منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948    الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Emptyالأربعاء 12 مارس 2014, 5:32 am

الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948 
الإرهاب الصهيوني/الإسـرائيلي حتى عام 1967: تاريخ 
Israeli-Zionist Terrorism till 1967: History
بعد الإعلان عن قيام إسرائيل في مايو 1948، أسرعت القيادة الصهيونية إلى إطلاق تسمية «جيش الدفاع الإسرائيلي» على جماعة الهاجاناه في 26 مايو وإلى إدماج الجماعات العسكرية الأخرى في الجيش ، مثلما جرى مع منظمة إتسل في أول يونيه من العام نفسه. وإذا كانت جماعات الإرهاب قبل عام 1948 ظلت تحتفظ باستقلالية تنظيمية عن الجيش لحوالي عام في مدينة القدس فقط فإن سياسة النخبة الإسرائيلية الحاكمة كانت تهدف بالأساس إلى ما يمكن تسميته بمركزية الإشراف والتخطيط للعمل العسكري الإرهابي الصهيوني، وذلك بصرف النظر عما حاولت أن تروجه بأن عصراً جديداً قد بدأ وأن سلطة الدولة قد وضعت حداً للممارسات السابقة. ولذا فإن القانون الذي يُسمَّى «قانون منع الإرهاب» الصادر في 20 سبتمبر 1948 لا يعني وضع حد فاصل في تاريخ الإرهاب الصهيوني وإنما وضع حد لحرية الحركة التي يتمتع بها تنظيم شتيرن. 
ولقد انقطعت عن الذكر أسماء إتسل وشتيرن وربما باستثناء الهاجاناه التي احتفظ الجيش الإسرائيلي نفسه بتسميتها، وسواء أكان ذلك بهدف ضبط وسيطرة هيكل سياسي عسكري موحد أطلق عليه الصهاينة اسم "الدولة" على النشاط الإرهابي باتفاق وتراضي أجنحة الحركة الصهيونية، أم كان ذلك حلقة في صراع السيطرة بين أجنحة الحركة الصهيونية ومنظماتها العسكرية الإرهابية جاءت نتائجه لصالح العماليين وزعامة بن جوريون (حيث قام أيضاً بحل البالماخ التابعة للمابام في نوفمبر 1948) الذي لم يتورَّع عن اللجوء إلى العنف للضغط على إتسل وشتيرن لتصفية استقلالهما، أم كان الأمر مزيجاً من الاعتبارين السابقين. إلا أن هذا لا يعني، بأية حال، أن الإرهاب الصهيوني قد اختفى. فما حدث هو تحوُّله من إرهاب ميليشيات غير منظمة إلى إرهاب مؤسسي منظم من خلال الجيش الإسرائيلي، إذ أن الحقيقة البنيوية التي تسببت في الإرهاب ظلت قائمة، وهي أن الأرض التي تصور الصهاينة أنها بلا شعب، أثبتت أنها ذات شعب يعي تاريخه وحضارته، ولذا استمر الإرهاب واستمر تصاعد عنفوانه حتى بعد 1948 لإفراغ الأرض التي لا شعب فيها من الشعب الذي "تصادف" وجوده فيها (حسب التصور الصهيوني للقضية). 
وقد احتل أبطال العمليات العسكرية الإرهابية الصهيونية قبل عام 1948 أعلى مراكز الجهاز السياسي والعسكري في البلاد، الذي استمر في ممارسة نشاطه الإرهابي والعنصري متكامل الأبعاد (عسكرياً ـ اقتصادياً ـ سياسياً ـ أيديولوجياً ـ دعائياً... إلخ) على جبهتين أساسيتين: الأولى ضد الشعب الفلسطيني بالداخل بهدف طرده خارج أرضه ودفعه بعيداً عن الوطن استمراراً لمهام الاستعمار الاستيطاني الإحلالي. والثانية العمل على بناء هيبة القوة ضد البلدان العربية بل إلى ما يتجاوز المنطقة العربية بالتعاون مع الإمبريالية الأمريكية. 
وفي سياق استمرار الإرهاب الصهيوني وتطـوُّره في أعقاب 1948، عملت، وتعمل، المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في الداخل والخارج. وإن لم يمنع ذلك من استحداث فروع خاصة لأغراض إرهابية محددة. مثل إنشاء الوحدة 101 عام 1953 التي عُيِّن أرييل شارون قائداً لها. وقد ظل أمر إنشائها إلى فترة ما من الأمور السرية (فهي تتبع الجيش الإسرائيلي)، وقد أوكل إليها العديد من المذابح ضد اللاجئين الفلسطينيين في مناطق الهدنة مثل مذبحة قبية. وهكذا قد يجري من آن لآخر إنشاء وحدات إرهابية خاصة من رحم الأجهزة الرئيسية التي يدخل ضمن وظائفها ونشاطها العمل الإرهابي مثل الجيش والموساد التي تختص بأعمال الإرهاب خارج إسرائيل والتي من بين أشهر فضائحها قضية لافون عام 1954، حيث قامت شبكة تخريب وتجسس إسرائيلية بتفجير بعض المرافق الأمريكية والبريطانية والمصرية في القاهرة والإسكندرية. 
وهناك كذلك جهاز الشين بيت الذي يُعَدُّ المخابرات الداخلية في فلسطين المحتلة والمعروف بجرائمه العديدة ضد الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال. كما تم إعادة تشكيل فرقة المستعربين الخاصة بالاغتيالات. وإذا تتبعنا تاريخ النشاط الإرهابي الصهيوني بعد عام 1948 فلن نجد صعوبة في استنتاج أن وقائع هذا النشاط كانت تقع في نطاق المسئولية المباشرة للأجهزة الرسمية الإسرائيلية وما زالت. علاوة على ظاهرة المنظمات الإرهـابية التي بدأ ظهـورها خـلال السبعينيات والثمانينيات. وإن كان ذلك لا ينفي الصلة غير المباشرة والمستترة بين هذه المنظمات والأجهزة الرسمية. 
ولمحاولة تتبع أبرز وقائع وسمات الإرهاب الصهيوني بعد عام 1948، يمكننا أن نقسِّم المرحلة إلى ثلاث فترات: الأولى حتى حرب 1967، والثانية حتى منتصف السبعينيات، أما الثالثة فقد شهدت إلى جانب استمرار إرهاب الدولة بروز تنظيمات المستوطنين اليهود. وتُعَدُّ مذبحة قبية وكفر قاسم نموذجاً جيداً للإرهاب الصهيوني شبه المؤسسي في الفترة التي تلت عام 1948 وحتى 1967. وإذا كان هذا العنوان المكون من مجزرتين فقط ضمن عشرات لا تقل وحشية لا يمكنه أن يفي بالإشارة إلى مجالات الأنشطة الإرهابية الصهيونية الأكثر اتساعاً وتنوعاً، فإنه يضع أيدينا على المجالين الأساسيين والأكثر شـيوعاً في تاريخ الإرهـاب الصهـيوني بعد عام 1948. 
وحصر الجرائم الإرهابية الذي نُفِّذت بأيدي القوات الرسمية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة تبدو عملاً جديراً بالجهد رغم صعوبته. وما يستحق التأكيد أن معركة التغيير الديموجرافي لفلسطين المحتلة لجعلها أرضاً بلا شعب لم تتوقف حسب ما يُعتقد بانتهاء حرب 1948 وما نتج عنها من تشريد مليون لاجئ. فقد استمرت إسرائيل في سياسة الاقتلاع الاستعمارية الاستيطانية بوتيرة لم تقل مطلقاً عن عامي 1947 و1948 وعلى الأقل حتى نهاية الستينيات، وإن لم تتوقف هذه السياسة مطلقاً فيما بعد. وفي إطار ذلك جنَّدت إسرائيل إمكاناتها وسلطة قمعها ضد الشعب الفلسطيني بالداخل، وضمن سياسات قانونية واقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية إرهابية عنصرية. وإذا كانت الصورة التاريخية السائدة لضحية الإرهاب الصهيوني في تلك الفترة هي "اللاجئ المشرد"، فإن القتلى والجرحى كانوا كذلك من بين ضحايا هذه السياسة الإرهابية فضلاً عن المعتقلين والمنفيين قسراً. كما يلفت النظر أن منطقة الجليل كانت هدفاً أساسياً للنشاط الإرهابي الصهيوني خلال الخمسينيات والستينيات نظراً لشعور الصهاينة بخطورة استمرار التركز البشري الفلسطيني فيها.
وقد قامت القوات الإسرائيلية بانتهاك الهدنة مع البلدان العربية المجاورة ونفَّذت العديد من الجرائم الإرهابية ضد المدنيين وبينهم لاجئون فلسطينيون آثرت تعقُّبهم لتمارس مرحلة ثانية من الطرد. وإذا كانت الأمم المتحدة قد أحصت اعتداءات إسرائيل المتكررة والتي أسمتها «حوادث الحدود» بين عامي 1948 و1967 بـ 21 ألف اعتداء، فإن القائمة الدموية تشمل العديد من المذابح (انظر: «المذابح الصهيونية بعد عام 1948») التي اشترك في تنفيذها القوات الأساسية في جيش إسرائيل إلى جانب الوحدات العسكرية التي أنشئت خصيصاً لهذه الأغراض (مثل الوحدة 101 وفرق المظليين)، التي نفَّذت عملياتها بناء على قرارات اتخذت على أعلى مستوىات القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. 
وقد يكون من الضروري إعادة التذكير بأن إسرائيل كانت صاحبة السبق في ممارسة ما سُمِّي فيما بعد «أعمال الإرهاب الدولي»، حيث بادرت في ديسمبر عام 1954 إلى اختطاف طائرة مدنية سورية، وأجبرتها على الهبوط في الأراضي المحتلة، وحاولت أن تتخذ من ركابها المدنيين رهينة للمساومة على جنود إسرائيليين وقعوا قيد الأسر لدى سوريا حين تسللوا إلى الأراضي السورية. وقد اعترف موشي شاريت بنفسه أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قد أكدت بنفسها أن هذا العمل غير مسبوق في مجال السلوك والأعراف الدولية. وهو نمط من السلوك لم تتورع إسرائيل عن تكراره فيما بعد متضمناً انتهاكاً لسيادة دول قد لا تكون في حالة حرب معها (مثل أوغندا وحادث عنتبي). وليس اللافت للنظر هو إدخال إسرائيل مثل هذه الأساليب والسلوكيات في المنطقة وفي التاريخ العالمي فحسب، بل الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بهذه الجرائم الإرهابية الدولية. 
وكما قلنا من قبل فإن عنوان كفر قاسم وقبية لا يستوعب جميع مجالات أنشطة الإرهاب الصهيوني بعد عام 1948 وحتى عام 1967. ففي المقابل كان يلزم لتنفيذ الشق الثاني من إستراتيجية الاستعمار الاستيطاني الإحلالي تنشيط حركة الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة وإلى الدولة الجديدة ولو بالإرهاب. ومن الطبيعي أن يسجل لنا التاريخ وقائع عدة وباعترافات القادة الإسرائيليين كان اليهود خلالها هدفاً للإرهاب الصهيوني ولإرهاب الدولة التي تزعم تمثيلهم أو بالأصح تغتصب هذا التمثيل. حيث خطط جهاز الموساد لعديد من عمليات إلقاء القنابل على أماكن التجمع اليهودي والمقدَّسات اليهودية في العراق عامي 1950 و1951، بل كوَّن شبكة إرهابية لهذا الغرض أشرف عليها موردخاي بن بورات بهدف دفع يهود العراق إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة بعد أن أقلقت استجابتهم الضعيفة وغير المرضية القادة الصهاينة إزاء نداءاتها بالهجرة إلى إسرائيل وحتى بعد أن فتحت السلطات العراقية باب الهجرة واسعاً أمام من يشاء منهم. 
وجريمة قتل الكونت برنادوت، الوسيط الدولي للأمم المتحدة، في فلسطين بتاريخ 17 أغسطس 1948 تقف مثالاً لنشاط الإرهاب الصهيوني ضد "الأغيار" من غير الفلسطينيين والعرب. فقد تم اغتياله رغم جهوده المعروفة في إنقاذ آلاف اليهود من معسكرات الاعتقال النازية عندما كان رئيساً لمنظمة الصليب الأحمر الدولي خلال الحرب العالمية الثانية. كما تشهد بالمسئولية الجماعية للقادة الإسرائيليين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية. وفي هذا الصدد اعترف بن جوريون نفسه فيما بعد بأنه كان على علم تام بهوية الجناة وأنه آثر تسهيل فرارهم دون أي عقاب. إلا أن تاريخ الاستيطان الصهيوني حافل بصفحات طواها النسيان لممارسة الإرهاب ضد الأغيار من غير العرب والفلسطينيين من بينها ممارسة الإرهاب المتكرر ضد سفارات ومصالح الدول الاشتراكية. 
وفي الوقت نفسه تقريباً نُظِّمت سلسلة من الأعمال الإرهابية لم يجر حتى الآن الكشف عن الجهة الصهيونية المسئولة مباشرةً عن تدبيرها. وجرت هذه الأعمال تحت حملة دعائية صهيونية تروج لفكرة الانتقام من المواطنين الألمان الأبرياء. وفي وقت لاحق نظَّمت جماعة صهيونية معارضة لمفاوضات التعويض مع ألمانيا الغربية بعض العمليات الإرهابية من بينها إرسال طرود ناسفة إلى المستشار الألماني أديناور وإلى أعضاء بعثة التعويضات الألمانية في هولندا، وتفجير سيارة مفخخة بجوار مجلس النواب الألماني (البوند ستاج). 
وإذا كان من الضروري إعادة تأكيد طابع الإرهاب الرسمي الغالب في أعقاب 1948، والموجه تحديداً نحو الفلسطينيين والعرب، فإن من الواجب أيضاً رصد مجموعة من الوقائع التي تبدو هامشية إلا أنها تكتسب دلالة بالنسبة لطبيعة التجمُّع الصهيوني في فلسطين. فقد شهدت بدايات العقد الخامس عدة جماعات محدودة العضوية مارست العنف واعتمدته كلغة بين جماعات هذا التجمُّع الصهيوني. وتعود هذه الجماعات، التي لم تحظ باستمرارية أو نفوذ واضحين، إلى مصدرين رئيسيين: الأول بعض أعضاء جماعتي إتسل وشتيرن الذين لم يتقبلوا قسمة السلطة التي أسفر عنها عام 1948 فوجهوا نشاطهم ضد قادتهم حين أقدم بعض أعضاء شتيرن على تعقب قادتهم الذين انصاعوا لأوامر سلطة بن جوريون فقاموا بحرق منازلهم.
والثاني بعض الجماعات اليهودية الأرثوذكسية التي رفضت مظاهر العلمنة في التجمُّع الصهيوني. وكان أبرزها عصابة "الغيورين" أو "المعسكر" التي تأسَّست عام 1950 في القدس. وفي إطار سعيها لفرض ما تراه التعاليم الصحيحة لليهودية أحرقت سيارات من أقدموا على انتهاك حُرمة يوم السبت ومحلات اللحوم التي لا تلتزم الشريعة اليهودية في إجراءات الذبح. إلا أن أشهر أعمالها كان التخطيط لإلقاء قنبلة على الكنيست أثناء مناقشة قرار تجنيد الفتيات المتدينات في الجيش. ومقابل ذلك وقعت عملية ضد المتدينين حين دمرت عبوة ناسفة منزل ديفيد تسفي بنكيس وزير المواصلات احتجاجاً على عزمه تقييد الحركة يوم السبت وذلك في يونيه 1952. 
وعلى أية حال فإن السلطات الإسرائيلية كان يسهل عليها تدارك الموقف، ففضلاً عن تصعيد التوتر بين المستوطن الصهيوني من جهة والشعب الفلسطيني والشعوب العربية عامة من جهة أخرى وحشد متناقضات تجمُّعها الصهيوني في مواجهة ذلك، كان من السهل عليها بث عملائها داخل هذه الحركات وتفريغها وضربها في الوقت المناسب. وإذا كان هناك ثمة مفارقة في أن دوف شيلانسكي، الذي دبَّر عام 1952 محاولة نسف وزارة الخارجية الإسرائيلية وحُكم عليه بالسجن 21 شهراً لمحاولته، قد شغل مقعداً عن الليكود في الكنيست فيما بعد، فإن تلك المفارقة مشحونة بدلائل مهمة تكشف أن التناقضات بين مكونات التجمُّع الصهيوني، مهما بلغت ضراوتها وعنفها، لا تحول مطلقاً دون عملية الاندماج المستمر في إطار نظام لا تشكل لديه مثل هذه السوابق أو السلوكيات أمراً يستلزم استبعاد مرتكبها من بين صفوف نخبته.
المذابح الصهيونية/الإسرائيلية حتى عام 1967 
Israeli-Zionist Massacres till 1967 
من أهم المذابح التي ارتكبها المستوطنون الصهاينة بين عامي 1948 و1967 ما يلي: 
مذبحة الدوايمة (29 أكتوبر 1948): 
هاجمت الكتيبة 89 التابعة لمنظمة ليحي وبقيادة موشيه ديان قرية الدوايمة الواقعة غرب مدينة الخليل. ففي منتصف الليل حاصرت المصفحات الصهيونية القرية من الجهات كافة عدا الجانب الشرقي لدفع سكانها إلى مغادرة القرية إذ تشبثوا بالبقاء فيها رغم خطورة الأوضاع في أعقاب تداعي الموقف الدفاعي للعرب في المنطقة. 
وقام المستوطنون الصهاينة بتفتيش المنازل واحداً واحداً وقتلوا كل من وجدوه بها رجلاً أو امرأة أو طفلاً، كما نسفوا منزل مختار القرية. إلا أن أكثر الوقائع فظاعة كان قتل 75 شيخاً مسناً لجأوا إلى مسجد القرية في صباح اليوم التالي وإبادة 35 عائلة فلسطينية كانت في إحدى المغارات تم حصدهم بنيران المدافع الرشاشة. وبينما تسلل بعض الأهـالي لمنازلهـم ثانية للنزول بالطعـام والملابس جرى اصطيادهم وإبادتهم ونسف عدد من البيوت بمن فيها. وقد حرص الصهاينة على جمع الجثث وإلقائها في بئر القرية لإخفاء بشاعة المجزرة التي لم يتم الكشف عن تفاصيل وقائعها إلا عندما نشرت صحيفة حداشوت الإسرائيلية تحقيقاً عنها. ويُلاحَظ أن الصهاينة أقاموا على أرض القرية المنكوبة مستعمرة أماتزياه. 
مذبحة يازور (ديسمبر 1948): 
كثَّف الصهاينة اعتداءاتهم المتكررة على قرية يازور الواقعة بمدخل مدينة يافا. إذ تكرر إطلاق حراس القوافل الإسرائيلية على طريق القدس/تل أبيب للنيران وإلقائهم القنابل على القرية وسكانها. وعندما اصطدمت سيارة حراسة تقل سبعة من الصهاينة بلغم قرب يازور لقي ركابها مصرعهم وجَّه ضابط عمليات منظمة الهاجاناه ييجال يادين أمراً لقائد البالماخ ييجال آلون بالقيام بعملية عسكرية ضد القرية وبأسرع وقت وفي صورة إزعاج مستمر للقرية تتضمن نسف وإحراق المنازل واغتيال سكانها. وبناءً عليه نظمت وحدات البالماخ ولواء جبعاتي مجموعة عمليات إرهابية ضد منازل وحافلات يستقلها فلسطينيون عُزَّل. 
وتوجت العصابات الصهيونية نشاطها الإرهابي في 22 يناير 1949، أي بعد 30 يوماً من انفجار اللغم في الدورية الإسرائيلية، فتولى إسحق رابين (وكان آنذاك ضابط عمليات البالماخ) قيادة هجوم مفاجئ وشامل على القرية عند الفجر، ونسفت القوات المهاجمة العديد من المنازل والمباني في القرية وبينها مصنع للثلج. وأسفر هذا الاعتداء عن مقتل 15 فلسطينياً من سكان القرية لقي معظمهم حتفه وهم في فراش النوم. وتكمن أهمية ذكر مذبحة يازور في أن العديد من الشخصيات "المعتدلة" بين أعضاء النخبة الحاكمة في إسرائيل اشتركوا في هذه الجريمة. كما أن توقيت تنفيذ المذبحة يأتي عقب قيام الدولة. ولم يُكشف عن تفاصيل هذه المذبحة إلا عام 1981. 
مذبحة شرفات (7 فبراير 1951): 
في الثالثة من صبيحة يوم 7 فبراير عام 1951 وصلت ثلاث سيارات من القدس المحتلة إلى نقطة تبعد ثلاثة كيلو مترات ونصف عن خط السكة الحديدية جنوب غرب المدينة وتوقفت حيث ترجل منها نحو ثلاثين جندياً واجتازوا خط الهدنة وتسلقوا المرتفع باتجاه قرية شرفات الواقعة في الضفة الغربية والمطلة على القدس بمسافة تبعد نحو خمسة كيلو مترات. وقطع هؤلاء الجنود الأسلاك الشائكة المحيطة بالمدينة وأحاطوا ببيت مختار القرية، ووضعوا عبوات ناسفة في جدرانه وجدران البيت المحاذي له، ونسفوهما على من فيهما، وانسحبوا تحت حماية نيران زملائهم التي انصبت بغزارة على القرية وأهلها. وأسفرت هذه المذبحة عن سقوط عشرة من القتلى: شـيخين وثلاث نسـاء وخمسة أطفال، كما أسفرت عن وقوع ثمانية جرحى جميعهم من النساء والأطفال. 
مذبحة بيت لحم (26 يناير 1952): 
في ليلة ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام لدى الطوائف المسيحية الشرقية، 26 يناير 1952، قامت دورية إسرائيلية بنسف منزل قريب من قرية بيت جالا على بُعد كيلو مترين من مدينة بيت لحم وأدى ذلك إلى استشهاد رب المنزل وزوجته. وفي الوقت نفسه اقتربت دورية أخرى من منزل آخر، على بُعد كيلو متر واحد شمالي بيت لحم قريباً من دير الروم الأرثوذكسي في مار إلياس، وأطلقت هذه الدورية النار على المنزل وقذفته بالقنابل اليدوية فقُتل صاحبه وزوجته وطفلان من أطفالهما وجُرح طفلان آخران. ودخلت دورية ثالثة في الليلة نفسها الأرض المنزوعة من السلاح في قطاع اللطرون، واجتازت ثلاثة كيلو مترات إلى أن أصبحت على بُعد خمسمائة متر من قرية عمواس فأمطرتها بنيران غريرة. 
مذبحة قرية فلمة (29 يناير 1953): 
هاجمت سرية معززة قوتها بين 120 إلى 130 جندياً قرية فلمة العربية الواقعة في الضفة الغربية، ودكت القرية بمدافع الهاون حيث هدمت بعض بيوتها وخلفت تسعة شهداء بين العرب فضلاً عن أكثر من عشرين جريحاً. 
مذبحة مخيم البريج (28 أغسطس 1953): 
هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي مخيم البريج الفلسطيني في قطاع غزة حيث قتلت 20 شهيداً وجُرح 62 آخرون. 
مذبحة قلقيلية (10 أكتوبر1953):
انظر: «مذبحة قلقيلية«  
مذبحة قبية (15 أكتوبر 1953):
انظر»: مذبحة قبية«  
مذبحة مخالين (29 مارس 1954): 
قامت قوة من الجيش الإسرائيلي مؤلفة من 300 جندي باجتياز خط الهدنة وتوغلت في أراضي الضفة الغربية مسافة أربعة كيلو مترات حتى وصلت إلى قرية مخالين بالقرب من بيت لحم، حيث ألقت كمية من القنابل على تجمعات السكان وبثت الألغام في بيوت القرية وفي المسجد الجامع. وأسفرت هذه المذبحة عن استشهاد أحد عشر عربياً وجُرح أربعة عشر آخرون.
مذبحة دير أيوب (2 نوفمبر 1954): 
في الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم خرج ثلاثة أطفال من قرية يالو الغربية لجمع الحطب، تراوحت أعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة، وعند وصولهم إلى نقطة قريبة من دير أيوب على بُعد نحو أربعمائة متر من خط الهدنة فاجأهم بعض الجنود الإسرائيليين فولت طفلة منهم هاربة فأطلق الجنود النار عليها وأصابوها في فخذها، لكنها ظلت تجري إلى أن وصلت إلى قريتها وأخبرت أهلها. أسرع أهل الطفلين المتبقين إلى المكان المذكور فشاهدوا نحو اثنى عشر جندياً إسرائيلياً يسوقون أمامهم الطفلين باتجاه بطن الوادي في الجنوب حيث أوقفوهما وأطلقوا عليهما النار ثم اختفوا وراء خط الهدنة. وقد توفي أحد الطفلين لتوه، بينما ماتت الطفلة الأخرى صبيحة اليوم التالي في المستشفى الذي نُقلت إليه. 
مذبحة غزة الأولى (2 فبراير1955):
انظر: «مذبحة غزة«. 
مذبحة غزة الثانية (4 و5 أبريل1956):
قصفت مدافع الجيش الإسرائيلي مدينة غزة، حيث استشهد 56 عربياً وجُرح 103 آخرون. 
مذبحة خان يونس الأولى (30 مايو 1955) والثانية (1 سبتمبر 1955): 
وقعت بهذه المدينة مذبحتان في عام واحد، حيث شن الصهاينة عليها غارتين وقعت أولاهما في فجر يوم 30 من شهر مايو، وثانيتهما في الثانية من بعد منتصف ليلة الفاتح من سبتمبر في عام 1955. وراح ضحية العدوان الأول عشرون شهيداً وجرح عشرون آخرون. أما العدوان الثاني فشاركت فيه توليفة من الأسلحة شملت سلاح المدفعية والدبابات والمجنزرات المصفحة ووحدات مشاة وهندسة. وكانت حصيلة هذه المذبحة الثانية استشهاد ستة وأربعين عربياً وجرح خمسين آخرين. 
مذبحة الرهوة (11ـ12 سبتمبر 1956): 
قامت قوات الاحتلال الصهيوني في اليومين بمهاجمة مركز شرطة ومدرسة في قرية الرهوة حيث تم قتل خمسة عشر شهيداً عربياً ونُسفت المدرسة. 
مذبحة كفر قاسم (29 أكتوبر 1956):
انظر: «مذبحة كفر قاسم« 
مذبحة خان يونس الثالثة (3 نوفمبر1956):
وقعت المذبحة أثناء احتلال الجيش الصهيوني بلدة خان يونس حيث تم فتح النار على سكان البلد، ومخيم اللاجئين المجاور لها حيث كان عدد الشهداء المدنيين من القرية والمخيم معاً 275 شهيداً. 
مذبحة السموع (13 نوفمبر 1966): 
شنت قوات المظليين الإسرائيلية هجوماً على قرية السموع في منطقة جبال الخليل. وقد خطط للعملية روفائيل إيتان واشترك في تنفيذها لواء دبابات ولواء مشاة تعززهما المدفعية وسلاح الجو الإسرائيلي. 
بعد قصف القرية التي كانت خاضعة للإدارة الأردنية تسللت القوات الإسرائيلية إليها ونسفت 125 منزلاً وبناية بينها المدرسة والعيادة الطبية والمسجد، وذلك رغم المقاومة الباسلة التي أبداها سكان القرية والحامية الأردنية صغيرة العدد. وقد أدان مجلس الأمن الدولي بقرار رقم 288 في ديسمبر من نفس العام المذبحة الإسرائيلية، ورفض تذرُّع إسرائيل الواهي بانفجار لغمين في أكتوبر 1966 جنوبي الخليل كمبرر للعدوان. أدَّت المذبحة إلى قتل 18 وجرح 130 جميعهم من المدنيين بينهم نساء وأطفال وشيوخ. وتُعَد المذبحة نموذجاً للإرهاب المؤسسي المنظم الذي تمارسه الدولة الصيهونية.
مذبحة قلقيلية (10 أكتوبر 1953) Qalqilya Massacre 
حرص أهل قلقيلية على جمع المال وشراء أسلحة وذخيرة للجهاد ضد الصهاينة، ولم تنقطع الاشتباكات بينهم وبين عدوهم. ولم يكتم الإسرائيليون غضبهم من فشلهم في كسر شوكة سكان القرية، حتى أن موشيه ديان قال في اجتماع له على الحـدود إثر اشـتباك في يونيه 1953: "سأحرث قلقيلية حرثاً". 
وفي الساعة التاسعة من مساء العاشر من أكتوبر عام 1953 تسللت إلى قلقيلية مفرزة من الجيش الإسرائيلي تقدَّر بكتيبة مشاه وكتيبة مدرعات تساندهما كتيبتا مدفعية ميدان ونحو عشر طائرات مقاتلة، فقطعت أسلاك الهاتف ولغمت بعض الطرق في الوقت الذي احتشدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة تحركت في الساعة العاشرة من مساء اليوم نفسه وهاجمت قلقيلية من ثلاثة اتجاهات مع تركيز الجهد الأساسي بقوة كتيبة المدرعات على مركز الشرطة فيها. لكن الحرس الوطني تصدى بالتعاون مع سكان القرية لهذا الهجوم وصمدوا بقوة وهو ما أدَّى إلى إحباطه وتراجُع المدرعات. وبعد ساعة عاود المعتدون الهجوم بكتيبة المشاه تحت حماية المدرعات بعد أن مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية، وفشل هذا الهجوم أيضاً وتراجع العدو بعد أن تكبد بعض الخسائر.
شعر سكان القرية أن هدف العدوان هو مركز الشرطة فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عدداً كبيراً من الأهالي المدافعين هناك. ولكنهم تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية القصف واشتركت الطائرات في قصف القرية ومركز الشرطة بالقنابل. وفي الوقت نفسه هاجم العدو الإسرائيلي مرة ثالثة بقوة وتمكَّن من احتلال مركز الشرطة ثم تابع تقدُّمه عبر الشوارع مطلقاً النار على المنازل وعلى كل من يصادفه. وقد استُشهد قرابة سبعين من السكان ومن أهل القرى المجاورة الذين هبوا للنجدة، هذا فضلاً عن الخسائر المادية الكبيرة. وكانت وحدة من الجيش الأردني متمركزة في منطقة قريبة من قلقيلية فتحركت للمساعدة في التصدي للعدوان غير أنها اصطدمت بالألغام التي زرعها الصهاينة فتكبدت بعض الخسائر، وقد قصفت المدفعية الأردنية العدو وكبدته بعض الخسائر، ثم انسحب الإسرائيليون بعد أن عاثوا بالقرية فساداً وتدميراً. 
مذبحة قبية (15 أكتوبر 1953) Kibya Massacre 
في منتصف شهر أكتوبر عام 1953 أغار جنود الفرقة 101 التابعة للجيش الإسرائيلي بقيادة أرييل شارون على القرية التي تقع شمال مدينة القدس في المنطقة الحدودية تحت إدارة الأردن. وطوَّق 600 جندي إسرائيلي القرية تماماً وقصفوها بصورة مركَّزة ودون تمييز، ثم دخلت قوة منهم إليها وهي تطلق النار عشوائياً بعد أن تمكنت من التخلص من المقاومة التي أبدتها قوة الحرس الوطني المحدودة في القرية. وبينما كان يجري حصد المدنيين العُزَّل بالرصاص قامت عناصر أخرى بتلغيم العديد من منازل الفلسطينيين وتدميرها على من فيها. 
وقد تذرعت إسرائيل في البداية بأن الهجوم يأتي انتقاماً لمقتل امرأة يهودية وطفلها. كما مارست الخداع بادعائها أن مرتكبي المذبحة هم من المستوطنين الصهاينة وليسوا قوات نظامية. إلا أن مجلس الأمن الذي أدان الجرم الصهيوني قد اعتبره عملاً تم تدبيره منذ زمن طويل، وهو الأمر الذي أيدته اعترافات بعض القيادات الصهيونية/الإسرائيلية فيما بعد. وأسفرت المذبحة عن سقوط 69 قتيلاً بينهم نساء وأطفال وشيوخ ، ونسف 41 منزلاً ومسجد وخزان مياه القرية في حين أُبيدت أُسر بكاملها مثل عائلة عبد المنعم قادوس المكونة من 12 فرداً. وتُعَد مذبحة قبية علامة شهيرة في انتهاك إسرائيل للقانون والأعراف الدولية فضلاً عن حقوق الإنسان، ونموذجاً سافراً لسياستها الهادفة إلى مطاردة الشعب الفلسطيني واقتلاعه بتفريغ مناطق الهدنة عام 1948. وقد قام فدائيان عربيان يوم 25 نوفمبر 1987 (في الذكرى الحادية والثلاثين لمذبحة قبية) بعملية فدائية سمياها «عملية قبية». وقد استُشهد الفدائيان بعد أن قتل أحدهما ستة إسرائيلين. 
مذبحة غزة الأولى (28 فبراير 1955) First Gaza Massacre 
بسبب طبيعة إسرائيل كدولة وظيفية حرص الاستعمار على استغلال وجودها لتصفية العداء المصري لسلسلة الأحلاف الاستعمارية ومنها حلف بغداد الذي كان يتزعم الدعوة إليه وتنفيذه نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي آنذاك. ومع وضوح الموقف المصري صعَّدت إسرائيل موقفها العدواني تجاه مصر وعمدت إلى تنفيذ مذبحة في قطاع غزة الذي كانت الإدارة المصرية تشرف عليه. 
وبدايةً حاولت إدارة الصهاينة توجيه تهديد صريح لمصر بإمكان استعمالها سياسة القوة لتأديب الثورة المصرية وردعها. ومن ثم، ففي الوقت الذي كان فيه صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة المصري يجتمع مع نوري السعيد رئيس وزراء العراق في 14 من أغسطس 1954 لإقناعه بالعدول عن ربط العراق بالأحلاف الاستعمارية ودعوته إلى توقيع معاهدة دفاع مشترك مع مصر، كانت قوة من الجيش الإسرائيلي تتسلل عبر خط الهدنة وتتوغل نحو ثلاثة كيلو مترات داخل حدود قطاع غزة حتى وصلت إلى محطة المياه التي تزود سكان غزة بالماء، فقتلت الفني المشرف على المحطة وبثت الألغام في مبنى المحطة وآلات الضخ. ومع رفض الإدارة المصرية هذه التهديدات ومع استمرارها في الاتجاه الذي اختارته لنفسها، قامت قوات الصهاينة بتنفيذ مذبحة حقيقية في القطاع. 
ففي الساعة الثامنة والنصف من مساء 28 فبراير عام 1955 اجتازت عدة فصائل من القوات الإسرائيلية خط الهدنة، وتقدمت داخل قطاع غزة إلى مسافة تزيد عن ثلاثة كيلو مترات، ثم بدأ كل فصيل من هذه القوات يُنفذ المهمة الموكولة إليه. فاتجه فصيل لمداهمة محطة المياه ونسفها، ثم توجَّه إلى بيت مدير محطة سكة حديد غزة، واستعد فصيل آخر لمهاجـمة المواقع المصرية بالرشاشـات ومـدافع الهاون والقنابل اليدوية، ورابط فصيل ثالث في الطريق لبث الألغام فيه ومنع وصول النجدة. ونجح المخطط إلى حدٍّ كبير. وانفجرت محطة المياه، ورافق ذلك الانفجار انهمار الرصاص الإسرائيلي على معسكر الجيش المصري القريب من المحطة. وطلب قائد المعسكر النجدة من أقرب موقع عسكري فأسرعت السيارات الناقلة للجنود لتلبية النداء لكنها وقعت في الكمين الذي أعده الإسرائيليون في الطريق وارتفع إجمالي عدد ضحايا هذه المذبحة 39 قتيلاً و33 جريحاً. 
مذبحة كفر قاسم (29 أكتوبر 1956) Kafr Kassem Massacre 
في 29 أكتوبر 1956 وعشية العدوان الثلاثي على مصر تولت قوة حرس حدود تابعة للجيش الإسرائيلي تنفيذ حظر التجول على المنطقة التي تقع بها قرية كفر قاسم في المثلث على الحدود مع الأردن. وقد تلقَّى قائد القوة، ويُدعى الرائد شموئيل ملنيكي، الأوامر بتقديم موعد حظر التجول في المنطقة إلى الساعة الخامسة مساءً وهو الأمر الذي كان يستحيل أن يعلم به مواطنو القرية، وبخاصة أولئك الذين يعملون خارجها، وهو ما نبه إليه مختار القرية قائد القوة الإسرائيلية. كما تلقَّى ملنيكي توجيهات واضحة من العقيد شدمي بقتل العائدين إلى القرية دون علم بتقديم ساعة حظر التجول. "من الأفضل أن يكون هناك قتلى.. لا نريد اعتقالات.. دعنا من العواطف..". 
وكان أول الضحايا أربعة عمال حيوا الجنود الإسرائيليين بكلمة "شالوم" فردوا إليهم التحية بحصد ثلاثة منهم بينما نجا الفلسطيني الرابع حين توهموا أنه لقى مصرعه هو الآخر. كما قتلوا 12 امرأة كن عائدات من جمع الزيتون وذلك بعد أن استشار الملازم جبرائيل دهان القيادة باللاسلكي. وعلى مدى ساعة ونصف سقط 49 قتيلاً و13 جريحاً هم ضحايا مذبحة كفر قاسم. ويُلاحَظ أن الجنود الإسرائيليين سلبوا الضحايا نقودهم وساعات اليد. وقد التزمت السلطات الإسرائيلية الصمت إزاء المذبحة لمدة أسبوعين كاملين إلى أن اضطرت إلى إصدار بيان من مكتب رئيس الوزراء عقب تسرُّب أنبائها إلى الصحف ووسائل الإعلام. وللتغطية على الجريمة أجرت محاكمة لثلاثة عشر متهماً على رأسهم العقيد شدمي. وأسفرت المحاكمة عن تبرئة شدمي حيث شهد لصالحه موشي ديان وحاييم هيرتزوج، بينما عوقب ملنيكي بالسجن 17 عاماً وعوقب دهان وشالوم عوفر بالسجن 15 عاماً في حين حُكم على خمسة آخرين بأحكام تصل إلى سبع سنوات. وحظي الباقون بالبراءة. 
وإذا كانت محاكمة المتهمين الصهاينة قد بدأت بعد عامين كاملين من المذبحة، فإنه قبل عام 1960 كانوا جميعاً خارج السجن يتمتعون بالحرية، حيث أصدر إسحق بن تسفي رئيس الدولة عفواً عنهم. والطريف أن الملازم دهان قد سارع بالرحيل إلى فرنسا معلناً سخطه على التمييز بين اليهود السفارد والإشكناز في الأحكام القضائية التي صدرت على مرتكبي مذبحة كفر قاسم. وتُعَد مذبحة كفر قاسم مثالاً على إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل تجاه الفلسطينيين وبتدبير وتواطؤ مختلف سلطاتها. كما يُعَد كل من بن جوريون رئيس الوزراء ووزير الدفاع وموشيه ديان رئيس أركان الجيش وشيمون بيريس نائب وزير الدفاع المسئولين الأساسيين عن المذبحة ورغم ذلك لم يحاكمهم القضاء الصهيوني. 
يتبع إن شاء الله...


الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Empty
مُساهمةموضوع: الإرهاب الصهيوني/الإسـرائيلي منذ عام 1967حتى الثمانينيات: تاريخ    الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Emptyالأربعاء 12 مارس 2014, 5:52 am

الإرهاب الصهيوني/الإسـرائيلي منذ عام 1967حتى الثمانينيات: تاريخ 
Israeli-Zionist Terrorism from 1967 till the Eighties: History 
كان من الطبيعي أن تنشط آلة الإرهاب الصهيوني مع عدوان 1967 وبعده، الذي أسفر عن ضم المزيد من الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وغزة والقطاع الشرقي من القدس) وهي ذات تركيب سكاني عربي خالص. ولتمهيد الطريق أمام الاستيطان الإحلالي في الضفة الغربية وقطاع غزة اختار المخطط الإسرائيلي بعناية نمط القتل الجماعي/ المذبحة بوصفه أكثر أنواع الإرهاب دموية وأوضحها فجاجة. ولذا فإن الأيام والأسابيع القليلة التي تلت دخول القوات الإسرائيلية إلى الضفة وغزة في 5 يونيه 1967 شهدت سلسلة من عمليات القتل الجماعي للمدنيين دون تمييز. كما لابد وأن يذكر مئات الأسرى والجرحى المصريين الذين تم قتلهم ودفنهم فى مقابر جماعية. وسجل مراقبو الأمم المتحدة وهيئة غوث اللاجئين التابعة لها في تقارير عديدة جانباً من هذا السلوك الإرهابي الفج الذي لم يَسلْم منه حتى اللاجئون الفلسطينيون الذين أخذوا في الفرار عَبْر معبر اللنبي/الملك حسين على نهر الأردن. وفيما بعد جرى اكتشـاف العـديد من القـبور الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية. 
واقترنت ممارسات القتل الجماعي/المذابح بإزالة قرى وأحياء بكاملها وطَرْد سكانها الفلسطينيين وتشريدهم بدعوى شق الطرق الأمنية للقوات الغازية. وعلى ذلك فإن المذبحة والطَرْد الجماعي وهَدْم الديار هو أول ما واجه به جيش الاحتلال الصهيوني الفلسطينيين في الضفة وغزة في إطار السعي لتحطيم معنويات شعب بأسره ودفعه لتقبُّل الهزيمة والإعداد لاقتلاعه من الوطن. وخلال السنوات العشرين الفاصلة بين يونيه 1967 والانتفاضة في 1987 طوَّرت سلطات الاحتلال آليات ممارسة إرهاب الدولة المنظم منتهكة كل بنود الاتفاقات الدولية الخارجية بمعاملة السكان المدنيين تحت الاحتلال. ولذا فإن المقارنة ظلت حاضرة وبقوة بين ممارسات الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي والممارسات المنسوبة للاحتلال النازي الألماني. 
ويبرز بين هذه الآليات الإرهابية الاستخدام الواسع والمكثَّف لأساليب العقاب الجماعي من حظر للتجوال وفرض الحصار الأمني (الإغلاق) وهدم البيوت وغيرها. وعلى سبيل المثال فإن الفترة بين يونيه 1967 ويونيه 1980 شهدت قيام قوات الاحتلال بهدم 1259 بيتاً فلسطينياً. ولقد خص مدينة القدس العربية اهتمام خاص في سياسة هدم المنازل (525 بيتاً فلسطينياً خلال الفترة المشار إليها)، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره بمركزية القدس في المشروع الاستيطاني الإحلالي الصهيوني. وتاريخ الأراضي المحتلة عقب 1967 هو سجل يومي لشتى ممارسات الإرهاب التي تعتبر ثمرة تراث سلطة احتلال استيطاني، بدءاً من إطلاق النار على المتظاهرين وسقوط القتلى والجرحى وضمنهم الأطفال والنساء، والاعتداء على السياسيين والمثقفين وترحيلهم خارج البـلاد. وفرض أوامر الإقامـة الجبرية والاعتقال والتعذيب بمختلف أنواعه. 
ولقد لجأت سلطة الاحتلال الإسرائيلي إلى قوانين الطوارئ البريطانية الصادرة عام 1945 وكذلك إلى قانون الأحكام العرفية المشدد (العسكرية) الذي فرضه الاستعمار البريطاني لقمع الثورة الفلسطينية (عام 1936). ويجيز هذا القانون العسكري سيء السمعة الاعتقال التعسفي بكل أشكاله. وبعد نحو ثلاث سنوات من احتلال الضفة وغزة لجأت إسرائيل إلى إصدار الأمر العسكري رقم (378) الذي يمنح سلطات الاحتلال صلاحيات أوسع في ممارسة الاعتقالات، وأصبح أي مواطن فلسطيني معرَّضاً للاعتقال في أي مكان وأي وقت بدون أسباب وبدون إذن قضائي. كما بات مسكن أي فلسطيني بالضفة وغزة عرضة للتفتيش دون سبب ودون إذن مسبق. ومما يلفت النظر أن سلطات الاحتلال عادت وأدخلت 46 تعديلاً على هذا الأمر لسد الثغرة تلو الأخرى التي تتيح حماية ضحايا الاعتقال. وتذهب بعض التقديرات إلى أن واحداً من بين خمسة فلسطينيين قد تعرَّض للاعتقال أو السجن في الفترة الواقعة بين عامي 1967 ـ 1987. وهو الأمر الذي يعكس ضراوة الصراع بين سـلطة الاحتـلال الاستيطاني ومقاومة الفلسطينيين له. 
ويقترن الاعتقال بممارسة التعذيب على نطاق واسع في المعتقلات والسجون الإسرائيلية. ولما كانت منظمات حقوق الإنسان الدولية قد بدأت مع الثمانينيات تنتبه إلى أن تعذيب الفلسطينيين يشكل ركناً لا يتجزأ من سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وضمنه نظامه القانوني العنصري التمييزي، فقد كلفت الحكومة الإسرائيلية في عام 1987 مائير شامجر رئيس المحكمة العليا بتعيين لجنة قضائية للتحقيق في ممارسات التعذيب التي يقوم بها جهاز الأمن الداخلي المسمى «شين بيت». وكان من الواضح أن قرار الحكومة الإسرائيلية يحصر نطاق التحقيق في جهاز واحد (الشين بيت) ، متجاهلاً عن عمد الممارسات اليومية الواسعة لجنود جيش الاحتلال بصفة عامة. وجاءت أبلغ المفارقات دلالة في أن شامجر نفسه كان أحد الإرهابيين الذين طردتهم سلطات الانتداب البريطاني خارج فلسطين عام 1944 لتورطه في أنشطة إرهابية كما عمل فيما بعد مستشاراً قانونياً لوزارة الدفاع الإسرائيلية في غضون حوادث 1967. ومن جانبه فإن شامجر قام بتعيين الماجور جنرال إسحق هوفي بين أعضاء اللجنة الثلاثية المكلفة بالتحقيق. وهوفي هو الآخر كان من بين إرهابيي البالماخ وكان قائد وحدة بالجيش الإسرائيلي جرى تكليفها بأعمال انتقامية إرهابية في سيناء خلال حرب 1956 وفيما بعد تولَّى رئاسة جهاز الموساد بين عامي 1974 و1982. 
وبالطبع فإن اللجنة الإسرائيلية انتهت إلى محاولة إضفاء الشرعية على انتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين تحت وطأة التعذيب بدعوى "اعتبارات أمن إسرائيل". ونتائج لجنة التحقيق الإسرائيلي وتُدعَى «لجنة لاندو» تعترف ضمناً بأن التعذيب ركن أساسي في النظام القانوني العنصري الإسرائيلي، لكن فلسفة ممارسة التعذيب استناداً إلى آلاف الوقائع الواردة في تقارير المنظمات الدولية تتجاوز هدف انتزاع الاعترافات بالإكراه إلى غلبة إشاعة "أجواء الرعب" بين أبناء الشعب الفلسطيني بأسره. واستخدام التعذيب كأداة انتقامية ضد كل أشكال المقاومة وإثبات رموز الوجود الوطني.
وعلى مستوى نشاط آلة الإرهاب الصهيوني ضد العرب في البلدان المجاورة، شهدت مرحلة ما بعد 1967 طفرة جديدة تتناسب مع ما استشـعرته النخبـة الصهيونيـة من تفوُّق عسـكري وبخاصة في مجال الجو. فاتسع حيز ممارستها جغرافياً، وانتقل تركيز نشاطها الإرهابي من الأردن إلى لبنان. فقد صعَّدت حجم اعتداءاتها على المحيط العربي المجاور لفلسطين، حتى لو بدا في حالة استسلام تام لواقع وجودها وسيطرتها. ولقد سقط مئات الضحايا من المدنيين العُزَّل نتيجة الاعتداءات الإرهابية الصهيونية. ويكفي التذكير بضحايا مدرسة بحر البقر للأطفال في دلتا النيل بمصر، وعمال مصانع أبي زعبل بجوار القاهرة وذلك خلال عام 1970، وضرب 15 قرية ومخيماً للاجئين على امتداد نهر الأردن بقنابل النابالم في فبراير 1968. أما لبنان فيصعب على المرء انتقاء حادث دون آخر من سلسلة حافلة من الأعمال الإرهابية بلغت ذروتها بغزو البلاد عام 1982، واستخدام الأسلحة المحرَّمة دولياً ضد مواطنيه ومواطني الشعب الفلسطيني، ومن بينها القنابل الانشطارية والأسلحة الكيماوية. 
وقبلها كان عام 1972 ذروة لنشاط الموساد في الاغتيال على الساحة اللبنانية حيث اغتيل الأديب الفلسطيني غسان كنفاني وابنة شقيقه في 8 يوليه 1972، وأصيب د. أنيس صايغ فضلاً عن د. باسل القبيسي الأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت. كما اغتيل ثلاثة من كبار القيادات الفلسطينية في بيروت: محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال نصر. وهو نفس العام الذي شهد تركيزاً في أعمال الاغتيال الإسرائيلي خارج المنطقة حيث اغتيل وليد زعيتر ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في روما ومحمود الهمشري ممثلها في باريس. ولقد شهدت مرحلة ما بعد 1967 كذلك مزيداً من جرائم إسرائيل ضد الطائرات المدنية وكان أشهرها نسف طائرة الركاب الليبية المدنية في الجو عام 1973 وقتل 106 شخص على متنها، وهو نفس العام الذي أُجبرت فيه طائرة لبنانية على الهبوط في إسرائيل. 
والأمر الذي يحتاج إلى الالتفات هو ذلك الطابع التفاخري الإعلاني والفوري الذي يقترن بهذا النشاط، حيث تسعى إسرائيل لتأكيد بطشها وقدرتها على مجافاة المنطق وانتهاك الأخلاقيات والأعراف الدولية. ومن اللافت أيضاً ذلك الميل الاستعراضي الفج لهذه الأعمال الإرهابية الدولية وما تلقاه من اهتمام وإعجاب داخل التجمُّع الصهيوني بصفة عامة. ولا تزال العمليات الإرهابية الإسرائيلية يجرى الإعلان عنها رسمياً حتى الآن، وقد أصبحت نشاطاً ذا صفة كونية إذ وسَّع دائرة حركته إقليمياً (بغداد ـ تونس ـ عنتيبي.. إلخ). كما يوجد تعاون عسكري إسرائيلي أمريكي على مستوى النشاط الإرهابي المُعلن والنشاط الاستخباري بين الموساد والـ سي. آي. آيه. وقد أُعلن في الثمانينيات عن دور إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة في تدريب خبراء الإرهاب والقمع وتوفير معداته للأنظمة الدكتاتورية والعدوانية في أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص.
المنظمات الإرهابية الصهيونية/الإسرائيلية في الثمانينيات 
Israeli-Zionist Terrorist Organizations in the Eighties 
من السمات الأساسية للإرهاب الصهيوني في الثمانينيات، عودة المنظمات الإرهابية الصهيونية التي تتخذ طابعاً تنظيمياً مستقلاً عن جهاز الدولة وبخاصة التي تعمل في المناطق المحتلة بالضفة وغزة والجليل كذلك. وحوادث الإرهاب التي تُنسب إلى هذه الجماعات تتسم بالوفرة والتتابع: الإضرار بممتلكات المواطنين العرب ـ محاولات الاعتداء على المقدَّسات الدينية الإسلامية والمسيحية ـ قتل الأشخاص بصورة منتقاه أو بأساليب عشوائية مثل الهجوم على الحافلات الفلسطينية إلى تسميم الطالبات الفلسطينيات وتدبير مخططات لإفقادهن القدرة على الإنجاب مستقبلاً ـ أعمال الاختطاف. وإذا كان الهدف الأساسي المُعلن لهذه الجماعات هو طرد السكان الفلسطينيين بالقوة، فإن جماعة السلام الآن الإسرائيلية لم تَسلْم في إحدى المرات من إرهاب هذه المنظمات حين أُلقيت قنبلة على مظاهرة لها في فبراير 1984 فأودت بحياة أحد أعضائها. إلا أن سلسلة الانفجارات التي استهدفت حياة مجموعة من رؤساء بلديات الضفة الفلسطينيين في عام 1980 هي التي ركَّزت الانتباه على أهمية تلك الظاهرة. 
وإذا نظرنا إلى قائمة أسماء هذه المنظمات التي تقف وراء عمليات الإرهاب في الضفة الغربية بوجه خاص، وجدنا أن من بينها من أعلن مسئوليته عن حوادث بعينها، في حين آثر بعضها أن يلتزم سرية شملت حتى الحرص على إخفاء اسمه أو أهدافه ولو إلى حين. وتضم القائمة أسماء باتت شهيرة مثل: لفتا ورابطة سيوري تسيون والحشمونيون وأمانا ، فضلاً عن مجموعة مسميات أخرى تتضمن هدف بناء الهيكل الثالث على حساب الحرم الأقصى مثل: منظمة التاج الكهنوتي والمخلصون لجبل البيت. إلا أن أشهر الجماعات الإرهابية منهما جماعات الإرهاب ضد الإرهاب (ت. ن. ت) ومنظمة كاخ التي كان يتزعمها الحاخام مائير كاهانا. 
وقد تكون هناك بعض الاختلافات حول تحديد توقيت بداية بروز هذه الجماعات الإرهابية الصهيونية الجديدة، من مطلع السبعينيات حتى نهايتها. إلا أن العديد من المصادر تقدِّم عدة أحداث باعتبارها نقاط انطلاق لتكوين هذه الجماعات مثل حرب أكتوبر 1973 وما صاحبها من إحباط وعدم ثقة في قدرة آلة الإرهاب الرسمية على الوفاء بمتطلبات المشروع الصهيوني بمفردها أو بالانسحاب الإسرائيلي من سيناء وبخاصة مستعمرة ياميت في مطلع الثمانينيات. وإذا كان من العبث تحديد حالة واحدة أو يوم أو شهر أو سنة للقول بأنها نقطة بدء موجة جديدة من نشاط الإرهاب الصهيوني المتواصل. فإن حَصْر الجهود بين هذين التاريخيين ليس بمنأى عن الدوافع والتبريرات الصهيونية التي تحاول أن تدَّعي وجود "قطيعة" فاصلة بين ممارسات الدولة الصهيونية من جانب وهذه الجماعات من جانب آخر. 
وإذا أخذنا في اعتبارنا كل المعطيات التي تصب لصالح القول بأن تبلور المنظمات الصهيونية الإرهابية بين منتصف السبعينيات ومطلع الثمانينيات جاء ليلبي حاجات في جوهر المشروع الاستيطاني اليهودي فإن "الدولة" بدت ـ في نظر قطاع من الإسرائيليين ـ عاجزة عن الوفاء بها على النحو الأمثل والكافي. فإن الأساس الذي تستند إليه هذه المنظمات يظل هو "المستوطن اليهودي" القادم بقوة ودَعْم الدولة العبرية إلى الضفة وغزة ليحل محل سكانها "الفلسطينيين". ولقد قامت هذه المنظمات على "المستوطن المسلح" بالأسلحة النارية الذي تلقَّى قدراً من التدريب في جيش إسرائيل النظامي. ومثلما منحته الدولة العبرية امتياز حمل السلاح في مواجهة الفلسطيني الأعزل فإنها في الوقت نفسه منحته حصانة قانونية لممارساته الإرهابية بينما يتعقب القانون العنصري التمييزي كل أنشطة الفلسطينيين وضمنها الأنشطة السلمية. 
ولذا فإن تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية برئاسة السيدة يهوديت كارب قد انتهى في مايو 1982 إلى اتهام السلطات الإسرائيلية (جيشاً وشرطة) بالتواطؤ وتجاهُل جرائم المستوطنين. كما أشار التقرير نفسه إلى ازدواج نظام الضبط والمحاكمة في مواجهة الفلسطينيين من جانب والمستوطنين اليهود من جانب آخر. ولما كان ما ورد بهذا التقرير من تشخيص وتوصيات لم يلق استجابة الحكومة الإسرائيلية ـ وكل الحكومات اللاحقة وإلى حينه ـ فإن السيدة كارب اضطرت للاستقالة من منصبها (نائب المدعي العام الإسرائيلي). وبصرف النظر عن تشكيل جماعات إرهابية صهيونية أو غياب هذه الجماعات فإن سلطات الاحتلال تحافظ على ما يمكن وصفه "الاتفاق الضمني المقدَّس" الذي يتحمل المستوطنون المسلحون بمقتضاه جانباً من مسئولية الأمن في الضفة وغزة. ولذا فإن تقارير الأمم المتحدة نفسها تذهب إلى الإقرار بأن "المستوطنين يشكلون الجناح العسكري الخفي لسلطات الاحتلال الإسرائيلي". 
وقد تكون مصادر تمويل هذه الجماعات من الأمور التي لم يتم الكشف عنها نهائياً، إلا أن العديد من الدلائل والاعترافات تذهب إلى أن السلطات الإسرائيلية نفسها تسهم في عملية التمويل هذه بصورة مباشرة أو غير مباشرة حين تغدق الأموال على منظمات الاستيطان التي تُعَد المظلة الأساسـية التي تنمـو أسفلها العديد من هذه الجماعات الإرهابية، وحين تغدق الرواتب الحكومية على المستوطنين في الضفة. ويُعَد التمويل الخارجي عنصراً لا يجب تغافله في سياق طبيعة الكيان الصهيوني العامة. فكاهانا يقول بنفسه إن حركة كاخ تعتمد على تبرعات تصل من مؤيديه بالولايات المتحدة. بينما يذهب الاعتقاد بأن المخابرات المركزية الأمريكية تقوم بدور في تمويل هذه الجماعة امتداداً لتبنيها لرابطة الدفاع اليهودي من قبل. كما أن لبعض المنظمات ارتباطات واضحة مع كبار الرأسماليين الصهاينة في الولايات المتحدة. 
ولم يُلحَظ حتى الآن طابع تنافسي أو عدائي في علاقة هذه المنظمات بعضها ببعض مثلما كان عليه الأمر في تاريخ إتسل وليحي والهاجاناه قبل 1948. ويمكن تصوُّر علاقة تعاون بين هذه المنظمات، مع الأخذ في الاعتبار أن العديد من تسميات هذه المنظمات وطبيعتها لا زالت محل غموض. فمن دلائل علاقات التعاون بين هذه المنظمات أن أكثر من تسمية قد تندرج تحت جماعة أم مثل حركة الاستيلاء على الحرم الإبراهيمي التي يندرج تحت مظلتها كل من رابطة «سيوري تسيون» و«حركة إعادة التاج لما كان عليه» و«جمعية صندوق جبل البيت». كما أن العديد من المنظمات قد تمارس الدعاية وتعلن استحسانها أفعال منظمات أخرى. كما يمكننا أن نلحظ شخصاً واحداً يندرج في عضوية أكثر من منظمة. هذا فضلاً عن المنابع والتأثيرات الأيديولوجية المشتركة. 
أما عضوية هذه الجماعات فقد شهدت قدراً من التحول الذي تجب مراقبته مستقبلاً. فمن قبل جاء الاعتقاد بأن السفارد أكثر فئات التجمُّع الصهيوني استعداداً لممارسة الأعمال الإرهابية ضد العرب والفلسطينيين حيث يجري حثهم على ذلك لتفريغ ما يتولد لديهم من سخط ضد ظلم النظام الاجتماعي المتحيز ضدهم لصالح الإشكناز. إلا أن استقراء تركيب جماعات الإرهاب الجديدة يدعو إلى إعادة النظر إلى ما يبدو أنه حلف جديد بدأ يتشكل من المهاجر الأمريكي الذي جاء مؤخراً إلى الضفة الغربية والقدس يحمل معه أوهام "الوستيرن" و"الكاوبوي" وأخلاقياته وبين السفارد المضطهدين أو المغبونين. فضلاً عن أن جيل ما بعد 1967 من الصابرا يبرز استعداداً أكبر لممارسة التطرف العنصري والسلوك الإرهابي الدموي إزاء العرب والفلسطينيين. والواقع أن هذه المنظمات قد أثارت العديد من التساؤلات المهمة داخل التجمُّع الصهيوني وخارجه. فمما يلفت النظر أن الكتابات الإسرائيلية تتهم هذه المنظمات بالخروج على شرعية الدولة. والشرعية هنا ذات معنى زائف، لأن ممارسات هذه الجماعات تصب في مجرى الشرعية العام للكيان الصهيوني الذي يقوم على الإرهاب. 
ومحاولة فهم جماعات الإرهاب الصهيوني الجديدة بصورة صحيحة لا يمكن أن تتم دون وضع هذه الجماعات في سياق تراث الإرهاب الصهيوني السابق، وهو تراث تمتلك هذه الجماعات حساً عالياً تجاهه. وقد حملت أكثر من عملية إرهابية تسميات ذات دلالة تاريخية بالنسبة لتراث الإرهاب الصهيوني قبل عام 1948، مثل تسمية إحدى عمليات منظمة ت. ن. ت. بلقب شلومو بن يوسف (الإرهابي الصهيوني عضو إتسل الذي أعدمه البريطانيون لارتكاب حادث مماثل في الثلاثينيات). وقد قام كثير من إرهابيي الجماعات الجديدة، ممن جرى التحقيق معهم، بالتأكيد على أن ما يقومون به متصل تمام الاتصال مع تراث الإرهاب الصهيوني السابق. حيث كانت الإجابات تأتي على النحو التالي: "لقد عملنا كما عمل سابقاً في إتسل والهاجاناه وليحي كل من بن جوريون وبيجين وشامير". ولقد تسـاءل الإرهابي الصهيوني أندي جرين، عضـو منظمة ت. ن. ت.، في مقابلة منشورة بالصحف الإسرائيلية قائلاً: "لا أستطيع أن أحصي عدد الشوارع التي تحمل اسم «ديفيد رازل» الذي زرع قنبلة في سوق عربي عام 1939 فقتل 20 شخصاً. وإذا كان ما فعله هو الصواب، فكيف يصبح ما أفعله أنا من قبيل الخطأ؟!". 
ولا يمكن القول بأن هذه الجماعات "ظاهرة هامشية" أو "دخيلة" على الكيان الصهيوني، ولا جدوى من ادعاء الانزعاج أو الاندهاش أو حتى الجهل، أو عن التفتيش عن تبريرات نفسية خاصة أو أسباب اجتماعية شاذة لهؤلاء الإرهابيين. فهذه الجماعات مرتبطة تماماً بالاستيطان، ولذا تصاعَد نشاطها مع تصاعُد النشاط الاستيطاني. ولذا فليس غريباً أن نجد أن المستوطنات هي الأرضية الديموجرافية لمنظمات الإرهاب الجديدة ولعضويتها. ومما يجدر ذكره أن حركات الاستيطان النشيطة مثل جوش أيمونيم والأحزاب الأعلى صوتاً في الدعوة السياسية للاستيطان مثل هتحيا وتسوميت توفر الإطار السياسي لهذه المنظمات. وتفسر طبيعة الوحدة الجدلية في علاقة إرهاب الدول بالجماعات الإرهابية الصهيونية في السبعينيات والثمانينيات ذلك الاختفاء الهادئ لغالبية هذه الجماعات. وهو اختفاء أقرب إلى "الذوبان" في إطار استمرار السمات العامة للإرهاب الصهيوني الإسرائيلي. ويمكن أن نعزو هذا الاختفاء الهادئ أو "الذوبان" الذي يحدث لهذه الجماعات إلى أنها تلعب دور الحلقات الوسيطة المشتعلة بين إرهاب الدولة وبين إرهاب المستوطنين المسلحين. ولا شك في أن "التعين العضوي" لقدرات الإرهاب الصهيوني في مواجهة الانتفاضة قد أسهم في "ذوبان" الحلقات الوسيطة والجماعات الإرهابية في السبعينيات والثمانينيات إذ باتت العلاقة بين دولة الإرهاب والمستوطنين المسلحين لا تحتمل وجود واستمرار منظمات وسيطة مستقرة تبدو في شبهة تنازع مع الحكومات الإسرائيلية.
جــوش إيمونيم 
Gush Emunim 
«جوش إيمونيم» عبارة عبرية تعني «كتلة المؤمنين». وهي حركة صهيونية استيطانية ذات ديباجات دينية (حلولية عضوية) تطالب بصهيونية الحد الأقصى. والحركة ليست حزباً وإنما حركة شعبية غير ملتزمة إلا بالحفاظ على أرض إسرائيل. ولكن رغم توجهها الديني الواضح، فإنه توجُّه ديني في إطار حلولي، ومن ثم يتداخل الديني والقومي. وقد تأسست الحركة رسمياً في نهاية شتاء 1947 بعد أن تمردت مجموعة من أعضاء حزب المفدال على قيادة الحزب بعد أن وافقت على الانضمام إلى حكومة رابين الائتلافية. ولكن تأسيس الحركة الفعلي كان بعد يونيه 1967. ومن وجهة نظر جوش إيمونيم، يُعَدُّ احتفاظ إسرائيل بالأراضي المحتلة بعد عام 1967 أمراً ربانياً لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أو العملية أن تجُبه. ورغم أن هذه المنظمة تتحدث عن بعث الحياة اليهودية في كل المجالات فإنها ركزت جل نشاطها على عملية الاستيطان وتصعيده حتى لا يمكن عودة الضفة الغربية للعرب، أي أنها تحاول أن تترجم سياسة الوضع القائم الصهيونية إلى وجود مادي صلب من خلال إقامة المستوطنات. 
وبعد أن وصل حزب الليكود إلى الحكم عام 1977 قدَّمت الجماعة مشروعاً للحكومة لإنشاء 12 مستوطنة في الضفة الغربية (كانت حكومة العمال السابقة قد رفضت إنشاءها)، فوافقت الحكومة الجديدة وتم إنشاء المستوطنات خلال عام ونصف. ثم قدَّمت الجماعة مشروعاً آخر عام 1978عبارة عن خطة شاملة للاستيطان من خلال إقامة شبكة من المستوطنات الحضرية والريفية لتأكيد السيادة الإسرائيلية على المنطقة. ورغم أن الحكومة لم توافق على الخطة رسمياً فإنه تم تدبير الاعتمادات اللازمة لتنفيذها تدريجياً. ويشرف الجناح الاستيطاني للجماعة (أمانا) على تنفيذ هذه المخططات ويتبعها في الوقت الحاضر حوالي 50 مستوطنة. ولكن معظم هذه المستوطنات من النوع الذي يُسمَّى «مستوطنات الجماعة» (بالعبرية: يشوف قهيلاتي) وهي «المستوطنات المنامة» التي يعيش فيها مستوطنون يعملون في المدن الكبرى مثل تل أبيب والقدس ويقضون سحابة ليلتهم في المستوطنة. ويتراوح حجم سكان المستوطنة من 15 عائلة إلى 500 عائلة. وكانت منظمة جوش إيمونيم تتمتع بتأييد قطاعات كبيرة من الرأي العام الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية التي تطالب بصهيونية الحد الأقصى. وقد أصبح كثير من أعضاء الجماعة هم مديرو مجالس المناطق التي تقدم الخدمات البلدية للمستوطنين، وتحصل هذه المجالس على ميزانيتها من وزارة الداخلية. 
وكان موشيه ليفنجر هو الرئيس الروحي للجماعة (وقد دخل مصحة نفسية في شبابه) وقد هُمِّش قليلاً بعد تعيين دانييلا فايس سكرتيرة عمومية للجمعية. وتعبِّر الجمعية عن أفكارها في مجلة نيكوداه (العبرية) ومجلة كاونتر بوينت (الإنجليزية). وقد انتهت الجماعة تقريباً عام 1992 حينما رشح ليفنجر وفايس أنفسهما في الانتخابات ولم يحصلا على الأصوات الكافية ليصبحا أعضاء في الكنيست، كما أدَّى ترشيحهما لأنفسهما إلى فشل حزب هتحيا ـ الذي كان يدعم الجماعـة ـ هو الآخر في الحصول على أية أصوات. وقد ظهرت جماعات أخرى صغيرة تضم المستوطنين الذين يطالبون بصهيونية الحد الأقصى. 
منظمــة كـاخ الصهيونيــة/الإســرائيلية 
(Kach (An Israeli-Zionist Organization 
»كاخ« كلمة عبرية تعني «هكذا» وهو اسم جماعة صهيونية سياسية إرهابية صاغت شعارها على النحو التالي: يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف وكتب تحتها كلمة «كاخ» العبرية، بمعنى أن السبيل الوحيد لتحقيق الآمال الصهيونية هي التوراة والسيف (أي العنف المسلح والديباجات التوراتية) وهذه أصداء لبعض أقوال جابوتنسكي. وتضم حركة كاخ مجموعة من الإرهابيين ذوي التاريخ الحافل من بينهم إيلي هزئيف، وهو صهيوني غير يهودي كان يعمل جندياً في فيتنام ثم تهود واستقر في إسرائيل. ويبدو أنه ارتكب جريمة قتل وقُدِّم للمحاكمة بتهمة قتل جاره، وحيازة سلاح بشكل غير قانوني، وكان يُسمَّى «الذئب» أو «القاتل». وقد قُتل أثناء إحدى الهجمات الفدائية. ومن بين مؤسسي رابطة الدفاع، يوئيل ليرنر الذي قبض عليه عام 1975 بتهمة محاولة اغتيال كيسنجر، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1982 بتهمة تنظيم فريق من الفتيان والفتيات للاعتداء على المسجد الأقصى. وهناك أيضاً يوسي ديان الذي اعتقل عام 1980 بتهمة محاولة اغتيال سائق تاكسي عربي. وكان قد انسحب من كاخ بسبب صراعه مع كاهانا على السلطة. وتضم الجماعة أيضاً يهودا ريختر الذي حققت معه الشرطة للاشتباه بضلوعه في مقتل أحد أعضاء حركة السلام الآن. ومع هذا يظل مائير كاهانا أهم شخصيات الحركة، التي كانت تدور حول شخصيته، وهو "مفكرها" الأساسي (إن كان من الممكن إطلاق كلمة «فكر» أو حتى «أفكار» على تصريحاته المختلفة). 
ورغم أن البعض يشيرون إلى كاهانا باعتباره حاخاماً فإنه لم يتلق أي تعليم ديني، بل ادعى اللقب لنفسه. عمل كاهانا بعض الوقت عميلاً للمخابرات المركزية الأمريكية ولمكتب المخابرات الفيدرالية الأمريكية وأسس رابطة الدفاع اليهودي في الولايات المتحدة عام 1968 التي قُسِّمت إلى مجموعات من فئتين أُطلق على الأولى لقب «حيا» وهي كلمة عبرية تعني «وحش» أو «حيوان» وعلى الثانية لقب «أهل العلم والفكر». ثم نقل نشاطها إلى إسرائيل عام 1971 وتخلى عن التقسيم الثنائي، وتحولت إلى منظمة سياسية باسم كاخ قبيل انتخابات 1973. 
وقد رشَّحَ كاهانا نفسه لانتخابات الكنيست في سنوات 1972 و1977 و1981 وفشل في الحصول على عدد كاف من الأصوات لانتخابه. ولكن مع تغيُّر المناخ السياسي ونمو الديباجات الدينية اليهودية المتطرفة واليمين العلماني المتطرف وازدياد مشاعر العداء ضد العرب بدأت كاخ تتحرك من الهامش إلى المركز. ولذا عندما رشَّحَ كاهانا نفسه في انتخابات عام 1984 حصل على نحو 26 ألف صوت وفاز بمقعد في الكنيست. وقد تصاعدت شعبيته حتى أن استطلاعات الرأي تنبأت بفوز حزبه بخمسة مقاعد برلمانية. ولكن المؤسسة الحاكمة أدركت خطورته على صورة الدولة الصهيونية فقامت بتعديل قانون الانتخابات بحيث تم حظر الأحزاب الداعية إلى التمييز العنصري وإثارة مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب. ويمكن القول بأن صهيونية كاخ هي الصيغة الشعبوية للصهيونية العضوية الحلولية. فالشعب اليهودي في تصوُّره هو شعب مختار فريد ومتميِّز، بل شعب مقدَّس، حقوقه مقدَّسة، ولذا فهو مكتف بذاته ومرجعية ذاته يستمد معاييره من ذاته، ولا يكترث بمعايير الشعوب الأخرى. وكما هو الحال دائماً في المنظومات الحلولية العضوية لا تقل الأرض قداسة عن قداسة الشعب، فالإله يحل في كل من الشعب والأرض بنفس الدرجة ويربط بينهما برباط عضوي لا تنفصم عراه. ومن ثم فليس بإمكان الشعب اليهودي المقدَّس أن يُفرط في حقوقه المقدَّسة في الأرض المقدَّسة ويتنازل عن أجزاء منها للشعوب الأخرى (غير المقدَّسة). 
والتوجُّه السياسي لجماعة كاخ هو توجُّه مشيحاني قوي، فخلاص الشعب اليهودي المقدَّس بات قريباً ولكنه لن يتحقق إلا بعد ضم المناطق المحتلة وإزالة كل عبادة غريبة من جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى) وإجلاء جميع أعداء اليهود من أرض فلسطين. في هذا الإطار يتناول كاهانا قضية علاقة اليهودية بالصهيونية (وبالحضارة الغربية). يتحرك كاهانا في إطار حلولي عضوي أحادي مصمت فيرفض الديباجات الصهيونية المتأثرة بالحضارة الغربية أو بقيم الديموقراطية أو الاشتراكية، ويؤكد أن اليهودية دين بطش وقوة. ولذا، فقد صرح بأنه لا يعرف يهودياً متديناً ليس على استعداد للقول بأن ما فعله العبرانيون بالكنعانيين أيام يشوع بن نون (أي أيام إبادتهم حسب الادعاء التوراتي) لم يكن عادلاً. وقد فقدت الصهيونية حسب تصوُّره قوتها وطاقتها حينما انفصلت عن هذه اليهودية الباطشة، ولا سبيل لبعثها إلا عن طريق ربطها بها مرة أخرى (أي بتخطِّي الازدواجية أو الانشطارية التي أشار إليها كوك وفيش). ولذا، يطالب كاهانا بتغيير التعليم في إسرائيل تغييراً شاملاً ودمجه باليهودية دمجاً كاملاً. وأما بالنسبة إلى أعضاء الجماعات اليهودية، فإن عليهم الهجرة إلى إسرائيل إذ لا مستقبل لهم إلا هناك. وهو يرى أن يهود العالم (الشعب العضوي المنبوذ) يتعرضون لعملية إبادة جديدة، وأن المؤسسة اليهودية في العالم بأسره متعفنة وخائنة لأنها لا تنبه اليهود إلى الخطر المحدق بهم. ويقف الشعب اليهودي الآن على عتبات الخلاص النهائي، وسيأتي الماشيَّح لا محالة، وسيسود الشعب المختار كل الشعوب الأخرى. وتترجم هذه الأفكار نفسها بشأن اليهود واليهودية إلى فكر محدد بشأن الدولة الصهيونية. فإسرائيل، حسب رؤية كاهانا، هي وطن الأمة اليهودية، ومن ثم فإن اعتناق اليهودية يكون هو الأساس الوحيد لاكتساب الجنسية الإسرائيلية. فالدولة الصهيونية تخضع لشريعة التوراة وحسب، ولذا فهي إما أن تكون دولة يهودية تستند إلى التوراة أو دولة ديموقراطية. والدولة الصهيونية التي سيعبِّر اليهودي من خلالها عن هويته الفريدة المتميِّزة دولة عضوية تقوم على وحدة السلالة ونقاء الدم، كما تقوم على أساس إعلان السيادة اليهودية المطلقة على فلسطين من خلال حياة مستقلة في إطار من الثقافة اليهودية المهيمنة على جميع مناحي الحياة في إسرائيل. 
لكل هذا يظل من لا يعتنق اليهودية غريباً لا يتمتع بأية حقوق سياسية أو ثقافية. ولن تسمح الدولة اليهودية العضوية بتكاثر هؤلاء الغرباء "كالبراغيث" (على حد قول كاهانا) حتى لا يهددوا أمنها، ولن يُمنحوا سوى إقامة مؤقتة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، وذلك بعد خضوعهم لتحقيق دقيق في نهاية كل عام. وعلى العرب الذين يبقون داخل الدولة اليهودية أن يقبلوا العبودية، ويبقوا كعبيد ودافعي ضرائب. وسيُمنَع غير اليهود (أي العرب) من الإقامة في القدس ومن شغل الوظائف المهمة، ومن التصويت في انتخابات الكنيست. كما سيمنع اختلاطهم باليهود في كثير من الأماكن العامة كحمامات السباحة والمدارس، وسيُحظَر بطبيعة الحال الزواج المختلط. وكما هو ملاحَظ، فإن ثمة تشابهاً كبيراً بين قوانين كاهانا (الصهيونية العضوية) وقوانين نورمبرج (النازية العضوية) كما بيَّن مايكل إيتان عضو الكنيست الإسرائيلي. وتطالب كاخ بإزالة الآثار الإسلامية كافة.
ويوزع كاهانا خريطة لإسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات، إذ لا مجال للشك، حسب رأيه، فيما ورد في التوراة من أن "أرضنا تمتد من النيل إلى الفرات". والعنصر الجغرافي مهم جداً في فكره، كما هو الحال في الفكر الصهيوني بشكل عام. فالأرض ـ كما يقول ـ هي الوعاء الذي يضم جماعة من البشر عليهم أن يحيوا فيها حياة متميِّزة عن حياة غيرهم من الجماعات الإنسانية وأن يحققوا رسالتهم القومية والتراثية. والدولة هي الأداة لتحقيق ذلك الغرض ولتمكين الشعب من بلوغ غاياته، فالأمة هي صاحبة الأرض وسيدتها، والناس هم الذي يحددون هوية الأرض وليس العكس، والشخص لا يصبح إسرائيلياً لأنه يعيش في أرض إسرائيل ولكنه يصبح إسرائيلياً عندما ينتمي إلى شعب إسرائيل ويغدو جزءاً من الأمة الإسرائيلية. 
ولا يمكن تفسير تَطرُّف كاهانا إلا بالعودة إلى النسق الصهيوني. فهو نسق يحتوي على بذور معظم هذه الأفكار والممارسات. وإذا كان هرتزل قد تحدَّث عن طرد السكان الأصليين بشكل ليبرالي عام، فذلك لأنه لم يكن (في أوربا) مضطراً إلى الدخول في التفاصيل المحددة في تلك المرحلة. لقد كان مشغولاً بالبحث عن إحدى القوى العظمى لتقف وراءه وتشد أزره وتعضده وتقبله عميلاً لها، ولذا كانت الصياغات العامة بالنسبة إلى السكان الأصليين مناسبة تماماً في تلك المرحلة. وإذا كانت الدولة الصهيونية قد احتفظت بعد عام 1948 بالديباجة الاشتراكية، فذلك لأنها كانت قد "نظفت" الأرض من معظم العرب، وكان بوسعها أن تكبل الأقلية المتبقية بمجموعة من القوانين وأن تتحدث عن الاشتراكية وعن الإخاء الإنساني. وأما الآن، فلقد زادت التفاصيل واحتدمت الأزمة وتصاعدت المقاومة. وهكذا، فإن الديباجات تسقط، وما كان جنينياً كامناً أسفر عن وجهه وبات صريحاً كاملاً. 
وعلى مستوى الممارسة قامت كاخ بتنظيم مسيرات في النصف الأول من الثمانينيات للتحرش بالسكان العرب في فلسطين التي احتلت عام 1948 "وإقناعهم" بأنهم ليس أمامهم مفر من الرحيل عن "أرض إسرائيل". كما قامت بأنشطة إرهابية سرية شملت الاعتداء على الأشخاص والإضرار بالممتلكات وتخريب الأشجار والمزروعات وأحياناً القتل. ولا يوجد بين أعضاء كاخ البارزين من لم يُعتقَل أكثر من مرة أو منْ ليس له ملف إجرامي في سجلات الشرطة. وقد نقلت كاخ نشاطها منذ أواخر الثمانينيات إلى الضفة الغربية حيث قاعدتها البشرية الأساسية ومقر قيادتها الموجودة في مستوطنة كريات أربع (بالقرب من الخليل). 
وقد أسس كاهانا معهدين لتدريس تعاليم اليهودية وتعاليمه: "معهد جبل الهيكل" (يشيفات هارهبيت)، و"معهد الفكرة اليهودية" (يشيفات هرعيون هيهودي). كما أسس تنظيمين سريين مسلحين الأول هو "لجنة الأمن على الطرق" الذي يُقدَّر عدد أعضائه بالمئات. وقد قام هذا التنظيم بتوفير مواكبة مسلحة للمواصلات العامة الإسرائيلية وسيارات المستوطنين المسافرين على طرق الضفة الغربية. ثم انتقل التنظيم إلى العمل السري حيث كان ينظم حملات انتقامية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في المدن والقرى وعلى الطرق، قُتل وجُرح بسببها عدد كبير من الأشخاص. وفي جميع الحالات، كان الجيش يصل إلى أماكن الحوادث بعد أن يكون أعضاء التنظيم قد غادروا المكان. 
أما المنظمة الثانية فهي "دولة يهودا المستقلة" التي أعلنت أنها موالية لدولة إسرائيل طالما أنها متمسكة بكامل أرض إسرائيل. وهذا يعني أن المنظمة لا تدين بالولاء للدولة الصهيونية إن تخلت عن أي جزء من أرض إسرائيل، ويصبح من حق المنظمة أن تقوم بالاستيلاء بالقوة عليها وتعلن قيام دولة يهودا التي ستقوم بالدفاع عن هذه الأراضي! وقد اقترن اسم كاخ أيضاً بتنظيمين سريين هما: ت. ن. ت (الإرهاب ضد الإرهاب) والسيكارييم (حملة الخناجر). وقد انشقت الحركة بعد مقتل كاهانا (في نيويورك عام 1990 على يد مواطن أمريكي من أصل مصري) إلى قسمين: احتفظ الأول باسم كاخ وهو التنظيم الأكبر والأخطر، يبلغ عدد أعضائه المسجلين عدة مئات أما أنصاره فهم عدة آلاف تنتمي لشرائح اجتماعية فقيرة، قليلة التعلم، متذمرة وناقمة على المؤسسة الحاكمة، وتتسم بعداء وكراهية شديدين للعرب. وتشكل العناصر المهاجرة من الولايات المتحدة (ذات التوجُّه الحلولي العضوي الواضح) النواة الصلبة لهذا التنظيم وقيادته. أما القسم الثاني فهو تنظيم كاهاناحي الذي يرأسه ابن مائير كاهانا، وهذا أقل شأناً من تنظيم كاخ وإن كان يقوم بنفس النشاطات الإرهابية العلنية والسرية. وفي إثر مذبحة الخليل حظرت الحكومة الإسرائيلية نشاط كل من كاخ وكاهانا حي. ولكن هذا لا يعني نهاية العنف في الكيان الصهيوني. فالعنف جزء من بنيته، كما أن كثيراً من أفكار كاخ (وكاهاناحي) ترسخت في الوجدان الاستيطاني الصهيوني وتسللت للخطاب الصهيوني نفسه، رغم كل محاولات الصقل والمراوغة.
يتبع إن شاء الله...


الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Empty
مُساهمةموضوع: الإرهاب الصهـيوني _ الإسـرائيلي والانتفاضة    الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  Emptyالأربعاء 12 مارس 2014, 6:13 am

الإرهاب الصهـيوني _ الإسـرائيلي والانتفاضة 
Israeli-Zionist Terrorism and the Intifada 
مع اندلاع انتفاضة الشعب الفلسطيني في ديسمبر 1987 أصبحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة يومية مع حركة عصيان مدني تمتد جغرافياً بمسافة الضفة الغربية وقطاع غزة وتتخذ من الحجارة والعَلَم الفلسطيني رموزاً لمقاومة الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الذي استهدف محو الوجود العربي الفلسطيني. وبحكم طبيعته الاستيطانية الإحلالية لجأ الاستعمار الصهيوني إلى المزيد من الإرهاب، فدخل حلقة مفرغة إذ جاء الرد على المزيد من الإرهاب بالمزيد من الانتفاضة. وبعد اندلاع الانتفاضة بأيام معدودة (في 22 ديسمبر 1987) أصدر القضاء العسكري حكماً على حسين أبو خاطر (29 عاماً ) من مخيم النعيرات بالسجن لمدة عام بتمهة الاشتراك في مظاهرة (وكانت أقصى عقوبة من قبل شهرين فقط). ولكن المظاهرات تحولت إلى سلوك يومي لمئات الآلاف من الفلسطينيين. 
ولقد لجأت سلطات الاحتلال إلى تكثيف آليات العقاب الجماعي من حظر تجوُّل وحصار أمني للبيوت فضلاً عن التوسع في الاعتقالات وأحكام السجن والتعذيب والطَرْد والإبعاد. لكن الجهود الإسرائيلية لتطوير آلة الإرهاب اتجهت أساساً إلى كيفية قمع حركة الاحتجاج اليومي الجماهيري في شوارع المدن والقرى ومخيمات اللاجئين. ومن هنا يمكن أن نلحظ مأزق فشل معالجة الإرهاب بالمزيد من الإرهاب عندما تلجأ سلطات الاحتلال للرصاص الحي والرصاص البلاستيكي والرصاص المطاطي. وقد بدأت في أغسطس عام 1988 في استخدام ذخيرة جديدة تمزج بين المطاط (الغلاف الخارجي للطلقة) والمعدن وهو ما أسفر عن استشهاد 47 فلسطينياً في الخمسة شهور الأولى من استخدام هذه الذخيرة. وفي العام نفسه (1988) لجأت السلطات الإسرائيلية إلى طائرات الهليكوبتر بتوسُّع لمطاردة المتظاهرين وإطلاق النار علىهم. 
ثم توسع جيش الاحتلال في استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع على نحو غير مسبوق وهو ما أسفر عن حالات اختناق بين النساء والصبية والأطفال على نحو خاص. ثم استخدمت سلطات الاحتلال قنابل غازية تدخل في نطاق أدوات الحرب الكيماوية تحتوي على مكونات كيماوية تفضي إلى الاختناق والموت. وخلال عام 1988 بدأت في استخدام هذه القنابل (الأمريكية الصنع) في بلدة حلحول واستشهد خمسة فلسطينيين من جرائها في قباطية خلال العام نفسه. 
ولكن تكنولوجيا الإرهاب المدعومة أمريكياً أخفقت في قمع الانتفاضة وصبية الحجارة، فحاول إسحق رابين وزير الدفاع أن يعيد استخدام بربرية القمع البدائي فأصدر أوامره لقواته "بتكسير عظام الفلسطينيين" وكأنه كان يبحث عن لغة يفهمها مَن لا يعبأون بآخر منجزات تكنولوجيا قمع المتظاهرين. ولمعاونة الجنود الإسرائيليين في مهمة القمع البدائي البربري تم إنتاج هراوة من ألياف زجاجية ومعدنية لتحل محل الهراوات الخشبية. وقد حاول الإسرائيليون اكتشاف سر الحجارة فقامت ورش الجيش بتطوير مقلاع لقذف الأحجار لاستخدامه ضد المظاهرات الفلسطينية، وبدأ أولى تجاربه في مخيم بلاطة قرب نابلس. 
وقد تعمقت أزمة الإرهاب الصهيوني / الإسرائيلي، فالمواجهات اليومية مكشوفة أمام أعين العالم. فوجهت آلة الإرهاب جانباً من نشاطها ضد رجال الإعلام وضمن ذلك وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الحليفة للمشروع الاستيطاني. وتلقى العديد من الصحفيين والمصورين الضرب على أيدي جنود جيش يزعم قادته أنهم يمثلون الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة. وقد بيَّن أن الجيش الإسرائيلي قد استورد تكتيكات عصابات الموت في أمريكا اللاتينية، إذ قام جنوده (من فرقة المستعربين) والمتخفون في ملابس عربية بقتل الفلسطينيين. وقد قامت الدولة الصهيونية برفع عدد جنود جيشها في الضفة وغزة بما يزيد عن خمس مرات مقارنةً بالفترة السابقة على الانتفاضة. وبالمقابل فإن ظاهرة محاكمة الجنود والضباط الذين يرفضون أو يتهربون من الخدمة هناك قد طرحت نفسها بقوة على التجمُّع الصهيوني. 
وقد أصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أوامر ترخص للمستوطنين إطلاق النار فوراً على من يُشتبه في شروعه في إلقاء الزجاجات الحارقة، وشاع أن إطلاق النار يجرب حتى إزاء من يحمل زجاجات مياه غازية. ويمكن القول بأن المستوطنين المسلحين تحولوا إلى احتياطي لجيش الاحتلال يعاونه في تنفيذ سياسته الإرهابية ويقوم بأعمال البلطجة الفجة التي لا تلائم الزي العسكري الرسمي الذي تطارده عدسات الإعلام العالمي. ولذا فإن الشكل التنظيمي لإرهاب المستوطنين الصهاينة انتقل من الجماعة شبه السرية التي تخطط لعمليات مدروسة من اغتيالات ونسف لأهداف مختارة بعناية إلى عصابات يَغلب على حركتها المظهر التلقائي. وتندفع هذه العصابات في موجات عنف عشوائي المظهر لتحرق السيارات والمتاجر الفلسطينية في الشوارع وتختطف الأطفال الفلسطينيين وتعتدي عليهم بالضرب المفضي إلى الموت أحياناً. وتقدر حصيلة الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي أثناء الانتفاضة (من 1987 ـ 1991) بحوالي ألف شهيد ونحو 90 ألف جريح ومصاب و15 ألف معتقل فضلاً عن تدمير ونسف 1228 منزلاً واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية. 
ولقد ظلت السياسة الأمريكية تمارس دور الراعي والحامي للإرهاب الصهيوني الإسرائيلي رغم ذلك. ويعكس اتجاه تصويت الولايات المتحدة في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الإصرار على الوقوف إلى جانب إسرائيل. وإن كان صمود الانتفاضة في وجه الإرهاب قد عمَّق انقساماً بين الإدارة الأمريكية وبين قطاعات من الرأي العام الأمريكي. ولكن يتعين تأكيد أن أبرز نتائج سنوات الانتفاضة هي تعميق أزمة الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي بسبب فشله في تحقيق أهدافه الإستراتيجية، إذ جاء الرد بليغاً من أبناء الشعب الفلسطيني الذين وُلدوا بعد الاحتلال (1967) وكأنهم ـ رغم كثافة الإرهاب الذي ظل يطاردهم في مدارسهم وبيوتهم ـ استجابوا لنبوءة القاص الفلسطيني (يحيى يخلف) عن "تفاح الجنون" الذي أكله "الحمار الوديع" في غزة فعلَّم أطفالها فضيلة التمرد والثورة خروجاً عن حسابات العقل البليد وموازين القوى بين المستوطن المحتل المدجج بالسلاح وصاحب الأرض والوطن الأعزل. 
المذابح الصهيونية/الإسرائيلية بعد عام 1967: Israeli-Zionist Massacres after 1967 
من أهم المذابح التي ارتكبتها الدولة الصهيونية بعد عام 1967 ما يلي: 
مذبحة مصنع أبي زعبل (12 فبراير 1970): 
بينما كانت حرب الاستنزاف بين مصر وإسـرائيل محصـورة في حدود المواقع العسـكرية في جبهة القتال وحسب، أغارت الطائرات الإسرائيلية القاذفة على مصنع أبي زعبل، وهو مصنع تملكه الشركة الأهلية للصناعات المعدنية وذلك صبيحة يوم 12 من فبراير عام 1970، حيث كان المصنع يعمل بطاقة 1300 عامل صباحاً. وقد أسفرت هذه الغارة عن استشهاد سبعين عاملاً وإصابة 69 آخرين، إضافة إلى حرق المصنع. 
مذبحة بحر البقر (8 أبريل 1970): 
وقعت هذه المذبحة أيضاً بتأثير وجع حرب الاستنزاف من قلب إسرائيل حيث قامت الطائرات الإسرائيلية القاذفة في الثامن من أبريل عام 1970 بالهجوم على مدرسة صغيرة لأطفال الفلاحين في قرية بحر البقر، إحدى القرى التي تقع على أطراف محافظة الشرقية، ودكتها بالقذائف لمدة زادت عن عشر دقائق متواصلة وراح ضحيتها من الأطفال الأبرياء تسعة عشر طفلاً وجُرح أكثر من ستين آخرين. وجدير بالذكر أن القرية كانت خاوية من أية أهداف عسكرية. 
مذبحة صيدا (16 يونيه 1982): 
وقعت إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان حين أجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان عملية قتل جماعي لما لا يقل عن 80 مدنياً ممن كانوا مختبئين في بعض ملاجئ المدينة. 
مذبحة صبرا وشاتيلا (16 ـ 18 سبتمبر 1982): 
أنظر: «مذبحة صبرا وشاتيلا »
مذبحة عين الحلوة (16 مايو 1984): 
عشية الانسحاب الإسرائيلي المنتظر من مدينة صيدا في جنوب لبنان، أوعزت إسرائيل إلى أحد عملائها ويُدعى حسين عكر بالتسلل إلى داخل مخيم عين الحلوة الفلسطيني المجاور لصيدا، واندفعت قوات الجيش الإسرائيلي وراءه بقوة 1500 جندي و150 آلية. وراح المهاجمون ينشرون الخراب والقتل في المخيم دون تمييز تحت الأضواء التي وفرتها القنابل المضيئة في سماء المخيم. واستمر القتل والتدمير من منتصف الليل حتى اليوم التالي حيث تصدت القوات الإسرائيلية لمظاهرة احتجاج نظمها أهالي المخيم في الصباح. كما فرضوا حصاراً على المخيم ومنعوا الدخول إليه أو الخروج منه حتى بالنسبة لسيارات الإسعاف وذلك إلى ساعة متأخرة من نهار ذلك اليوم. وأسفرت المذبحة عن سقوط 15 فلسطينياً بين قتيل وجريح بينهم شباب وكهول وأطفال ونساء فضلاً عن تدمير 140 منزلاً واعتقال 150 بينهم نساء وأطفال وشيوخ. 
مذبحة سحمر (20 سبتمبر 1984): 
داهمت قوات الجيش الإسرائيلي وعميلها أنطون لحد (جيش لبنان الجنوبي) قرية سحمر الواقعة بجنوب لبنان. وقامت القوات بتجميع سكان القرية في الساحة الرئيسية لاستجوابهم بشأن مصرع أربعة من عناصر العميل لحد على أيدي المقاومة الوطنية اللبنانية بالقرب من القرية. وأطلق الجنود الإسرائيليون وأتباع "لحد" النار من رشاشاتهم على سكان القرية العزل وفق أوامر الضابط الإسرائيلي ولحد شخصياً. فسقط من ساحة القرية على الفور 13 قتيلاً وأربعون جريحاً. وقد حاولت إسرائيل التهرب من تبعة جرمها بالادعاء أن قوات لحد هي وحدها المسئولة عن المذبحة، وذلك على غرار محاولتها في صابرا وشاتيلا. إلا أن العديد من الناجين من المذبحة أكدوا أن عدداً كبيراً ممن نفذوها كانوا يتحدثون العبرية فيما بينهم، بينما يتحدثون العربية بصعوبة. كما أن ما حدث في سحمر يمثل نموذجاً لوقائع يومية شهدها لبنان وجنوبه أثناء غزو القوات الإسرائيلية في يونيه 1982 واحتلاله. 
مذبحة حمامات الشط (11 أكتوبر 1985): 
بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بنحو ثلاثة سنوات تعقبت الطائرات الإسرائيلية مكاتبها وقيادتها التي انتقلت إلى تونس. وشنت هذه الطائرات في 11 أكتوبر 1985 غارة على ضاحية حمامات الشط جنوبي العاصمة التونسية، وأسفرت عن سقوط 50 شهيداً ومائة جريح حيث انهمرت القنابل والصواريخ على هذه الضاحية المكتظة بالسكان المدنيين التي اختلطت فيها العائلات الفلسطينية بالعائلات التونسية. واستمراراً في نهج الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي لم تتورَّع تل أبيب عن إعلان مسئوليتها عن هذه الغارة رسمياً متفاخرة بقدرة سلاحها الجوي على ضرب أهداف في المغرب العربي. 
مذبحة الحرم الإبراهيمي (25 فبراير 1994 ـ الجمعة الأخيرة في رمضان):  
أنظر: «مذبحة الحرم الإبراهيمي». 
مذبحة قانا (18 أبريل 1996):
أنظر: «مذبحة قانا». 
مذبحة صابرا وشاتيلا (16-18 سبتمبر 1982): Sabra and Shatila Massacre 
وقعت هذه المذبحة بمخيم صابرا وشاتيلا الفلسطيني بعد دخول القوات الإسرائيلية الغازية إلى العاصمة اللبنانية بيروت وإحكام سيطرتها على القطاع الغربي منها. وكان دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت في حد ذاته بمنزلة انتهاك للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية والذي خرجت بمقتضاه المقاومة الفلسطينية من المدينة. وقد هيأت القوات الإسرائيلية الأجواء بعناية لارتكاب مذبحة مروعة نفَّذها مقاتلو الكتائب اللبنانية اليمينية انتقاماً من الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين. وقامت المدفعية والطائرات الإسرائيلية بقصف صابرا وشاتيلا ـ رغم خلو المخيم من السلاح والمسلحين ـ وأحكمت حصار مداخل المخيم الذي كان خالياً من الأسلحة تماماً ولا يشغله سوى اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين اللبنانيين العزل. وأدخلت هذه القوات مقاتلي الكتائب المتعطشين لسفك الدماء بعد اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل. واستمر تنفيذ المذبحة على مدى أكثر من يوم كامل تحت سمع وبصر القادة والجنود الإسرائيليين وكانت القوات الإسرائيلية التي تحيط بالمخيم تعمل على توفير إمدادات الذخيرة والغذاء لمقاتلي الكتائب الذين نفَّذوا المذبحة. 
وبينما استمرت المذبحة طوال يوم الجمعة وصباح يوم السبت أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي إرييل شارون وزير الدفاع في حكومة مناحم بيجين ليبلغه بوقوع المذبحة في صابرا وشاتيلا فأجابه شارون ببرود "عام سعيد". وفيما بعد وقف بيجين أمام الكنيست ليعلن باستهانة "جوييم قتلوا جوييم... فماذا نفعل؟" أي "غرباء قتلوا غرباء... فماذا نفعل؟". ولقد اعترف تقرير لجنة كاهان الإسرائيلية بمسئولية بيجين وأعضاء حكومته وقادة جيشه عن هذه المذبحة استناداً إلى اتخاذهم قرار دخول قوات الكتائب إلى صابرا وشاتيلا ومساعدتهم هذه القوات على دخول المخيم. إلا أن اللجنة اكتفت بتحميل النخبة الصهيونية الإسرائيلية المسئولية غير المباشرة. واكتفت بطلب إقالة شارون وعدم التمديد لروفائيل إيتان رئيس الأركان بعد انتهاء مدة خدمته في أبريل 1983. 
ولكن مسئولاً بالأسطول الأمريكي الذي كان راسياً قبالة بيروت أكد (في تقرير مرفق إلى البنتاجون تسرب إلى خارجها) المسئولية المباشرة للنخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتساءل: "إذا لم تكن هذه هي جرائم الحرب، فما الذي يكون؟". وللأسف فإن هذا التقرير لم يحظ باهتمام مماثل لتقرير لجنة كاهان، رغم أن الضابط الأمريكي ويُدعَى وستون بيرنيت قد سجل بدقة وساعة بساعة ملابسات وتفاصيل المذبحة والاجتماعات المكثفة التي دارت بين قادة الكتائب المنفذين المباشرين لها (إيلي حبيقة على نحو خاص) وكبار القادة والسياسيين الإسرائيليين للإعداد لها. 
ولقد راح ضحية مذبحة صابرا وشاتيلا 1500 شهيداً من الفلسطينيين واللبنانيين العزل بينهم الأطفال والنساء. كما تركت قوات الكتائب وراءها مئات من أشباه الأحياء. كما تعرَّضت بعض النساء للاغتصاب المتكرر. وتمت المذبحة في غيبة السلاح والمقاتلين عن المخيم وفي ظل الالتزامات الأمريكية المشددة بحماية الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين من المدنيين العزل بعد خروج المقاومة من لبنان. وكانت مذبحة صابرا وشاتيلا تهدف إلى تحقيق هدفين: الأول الإجهاز على معنويات الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين، والثاني المساهمة في تأجيج نيران العداوات الطائفية بين اللبنانيين أنفسهم. 
مذبحة الحرم الإبراهيمي (25 فبراير 1994- الجمعة الأخيرة في رمضان)
Ibrahimi Mosque Massacre 
بعد اتفاقات أوسلو أصبحت مدينة الخليل بالضفة الغربية موضع اهتمام خاص على ضوء أجواء التوتر التي أحاطت بالمستوطنين الإسرائيليين بعد طرح السؤال: هل يجري إخلاء المستوطنات وترحيل المستوطنين فيها في إطار مفاوضات الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وتكمن هذه الأهمية الخاصة في أن مدينة الخليل تُعَد مركزاً لبعض المتطرفين من المستوطنين نظراً لأهميتها الدينية. وإن جاز القول فالخليل ثاني مدينة مقدَّسة في أرض فلسطين بعد القدس الشريف. 
وفجر يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الموافق 25 فبراير عام 1994 سمحت القوات الإسرائيلية التي تقوم على حراسة الحرم الإبراهيمي بدخول المستوطن اليهودي المعروف بتطرفه باروخ جولدشتاين إلى الحرم الشريف وهو يحمل بندقيته الآلية وعدداً من خزائن الذخيرة المجهزة. وعلى الفور شرع جولدشتاين في حصد المصلين داخل المسجد. وأسفرت المذبحة عن استشهاد 60 فلسطينياً فضلاً عن إصابة عشرات آخرين بجراح، وذلك قبل أن يتمكن من تبقَّى على قيد الحياة من السيطرة عليه وقتله. 
ولقد تردد أن أكثر من مسلح إسرائيلي شارك في المذبحة إلا أن الرواية التي سادت تذهب إلى انفراد جولدشتاين بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهيمي. ومع ذلك فإن تعامل الجنود الإسرائيليين والمستوطنين المسلحين مع ردود الفعل التلقائية الفورية إزاء المذبحة التي تمثلت في المظاهرات الفلسطينية اتسمت باستخدام الرصاص الحي بشكل مكثَّف، وفي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيداً فلسطينياً أيضاً في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها. 
وسارعت الحكومة الإسرائيلية إلى إدانة المذبحة معلنةً تمسكها بعملية السلام مع الفلسطينيين. كما سعت إلى حصر مسئوليتها في شخص واحد هو جولد شتاين واكتفت باعتقال عدد محدود من رموز جماعتي كاخ وكاهانا ممن أعلنوا استحسانهم جريمة جولد شتاين، وأصدرت قراراً بحظر نشاط المنظمتين الفج. ولكن من الواضح أن كل هذه الإجراءات إجراءات شكلية ليس لها مضمون حقيقي. فالنخبة الإسرائيلية، وضمنها حكومة ائتلاف العمل، تجاهلت عن عمد المساس بأوضاع المستوطنين ومن ذلك نزع سلاحهم. 
ولا شك في أن مستوطنة كريات أربع في قلب الخليل (وهي المستوطنة التي جاء منها جولد شتاين) تمثل حالة نماذجية سافرة لخطورة إرهاب المستوطنين الذين ظلوا يحتفظون بأسلحتهم، بل حرصت حكومة العمل، ومن بعدها حكومة الليكود على الاستمرار في تغذية أحلامهم الاستيطانية بالبقاء في الخليل ودغدغة هواجسهم الأمنية بالاستمرار في تسليحهم في مواجهة الفلسطينيين العزل. بل تعمدت حكومتا العمل والليكود كلتاهما تأجيل إعادة الانتشار المقرر بمقتضى الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية كي تضمن لحوالي أربعة آلاف مستوطن يهودي بالخليل أسباب البقاء على أسس عنصرية متميِّزة (أمنية ومعيشية) في مواجهة مائة ألف فلسطيني لا زالوا معرَّضين لخطر مذابح أخرى على طراز جولد شتاين. 
وتكمن أهمية جولد شتاين في أنه يمثل نموذجاً للإرهابي الصهيوني الذي لا يزال من الوارد أن تفرز أمثاله مرحلة ما بعد أوسلو. ورغم أن مهنة جولد شتاين هي الطب فقد دفعه النظام الاجتماعي التعليمي الذي نشأ فيه كمستوطن إلى ممارسات عنصرية اشتهر بها ومنها الامتناع عن علاج الفلسطينيين، وجولد شتاين يطنطن بعبارات عن استباحة دم غير اليهود ويحتفظ بذكريات جيدة من جيش إسرائيل الذي تعلَّم أثناء خدمته به ممارسة الاستعلاء المسلح على الفلسطينيين. وهو في كل الأحوال كمستوطن لا يفارقه سلاحه أينما ذهب. ومما يبرهن على قابلية تكرار نموذج جولد شتاين مستقبلاً قيام مستوطن آخر بإطلاق النار في سوق الخليل على الفلسطينيين العزل بعد ثلاثة أعوام من مذبحة الحرم الإبراهيمـي. وقد تحوَّل قـبر جــولد شتاين إلى مزار مقــدَّس للمسـتوطنين الصهـاينــة في الضـفة الغربية! 
مذبحة قانا (18 أبريل 1996) Qana Massacre 
وقعت مذبحة قانا في يوم 18 أبريل 1996، وهي جزء من عملية كبيرة سُميَّت «عملية عناقيد الغضب» بدأت في يوم 11 من الشهر نفسه واستمرت حتى 27 منه حين تم وقف إطلاق النار. وتُعَد هذه العملية الرابعة من نوعها للجيش الإسرائيلي تجاه لبنان بعد اجتياح 1978 وغزو 1982، واجتياح 1993، واستهدفت 159 بلدة وقرية في الجنوب والبقاع الغربي. كانت هذه العملية تستهدف ثلاثة أهداف أساسية غير تلك التي أعلنها القادة والزعماء الرسميون والإعلاميون في إسرائيل: الحد من عملية تآكل هيبة الجيش الإسرائيلي، ومحاولة نزع سلاح حزب الله أو على الأقل تحجيمه وتقييد نشاطه من خلال الضغط إلى الدرجة القصوى على القيادتين اللبنانية والسورية لتحقيق هذا الهدف، ورفع معنويات عملاء إسرائيل في جيش لبنان الجنوبي الموالي للكيان الصهيوني الذي يعيش جنده وقادته حالة رعب وقلق وارتباك وخوف على المصير المتوقع بعد الوصول لتسوية نهائية للوضع في لبنان. وكانت الزعامات الصهيونية في إسرائيل قد أعلنت أن الهدف من وراء هذه العملية هو أمن مستعمرات الشمال وأمن الجنود الإسرائيليين في الحزام المحتل في جنوب لبنان، إلا أن المراقبين رصدوا تصريحات لوزراء الدفاع والخارجية، بل شيمون بيريز نفسه (رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت) تشير للأهداف الثلاثة التي ذكرناها سلفاً. 
ولا يمكن تجاهل اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية ورغبة رئيس الوزراء (شيمون بيريز) آنذاك في استعراض سطوته وجبروته أمام الناخب الإسرائيلي حتى يواجه الانتقادات التي وجهها له المتشددون داخل إسرائيل بعد الخطوات التي قطعها في سبيل تحقيق هذا قدر يسير من التفاهم مع العرب. فمنذ تفاهم يوليه 1993 الذي تم التوصل إليه في أعقاب اجتياح 1993 المعروف بعملية «تصفية الحسابات»، التزم الطرفان اللبناني والصهيوني بعدم التعرض للمدنيين. والتزم الجانب اللبناني بهذا التفاهم وانصرف عن مهاجمة شمال إسرائيل إلى محاولة تطهير جنوب لبنان من القوات التي احتلته في غزو 1982 المعروف بعملية «تأمين الجليل». ومع تزايد قوة وجرأة حزب الله في مقاومة القوات المحتلة لجنوب لبنان فزعت إسرائيل وشرعت في خرق التفاهم ومهاجمة المدنيين قبل العسكريين في عمليات محدودة إلى أن فَقَدت أعصابها، الأمر الذي ترجمه شيمون بيريز إلى عملية عسكرية يحاول بها أن يسترد بها هيبة جيش إسرائيل الذي تحطَّم على صخرة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ويستعيد بها الوجه العسكري لحزب العمل بعد أن فَقَد الجنرال السابق رابين باغتياله. 
ومما يُعَد ذا دلالة في وصف سلوك الإسرائيليين بالهلع هو حجم الذخيرة المُستخدَمة مقارنةً بضآلة القطاع المُستهدَف. فرغم صغر حجم القطاع المُستهدَف عسكرياً وهو جنوب لبنان والبقاع الغربي إلا أن طائرات الجيش الإسرائيلي قامت بحوالي 1500 طلعة جوية وتم إطلاق أكثر من 32 ألف قذيفة، أي أن المعدل اليومي لاستخدام القوات الإسرائيلية كان 89 طلعة جوية، و1882 قذيفة مدفعية. وقد تدفَّق المهاجرون اللبنانيون على مقار قوات الأمم المتحدة المتواجدة بالجنوب ومنها مقر الكتيبة الفيجية في بلدة قانا. فقامت القوات الإسرائيلية بقذف الموقع الذي كان يضم 800 لبنانياً (إلى جانب قيامها بمجارز أخرى في الوقت نفسه في بلدة النبطية ومجدل زون وسحمر وجبل لبنان وعاث في اللبنانيين المدنيين العزل تقتيلاً). وأسفرت هذه العملية عن مقتل 250 لبنانياً منهم 110 لبنانيين في قانا وحدها، بالإضافة للعسكريين اللبنانيين والسوريين وعدد من شهداء حزب الله. كما بلغ عدد الجرحى الإجمالي 368 جريحاً، بينهم 359 مدنياً، وتيتَّم في هذه المجزرة أكثر من 60 طفلاً قاصراً. 
وبعد قصف قانا سرعان ما تحوَّل هذا إلى فضيحة كبرى لإسرائيل أمام العالم فسارعت بالإعلان أن قصف الموقع تم عن طريق الخطأ. ولكن الأدلة على كذب القوات الإسرائيلية بدأت تظهر وتمثَّل الدليل الأول في فيلم فيديو تم تصويره للموقع والمنطقة المحيطة به أثناء القصف وظهرت فيه لقطة توضح طائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار تُستخدَم في توجيه المدفعية وهي تُحلق فوق الموقع أثناء القصف المدفعي. بالإضافة لما أعلنه شهود العيان من العاملين في الأمم المتحدة من أنهم شاهدوا طائرتين مروحيتين بالقرب من الموقع المنكوب. ومن جانبه علَّق رئيس الوزراء الإسرائيلي (شيمون بيريز) بقوله: "إنها فضيحة أن يكون هناك 800 مدني يقبعون أسفل سقف من الصاج ولا تبلغنا الأمم المتحدة بذلك". وجاء الرد سريعاً واضحاً، إذ أعلن مسئولو الأمم المتحدة أنهم أخبروا إسرائيل مراراً بوجود تسعة آلاف لاجئ مدني يحتمون بمواقع تابعة للأمم المتحدة. كما أعلنوا للعالم أجمع أن إسرائيل وجهت نيرانها للقوات الدولية ولمنشآت الأمم المتحدة 242 مرة في تلك الفترة، وأنهم نبَّهوا القوات الإسـرائيلية إلى اعتدائها على موقـع القوات الدولية في قانا أثناء القصف. 
ولقد أكد تقرير الأمم المتحدة مسئولية حكومة شيمون بيريز وجيشه عن هذه المذبحة المتعمدة. ورغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي مورست على الدكتور بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة آنذاك لإجباره على التستر على مضمون هذا التقرير فإن دكتور غالي كشف عن جوانب فيه، وهو الأمر الذي قيل إنه كان من بين أسباب إصرار واشنطن على حرمانه من الاستمرار في موقعه الدولي لفترة ثانية. وفي عام 1997 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو إسرائيل لدفع تعويضات لضحايا المذبحة، وهو الأمر الذي رفضته تل أبيب. وتكتسب هذه المذبحة أهمية خاصة على ضوء أن حكومة ائتلاف العمل الإسرائيلي تتحمل المسئولية عنها رغم ما روجته عن سعيها الصادق من أجل السلام مع العرب ودعوة شيمون بيريز لفكرة السوق الشرق أوسطية. ومن المفارقات التي تستحق التسجيل أنه رغم قيامه بعملية عناقيد الغضب (ومذبحة قانا) إلا أنها لم تحقق أياً من أغراضها المباشرة أو غير المباشرة، فالمقاومة لا تزال مستمرة في جنوب لبنان وبيريز لم يُنتخَب رئيساً للوزراء. 
الإرهاب الإسرائيلي/الصهيوني بعد أوسلو Israeli-Zionest Terrorism after Oslo 
لم يتضمن إعلان المبادئ بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية (واشنطن 13 سبتمبر 1993) والمعروف باتفاقات أوسلو نصوصاً محددة تنطوي على تعهد إسرائيلي أساسي وصريح وشامل بالتخلي عن ممارسة الإرهاب. ومع هذا كان من المتصور أن توقيع اتفاقية أوسلو سيخلق واقعاً جديداً في العلاقة بين الشعب الفلسطيني وحكومة المستوطنين الصهاينة لاعتبارات عدة.
ويمكن أن نوجزها فيما يلي: 
1 ـ تراجُع الاحتكاك بين الفلسطينيين والقوة العسكرية الصهيونية بسبب تقلص سلطات الاحتلال فوق مناطق تركز الكثافة السكانية للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة. 
2 ـ كان المفروض أن السوق الشرق أوسطية والمؤتمرات الاقتصادية المختلفة ستؤدي إلى ظهور علاقات اقتصادية قوية بين الدول العربية (وضمن ذلك السلطة الفلسطينية) وهي علاقات تتجاوز الخلافات العقائدية والحضارية السابقة. 
3 ـ كان المفروض أن تقوم السلطة الفلسطينية بمكافحة "الإرهاب" والقضاء على أية مقاومة للاحتلال الصهيوني، الأمر الذي يعفي سلطات الاحتلال الصهيوني من هذه المهام. 
وكل هذه العناصر إن هي إلا تعبير عن صهيونية عصر ما بعد الحداثة والنظام العالمي الجديد ونهاية التاريخ، فهي تفضل اللجوء إلى التفكيك من خلال آليات غير مباشرة بدلاً من المواجهة القتالية المباشرة (على أن يقوم بهذا الدور أفراد "متطرفون" يمكن التحلل من جرائمهم). وقد لوحظ أنه مع مذبحة الخليل تم استنفار الجماهير العربية واستعادة الروح الجهادية والذاكرة التاريخية وهو ما يتنافى ومرامي النظام الاستعماري الجديد. 
ولكن رغم كل هذا يبدو أن البنية الاستيطانية الإحلالية العنصرية للكيان الصهيوني، بما تحتويه من إرهاب حتمي، تجعل توقُّع تلاشي الإرهاب الصهيوني أو حتى احتواؤه دون فك هذه البنية أو التخلص منها أمراً شبه مستحيل. وعلى أية حال صيغت الاتفاقات المتلاحقة بين إسرائيل والقيادة الفلسطينية على نحو يجعل لهواجس الأمن الإسرائيلي أولوية شبه مطلقة. فنصوص أوسلو وما تلاها قد انطوت على تزييف واضح للأدوار التي لعبها الفلسطينيون والإسرائيليون إذ أصبح الفلسطينيون هم الطرف الذي تطارده لعنة الاتهام بممارسة الإرهاب وباتت أعمال المقاومة الوطنيــة لسـلطات الاحتـلال تشـكل "إرهاباً" وموضع إدانة ومطعـوناً في مشروعيتها بمقتضى النصوص التعاقدية بن الجانبين. 
والجدير بالذكر أن تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية بما في ذلك منظمة العفو كانت قد التفتت مبكراً وفور اتفاقات أوسلو إلى خلو النصوص من الضمانات الأساسية اللازمة لحقوق الفلسطينيين. وجاءت ممارسات إسرائيل على الأرض خلال الفترة الانتقالية (الحكم الذاتي) لتعزيز الاعتقاد بأن الدولة التي لم تعلن تخليها عن عقيدتها الصهيونية العنصرية لم تتجه إلى التفريط في آليات العنف الإرهابي الذي طالما ظلت ولا تزال تعتمده مكوناً أساسياً في تعاملها مع الآخر (الفلسطيني والعربي). ولقد شهدت الشهور القليلة التي تلت اتفاق أوسلو استمرار السلطات الإسرائيلية في أعمال قتل وإصابة الفلسطينيين فوق أراضيهم المحتلة فضلاً عن اعتماد الاعتقال والسجن والتعذيب سياسة مستقرة في التعامل مع الشعب الفلسطيني. 
وإذا كانت عمليات الإفراج عن أعداد من المعتقلين الفلسطينيين قد اجتذبت جهود المفاوضين واهتمام وسائل الإعلام، فإن تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية اللاحقة على أوسلو تسجل مواصلة حملات الاعتقال الجماعي (ويقول تقرير لمنظمة العفو الدولية ـ استناداً إلى إحصاءات رسمية ـ إن ما يزيد عن 6 آلاف فلسطيني اعتقلتهم إسرائيل بعد سبتمبر 1993 وحتى نهاية عام 1994). وأبقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بقيادة العمل أو الليكود على نفس القوانين العسكرية العنصرية (التمييزية) ضد الفلسطينيين لتلاحقهم بها أينما ظلت سلطاتها فاعلة في الضفة وغزة والقدس. بل استمر اتجاه السياسات الإرهابية الإسرائيلية نحو المزيد من التشدد حيث اتخذت قرارها في 5 فبراير 1995 بتمديد فترة الاعتقال الإداري في حدها الأقصى من 6 شهور إلى عام كامل قابل للتجديد. 
ولا يخلو تقرير لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بعد أوسلو من رصد إدانة لاتخاذ إسرائيل التعذيب سياسة معتمدة رسمية ضد الفلسطينيين. وفي عام 1997 دعا بيان لجنة الأمم المتحدة إسرائيل مجدداً إلى التوقف الفوري عن ممارسة التعذيب. ويلفت النظر أن حكومة رابين التي كانت تلبس ثياب الإيمان بالسلام حاولت إصدار تشريعات خلال عام 1995 لإضفاء المشروعية على ممارسة التعذيب ولكنها اضطرت للتراجع تحت ضغط دولي. إلا أن تجذر الإرهاب العنصري داخل المؤسسات الإسرائيلية دفع المحكمة العليا في نوفمبر 1996 للإقرار للمحققين الإسرائيليين باستخدام ما وصفه بدرجة محددة من الإجبار والضغط البدنيين للحصول على معلومات من الفلسطينيين وذلك تحت دعوى "أمن إسرائيل" والحق في مكافحة ما وصفته "بالإرهاب الفلسطيني الأصولي ". 
وكما أسلفنا، كان من المتصور أن تنحسر ممارسات إطلاق النار والاعتقال والسجن والتعذيب وهدم المنازل مع تقلُّص سلطات الاحتلال فوق الضفة والقطاع ومع تقدُّم عملية الحكم الذاتي الفلسطيني، إلا أن آليات العقاب الجماعي شهدت تطوراً في اتجاه ترسيخ أسلوب الحصار والتجويع عن طريق ما يُسمَّى "بالإغلاق الأمني" سواء لكل أنحاء الضفة والقطاع أو لمناطق محددة منهما. 
وتؤكد خبرة السنوات الماضية منذ توقيع اتفاق أوسلو وبدء إعادة الانتشار الإسرائيلي أن الحكومات بقيادة حزبي العمل أو الليكود تنتهج فرض الحصار والتجويع عقب أية عملية تستهدف الإسرائيليين أو لأغراض الضغط على المفاوض الفلسطيني. ولا يمكن فهم ما يُسمَّى "بالإغلاق الأمني" بمعزل عن الطبيعة الاستعمارية الصهيونية التي تسعى لتحويل مناطق الحكم الذاتي إلى "معازل" على غرار تجربة جنوب أفريقيا العنصرية في السابق. 
كما تقترن سياسة الحصار والتجويع هذه عادةً بتهديدات إرهابية من كبار المسئولين الإسرائيليين بإعادة اقتحام مناطق الحكم الذاتي لشن "عمليات تأديب" داخلها. وبحجة الأمن الإسرائيلي أيضاً يمتد نشاط إرهاب الدولة إلى الدول العربية وذلك في ظل الترويج لمشروع التعاون الشرق أوسطي. وتظل الاعتبارات المتحكمة في المشروع الصهيوني هي السائدة في مواجهة مقاومة الاحتلال. وتجسد حالة لبنان سطوة هذه الاعتبارات الصهيونية إذ لم يتورع شيمون بيريز "مهندس" الشرق أوسطية عن شن عدوان وحشي على لبنان في مارس وأبريل 1996وارتكاب مذبحة "قانا".
ولعل أكثر الإشكاليات المطروحة بشأن الإرهاب الإسرائيلي بعد أوسلو هي: العلاقة بين الدولة والمستوطنين. ويوحي اغتيال إسحق رابين رئيس الوزراء السابق على يد مستوطن يهودي ـ في سابقة تُعَد الأولى في تاريخ التجمُّع الصهيوني ـ بأن إرهاب المستوطنين يأخذ طابعاً مستقلاً عن الدولة إن لم نقل متحدياً لهيبتها وسياساتها. وربما يعزز ذلك الإيحاء عودة المستوطنين إلى اتخاذ المبادرة في أعمال إرهابية مدوية من قبيل مذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل وإطلاق النار على سوق المدينة نفسها قبيل أيام من التوصل إلى اتفاق إعادة الانتشار بها. 
وتتجه أنشطة المستوطنين الإرهابية إلى التبلور مرة أخرى في أشكال تنظيمية بعد فترة سابقة من الكمون ورغم قرار الحكومة الإسرائيلية حظر جماعتي كاخ وكاهاناحي، فإن اسمي هاتين الجماعتين وقيادتيهما يعود إلى الظهور في أعمال إرهابية متفرقة ضد الفلسطينيين. ولعل أوضح الأشكال التنظيمية حضوراً بعد اتفاق أوسلو هو ما يُسمَّى "بلجنة الأمن على الطرق" والتي تعود أصلاً إلى عام 1988. ولكنها لم تظهر بقوة سوى بعد سبتمبر 1993. ويبدو دور هذا التنظيم الاستيطاني ـ الذي يتكون من مجموعات شبه مستقلة عن بعضها ـ متمماً لصيغة الطرق الالتفافية وآلية "الحصار الجماعي". 
ومن الواضح أن مجموعات الأمن على الطرق تحاول بث أقصى درجات الفزع بين الفلسطينيين لإجبارهم على التزام حالة من الوجود الهامشي حيث يتعين عليهم تحت تأثير الفزع التحرك في هامش بالغ الضيق داخل مناطق الحكم الذاتي وحولها. وتعتبر هذه المجموعات أن غايتها هي تكثيف شعور الفلسطينيين بانعدام الأمن والسلامة خارج مناطق أو معازل الحكم الذاتي وتأكيد انفصال هذه (المناطق/المعازل) عن بعضها البعض. وتتغاضى الحكومات الإسرائيلية بقيادة حزبي العمل والليكود عن النشاط الإرهابي لمجموعات الأمن على الطرق. ويدلي قادة هذه المجموعات بتصريحات متكررة عن أنشطتهم الإرهابية لوسائل الإعلام الإسرائيلية دون أن يتلقوا إشارة ردع من السلطات. بل إن هذه التصريحات تحمل الطابع التفاخري الذي بات شهيراً في تاريخ الإرهاب الصهيوني. 
وإذ كان هناك تصور يقضي بأن المستوطنين يمارسون ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لقطع الطريق على احتمال إخلاء المستوطنات وأن هذه الضغوط وصلت إلى حد التهديد بالعصيان ضد الحكومة نفسها، فإن علاقة إرهاب المستوطنين بالدولة تظل تميل إلى كونها أقرب إلى علاقات التعاون والتكامل في إطار ثوابت المشروع الصيهوني. 
وبعد مرور سنوات على اتفاق أوسلو فإن الدولة الصهيونية تُبقي على قوانينها التمييزية العنصرية لصالح مشروعية إرهاب المستوطنين الموجه إلى الفلسطينيين. كما أن الحكومات بقيادة حزبي الليكود أو العمل لم تقترب مطلقاً من محاولة التفكير في المساس بصورة المستوطن اليهودي المسلح. ورغم مذبحة الخليل فإن السلطات الإسرائيلية لم تسع مطلقاً لنزع سلاح المستوطنين، بل يحق التساؤل عن وجود تخطيط مسبق في قرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية قبل أسابيع معدودة من اتفاق أوسلو يقضي بتحديث تسليح المستوطنين والسماح بحرية حركة مطلقة في تجولهم بأسلحتهم بالضفة وغزة (القرار صدر في مارس 1993). 
ويؤكد المفكر الباحث الإسرائيلي إسرائيل شاهالو أن ثمة علاقة وثيقة بين الدولة والجيش والمستوطنين في القضايا الأمنية بعد اتفاق أوسلو. كما يرصد التحول في خصائص المستوطن اليهودي من أجل الكيبوتس بوصفه "مزارعاً أو عاملاً مسلحاً" إلى رجل المستوطنات الأمنية والدينية بوصفه "موظفاً ومجنداً لدى جهاز الدولة". فأعتى المستوطنين اليهود تطرفاً هم بالأساس يعملون كموظفين مدنيين أو عســكريين يعيـشون على أمـوال ودعـم الحكومة الإسرائيلية. وتقدَّر مع حلول النصف الثاني من التسعينيات نسبــة الموظفين التابعين لأنشطة الدولة بين المستوطنين بأكثر من الثلثين. والحكومة الإسرائيلية تبدو بعد أوسلو رهينة لميول المستوطنين المتطرفة والإرهابية ولذا فإنها لم تبد بعد أي استعداد للتخفف بجدية من بعض مهامها القمعية والإرهابية الرسمية ضد الفلسطينيين في ظل التفاوض مع قيادتهم. 
ومن الواضح أن عمليات الإرهاب المؤسسية، أي التي تقوم بها أجهزة الدولة الصهيونية، لا تزال نشيطة لأقصى درجة، الأمر الذى يتضح في اغتيال الشهيد "المهندس" يحيى عياش، وفي محاولة اغتيال خالد مشعل، من خلال استخدام سلاح لا تزال هويته غير معروفة،وإن كان يبدو أنه من الأسلحة الميكروبية التي تحظر هيئة الأمم استخدامها. ويظل مستقبل الإرهاب الإسرائيلي (دولة ومستوطنين) رهناً بانتزاع الطبيعة الصهيونية، أي الاستيطانية الإحلالية العنصرية، وبتخلي الحكومات الإسرائيلية عن شعار "الأمن اليهودي أولاً" وهو أمر لم تتضح بعد شواهد جدية عليه رغم الاقتراب من انتهاء المرحلة الانتقالية للحكم الذاتي (والمقرر لها خمس سنوات). وفي ضوء خبرة ما بعد أوسلو يمكن القول بأن حدود وأشكال الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي قد انحسرت جزئياً على رقعة الجغرافيا وذلك بحكم تسلُّم الحكم الذاتي لسلطاته في أكثر من بقعة بالضفة والقطاع، ولكن يبقى صحيحاً أن الدوافع التاريخية المزمنة لهذا الإرهاب لم تنتف بعد.


الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثالث: الإرهاب الصهيوني/الإسرائيلي منذ عام 1948
» الباب الثانى: الإرهاب الصهيوني / الإسرائيلي حتى العام 1948
» الباب الثالث: النظام السياسي الإسرائيلي
» الباب الثالث: المسألة الإسرائيلية والحلول الصهيونية
» الفصل الرابع: الإرهاب الصهيوني ضد اليهود

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: