منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالخميس 06 مارس 2014, 9:11 pm

تفسير سورة المؤمنون (23)

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Untitled-1

بسم الله الرحمن الرحيم

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}

شرح الكلمات:

{قد أفلح المؤمنون}: أي فاز قطعاً بالنجاة من النار ودخول الجنة المؤمنون.

{في صلاتهم خاشعون}: أي ساكنون متطامنون لا يتلفتون بعين ولا قلب وهم بين يدي ربهم.

{عن اللغو معرضون}: اللغو كل ما لا رِضًا فيه لله من قول وعمل وتفكير، معرضون أي منصرفون عنه.

{للزكاة فاعلون}: أي مؤدون.

{لفروجهم حافظون}: أي صائنون لها عن النظر إليها لا يكشفونها وعن إتيان الفاحشة.

{أو ما ملكت أيمانهم}: من الجواري والسَّراري إن وجد.

{فمن ابتغى وراء ذلك}: أي طلب ما دون زوجته وجاريته المملوكة شرعياً.

{فأولئك هم العادون}: أي الظالمون المعتدون على حدود الشرع.

{راعون}: أي حافظون لأماناتهم وعهودهم.

{الفردوس}: أعلى درجة في الجنة في أعلى جنة.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} يخبر تعالى وهو الصادق الوعد بفلاح المؤمنين وقد بين تعالى في آية آل عمران معنى الفلاح وهو الفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة ووصف هؤلاء المؤمنين المفحلين بصفات من جمعها متصفاً بها فقد ثبت له الفلاح وأصبح من الوارثين الذين يؤتون الفردوس يخلدون فيها وتلك الصفات هي:

(1) الخشوع في الصلاة بأن يسكن فيها المصلي فلا يلتفت فيها برأسه ولا بطرفه ولا بقلبه مع رقة قلب ودموع عين وهذه أكمل حالات الخشوع في الصلاة، ودونها أن يطمئن ولا يتلفت برأسه ولا بعينه ولا بقلبه في أكثرها. هذه الصفة تتضمنها قوله تعالى: {الذين هم في صلاتهم خاشعون}.

(2) أعراضهم عن اللغو وهو كل قول وعمل وفكر لم يكن فيه لله تعالى إذن به ولا رضى فيه ومعنى إعراضهم عنه: إنصرافهم عنه وعدم التفاتهم إليه، وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم عن اللغو معرضون}.

(3) فعلهم الزكاة أي أداؤهم لفريضة الزكاة الواجبة من أموالهم الناطقة كالمواشي والصامتة كالنقدين والحبوب والثمار، وفعلهم لكل ما يزكي النفس من الصالحات وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم للزكاة فاعلون}.

(4) حفظ فروجهم من كشفها ومن وطء غير الزوج أو الجارية المملةكة بوجه شرعي وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} في إتيان أزواجهم وما ملكت أيمانهم، ولكن الدوم والعقوبة على ما طلب هذا المطلب من غير زوجه وجاريته {فأولئك هم العادون} أي الظالمون المعتدون حيث تجاوزوا ما أحل الله لهم ما حرم عليهم.

(5) مراعاة الأمانات والعهود بمعنى محافظتهم على ما ائتمنوا عليه من قول أو عمل ومن ذلك سائر التكاليف الشرعية حتى الغسل من الجنابة فإنه من الأمانة وعلى عهودهم وسائر عقودهم الخاصة والعامة فلا خيانة ولا نكث ولا خُلْف وقد تضمن هذا قوله تعالى: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي حافظون.

(6) المحافظة على الصلوات الخمس بأدائها ي أوقاتها المحددة لها فلا يقدمونها ولا يؤخرونها مع المحافظة على شروطها من طهارة الخبث وطهارة الحدث وإتمام ركوعها وسجودها واستكمال أكثر سننها وآدابها وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى: {والذين هم على صلاتهم يحافظون}.

فهذه ست صفات إجمالاً وسبع صفات تفصيلاً فمن اتصف بها كمل إيمانه وصدق عليه اسم المؤمن وكان من المفلحين الوارثين للفردوس الأعلى جعلنا الله تعالى منهم.

.من هداية الآيات:

1- وجوب الخشوع في الصلاة.

2- تحريم نكاح المتعة لأن المتمتع بها ليست زوجة لأنها لا ترث ولا تورث بخلاف الزوجة فإنها لها الربع والثمن، ولزوجها النصف والربع، لأن نكاح المتعة هو النكاح إلى أجل معين قد يكون شهراً أو اكثر أو أقل.

3- تحريم العادة السريّة وهي نكاح اليد وسحاق المرأة لأن ذلك ليس بنكاح زوجة ولا جارية مملوكة.

4- وجوب أداء الزكاة ووجوب حفظ الأمانات ووجوب الوفاء بالعهود ووجوب المحافظة على الصلوات.

5- تقرير حكم التوارث بين أهل الجنة وأهل النار فأهل الجنة يرثون منازل أهل النار وأهل النار يرثون منازل أهل الجنة اللهم اجعلنا من الوارثين الذين يرثون الفردوس.

.تفسير الآيات (12- 16):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}

.شرح الكلمات:

{من سلالة}: السلالة ما يستل من الشيء والمراد بها هنا ما استل من الطين لخلق آدم.

{نطفة في قرار مكين} النطفة قطرة الماء أي المني الذي يفرزه الفحل، والقرار المكين الرحم المصون.

{العلقة}: الدم المتجمد الذي يعلق بالإِصبع لو حاول أحد أن يرفعه بأصبعه كمح البيض.

{والمضغة}: قطعة لحم قدر ما يمضغ الآكل.

{خلقاً آخر}: أي غير تلك المضغة إذ بعد نفخ الروح فيها صارت إنساناً.

{أحسن الخالقين}: أي الصانعين فالله يصنع والناس يصنعون والله أحسن الصانعين.

.معنى الآيات:

يخبر تعالى عن خلقه الإنسان آدم وذريته وفي ذلك تتجلى مظاهر قدرته وعلمه وحكمته والتي أوجبت عبادته وطاعته ومحبته وتعظيمه وتقديره فقال: {ولقد خلقنا الإنسان} يعني آدم عليه السلام {من سلالة من طين} أي من خلاصة طين جمعه فأصبح كالحمإ المسنون فاستل منه خلاصته ومنها خلق آدم ونفخ فهي من روحه فكان بشراً سوياً ولله الحمد والمنة قوله: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} أي ثم جعلنا الإنسان الذي هو ولد آدم نطفة من صُلْبِ آدم {في قرار مكين} هو رحم حواء {ثم خلقنا النطفة} المنحدرة من صلب ادم {علقة} أي قطعة دم جامدة تعلق بالإِصبع لو حاول الإنسان أن يرفعها بإصبعه، {فخلقنا العلقة مضغة} وهي قطعة لحم قدر ما يمضغ الآكل، {فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً شيئاً آخر} أي إنساناً آخر غير آدم الأب، وهكذا خلق الله عز وجل آدم وذريته، {فتبارك الله أحسن الخالقين}. وقد يصدق هذا على كون الإنسان هو خلاصة عناصر شتى استحالت إلى نطفة الفحل ثم استحالت إلى علقة فمضغة فنفخ فيها الروح فصارت إنساناً آخر بعد أن كانت جماداً لا روح فيها وقوله تعالى: {فتبارك الله أحسن الخالقين} فأنثى الله تعالى على نفسه بما هو أهله أي تعاظم أحسن الصانعين، إذ لا خالق إلا هو ويطلق لفظ الخلق على الصناعة فحسن التعبير بلفظ أحسن الخالقين.

وقوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون} أي بعد خلقنا لكم تعيشون المدة التي حددناها لكم ثم تموتون، {ثم إنكم يوم القيامة بتعثون} أحياء للحساب والجزاء لتحيوا حياة أبدية لا يعقبها موت ولا فناء ولا بلاء.

.من هداية الآيات:

1- بيان مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته.

2- بيان خلق الإنسان والأطوار التي يمر بها.

3- بيان مآل الإنسان بعد خلقه.

4- تقرير عقيدة البعث والجزاء التي أنكرهاالملاحدة والمشركون.

تفسير الآيات (17- 22):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}

.شرح الكلمات:

{سبع طرائق}: أي سبع سموات كل سماء يقال لها طريقة لأن بعضها مطروق فوق بعض.

{ماء بقدر}: أي بمقدار معين لا يزيد ولا ينقص.

{من طور سيناء}: جبل يقال له جبل طور سيناء.

{تنبت بالدهن}: أي تنبت بثمر فيه الدهن وهو الزيت.

{وصبغ للآكلين}: أي يغمس الآكل فيه اللقمة ويأكلها.

{في الأتعام لعبرة}: الأنعام الإبل والبقر والغنم والعبرة فيها تحصل لمن تأمل خلقها ومنافعها.

{مما في بطونها}: أي من اللبن.

{منافع كثيرة}: كالوبر والصوف واللبن والركوب.

{ومنها تأكلون}: أي من لحومها.

{تحملون}: أي تركبون الإبل في البر وتركبون السفن في البحر.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر نعمه تعالى على الإنسان لعل هذا الإنسان يذكر فيشكر فقال تعالى: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} أي سموات سماء فوق سماء أي طريقة فوق طريقة وطبقاً فوق طبق وقوله تعالى: {وما كنا عن الخلق غافلين} أي ولم نكن غافلين عن خلقنا وبذلك انتظم الكون والحياة، وإلا لخرب كل شيء وفسد وقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ما ءً بقدر} هو ماء المطر أي بكميات على قدر الحاجة وقوله: {فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون * فأنشأنا لكم به جنات} أي أوجدنا لكم به بساتين من نخيل وأعناب {لكم فيها} أي في تلك البساتين {فواكه كثيرة ومنها تأكلون} أي ومن تلك الفواكه تأكلون وذكر النخيل والعنب دون غيرهما لودودهما بين العرب فهم يعرفونهما أكثر من غيرهما فالنخيل بالمدينة والعنب بالطائف.

وقوله: {وشجرة تخرج من طور سيناء} أي وأنتب لكم به شجرة الزيتون وهي {تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} فبزيتها يدهن ويؤتدم فتصبغ اللقمة به وتؤكل. وقوله: {وإن لكم في الأنعام لعبرة} فتأملوها في خلقها وحياتها ومنافعها تعبرون بها إلى الإيمان والتوحيد والطاعة. وقوله: {نسقيكم مما في بطونها} من ألبان تخرج من بين فرث ودم، وقوله: {ولكن فيها منافع كثيرة} كصوفها ووبرها ولبنها وأكل لحومها. وقوله: {وعليها وعلى الفلك تحملون} وعلى بعضها كالإبل تحملون في البر وعلى السفن في البحر، أفلا تشكرون لله هذه النعم فتذكروه وتشكروه أليست هذه النعم موجبة لشكر المنعم بها فيُعبد وبوحد في عبادته؟.

.من هداية الآيات:

1- لبيان قدرة الله تعالى وعظمته في خلق السموات طرائق وعدم غفلته عن سائر خلقه فسار كل شيء لما خلق له فثبت الكون وانتظمت الحياة.

2- بيان إفضال الله تعالى في إنزال الماء بقدر وإسكانه في الأرض وعدم إذهابه مما يوجب الشكر لله تعالى على عباده.

3- بيان منافع الزيت حيث هو للدهن والائتدام والإستصباح.

4- فضل الله على العباد في خلق الأنعام والسفن للانتفاع بالأنعام في جوانب كثيرة منها، وفي السفن للركوب عليها وحمل السلع والبضائع من إقليم إلى إقليم.

5- وجوب شكر الله تعالى على انعامه وذلك بالإيمان به وعبادته وتوحيده فيها.

تفسير الآيات (23- 26):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}

.شرح الكلمات:

{اعبدوا الله}: أي وحدوه بالعبادة إذ ليس لكم من إله غيره.

{افلا تعقلون}: أي أتعبدون معه غيره فغلا تخافون غضبه وعقابه.

{الملأ}: أي أعيان البلاد وكبراء القوم.

{ما هذا إلا بشر مثلكم}: أي مانوح إلا بشر مثلكم فكيف تطيعونه بقبول ما يدعوكم إليه.

{ولو شاء الله لأنزل ملائكة}: أي لو شاء الله إرسال رسول لأنزل ملائكة رسلا.

{رجل به جنة}: أي مصاب بمس من جنون.

{فتربصوا به حتى حين}: أي فلا تسمعوا له ولا تطيعوه وانتظروا به هلاكه أو شفاءه.

.معنى الآيات:

هذا السياق بداية عدة قصص ذكرت على إثر قصة بدأ خلق الإنسان الأول آدم عليه السلام فقال تعالى: {ولقد أرسلنا نوحاً} أي قبلك يا رسولنا فكذبوه. كما كذبك قومك وإليك قصته إذ قال يا قوم ابعدوا الله أي وحدوه في العبادة، ولا تعبدوا معه غيره {مالكم من إله غيره} أي إذ ليس لكم من إله غيره يتسحق عبادتكم. وقوله: {أفلا تتقون} أي أتعبدون معه غيره أفلا تخافون غضبه عليكم ثم عقابه لكم؟.

فأجابه قومه المشركون بما أخبر تعالى به عنهم في قوله: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه} أي فرد عليه قوله أشرافهم وأهل الحل والعقد فيهم من أغنياء وأعيان ممن كفروا من قومه {ما هذا} أي نوح {إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم} أي يسود ويشرف فادعى أنه رسول الله إليكم {ولو شاء الله} أي أن لا نعبد معه سواه {لأنزل ملائكة} تخبرنا بذلك {ما سمعنا بهذا} أي بالذي جاء به نوح ودعا إليه من ترك عبادة آلهتنا {في آبائنا الأولين} أي لم يقل به أحد من أجدادنا السابقين {إن هو إلا رجل به جنة} أي ما نوح إلا رجل به مس من جنون، وإلا لما قال هذا الذي يقول من تسفيهنا وتسفيه آبائنا {فتربصوا به حتى حين} أي انتظروا به أجله حتى يموت، ولا تتركوا دينكم لأجله وهنا وبعد قرون طويلة بلغت ألف سنة إلا خمسين شكا نوح إلى ربه وطلب النصر منه فقال ما أخبر تعالى به عنه {قال ربّ انصرني بما كذبون} أي أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي وانصرني عليهم.

.من هداية الآيات:

1- إثبات النبوة المحمدية بذكر أخبار الغيب التي لا تعلم إلا من طريق الوحي.

2- تقرير التوحيد بذكر دعوة الرسل أقوامهم إليه.

3- بيان سنة نم سنن البشر وهي أن دعوة الحق أول من يردها الكبراء من أهل الكفر.

4- بيان كيف يرد لاالمون دعوة الحق بإتهام الدعاة بما هم براء منه كالجنون وغيره من الاتهامات كالعمالة لفلان والتملق لفلان..

.تفسير الآيات (27- 30):

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}

.شرح الكلمات:

{فأوحينا إليه أن اصنع}: أي أعلمناه بطريق سريع خفي أي اصنع الفلك.

{بأعيننا ووحيينا}: أي بمرأى منا ومنظر، وبتعليمنا إياك صنعها.

{وفار التنور}: تنور الخباز فاز منه الماء آيية بداية الطوفان.

{فاسلك فيها}: أي أدخل في السفينة.

{وأهلك}: أولادك ونساءك.

{ولا تخاطبنى في الذين ظلموا}: أي لا تكلمني في شأن الظالمين فإني حكمت بإغراقهم.

{وقل رب}: أي وادعني قائلاً يا رب أنزلني منزلاَ مباركاَ من الأرض.

{إن في ذلك لآيات}: أي لدلائل وعبر.

{وإن كنا لمبتلين}: أي لمختبرين.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في ذكر قصة نوح عليه السلام مع قومه فقد جاء في الآيات السابقة أن نوحاَ عليه السلام دعا ربه مستنصراً إياه لينصره على قومه الذين كذبوه قائلاً: {رب انصرني بما كذبوا} فاستجاب الله تعالى دعاءه فأوحى إليه أي أعلمه بطريق الوحي الخاص {أن أصنع الفلك} أي السفينة {بأعيننا ووحينا} أي بمرأى منا ومنظر وبتعليمنا إياك وجعل له علامة على بداية هلاك القوم أن يفور التنور تنور طبخ الخبز بالماء وأمره إذا راى تلك العلامة أن يدخل في السفينة من كل زوج أي ذكر وأنثى اثنين من سائر الحيوانات التي أمكنه ذلك منه وأن يركب فهيا أيضاً أهله من زوجة وولد إلا من قضى الله بهلاكه ونهاه أن يكلمه في شأن الظالمين لأنهم مغرقون قطعاَ. هذا ما تضمنته الآية الأولى (27): {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا} أي بإهلاك الظالمين المشركين {وفار التنور فاسلك فيها} أي في السفينة {من كل زوجين اثنين وأهلك} أي أزواجك وأولادك {إلا من سبق عليه القول منهم} أي بإهلاكهم كامرأته، {ولا تخاطبين في الذين ظلموا} أي لا تسألني عنهم فإني مهلكهم.

وقوله تعالى: {فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} أي إذا ركبت واستقررْت على متن السفينة أنت ومن معك من المؤمنين فاحمدنا فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وادعنا ضارعاً إلينا قائلاً {رب أنزلني منزلاً مباركاً} أي من الأرض، وَأثْن علينا خيراً فقل {وأنت خير المنزلين} وقوله تعالى: {إن في ذلك لآيات} أي المذكور من قصة نوح لدلائل على قدرة الله تعلمه ورحمته وحكمته ووجوب الإيمان به وتوحيده في عبادته. وقوله: {وإن كنا لمبتلين} أي مختبرين عبادنا بالخير والشر ليرى الكافر من المؤمن، والمطيع من العاصي ويتم الجزاء حسب ذلك بإظهار للعدالة الإلهية والرحمة الربانية.

.من هداية الآيات:

1- إثبات الوحي الإلهي وتقرير النبوة المحمدية.

2- تقرير حادثة الطوفان المروفة لدى المؤرخين.

3- بيان عاقبة الظلم وأنه هلاك للظالمين.

4- سنية قول بسم الله والحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون عند ركوب الدابة أو السفينة ونحوها كالسيارة والطيارة.

5- استحباب الدعاء وسؤال الله تعالى ما العبد في حاجة إليه من خير الدنيا.

6- بيان سر ذكر قصة نوح وهو ما فيها من العظات والعبر.

.تفسير الآيات (31- 38):

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}

.شرح الكلمات:

{ثم أنشأنا من بعدهم قَرْناً آخرين}: أي خلقنا من بعد قوم نوح الهالكين قوماً آخرين هم عاد قوم هود.

{رسولاً منهم}: هو هود عليه السلام.

{أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}: أي قولوا لا إله إلا الله فاعبدوا الله وحده.

{وأترفناهم}: أي أنعمنا عليهم بالمال وسعة العيش.

{أنكم مخرجون}: أي أحياء من قبوركم بعد موتكم.

{هيهات هيهات}: أي بَعُدَ بُعْداً كبيراً وقوعُ ما يعدكم.

{إن هي إلا حياتنا الدنيا}: أي ما هي إلا حياتنا الدنيا وليس وراءها حياة أخرى.

{إن هو إلا رجل}: أي ما هو إلا رجلٌ افترى على الله كذباً أي كذب على الله تعالى.

.معنى الآيات:

هذه بداية قصة هود عليه السلام بعد قصة نوح عليه السلام أيضاً فقال تعالى: {ثم أنشأنا من بعدهم} أي خلقنا وأوجدنا من بعد قوم نوح الهالكين قوماً آخرين هم عاد قوم هود {فأرسلنا فيهم رسولاَ منهم} هو هود عليه السلام بأن قال لهم: {أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} أي اعبدوا الله بطاعته وإفراده بالعبادة إذا لا يوجد لكم إله غير الله تصح عبادته إذ الخالق لكم الرازق الله وحده فغيره لا يستحق العبادة بحال من الأحوال وقوله: {أفلا تتقون} يحثهم على الخوف من الله ويأمرهم به قبل أن تنزل بهم عقوبته.

وقوله تعالى: {وقال الملأ من قومه الذين كفروا} أي وقال أعيان البلاد وأشرافها من قوم هود ممن كفروا بالله ورسوله وكذبوا بالبعث والجزاء في الدار الآخرة وقد أترفهم الله تعالى: بالمال وسعة الرزق فأسرفوا في الملاذ والشهوات: قالوا: وماذا قالوا؟:

قالوا ما أخبرنا تعالى به عنهم بقوله: {ما هذا إلا بشر مثلكم} أي ما هذا الرسول إلا بشر مثلكم {يأكل مما تأكلون منه} من أنواع الطعام {ويشرب مما تشربون} من ألوان الشراب أي فلا فرق بينكم وبينه فكيف ترضون بسيادته عليكم يأمركم وينهاهم. وقالوا: {ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون} أي خاسرون حياتكم ومكانتكم، وقالوا: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً} أي فنيتم وصرتم تراباً {أنكم مُخْرِجون} أي أحياء من قبوركم. وقالوا: {هيهات هيهات} أي بَعُد بُعْداً كبيراً ما يعدكم به هود إنهاما {هي إلا حياتنا الدنيا} أي {نموت ونحيا} جبل يموت وجيل يحيا {وما نحن بمبعوثين} وقالوا: {إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً} أي اختلق الكذب على الله وقال عنه أنه يبعثكم ويحاسبكم ويجزيكم بكسبكم. {وقالوا ما نحن بمبعوثين} هذه مقالتهم ذكرها تعالى عنهم وهي مصرحة بكفرهم وتكذيبهم وإلحادهم وما سيقوله هود عليه السلام سيأتي في الآيات بعد.

.من هداية الآيات:

1- بيان سنة الله تعالى في إرسال الرسل، وما تبتدئ به دعوتهم وهو لا إله إلا الله.

2- أهل الكفر لا يصدر عنهم إلا ما هو شر وباطل لفساد قلوبهم.

3- الترف يسبب كثيراً من المفاسد والشرور، ولهذا يجب أن يُحذَرْ بالاقتصاد.

4- تقرير عقيدة البعث والجزاء وإثباتها وهي ما ينكره الملاحدة هروباً من الاستقامة.

5- تُكأة عامة المشتركين وهي كيف يكون الرسول رجلاَ من البشر، دفعاً للحق وعدم قبوله.

.تفسير الآيات (39- 44):

{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}

.شرح الكلمات:

{عما قليل}: أي عن قليل من الزمن.

{ليصبحن نادمين}: ليصيرن نادمين على كفرهم وتكذيبهم.

{فأخذتهم الصيحة}: أي صيحة العذاب والهلاك.

{فجعلناهم غثاء}: كغثاء السيل وهو ما يجمعه الوادي من العيدان والنبات اليابس. {فبعداً}: أي هلاكاً لهم.

{ثم أنشأنا}: أي أوجدنا من بعدهم أهل قرون آخرين كقوم صالح وإبراهيم. ولوط وشعيب.

{تترا}: أي يتبع بعضها بعضاً الواحدة عقب الأخرى.

{وجعلناهم أحاديث}: أي أهلكناهم وتركناهم قصصاً تقص وأخباراً تتناقل.

.معنى الآيات:

هذا ما قال هود عليه السلام بعد الذي ذكر تعالى من أقوال قومه الكافرين {قال رب} أي يا رب {انصرني بما كذبون} أي بسبب تكذيبهم لي وردهم دعوتي وإصرارهم على الكفر بك وعبادة غيرك فأجابه الرب تبارك وتعالى بقوله: {عما قليل ليصبحن نادمين} أي بعد قليل من الوقت وعزتنا وجلالنا ليصبحن نادمين أي ليصيرن نادمين على كفرهم بي وإشراكهم في عبادتي وتكذيبهم إياك ولم يمض إلا قليل زمن حتى أخذتهم الصيحة صيحة الهلاك ضمن ريح صرصر في أيام نحسات فإذا هم غثاء كغثاء السبيل لا حياة فيهم ولا فائدة ترجى منهم {فبعداً للقوم الظالمين} أي هلاكاً للظالمين بالشرك والتكذيب والمعاصي وقوله تعالى: {ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين} أي ثم أوجدنا بعد إهلاكنا عاداً أهل قرون آخرين كقوم صالح وقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم شعيب. وقوله تعالى: {وما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} أي أن كل أمة حكمنا بهلاكها لا يمكنها أن تسبق أجلها أي وقتها المحدود لها فتتقدمه كما لا يمكنها أن تتأخر عنه بحال.

وقوله تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا تترا} أي يتبع بعضها بعضاً {كلما جاء أمة رسولها كذبوه فاتبعنا بعضهم بعضاً} أي في الهلاك فكلما كذبت أمة روسلها ورفضت التوبة إلى الله والإنابة إليه أهلكها، وقوله تعالى: {وجعلناهم أحاديث} أي لمن بعدهم يذكرون أحوالهم ويروون أخبارهم {فبعداً} أي هلاكاً منا {لقوم لا يؤمنون} في هذا تهديد قوي لقريش المصرة على الشرك والتكذيب والعناد. وقد مضت فيهم سنة الله فأهلك المجرمين منها.

.من هداية الآيات:

1- استجابة الله دعوة المظلومين من عباده لاسيما إن كانوا عبادنا صالحين.

2- الآجال للأفراد أو الأمم لا تتقدم ولا تتأخر سنة من سنن الله تعالى في خلقه.

3- تقرير حقيقة تاريخية علمية وهي أن الأمم السابقة كلها هلكت بتكذيبها وكفرها ولم ينج منها عند نزول العذاب بها إلا المؤمنون مع رسولهم.

4- كرامة هذه الأمة المحمدية أن الله تعالى لا يهلكها هلاكاً عاماَ بل تبقى بقاء الحياة تقوم بها الحجة لله تعالى على الأمم والشعوب المعاصرة لها طيلة الحياة.

.تفسير الآيات (45- 50):

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}

.شرح الكلمات:

{بآياتنا وسلطان مبين}: الآيات هي التسع الآيات وهي الحدة والسلطان المبين.

{وكانوا قوماً عالين}: أي علوا أهل تلك البلاد قهراً واستبداداً وتحكماً.

{وقومهما لنا عابدون}: أي مطيعون ذليلون نستخدمهم فيما نشاء وكيف نشاء.

{ولقد آتينا موسى الكتاب}: أي التوراة.

{وجعلنا ابن مريم}: أي عيسى حجة وبرهاناً على وجود الله وقدرته وعلمه ووجوب توحيده.

{إلى ربوة ذات فرار معين}: إلى مكان مرتفع ذي استقرار وفيه ماء جار عذب وفواكه وخضر.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في ذكر نبذ من قصص الأولين للعظة والاعتبار، ولإقامة الحجة على مشركي قريش فقال تعالى: {ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين} أي بعد تلك الأمم الخالية أرسلنا موسى بن عمران وأخاه هارون بسلطان مبين أي بحجج وبراهين بينة دالة على صدق موسى وما يدعو إليه من عبادة الله وتوحيده فيها والخروج بيني إسرائيل إلى الأرض المباركة أرض الشام إلى فرعون ملك مصر يومئذ وملئه من أشراف قومه وعليتهم فاستكبروا عن قبول دعوة الحق وكانوا عالين على أهل تلك البلاد فاهرين لها مستبدين بها وقالوا رداً على دعوة موسى وهارون ما أخبر تعالى به في قوله: {فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون} أي خاضعون مطيعون. هكذا أعلنوا متعجبين من دعوة موسى وهارون إلى الإيمان برسالتهما فقالوا: أنؤمن لبشر من مثلنا أي كيف يكون هذا أنتبع رجلين مثلنا فنصبح نأتمر بأمرهما وننتهي بنهيمهما وكيف يتم ذلك وقومهما يعنون بني إسرائيل لنا عابدون. أي خاضعون لنا ومطيعون لأمرنا ونهينا. قال تعالى: {فكذبوهما}، فيما دعواهما إليه من الإيمان والتوحيد وإرسال بني إسرائيل إلى أرض الميعاد فترتب على تكذيبهم لرسولي الله موسى وهارون هلاكهم فكانوا من المهلكين حيث أغرقهم الله أجمعين، وقوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون}، ويخبر تعالى أنه بعد إهلاك فرعون ونجاة بني إسرائيل آتى موسى التوراة من أجل هداية بني إسرائيل عليها لأنها تحمل النور والهدى. هذه أيدى الله على خلقه وآياته فيهم فسبحانه من إله عزيز رحيم.

وقوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه} أي جعل عيسى ووالدته مريم {آية} حيث ونجاة بني إسرائيل آتى موسى التوراة من أجل هداية بني إسرائيل عليها لأنها تحمل النور والهدى. هذه أيادي الله على خلقه وآياته فيهم فسبحانه من إله عزيز رحيم. وقوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه} أي جعل عيسى ووالدته مريم {آية} حيث خلق عيسى من غير أب فهي آية دالة على قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته وهذه موجبة الإيمان به عبادته وتوحيده والتوكل عليه والإنابة والتوبة إليه. قوله تعالى: {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين} أي أنزلنا مريم وولدها بعد اضطهاد اليهود لهما ربوة عالية صالحة للإستقرار عليها بها فاكهة وماء عذب جار إكرام الله تعالى له ولوالدته فسبحان المنعم على عباده المكرم لأوليائه.

.من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة كل من موسى وأخيه هارون عليهما السلام.

2- التنديد بالإستكبار، وأنه علة مانعة من قبول الحق.

3- مظاهر قدرة الله وعلمه ورحمته في إرسال الرسل بالآيات وفي إهلاك المكذبين.

4- آية ولادة عيسى من غير أب مقررة قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وبعث الناس من قبورهم للحساب والجزاء.

.تفسير الآيات (51- 56):

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 13 فبراير 2023, 10:30 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالخميس 06 مارس 2014, 9:40 pm

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Untitl29

تفسير الآيات (51- 56):

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)}

.شرح الكلمات:

{كلوا من الطيبات}: أي من الحلال.

{واعلموها صالحاَ}: أي بأداء الفرائض وكثير من النوافل.

{وإن هذه أمتكم}: أي ملتكم الإسلامية.

{فاتقون}: أي بامتثال أمري واجتناب نهيي.

{فتقطعوا أمرهم}: أي اختلفوا في دينهم فأصبحوا طوائف هذه يهودية وتلك نصرانية.

{في غمرتهم}: أي في ضلالتهم.

{نسارع لهم}: أي نعجل.

{بل لا يشعرون}: أن ذلك استدراج منا لهم.

.معنى الآيات:

بعد أن أكرم الله تعالى عيسى ووالدته بما أكرمهما به من إيوائهما إلى ربوة ذات قرار ومعين خاطب عيسى عبده ورسوله قائلاً: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} أي الحلال فكان عيسى عليه السلام يأكل من غزل أمه إذا كانت تغزل الصوف بأجرة فكانا يأكلان من ذلك أكلا من الطيب كما أمرهما الله تعالى وقوله: {واعملوا صالحاَ} كلوا من الحلال واعملوا صالحاً بأداء الفرائض والإكثار من النوافل، وقوله: {إني بما تعملون عليم} فيه وعد بأن الله تعالى سيثيبهم على ما يعلمون من الصالحات. وقوله: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} أعلمهم أن ملتهم وهي الدين الإسلامي دين واحد فلا ينبغي الاختلاف فيه واعلمهم أيضاً أنه ربهم أي مالك أمرهم والحاكم عليهم فليبتغوه بفعل ما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه، لينجوا من عذابه ويظفروا برحمته ودخول جنته.

وقوله تعالى: {فتقطعوا أمرهم بينهم} أي دينهم {زبراً كل حزب بما لديهم فرحون} أي فرقوا دينهم فرقاً فذهب كل فرقة بقطعة منه وقسموا الكتاب إلى كتب فهذه يهودية وهذه نصرانية واليهودية فرق والنصرانية فرق والإنجيل أصبح أناجيل متعددة وصارت كل جماعة فرحة بما عندها مسرورة به لا ترى الحق إلاَّ فيه.. {كل حزب بما لديهم فرحون} وهنا أمر الله رسوله أن يتركهم في غمرة ضلالتهم إلى حين أن ينزل بهم ما قضى به الرب تعالى على أهل الاختلاف في دينه {فذرهم في غمرتهم حتى حين} إذ قال له في سورة الأنعام {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} وفيه من التهديد ما فيه. وهذا الذي نعاه تعالى على تلك الأمم قد وقعت فيه أمة الإسلام فاختلفوا في دينهم مذاهب وطرقاً عديدة، وياللأسف وقد حلت بهم المحن ونزل بهم البلاء نتيجة ذلك الخلاف. وقوله: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} مع اختلافهم وانحرافهم مسارعة لهم منا في الخيرات لا بل ذلك استدراج لهم ليهلكوا ولكنهم لا يشعرون بذلك. لشدة غفلتهم واستيلاء غمرة الضلالة عليهم.

.من هداية الآيات:

1- وجوب الأكل من الحلال، ووجوب الشكر بالطاعة لله ورسوله.

2- الإسلام دين البشرية جمعاء ولا يحل الاختلاف فيه بل يجب التمسك به وترك ما سواه.

3- حرمة الاختلاف في الدين وأنه سبب الكوارث والفتن والمحن.

4- إذا انحرفت الأمة عن دين الله، ثم رزقت المال وسعة العيش كان ذلك استدراجاً لها، ولم يكن إكراماَ من الله لها دالاَ على رضى ربها عنها بل ما هو إلا فتنة ليس غير.

تفسير الآيات (57- 62):

{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}

.شرح الكلمات:

{مشفقون}: أي خائفون.

{لا يشركون}: أي بعبادته أحداً.

{يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة}: أي خائفون أن لا يقبل منهم ذلك.

{أنهم إلى ربهم راجعون}: أي لأنهم إلى ربهم راجعون فيحاسبهم ويسألهم ويجزيهم.

{وهم لها سابقون}: أي بإذن الله وفي علمه.

{ولا نكلف نفساً إلاَّ وسعها}: إلا طاقتها وما تقدر عليه.

{ولدينا كتاب ينطق بالحق}: وهو ما كتبه الكرام الكاتبون فإنه ناطق بالحق.

{وهم لا يظلمون}: أي بنقض حسنة من حسناتهم ولا بزيادة سيئة على سيآتهم.

.معنى الآيات:

لما ذكر تعالى حال الذين فرقوا الذين فرقوا دينهم فذهبت كل فرقة منهم بكتاب ومذهب ولقب ونعى عليهم ذلك التفرق وأمر رسوله أن يتركهم في غمرة خلافاتهم ويدعهم إلى حين يلقون جزاءهم عاجلاً أو آجلاً: أثنى تبارك وتعالى على عباده المؤمنين من أهل الخشية، فقال وقوله الحق: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} أي من عذابه خائفون من الوقوف بين يديه فهذه صفة لهم وآخرى {والذين هم بآيات ربهم يؤمنون} أي بحجج الله تعالى التي تضمنتها آياته يؤمنون أي يوقنون وثالثة: {والذين هم بربهم لا يشركون} أي في ذاته ولا صفاته ولاعباداته فيعبدونه بما شرع لهم موحدينه في ذلك ورابعة: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}. أي يؤتون الزكاة وسائر الحقوق والواجبات وقلوبهم خائفة من ربهم أن يكونوا قد قصروا فيما أوجب عليهم وخائفة أن لا يقبل منهم عملهم، وذلك ناجم لهم من قوة إيمانهم برجوعهم إلى ربهم ووقوفهم بين يديه ومساءلته لهم: لم قدمت؟ لم أخرت؟ وقوله تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} في هذا بشرى لهم إذ أخبر تعالى أنهم يسارعون في الخيرات، وأنهم سبق ذلك لهم في الأزل فهنيئاً لهم. وقوله تعالى: {ولا نكلف نفساً إلا وسعها} فيه قبول عذر من بذل جهده في المسارعة في الخيرات ولم يلحق بغيره أعذره ربه فإنه لا خوف عليه ما دام قد بذلك جهده إذ هو تعالى {لا يكلف نفساً إلا وسعها} أي طاقتها وما يتسع له جهده.

وقوله: {ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون} فيه وعدٌ لأولئك المسارعين بالخيرات بأنَّ أعمالهم مكتوبة لهم في كتاب ينطق بالحق لا يخفى حسنة من حسناتهم ويستوفونها كاملة وفيه وعيد لأهل الشرك واللمعاصي بأنَّ أعمالهم محصاة عليهم قد ضمها كتاب صادق وسوف يجزون بها وهم لا يظلمون فلا تكتب عليهم سيئة لم يعملوها قط ولا يجزون إلاَّ بما كانا يكسبون.

.من هداية الآيات:

1- فضيلة الخشية والإيمان والتوحيد والتواضع والمراقبة لله تعالى.

2- بشرى الله تعالى لأهل الإيمان والتقوى.

3- تقرير قاعدة رفع الحرج في الدين.

4- تقرير كتابة أعمال العباد وإحصاء أعمالهم ومجازاتهم العادلة.

تفسير الآيات (63- 70):

{بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}

.شرح الكلمات:

{في غمرة من هذا}: أي جهالة من القرآن وعمى.

{ولهم أعمال من دون ذلك}: أي من دون أعمال المؤمنين التي هي الخشية والإيمان بالآيات والتوحيد والمراقبة.

{هم لها عاملون}: أي سيعملونها لتكون سبب نهايتهم حيث يأخذهم الله تعالى بها.

{إذا هم يجأرون}: أي يصرخون بأعلى أصواتهم ضاجينّ مستغيثين ممَّا حلَّ تعالى بهم.

{تنكصون}: أي ترجعون على أعقابكم كراهة سماعة القرآن.

{مستكبرين به}: أي بالحرم أي كانوا يقولون: لا يظهر علينا فيه أحد لأنّا أهل الحرم.

{سامراَ تهجرون}: أي تسمرون بالحرم ليلاَ هاجرين الحق وسماعه على قراءة فتح التاء وعلى قراءة ضمها تهجرون أي تقولوا الهجر من القول كالفحش والقبح.

{رسولهم}: أي محمداً صلى الله عليه وسلم.

{به جنّة}: أي مجنون.

.معنى الآيات:

{بل قلوبهم في غمرة من هذا} أي ليس الأمر كما يحسب هؤلاء المشركون أنّا نمدهم بالمال مسارعة منا لهم في الخيرات لرضانا عنهم لا بل إن قلوبهم في غمرة وعمى من القرآن {ولهم أعمال من دون ذلك} أي دون عمل المؤمنين {هم لها عاملون} حتى تنتهي بمترفيهم إلى هلاكهم ودمارهم وقوله تعالى: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون} أي استمرت الأعمال الشركية الإِجرامية حتى أخذ الله تعالى مترفيهم في بدر بعذاب القتل والأسر {إذا هم يجأرون} يضجون بالصراخ مستغيثين، والله تعالى يقول لهم: {لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون} وذكر تعالى لهم ما كانوا عليه من التكذيب والاستكبار وقول الهجر موبخاً إياهم {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون} هروباً من سماعها حال كونكم {مستكبرين به} أي بالحرم زاعمين أنكم أهل الحرم، وأن أحداَ لا يظهر عليكم فيه لأنكم أهله وقوله: {سامراَ تهجرون} أي تسمرون بالليل تهجرون بذلك سماع الحق ودعوة الحق التي تُتلى بها عليكم آيات الله. وقد قرئ تُهجرون بضم التاء وكسر الجيم أي تقولن أنثاء سمركم في الليل الهجر من القول كالكفر وقول الفحش وما لا خير فيه من الكلام، وكانوا كذلك.

وقوله تعالى: {أفلم يدبروا القول} الذي يسمعونه من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيعرفوا أنه حق وخير وأنه فيه صلاحهم {أم جاءهم} من الدين والشرع {ما لم يأت أباءهم الأولين} فقد جاءت رسل ونزلت كتب وهم يعرفون ذلك. أم لم يعرفوا رسولهم محمداً صلى الله عليه وسلم فهم له منكرون إنهم يعرفونه بصدقه وطهارته وكماله منذ نشأته وصباه إلى يوم أن دعاهم إلى الله {أم يقولون به جنّة} أي جنون وأين الجنون من رجل ينطق بالحكمة ويعمل بها ويدعو إليها {بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون}، وهذا هو سرًُّ إعراضهم واستكبارهم- إنه كراهيتهم للحق لطول ما ألفوا الباطل وعاشوا عليه، وهذه سنة البشر في كل زمان ومكان.

.من هداية الآيات:

1- غمرة الجهل والتعصب وعمى التقليد هي سبب إعراض الناس عن الحق ومعارضتهم له.

2- لا تنفع التوبة عند معاينة العذاب أو نزوله.

3- بيان الذنوب التي أخذ بها مترفو مكة ببدر وهي هروبهم من سماع القرآن ونكوصهم عند سماعه على أعقابهم حتى لا يسمعوه واستكبارهم بالحرم واعتزارهم به جهلاً وضلالا واجتماعهم في الليالي الطوال يسمرون على اللهو وقول الباطل هاجرين سماع القرآن وما يدعو إليه من هدى وخير.

.تفسير الآيات (71- 77):

{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}

.شرح الكلمات:

{لو اتبع الحق أهواءهم}: أي ما يهوونه ويشتهونه.

{أتيناهم بذكرهم}: أي بالقرآن العظيم الذي فيه ذكرهم فيه يذكرون ويُذكرون.

{أم تسألهم خرجاً}: أي مالاً مقابل إبلاغك لهم دعوة ربهم.

{فخراج ربك خير}: أي ما يرزقكه الله خير وهو خير الرازقين.

{إلى صراط مستقيم}: أي إلى الإسلام.

{عن الصراط لناكون}: أي عن الإسلام أي متنكبونه جاعلوه على منكب أي جانب عادلون عنه.

{للجوُّا في طغيانهم يعمهون}: لتمادوا في طغيانهم مصرين عليه.

{فما استكانوا}: أي ماذلوا ولا خضعوا.

{إذا هم فيه مبلسون}: أي آيسون قنطون.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء فقوله تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن} هذا كلام مستأنف لبيان حقائق أخرى منها أن هؤلاء المشركين لو اتبع الحقُّ النازل من عند الله والذي يمثله القرآن أهواءهم أي ما يهوونه ويشتهونه فكان يوافقهم عليه لأدى ذلك إلى فساد الكون كلع علويه وسفليه، وذلك لأنهم أهل باطل لا يرون إلا الباطل ويصبح سيرهم معاكساً للحق فيؤدي حتما إلى خراب الكون وقوله تعالى: {بل أتيناهم بذكرهم} أي جئناهم بذكرهم الذي هو القرآن الكريم إذ به يذكرون وبه يُذكرون لأنه سبب شرفهم، وقوله ك {فهم عن ذكرهم معرضون}، فهم لسوء حالهم وفساد قلوبهم معرضون عما به يذكرون ويذكرون، وقوله تعالى: {أم تسألهم خرْجاً} أي أجراً ومالاً {فخراج ربّك خير} أي ثواب ربِّك الذي يثيبك به خير وهو تعالى خير الرازقين وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسألهم عن التبليغ أجراً وقوله تعالى: {وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم} أي إلى الإسلام طريق السعادة والكمال في الدنيا والآخرة، وقوله تعالى: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط الناكبون} أي علة تنكبَهم أي ابتعادهم عن الإسلام هو عدم إيمانهم بالآخرة، وهو كذلك فالقلب الذي لا يعمره الإيمان بلقاء الله والجزاء يوم القيامة صاحبه ضد كل خير ومعروف ولا يؤمل منه ذلك لعلة كفره بالآخرة.

وقوله تعالى: {ولو رحمنا وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون} يخبر تعالى أنه لو رحم أولئك المشركين المكذبين بالآخرة، وكشف ما بهم من ضر أصابهم من قحط وجدب وجوع ومرض لا يشكرون الله، بل يتمادون في عتوهم وضلالهم وظلمهم يعمهون حيارى يترددون، وقوله تعالى: {ولقد أخذناهم بالعذاب} وهي سنوات الجدب والقحط بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أصابهم من قتل وجراحات وهزائم في بدر. وقوله: {فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} فما ذلوا لربهم وما دعوه ولا تضرعوا إليه بل بقوا على طغيانهم في ضلالهم ومرد هذا ظلمة النفوس الناتجة عن الشرك والمعاصي.

وقوله تعالى: {حتى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد} وهو معركة بدر وما أصاب المشركين من القتل {إذ هم فيه ملبسون} أي آيسون من كل خير حزنون قنطون وذلك لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي.

.من هداية الآيات:

1- خطر اتباع الهوى وما يفضي إليه من الهلاك والخسران.

2- الصراط المسقيم الموصل إلى السعادة والكمال هو الإسلام لا غير.

3- التكذيب بيوم القيامة وما يتم فيه من حساب وجزاء هو الباغث على كل شر والمانع من كل خير.

4- من آثار ظلمة النفس نتيجة الكفر اليأس والقنوط والتمادي في الشر والفساد.

.تفسير الآيات (78- 83):

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}

.شرح الكلمات:

{أنشأ لكم السمع}: أي خلق وأوجد لكم الأسماع والأبصار.

{والأفئدة}: جمع فؤاد وهو القلب.

{قليلا ما تشكرون}: أي ما تشكرون إلاّ قليلا.

{ذرأكم}: أي خلقكم.

{وإليه تحشرون}: أي تجمعون إليه بعد إحيائكم وخروجكم من قبوركم.

{وله اختلاف الليل والنهار}: أي إليه تعالى إيجاد الليل والنهار وظلمة الليل وضياء النهار.

{أفلا تعقلون}: فتعرفوا أن الله هو المعبود الحق إذ هو الرب الحق.

{إلا أساطير الأولين}: أي ما تقولون من البعث والحياة الثانية ما هو إلا حكايات وأساطير وأخبار الأولين، والأساطير جمع أسطورة أي حكاية مسطرة مكتوبة.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المنكرين للبعث الآخر إلى الإيمان به بعرض الأدلة العقلية عليهم لعلهم يؤمنون فقال تعالى لهم: {وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة} أي الله الذي خلق لكم أسماعكم وأبصاركم وقلوبكم قادر على إحيائكم بعد موتكم وحشركم إليه تعالى ليحاسبكم ويجزيكم، وقوله: {قليلاً ما تشكرون} يوبخهم تعالى على كفرانهم نعمه عليهم، إذ أوجد لهم أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم يحمدوه على ذلك ولم يشكروه بالإيمان به وبطاعته، وقوله تعالى: {وهو الذي ذرأكم في الأرض} أي خلقكم في الأرض، {وإليه تحشرون} إذ الذي قدر على خلقكم في الأرض قادر على خلقكم في أرض أخرى بعد أن يميتكم ويحشركم أي يجمعكم إليه ليحاسبكم ويجزيكم. وقوله: {وهو الذي يحيى ويميت} أي يحيي النطفة بجعلها مضغة لحم ثم ينفخ فيها الروح فتكون بشراً، ويميتكم بعد انقضاء آجالكم أليس هذا قادراً على إحيائكم بعد موتكم.

وقوله تعالى: {وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون} أي ولله تعالى اختلاف الليل والنهار بإيجادهما وتعاقبهما وإدخال أحدهما في الآخر أفلا تعقلون أنَّ من هذه قدرته وتصاريفه في خلقه قادر على بعثكم بعد إماتتكم وقوله تعالى: {بل مقالوا مثل ما قال الأولون} أي بدل أن يؤمنوا باليوم الآخر لِما دَلْ عليه من هذه الأدلة التي لا يردها عاقل ولا ينكرها عقل عادوا فقالوا قوله المنكرين من الأمم قبلهم: {قالوا أإذا متنا وكنا تراباً إنا لمبعوثون} وهو انكار صريح منهم للعبث الآخر. وقالوا أيضاً ما أخبر تعالى عنهم، وهم يعلنون تكذيبهم لله تعالى ورسوله: {ولقد وعدنا نحن وأباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين} أي لقد وعد هذا آباؤبا من قبل ولم يحصل ما هذا الذي يقال إلا أساطير أي حكايات سطرها الأولون في كتبهم فهي تروى ويتناقلها الناس ولا حقيقة لها ولا وجود.

.من هداية الآيات:

1- وجوب الشكر لله تعالى بطاعته على نعمه ومن بينها نعمة السمع والبصر والقلب.

2- تقرير عقدية البعث والجزاء بما تضمنت الآيات من الأدلة العديدة على ذلك.

3- سوء التقليد وآثارة في السلوك الإنساني بحيث ينكر المقلد عقله.

.تفسير الآيات (84- 92):

{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}

.شرح الكلمات:

{قل أفلا تذكرون}: فتعلمون أن من له الأرض ومن فيها خلقاً وملكاً قادر على البعث وأنه لا إله إلا هو.

{قل أفلا تتقون}: أي كيف لا تتقونه بالإيمان به وتوحيده وتصديقه في البعث والجزاء.

{من بيده ملكوت كل شيء}: أي ملك كل شيء يتصرف فيه كيف يشاء.

{وهو يجير ولا يجار عليه}: يحفظ وحيمي من يشاء ولا يُحمى عليه ويحفظ من أراده بسوء.

{فأنى تسحرون}: أي كيف تخدعون وتصرفون عن الحق.

{بل أتيناهم بالحق}: أي بما هو الحق والصدق في التوحيد والنبوة والبعث والجزاء.

{ولعلا بعضهم على بعض}: أي قهراً وسطاناً.

{عما يصفون}: أي من الكذب كزعمهم أن لله ولداً وأن له شريكاً وأنه غير قادر على البعث.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء فقال تعالى لرسوله قل لهؤلاء المشركين المنكرين للبعث والجزاء {لمن الأرض ومن فيها} من المخلوقات {إن كنتم تعلمون} من هي له فسموه. ولما لم يكن لهم من بُدٍّ أن يقولوا {لله} أخبر تعالى أنهم سيقولون لله. إذاَ قل لهم: {أفلا تذكرون} فتعلموا أن من له الأرض ومن فيها خلقاً وملكاً وتصرفاً لا يصلح أن يكون له شريك من عباده، وهو رب كل شيء ومليكه، وقوله: {قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم} أي سَلْهُمْ من هو رب السموات السبع وربّ العرش العظيم. الذي أحاط بالملكوت كله، أي من هو خالق السموات السبع، ومن فيهن ومن خالق العرش العظيم ومالك ذلك كله والمنصرف فيه، ولما لم يكن من جواب سوى الله أخبر تعالى أنهم سيقلون الله أي خالقها وهي لله ملكا وتدبيرا وتصريفا إذا قل لهم يا رسولنا {أفلا تتقون} أي الله وأنتم تنكرون عليه قدرته في إحياء الناس بعد موتهم وتجعلون له أندادا تعبدونها معه، أما تخافون عقابه أما تخشون عذابه وقوله تعالى: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه} أي سلهم يا رسولنا فقل لهم من بيده ملكوت كل شيء أي ملك كل شيء وخزائنه؟ وهو يجير من يشاء أي يحمي ويحفظ من يشاء فلا يستطيع أحد أن يمسه بسوء ولا يجار عليه، أي ولا يستطيع أحد أن يجير أي يحمي ويحفظ عليه أحداً أراده بسور وقوله: {إن كنتم تعلمون} أي إن كنتم تعلمون أحداً غير الله بيده ملكوت كل شيء ويُجير ولا يُجار عليه فاذكروه، ولما لم يكن لهم أن يقولوا غير الله، أخبر تعالى أنهم سيقولون الله أي هو الذي بيده ملكوت كل شيء وهي لله خلقاً وملكاً وتصرفاً إذاً قل لهم {فأنى تسحرون} أي كيف تخدعون فتصرفون عن الحق فتعبدون غير الخالق الرازق، وتنكرون على الخالق إحياء الأموات وبعثهم وهو الذي أحياهم أولاً ثم أماتهم ثانياً فكيف ينكر عليه إحياءهم مرة أخرى وقوله تعالى: {بل أتيناهم بالحق} أي ليس الأمر كما يتوهمون ويخيل إليهم بل أتيناهم بذكرهم الذي هو القرآن به يذكرون لأنه ذكرى وذكر، وبه يذكرون لأنه شرف لهم وإنهم لكاذبون في كل ما يدعون ويقولون.

{ما اتخذ الله من ولد} ولا بنت، {وما كان معه من إله} ولا ينبغي ذلك، والدليل المنطقي العقلي الذي لا يرد وأنه لو كان مع الله إله آخر لقاسمه الملك وذهب كل إله بما خلق، ولحارب بعضهم بعضاً وعلا بعضهم على بعض غلبة وقهراً وقوله تعالى: {سبحان الله} تنزيهاً لله تعالى عما يصفه به الواصفون من صفات العجز كاتخاذ الولد والشريك، والعجز عن البعث، وقوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة} أي ما ظهر وما بطن، وما غاب وما حضر فلو كان معه آلهة أخرى لعرفهم وأخبر عنهم ولكن هيهات هيهات أن يكون مع الله إله آخر وهو الخالق لكل شيء والمالك لكل شيء {فتعالى عما يشركون} علواً كبيراً وتنزه تنزهاً عظيماً.

.من هداية الآيات:

1- مشروعية توبيخ المتغافل المتجاهل وتأنيب المتعامي عن الحق وهو قادر على رؤيته.

2- تقرير ربوبية الله تعالى وألوهيته.

3- تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد وإبطال ترهات المفترين.

4- الإستدلال العقلي ومشروعيته والعمل به لإحقاق الحق وإبطال الباطل.

.تفسير الآيات (93- 100):

{قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}

.شرح الكلمات:

{إما تريني ما يوعدون}: أي إن تُريني من العذاب.

{ادفع بالتي هي أحسن}: أي ادفع بالخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإِعراض عنهم.

{من همزات الشياطين}: أي من وساوسهم التي تخطر بالقلب فتكاد تفسده.

{أن يحضرون}: أي في أموري حتى لا يفسدوها علي.

{جاء أحدهم الموت}: أي رأى علاماته ورآه.

{برزخ}: أي حاجز يمنع وهو مدة الحياة الدنيا، وإن عاد بالبعث فلا عما يقبل.

.معنى الآيات:

في هذا السياق تهديد للمشركين الذين لم ينتفعوا بتلك التوجيهات التي تقدمت في الآيات قبل هذه، فأمر الله تعالى رسوله أن يدعوه ويضرع إليه إن هو أبقاه حتى يحين هلاك قومه، أن لا يهلكه معهم فقال: {قل رب إما تريني} أي أن تريني {ما يوعدون} أي من العذاب، {رب فلا تجعلني في القوم الظالمين} بل أخرجني منهم وأبعدني عنهم حتى لا أهلك معهم. وقوله تعالى: {وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون} يخبر تعالى رسوله بأنه قادر على إنزال العذاب الذي وعد به المشركين إذا لم يتوبوا قبل حلوله بهم.

وقوله: {ادفع بالتي هي أحسن} هذا قل أمره بقتالهم: أمره بأن يدفع ما يقولونه له في الكفر والتكذيب بالخُلَّة والخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإعراض عنهم وعدم الإلتفاف إليهم. وقوله: {ونحن أعلم بما يصفون} أي من قولهم لله شريك وله ولد، وأنه ما أرسل محمداً رسولاً، وأنه لا بعث ولا حياة ولا نشور يوم القيامة وقوله: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون} لما علمه الاحتراز والتحصُّن من المشركين بالصفح والإعراض أمره أن يتحصن من الشياطين بالإستعاذة بالله تعالى فأمره أن يقول {رب} أي يا رب {أعوذ بك} أي استجير بك من همزات الشياطين أي وساوسهم حتى لا يفتنوني عن ديني وأعوذ بك أن يحضروا أمري فيفسدوه على.

وقوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت} أي إذا حضر أحد أولئك المشركين الموت أي رأى ملك الموت وأعوانه وقد حضروا لقبض روحه {قال رب ارجعون} أي أخروا موتي كي أعمل صالحاً فيما تركت العمل فيه بالصلاح، وفيما ضيعت من واجبات قال تعالى رداً عليه {كلا} أي لا رجوع أبداً، {إنها كلمة هو قائلها} لا فائدة منها ولا نفع فيها، {ومن ورائهم برزخ} أي حاجز مانع من العودة إلى الحياة وهو أيام الدنيا كلها حتى إذا انقضت عادوا إلى الحياة، ولكن ليست حياة عمل وإصلاح ولكنها حياة حساب وجزاء هذا معنى قوله: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}.

.من هداية الآيات:

1- مشروعية الدعاء والترغيب فيه وإنه لذو جدوى للمؤمن.

2- استحباب دفع السيء من القول أو الفعل بالصفح والإعراض عن صاحبه.

3- مشروعية الإستعاذة بالله تعالى من وساوس الشياطين ومن حضورهم أمر العبد الهام حتى لا يفسدوه عليه بالخواطر السيئة.

4- موعظة المؤمن بحال من يتمنى العمل الصالح عند الموت فلا يُمكن منه فيموت بندمه وحسرته ويلقى جزاء تفريطه حرماناً وخسراناً في الدار الآخرة.

.تفسير الآيات (101- 107):

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}

.شرح الكلمات:

{في الصور}: أي في القرن المعبر عنه بالبوق نفخة القيام من القبور للحساب والجزاء.

{المفلحون}: أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.

{تلفح وجوههم النار}: أي تحرقها.

{وهم فيها كالحون}: الكالح من أحرقت النار جلدة وجهه وشفتيه فظهرت أسنانه.

{ألم تكن آياتي تتلى عليكم}: أي يوبخون ويذكرون بالماضى ليحصل لهم الندم والمراد بالآيات آيات القرآن.

{غلبت علينا شقوتنا}: أي الشقاوة الأزلية التي تكتب على العبد في كتاب المقادير قبل وجوده.

{أخرجنا منها فإن عدنا}: أي من النار فإن عدنا إلى الشرك والمعاصي.

.معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير التوحيد والنبوة والبعث والجزاء والدعوة إلى ذلك وعرض الأدلة وتبيينها وتنويعها، إذ لا يمكن استقامة إنسان في تفكيره وخلقه وسلوكه على مناهج الحق والخبر إلا إذا آمن إيماناً راسخاً بوجود الله تعالى ووجوب طاعته وتوحيده في عباداته، وبالواسطة في ذلك وهو الوحي والنبي الموحي إليه، وبالبعث الآخر الذي هو دور الحصاد لما زرع الإنسان في هذه الحياة من خير وشر فقوله تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} هذا عرض لما يجرى في الآخرة فيخبر تعالى أنه إذا نفخ إسرافيل بإذن الله في الصور الذي هو القرن أي كقرن الشاة لقوله تعالى: {فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير} فلشدة الهول وعظيم الفزع لم يبق نسب يراعى أو يلتفت إليه بل كل واحد همه نفسه فقط، ولا يسأل حميم حميماً وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: هل تذكرون أهليكم يا رسول الله يوم القيامة فقال: «أما عند ثلاثة فلا: إذا تطايرت الصحف، وإذا وضع الميزان وإذا نصب الصراط» ومعنى هذا الحديث واضح والشاهد منه ظاهر وهو أنهم لا يتساءلون.

وقوله تعالى: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} أي من رجحت كفة حسناته على كفة سيئآته أفلح أي نجا من النار وأدخل الجنة وَمن خفت موازينه بأن حصل العكس فقد خسر وأبعد عن الجنة وأدخل النار وهذا معنى قوله تعالى: {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} أي تحرق وجوههم النار فيكلحون باحتراق شفاههم وتظهر أسنانهم وهو أبشع منظر وأسوأه وقوله تعالى: {ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} هذا يقال لهم تأنبياً وتوبيخاً وهم في جهنم وهو عذاب نفساني مع العذاب الجثماني {ألم تكن آياتي تتلى عليكم} أما كان رسلنا يتلون عليكم آياتنا {فكنتم بها تكذبون} بأقوالكم وأعمالكم أو بأعمالكم دون أقوالكم فلم تحرموا ما حرم الله ولم تؤدوا ما أوجب الله، ولم تنتهوا عما نهاكم عنه.

وقوله تعالى: {قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} هذا جوابهم كالمعتذرين بأن شقاءهم كان بقضاء وقدر فلذا حيل بينهم وبين الإيمان والعمل الصالح. وقوله تعالى: {وكنا قوماً ضالين} هذا قولهم أيضاً وهو اعتراف صريح بأنهم كانوا ضالين. ثم قالوا ما أخبر تعالى به عنهم بقوله: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} هذا دعؤهم وهم في جهنم يسْألون ربهم أن يردهم إلى الدنيا ليؤمنوا ويستقيموا على صراط الله المستقيم الذي هو الإسلام وسوف ينتظرون جواب الله تعالى ألف سنة، وهو ما تضمنته الآيات التالية.

.من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء من خلال عرض أحداثها في هذه الآيات.

2- تقرير أن وزن الأعمال يوم القيامة حق وإنكاره بدعة مكفرة.

3- تقرير أن إسرافيل ينفخ في الصور وإنكار ذلك وتأويله بلفظ الصور كما فعل المراغي. عند تفسيره هذه الآية مع الأسف بدعة من البدع المنكرة ولذا نبهت عليها هنا حتى لا يغتر بها المؤمنون.

4- الإعتذار بالقدر لا ينفع صاحبه، إذ القدر مستور فلا ينظر إليه والعبد مأمور فليؤتمر بأمر الله ورسوله ولينته بنهيهما ما دام العبد قادراً على ذلك فإن عجز فهو معذور.

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 6:08 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالخميس 06 مارس 2014, 10:00 pm

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Hqdefault

تفسير الآيات (108- 111):

بسم الله الرحمن الرحيم

{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}

.شرح الكلمات:

{إخسأوا}: أي أبعدوا في النار أذلاء مخزيين.

{فريق من عبادي}: هم المؤمنون المتقون.

{فاتخذتموهم سخرياً}: أي جعلتموهم محط سخريتكم واستهزائكم.

{بما صبروا}: أي على الإيمان والتقوى.

{هم الفائزون}: أي الناجون عن النار المنعمون في الجنة.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {قال اخسأوا فيها ولا تكلمون} هذا جواب سؤالهم المتقدم حيث قالوا: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} وعلل تعالى لحكمه فيهم بالإٍبعاد في جهنم أذلاء مخزيين يقوله: {إنه كان فريق من عبادي} وهو فريق المؤمنين المتقين يقولون {ربنا آمنا فاغفر لنا} ذنوبنا {وارحمنا وأنت خير الراحمين} أي يعبدوننا ويتقربون إلينا ويتوسلون بإيمانهم وصالح أعمالهم ويسألوننا المغفرة والرحمة وكنتم أنتم تضحكون من عبادتهم ودعائهم وضراعتهم إلينا وتسخرون منهم إني جزيتهم اليوم بصبرهم على طاعتنا مع ما يلاقون منكم من اضطهاد وسخرية. {أنهم هم الفائزون} برضواني في جناتي لا غيرهم.

.من هداية الآيات:

1- بيان مدى حسرة أهل النار لما يجابون بكلمة: {اخسأوا فيها ولا تكلمون}.

2- فضيلة التضرع إلى الله تعالى ودعائه والتوسل إليه بالإيمان وصالح الأعمال.

3- حرمة السخرية بالمسلم والاستهزاء به والضحك منه.

4- فضيلة الصبر ولذا ورد أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد.

.تفسير الآيات (112- 118):

{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}

.شرح الكلمات:

{كم لبثتم في الأرض}: أي كم سنة لبثتموها في الأرض أحياء وأمواتاً في قبوركم؟

{فاسأل العادين}: يريدون الملائكة التي كانت تعد، وهم الكرام الكاتبون أو من يعد أما نحن فلم نعرف.

{خلقناكم عبثاً}: أي لا لحكمة بل لمجرد العيش واللعب كلا.

{فتعالى الله الملك الحق}: أي تنزه الله عن العبث.

{لا برهان له}: الجملة صفة لـ {إلهاً آخر} لا مفهوم إذ لا يوجد برهان ولا حدة على صحة عبادة غير الله تعالى إذا الخق كله مربوب لله مملوك له.

{حسابه عند ربه}: أي مجازاته عند ربه هو الذي يجازيه بشركه به ودعاء غيره.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم مع أهل النار المنكرين للبعث والتوحيد بقوله تعالى: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين} هذا سؤال طرح عليهم أي سألهم ربهم وهو أعلم بلبثهم كم لبثتم من سنة في الدنيا مدة حياتكم فيها ومدة لبثكم أمواتاً في قبوركم؟ فأجابوا قائلين {لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين} أي من كان يعد من الملائكة أو من غيرهم، وهذا الإضطراب منهم عائد إلى نكرانهم للبعث وكفرهم في الدنيا به أولاً وثانياً أهوال الموقف وصعوبة الحال وآلام العذاب جعلتهم لا يعرفون أما أهل الإيمان فقد جاء في سورة الروم أنهم يجيبون إجابة صحيحة إذ قال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يو م البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون} وقوله تعالى: {إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون} هذا بالنظر إلى ما تقدم من عمر الدنيا، فمدة حياتهم وموتهم إلى بعثهم ما هي إلا قليل وقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون}، هذا منه تعالى توبيخ لهم وتأنيب على إنكارهم للبعث أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم لم يخلقوا للعبادة وإنما خلقوا للأكل والشر والنكاح كما هو ظن كل الكافرين وأنهم لا يبعثون ولا يحاسبون ولا يجزون بأعمالهم. وقوله تعالى: {فتعالى الله الملك الحق} أي عن العبث وعن كل ما لا يليق بجلاله وكماله وقوله: {لا إله إلا هو رب العرش الكريم} أي لا معبود بحق إلا هو {رب العرش الكريم} أي مالك العرش الكريم ووصف العرش بالكرم سائغ كوصفه بالعظيم والعرش سرير الملك وهو كريم لما فيه من الخير وعظيم إذ هو أعظم من الكرسي والكرسي وسع السموات والأرض، ولم لا يكون العرش كريماً وعظيماً ومالكه جل جلاله هو مصدر كل كرم وخير وعظمة.

وقوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له} أي ومن يعبد مع الله إلهاً آخر بالدعاء أو الخوف أو الرجاء أو النذر والذبح، وقوله: {لا برهان له} أي لا حجة له ولا سلطان على ومليكه وقوله تعالى: {فإنما حسابه عند ربه} أي الله تعالى ربه يتولى حسابه ويجزيه بحسب عمله وسيخسر خسراناً مبينا لأنه كافر والكافرون لا يفلحون أبداً فلا نجاة من النار ولا دخول للجنة بل حسبهم جهنم وبئس المهاد.

وقوله تعالى: {وقل رب اغفر وارحم} أي أمر الله تعالى رسوله أن يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي وارحمني واغفر لسائر المؤمنين وارحمهم أجمعين فأنت خير الغافرين والراحمين.

.من هداية الآيات:

1- عظم هول يوم القيامة وشدة الفزع فيه فليتق ذلك بالإيمان وصالح الأعمال.

2- تنزه الله تعالى عن العبث واللهو واللعب.

3- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

4- كفر وشرك من يدعو مع الله إلهاً آخر.

5- الحكم بخسران الكافرين وعدم فلاحهم.

6- استحباب الدعاء بالمغفرة والرحمة للمؤمنين والمؤمنات.



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالإثنين 13 فبراير 2023, 10:24 pm

سورة النور

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 505955973

{سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {1} الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ {2} الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {3}}

شرح الكلمات:

{ سورة أنزلناها } : أي هذه سورة أنزلناها.

{ وفرضناها } : أي فرضنا ما فيها من أحكام.

{ وأنزلنا فيها آيات بينات } : أي وأنزلنا ضمنها آيات أي حججاً واضحات تهديد إلى الحق وإلى صراط مستقيم.

{ لعلكم تذكرون } : أي تتعظون فتعملون بما في السورة من أحكام.

{ الزانية } : من أفضت إلى رجل بغير نكاح شرعي وهي غير محصنة.

{ مائة جلدة } : أي ضربة على جلد ظهره.

{ رأفة } : شفقة ورحمة.

{ وليشهد عذابهما } : أي اقامة الحد عليهما.

{ طائفة } : أي عدد لا يقل عن ثلاثة أنفار من المسلمين والأربعة أولى من الثلاثة.

{ الزاني لا ينكح إلا زانية } : أي إلا زانية مثله أو مشركة لا يقع وطء إلاَّ على مثله.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { سورة أنزلناها } أي هذه سورة من كتاب الله أنزلناها أي على عبدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم { وفرضناها } أي وفرضنا ما اشتملت عليه من أحكام على أمة الإسلام، وقوله: { لعلكم تذكرون } أي تتعظون فتعملون بما حوته هذه السورة من أوامر ونواه وآداب وخلاق وقوله تعالى: { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } أي من زنت برجل منكم أيها المسلمون وهما بكران حُرَّان غير محصنين ولا مملوكين فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة بعصا لا تشين جارحة ولا تكسر عضواً أي جلداً غير مبرح، وزادت السنة تغريب سنة، وقوله تعالى: { ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } ، أي لا تشفقوا عليهما فتعلطوا حَدَّ الله تعالى وتحرموهما من التطهير بهذا الحد لأن الحدود كفارة لأصحابها، وقوله: { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } أي فأقيموا عليهما الحد وقوله: { وليشهد عذابهما } أي إقامة الحد { طائفة من المؤمنين } أي ثلاثة أنفار فأكثر وأربعة أولى لأن شهادة الزنا تثبت بأربعة شهداء وكلما كثر العدد كان أولى وأفضل.

وقوله تعالى: { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } أي لا يطأ مثله من الزواني أو مشركة لا دين لها، والزانية أيضاً لا يطأها إلا زانٍ مثلها أو مشرك { وحرم ذلك على المؤمنين } أي حرم الله الزنا على المؤمنين والمؤمنات ولازم هذا ان لا نزوج زانياً من عفيفة إلا بعد توبته، ولا تزوج زانية من عفيف إلا بعد توبتها.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان حكم الزانية والزاني البكرين الحرين وهو جلد مائة وتغريب عام وأما الثيبان فالرجم إن كانا حرين أو جلد خمسين جلدة لكل واحد منهما إن كانا غير حرين.

2- وجوب إقامة هذا الحد أمام طائفة من المؤمنين.

3- لا يحل تزويج الزاني إلا بعد توبته، ولا الزانية إلا بعد توبتها.

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {4} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {5}}

شرح الكلمات:

{ يرمون } : أي يقذفون.

{ المحصنات } : أي العفيفات والرجال هنا كالنساء.

{ فاجلدوهم } : أي حداً عليهم واجباً.

{ ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } : لسقوط عدالتهم بالقذف للمؤمنين والمؤمنات.

{ إلا الذين تابوا } : فإنهم بعد توبتهم يعود إليهم اعتبارهم وتصح شهادتهم.

معنى الآيتين:

بعد بيان حكم الزناة بين تعالى حكم القذف فقال: { والذين يرمون المحصنات } أي والذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بالفاحشة وهي الزنا واللواط بأن يقول فلان زان أو لائط فيقذفه بهذه الكلمة الخبيثة فإن عليه أن يحضر شهوداً أربعة يشهدون أمام الحاكم على صحة ما رمى به أخاه المؤمن فإن لم يأت بالأربعة شهود أقيم عليه الحد المذكور في الآية: وهو جلد ثمانين جلدة على ظهره وتسقط عدابته حتى يتوب وهو معنى قوله تعالى: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوه لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون } أي عن طاعة الله ورسوله { إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } بأن كذبوا أنفسهم بأنهم ما رأوا الفاحشة وقوله: { فإن الله غفور } فيغفر لهم بعد التوبة { رحيم } بهم يرحمهم ولا يعذبهم بهذا الذنب العظيم بعدما تابوا منه.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان حد القذف وهو جلد ثمانين جلدة لمن قذف مؤمناً أو مؤمنة بالفاحشة وكان المقذوف بالغاً عاقلاً مسلماً عفيفاً أي لم يعرف بالفاحشة قبل رمية بها.

2- سقوط عدالة القاذف إلا أن يتوب فإنه تعود إليه عدالته.

3- قبول توبة التائب إن كانت توبته صادقة نصوحاً.

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ {6} وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ {7} عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ {8} وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ {9} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ {10}}

شرح الكلمات:

{ يرمون أزواجهم } : أي يقذفونهن بالزنا كأن يقول زنت أو الحمل الذي في بطنها ليس منه.

{ إنه لمن الصادقين } : اي فيما رماها به من الزنى.

{ ويدرأ عنها العذاب } : أي يدفع عنها حد القذف وهو هنا الرجم حتى الموت.

{ أن تشهد أربع شهادات } : أي شهادتها أربع شهادات.

{ والخامسة } : هي قولها غضب الله علهيا إن كان من الصادقين.

{ ولولا فضل الله عليكم } : أي لفضح القاذف أو المقذوف ببيان كذب أحدهما.

معنى الآيات:

بعد بيان حكم حد القذف العام ذكر تعالى حكم القذف الخاص وهو قذف الرجل زوجته فقال تعالى: { والذين يرمون أزواجهم } أي بالفاحشة { ولم يكن لهم شهداء } أي من يشهد معهم إلا أنفسهم أي إلا القاذف وحده فالذي يقول مقام الأربعة شهود هو أن يشهد أربع شهادات قائلاً: أشهد بالله لقد رأيتها تزني أو زنت أو هذا الولد أو الحمل ليس لي ويلتعن فيقول في الخامسة { لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين } أي فيما رمى به زوجته، وهنا يعرض على الزوجة أن تقر بما رماها به زوجها ويقام عليها حد القذف وهو هنا الرجم، أو تشهد أربع شهادات بالله أنها ما زنت، والخامسة تدعو على نفسها بغضب الله فتقول { أن غضب اللهعليها إن كان من الصادقين } فيما رماها به، وبذلك درأت عنها العذاب الذي هو الحد ويفرق بينهما فلا يجتمعان أبداً. وقوله تعالى: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } جواب لولا محذوف تقديره لعاجلكم بالعقوبة ولفضح أحد الكاذبين: ولكن الله تواب رحيم فستر عليكم ليتوب من يتوب منكم ورحمكم بهذا التشريع العادل الرحيم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان حكم قذف الرجل امرأته ولم يكن له أربعة شهود يشهدون معه على ما رمى به زوجته وهو اللعان.

2- بيان كيفية اللعان، وأنه موجب لإقامة الحد، إن لم ترد الزوجة الدعوى بأربع شهادات والدعاء عليها في الخامسة وقولها { أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين }.

3- في مشروعية اللعان مظهر من مظاهر حسن التشريع الإسلامي وكماله وأن مثله لن يكون إلا بوحي إلهي وفيه إشارة إلى تقرير النبوة والمحمدية.

{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ {11} لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {12} لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {13} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {14} إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {15} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ {16} يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {17} وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {18}}

شرح الكلمات:

{ بالإفك عصبة } : الإفك الكذب المقلوب وهو أسوأ الكذب، والعصبة الجماعة.

{ شراً لكم بل هو خير } : الشر ما غلب ضرره على نفعه، والخير ما غلب نفعه على ضرره،

{ لكم } : والشر المحض النار يوم القيامة والخير المحض الجنة دار الأبرار.

{ والذي تولى كبره } : أي معظمه وهو ابن أبي كبير المنافقين.

{ لولا } : أداة تحضيض وحث بمعنى هَلاّ.

{ فيما أفضتم فيه } : أي فيما تحدثتم بتوسع وعدم تحفظ.

{ إذ تلقونه } : أي تتلقونه أي يتلقاه بعضكم من بعض.

{ وتحسبونه هيناً } : أي من صغائر الذنوب وهو عند الله من كبائرها لأنه عرض مؤمنة هي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ سبحانك } : كلمة تقال عند التعجب والمراد بها تنزيه الله تعالى عما لا يليق به.

{ بهتان عظيم } : البهتان الكذب الذي يحيّر من قيل فيه.

{ يعظكم الله } : أي ينهاكم نهياً مقروناً بالوعيد حتى لاتعودوا لمثله أبداً.

معنى الآيات:

بعد أن ذكر تعالى حكم القذف العام والخاص ذكر حادثة الإفك التي هلك فيها خلق لا يحصون عدداً إذا طائفة الشيعة الروافض ما زالوا يهلكون فهيا جيلاً بعد جيل إلى اليوم إذ وَرَّثَ فيهم رؤوساء الفتنة الذين اقتطعوا من الإسلام وأمته جزءاً كبيراً سموه شيعة آل البيت تضليلاً وتغريراً فأخرجوهم من الإسلام باسم الإسلام وأوردهم النار باسم الخوف من النار فكذبوا الله ورسوله وسبوا زوج رسول الله واتهموها بالفاحشة وأهانوا أباها ولوثوا شرف زوجها صلى الله عليه وسلم بنسبة زوجه إلى الفاحشة.

وخلاصة الحادثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن فرض الحجاب على النساء المؤمنات خرج إلى غزوة تدعى غزوة بني المصطلق او المريسيع، ولما كان عائداً منها وقارب المدينة النبوية نزل ليلاً وارتحل، ولما كان الرجال يرحلون النساء على الهوادج وجدوا هودج عائشة رضي الله عنها لأنها ذكرت عقداً لها قد سقط منها في مكان تبرزت فيها فعادت تلتمس عقدها فوجدت الجيش قد رحل فجلست في مكانها لعلهم إذا افتقدوها رجعوا إليها وما زالت جالسة تنظر حتى جاء صفوان بن معطل السلمي رضى الله عنه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عينه في الساقة وهم جماعة يمشون وراء الجيش بعيداً عنه حتى إذا تأخر شخص أو ترك متاع أو ضاع شيء يأخذونه ويصلون به إلى المعسكر فنظر فرآها من بعيد فأخذ يسترجع أي يقول إنا لله وإنا إليه راجعون آسفاً لتخلف عائشة عن الركب قالت رضي الله عنها فتجلبت بثيابي وغطيت وجهي وجاء فأناخ راحلته فركبتها وقادها بي حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعسكر، وما إن رآني ابن أبي لعنة الله لعيه حتى قال والله ما نجت منه ولا نجا منه، وروج للفتنة فاستجاب له ثلاثة أنفار فرددوا ما قال وهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، { والذي تولى كبره } هو ابن أبي المنافق وتورط آخرون ولكن هؤلاء الأربعة هم الذين أشاعوا وراجت الفتنة في المدينة واضطربت لها نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفوس أصحابه وآل بيته فأنزل الله هذه الآيات في براءة أم المرمنين عائشة رضى الله عنها وبراءة صفوان رضى الله عنه، ومن خلال شرح الآيات تتضح جوانب القصة.

قال تعالى: { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم } أي إن الذين جاءوا بهذا الكذب المقلوب إذ المفروض أن يكون الطهر والعفاف لكل من أم المؤمنين وصفوان بدل الرمي بالفاحشة القبيحة فقلبوا القضية فلذا كان كذبهم إفكاً وقوله: { عصبة } أي جماعة لا يقل عادة عدده على عشرة أنفار إلا أن الذين روجوا الفتنة وتورطوا فيها حقيقة وأقيم عليهم الحد أربعة ابن أبي وهو الذي تولى كبره منهم وتوعده الله بالعذاب العظيم لأنه منافق كافر مات على كفره ونفاقه، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش اخت أم المؤمنين زينب رضى الله عنها وحسان بن ثابت رضى الله عنه، وقوله تعالى: { لا تحسبوه شراً لكم } لما نالكم من هم وغم وكرب من جرائه { بل هو خير لكم } لما كان له من العاقبة الحسنة وما نالكم من الأجر العظيم من أجل عظم المصاب وشدة الفتنة وقوله تعالى: { لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم } على قدر ما قال وروج وسيجزي به إن لم يتب الله تعالى عليه ويعفو عنه.

وقوله: { والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } وهو عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين عليه لعنة الله.

وقوله تعالى: { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا غفك مبين } هذا شروع في عتاب القوم وتأديبهم وتعليم المسلمين وتربيتهم فقال عز وجل: { لولا } أي هلا وهي للحض والحث على فعل الشيء إذ سمعتم قول الإفك ظننتم بأنفسكم خيراً إذ المؤمنون والمؤمنات كنفس واحدة، وقلتم لن يكون هذا وإنما هو إفك مبين أي ظاهر لا يقبل ولا يقر عليه هكذا كان الواجب عليكم ولكنكم ما فعلتم.

وقوله تعالى: { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فألوئك عند الله عن الكاذبون } أي كان المفروض فيكم أيها المؤمنون أنكم تقولون هذا لمن جاء بالأفك فإنهم لا يأتون بشاهد فضلاً عن أربعة وبذلك تسجلونعليهم لعنة الكذب في حكم الله. وقوله تعالى: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم } هذه منة من الله تحمل أيضاً عتاباً واضحاً غذ بولوغكم في عرض أم المؤمنين، وما كان لكم أن تفعلوا ذلك قد استوجبتم العذاب لولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم العذاب العظيم.

وقوله: { إذ تلقونه بألسنتكم } أي يتلقاه بعضكم من بعض، { وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم } وهذا عتاب وتأديب.وقوله: { وتحسبونه هينا } أي ليس بذنب كبير ولا تبعة فيه { وهو عند الله عظيم } ، وكيف وهو يمس عرض رسول الله وعائشة والصديق وآل البيت آجمعين.

وقوله تعالى: { ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ان نتكلم بهذا } إذ هذه مما لا يصح لمؤمن أن يقول فيه لخطره وعظم شأنه، وقلتم متعجبين من مثله كيف يقع { سبحانك } أي يا رب { هذا } أي الإفك { بهتان عظيم } بهتوا به أم المؤمنين وصفوان.

وقوله: { يعظكم الله } أي ينهاكم الله مخوفاً لكم بذكر العقوبة الشديدة { أن تعودوا لمثله أبداً } أي طول الحياة فأياكم إياكم إن كنتم مؤمنين حقاً وصدقاً فلا تعودوا لمثله أبداً، وقوله: { ويبين الله لكم الآيات } التي تحمل الهدى والنور لترشدوا وتكملوا والله عليم بخلقه وأعمالهم وأحوالهم حكيم فيما يشرع لهم من أمر ونهي.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- قضاء الله تعالى للمؤمن كله خير له.

2- بشاعة الإفك وعظيم جرمه.

3- العقوبة على قدر الجرم كبراً وصغراً قلة وكثرة.

4- واجب المؤمن أن لا يصدق من يرمي مؤمناً بفاحشة، وأن يقول له هل تستطيع أن تأتي بأربعة شهداء على قولك فإن قال لا قال له إذاً أنت عند الله من الكاذبين.

5- حرمة القول بدون علم والخوض في ذلك.

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {19} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ {20} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {21} وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22}}

شرح الكلمات:

{ أن تشيع الفاحشة } : أي تعم المجتمع وتنتشر فيه والفاحشة هي الزنا.

{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته } : جواب لولا محذوف تقديره: لعاجلكم بالعقوبة أيها العصبة.

{ خطوات الشيطان } : نزغاته ووساوسه.

{ ما زكى منكم من أحد أبداً } : أي ما طهر ظاهره وباطنه وهي خلو النفس من دنس الإثم.

{ ولا يأتل أولوا الفضل منكم } : أي ولا يحلف صاحب الفضل منكم وهو أبو بكر الصديق رضى الله عنه.

{ والسعة } : أي سعة الرزق والفضل والإحسان إلى الغير.

معنى الآيات:

ما زال السياق في عتاب لامؤمنين الذين خاضوا في الإفك فقوله تعالى: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة } أي تنتشر وتشتهر { في الذين آمنوا } أي في المؤمنين { هم عذاب أليم في الدنيا } بإقامة حد القذف عليهم وإسقاط عدالتهم وفي الآخرة إن لم يتوبوا بإدخالهم نار جهنم، وكفى بهذا الوعد زاجراً ورادعاً وقوهل تعالى: { والله يعلم وأنتم لا تعلمون } أي ما يترتب على حب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين من الآثار السيئة فلذا توعد من يحبها بالعذاب الأليم في الدارين، وأوجب رد الأمور إليه تعالى وعدم الاعتراض على ما يشرع وذلك لعلمه المحيط بكل شيء وجهلنا لكل شيء إلا ما علمناه فأزال به جهلنا وقوله: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم } لهلكتم بجهلكم وسوء عملكم، ولكن لما أحاطكم الله به من فضل لم تستوجبوه إلا برأفته بكم ورحمته لكم عفا عنكم ولم يعاقبكم.

وقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } أي يا من صدقتم الله ورسوله لا تتبعوا خطوات الشيطان فإنه عدوكم فكيف تمشون وراءه وتتبعونه فميا يزين لكم من قبيح المعاصي وسيء الأقوال والأعمال فإن من يتبع خطوات الشيطان لا يلبث أن يصبح شيطاناً يأمر بالفحشاء والمنكر، ففاصلوا هذا العدو، واتركوا الجري وراءه فإنه لا يأمر بخير قط فاحذروا وسواسه وقاوموا نزغاته بالاستعاذة بالله السميع العليم فإنه لا ينجكم منه إلا هو سبحانه وتعالى وقوله تعالى: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً } وهذه منة أخرى وهي أنه لولا فضل الله على المؤمنين ورحمته رحفظهم ودفع الشيطان عنهم ما كان ليطهر منهم أحد،وذلك لضعفهم واستعدادهم الفطر للاستجابة لعدوهم، فعلى الذين شعروا بكمالهم؛ لأنهم نجوما مما وقع فيه عصبة الإفك من الإثم أن يستغفروا لإخوانهم وأن يقللوا من لومهم وعتابهم، فإنه لولا فضله عليهم ورحمته بهم لوقعوا فيما وقع فيه اخوانهم، فليحمدوا الله الذين نجاهم وليتطامنوا تواضعاً لله وشكراً له، وقوله: { ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم } أي فمن شاء الهل تزكيته زكاه وعليه فليلجأ إليه وليطلب التزكية منه، وهو تعالى يزكي من كان أهلاً للتزكية، ومن لا فلا، لأنه السميع لأقوال عباده والعليم بأعمالهم ونياتهم وأحوالهم وهي حال تقضي التضرع إليه والتذلل وقوله تعالى: { ولا يأتل أولوو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله، وليعفوا وليصفحوا } هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق لما منع مسطح بن أثاثة وهوالنور ابن خالته، وكان رجلاً فقيراً من المهاجرين، ووقع في الإفك فغضب عليه أبو بكر وحلف أن يمنعه ما كان يرفده به من طعام وشراب، فأنزل الله تعالى هذه الآية ولا يأتل أي ولا يحلف أصحاب الفضل والإحسان والسعة في الرزق والمعاش أن يؤتوا أولى القربى أي أن يعطوا أصحاب القرابة، والمساكين والمهاجرين في سبيل الله كمسطح، وليعفو أي وعليهم أن يعفوا عما صدر من أولئك الأقرباء من الفقراء والمهاجرين، وليصفحوا أي يعرضوا عما قالوه فلا يذكروه لهم ولا يذكرونهم به فإنه يحزنهم ويسوءهم ولا سيما وقد تابوا وأقيم الحد عليهم وقوله تعالى: { ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ } فقال أبو بكر بلى والله أحب أن يغفر الله لي فعندها صفح وعفا وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه فقال كفر عن يمينك ورد الذي كنت تعطيه لمسطح.

وتقرر بذلك أن من حلف يميناً على شيء فرأى غيره خيراً منه كفر عن يمينه وتى الذي هو خير.

وقوله تعالى: { والله غفور رحيم } فهذا إخبار منه تعالى أنه ذو المغفرة والرحمة وهما من صفاته الثابة له وفي هذا الخبر تطميع للعباد لأن يرجوا مغفرة الله ورحمته وذلك بالتوبة الصادقة والطلب الحثيث المتواصل لأن الله تعالى لا يغفر لمن لا يستغفره، ولا يرحمن من لا يرجو ويطلب رحمته.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- لقبح فاحشة الزنى وضع الله تعالى لمقاومتها أموراً منها وضع حد شرعي لها، ومنع تزويج الزاني من عفيفة أو عفيفة من زانٍ إلا بعد التوبة، ومنها شهود عدد من المسلمين إقامة الحد ومنها حد القذف ومنها اللعان بين الزوجين، ومنها حرمة ظن السوء بالمؤمنين، ومنها حرمة حب ظهور الفاحشة وإشاعتها في المؤمنين، ومنها وجوب الإِستئذان عند دخول البيوت المسكونة، ومنها وجبو غض البصر وحرمة لانظر إلى الأجنبية، ومنها احتجاب المؤمنة عن الرجال الأجانب ومنها حرمة حركة ما كضرب الأرض بالأرجل لإظهار الزينة. ومنها وجوب تزويج العزاب والمساعدة على ذلك حتى في العبيد بشروطها، ومنها وجوب استئذان الأطفال إذا بلغوا الحلم، وهذه وغيرها كلها أسباب واقية من أخطر فاحشة وهي الزنى.

2- حرمة إتباع الشيطان فيما يزينه من الباطل والسوء والفحشاء والمنكر.

3- متابعة الشيطان والجري وراءه في كل ما يدعو إليه يؤدي بالعبد أن يصبح شيطاناً يأمر بالفحشاء والمنكر.

4- على من حفظه الله من الوقوع في السوء أن يتطامنوا ولا يشعروا بالكبر فإن عصمتهم من الله تعالى لا من أنفسهم.

5- من حلق على شيء لا يفعله أو يفعله ورأى أن غيره خيرٌ منه كفر عن يمينه وفعل الذي هو خير.

6- وجوب العفو والصفح على ذوي المروءات وإقالة عثرتهم إن هم تابوا وأصلحوا.

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {23} يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {25} الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {26}}

شرح الكلمات:

{ يرمون المحصنات } : أي العفيفات بالزنى.

{ الغافلات } : أي عن الفواحش بحيث لم يقع في قلوبهن فعله.

{ المؤمنات } : أي بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.

{ يعملون } : أي من قول أو عمل.

{ يوفيهم الله دينهم الحق } : أي يجازيهم جزاءهم الواجب عليهم.

{ الخبيثات } : الخبيثات من النساء والكلمات.

{ للخبيثين } : للخبيثين من الرجال.

{ والطيبات } : من النساء والكلمات.

{ للطيبين } : أي من الرجال.

{ أولئك مبرءون مما يقولون }: أي صفوان بن المعطل وعائشة رضى الله عنهما أي مبرءون عصبة الإفك.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة } هذه الآية وإن تناولت ابتداءً عبد الله بن أبي فإنها عامة في كل من يقذف مؤمنة محصنة أي عفيفة غافلة لسلامة صدرها من الفواحش لا تخطر ببالها { لعنوا } أي أبعدوا من الرحمة الإلهية { في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم } في الدنيا بإقامة الحد عليهم وفي الآخرة بعذاب النار، وذلك { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } من سوء الأفعال وقوله تعالى: { يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق } أي يتم ذلك يوم يوفيهم الله دينهم الحق أي جزاءهم الواجب عليهم ويعلمون حينئذ أن الله هو الحق المبين أي الإله الحق الواجب الإيمان به والطاعة له والعبودية الكاملة له لا لغيره.

وقوله تعالى: { الخبيثات للخبيثين } أي الخبيثات من النساء والكلمات للخبيثين من الرجال كابن أبي، { والخبيثون للخبيثات } أي والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والكلمات وقوله: { والطيبات للطيبين } أي والطيبات من النساء والكلمات للطيبين من الرجال كالنبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضى الله عنها وقوله: { والطيبون للطيبات } أي والطيبون من الرجال كالطيبات من النساء والكلمات تأكيد للخبر السابق وقوله تعالى: { أولئك مبرؤون مما يقولون } أولئك إشارة إلى صفوان بن المعطل وعائشة رضى الله عنها، ومبرؤون أي من قالة السوء الت يقالها ابن أُبي ومن أذاعها معه. وقوله: { لهم مغفرة ورزق كريم } هذه بشرى لهم بالجنة مقابل ما نالهم من ألم الإفك الذي جاءت به العصبة المتقدم ذكرها إذ أخبر تعالى أن لهم مغفرة لذنوبهم التي لا يخلو منها مؤمن وهو الستر عناه ومحوها ورزقاً كريماً في الجنة.

وبهذه تمت براءة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها والحمد لله أولاً وآخراً.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- عَظِمُ ذنب قذف المحصنات الغافلات المؤمنات وقد عده رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبع الموبقات، والعياذ بالله تعالى.

2- تقرير الحساب وما يتم فيه من استنطاق واستجواب.

3- تقرير التوحيد بأنه لا إله إلا الله.

4- استحقاق الخبث أهله. فالخبيث هو الذي يناسبه القول الخبيث والفعل الخبيث.

5- استحقاق الطيب أهله فالطيب هو الذي يناسبه القول الطيب والفعل الطيب.

6- براءة أم المؤمنين وصفوان مما رماها به أهل الإفك.

7- بشارة أم المؤمنين وصفوان بالجنة بعد مغفرة ذنوبهما.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {27} فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {28} لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ {29}}

شرح الكلمات:

{ آمنوا } : ي صدقوا الله ورسوله فميا أخبرا به من الغيب والشرع.

{ تستأنسوا } : أي تستأذنوا إذ الاستئذان من عمل الإنسان والدخول بدونه من عمل الحيوان الوحشي.

{ وتسلموا على أهلها } : أي تقولوا السلام علسكم أأدخل ثلاثا.

{ تذكرون } : أي تذكرون أنكم مؤمنون، وأن الله أمركم بالإستذان.

{ أزكى لكم } : أي أطهر وأبعد عن الريبة والإثم.

{ ليس عليكم جناح } : أي إثم ولا حرج.

{ فيها متاع لكم } : أي ما تتمتعون به كالنزول بها أو شراء حاجة منها. { ما تبدون } : أي ما تظهرونه.

{ وما تكتمون } : أي ما تخفونه إذاً فراقبوه تعالى ولا تضمروا ما لا يرضى فإنه يعلمه.

معنى الآيات:

نظراً إلى خطر الرمي بالفاحشة وفعلها وحرمة ذلك كان المناسب هنا ذكر وسيلة من وسائل الوقاية من الوقوع في مثل ذلك ففرض الله تعالى على المؤمنين الإستئذان فقال: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } أي يا من آمنتم بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً لا تدخلوا بيوتاً على أهلها حتى تسلموا عليهم قائلين السلام عليكم وتستأذنوا قائلين أندخل ثلاث مرات فإن أذن لكم بالدخول دخلتم وإن قيل لكم ارجعوا أي لم يأذنوا لكم لحاجة عندهم فارجعوا وعبر عن الإستئذان بالاستئناس لأمرين أولهما أن لفظ الإستئناس وارد في لغة العرب بمعنىالإستئذان وثانيهما: أن الإستئذان من خصائص الإِنسان الناطق وعدمه من خصائص الحيوان المتوحش إذ يدخل على المنزل بدون إذن إذ ذاك ليس من خصائصه.

وقوله { ذلك خير لكم } أي الإِستئذان خير لكم أي من عدمه لما فيه من الوقاية من الوقوع في الإثم وقوله: { لعلكم تذكرون } أي تذكرون أنكم مؤمنون وأن الله تعالى أمركم بالإِستئذان حتى لا يحصل لكم ما يضركم وبذلك يزداد إيمانكم وتسموا أرواحكم. وقوله تعالى: { وإن قيل لكم ارجعوا } لأِمرٍ اقتضى ذلك { فارجعوا } وأنتم راضون غير ساخطين. وقوله تعالى: { هو أزكى لكم } أي أطهر لنفوسكم وأكثر عائدة خير عليكم, وقوله تعالى: { والله بما تعملون عليم } أي مطلع على أ؛والكم فتشريعه لكم الإستئذان واقع موقعه إذاً فأطيعوه فيه وفي غيره تكملوا وتسعدوا.

وقوله: { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم }. هذه رخصة منه تعالى لعباده المؤمنين بأن لا يستأذنوا عند جخولهم بيوتاً غير مسكونة أي ليس فيها نساء من زوجات وسريات يحرم النظر إليهن وذلك كالدكاكين والفنادق وما إلى ذلك فللعبد أن يدخل لقضاء حاجاته المعبر عنها بالمتاع بدون استئذان لأنها مفتوحة للعموم من أصحاب الأغراض والحاجات أما السلام فسنة على من دخل على دكان أو فندق فليقل السلام عليكم والذي يسقط هو الإستئذان أي طلب الإذن لا غير.

وقوله تعالى: { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } أي يعلم ما تظهرون من أقوالكم وأعمالكم وما تخفون إذاً فراقبوه تعالى في أوامره وفاعلوا المأمور واتركوا المنهي تكملوا وتسعدوا في الدنيا الآخرة.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- مشروعية الإستئذان ووجوبه على كل من أراد أن يدخل بيتاً مسكوناً غير بيته.

2- الرخصة في عدم الإستئذان من دخول البيوت والمحلات غير المسكونة للعبد فيها غرض.

3- من آداب الإستئذان أن يقف بجانب الباب فلا يعترضه، وأن يرفع صوته بقدر الحاجة وأن يقرع الباب قرعاً خفيفاً وأن يقول السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات.

4- في كل طاعة خير وبركة وإن كانت كلمة طيبة.

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالإثنين 13 فبراير 2023, 10:26 pm



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2Q==

{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {31}}

شرح الكلمات:

{ يغضوا من أبصارهم } : أي يخفضوا من أبصارهم حتى لا ينظروا إلى نساء لا يحل لهم أن ينظروا إليهن.

{ ويحفظوا فروجهم } : أي يصونونها من النظر إليها ومن إتيان الفاحشة الزنى واللواط.

{ أزكى لهم } : أي أكثر تزكية لنفوسهم من فعل المندوبات والمستحبات.

{ ولا يبدين زينتهن } : أي مواضع الزينة الساقين حيث يوضع الخلخال، وكالكفين والذراعين حيث الأساور والخواتم والحناء والرأس حيث الشعر والأقراط في الأذنين والتزجيج في الحاجبين والكحل في العينين والعنق والصدر حيث السخاب والقلائد.

{ إلا ما ظهر منها } : أي بالضرورة دون اختيار وذلك كالكفين لتناول شيئاً والعين الواحدة أو الاثنتين للنظر بهام، والثياب الظاهرة كالخمار العجار والعباءة.

{ بخمرهن على جيوبهن } : أي ولتضرب المرأة المسلمة الحرة بخمارها على جيوب أي فتحات الثياب في الصدر وغيره حتى لا يبدو شيىء من جسمها.

{ إلا لبعولتهن } : البعل الزوج والجمع بعول.

{ أو نسائهن } : أي المسلمات فيخرج الذميات فلا تتكشف المسلمة أمامهن.

{ أو ما ملكت أيمانهن } : أي العبيد والجواري فللمسلمة أن تكشف وجهها لخادمها المملوك.

{ أو التابعين غيرأولي الإربة } : أي التابعين لأهل البيت يطعمونهم ويسكنونهم ممن لا حاجة لهم إلى النساء.

{ أو الطفل } : أي الأطفال الصغار قبل التمييز والبلوغ.

{ لم يظهروا على عورات النساء } : أي لم يبلغوا سناً تدعوهم إلى الاطلاع على عورات النساء للتلذذ بهن. { ليعلم ما يخفين من زينتهن } : أي الخلاخل في الرجلين.

{ تفلحون } : أي تفوزون بالنجاة من العار والنار، وبالظفر بالطهر والشرف وعالي الغرف في دار النعيم.

معنى الآيات:

سبق أن ذكرنا أنه لقبح وفساد الزنى وسوء اثره على النفس والحياة البشرية وضع الشارع عدة اسباب واقية من الوقوع فيه ومنها الأمر بغض البصر للرجال والنساء فقوله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } أي مُرْ يا رسولنا المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم أي بأن يخفضوا أجفانهم على أعينهم حتى لا ينظروا إلى الأجنبيات عنهم من النساء ويحفظوا فروجهم عنالنظر إليها فلا يكشفوها لأحد إلا ما كان من الزوج لزوجه فلا حرج وعدم النظر أولى وأطيب، وقوله: { ذلك أزكى لهم } أي أطهر لنفوسهم من نوافل العبادات ، وقوله: { إن الله خبير بما يصعنون } فليراقبوه تعالى في ذلك المأمور به من غض البصر وحفظ الفرج إنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وقوله تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } إذ شأنهن شأن الرجال في كل ما أمر به الرجال من غض البصر وحفظ الفرج وقوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن } أي مُرْهُن بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إظهار الزينة { إلا ما ظهر منها } مما لا يمكنها ستره وإخفاؤه كالكفين عند تناول شيء أو إعطائه أو العينين تنظر بهما وإن كان في اليد خاتم وحناء وفي العينين كحل وكالثياب الظاهرة من خمار على الرأس وعباءة تستر الجسم فهذا معفو عنه إذ لا يمكنها ستره.

وقوله تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } كانت المرأة تضع خمارها على رأسها مسبلاً على كتفيها فأمرت أن تضرب به على فتحات درعها حتى تستر العنق والصدر ستراً كاملاً وقوله: { ولا يبدين زينتهن } أعاد اللفظ ليرتب عليه ما بعده من المحارم الذي يباح للمؤمنة أن تبدي زينتها إليهم وهم الزوج، والأب والجد وإن علا وأب الزوج وإن علا وابنها وإن سفل وأبناء الزوج وإن نزلوا، والأخ لأب أو الشقيق أو لأم وأبناؤه وأن نزلوا، وابن الأخ وان نزل وسواء كان لأب أو لأم أو شقيق، وابن الأخت شقيقة أو لأب أو أم. والمرأة المسلمة من نساء المؤمنات، وعبدها المملوكط لها دون شريك لها فيه والتابع لأهل بيتها من شيخ هرم أصابه الخرف، وعنين ومعتوه وطفل صغير لم يميز البلوغ ممن لا حاجة لهم في النساء لعدم الشهوة عندهم لكبر ومرض وصغر.

وقوله تعالى: { ولا يضر بن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } نهى تعالى المؤمنات أن يضربن الأرض بأرجلهن التي فيها الخلاخل لكي يعلم أنها ذات زينة في رجلها، فلا يحل لها ذلك ولو لم تقصد إظهار زينتها.

وقوله تعالى: { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } أمر تعالى المؤمنين والمؤمنات بالتوبة وهي ترك ما من شأنه أن يغضب الله تعالى، وفعل ما وجب فعله ومن ذلك غض البصر وحفظ الفرج والالتزام بالعفة والتسر والتنزه عن الإثم صغيره وكبيرة وبذلك يتأهل المؤمنون للفلاح الذي هو الفوز بالنجاة من المرهوب والظفر بالمحبوب المرغوب.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- وجوب غض البصر وحفظ الفرج.

2- وجبو ستر المرأة زينتها ومواضع ذلك ما عدا ما يتعذر ستره للضرورة.

3- بيان المحارم الذين للمرأة المؤمنة أن تبدي زينتها عندهم بلا حرج.

4- الرخصة في إظهار الزينة للهرم المخرف من الرجال والمعتوه والطفل الصغير الذي لم يعرف عن عورات النساء شيئاً.

5- حرمة ضرب ذات الخلاخل الأرض برجلها حتى لا يعلم ما تخفى من زينتها.

6- وجوب التوبة من كل ذنب وعلى الفور للحصول على الفلاح العاجل والآجل.

{وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {32} وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {33} وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ {34}

شرح الكلمات:

{ وأنكحوا الآيامى منكم } : أي زوجوا من لا زوجة له من رجالكم ومن لا زوج لها من نسائكم.

{ والصالحين من عبادكم وإمائكم } : أي وزوجوا أيضاً القادرين والقادرات على أعباء الزواج من عبيدكم وإمائكم.

{ إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله } : أي إن يكن الأيامى فقراء فلا يمنعكم ذلك من تزويجهم فإن الله يغنيهم.

{ إن الله واسع عليم } : أي واسع الفضل عليم بحاجة العبد وخلته فيسدها تكرماً.

{ وليستعفف } : أي وليطلب عفة نفسه بالصبر والصيام.

{ يبغون الكتاب } : أي يطلبون المكاتبة من المماليك.

{ إن علمتم فيهم خيراً } : أي قدرة على السداد والإستقلال عنكم.

{ وآتوهم من مال الله } : أي اعينوهم بثمن نجم من نجوم المكاتبة من الزكاة وغيرها.

{ على البغاء إن أردن تحصناً } : أي الزنى تحصناً أي تعففاً وتحفظاً من فاحشة الزنا.

{ عرض الحياة الدنيا } : أي المال.

{ ومن يكرههن } : أي على البغاء " الزنى ".

{ مبينات } : للأحكام موضحة لما يطلب منكم فعله وتركه.

{ مثلاً من الذين خلوا من قبلكم } : أي قبلكم: اي قصصاً من أخبار الأولين كقصة يوصف وقصة مريم وهما شبيهتان بحادثة الإفك.

{ وموعظة }: الموعظة ما يتعظ به فيسلك سبيل النجاة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر الأسباب الواقية من وقوع الفاحشة فأمر تعالى في الآية الأولى من هذا السياق (32) أمر جماعه المسلمين أن يزوجوا الأيامى من رجالهم ونسائهم بالمساعدة على ذلك واإلإعانة عليه حتى لا يبقى في البلد أو القرية عزبٌ إلا نادراً ولا فرق بين البكر والثيب في ذلك فقال تعالى: { وأنكحوا } والأمر للإِرشاد { الأيامى } جمع أيّم وهو من لا زوج له من رجل أو امرأة بكراً كان أو ثيباً، { منكم } أي من جماعات المسلمين لا من غيرهم كأهل الذمة من الكافرين. وقوله: { والصالحين من عبادكم وإمائكم } أي وزوجوا القادرين على مؤونة الزواج وتبعاته،وتكاليفه من مماليككم وقوله: { إن يكونوا فقراء } غير موسرين لا يمنعكم ذلك من تزويجهم فقد تكفل الله بغناهم بعد تزويجهم بقوله: { يغنهم الله من فضله والله واسع عليم } أي واسع الفضل عليم بحاجة المحتاجين وأمر تعالى في هذه الآية من لا يجد نكاحاً لانعدام الزوج أو الزوجة مؤقتاً أو انعدام مؤونة الزواج من مهر ووليمة أن يستعفف أي يعف نفسه بالصبر والصيام والصلاة حتى لا يتطلع إلى الحرام فيهلك فقال تعالى { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم } أي واسع الفضل مطلق الغنى عليم بحال عباده وحاجة المحتاجين منهم. وقوله تعالى: { والذين يبتغون الكتاب } هذه مسألة ثالثة تضمنتها هذه الآية ويه إذا كان للمسلم عبد وطلب منه أن يكاتبه، وكان أهلا للتحرر بأن يقدر على تسديد مال المكاتبة, ويستطيع أن يستقل بنفسه فعلى مالكه أن يكتبه، وأن يعينه على ذلك بإسقاط نجم من نجوم الكتابة، وهذا معنى قوله تعالى: { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم وإن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } وقوله تعالى: { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } أي على الزنا وهي مسألة رابعة تضمنتها هذه الآية وهي أن جاريتين كانتا لعبد الله بن أبي بن سلول المنافق يقال لهما معاذة ومسيكه قد أسلمتا فأمرهما بالزنا لتكسبا له بفرجيهما كما هي عادة أهل الجاهلية قبل الإسلام فشكتا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا } أي لأجل مال قليل يعرض لكم ويزول عنكم بسرعة، وقوله: { ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم } أي لهن رحيم بهن لأن المكره لا إثم عليه فيما يقول ولا فيما يفعل فامتنع المنافق من ذلك.

وقوله تعالى في الآية الثانية (34) { ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات } أي ولقد أنزلنا إليكم أيها المسلمون آيات أي قرآنيّة مبينات أي موضحات للشرائع والأحكام والآداب فاعملوا بها تكملوا في حياتكم وتسعدوا في دنياكم وآخرتكم.وقوله: { ومثلاً من الذين خلوا من قبلكم } أي قصصاً من أخبار الأولين كقصة يوسف ومريم عليهما السلام وهما شبيهتان بحادثة الإفك وقوله: { وموعظة للمتقين } وهي ما تضمنته الآيات من الوعيد والوعد والترغيب والترهيب وكونها للمتقين بحسب الواقع وهو أن المتقين هم الذين ينتفعون بالمواعظ دون الكافرين والفاجرين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- انتداب المسلمين حاكمين ومحكومين للمساعدة على تزويج الأيامى من المسلمين أحراراً وعبيداً.

2- وجوب الاستعفاف على من لم يجد نكاحاً ولاصبر حتى ييسر الله أمره.

3- عدة الله للفقير إذا تزوج بالغنى.

4- تعين مكاتبة العبد إذا توفّرت فيه شروط المكاتبة.

5- حرمة الزنا بالإِكراه أو بالاختبار ومنع ذلك بإقامة الحدود.

6- صيغة المكاتبة أن يقول السيد للعبد لقد كاتبتك على ثلاثة آلاف دنيار منجمة أي مقسطة على ستة نجوم تدفع في كل شهر نجماًَ أي قسطاً. على أنك إذا وفيتها في آجالها فأنت حر، وعليه أشهدنا وحرر بتاريخ كذا وكذا.

7- بيان فضل سورة النور لما احتوته من أحكام في غاية الأهمية.

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {35} فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {36} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {37} لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {38}}

شرح الكلمات:

{ الله نور السموات } : أي منورهما فلولاه لما كان نور في السموات ولا في الأرض، والله تعالى نورٌ وحجابه النور.

{ مثل نوره } : أي في قلب عبده المؤمن.

{ كمشكاة } : أي كوة.

{ كوكب دري } : أي مضى اضاءة الدر الوهاج.

{ نور على نور } : أي نور النار على نور الزيت.

{ يهدي الله لنوره } : أي للإيمان به والعمل بطاعته من يشاء له ذلك لعلمه برغبته وصدق نيته.

{ ويضرب الله الأمثال } : أي ويجعل الله الأمثال للناس من أجل ان يفهموا عنه ويعقلوا ما يدعوهم إليه.

{ في بيوت أذن الله أن ترفع } : هي المساجد ورفعها إعلاء شأنها من بناء وطهارة وصيانة.

{ يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار } : يوم القيامة.

{ يرزق من يشاء بغير حساب } : أي بلا عَدٍّ ولا كيل ولا وزن وهذا شأن العطاء إن كان كثيراً.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { الله نور السموات والأرض } يخبر تعالى أنه لولاه لما كان في الكون نور ولا هداية في السموات ولا في الأرض فهو تعالى منورهما فكتابه نور ورسوله نور أي يهتدي بهما في ظلمات الحياة كما يهتدي بالنور الحسي والله ذاته نور وحجابه نور فكل نور حسي أو معنوي الله خالقه وموهبه وهادٍ إليه.

وقوله تعالى: { مثل نوره كمشكاة } أي كوة في جدار { فيها مصباح المصباح في زجاجة } من بلور، { والزجاجة } في صفائها وصقالتها مشرقة { كأنها كوكب دري } والكوكب الدري هو المضيء المشرق كأنه درة بيضاء صافية، وقوله: { يوقد من شجرة مباركة } أي وزيت المصباح من شجرة مباركة وهي الزيتونة والزيتونة لا شرقية ولا غربية في موقعها من البستان لا ترى الشمس إلا في الصباح، ولا غربية لا ترى الشمس إلا في المساء بل هي وسط البستان تصيبها الشمس في كامل النهار فلذا كان زيتها في غاية الجودة يكاد يشتعل لصفائه، ولو لم تمسه نار، وقوله تعالى: { نور على نور } أي نور النار على نور الزيت وقوله تعالى: { يهدي الله لنوره من يشاء } يخبر تعالى أنه يهدي لنوره الذي هو الإيمان والإسلام والإحسان من يشاء من عباده ممن علم أنهم يرغبون في الهداية ويطلبونها ويكملون ويسعدون عليها.

وقوله: { ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } يخبر تعالى: أنه يضرب الأمثال للناس كهذا المثل الذي ضربه للإيمان وقلب عبده المؤمن وأنه عليم بالعباد وأحوال القلوب، ومن هو أهل لهداية ومن ليس لها بأهل، إذ هو بكل شيء عليم.

وقوله: { في بيوت أذن الله أن ترفع } أي المصباح في بيوت أذن الله أي أمر وَوَصَّى أن ترفع حساً ومعنى وهي المساجد فتطهر من النجاسات ومن اللغو فيها وكلام الدنيا، وتصان وتحفظ من كل ما يخل بمقامها الرفيع لأنها بيوت الله تعالى،وقوله: { ويذكر فيها اسمه } أي بالأذان والإقامة والصلاة ولاتسبيح والدعاء وقراءة القرآن.

وقوله تعالى: { يسبح له فيها } أي لله في تلك البيوت { بالغدو } أي بالصباح { والآصال } أي المساء { رجال } مؤمنون صادقون أبرار متقون { لا تلهيهم تجارة ولا بيع } أي لا شراء ولا بيع { عن ذكر الله } فقلوبهم ذاكرة غير غافلة وألسنتهم ذاكرة غير لاهية ولا لاغية { وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة } أي لا تلهيهم دنياهم عن آخرتهم فهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة.

وقوله: { يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار } أي من شدة الخوف وعظم الفزع والهول وهو يوم القيامة وقوله تعالى: { ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله } أي إنهم فعلوا ما فعلوا من التسبيح وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة معرضين عن كل ما يشغلهم عن عبادة ربهم فتأهلوا بذلك للثواب العظيم ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله فوق ما استحقوه بأعمالهم وتقواهم لربهم، والله يرزق من يشاء بغير حساب وذلك لعظيم فضله وسابق رحمته فيعطي بدون عَد ولا كيل ولا وزن وذلك لعظم العطاء وكثرته.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- كل خير وكل نور وكل هداية مصدرها الله تعالى فهو الذي يطلب منه ذلك.

2- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان والفهوم.

3- الإشارة إلى أن ملة الإسلام لا يهودية ولا نصرانية، لا اشتراكية ولا رأسمالية. بل هي الملة الحنيفية من دان بها هدى ومن كفرها ضل.

4- وجوب تعظيم بيوت الله تعالى: " المساجد " بتطهيرها ورفع بنيانها وإخلائها إلا من ذكر الله والصلاة وطلب العلم فيها.

5- ثناء الله تعالى على من لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالإثنين 13 فبراير 2023, 10:27 pm

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {39} أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ {40} أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ {41} وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ {42}}

شرح الكلمات:

{ كسراب بقيعة } : السراب شعاع أبيض يرى في نصف النهار وكأنه ماء، والقيعة جمع قاع وهو ما انبسط من الأرض.

{ الظمآن } :العطشان.

{ بحر لجي } : أي ذو لجج واللجة معظم الماء وغزيره كما هي الحال في المحيطات.

{ يغشاه موج } : يعلوه ويغطيه موج آخر.

{ يسبح له } : ينزه ويقدس بألفاظ التسبيح والتقديس كسبحان الله ونحوه والصلاة من التسبيح.

{ صافات } : باسطات أجنحتها.

{ قد علم صلاته } : أي كل من في السموات والأرض قد علم الله صلاته وتسبيحه كما أن كل مسبح ومصل قد علم صلاة وتسبيح نفسه.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { والذين كفروا أعمالهم كسراب } لما بين تعالى حال المؤمنين وأنه تعالى وفاهم أجرهم بأحسن مما كانوا يعملون وزادهم من فضله ذكر هنا حال الكافرين وهو أن أعمالهم في خسرانها وعدم الانتفاع بها كسراب وهو شعاع أبيض يرى في نصف النهار وكأنه ماء { بقيعة } أي بقاع من الأرض وهو الأرض المنبسطة { يحسبه الظمآن ماء } أي يظنه العطشاء ماء وما هو بماء ولكنه سراب خادع { حتى إذا جاءه لم يجد شيئاً } لأنه سراب لا غير.فيا للخيبة، خيبة ظمآن يقتله العطش فرأى سراباً فجرى وراءه يظنه ماء فإذا به لم يجد الماء، ووجد الحق تبارك وتعالى فحاسبه على كل أعماله وهي في جملتها أعمال إجرام وشر وفساد فوفاه إياها فخسر خسراناً مبيناً، { والله سريع الحساب } فما هي إلا لحظات والكافر في سواء الجحيم. هذا مَثَلٌ تضمنته الآية الأولى (39) ومثل آخر تضمنته الآية الثانية (40) وهو مثل مضروب لضلال الكافر وحيرته في حياته وما يعيش عليه من ظلمة الكفر ظلمة العمل اليء والإعتقاد الباطل وظلمة الجهل بربه وما يريده منه، وما أعده له قال تعالى: { أو كظلمات في بحر لجي } أي ذي لجج من الماء { يغشاه } أي يعلوه { موج من فوقه موج } أي من فوق الموج موج آخر { من فوقه سحاب } والسحاب عادة مظلم فهي { ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها } لشدة الظلمة هذه حال الكافر في هذه الحياة الدنيا، وهي ناتجة عن إعراضه عن ذكر ربه وتوغله في الشر والفساد وقوله تعالى: { ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور } أعلم تعالى عباده أن النور له وبيده فنم لم يطلبه منه حرمه وعاش في الظلمات والعياذ بالله.

وقوله تعالى: { ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات } أي ألم ينته إلى علمك يا رسولنا أن الله تعالى يسبح له من في السموات من الملائكة والأرض أي ومن في الأرض بلسان القال والحال معاً والطير صافات أي باسطات أجنحتها تسبح الله تعالى بمعنى تنزهه بألفاظ التنزيه كسبحان الله.

فإن امتنع المشركون أهل الظلمات من الإيمان بالله وعبادته وتوحيده فيها فإن الله تعالى يسبح له الخلق كله عليويه وسفليه فالكافر وإن لم يسبح بلسانه فحاله تسبح فخلقه وتركيبه وأقواله وأعماله كلها تسبح الله خالقه فهي شاهدة على قدرة الله وعلمه وحكمته وأنه لا إله إلا هو ولا رب سواه وقوله تعالى: { كل } أي ممن في السموات والأرض والطير قد علم الله صلاته وتسبيحه كما أن كلاً منهم قد علم صلاته لله تعالى وتسبيحه له { والله عليم بما يفعلون } أي والله عليم بأفعال عباده،ويجزيهم بها وهو على ذلك قدير إذ له ملك السموات والأرض وإليه المصير أي مصير كل شيء إليه تعالى فهو الذي يحكم فيه بحكمه العادل.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني البعيدة إلى الأذهان.

2- بيان خسران الكافرين في أعمالهم وحياتهم كلها.

3- بيان حال الكافرين في هذه الدنيا وأنهم يعيشون في ظلمات الجهل والكفر والظلم.

4- تقرير حقيقة وهي أن من لم يجعل الله له نوراً في قلبه لن يكن له نور في حياته كلها.

5- بيان أن الكون كله يسبح لله كقوله تعالى: { يسبح له ما في السموات وما في الأرض وقوله: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده. }

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ {43} يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ {44} وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {45} لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {46}}

شرح الكلمات:

{ يزجي سحاباً } : أي يسوق برفق ويسر.

{ ثم يؤلف بينه } : أي يجمع بين أجزائه وقطعه.

{ ثم يجعله ركاماً } : أي متراكماً بعضه فوق بعض.

{ الودق } : أي المطر.

{ يخرج من خلاله } : أي من فرجه ومخارجه.

{ من جبال فيها من برد } : أي من جبال من برد في السماء والبرد حجارة بيضاء كالثلج.

{ فيصيب به من يشاء } : أي فيصيب بالبرد من يشاء.

{ سنا برقه } : أي لمعانه.

{ يذهب بالأبصار } : أي الناظرة إلَيْهَ.

{ لعبرة } : أي داللة على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه ووجوب توحيده.

{ كل دابة من ماء } : أي حيوان من نطفة.

{ على بطنه } : كالحيات والهوام.

{ على رجلين } : كالإنسان والطير.

{ على أربع } : أي كالأنعام والبهائم.

{ إلى صراط مستقيم } : أي إلى الإسلام.

معنى الآيات:

ما زال السياق في عرض مظاهر القدرة والعلم والحكمة الإلهية وهي الموجبة لله تعالى العبادة دون سواه فقال تعالى: { ألم تر أن الله يزجي سحاباً } أي ألم ينته إلى علمك يا رسولنا أن الله يزجي سحاباً أي يسوقه برفق وسهولة { ثم يؤلف } أي يجمع بين أجزائه فيجعله ركاماً أي متراكماً بعضه على بعض { فترى الودق } أي المطر { يخرج من خلاله } أي من فتوقه وشقوقه. والخلال جمع خلل كجبال جمع جبل وهو الفتوق بين أجزاء السحاب وهو مظهر من مظاهر القدرة والعلم. وقوله: { وينزل من السماء من جبال فيها من برد } أي ينزل برداً من جبال البرد المتراكمة في السماء فيصيب بذلك البرد من يشاء فيهلك به زرعه أو ماشيته، ويصرفه عمن يشاء عن عباده فلا يصيبه شيء من ذلك وهذا مظهر آخر من مظاهر القدرة واللطف الإِلهي وقوله: { يكاد سنا برقه } أي يقرب لمعان البرق الذي هو سناه يذهب بالأبصار التي تنظر إليه أي يخطفها بشدة لمعانه.

وقوله تعالى { يقلب الله الليل والنهار } بأن يظهر هذا ويخفي هذا فإذا ظهر النهار اختفى الليل، وإذا ظهر الليل اختفى النهار فيقلب أحدهما على الآخر فيخفيه ويستره به وقوله: { إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار } أي إن في إنزال البرد ولمعان البرق وتقليب الليل والنهار لعظة عظيمة لأولى البصائر تهديهم إلى الإيمان بالله وجلاله وكما فيعبدونه ويوحدونه مُحِبين له معظمين راجعين خائفين إن هذه ثمرة الهداية هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى (43) والثانية (44) أما الآية (45) فقد اشتملت على أعظم مظهر من مظاهر القدرة الإلهية فقال تعالى: { والله خالق كل دابة } أي من إنسان وحيوان { من ماء } أي نطفة من نطف الإنسان والحيوان، { فمنهم من يمشي على بطنه } كالحيات والثعابين والأسماك، { ومنهم من يمشي على رجلين } كالإنسان والطير، { ومنهم من يمشي على أربع } كالأنعام والبهائم، وقوله: { يخلق الله ما يشاء } إذْ بعض الحيوانات لها أكثر من أربع وقوله: { إن الله على كل شيء قدير } أي على فعل وإيجاد ما يريده قدير لا يعجزه شيىء فأين الله الخالق العليم الحكيم من تلك الأصنام والأوثان التي يؤلهها الجاهلون من أهل الشرك والكفر؟

وقوله تعالى: { لقد أنزلنا آيات مبينات } أي واضحات لأجل هداية العباد إلى طريق سعادتهم وكمالهم وهي هذه الآيات التي اشتملت عليها سورة النور وغيرها من آيات القرآن الكريم فمن آمن بها ونظر فيها وأخذ بما تدعو إليه من الهدى اهتدى، ومن أعرض عنها فضل وشقى فلا يلومن إلا نفسه، { والله يهدي من يشاء } هدايته ممن رغب في الهداية وطلبها وسلك لها مسالكها { إلى صراط مستقيم } ألا وهو الإسلام طريق الكمال والسعادة في الحياتين الله اجعلنا من أهله إنك قدير.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته وهي موجبات الإيمان والتقوى.

2- بيان كيفية نزول المطر والبرد.

3- مظاهر لطف الله بعباده في صرف البرد عن الزرع والماشية وبعض عباده.

4- مظاهر القدرة والعلم في تقليب الليل والنهار على بعضهما بعضاً.

5- بيان أصناف المخلوقات في مشيها على الأرض بعد خلقها من ماء وهو مظهر العلم والقدرة.

6- امتنان الله تعالى على العباد بإنزاله الآيات المبينات للهدى وطريق السعادة والكمال.


{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ {47} وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ {48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ {49} أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {50} إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {52}}


شرح الكلمات:


{ ويقولون } : أي المنافقون.


{ آمنا بالله وبالرسول } : اي صدقنا بتوحيد الله وبنبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.


{ ثم يتول فريق منهم } : أي يعرض.


{ إذا فريق منهم معرضون } : أي عن المجىء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.


{ مذعنين } : أي مسرعين منقادين مطيعين.


{ في قلوبهم مرض } : أي كفر ونفاق وشرك.


{ أم ارتابوا } :أي بل شكوا في نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.


{ أن يحيف الله عليهم ورسوله } : أي في الحكم فيظلموا فيه.


{ إنما كان قول المؤمنين } : هو قولهم سمعنا وأطعنا أي سمعاً وطاعة.


{ المفلحون } : أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.


معنى الآيات:


بعد عرض تلك المظاهر لقدرة الله وعلمه وحكمته والموجبة للإيمان بالله ورسوله، وما عند الله من نعيم مقيم، وما لديه من عذاب مهين فاهتدى عليها من شاء الله هدايته وأعرض عنها من كتب الله شقاؤته من المنافقين بالله ربَّاً وإلهاً وبمحمد نبياً ورسولاً، وأطعناهما { ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك } أي من بعد تصريحهم بالإيمان والطاعة يقولون معرضين بقلوبهم عن الإيمان بالله وآياته ورسوله، { وما أولئك بالمؤمنين } فأكذبهم الله في دعوة إيمانهم هذا ما دلت عليه الآية الأولى (47) وقوله تعالى: { وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم } أي في قضية من قضايا دنياهم، { إذا فريق منهم معرضون } أي فاجأك فريق منهم بالإعراض عن التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله: { وإن يكن لهم الحق } أي وإن يكن لهم في الخصومة التي بينهم وبين غيرهم { يأتوا إليه } أي إلى رسول الله { مذعنين } أي منقادين طائعين أي لعلمهم أن الرسول يقضي بينهم بالحق وسوف يأخذون حقهم وافياً وقوله تعالى: { أفي قلوبهم مرض } أي بل في قلوبهم مرض الكفر والنفاق { أم ارتابوا } أي بل ارتابوا أي شكوا في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم { أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } لا، لا، { بل أولئك هم الظالمون } ، ولما كانوا ظالمين يخافون حكم الله ورسوله فيهم لأنه عادل فيأخذ منهم ما ليس لهم ويعطيه لمن هو لهم من خصومهم وقوله تعالى: { إنما كان قول المؤمنين } أي الصادقين في إيمانهم { إذا دعوا الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } أي لم يكن للمؤمنين الصادقين من قول يقولونه إذا دعوا إلى كتاب الله ورسوله ليحكم يبنهم إلا قولهم: سمعنا وأطعنا فيجيبون الدعوة ويسلمون بالحق قال تعالى في الثناء عليهم { وأولئك هم المفلحون } أي الناجحون في دنياهم وآخرتهم دون غيرهم من أهل النفاق. وقوله تعالى: في الآية الكريمة الأخيرة (52) { ومن يطع الله ورسوله } أي فيما يأمران به وينهيان عنه، { ويخش الله } أي يخافه في السر والعلن، { ويتقه } أي يتق مخالفته فلا يقصر في واجب ولا يَغْشَى محرماً، { فأولئك هم الفائزون } فقصر الفوز عليهم أي هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة المنعمون في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم إنك ربنا وربهم.


هداية الآيات:


من هداية الآيات:


1- وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة.


2- من دُعِيَ إلى الكتاب والسنة فأعرض فهو منافق معلوم النفاق.


3- اتخاذ قوانين وضعية للتحاكم إليها دون كتاب الله وسنة رسوله آية الكفر والنفاق.


4- فضل طاعة الله ورسوله وتقوى الله عز وجل وأن أهلها هم الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنان.


{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {53} قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55}}


شرح الكلمات:


{ وأقسموا بالله جهد أيمانهم }: أي حلفوا بالله بالغين غاية الجهد في حلفهم.


{ لئن أمرتهم }: أي بالخروج إلى الجهاد.


{ طاعة معروفة }: أي طاعة معروفة للنبى فيما يأمركم وينهاكم خير من إقسامكم بالله.


{ فإن تولوا }: أي فإن تتولوا أي تعرضوا عن الطاعة.


{ عليه ما حمل }: اي من ابلاغ الرسالة وبيانها بالقول والعمل.


{ وعليكم ما حملتم }: أي من وجوب قبول الشرع والعمل به عقيدة وعبادة وحكما.


{ وإن تطيعوه تهتدوا }: أي وإن تطيعوا الرسول في أمره ونهيه وإرشاده تهتدوا إلى خيركم.


{ ليستخلفنهم }: أي يجعلهم خلفاء لغيرهم فيها بأن يُدِيلَ لهم من أهلها فيسودون فيها ويحكمون.


{ وليمكنن لهم دينهم }: أي بأن يظهر الإسلام على سائر الأديان ويحفظه من الزوال.


معنى الآيات:


ما زال السياق الكريم في ذكر أحوال المنافقين فأخبر تعالى عنهم بقوله: { وأقسموا الله جهد أيمانهم } أي أقسموا للرسول صلى الله عليه وسلم مبالغين في ذلك حتى بلغوا غاية الجهد قائلين لئن أمرتنا بالخروج إلى الجهاد لنخرجن معكم. وهان أمر تعالى رسوله أن يقول لهم: { لاتقسموا } أي ما هناك حاجة إلى الحلف وتأكيده، وإنما هي طاعة منكم معروفة لنا تغنيكم عن الأيمان وقوله تعلى: { إن الله خبير بما تعملون } تأنيب لهم وتأديب حيث أخبرهم تعالى بأنه مطلع على أسرارهم وما يقولونه ويعملونه في الخفاء ضد الرسول والمؤمنين ثم أمر تعالى رسوله أن يقول لهم: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في كل ما يأمران به وينهيان عنه، { فإن تولوا } أي تعرضوا عن الطاعة وترفضوها، فإنما على الرسول ما حمل من البلاغ والبيان، وعليكم ما حملتم من وجوب الانقياد والطاعة، ومن أخل بواجبه الذي أنيط به فسوف يلقى جزءاه وافياً عند ربه وقوله تعالى: { وإن تطيعوه تهتدوا } هذه الجملة عظيمة الشأن جليلة القدر للمؤمن أن يحلف بالله ولا يحنث على أن من أطاع رسول الله في أمره ونهيه لن يضل أبداً ولن يشقى فالهداية إلى كل خير كامنة في طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقوله تعالى: { وما على الرسول إلا البلاغ المبين } أي ليس على الرسول هداية القلوب، وإنما عليه البلاغ المبين لا غير فلا تلحق الرسول تبعة من عصى فَضَلَّ وهَلَك.


وقوله تعالى في الآية (55) { وعد الله الذين آمنوا منكم } أي صدقوا الله والرسول { وعملوا الصالحات } فأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وعدهم بأن يستخلفهم في الأرض أي يجعلهم خلفاء حاكيمن في أهلها سائدين سكانها استخلافاً كاستخلاف الذين من قبلهم من بني إسرائيل حيث أجلى الكنعانيين والعمالقة من أرض القدس وورثها بني إسرائيل وقول: { وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم } وهو الإسلام فيظهره على الدين كله ويحفظه من التغيير والتبديل والزوال إلى قرب الساعة وقوله تعالى: { وليبدلهم من بعد خوفهم أمناً } إذا نزلت هذه الآية والمسلمون خائفون بالمدينة لا يقدر أحدهم أن ينام وسيفه بعيد عنه من شدة الخوف من الكافرين والمنافقين وتألب الأحزاب عليهم ولقد أنجز تعالى لهم ما وعدهم فاستخلفهم وأمكن لهم وبدلهم بعد خوفهم أمناً فلله الحمد والمنة.


وقوله: { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } هذا ثناء عليهم، وتعليل لما وهبهم وأعطاهم يعبدونه لا يشركون به شيئاً وقد فعلوا وما زال بقاياهم من الصالحين إلى اليوم يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئاً اللهم اجعلنا منهم، وقوله تعالى: { ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } وعيد وتهديد لمن كفر بعد ذلك الإنعام العظيم والعطاء الجزيل فأولئك هم الفاسقون عن أمر الله الخارجون عن طاعته المتسوجبون لعذاب الله ونقمته. عياذا بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله.


هداية الآيات:


من هداية الآيات:


1- مشروعية الإقسام بالله تعالى وحرمه الحلف بغيره تعالى.


2- عدم الثقة في المنافقين لخلوهم من موجب الصدق في القول والعمل وهو الإيمان.


3- طاعة رسول الله موجبة للهداية لما فيه من سعادة الدارين ومعصيته موجبة للضلال والخسران.


4- صدق وعد الله تعالى لأهل الإيمان وصالح الأعمال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.


5- وجوب الشكر على النعم بعبادة الله تعالى وحده بما شرع من أنواع العبادات.


6- الوعيد الشديد لمن أنعم الله عليه بنعمة أمن ورخاء وسيادة وكرامة فكفر تلك النعم ولم يشكرها فَعَّرضها للزوال.


{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {56} لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ {57}}


شرح الكلمات:


{ وأقيموا الصلااة } : أي أدوها أداءاً كاملاً تامأً مراعين فيها شروطها وأركانها وواجباتها وسننها حتى تثمر الزكاة والطهر في نفوسكم.


{ وآتوا الزكاة } : أي المفروضة من المال الصامت كالذهب والفضة والحرث والناطق كالأنعام من إبل وبقر وغنم.


{ وأطيعوا الرسول } : أي محمداً صلىة الله عليه وسلم في أمره ونهيه والأخذ بإرشاده وتوجيهه.


{ لعلكم ترحمون } : أي رجاء أن يرحمكم ربكم في دنياكم وآخرتكم فلا يعذبكم فيهما.


{ معجزين في الأرض } : أي معجزين الله تعالى بحيث لا يدركهم ولا ينزل بهم نقمته وعذابه.


{ ولبئس المصير } : أي النار إذا هي المأوى الذي يأوون إليه ويصيرون إليه.


معنى الآيتين:


يأمر تعالى عباده المؤمنين من أصحاب الرسول الكريم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الزكاة وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه وإرشاده وتوجيهه وذلك رجاء أن يرحموا في الدارين، ولا يعذبوا فيهما، وهذا وإن كان موجهاً ابتداءً إلى أصحاب الرسول فإنه عام بعد ذلك فيشمل كل مؤمن ومؤمنة في الحياة وقوله { لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض } هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ينهاه ربه تعالى أن يظن أن الذين كفروا مهما كانت قوتهم سيفوتون الله تعالى ويهربون مما أراد بهم من خزي وعذاب، لا، لا بل سيخزيهم ويذلهم ويسلط عليهم، وقد فعل { ومأواهم النار } يوم القيامة { ولبئس المصير } نار جهنم يصيرون إليها.


هداية الآيتين:


من هداية الآيتين:


1- وجوب إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول على رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة في الدنيا بالنصر والتمكين والأمن والسيادة وفي الآخرة بدخول الجنة.


2- تقرير عجز الكافرين وأنهم لن يفوتوا الله تعالى مهما كانت قوتهم وسينزل بهم نقمته ويحل عليهم عذابه.


3- بيان مصير أهل الكفر وأنه النار والعياذ بالله تعالى.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {58} وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {59} وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {60}}


شرح الكلمات:


{ ليسأذنكم } : أي ليطلب الاذن منكم في الدخول عليكم.


{ ملكت أيمانكم } : من عبيد وإماء.


{ لم يبلغوا الحلم منكم } : أي سن التكليف وهو وقت الاحتلام خمسة عشر سنة فما فوق.


{ تضعون ثيابكم } : أي وقت القيلولة للإِستراحة والنوم.


{ ثلاث عورات لكم } : العورة ما يتسحي من كشفه، وهذه الأوقات الثلاثة ينكشف فيها الإنسان في فراشه فكانت بذلك ثلاث عورات.


{ بعدهن } : أي بعد الأوقات الثلاثة المذكورة.


{ طوافون عليكم } : أي للخدمة.


{ بعضكم على بعض } : أي بعضكم طائف على بعض.


{ فليسنأذنوا } : أي في جميع الأوقات لأنهم أصبحوا رجالاً مكلفين.


{ والقواعد من النساء } : أي اللاتي قعدن عن الحيض والولادة لكبر سنهن.


{ أن يضعن ثيابهن } : كالجلباب والعباءة والقناع والخمار.


{ غير متبرجات بزينة } : أي يغر مظهرات زينة خفية كقلادة وسوار وخلخال.


{ وأن يستعففن خير لهن } : بأن لا يضعن ثيابهن خير لهم من الأخذ بالرخصة.


معنى الآيات:


قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } روى في نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث غلاماً من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب يدعوه له فوجده نائماً في وقت الظهيرة فدق الباب ودخل فاستيقظ عمر فانكشف منه شىء فقال عندما عمر وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا في هذه الساعة إلا بإذن، ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآية قد أنزلت فخر ساجداً شكراً لله تعالى.


فقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } هو نداء لكل المؤمنين في كل عصورهم وديارهم. وقوله { ليستأذنكم الذي ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم } أي علموا أطفالكم وخدمكم الاستئذان عليكم في هذه الأوقات الثلاثة وأمروهم بذلك. وقوله: { ثلاث مرات } هي المبينة في قوله: { من قبل صلاة الفجر } وهي ساعات النوم من الليل، { وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة } ويه القيلولة، { ومن بعد صلاة العشاء } وهي بداية نوم الليل. وقوله: { ثلاث عورات لكم } أي هي منطقة انكشاف العورة فيها فاطلق عليها اسم العورة والعورة ما يستحي من كشفه وقوله: { ليس عليكم ولا عليهم } أي ولا على الأطفال والخدم { جناح بعدهن } أي بعد المرات الثلاث وقوله: { طوافون عليكم } أي يدخلون ويخرجون عليكم للخدمة. { بعضكم على بعض } أي بعضكم يدخل على بعض للخدمة فلا غنى عنه فلذا فلا حرج عليكم في غير الأوقات الثلاثة.


وقوله تعالى: { كذلك يبين الله لكم الآيات } أي كهذا التبيين الذي بين لكم حكم الاستئذان يبين الله لكم الآيات المتضمنة للشرائع والأحكام والآداب فله الحمد وله المنة وقوله: { والله عليم } أي بخلقه وما يحتاجون إليه في إكمالهم وإسعادهم { حكيم } فيما يشرع لهم ويفرض عليهم.


وقوله تعالى في الآية الثانية (59) { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم } أي إذا بلغ الطفل سن الاحتلام وهو البلوغ واحتلم فعليه أن لا يدخل على غيرمحارمه إلا بعد الإستئذان كما يفعل ذلك الرجال من قبله إذ قد أصبح بالبلوغ الذي علامته الإحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة فأكثر أصبح رجلاً تماماً فعليه أن لا يدخل بيت أحد إلا بعد أن يستأذن هذا معنى قوله تعالى: { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استأذن الذين من قبلهم } وهم الرجال وقوله تعالى: { كذلك يبين الله لكم آياته } أي المتضمنة لأحكامه وشرائعه { والله عليم } بخلقه وما يصلح لهم { حكيم } في شرعه وهذه حال توجب طاعته تعالى فيما يأمر به وينهى عنه وقوله تعالى: { والقواعد من النساءاللاتي لا يرجون نكاحاً } أي والتي قعدت عن الحيض والولادة لكبر سنها بحيث أصبحت لا ترجو نكاحاً ولا يرجى منها ذلك فهذه ليس عليها إثم ولا حرج في أن تضع خمارها من فوق رأسها، أو عباءتها من فوق ثيابها التي على جسمها حال كونها غير متبرجة آي مظهرة زينة لها كخضاب اليدين والأساور في المعصمين والخلاخل في الرجلين، أو أحمر الشفتين، وما إلى ذلك مما هو زينة يجب ستره وقوله تعالى: { وأن يستعففن خير لهن } أي ومن لازمت خمارها وعجارها ولم تظهر للأجانب كاشفة وجهها ومحاسنها خير هلا حالاً ومآلاً، وحسبها ان يختار الله لها فما اختاره لها لن يكون إلا خيراً في الدنيا والآخرة فعلى المؤمنات أن يختار الله لها فما اختاره لها لن يكون إلا خيراً في الدنيا والآخرة فعلى المؤمنات أن يخترن ما اختار الله لهن.


وقوله: { والله سميع عليم } أي سميع لأقوال عباده عليم بأعمالهم وأحوالهم فَليتق فيطاع ولا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.


هداية الآيات:


من هداية الآيات:


1- وجوب تعليم الآباء والسادة والأطفال ولاخدم الإستئذان عليهم في الأوقات الثلاثة المذكورة والمعبر عنها بالعوراة.


2- وجوب استئذان الأولاد إذا احتلموا الاستئذان على من يريدون الدخول عليه في بيته لأنهم أصبحوا رجالاً مكلفين.


3- بيان رخصة كشف الوجه لمن بلغت سناً لا تحيض فيها ولا تلد للرجال الأجانب ولو أبقت على سترها واحتجابها لكان خيراً لها كما قال تعالى: { وأن يستعففن خير لهن }.



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)   تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) Emptyالإثنين 13 فبراير 2023, 10:27 pm

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون {61}}

شرح الكلمات:

{ الحرج } : الضيق والمراد به هنا اإثم أي لا إثم على المذكورين يف مؤاكلة غيرهم.

{ أو ملكتم مفاتحة } : أي مما هو تحت تصرفكم بالأصالة أو بالوكالة كوكالة على بستان أو ماشية.

{ أو صديقكم } : أي من صدقكم الود وصدقتموه.

{ جميعاً أو أشتاتاً } : أي مجتمعين على الطعام أو متفرقين.

{ من عند الله } : لأنه هو الذي شرعها وأمر بها، وما كان من عند الله فهو خير عظيم.

{ طيبة } : أي تطيب بها نفس المسلم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في هداية المؤمنين وبيان ما يكملهم ويسعدهم فَفِي هذه الآية الكريمة. رفع تعالى عنهم حرجاً عظيماً كانوا قد شعروا به فآلمهم وهو أنهم قد رأوا أن الأكل مع ذوي العاهات وهم العميان والعرجان والمرضى وأهل الزمانة قد يترتب عليه أن يأكلوا ما لا يحل لهم أكله لأن أصحاب هذه العاهات لا يأكلون كما يأكل اأصحاء كماً وكيفاً والله يقول:

{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }

كما أن أصحاب العاهات قد تحرجوا أيضاً عن مؤاكلة الأصحاء معهم خوفاً أن يكونوا يتقذرونهم فآلمهم ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية فرفع الحرج عن الجميع الأصحاء وأصحاب العاهات فقال تعالى: { ليس على الأعمى حرج ولا عَلى الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم، أو بيوت أخوالكم أو بيوت أو بيوت إخوانكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم، أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه } بوكالة وغيرها، { أو صديقكم } وهو من صدقكم الموجة وصدقتموه فيها ما دام الرضا حاصلاً، وإن لم يحضروا ولا استئذان وإن حضروا.

ورفع تعالى عنهم حرجاً آخر وهو أن منهم من كان يتحرج في الأكل وحده، ويرى أنه لا يأكل إلا مع غيره وقد يوجد من يتحرج أيضاً في الأكل الجماعي خشية أن يؤذي الآكل معه فرفع تعالى ذلك كله بقوله: { وليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً } أي مجتمعين على قطعة واحدة { أو أشتاتاً } أي متفرقين كل يأكل وحده متى بدا له ذلك وهذا كله ناجم عن تقواهم لله تعالى وخوفهم من معاصيه إذ قد حرم عليهم أكل أموالهم بينهم بالباطل في قوله:

{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }

وقوله تعالى: { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } فأرشدهم إلى ما يجلب محبتهم وصفاء نفوسهم ويدخل السرور عليهم وهو أن من دخل بيتاً من البيوت بيته كان أو بيت غيره عليه أن يسلم علينا وعلى عباد الله الصالحين وقوله: { تحية من عند الله } إذ هو تعالى الذي أمر بها وأرشد إليها وقوله { مباركة } أي ذات بركة تعود على الجميع وكونها طيبة أن نفوس المُسَلَّم عليها تطيب بها.

وقوله تعالى: { كذلك يبين الهل لكم الآيات لعلكم تعقلون } أي كذلك البيان الذي بين لكم من الأحكام والآداب يبين الله لكم الآيات الحاملة للشرائع والأحكام رجاء أن تفهموا عن الله تعالى شرائعه وأحكامه فتعملوا بها فتكملوا وتسعدوا عليها.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- الإذن العام في الأكل مع ذوي العاهات بلا تحرد من الفريقين.

2- الإذن في الأكل من بيوت من ذكر في الآية من الأقارب والأصدقاء.

3- جواز الأكل الجاعي والإنفرادي بلا تحرج.

4- مشروعية التحية عند الدخول على البيوت وأن فهيا خيراً وفضلاً.

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {62} لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63} أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {64}}

شرح الكلمات:

{ أمر جامع }: كخطبة الجمعة ونحوها مما يجب حضوره كاجتماع لأمر هام كحرب ونحوها.

{ يستأذنوه }: أي يطلبوا منه صلى الله عليه وسلم الإذن.

{ لبعض شأنهم }: أي لبعض أمورهم الخاصة بهم.

{ دعاء الرسول }: أي نداءه فلا ينادي بيا محمد ولكن بيانبي الله ورسول الله.

{ كدعاء بعضكم بعضاً }: أي كما ينادي بعضكم بعضاً بيا عمر ويا سعيد مثلاً.

{ يتسللون منكم لواذاً }: أي ينسلون واحداً بعد واحد يستر بعضهم بعضاً حتى يخرجوا خفية.

{ أن تصيبهم فتنة }: أي زيغ في قلوبهم فيكفروا.

{ قد يعلم ما أنتم عليه }: أي من الإيمان والنفاق وإرادة الخير أو إرادة الشر، وقد هنا للتأكيد عوملت معاملة رب إذ هي للتقليل وتكون للتكثير أحياناً.

معنى الآيات:

يخبر تعالى أن المؤمنين الكاملين في إيمانهم هم الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا كانوا معه صلى الله عليه وسلم في أمر جامع يتطلب حضورهم كالجمعة واجتماعات الحروب، لم يذهبوا حتى يستأذنوه صلى الله عليه وسلم ويأذن لهم هذا معنى قوله تعالى: { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه }.

وقوله تعالى: { إن الذين يستذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم } في هذا تعليم للرسول والمؤمنين وتعريض بالمنافقين. فقد أخبر تعالى أن الذين يستأذنون النبي هم المؤمنون بالله ورسوله، ومقابله أن الذين لا يستأذنون ويخرجون بدون إذن هم لا يؤمنون بالله ورسوله وهم المنافقون حقاً، وأمر رسول الله إذا استأذنه المؤمنون لبعض شأنهم أن يأذن لمن شاء منهم ممن لا أهمية لحضوره كما أمره أن يستغفر الله لهم لام قد يكون غير عذر شرعي يبيح لهم الاستئذان وطمعهم ي المغفرة بقوله إن الله غفور رحيم.

وقوله تعالى: { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } هذا يحتمل أموراً كلها حق الأول أن يحاذر المؤمنون إغضاب رسول الله بمخالفته فإنه إن دعا عليهم هلكوا لأن دعاء الرسول لا يرد ليس هو كدعاء غيره، والثاني أن لا يدعوا الرسول باسمه يا محمد ويا أحمد بل عليهم أن يقولوا يا نبي الله ويا رسول الله، والثالث أن لا يغلظوا في العبارة بل عليهم أن يلينوا اللفظ ويرتققوا العبارة إكباراً وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ما تضمنه قوله تعالى: { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا }.

وقوله: { قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لوذاً } أعلمهم تعالى أنه يعلم قطعاً أولئك المنافقين الذين يكونون في أمر جامع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً بعد آخر بدون أن يستأذوا متلاوذين في هروبهم من المجلس يستر بعضهم بعضاً، وفي هذا تهديد بالغ الخطورة لأولئك المنافقين.

وقوله: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } أي أمر رسول الله وهذا عام للمؤمنين والمنافقين وإلى يوم القيامة فليحذروا أن تصيبهم فتنة وهي زيغ في قلوبهم فيموتوا كافرين، أو يصيبهم عذاب أليم في الدنيا والعذاب ألوان وصنوف.

وقوله تعالى: { ألا إن لله ما في السموات والأرض } أي خلقاً وملكاً وعبيداً يتصرف كيف يشاء ويحكم ما يريد ألا فَلْيَتقَّ اللهُ عز وجل في رسول فلا يخالف أمره ولا يعصي في نهيه فإن الله لم يرسل رسولاً إلا ليطاع بإذنه.

وقوله تعالى: { قد يعلم ما أنتم عليه } إخبار يحمل التهديد والوعيد أيضاً فما عليه الناس من أقوال ظاهرة وباطنة معلومة لله تعالى، ويوم يرجعون إلى الله بعد موتهم فينبئهم بما عملوا من خير وشر ويجزيهم به الجزاء الأوفى، { والله بكل شيء عليم } فليحذر أن يخالف رسوله أو يعصي وليتق في أمره ونهيه فإن نقمته صعبة وعذابه شديد.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- وجوب الاستئذان من إمام المسلمين إذا كان الأمر جامعاً، وللإِمام أن يأذن لمن شاء ويترك من يشاء حسب المصلحة العامة.

2- وجوب تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرمه إساءة الأدب معه حياً وميتاً.

3- وجوب طاعة رسول الله وحرمة مخالفة أمره ونهيه.

4- المتجرىء على الاستهانة بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم يُخشى عليه أن يموت على سوء الخاتمة والعياذ بالله.



تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تفسير سورة المؤمنون (23) وسورة النور (24)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة التوبة (09) وسورة يونس (10)
» أسباب النزول من سورة مريم إلى سورة النور
» سورة النور
» سورة النور
» (24) سورة النور

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: