: 156].

40- عدم الفقه:
"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا" [الأعراف: 179].

يا أخا القرآن:
هذه أربعون وصفاً، أربعة منها تكفي لِمَنْ كان له قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد، فكرّر النظر فيها – ثانية وثالثة, وتفكّر في هذا الارتباط الوثيق والميثاق الغليظ بين القرآن والقلب، ثم تأمل في أثر ذلك على قلبك.
***

يتبع إن شاء الله...



فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 2:36 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم   فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Emptyالأربعاء 27 يوليو 2016, 5:17 am

ج- أن أعظم أثر للقرآن إنما هو في القلب: 

فأعظم ما يُحدثه الإقبال على القرآن هو حياة القلب وصلاحه، وأعظم داءٍ يُصاب به المُعرض عن القرآن هو موت القلب وقسوته، ولذا قصرت الذكرى على مَنْ كان له قلبٌ أو اجتهد في إحضار قلبه مع القرآن كما قال تعالى: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" [ق: 37]. 



وقد نبَّه سبحانه وتعالى على عظم أثر الإعراض عن القرآن، وأن ذلك يَحْرم القلب من أنوار الوحي فقال تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [مُحَمَّدْ: 24]. 



وقال الإمام عبد الأعلى التميمي في قوله تعالى:

"قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا" [الإسراء: 107] قال: إن مَنْ أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه؛ لأن الله نعت أهل العلم فقال: "يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا". 



وعن ابن مسعود قال: 

إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره. 



واشتهر عن السَّلف قولهم: 

إنما العلم الخشيَّة. 



وقال الحسن في قوله تعالى: 

"بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ" [العنكبوت: 49]، قال: "بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ" هو القرآن، "فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" يعني: المؤمنين. 



قال ابن كثير: 

لأنه محفوظ في الصُّدور مُيسر على الألسنة مُهيمن على القلوب مُعجز لفظاً ومعنىً. تفسير (ج3 / ص 418). 



وفي مرسل الحسن رضي الله عنه قال: العلم علمان: 

1- علم في القلب: 

فذاك العلم النافع. 



2- وعلم على اللسان: 

فتلك حجة الله على خلقه. 



فليس العلم ولا الإيمان –عندهم- بكثرة القراءة، بل بخشوع القلب وخشيته. 



وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «التقوى ههنا»، وأشار إلى صدره ثلاثة مرات. 



* والنصوص في الباب كثيرة، لكني أذكر بعض البيان العملي للرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثم بعض أتباعه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-: 



ففي السنن عن عبد الله بن الشخير قال: «رأيت رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز المِرجل (وهو صوت القِدْر عند غليانها) من البُكاء»، صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: إسناده قوي. 



وثبت عند أحمد والنسائي والحاكم وصححاه وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححه ابن القيم من حديث أبي ذر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قام بآية يرددها حتى الصباح، وهي قوله: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [المائدة: 118].



وفي الدر المنثور عند تفسير قوله تعالى: "أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ" [الأعراف: 50]، أن عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- شرب ماء بارداً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له: ما يُبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله: "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ" [سبأ: 54]، فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد، وقد قال الله -تعالى-: "أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ" (الدر المنثور (ج 3/ ص 469).  



وفي صفة الصفوة: 

عن سعد بن زنبور قال: كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليه فلم يؤذن لنا، فقيل لنا: إنه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن، قال: وكان معنا رجل مؤذن –وكان صيَّتاً– فقلنا له: اقرأ "أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ"، ورفع بها صوته، فأشرف علينا الفضيل، وقد بكي حتى بل لحيته بالدموع، وأنشأ يقول: 



بلغــتُ الثمانين أو جِزتُها 

فماذا أؤمل أو أنتــظر 

أتى لي ثمانون من مولدي

وبعد الثمانين ما ينتظر 

علتني السنون فأبلينــــني



قال: ثم خنقته العبرة وكان معنا على بن خشرم فأتمه لنا فقال: 

علتني السنون فأبلينني 

فرقت عظامي وكَلَّ البصر 

(ج 2 / ص 239). 

***

د- المقصود الأعظم من القرآن هو تدبر القلب له..

قال الإمام السيوطي في الإتقان: 

وتسن القراءة بالتدبر والفهم فهو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهم وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب. 



وقد أبان الله سبحانه وتعالى عن الحكمة من تنزيل هذا الكتاب فقال: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، واللام في قوله: "لِيَدَّبَّرُوا" هي لام العلة، فهو لن يكون مباركاً مباركة تامة إلا بالتدبر. 



وقال تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [محمد: 24]، فإما التدبر أو الأقفال –وليس قفلاً واحداً– على القلب: 



هما طريقان ما للمرء غيرهما 

فانظر لنفسك ماذا أنت تختار



*ولذا ذم النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ قرأ بعض الآيات ولم يتفكر بقلبه. 



فثبت عند ابن حبان في صحيحه وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): لقد أنزلت عليَّ الليلة آية: «ويلٌ لِمَنْ قراها ولم يتفكّر فيها» "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ"، الآيات من آخر سورة آل عمران. 



ولعلنا لا نحصي كم سمعنا وقرأنا هذه الآيات، لكن لو تأملنا ملياً قوله -تعالى-: «ويلٌ لِمَنْ قرأها ولم يتفكّر فيها» لتغير الحال، والله المستعان. 



وهذا ريحانة القُرَّاء من أصحاب رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ابن مسعود يقول عن القرآن: قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همُّ أحدكم آخر السورة. 



وأختم بمُحكم من القول للإمام محمد بن الحسين الآجري يقول فيه: 

والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبُّره أحبُّ إليَّ من كثير من القرآن بغير تدبُّر ولا تفكّر فيه ، فظاهر القرآن يدل على ذلك، والسنة، وأقوال أئمة المسلمين. 



ولذا في مثل هذه المواطن استوقف النفس وحاسبها، وانظر في حال السَّلف مع القرآن، ثم في حالها هي مع القرآن، قِسْ هذا إلى ذاك، وقارن بين الحالين، ثم اختر لنفسك، وفقك الله لصلاح قلبك. 



فيا أخا القرآن: 

إذا أردت أن تفتح صفحات هذا القرآن المجيد؛ فقبل هذا تفقَّد قلبك هل فُتِحَتْ صفحاته هو أيضاً؟ أم على قلوبٍ أقفالُها؟ 

وفقك الله لهداه. 

***

* المرحلة الثالثة: كيف نقرأ القرآن؟ 

من عظيم شأن القرآن عند الذي تكلّم به -سبحانه-، أن كيفية القراءة لم تُترك لنا، بل جاء القرآن بالكيفيَّة التي تكون عليها قراءته.



ومن ذلك: 

*قوله تعالى: "وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا" [الإسراء: 106] وهو أمر بالمُكث وترك العجلة عند القراءة.



فعن مجاهد بن جبر –رحمه الله– سُئِلَ عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والآخر قرأ البقرة، وقيامهما واحد، وركوعهما وسجودهما واحد، وجلوسهما واحد، أيهما أفضل؟ 



قال: 

الذي قرأ البقرة وحدها أفضل، ثم قرأ: "وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ?. 



فهلا استوقفت قلوبنا أمثال هذه الفتاوى من هؤلاء الأئمة، وأيقظتها من غفلتها؟  



* وقال تعالى: "وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا" [المزمل: 4].



قال ابن عباس: 

يقرأ آيتين ثلاثة ثم يقطع، لا يُهَذرِم. 



وقال مجاهد: 

ترسل فيه ترسلاً. 



* وقد امتثل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هذا الأمر: 

ففي صحيح البخاري عن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه سُئِلَ عن قراءة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فقال: كانت مداً، ثم قرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» يمد الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم. 



وروى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أم سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أنها نعتت قراءة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بأنها: قراءة مفسرة حرفًا حرفًا (وأما لفظ: «كان يقطع قراءته آية آية» فلا يثبت بل هو مرسل، كما أشار إلى ذلك الترمذي وغيره، والفرق بينهما ظاهر من جهة المعنى، وهذا اللفظ هو عمدة مَنْ استحب الوقوف على رؤوس الآي في كل حال دون مراعاة المعنى، وهو قول مرجوح).. قال الترمذي: حسن صحيح غريب. 



وقال قتادة: 

بلغنا أن عامة قراءة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كانت المد. 



* ومن الأدلة على كيفية القراءة قوله تعالى في سورة القيامة: "لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ"، إلى قوله تعالى: "ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" [القيامة: 16 - 19]. 



هذه الآيات سبب نزولها معروف، لكنها جاءت في سياق الكلام عن القيامة، فالسياق في يوم القيامة وأهواله وحال الإنسان فيه، واللحاق في العاجلة والآخرة والموت والبعث، فلأي شيء جاءت هذه الآيات الأربع في هذا السياق؟ 



إنه النهي عن العجلة في القراءة وتحرك اللسان بها سريعاً، خصوصاً في مثل هذه الآيات العظيمات عن مقدمات القيامة وأهوالها. 



* وأما الآثار عن السلف: 

ففي الصحيحين عن ابن مسعود: 

أن رجلاً قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فَرَسَخَ فيه نفع. 



وقال ابن أبي مليكة: 

سافرت مع ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفاً حرفاً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً. 



وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري: 

ما رأيت أحداً أخوف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل، كانت قراءته حزينة شهية بطيئة مترسلة، كأنه يخاطب إنساناً. 



فيا أخا القرآن: 

ينبغي أن تكون كيفية قراءتنا لهذا القرآن العظيم حزينة شهية بطيئة مترسلة، وفقك الله لهداه. 

***

يتبع إن شاء الله...



فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 2:42 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم   فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Emptyالأربعاء 27 يوليو 2016, 6:29 am

* المرحلة الرابعة: بأي القرآن نبدأ؟ 

هذه مسألة جليلة كبيرة القدر جداً، قد خفي على كثير من أهل القرآن وجه الصواب فيها، فوقعوا في خلاف منهج النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ومنهج أصحابه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-. 

ومنهج النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في تعليم أصحابه القرآن هو تعليم الإيمان أولاً قبل تعليم الأحكام، وهي داخلة ضمن القاعدة المشهورة عن السَّلف في التعليم (العلم الرَّباني: هو الذي يُربي الناس بصغار العلم قبل كباره).



وقد جاء في تعليم الإيمان قبل الأحكام آثار مشهورة: 

* فعن جندب بن عبد الله -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: كنا مع النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً. أخرجه ابن ماجة وغيره، قال في مصباح الزجاجة (ج 1/ ص 12): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.



* وعن عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً، وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان. 



* وعنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: لقد عشنا برهةً من دهرنا وإن أحدنا يُؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فنتعلم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، كما تعلمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه. (البيهقي (ج3/ ص 120). أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، ورواه الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج7/ ص 165): ورجاله رجال الصحيح. 



* وفي لفظ عنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: إنا كنا صدور هذه الأمة وكان الرجل من خيار أصحاب رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وصالحيهم ما يقيم إلا سورة من القرآن أو شبه ذلك، وكان القرآن ثقيلاً عليهم، ورُزقوا علماً به وعملاً، وإن آخر هذه الأمة يخف عليهم القرآن حتى يقرأه الصبي والعجمي لا يعلمون منه شيئاً. (ذكره شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (ج5/ ص 332)، وفي بيان تلبيس الجهمية (ج2 /ص 403). 



*وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: حدثنا رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السُّنَّة» [متفق عليه].

 

قال ابن تيمية: 

والأمانة هي الإيمان، أنزلها في أصل قلوب الرجال. (مجموع الفتاوى (ج12 /ص 249). 

*ويقرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام ماتعٍ له في بيان حقائق الدين، ويستشهد لذلك بآيات من كتاب الله...



منها: 

1- قوله تعالى: "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ" [هود: 17]، فالبيّنة من الله هي الإيمان، والذي يتلوه هو شاهد القرآن. 

2-وقوله تعالى: في آية النور: "نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ" [النور: 35]، النور الأول هو نور الإيمان والذي يأتي بعده هو نور القرآن. 



يقول -رحمه الله-: 

«فتبين أن قوله: "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ" [هود: 17]، يعني: هدى الإيمان، "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ"، أي: من الله يعني القرآن، شاهد من الله يوافق الإيمان ويتبعه، وقال: "وَيَتْلُوهُ"؛ لأن الإيمان هو المقصود؛ لأنه إنما يُراد بإنزال القرآن الإيمان وزيادته. 



قال: 

ولهذا كان الإيمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة، والقرآن بلا إيمان لا ينفع في الآخرة بل صاحبه منافق، كما في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أنه قال: «مَثَلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها..» الحديث. (مجموع الفتاوى (ج15/ ص 71). 



وقال -رحمه الله: 

«وقال بعضهم في قوله: "نُورٌ عَلَى نُورٍ" قال: نور القرآن على نور الإيمان، كما قال: "وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا" [الشورى: 52].



وقال السدي في قوله: "نُورٌ عَلَى نُورٍ": 

نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا، فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه". 



وقال: 

«ولهذا دخل في معنى قوله: «خيركم مَنْ تعلَّم القرآن وعلّمه» تعليم حروفه ومعانيه جميعاً، بل تعلم معانيه هو المقصود الأول، بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان، كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما: «تعلّمنا الإيمان، ثم تعلّمنا القرآن، فازددنا إيماناً، وإنكم تتعلمون القرآن، ثم تتعلمون الإيمان». (الفتاوى الكبرى (ج1/ ص 381). 



فإن سألت: 

ما الإيمان الذي نتعلمه أولاً قبل الأحكام؟



فالجواب: 

هو أوائل ما علَّمه النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لأصحابه، وهو أوائل ما نزل من القرآن. 

فالإيمان الذي تكرر ذكره والتأكيد عليه في ابتداء دعوة المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هو ثلاثة أقسام: 

الأول: 

الإيمان بالله «ربوبية، وألوهية، وأسماء وصفات». 



الثاني: 

الإيمان برسوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). 



الثالث: 

الإيمان بالبعث لليوم الآخر. 



فإن قيل: 

وكيف نتعلم هذا الإيمان؟ 



قيل: 

من طريقين..



*الأول: 

بالتفكر في آيات الله المرئية، وهذا له محل آخر غير هذه الرسالة. 



*الثاني: 

بالتفكر في أوائل ما نزل من الآيات المتلوة، التي غرست الإيمان كالجبال في قلوب أصحاب رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). 



وقد جمعهما الله -تعالى- في أول ما نزل على نبيه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في قوله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" [العلق: 1-4]، فجمع له بين القراءة باسم الله، وبين التذكير بنعم الرب على عباده. 



فإن قلت: 

قد قرأنا أوائل ما نزل بل وحفظناه، ولم نرَ أثر ذلك في إيماننا. 



فالجواب -يا أخا القرآن-: 

أننا لم نأخذ القرآن كما أخذوه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-. 



فإن سألت: 

عن أخذهم للقرآن؟ 



فأقول: 

اعلم -وفقك الله لهُداه- أن القرآن تنزيل رب العالمين، وهو كتاب عظيم "قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ" [ص: 67]، وثقيل: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا" [المزمل: 5]. 



بل بلغ الغاية في الإعجاز وشدة التأثير "وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى", أي لكان هذا القرآن، قاله قتادة والفراء وابن قتيبة وابن عطية وابن كثير والسعدي وغيرهم. (ينظر: زاد المسير (ج4/ ص330)، المحرر الوجيز (ج3/ ص313)، تفسير ابن كثير (ج2/ ص516)، تفسير السعدي (ج1/ ص418)وغيرها.. 



وقد أدرك سلفنا الصالح هذه المسألة، فهذا مالك يُسأل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب، وقال: ليس في العلم شيء خفيف، ألم تسمع قوله جل ثناؤه: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا"، ولذا كانوا يأمرون بأن يؤخذ القرآن كما نزل متدرجاً، ويحذرون من ضده أشد التحذير..



لأمور منها: 

1- لأن ذلك لا يُستطاع أبداً لعِظَم القرآن وثقله كما سبق. 

2- ولأن أخذه كما نزل يثبت الفؤاد، "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" [الفرقان: 32]. 

3- ولأن أخذه متدرجاً يوطن النفس على قبول ما يأتي بعد الآيات الأول من الشرائع والحلال والحرام، كما أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء «لا تشربوا الخمر» لقالوا: لا ندع شرب الخمر، ولو نزل أول شيء: «لا تزنوا» لقالوا: لا ندع الزنا، وإنه أنزلت "وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" [القمر: 46]، بمكة على رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده». 



وهذا الوصف منها رضي الله عنها لبيان أثر المنهج الذي تنزل به القرآن من أعظم ما يكون خطراً على مَنْ خالفه ولم يلتفت إليه، فإن قولها رضي الله عنها: «ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع شرب الخمر...» بيان لحال صحابة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مع نهي الله ورسوله، فالآمر هو الله والمبلغ رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) والمأمور أصحاب رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ثم بعد هذا –لو أن منهج التدرج في تنزل القرآن خولف– يكون الرد: «لا ندع شرب الخمر، لا ندع الزنا».

 

فما بالك بجواب غيرهم من بقية الأمة حين يقال لهم أولاً: «لا تشربوا الخمر، لا تزنوا، لا تفعلوا كذا وكذا»؛ الجواب نراه عياناً بياناً في موقف الأمة من أوامر ربها وأوامر رسولها (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ولا شك أن هذا ليس هو السبب الأوحد، لكنه سبب رئيس لابد من التفطن له. 



فإن قال قائل: 

فما المنهج الذي تعلّم وعلَّم أصحاب رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عليه القرآن؟ 



فالجواب: 

هو البدء بالمفصل أولاً. 

وهو الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق حين قالت: «إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار». 

وحين قالت: وإنه أنزلت "بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" [القمر: 46]، بمكة على رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده. 



وهذا هو منهج الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-: 

ففي مصنف عبد الرزاق: أن عمر كان لا يأمر بنيه بتعليم القرآن، ويقول: إن كان أحد منكم متعلماً فليتعلّم من المُفصل فإنه أيسر (ج3/ ص 381). 

 

وفي صحيح البخاري (باب تعليم الصبيان القرآن): 

عن سعيد ابن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: جمعت المحكم في عهد رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصَّل. 



وقال رضي الله عنهما: 

توفي رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم. (ج4/ ص 1922). 

فابن عباس رضي الله عنهما حين بدأ في زمن رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بدأ بالمفصل (المحكم). 



فالبدء بالمفصل له ميزات عدة منها ما يلي:  

1- أنه هو الذي يغرس الإيمان في القلب كأمثال الجبال. 

وهذا هو الذي أشارت إليه عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق حين قالت: «لقد نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام». 



فسور المفصَّل هي التي تجعل القلب يثوب ويطمئن بالإيمان، فإذا جاء الحلال والحرام بعد ذلك كان السمع والطاعة لرب العالمين ولرسوله الأمين (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وبين أيدينا شاهدٌ حيٌ لا يغيب وهم صحابة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) من السابقين الأولين حين زكت نفوسهم هذه الآيات العظيمة من هذا الكتاب العظيم، حتى أصبح الإيمان في قلوبهم كالجبال الرواسي. 



وتأمل معي هذه السور التي هي من أوائل ما نزل من القرآن باتفاق أهل التفسير.

تأملها سورة سورةً ولا تعجل –شرح الله صدرك بكتابه. 

1- سورة "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ". 

2- سورة "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ". 

3- سورة "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ". 

4- سورة "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ". 

5- سورة "وَالضُّحَى".  

6- سورة "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ". 

7- سورة "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ". 

8- سورة "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى". 

9- سورة "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى". 

10- سورة "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا?.

11- سورة "أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ". 

12- سورة "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ". 

13- سورة "الْقَارِعَةُ". 

14- سورة "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى". 

15- سورة "لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ" وغيرها...



فتأمَّل ما الذي تغرسه هذه السُّور في القلب لو قرأناها وفهمناها كما يريده اللهُ منَّا؟ 

فالأمر عظيم جليل، فتدبَّر فيما نزلت، وفقك اللهُ لهُداه. 



* وممَّا ينبغي التنبيه عليه في مثل هذا الموطن أن حزب المفصَّل من كتاب الله جاء لتقرير ثلاث حقائق: 

1- توحيد الله في ربوبيته وألوهيته. 

2- إثبات البعث والدار الآخرة. 

3- الأمر بمكارم الأخلاق. 



وبيان هذا وذكر أدلته من الكتاب والسنة ثم من كلام أهل العلم ليس هذا محله، وإنما أردت الإشارة إليه، لعل قارئ المفصل يفيد منه في حين تدبره لهذا الحزب من القرآن. 



1- أنه أيسر في الفهم؛ لأنه محكم ليس فيه متشابه إلا ما ندر. 

وقد سبق قول عمر: 

إن كان أحد منكم متعلماً فليتعلم من المفصل فإنه أيسر. 



وقول ابن عباس: 

جمعت المحكم في عهد رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فقيل له: وما المحكم؟ قال: المفصل. 

فهو محكم ظاهر، بخلاف غيره من القرآن ففيه متشابه. 



وأخرج الدارمي وغيره عن ابن مسعود قال: 

إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن سورة البقرة، وإن لكل شيء لُباباً، وإن لُباب القرآن المُفصَّل. 

أفيبتغى الوصول للسَّنام قبل الُّلباب المُيَسَّر؟! 

***

يتبع إن شاء الله...



فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 2:43 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم   فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم Emptyالأربعاء 27 يوليو 2016, 6:40 am

* المرحلة الخامسة: كيف نستفيد من كتب التفسير؟ 

كتب التفسير المناسبة لهذا المستوى كثيرة، منها: 

1- (المصباح المنير) في تهذيب تفسير ابن كثير للمباركفوري. 

2- (تيسير الكريم الرحمن) في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي. 

3- (زبدة التفسير من تفسير فتح القدير) لـ د. محمد بن سليمان الأشقر. 

4- (التفسير الوجيز) لـ د. وهبة الزحيلي، ومعه أسباب النزول، وقواعد الترتيل.  

5- (أيسر التفاسير) لأبي بكر الجزائري.


*والذي أراه لعموم المسلمين أن يجمعوا بين كتابين هما: 

*(المصباح المنير): وهو تفسير مختصر يعتني بالآثار ويرتبها، وهو يفيد في بيان معنى الكلمة عند السلف رضوان الله عليهم أجمعين. 

فإن كان المصباح المنير فيه عُسُر، فزبدة التفسير للأشقر فيه نفع كبير. 

* (تيسير الكريم الرحمن للعلامة السعدي)؛ لأنه يعتني بالمعاني العامة، وبمسائل الإيمان والتربية ونحو ذلك، ويصرح بالعقيدة الصحيحة، وينبه على مخالفة المخالفين لها، وغير ذلك مما يحتاجه عموم المسلمين. 

فيقرأ أولاً في (المصباح) أو (زبدة التفسير) فيأخذ معاني الكلمات، ثم في تفسير السعدي فيأخذ المعاني العامة. 

فإن شَقَّ على أحدٍ أن يجمع بين كتابين فعليه بكتاب (أيسر التفاسير) فإنه جمع بين بيان اللفظ والمعنى، وإن كان دون ما تقدم في التحرير لكنه مفيد، وقد نفع الله به في مشارق الأرض ومغاربها. 

***

خاتمة 

تتعلق بالعناية بتدوين أخبار وقصص الأئمة سلفاً وخلفاً مع القرآن، ثم الاستشهاد بها في محلها من التفسير [وهذا مع عظيم فائدته إلا أنه من ملح التفسير لا من متينه]. 

أختم هذه المراحل بلطيفة مؤثرة في المتلقي اعتنى بها أهل التفسير بالمأثور، وهي ذكر ما يحضرهم من أخبار وقصص العلماء والصالحين سلفاً وخلفاً المتعلقة بالآية المفسرة في محلها من التفسير، لا على سبيل الاستقصاء وإنما متى خال له أن في ذلك فائدة، إما في إحقاق حق أو ردع مبطل، وإما تأثراً وخشية أو إنابة وتوبة أو تزكية وتربية أو تفقهاً واستنباطاً ونحو ذلك كثير، ثم يذكرها مع الآية التي وردت القصة فيها. 

وهذا النوع من البيان العملي له أثره البالغ في زيادة الإيمان، وفي التهذيب والتربية، وفي الجدال والإقناع ونحو ذلك، لذا أذكر بعضا مما وقفت في هذا المعنى: 

***

1- البقرة: 

* أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: تعلم عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورًا. 

وذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها. 

* وعن مجاهد؛ أنه سُئِلَ عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران والآخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء.


فقال: 

الذي قرأ البقرة وحدها أفضل. (هذا في بيان فضل التدبر على الإكثار من القراءة). 

***

2- سورة النساء: 

*ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز في قوله تعالى: "فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ" [النساء: 140].


قال شيخ الإسلام: 

ورفع إلى عمر بن عبد العزيز قوم يشربون الخمر وكان فيهم جليس لهم صائم فقال: ابدءوا به في الجلد ألم تسمع الله يقول: "فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ". (مجموع الفتاوى ج 15 / ص 315). 

***

3- سورة الأعراف: 

* ذكر السيوطي في الدر المنثور عند قوله تعالى: "أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ" [الأعراف: 50]. قال عقيل بن شهر الرياحي: شرب عبد الله بن عمر ماءً بارداً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ" [سبأ: 54]، فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله -تعالى-: "أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ". (الدر المنثور ج3 / ص469). 

*ما ذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ" [الأعراف: 80]. 


قال ابن كثير: 

قال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي باني جامع دمشق: لولا أن الله -تعالى- قَصَّ علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً. (تفسير ابن كثير ج2 / ص231). 

***

4- سورة يوسف: 

* في قوله تعالى: "وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ" [يوسف: 84].


عن سعيد بن جبير قال: 

لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيء لم تعطه الأنبياء من قبلهم -يعني قوله تعالى: "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" [بالبقرة: 156]- قال: ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول: "يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ".


* ومن جميل ما يذكر؛ أن الشيخ محمد رشيد رضا قد تُوفي عن تفسيره أواخر سورة يوسف لقوله تعالى "رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" [يوسف: 101]. 


5- سورة النحل: 

* ما ذكره البغوي في تفسيره عند قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النحل: 90]. 


قال البغوي: 

وعن عكرمة: أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قرأ على الوليد بن المغيرة قول الله -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ" الآية، فقال له: يا ابن أخي أعد، فعاد عليه، فقال: إن له والله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمُثمر، وإن أسفله لمُغدق، وما هو بقول البشر. (البغوي ج3/ ص 82). 

***

6- سورة المؤمنون: 

* عن يونس البلخي قال: كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف، وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب، فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" [المؤمنون: 115]، اتق الله، عليك بالزاد ليوم الفاقة، فنزل عن دابته وأخذ في عمل الآخرة. (القصة في مسند إبراهيم بن أدهم ج1 / ص18، وسير أعلام النبلاء ج7 /ص 388 وغيرهما). 

 

* في الطبقات لابن سعد (7 /164) وغيره عن الحسن البصري قال: إن الحَجَّاجَ من عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بسيوفكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول: "وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ" [المؤمنون: 76]. 

***

7- سورة العنكبوت:

* قال ميمون بن مهران: 

ما أتى قوم في ناديهم المنكر إلا حق هلاكهم (البداية والنهاية ج9 / ص318).  


يشير إلى قوله سبحانه وتعالى: 

"أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ" -إلى قوله تعالى-: "إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" [العنكبوت: 29 - 34]، مع الحديث المتفق على صحته «كل أمتي معافى إلا المجاهرين». 

***

8- سورة يس:

في البداية والنهاية لابن كثير: أن ميمون بن مهران قرأ قوله تعالى: "وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ" [يس: 59]، فبكى طويلاً ثم قال: ما سمع الخلائق بنعت قط أشد منه. 


9- سورة الزُّمر:

* كان الضَّحَّاك إذا تلا قوله تعالى: "لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ" [الزمر: 16]، ورددها إلى السحر. 

***

10- سورة الجاثية: 

* أخرج ابن المبارك وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي الضحى قال: قرأ تميم الداري رضي الله عنه سورة الجاثية فلما أتى على هذا "أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ" [الجاثية: 21]، فلم يزل يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام. (ج13/ ص 357). 

***

11- سورة الطور: 

* ذكر ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ" [الطور: 7]: أن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- خرج يعس المدينة ذات ليلة فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائماً يصلّي فوقف يستمع قراءته فقرأ "وَالطُّورِ" حتى بلغ "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ" [الطور: 1-8]، قال: قَسَمٌ ورب الكعبة حق. 


فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث ملياً ثم رجع إلى منزله فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه. 

* وعن الحسن أن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قرأ "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ" فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوماً. (ج4 / ص 241).


*وعن عبادة بن حمزة قال: 

دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ "فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ" [الطور: 27] فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال عليَّ ذلك، فذهبتُ إلى السُّوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها. 


* وفي تاريخ بغداد: 

قال زائدة: صلّيت مع أبي حنيفة في مسجده عشاء الآخرة وخرج الناس ولم يعلم أني في المسجد وأردت أن أسأله عن مسألة من حيث لا يراني أحد قال فقام فقرأ وقد افتتح الصلاة حتى بلغ إلى هذه الآية "فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ" [الطور: 27]، فأقمت في المسجد أنتظر فراغه فلم يزل يرددها حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر. (ج13 / ص357).


*وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: 

سمعت النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ"، كاد قلبي أن يطير. 

***

12- سورة القمر: 

* قال القاسم بن معين: 

قام أبو حنيفة ليلة بهذه الآية "بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" [القمر: 46] يرددها ويبكي ويتضرع. 

* ومما ذكره ابن كثير عن وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية قال: وأخبر الحاضرين أخوه زين الدين عبد الرحمن أنه قرأ هو والشيخ منذ دخل القلعة ثمانين ختمة، وشرعا في الحادية والثمانين فانتهينا فيها إلى آخر اقتربت الساعة عند قوله تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ" [القمر: 54-55].


13-سورة الحديد: 

*قال الفضل بن موسى: 

كان الفُضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق، وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها سمع رجلاً يتلو "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ" [الحديد: 16]، فقال: يا رب قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: لا، حتى نصبح فإن فُضيلاً على الطريق يقطع علينا، فتاب الفُضيل وأمَّنَهُمْ، وجاور الحرم حتى مات. (القصة مشهورة، وهي بهذا السياق في تاريخ الإسلام ج12 / ص 334). 

***

14- سورة المزمل:

* سُئِلَ مالك عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف، ألم تسمع قوله -تعالى-: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا". 

***

15- سورة الزلزلة:

* قال محمد بن كعب الإمام الرباني: 

لأن أقرأ "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا"، و "الْقَارِعَةُ"، أرددهما وأتفكر أحب إليَّ من أن أهذ القرآن. 

* وحين نزلت "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا" وأبو بكر الصديق قاعد، فبكى حين أنزلت فقيل له ما يبكيك يا أبا بكر؟ قال: يبكيني هذه السورة. (تفسير الطبري ج 30/ ص 270).


* وعن إبراهيم التيمي قال: 

أدركت سبعين من أصحاب ابن مسعود أصغرهم الحارث بن سويد فسمعته يقرأ: "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا" حتى بلغ إلى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" قال: إن هذا إحصاء شديد.


* وقال يزيد بن الكميت: 

قرأ بنا علي بن الحسين المؤذن في عشاء الآخرة "إِذَا زُلْزِلَتِ" وأبو حنيفة خلفه فلما قضي الصلاة وخرج الناس نظرت إلى أبي حنيفة وهو جالس يفكر ويتنفس، فقلت: أقوم لا يشتغل قلبه بي، فجئت وقد طلع الفجر وهو قائم قد أخذ بلحية نفسه وهو يقول: يا مَنْ يُجزئ بمثقال ذرة خير خيراً، ويا مَنْ يُجزئ بمثقال ذرة شر شراً، أجِرْ النُّعمَان عبدك من النار وما يُقرّب منها من السوء وأدخله في سعة رحمتك. 


قال: 

فأذنت فإذا القنديل يزهر وهو قائم، فلما دخلت، قال: تريد أن تأخذ القنديل، قلت: قد أذنت لصلاة الغداة، قال: اكتم عليَّ ما رأيت. (ج 13 / ص 357). 

 

16- سورة التكاثر: 

* قال رجل لابن المبارك: 

قرأت البارحة القرآن في ركعة، فقال: لكني أعرف رجلاً لم يزل البارحة يقرأ "أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ" إلى الصبح ما قدر أن يجاوزها، يعني نفسه. (تاريخ مدينة دمشق: ج 32/ ص 435).


ختاماً:

أسأل الله جل جلاله أن يرزقنا جميعاً الفقه في دينه، وأن يُعلّمنا تأويل كتابه. 

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سمَّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا. 

اللهم اجعل لنا من كتابك العظيم في قلوبنا نوراً وفي أسماعنا نوراً وفي أبصارنا نوراً وفي ألسنتنا نوراً واجعل لنا منه نوراً يا نور السموات والأرض.. 

اللهم علّمنا منه ما جهلنا وذكّرنا منه ما نسينا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يُرضيك عنا. 

هذا ما تيسرت كتابته على عجالة من الأمر (تمت بحمد الله في ليلة الثلاثاء الثامن عشر من شهر رجب المحرم لعام ألف وأربعمائة وستة وعشرين للهجرة). 

فأسأل الله العَفَوَّ الغفور أن يَتَقَبَّلَهَا بقبولٍ حسن، وأن يجعلها ذخراً أفرح بها حين ألقاه، وبهذا تنتهي رسالة (فن التدبر)، وَصَلَّى اللهُ وَسَلّمَ على نبينا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه وزوجاته، وعلى التابعين، ومَنْ اقتفى أثرهم إلى يوم الدين. 

=====================

فـــن التـدبـــر في الـقـــرآن الـكــريـــــــم

تأليـف الدكتـور: عصــام بن صـالح العويد 

غـفــــر الله له ولوالديــــه وللمسلــميـــــن

مصدر هذه المادة: موقع الكتيبات الإسلامية

دار الوطـــــــــــــــــــن للــــــــــــــــــــــــنشر



فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
فـن التـدبـر في الـقـرآن الكـريـم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الـقـرآن والنبي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: كتابات في القرآن-
انتقل الى: