منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 كتاب: منزلة الصحابة في القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب: منزلة الصحابة في القرآن   كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Emptyالجمعة 22 يناير 2016, 8:05 am

كتاب: منزلة الصحابة في القرآن

لفضيلة الشيخ: محمد صالح محمد الصاوي

غفر الله لنا له ولوالديه وللمسلمين

كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Untitl12

مقدمة[/center">

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له ولن تجد له وليًا مرشدًا.


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته وسائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد،،

فإن القضية التي ننتصب لبيانها في هذا البحث الموجز هي منزلة الصحابة في القرآن، وشهادة الله لهم بحقيقة الإيمان، وتبشيره لهم بالرحمة والرضوان، والنعيم المقيم في جنات النعيم.


ولقد كان العلم بهذه القضية من الانتشار والذيوع حتى أصبحت من المعلوم من الدين بالضرورة يعرفها العلماء والعوام، ويدين بها الخاصة والعامة، ولا يتصور جهلها أو الجحد بها من أحد.


إلا أن طائفة من المنتمين إلى الإسلام قد خرجت على هذا الإجماع المستيقن فسبت أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-، ونسبتهم إلى ما لا يليق بهم من الشنائع والمنكرات، بل إلى ما شهد لهم بنقيضه في آياته المحكمات.


ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز ذلك إلى أن شهدوا عليهم –إلا قليلاً منهم– بالكفر والردة بل وإلى الطعن في مصادر الشريعة الثابتة لما تضمنته من أدلة تدين هذا الشطط وتدك معاقله مخالفين بذلك النصوص المحكمة في الكتاب والسنة وحقائق تاريخ الأمة، ثم تلا ذلك سيل من البدع والمفتريات.


ولسنا بصدد البحث التفصيلي لهذه المعتقدات فذلك أكبر من أن تحيط به هذه الصفحات القلائل، وإنما أردنا فقط أن نتناول بالبيان منزلة الصحابة في القرآن معتمدين في ذلك على شهادة القرآن في المقام الأول، لأن القوم لا يزالون يعلنون في كل محاجة إنهم يؤمنون بالقرآن، وأن ما ينسب إليهم من القول بتحريفه محض افتراء وبهتان.


فهلم إلى آيات القرآن نستمع من خلالها إلى شهادة رب العالمين بما كان عليه أصحاب رسول الله من الهدي والحق المبين، وبأنهم خير أمة أخرجت للناس أجمعين، وإلى ما بشروا به من الفوز العظيم في جنات النعيم.


قال تعالى: "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ" [الأنعام: 19].


وإننا نهيب بمن يقرأ هذا البحث ممن زلت به القدم في شيء من هذه المهلكات أن يقبل على آيات الله يتدبرها تدبر الطالب للحق، المتحرر من أسر الهوى والشهوة الخفية الموقن بأن الله يجمع الناس ليوم لا ريب فيه ليسألهم جميعًا ماذا أجبتم المرسلين؟ فتبيض وجوه وتسود وجوه؟


كما نأمل أن يدرك بأن الهدف من هذا البحث هو مجرد إحقاق الحق وإبطال الباطل بعيدًا عن شبهة التشويه والتجريح، أو الانتصار لاتجاه سياسي أو لآخر.


فعلم الله ما تحرك القلم إلا حبًا لله ورسوله وما خططنا سوادًا في بياض إلا نصحًا لله ورسوله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- ولأئمة المسلمين وعامتهم، وحرصًا على أن تجتمع على الحق كلمة المسلمين، وشلت يد تعمد إلى آيات الكتاب فتطوعها خدمة للطواغيت أو انتصارًا لشهوة من شهوات الدنيا!!


فإلى القرآن أيها المؤمنون بالقرآن، نرد إليه ما شجر بيننا من خلاف والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أمة تصاغ لأعظم مهمة:

لقد صاغ الله عز وجل أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أعظم صياغة ليكونوا وزراء نبيه وحملة رسالته من بعده.


قال تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" [الحجرات: 7].


فلكي يتأهلوا لشرف الصحبة أعدهم الله ذلك الإعداد الرفيع فحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان فاستحقوا بذلك أن يكونوا هم الراشدون كما تنطق الآية الكريمة.


ولقد زاغ عن الحق فريق من الجهلاء فزعموا أن أصحاب محمد -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- ما بين كافر وفاسق وعاص! إلا نفراً قليلاً منهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين!


فمن نصدق يا أولي الألباب؟

أنصدق شهادة القرآن لهم بالرشد والإيمان؟

أم شهادة القوم عليهم بالكفر والفسوق والعصيان؟


خير أمة أخرجت للناس:

قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" [آل عمران: 110].


فقد جعلهم الله خير أمة، وذلك لما قاموا به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما وقر في قلوبهم من الإيمان بالله، وزعم فريق من الجهلاء أنهم شر أمة، يخونون أمانة الله، ويتواطؤون على الظلم والعدوان وينقلبون على أعقابهم إلى الكفر والجاهلية! فمن نصدق إذن؟


أنصدق القرآن في شهادته لهم بالإيمان والخيرية؟

أم نصدق القوم في شهادتهم عليهم بالخيانة والجاهلية؟

أجيبوا يا أولي الألباب!!


وقال تعالى: "وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [آل عمران: 101].


فالكفر بعيد الوقوع من هذه الأمة الربانية التي يصوغها الله هذه الصياغة الفريدة لحمل أمانة هذا الدين للقيام بدعوة خاتم المرسلين.


كيف يكفر هؤلاء وقد كرَّه اللهُ إليهم الكفر؟ بل كيف يكفرون وعليهم تُتلى آيات الله وفيهم رسوله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-؟


الشهادة لهم بحقيقة الإيمان:

لقد شهد الله لأصحاب نبيه من المهاجرين والأنصار بحقيقة الإيمان في مواضع شتى من القرآن الكريم.


قال تعالى: "وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [الأنفال: 74].


وقال تعالى: "وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 62].


وفي هذه الآية يذكر الله نعمته على نبيه -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- بما أيده به من المؤمنين المهاجرين والأنصار.


وفيها دلالتان:

الأولى:

الشهادة لهم بحقيقة الإيمان لأنها شهادة العليم الخبير.

الثانية:

أنهم جيش تحققت بهم النصرة وليسوا أفرادًا قلة كما يزعم الزاعمون.


وقال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران: 110].


وفي الآية دلالتان:

الأولى:

أن هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس.

الثانية:

أن سبب ذلك هو ما اتصفت به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، والصحابة هم أول وأفضل من دخل في هذا الخطاب بلا نزاع لأنهم أول من خوطبوا به.


وقال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 8-10].


وفي هذه الآيات بيان لحال المستحقين للفيء من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان.


- وقد أثنى الله في الآية الأولى على المهاجرين بأنهم أخرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه، وبنصرتهم لله ورسوله، ثم شهد لهم بالصدق في نهايتها.


- ثم أثنى على الأنصار بحبهم لإخوانهم المهاجرين، وسلامة أنفسهم من الحسد لهم، وإيثارهم لهم على أنفسهم، ثم أشار إلى فلاحهم وذلك في الآية الثانية.


- ثم أثنى على الذين جاؤوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله ألا يجعل في قلوبهم غلا للسابقين من المؤمنين.


وقد استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الأخيرة إن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء.


وإذا ولينا وجهنا شطر النصوص التفصيلية فإننا نجد شهادة القرآن لكثير من أصحاب رسول الله بالإيمان في مختلف المواقع والمواقف التي تفيد في مجموعها ما تفيده النصوص العامة من الشهادة لمجموعهم بالإيمان، ولم لا؟ وقد خوطب الصحابة بوصف الإيمان في القرآن ما يقرب من تسعين مرة!


قال تعالى متحدثًا عن أهل بدر: "إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ" [آل عمران: 124 - 125].


وقال عنهم في موضع آخر: "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" [الأنفال: 11 - 12].


وقال تعالى: "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [الأنفال: 17].


وقال تعالى: "قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ" [آل عمران: 13].


والآية تشير إلى اللقاء الذي وقع بين المسلمين وبين المشركين يوم بدر وفيها شهادة من الله لأصحاب بدر بخلوص نيتهم، وأنهم ما قاتلوا يوم ذلك حمية ولا شجاعة ولا لترى أماكنهم وإنما قاتلوا في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى فأيدهم الله بنصره والله يؤيد بنصره من يشاء.


وقال في مَنْ شهدوا أُحدًا: "وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" [آل عمران: 121-122].


"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 152].


وقال فيهم وقد ندبهم رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- لتعقب القوم بعد انتهاء المعركة: "الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ" [آل عمران: 172 – 174].


وقد كان ذلك يوم (حمراء الأسد) وذلك إن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كروا راجعين إلى بلادهم فلما استمروا في سيرهم ندموا أنهم لم يجهزوا على أهل المدينة ويجعلوها الفيصلة فلما بلغ ذلك رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم إن بهم قوة وجلدًا، فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والاثخان طاعة لله عز وجل ولرسوله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فانزل الله هذه الآيات.


وقد يقول قائل:

إن الله عز وجل قد ذكر أن فيهم مَنْ يريد الدنيا وذلك في قوله تعالى: "مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ".


والجواب:

إن ذلك لا يقدح في حقيقة إيمانهم وذلك بدلالة بقية الآية: فقد ذكر الله بعد ذلك أنه قد عفا عنهم، وأشار إلى أن ذلك العفو كان فضلاً منه عليهم بسبب إيمانهم.


فقال تعالى: "وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ". وقال فيمَنْ شهدوا صلح الحديبية وانقادوا لحكم الله ورسوله وكانوا أربع عشرة مائة: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا" [الفتح: 4-5].


وقد روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نزلت على النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-: "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ" مرجعه من الحديبية قال النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- لقد أنزلت عليَّ آية أحبَّ إليَّ ممَّا على الأرض، ثم قرأها عليهم النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فقالوا: هنيئًا مريئًا يا نبي الله، بيَّن الله عز وجل ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه: "لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ"، حتى بلغ: "فَوْزًا عَظِيمًا".


وهؤلاء هم أهل بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم:

"لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" [الفتح: 18-19].


وسبب هذه البيعة ما هو معروف في كتب السيرة من أن رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- قد أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه ليُخبر قريشًا إنه لم يأت لحرب وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت ومُعظمًا لحُرمته فاحتبسته قريشٌ عندها، وبلغ رسول الله إن عثمان قد قتل فقال -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-؛ لا نبرح حتى نناجز القوم، ودعا الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة تلك البيعة التي لم يتخلف عنها أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس، وكان عدد الصحابة الذين بايعوا رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يومئذ ألفا وأربعمائة كما يرويه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه.


وفي هذه الآيات التي نزلت بشأن هذه البيعة:

- يعلن الله رضاه عن أصحاب هذه البيعة، ولذلك سميت بيعة الرضوان: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ".


- يزكي قلوبهم وما وقر فيها من الوفاء والصدق بقوله: "فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ".


- يرتب على رضاه عنهم وعلمه بما في قلوبهم ما أنعم عليهم به من سكينة وفتح ومغانم فقال تعالى: "فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا".


وهؤلاء أيضًا هم الذين ألزمهم الله كلمة التقوى –كلمة التوحيد– وكانوا أحق بها وأهلها.


قال تعالى:

"إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" [الفتح: 26].


ومن أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- مَنْ آمن من أهل الكتاب وفيهم نزل قوله تعالى: "لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ" [آل عمران: 113 - 115].


والمشهور عند كثير من المفسرين إن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأسيد بن عبيد وثعلبة بن شعبة وغيرهم، وقد شهد الله لهم فيها بالصلاح والإيمان بالله واليوم الآخر وغير ذلك من خصال الخير وشعب الإيمان.


أوصافهم في القرآن:

المؤمنون حقًا:

قال تعالى: "وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [الأنفال: 74].

الراشدون:

قال تعالى: "وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" [الحجرات: 7].


الفائزون:

قال تعالى: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ" [التوبة: 20].


الصادقون:

قال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" [الحشر: 8].


رضي الله عنهم ورضوا عنه:

قال تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 100].


أهل التوبة والرحمة:

قال تعالى: "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [التوبة: 117].


المبشرون من ربهم:

قال تعالى: "الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ" [التوبة: 20-21].


خير أمة أخرجت للناس:

قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [color=#ff0000]




كتاب: منزلة الصحابة في القرآن 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 3:04 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب: منزلة الصحابة في القرآن   كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Emptyالأحد 24 يناير 2016, 12:14 am

تبشير الله لهم بالجنة:
إن شهادة القرآن الكريم لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بالإيمان لا تقف عند حدود الدنيا فقط، بل تمتد لتشمل حسن الخاتمة بالموت على ذلك، وما يستتبعه من وعد الله لهم بالمغفرة والرضوان وحسن المثوبة في الجنان.

قال تعالى:
"وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 100].

ففي هذه الآية يخبر الله عز وجل عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم بما أعده لهم من جنات النعيم، وهذا يعني الموت على الإيمان بشهادة محكم القرآن فأين من الإيمان بالقرآن من يسبون من رضي الله عنه ووعده بجنة الخلد وفوز الأبد؟ 

وقال تعالى:
"لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 88-89].

وفيها وعد كريم من الله عز وجل للرسول والذين آمنوا معه بالخيرات والدرجات العلى في جنات الفردوس، فهل يكون ذلك لقوم علم الله أنهم سيرتدون على أعقابهم بعد موت نبيهم؟! وهل كان هؤلاء أفرادًا ثلاثة أو عشرة كما يزعم الزاعمون أو جيشًا تحقق به نصر الله وتمكن من الوقوف في وجه جحافل الروم أقوى وأعظم دولة في ذلك الزمان؟

وقال تعالى:
"أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ" [التوبة: 19-22].

وفي هذه الآيات يشهد الله لأصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم بالفوز وعظيم الدرجات، ويبشرهم برحمة منه ورضوان وبالنعيم المقيم في جنات النعيم.

أفتكون هذه الشهادات وتلك البشارات لقوم علم الله أنهم سيرتدون من بعد عن دينهم ويموتون وهم كفار؟

وهل يكون لنسبة الأصحاب إلى الكفر بعد ذلك من تفسير إلا التكذيب بهذه الآيات أو تجهيل الله عز وجل حيث قد وعد بالجنة قومًا لم يدر بم يختم لهم؟ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

وقال تعالى:
"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" [الفتح: 29].

فقد ذكر الله أصحاب نبيه في هذه الآيات بكثرة الصلاة، وبإخلاصهم فيها لله عز وجل واحتسابهم عنده جزيل الثواب، ثم وصفهم بحسن السمت الذي يعكس خلوص نياتهم وحسن أعمالهم، ثم وعدهم على ذلك كله بالمغفرة والأجر العظيم.

ووعده عز وجل حق وصدق لا يخلف ولا يبدل، وهذا يقطع لهم بصدق الإيمان الذي عاشوا عليه وماتوا عليه.

وقال تعالى:
"لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" [النساء: 95].

فتذكر هذه الآية تفضيل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر، وتعد الجميع بالحسنى، وهي الجنة والجزاء الجليل، على تفاوت في الدرجات فيما بينهم، ووعد الله صدق لا يتخلف، فهل يعد الله بالجنة قومًا سبق في علمه أنهم سيرتدون من بعد على أعقابهم ويموتون وهم كفار؟

وقال تعالى:
"وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" [الحديد: 10].

فقد ذكرت الآية أنه من أنفق من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة ممن أنفق بعد ذلك، ثم وعدت الجميع بعد ذلك بالحسنى: أي المنفقين قبل الفتح وبعده وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء.

ونعيد نفس السؤال الذي أوردناه آنفًا: هل يعد الله بالحسنى قومًا سبق في علمه إنهم يموتون وهم كفار؟

وقال تعالى في الصحابة الذين آمنوا من أهل الكتاب:
"وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ" [المائدة: 83 – 85].

وهنا أيضًا نعيد نفس السؤال السابق؛ هل يشهد الله بالإحسان ويقضي بالخلود في الجنة لقوم سبق في علمه أنهم يرتدون على أعقابهم بعد ذلك أو يموتون وهم كفار؟!!، وقد تأكد الوعد لهؤلاء القوم بالجنة في مواضع أخرى من القرآن الكريم.

فهم الذين قال الله فيهم:
"وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" [آل عمران: 199].

وقال:
"الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" [القصص: 52-54].
 
تبشير الصحابة بالجنة براءة لهم من النفاق
إن الأدلة التي أسلفناها في تبشير الصحابة بالجنة، ووعد الله لهم الحسنى والنعيم المقيم يوم القيامة لتعد من أقطع الدلائل القرآنية على براءتهم من النفاق الذي حاول المفترون نسبته إليهم وإلصاقه بهم معتمدين على شبهة وجود فريق من المنافقين بالمدينة، ذلك إن الله قد بشر المنافقين بالنار بل توعدهم بالدرك الأسفل منها.

فقال تعالى:
- "بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" [النساء: 138].

وقال تعالى:
- "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" [النساء: 145].

بينما بشر أصحاب نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالجنة:
بشر بها أهل تبوك وقد كانوا ثلاثين ألفًا، وبشر بها أصحاب بيعة الرضوان وكانوا أربع عشرة مائة، وبشر أصحاب بدر وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر.

فهل يصح إن ينسب النفاق إلى هذه الجيوش العظيمة بعد أن وردت بأنها هذه البشارات إلا على أساس التكذيب بالقرآن أو نسبة التناقض إلى الله.

تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، إذ كيف يخاطبهم بعض القرآن بالخلود في الجنة بينما يخاطبهم بعضه الآخر بالخلود في النار؟!

أما وجود بعض المنافقين بالمدينة فهي شبهة أو هي من بيت العنكبوت لأن المنافقين لم يكونوا شبحًا مجهولاً في كيان الأمة، ولم يكونوا بالطبع هم سوادها العام وجمهورها الغالب، وإنما كانوا قلة مرذولة معلومة قد آل أمرها إلى الخزي والفضيحة فعلم بعضهم بأعيانه وبالبعض الآخر بأوصافه، ولم يكونوا هم صانعي الأحداث في تاريخ الدعوة، ولا قادة انتصاراتها وفتوحاتها، بل لم يعرفوا في تاريخها كله إلا بالنكوص والتثبيط والتآمر وسوف نناقش الرد على هذه الشبهة بالتفصيل في الأسطر التالية.
 
المنافقون في المدينة قلة مرذولة معلومة
النفاق علامة الذل والقلة
لم تعرف ظاهرة النفاق في مكة وإنما كان بداية ظهورها في المدينة.

ظاهرة النفاق تعني تمكن الحق وغلبة أهله ولهذا يلقي المنافقون إليه السلم رغبة أو رهبة بينما انطوت قلوبهم على الكفر به والسخرية منه.

وقد كان المنافقون في المدينة من القلة والذلة لدرجة العجز عن إعلان ما يسرونه من الكفر فضلاً عن التظاهر على الصادقين ومناجزتهم ؛ ولهذا بقي هذا الكفر حبيسًا في قلوبهم لا يشي به إلا فلتات الأقوال أو ما يمر بالدعوة من الأهوال.

وعد الله للمؤمنين بأن يكشف لهم حقيقة المنافقين:
ولكي لا يبقى المؤمنون في عماية من أمر هؤلاء المنافقين، فقد وعد الله عباده المؤمنين بأن يميز لهم الخبيث من الطيب، وأن يهتك لهم أستار المنافقين إما بأعيانهم كما حدث بالنسبة للبعض أو بأوصافهم كما هو الأصل.

قال تعالى:
"مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ" [آل عمران: 179].

أي لابد أن يعقد الله شيئًا من المحنة يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر.

قال تعالى:
"أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ" [محمد: 26-30].

فلم يشأ أن يطلع نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأشخاصهم على التعيين سترًا منه على خلقه، وحملاً للأمور على ظاهرها، وردًا للسرائر إلى عَالِمِهَا ولكنه عرفه بهم في لحن القول وهو ما يبدو من كلامهم الدَّال على مقاصدهم، وهكذا آل أمرهم إلى الخزي والفضيحة ولم يعد في الجملة خافيًا على أحد.

المحن وأثرها في كشف حقيقة المنافقين:
لقد كان للمحن المتتابعة التي تعرضت لها الدعوة في المدينة أبلغ الأثر في كشف حقيقة المنافقين، بحيث لم يعودوا كما مجهولاً في غمار الأمة بل قلة مرذولة قد عجل الله لها الخزي في الدنيا وهتك أستارها على الملأ، ففي غزوة الأحزاب تباينت مواقف المؤمنين والمنافقين.

- فقال المؤمنون ما حكاه الله عنهم:
"وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" [الأحزاب: 22].

- أما المنافقون فقد كان من شأنهم ما حكاه الله عنهم بقوله:
"وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا" [الأحزاب: 12-13]، فكشفت الشدة عن حقيقتهم وأظهرت نفاقهم على الملأ.

وفي غزوة تبوك تخلف أهل النفاق وقالوا لا تنفروا في الحر، وتقدم أصحاب رسول الله على عسر من الزاد والماء، وعلى ما كان من شدة القيظ والحر يومئذ إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده.

قال تعالى عن أهل النفاق:
"فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [التوبة: 81-82].

وقال عن أهل الإيمان:
"لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 88-89].

ولم تكن هذه الشدائد من القلة والندرة بل كانت تتكرر كل عام مرة أو مرتين الأمر الذي يعني دوام الكشف ودوام التمايز.

قال تعالى:
"أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ" [التوبة: 126].

فأين هؤلاء الناكصون المنهزمون من الذين هاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أو من الذين أووا ونصروا وصدقوا الله ورسوله؟

وأين كان هؤلاء المخذولون من الأحداث العظيمة التي صنعت تاريخ الإسلام؟ لقد تواروا في الخدور وتقوقعوا في الجحور، وتقدم الصادقون أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار ليكتبوا بدمائهم تاريخ الإسلام فمنهم من اختاره الله للشهادة، ومنهم من كتب له التمكين والسيادة.

ولتعرفنهم في لحن القول:
إذا كان للشدائد أثرها في كشف حقيقة المنافقين، فقد كان في فلتات ألسنتهم ولحن أقوالهم ما يكشف خبثهم ويفصح عن مكنون صدورهم كذلك.

قال تعالى:
"وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ" [محمد: 30].

فعندما ازدحم بعض المهاجرين والأنصار على ماء المريسيع لم يستطع عبد الله بن أبَي أن يكتم أضغانه بل قال كلمة الكفر التي سجلتها عليه آيات الكتاب.

قال تعالى:
"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ" [المنافقون: 8].

وعلى الناحية المقابلة موقف ابنه المؤمن عبد الله الذي وقف له على باب المدينة بسيفه ومنعه من الدخول حتى يأذن له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال له: لتعلمَنَّ اليوم مَنْ هو الأعز ومَنْ هو الأذل!

وهذا آخر يقول:
ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونًا، وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللقاء، فرفع ذلك إلى الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، قال: "أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" [التوبة: 65-66].

وإن رجليه لتسفعان الحجارة، وما يلتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو متعلق بنسعة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هكذا فضحه الله بهذا القول، وسجله عليه قرآنًا يتلى إلى الأبد.

والقصد إنه ما أسر عبدٌ سريرةً إلا وأبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، فهؤلاء الذين أسرُّوا النفاق قد أخرج الله أضغانهم وأبدى الله نفاقهم على صفحات وجوههم وفلتات ألسنتهم ولم يعد أمرهم بالجملة خافيًا على أحد.

فأين هؤلاء من الذين أثبت الله لهم حقيقة الإيمان ووصفهم بالصدق والرشد وأثبت لهم الفلاح والفوز وبشرهم برحمته ورضوانه؟ وكيف تخلط بين من شهد الله عليهم بالكفر والنفاق وبين من أثبت لهم حقيقة الإيمان ؟ أجيبوا يا أولي الألباب.

القرآن الكريم يفضح أحوال المنافقين:
لقد فضح الله أحوال المنافقين، وعرف بهم نبيه وعباده المؤمنين في كثير من آيات القرآن الكريم، وكان مما نزل على رسوله في ذلك سورة التوبة التي كانت تسمى سورة الفاضحة لما فضحت به المنافقين.

ومن سماتهم التي ذكرها الله في هذه السورة:
التخلف عن الغزو، وخذلهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الشدائد إيثارًا للدنيا وكراهية للجهاد.

قال تعالى:
"وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ" [التوبة: 86-87].

السعي بالنميمة والبغضاء والفتنة
قال تعالى:
"لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ" [التوبة: 47-48].

الطعن في قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والرضا والسخط على أمور الدنيا.

قال تعالى:
"وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ" [التوبة: 58].

أي يعيبون عليك في قسم الصدقات ويتهمونك في ذلك، وهم لا ينكرون للدين وإنما ينكرون لحظ أنفسهم.

إيذاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:-
قال تعالى:
"وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".

أي يؤذونه بالكلام فيه ويقولون هو أذن من قال له شيئًا صدقه فينا، ومن حدثه صدقه ، فإذا جئناه وحلفنا له صدقنا، فرد عليهم القرآن بأنه  أذن خير يعرف الصادق من الكاذب.

الاعتذار عن مواقفهم بالأيمان الفاجرة:
قال تعالى:
"يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ" [التوبة: 62].

قال تعالى:
"سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ" [التوبة: 96].

الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وقبض الأيدي عن الإنفاق في سبيل الله:
قال تعالى:
"الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [التوبة: 67].

نقض العهد:
قال تعالى:
"وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" [التوبة: 75-77].

لمز المؤمنين وعيبهم في جميع الأحوال:
قال تعالى:
"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [التوبة: 79].

أي لا يسلم من عيبهم أحد، فمن تصدق بمال كثير قالوا عنه هذا مراء! ومن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا، ويسخرون منه.

اعتبار النفقة غرامة وتربص الدوائر بالمؤمنين:
قال تعالى:
"وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [التوبة: 98].

لا يزيدهم القرآن إلا رجسًا على رجس:
قال تعالى:
"وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ" [التوبة: 124 - 125].

التولي عن الحق والانصراف عنه والنفرة منه:
قال تعالى:
"وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ" [التوبة: 127].

الخلاصة:
أن الله قد ذكر في القرآن من أوصاف المنافقين ما جعل منهم طائفة متميزة منبوذة لا يخفي أمرها على أحد.

فأين هؤلاء مِمَّنْ أثبت الله لهم في القرآن نقيض هذه الصفات وأعلن رضاه عنهم من فوق سبع سماوات وجعلهم خير أمة أخرجت للناس؟

ومتى نكست الأمور ليصبح أئمة الهدى والنور طواغيت الضلالة والفجور؟ ومتى استأسد الجبناء من المنافقين وأصبحوا بغتة طلائع مواكب الفتح المبين؟

وكيف يخلط التاريخ بين مَنْ وقفوا حياتهم على نصرة الله ورسوله ولم ينقضوا عهد الله من بعد ميثاقه وبين الذين لم يُعرفوا في تاريخ الدعوة إلا بالخيانة والتآمر والتثبيط؟

إن نسبة النفاق إلى الصادقين المؤمنين أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بدعوى أنه كان في المدينة منافقون فرية خسيسة لا تثبت لها قدم إلا على أساس التكذيب بالقرآن والسنة، والجحد بحقائق تاريخ الأمة!

منهج معاملة المنافقين دليل التمايز:
لقد جعل الله عز وجل لمعاملة هذه الطائفة منهجًا يختلف عن المنهج الذي أوجبه في معاملة المؤمنين الصادقين.

فقد أمر بجهادهم والغلظة عليهم:
قال تعالى:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" [التوبة: 73].

فأذهب الرفق عنهم وأمر بجهادهم والغلظة عليهم، بينما أمره باللين وخفض الجناح للمؤمنين فقال تعالى: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [الشعراء].

وأخبره أنهم ليسوا أهلاً للاستغفار:
فقال تعالى:
"اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" [التوبة: 80].

وقال تعالى:
"سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" [المنافقون: 6].

في الوقت الذي أمره بالاستغفار للمؤمنين الصادقين:
فقال تعالى:
"فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ" [محمد: 19].

وقال تعالى في شأن بيعة النساء:
"فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [الممتحنة: 12].

ونهاه عن الصلاة على مَنْ مات منهم أو القيام على قبره:
قال تعالى:
"وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُون" [التوبة: 84].

فما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه الآية على منافق ولا قام على قبره أبدًا.

ولم يكن هذا هو منهجه -صلى الله عليه وسلم- مع المؤمنين فقد كان حريصًا على الصلاة عليهم والدعاء لهم كما هو معروف بالإجماع من سيرته -صلى الله عليه وسلم-.

قال تعالى:
"فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ" [التوبة: 82].

وقد كان المنهج مع المؤمنين عامة هو تحريضهم على القتال وحثهم على الجهاد كما قال تعالى: "فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ" [النساء: 84].

إن هذه المغايرة بين المنهجين تعني تمايز الفريقين حتى يتسنى تطبيق هذه الأحكام ومعاملة كل فريق بما يستحقه.

وقد استمر حصار المنافقين من قِبَلِ المجتمع المسلم الذي عاشوا فيه أذلةً مقهورين لم يتبوؤوا فيه قيادةً، ولم يصنعوا له انتصارًا بل لم يكونوا فيه إلا كماً مهملاً تدوسهم سنابك خيول المجاهدين الصادقين.

فكيف انقلبت هذه الأوضاع بغتة -فإذا بهم- كما زعم المغترون قادة الأمة وأهل الحل والعقد فيها يوجهون أحداثها ويديرون دفة أمورها ويحكمون فيها بما يشاؤون؟

ومتى كان ذلك؟ عقيب موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن يُوارَي جثمانه الطاهر في قبره الشريف -صلى الله عليه وسلم-! فهل شهد المسلمون أقبح من هذا الكذب وأخبث من هذا الخبث؟ ألا لعنة الله على الكاذبين.
يتبع إن شاء الله...



كتاب: منزلة الصحابة في القرآن 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 28 مايو 2021, 3:05 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب: منزلة الصحابة في القرآن   كتاب: منزلة الصحابة في القرآن Emptyالأربعاء 27 يناير 2016, 10:58 pm

«لا عصمة لغير الأنبياء»
إن شهادة القرآن الكريم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحقيقة الإيمان وتبشيره لهم بالرحمة والرضوان لا تعني أنهم معصومون من الأخطاء أو منزهون عن الهنات والزلات، لأنهم ليسوا ملائكة ولا بأنبياء، بل قد يقع من بعضهم شيء من ذلك ولكنهم لا يصرون عليه بل يبادرون إلى الاستغفار والتوبة فلا يقدح ذلك في حقيقة إيمانهم ولا فيما بشروا به من المغفرة والرحمة، وقد سجل القرآن الكريم بعض هذه المواقف وسجل معها توبة الله عليهم ورأفته ورحمته به.

قال تعالى بشأن أخذ الفداء من أسرى بدر:
"لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [الأنفال: 68].

فقد سبقت من الله المغفرة لأهل بدر والعفو عنهم فكان ذلك مانعًا من موآخذتهم على ذلك.

وقال تعالى في أهل أحد:
"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 152].

فبعد أن أشارت الآية إلى ما وقع من البعض من فشل وتنازع وإرادة الحياة الدنيا ذكرت عفو الله عنهم ومغفرته لهم ثم ختمت الآية بأن ذلك كان فضلاً من الله عليهم لإيمانهم بالله ورسوله..
"وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ".

وقال تعالى فيمن تولى منهم في هذا اليوم خاصة:
"إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" [آل عمران: 155]، وهذا نص في العفو عما كان منهم من الفرار في هذا اليوم.

وقال تعالى:
"لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" [التوبة: 117 – 118].

وقد نزلت هذه الآيات في غزوة تبوك، وكان قد خرج إليها أصحاب رسول الله في سنة مجدبة وحر شديد وعسر من الزاد والماء حتى ظنوا أن رقابهم ستنقطع من هول ما يكابدونه من العطش، وحتى كاد البعض أن يزيغ عن الحق لما نالهم من الشدة والمشقة، ثم كان رحمة الله بهم ببركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فسالت السماء فهطلت فسقوا وارتووا، ثم تاب الله عليهم توبة تؤكدها الآية في صدرها وفي عجزها.

ثم امتدت رحمته جلَّ وعلا فشمل بتوبته الثلاثة الذين خلفوا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أرجأ قبول توبتهم حتى يقضي الله فيهم، وهكذا تاب الله على جميع من خرجوا في هذه الغزوة والبالغ عددهم ثلاثين ألفًا كما تذكر ذلك كتب السيرة والتاريخ.

وقال تعالى:
"وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [التوبة: 102].

والجمهور على أن هذه الآية نزلت في شأن الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وأوثقوا أنفسهم في سواري المسجد واقسموا ألا يطلقوا أنفسهم حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقهم ويرضي عنهم فلم يطلقهم رسول الله حتى نزلت الآية، فلما نزلت أرسل إليهم فأطلقهم وعذرهم.

وقيل أنها نزلت في شأن أبي لبابة الأنصاري خاصة:
في شأنه مع بني قريظة وذلك أنهم كلموه في النزول على حكم الله ورسوله، فأشار لهم إلى حلقه يريد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوف يذبحهم إن نزلوا، ثم ندم وربط نفسه في سارية من سواري المسجد، فمكث كذلك حتى عفا الله عنه.

والقصد أن نبين أن الله قد تاب عليهم لقوله تعالى:
"عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ" والترجي في كلام الله يفيد تحقق الوقوع.
 
موقف المؤمنين من الصحابة
1- اعتقاد إمامتهم في الدين، وقبول ما أثنى به الله عليهم في القرآن..

قال تعالى:
"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" [آل عمران: 110].

وقال تعالى:
"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" [البقرة: 143].

إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الناس، والوسط هنا بمعنى الخيار والأجود، ودخول الصحابة في ذلك دخول أولى لأنهم أول من خوطبوا بهذه الآية.

"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور: 55].

فقد وعد الله عز وجل بالاستخلاف والتمكين والأمن من آمن وعمل الصالحات وعبد الله وحده فلم يشرك به شيئًا، والصحابة هم المعنيون في المقام الأول بذلك بدلالة قوله تعالى: "منكم" وقد صدقهم الله وعده، وفتح على أيديهم مشارق الأرض ومغاربها وجعلهم الخلفاء والأئمة، فثبتت بذلك إمامتهم في الدين، وصح بذلك أنهم هم المؤمنون والصالحون.

2- اتباعهم بإحسان:
فقد أثنى الله عز وجل على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وعلى كل من تبعهم بإحسان، فجعل اتباعهم بإحسان سبيلاً إلى مرضاته ورضوانه.

قال تعالى:
"وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 100].

وتوعد بالنار وسوء المصير من اتبع سبيلاً غير سبيلهم:
فقال تعالى:
"وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" [النساء: 115].

3- الثناء والترضي عليهم والاستغفار لهم والإمساك عما شجر بينهم:
قال تعالى:
"وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10].

4- عدم الاعتقاد بالعصمة لأحد منهم:
فلا عصمة لأحد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن ذلك لا يقدح في إمامتهم والشهادة لهم بحقيقة الإيمان.

قال تعالى:
"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 102].

شهادة الله عز وجل لأم المؤمنين عائشة بالبراءة مما رميت به من الإفك:
لقد سجل براءة أم المؤمنين عائشة مما رميت به من الإفك، وجعل ذلك قرآنًا يتلى على العالمين، فكانت آيات سورة النور درسًا بليغًا للمؤمنين، وشهادة من الله بتبرئة أم المؤمنين، وماتت الفتنة يومئذ، ولقي من تخوضوا فيها جزاءهم، وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلاً.

قال تعالى:
"إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [النور: 11-19].

إلى أن قال تعالى:
"إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ * الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [النور: 23-26].

وإن من تأمل هذه الآيات الكريمة وما فيها من دروس وعبر ليدرك بشاعة الجرم الذي يقترفه المبطلون ممَّنْ يصرون إلى اليوم على سب الطاهرة المطهرة، زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحليلة خليله -صلى الله عليه وسلم- لاسيما بعد أن تولت الدفاع عنها آيات الكتاب وشهد ببراءتها الملك العلام!

ألم يسمه الله إفكًا في قوله:
"إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ" [النور: 11]، وقوله: "لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ" [النور: 12]، وهل الإفك إلا الكذب والبهت والافتراء؟

ألم يقل رب العزة للذين تخوضوا فيه:
"إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ" [النور: 15].

ألم يحذرهم من العودة إلى مثله أبدًا بقوله:
"يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [النور: 17].

ألم يتوعد الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات باللعنة في الدنيا والآخرة بقوله:
"إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور: 23].

ألم يقل الله عز وجل:
"الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ" [النور: 26]، وهذا يعني أن عائشة ما كانت تصلح لرسول الله شرعًا ولا قدرًا لو كانت خبيثة، وأن الله ما كان ليجعل عائشة زوجًا لرسوله إلا وهي طيبة لأنه أطيب من كل طيب من البشر؟ بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ألم يصرح الله ببراءتها في قوله:
"أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [النور: 26]، ألم يعدها الله عز وجل بالمغفرة والرزق الكريم في قوله: "لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ".

وهل لذلك من تفسير إلا أن الله يشهد لها بحقيقة الإيمان ويبشرها بالموت عليه لتستحق بذلك المغفرة والرزق الكريم في الآخرة.

فهل يجوز بعد ذلك لرجل يؤمن بالله وكلماته أن ينسب أم المؤمنين عائشة إلى شيء من الخبث والريبة؟ وهل يكون لفعله حينئذ من تفسير إلا الكفر البواح والردة الصراح؟
 
خاتمة:
لقد طوفنا في هذا البحث مع آيات القرآن الكريم نستمع من خلالها إلى شهادة الله جل وعلا لأصحاب رسوله -صلى الله عليه وسلم- بما وقر في قلوبهم من حقيقة الإيمان، وبما كانوا عليه من الإخلاص في الطاعات والصدق في العبادات، وبما أثني عليهم من الهجرة والجهاد والنصرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمسارعة في الخيرات.

كما استمعنا إلى شهادته لهم بالصلاح والصدق والفلاح والرشد،
"أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" [الحجرات: 7].
"أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" [الحشر: 8].
"وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ" [آل عمران: 114].
"أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا" [الأنفال: 74].
"وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التوبة: 88].

كذلك وقفنا على إعلانه الرضا عنهم والتوبة عليهم.
"لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ" [الفتح: 18].
"وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" [التوبة: 100].
"لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ" [التوبة: 117].
"وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ".

كما رأينا وعده لهم بالحسنى وبالنعيم المقيم في جنات النعيم:
"وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" [الحديد: 10]، [النساء: 95].
"لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [الأنفال: 74].
"يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ" [التوبة: 21].
"أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" [التوبة: 89].

ثم رأينا كيف أن في تبشير الله لهم بالجنة ما يبرئهم من تهمة النفاق التي رماهم بها المبطلون وإلا لزم التناقض في خبر الله عز وجل تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا: قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا".

وقال تعالى:
"لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 88، 89].

ثم رأينا كيف أنهم جيش تحقق به النصرة وليسوا أفرادًا قلة كما يزعم الجاهلون:
"هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 62]، "قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ" [آل عمران: 13]، "وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ" [آل عمران: 13]، "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ" [الفتح: 18]، "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ" [التوبة: 117].

كما رأينا كيف صدقهم الله وعده فاستخلفهم في الأرض وفتح لهم المشارق والمغارب:
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا" [النور: 55].

كما رأينا كيف تحدد موقف المؤمنين من الصحابة في اتباعهم بإحسان وقبول ما أثنى الله عليهم به والاستغفار لهم والترضي عليهم ثم عدم الاعتقاد بالعصمة لأحد منهم:
"الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10].

ثم عرجنا أخيرًا على حديث الإفك، ووقفنا على شهادة رب العالمين ببراءة عائشة أم المؤمنين:
"أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [النور: 26].

وبعد...
فهذا هو القرآن الذي يقرؤه المسلمون لا يعرف المسلمون قرآنًا غيره، وقد رأينا في آياته المحكمات ما يدحض باطل القوم ويأتي على بنيانهم من القواعد
 
عقيدة الرافضة في الصحابة طريق إلى إنكار القرآن:
إن تطاول القوم على أصحاب رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-، واتهامهم بالكفر والردة قد قادهم إلى النهاية المظلمة التي قد تعرض لكل زائغ عن الطريق وكل ناكب عن صراط الله، ألا وهي الكفر بآيات الله والردة عن الإسلام.

فقد رأينا فيما سبق أن في صريح الآيات القرآنية ما يدك معاقل ضلالات القوم ويجتثها من الأساس! فماذا يفعلون أمام هذا السيل الجارف من الصواعق المحرقة؟

لقد سبق القلم بشقاوة فريق منهم فركبوا مراكب البوار والهلاك وراحوا يطعنون في كتاب الله: يشككون في صحته ويسودون المطولات في إثبات تحريفه.

نذكر منهم الطبرسي صاحب كتاب:
فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب! وهي نهاية يحرص القوم على إخفائها والتواري بها لأنها تقطع آخر وشيجة تربطهم بهذا الدين وتجعلهم بشهادة المسلمين أجمعين كفارًا مرتدين وزنادقة مارقين!

ثم أوغل المارقون منهم في هذه المهلكات:
فنسبوا إلى آل البيت رضوان الله عليهم أن لديهم قرءانًا غير هذا القرآن، وأن مصحف فاطمة رضي الله عنها يبلغ ثلاثة أضعاف المصحف الذي يقرؤه المسلمون وأنه ليس فيه من مصحف المسلمين حرف واحد! ولسنا بصدد مناقشة هذا الهذيان فقد انضم أصحابه إلى مواكب اليهود والنصارى والمجوس، وقالت الأمة بأجمعها كلمتها فيهم، وحددت مواقفها معهم منذ زمن طويل، وإنما أردنا فقط أن نذكر ذلك لنرشد إلى موقع العبرة منه وهو أن أهل الأهواء أسرع الناس ردة، وأن أهل البيت لم يسلموا من جنايات القوم وتطاولهم البغيض رغم أنهم يرفعون آية الانتصار لآل البيت، والبراءة ممن ظلمهم.

وأي ظلم لآل البيت رضي الله عنهم وافتراء عليهم أكثر من أن ينسب إليهم قرآنا غير هذا القرآن تلقوه عن رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-، ثم تواطؤوا على كتمه وعبدوا الله بغيره طيلة هذه القرون؟!

بل وأي ظلم لعلي كرم الله وجهه وعدوان عليه أن ينسب إليه وهو الخليفة الممكن أنه أضل الأمة بأكملها وتركها تعبد الله بكتاب يعتقد تحريفه وبطلانه، وفي حوزته الكتاب الصحيح وفي يديه القدرة على تبليغه وحمل الأمة عليه بما أنعم به عليه من التمكين والسلطان؟!

وأي افتراء على فاطمة بنت رسول الله -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- أن يُنسب إليها التدليس والكتمان والخيانة بإدعاء أنها تملك المصحف المُنَزَّل الذي يبلغ ثلاثة أضعاف المصحف الذي اجتمعت الأمة كلها على عبادة الله به، وليس فيه من هذا المصحف حرف واحد ثم تحجبه عن العامة لتترك الأمة تضل في شعاب التحريف والكفر؟!

ثم ما هو هذا المصحف الذي ليس فيه من مصحف المسلمين حرف واحد؟ وما حروفه التي يتألف منها إذًا؟ أهي السريانية أم الهيروغليفية؟ أم أنه كتب بلغة لا تتكون من الحروف والكلمات؟

وبعد...
فقد كانت هذه هي شهادة القرآن وضعناها بين أيديكم يا أولي الألباب! فأي عذر بعد ذلك لمن ينسب إلى الإسلام ويكون في قلبه غل على خيار المؤمنين وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين؟

وأي حجة لمَن يقال لهم من شر أهل ملتكم؟ فيقولون أصحاب محمد –لا يستثنون منهم إلا القليل– بينما لو سألت اليهودي عن خير أهل ملته لقال أصحاب موسى، ولو سألت النصراني عن خير أهل ملته لقال أصحاب عيسى.

أفيكون اليهود والنصارى خيرًا من هؤلاء في هذا الباب؟! وهل ترون أضل ممَّن اتبع هواه بغير هدى من الله؟ أو أظلم ممَّن لم تكفه شهادة الله ولم تقنعه آيات الكتاب؟!

وفي نهاية المطاف نتوجه إلى القوم بهذا النداء:
يا من زلت بهم القدم في شيء من هذه المهلكات: اقرؤوا القرآن وتدبروا معانيه بعيدًا عن سيطرة الهوى والتعصب، واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله فيخاصمكم فيه محمد -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وأصحابه، بل وآل البيت الذين رفعتم راية الانتصار لهم ثم أبلغتم في سبهم والافتراء عليهم بما نسبتموه إليهم من الخيانة والكتمان والتدليس! فتوبوا إلى الله واستغفروه من قبل أن يخرج الأمر من أيديكم بالموت فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

اللهم إننا نبرأ إليك من الزيغ والضلالة ، ونشهدك على حب أصحاب نبيك وموالاتهم جميعًا على منازلهم التي أنزلتهم إياها، كما نشهدك أن قرنهم هو خير القرون، وأنهم الصادقون والراشدون، وأنه لو أنفق أحدنا ملء أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.

كما نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجمع على الحق كلمة المسلمين وأن تهدي أهل البدع والضلالة منهم أجمعين.

اللهم بصرنا بالحق وأجمع كلمتنا عليه برحمتك يا أرحم الراحمين ،آمين، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
----------
الفهرس
=====
مقدمة
أمة تصاغ لأعظم مهمة
تبشير الصحابة بالجنة براءة لهم من النفاق
المنافقون في المدينة قلة مرذولة معلومة   
«لا عصمة لغير الأنبياء»   
موقف المؤمنين من الصحابة
شهادة الله عز وجل لأم المؤمنين عائشة بالبراءة
مما رميت به من الإفك:
خاتمة
عقيدة الرافضة في الصحابة
طريق إلى إنكار القرآن
الفهرس

تم بحمد الله.



كتاب: منزلة الصحابة في القرآن 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
كتاب: منزلة الصحابة في القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 66- كتاب فضائل الصحابة
» كتاب طرق إبداعية لحفظ القرآن الكريم
» التعقيبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان
» الطريقة المثلى لحفظ كتاب الله العظيم القرآن الكريم
» كتاب: تربية القرآن يا ولدي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: كتابات في القرآن-
انتقل الى: