منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  Empty
مُساهمةموضوع: الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية    الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  Emptyالسبت 08 فبراير 2014, 8:36 pm

الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية 
اليهودية الإصلاحية :تـاريخ Reform Judaism: History 
«اليهودية الإصلاحية» فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في ألمانيا، وانتشرت منها إلى بقية أنحاء العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة. وهي تُسمَّى أيضاً «اليهودية الليبرالية» و«اليهودية التقدمية». وهذه المصطلحات ليست مترادفة تماماً، إذ يُستخدَم أحياناً مصطلح «اليهودية الليبرالية» للإشارة إلى اليهودية الإصلاحية التي حاولت أن تحتفظ بشيء من التراث. كما استُخدم المصطلح نفسه للإشارة إلى حركة دينية أسسها كلود مونتفيوري في إنجلترا عام 1901، وكانت متطرفة في محاولاتها الإصلاحية. أما مصطلح «اليهودية التقدمية» فهو مصطلح عام يشير إلى التيارات الإصلاحية كافة. 
وظهور الحركات الإصلاحية في اليهودية يعود إلى أزمة اليهودية الحاخامية أو التلمودية التي ارتبطت بوضع اليهود في أوربا قبل الثورة الصناعية. فقد فشلت اليهودية كنسق ديني في التكيف مع الأوضاع الجديدة التي نشأت في المجتمع الغربي ابتداءً من الثورة التجارية واستمرت حتى الثورة الصناعية وبعدها، ثم واجهت أزمة حادة مع تصاعد معدلات العلمنة. وقد أدَّى سقوط الجيتو، ثم حركة الإعتاق السياسي إلى تصعيد حدة هذه الأزمة، إذ عرضت الدولة القومية الحديثة الإعتاق السياسي على اليهود شريطة أن يكون انتماؤهم الكامل لها وحدها، وأن يندمجوا في المجتمع سياسياً واقتصادياً وثقافياً ولغوياً، وهو ما كان يتعارض وبشكل حاد مع اليهودية الحاخامية التي عرَّفت الهوية اليهودية تعريفاً دينياً إثنياً، وأحياناً عرْقياً، وجعلت الانتماء اليهودي ذا طابع قومي. وقد استجاب اليهود إلى نداء الدولة القومية الحديثة، وظهرت بينهم حركة التنوير اليهودية، والدعوة للاندماج، واليهودية الإصلاحية جزء من هذه الاستجابة. وقد استفاد اليهود الإصلاحيون من فكر موسى مندلسون، ولكنهم استفادوا بدرجة أكبر من الأفكار والممارسات الدينية المسيحية البروتستانتية في ألمانيا (مهد كل من الإصلاح الديني المسيحي والإصلاح الديني اليهودي). 
وقد بدأ الإصلاح حين لاحَظ كثير من قيادات اليهود انصراف الشباب تدريجياً عن المعبد وعن الشعائر اليهودية بسبب جمودها وأشكالها التي اعتبروها بدائية متخلفة، فأخذوا في إدخال بعض التعديلات ذات الطابع الجمالي، من بينها تحويل المعبد من مكان يلتقي فيه اليهود للحديث والشجار إلى مكان للتعبد يتطلب التقوى والورع. وبدأت المواعظ الدينية تُلقَى بلغة الوطن الأم، وتغيَّر موضوعها، فبدلاً من أن تدور حول تفسير دقائق الشريعة، أصبحت تهدف إلى إنارة المصلين على المستوى الروحي. واختُزلت الصلاة نفسها عن طريق حذف قصائد البيوط وغير ذلك من الابتهالات والأدعية، واستُخدم الأرغُن والجوقة. وقد قام إسرائيل جيكوبسون بأول محاولة للإصلاح في المعبد الملحق بمدرسته عام 1810، ثم في بيته عام 1815، ثم افتتح أول معبد إصلاحي في هامبورج عام 1818. 
وقد كانت كل هذه الإصلاحات ذات طابع شكلي وجمالي وقام بها أعضاء ليسوا جزءاً من المؤسسة الدينية. ولذا، لم تثُر ردة فعل حادة عند التقليديين برغم اعتراضهم على كثير منها، ولكن التغيرات بدأت تكتسب طابعاً عقائدياً واتجهت نحو إصلاح العقيدة نفسها، ومن ثم تغيَّرت طبيعة رد الفعل، وهو ما أدَّى في نهاية الأمر إلى انقسام اليهودية المعاصرة إلى فرق متعددة لا يعترف الأرثوذكس فيها بيهودية الآخرين. وقد اكتسبت حركة الإصلاح الديني دفعة قوية في ثلاثينيات القرن الماضي حين ظهر لفيف من الحاخامات الشباب الذين كانوا قد تلقوا تعليماً دينياً تقليدياً، وتعليماً دنيوياً في الوقت نفسه. وكانت هذه ظاهرة جديدة كل الجدة على اليهـودية إذ كانت مقررات الدراسـة في المـدارس التلـمودية العليا، حتى ذلك الوقت، تقتصر على الدراسات الدينية فحسب. ولكن، مع نهاية القرن الثامن عشر، فتحت حكومات فرنسا والنمسا وروسيا مدارس ذات مناهج مختلطة دينية ودنيوية.
وقد التف هؤلاء الشبان حول المفكرين الدينيين الداعين إلى الإصلاح، مثل: أبراهام جايجر، وصمويل هولدهايم وكاوفمان كولر، الذين يرجع إليهم الفضل في وضع أسس اليهودية الإصلاحية. وتحولت مسألة تحديث الدين اليهودي أو إصلاحه إلى قضية أساسية في الأوساط اليهودية، ثم تبلورت الأمور كثيراً حين دعت أبرشية برسلاو المفكر اليهودي الإصلاحي جايجر ليكون حاخاماً لها (1839). وحينما نُشرت الطبعة الثانية من كتاب صلوات اليهودية الإصلاحية عام 1841، رأى الأرثوذكس أن الوضع أصبح لا يحتمل الانتظار، وخصوصاً أن جايجر كان من كبار دعاة مدرسة نقد العهد القديم ومن مؤسسي علْم اليهودية. ورغم أن حركة النقد هذه تهدم العقيدة من أساسها وتفترض أن التوراة نتاج تاريخي من صُنْع الإنسان، فإن اليهودية الإصلاحية ارتبطت بها منذ البداية لتؤكد نسبية وتاريخانية الأفكار الدينية ظناً منها أن ذلك يسبغ شرعية على المشروع الإصلاحي.
وحتى يتمكن الإصلاحيون من طرح سائر القضايا وبلورة مواقف بشأنها، عقدوا عدة مؤتمرات إصلاحية في ألمانيا (ثم بعد ذلك في الولايات المتحدة) توصلت إلى صياغات محددة (وقد خرج زكريا فرانكل محتجاً من أحد هذه المؤتمرات وأنشأ التيار المحافظ). وقد توقفت اليهودية الإصلاحية عن التطور الفكري في ألمانيا نفسها، ولكنها تحوَّلت إلى تيار قوي ورئيسي بين اليهود في الولايات المتحدة حين تَقبَّلها المهاجرون الألمان الذين اندمجوا في المجتمع الأمريكـي، وكانـوا يبحثـون عن صــيغة دينية جديدة تلائم وضعهم الجـديد. وقد وجد هــؤلاء المهـاجرون في اليهـودية الإصلاحية ضالتهم. وتبعتهم أعداد متزايدة من اليهود الأمريكيين حتى صارت، مع حلول عام 1888، كل المعابد اليهودية في الولايات المتحدة (والبالغ عددها 200) إصلاحية، باستثناء12معبداً. 
ومن أهم مفكري اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة ديفيد أينهورن. ولكن أكبر المفكرين هو إسحق ماير وايز الذي أسس اتحاد الأبرشيات العبرية الأمريكية عام 1873، وكلية الاتحاد العبري عام 1875، والمؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين عام 1889. ويُعَدُّ مؤتمر بتسبرج الإصلاحي، الذي عُقد عام 1885، أهم نقطة في تاريخ اليهودية الإصلاحية إذ أصدر قراراته الشهيرة التي عبَّرت عن الإجماع الإصلاحي، وبلورت منطلقات الحركة. وقد انتقلت اليهودية الإصلاحية إلى المجر حيث يُطلَق عليها مصطلح «نيولوج». 
وتوجد معابد إصلاحية في حوالي 29 دولة تابعة للاتحاد العالمي لليهودية التقدمية، ويبلغ عدد أتباع الحركة حوالي 1.25 مليون. لكن الولايات المتحدة لا تزال المركز الأساسي الذي يضم معظم أعضاء هذه الفرقة. وتوجد 848 إبراشية يهود إصلاحية في الولايات المتحدة، ويشكل الإصلاحيون 30% من كل يهود أمريكا المنتمين إلى إحدى الفرق اليهودية (مقابل 33% محافظين و9% و26% لا علاقة بهم أى فرقة دينية أرثوذكس) ومع هذا تذكر أحد المراجع أن عدد اليهود الإصلاحيين مليون و300 ألف. ويُلاحَظ ارتفاع نسبة الزواج المُختلَط بينهم أكثر من ارتفاعها بين أعضاء الفرق الأخرى، وإن كانت النسبة بين اليهود غير المنتمين دينياً أعلى كثيراً. ويُعَدُّ اليهود الإصلاحيون أكثر قطاعات اليهود تأمركاً. ويُلاحَظ أنه في الآونة الأخيرة، مع ازدياد تشدد اليهودية الإصلاحية وازدياد التساهل من جانب اليهودية المحافظة، تناقصت المسافة بينهما وبدأت الأبرشيات المحافظة والإصلاحية في الاندماج، وهذا الاندماج توافق عليه قيادات الفريقين ولا تُمانع فيه. ويقابل هذا تَباعُد مستمر عن اليهودية الأرثوذكسية. وقد صرح الحاخام ملتون بولين رئيس المجلس الحاخامي في أمريكا بأن التباعد بين الأرثوذكس من جهة والمحافظين والإصلاحيين من جهة أخرى آخذ في التزايد حتى أنه هو نفسه تحدَّث عن وجود يهوديتين مستقلتين. 
ومن التنظيمات اليهودية الإصلاحية: المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين الذي يضم كل الحاخامات الإصلاحيين، واتحاد الأبرشيات العبرانية الأمريكية الذي يضم المعابد الإصلاحية وكلية الاتحاد العبري (المعهد اليهودي للدين) وهو معهد إصلاحي لتخريج الحاخامات، كما أن هناك اتحاداً عالمياً لليهودية الإصلاحية هو الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية. 
وقد اعترفت روسيا باليهودية الإصلاحية باعتبارها مذهباً يهودياً. وبالفعل، توجد جماعة يهودية إصلاحية الآن لها مقر في موسكو. ويمكن أن نتوقع انتشار اليهودية الإصلاحية لأنها صيغة مخففة سهلة من العقيدة اليهودية تناسب تماماً يهود روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء ممن يودون التمسك بيهوديتهم وإظهارها والإعلان عنها حتى يتسنى لهم الهجرة إلى إســرائيل. ولكنهم، كباحثين عن اللذة، لا يريدون في الوقــت نفسه أن يدفعوا أي ثمـن عن طـريق إرجاء المتعــة أو كبـح ذواتهم أو إقامة الشعائر. واليهودية الإصلاحية تحقق لهم كل هذا،فهي تتكيف بسرعة مع روح العصر،وكل عصر.
اليهــودية الإصــلاحية: الفــكر الديني 
Reform Judaism:Religious Thought 
تشترك كل من الحركة اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة في أنهما تحاولان حل إشكالية الحلول الإلهي في الشعب اليهودي وفي مؤسساته القومية. فمثل هذا الحلول يجعل منهم شعباً مقدَّساً ملتفاً حول نفسه، يشير إلى ذاته دون الإشارة إلى شيء خارجه، وهذا أمر مقـبول داخـل إطار المجتمع التقليدي، المبني على الإرادة الذاتية للأقليات. وهو أمر مفهوم حينما كان اليهود يضطلعون بدور الجماعة الوظيفية التي تعزل نفسها عن المجتمع لتلعب دورها المحايد. ولكن، مع ظهور الدولة القومية التي ترى نفسها مطلقاً فهي مرجعية ذاتها لا تقبل مرجعية متجاوزة لها أصبح من الصعب أن تتعايش نقطتان مطلقتان داخل المجتمع الواحد. ولذا، كان على أعضاء الجماعات اليهودية أن يتعاملوا بشكل أو بآخر مع الحلولية اليهودية التقليدية، وكان عليهم التوصل إلى صيغة حديثة لليهودية يمكنها التعايش مع الدولة القومية الحديثة المطلقة مع إصرارها على أن يعيد اليهودي صياغة ذاته ورؤيته حتى يدين لها وحدها بالولاء. وقد حاولت اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة حل إشكالية الشعب المقدَّس عن طريق تَبنِّي الحل الغــربي للمشكـلة وهو أن يكون الحلول الإلهي في نقطة ما في الطبيعة أو في الإنسان أو في التاريخ، بحيث يشكل المطلق ركيزة نهائية كامنة في هذه النقطة وغير متجاوزة لها. وقد ظهر العديد من هذه المطلقات الدنيوية أو الغيبيات العلمانية. ولكن الذي يهمنا هو المطلق الدنيوي الذي يُسمَّى «الروح» (جايست) في أدبيات القرن التاسع عشر في أوربا («روح المكان» أو «روح العصر» أو «روح الشعب» أو «روح الأمة») الذي حل محل الإله. وبينما آمن الإصلاحيون بروح العصر (بالألمانية: تسايت جايست Zeitgeist)، آمن المحافظون بروح الشعب العضوي (فولك). 
وهذه الصياغة من الحلولية تلغي الإله كنقطة متجاوزة، فمصدر القداسة كامن في المادة. وبالنسبة لليهودية الإصلاحية، فهي توسع نطاق نقطة الحلول بحيث يصبح المطلق (روح العصر) إطاراً يضم كلاًّ من اليهود والأغيار. وبذلك تكون اليهودية الإصلاحية قد وصلت إلى صيغة معاصرة لليهودية تلائم العصر، وتتخلص من آثار الحلولية الحادة والجامدة التي كانت تدور في فلكها اليهودية الحــاخامية والتي عــزلت اليهـود عن مجتمعاتهم وجعلت معتقــداتهم الدينيـة عبئاً ينوءون بحمله، وجعلت تعايشهم مع المطلــق الجديد (الدولــة العلمانية الحديثة) مسـتحيلاً. ويمكن القـول بأن جوهر مشروع اليهودية الإصلاحية هو محاولة نَزع القداسة عن كثير من المعتقدات الدينية اليهودية ووضعها في إطار تاريخــي، وذلك حتى يتســنى التمــييز بين ما هـو مطلق ومتحرر من الزمـان والمكان وبين ما هــو نسبي ومرتبط بهما. وهي عملية نجم عنها تضييق نطاق المطلق والمقدَّس وتوسيع نطاق النسبي حيث يتمكن أعضاء الجماعات اليهودية المشاركة في الإيمان بالمطلقات القومية والصناعية والمادية في مجتمعاتهم الحديثة.
ولذا، عدَّل الإصلاحيون فكرة التوراة، ـ بالنسبــة لهم ـ مجــرد نصــوص أوحى الإلــه بها للعبـرانيين الأولين، ولذا يجـب احترامها كرؤى عميقة، ولكنهـا يجب أن تتكيف مع العصور المختلفة. فثمة فرق بين الوحــي والإلهـام، إذ أن الإلهــام ليس خالصاً أو صافياً، فالبشر يصبغونه بعاداتهم ولغتهم فيختلط بعناصر تاريخية دنيوية. لكل هذا، يجب على اليهودي أن يحاول فهم وتفسير هذا الوحي، أو الإلهام من آونة إلى أخرى، وأن يُنفِّذ منه ما هو ممكن في لحظته التاريخية. وبهذا، يصبح للقانون الإلهي (الشريعة) السلطة والحق، طالما كانت أوضاع الحياة التي جاء لمعالجتها مسـتمرة. وعنـدما تتغيَّر الأوضاع، يجب أن يُنسَخ القانون، حتى وإن كان الإله صاحبه ومُشرِّعه، أي أن الشريعة فقدت سلطتها الإلزامية المطلقة وأصبحت روح العصر النقطة المرجعية والركيزة النهائية. وللعهد القديم، على سبيل المثال، جانبان: أحدهما مقدَّس والآخر دنيوي. وقد سقطت فاعلية الجانب الثاني بهدم الهيكل، وسقط مع هذه العملية كل ما له علاقة بالهيكل أو الدولة، وبقي الجزء المقدَّس أو المطلق وحده. وبطبيعة الحال، لا يعترف اليهود الإصلاحيون بالشريعة الشفوية (التعبير المستمر عن الحلول الإلهي). وحاول الإصلاحيون كذلك تأكيد الجانب العقائدي والأخلاقي على حساب الجانب الشعائري أو القرباني، فهم يرون أن اليهودية الحاخامية تدور في إطار الشعائر المرتبطة بالدولة اليهودية والهيكل، والتي لم تَعُد لها أية فعالية أو شرعية. كما تم استبعاد العناصر القومية الموجودة في الدين اليهودي والتي تؤكد قداسة اليهود وانعزالهم عن الأمم الأخرى (ولا تزال هذه العقلانية النسبية أو التاريخانية، التي تحاول تقييم التراث في ضوء المُعطَى التاريخي وترفض الانعزالية القومية والحلولية التقليدية، السمة الأساسية للتيارات الليبرالية والثورية في الفكر الديني اليهودي).
ومـع هذا، فإن اليهـودية الإصلاحيـة، في محاولتها تطوير اليهودية، انتهى بها الأمر إلى أن خلعت النسبية على كل العقائد ونزعت القداسة عن كل شيء، أي أنها في محاولتها إدخال عنصر النسبية الإنسانية والتهرب من الحلولية، سقطت في نسبية تاريخية كاملة بحيث أسقطت كل الشعائر وكل العقائد تقريباً، أي أنها هربت من وحدة الوجود الروحية إلى وحدة الوجود المادية. وقد شبَّه بعض المؤرخين اليهودية الإصلاحية بحركة شبتاي تسفي، ويرون أنها الوريث العلماني المعاصر له. وهو تشبيه مهم وعميق ولكنه يعاني من بعض نقط القصور لأنه يُفسِّر نقط التشابه ولا يُفسِّر نقـط الاختـلاف. ونحـن نرى أن الحلولية، حينما تصل إلى مرحلة وحدة الوجود الروحية، تتحول عادةً إلى حلولية بدون إله أو وحدة وجود مادية. ولعل شيئاً من هذا القبيل قد حدث داخل اليهودية، وحركة شبتاي تسفي هي مرحلة وحدة الوجود الروحية حيث يحل الإله في العالم (الإنسان والطبيعة) ويصبح لا وجود له خارجها، ومع هذا يظل يحمل اسم الإله، ويصبح كل ما في العالم تجلياً للإله. وتعقب هذه المرحلة مرحلة تغيير التسمية إذ يسقط اسم الإله ويُسمَّى بعد ذلك «قوانين الحركة» أو «روح العصر» وخلافه، وهذه هي مرحلة موت الإله. ولعل اليهودية الإصلاحية تعبير عن مرحلة انتقالية بين الشبتانية ووحدة الوجود الروحية ولاهوت موت الإله في الستينيات ومرحلة وحدة الوجود المادية، هذه المرحلة الانتقالية نسميها مرحلة شحوب الإله، فهو موجود اسماً ولكنه يتبدَّى من خلال عدد كبير من المطلقات الدنيوية (مثل روح العصر). ولذا، نجد أن اليهودية الإصلاحية قد تحولت إلى ما يشبه دين العقل الطبيعي (الربوبية)، فهي تؤمن بوجود قوة عظمى تعبر عن شيء باهت شاحب غير شخصي تطلق عليه كلمة «الرب»، كما أنها تنكر سلطة التلمود، بل والتوراة نفسها، وتقرر الشعائر والعبادات بمجموعة من المؤتمرات والبيانات التي تتم الموافقة عليها بالتصويت والانتخابات بالطرق الديموقراطية. 


وفي ضوء منطلقات الفكر اليهودي الإصلاحي، يمكننا أن ننظر إلى التعديلات التي أدخلها زعماء الحركة الإصلاحية، على العبادة اليهودية وبعض المفاهيم الدينية، ومن أهمهم أبراهام جايجر (زعيم الجناح المعتدل) الذي يُشار إليه عادةً بلفظة «التقدمي» وديفيد فرايد لندر (زعيم الجناح الثوري) الذي يُشار إليه أحياناً بصفة «الليبرالي». وقام الإصلاحيون بإلغاء الصلوات ذات الطابع القومي اليهودي، وجعلوا لغة الصلاة الألمانية (ثم الإنجليزية والولايات المتحدة) لا العبرية (ليتمشوا مع روح العصر والمكان)، وأبطلوا كل الفوارق بين الكهنة واللاويين وبقية اليهود، وأدخلوا الموسيقى والأناشيد الجماعية، كما سمحوا باختلاط الجنسين في الصلوات، ومنعوا تغطية الرأس أثناء الصلاة أو استخدام تمائم الصلاة (تفيلين)، ولقد تأثروا في ذلك بالصلوات البروتستانتية، وقام بعض الإصلاحيين ببناء بيت للعبادة أطلقوا عليه اسم «الهيكل»، وكانت تلك أول مرة يُستخدَم فيها هذا المصطلح لأنه لم يكن يُطلَق إلا على الهيكل الموجود في القدس. ومعنى ذلك أن الإصلاحيين بتسميتهم معبدهم هذه التسمية الجديدة، كانوا يحاولون تعميق ولاء اليهودي إلى الوطن الذي يعيش فيه ويحاولون نقل الحلول الإلهي من مكان سيعودون إليه في آخر الأيام إلى مكان يرتادونه هذه الأيام.
وعلى المستوى الفكري، أعاد الإصلاحيون تفسير اليهودية على أساس عقلي، وأعادوا دراسة العهد القديم على أُسُس علمية (فالعقل أو العلم هو موضع الحلول الإلهي أو المطلق في المنظومات الربوبية)، ونادوا بأن الدين اليهودي أو العقيدة الموسوية (وهي التسمية الأثيرة لديهم) تستند إلى قيم أخلاقية تشبه قيم الأديان الأخرى. كما ركَّز الإصلاحيون على الجوهر الأخلاقي للتوراة، وكذلك الجوهر الأخلاقي لبعض جوانب التلمود، مهملين التحريمات المختلفة التي ينص عليها القانون اليهودي، وخصوصاً القوانين المتعلقة بالطعام والكهانة، وقد سمحوا (مؤخراً) بترسيم حاخامات إناث. وأنكروا فكرة البعث والجنة والنار، وأحلوا محلها فكرة خلود الروح. وقد أسقطوا معظم شعائر السبت، وهم لا يحتفلون به في الوقت الحاضر في يوم السـبت نفسه وإنما يختـار أعضاء الأبرشـية أي يوم في الأسبوع للاجتماع. وتأخذ الشعائر في هذه الحالة شكل صلاة قصيرة وقراءة بعض الفقرات من أي كتاب، بل حل بعض الكلمات المتقاطعة. ولعل هذا هو الانتصار النهائي لروح العصر. ويقوم أحد المتحدثين بإلقاء محاضـرة في أي موضوع وينشـدون النشـيد الوطني لإسـرائيل (هاتيكفاه). وقد ازداد التكيف مع روح العصر تطرفاً، ولذا نجد أن اليهودية الإصلاحية قَبلت الشواذ جنسياً كيهود ثم رسَّمت بعض الشواذ جنسياً حاخامات، وأسَّست للشواذ جنسياً معابد إصلاحية معترفاً بها من قبَل المؤسسة الإصلاحية. ولعل هذا تعبير عن حلولية موت الإله أو حلولية بدون إله، وحلولية ما بعد الحداثة حيث تتساوى كل الأمور وتصبح نسبية. ونحن هنا لا نتحدث عن يهود أو أغيار وإنما نتحدث عن مجتمع أخذ الإنسان فيه يختفي تدريجياً بعد شحوب الإله وموته. 
وقـد عَـدَّل الإصلاحيون بعـض الأفكار الأساسـية في الديانة اليهودية، فمثلاً نادى جايجر بحذف جميع الإشارات إلى خصوصية الشعب اليهودي من كل طقوس الدين وعقيدته وأخلاقه وأدبه، مطالباً بالتخلي عن الفكرة الحلولية الخاصة بالشعب المختار كلية. وقد حاولوا الإبقاء على هذه الفكرة، مع إعطائها دلالة أخلاقية عالمية جديدة، فجعلوا الشعب اليهودي شعباً يحمل رسالته الأخلاقية لينشرها في العالم حتى يستطيع من يشاء أن يؤمن بها. كما يؤكد الإصلاحيون أيضاً أن اليهود شُتتوا في أطراف الأرض ليحققوا رسالتهم بين البشر، وأن النفي وسيلة لتقريبهم من الآخرين وليس لعزلهم عنهم. 
وأضفى الإصلاحيون على فكرة العودة والماشيَّح طابعاً إنسانياً إذ رَفَض ممثلوهم، في مؤتمر بتسبرج، فكرة العودة الشخصية للماشيَّح المخلِّص، وأحلوا محلها فكرة العصر المشيحاني، وهي فكرة تربط بين العقيدة المشيحانية وروح العصر. فالعصر المشيحاني هو العصر الذي سيحل فيه السلام والكمال ويأتي الخلاص إلى كل الجنس البشري وينتشر العمران والإصلاح ويتم كل هذا من خلال التقدم العلمي والحضاري. فالفكرة المشيحانية هنا فُصلَت تماماً عن الشعب اليهودي وعن شخص الماشيَّح وارتبطت بكل البشر وبالعلم الحديث.
اليهوديــة التقدميــة Progressive Judaism 
«اليهودية التقدمية» مصطلح يُستخدَم للإشارة إلى كل الاتجاهات اليهودية الإصلاحية. وعادةً ما يُستخدَم مصطلح «تقدمي» بديلاً لمصطلح «إصلاحي» خارج الولايات المتحدة. 
اليهودية الليبرالية 
Liberal Judaism 
بدأت الحركة اليهودية الليبرالية في إنجلترا في السنوات الأولى من القرن العشرين نتيجة الجهود المشتركة لليلي مونتاجو (1873 ـ 1963) وكلود مونتيفيوري (1851 ـ 1938) حين أسسا الاتحاد الديني اليهودي (1902). وتنطلق اليهودية الليبرالية من أن اليهودية الإصلاحية لم تصل بالإصلاح إلى نتيجته المنطقية ولم تواجه القضايا الحقيقية، وأن اليهودية لابد أن يدخل عليها المزيد من الإصلاحات حتى لا تظل عبئاً على اليهود. 
ونقطة الانطلاق بالنسبة لليهودية الليبرالية هي الإنسان (واحتياجاته النفسية) لا العقيدة الدينية (فالعهد القديم في تصوُّرها اجتهاد بشري وليس وحياً إلهياً) ولذا طرحت الليبرالية مفهوم الضمير الشخصي و« الوعي المستنير»، وجعلت من حق كل يهودي أن يدرس العقائد والممارسات اليهودية، ثم يختار ما يحلو له منها، إذ أن من حق كل يهودي أن يقرر شكل اليهودية التي يؤمن بها، ويحدد مكوناتها (ولابد أن الإله سيسدد خطاه بطريقة ما)، أي أنها عملية علمنة من الداخل. ولذا يذهب الفكر الديني الليبرالي إلى أن الأوامر والنواهي (متسفوت) مسألة اختيارية، قد يحتاج لها بعض الناس ليحققوا تطورهم الأخلاقي، ولكن الآخرين قد لا يحتاجون لها على الإطلاق. فالطعام المباح شرعاً يعتبر شكلاً من أشكال الانضباط الأخلاقي بالنسبة لمن يرون ذلك، أما من يودون تحقيق هذا الانضباط بطريقة أخرى، فهم في حلٍّ من أمرهم. وكلاهما له شرعيته من وجهة النظر الليبرالية. 
ورغم هذا الانفتاح الكامل (الذي يقترب باليهودية الليبرالية من يهودية عصر ما بعد الحداثة) إلا أن ثمة طقوساً معينة فرضت نفسها على اتباع هذه الفرقة. فالصلاة في المعبد الليبرالي تشبه الصلوات في المعابد الإصلاحية فيجلس الرجال والنساء سوياً، ويجلس الرجال دون غطاء للرأس إن أرادوا. كما أبقى الليبراليون بعض الطقوس مثل النفخ في البوق (شوفار) في رأس السنة والصيام في يوم الغفران (يوم كيبور) وأكل خبز الماتساه غير المخمر في عيد الفصح. ويُلاحَظ أن الشعائر التي اختارها اليهود الليبراليون ذات طابع احتفالي، ولا تتطلب مشقة كبيرة، كما يمكن تطويعها لتتفق مع إيقاع العصر. فبالنسبة لشعائر السبت لا يمتنع اليهودي الليبرالي عن العمل ولكنه قد يوقد الشموع. ولكن حتى هذه الشموع يمكنه أن يوقدها بعد غروب الشمس، وليس قبله كما تنص الشريعة، إن وجد أن الالتزام بالشريعة سيسبب له ضيقاً. 
وقد أسقط الليبراليون صوم التاسع من آب وغيره من أيام الصوم وهم لا يعتبرون عيد الأسابيع (شفوعوت) عيداً حيث إنهم لا يؤمنون بأن التوراة قد نزلت على موسى في سيناء. وتذهب اليهودية الليبرالية إلى أن اليهودي من وُلد لأم يهودية أو لأب يهودي أو رُبِّي تربية يهودية. 
النيـولـوج Neologue 
« نيولوج» هو الاسم العرفي (غير الرسمي) الذي كان يُطلَق على أعضاء الجماعة اليهودية في المجر والمنتمين إلى اليهودية الإصلاحية. وقد ظهرت الاتجاهات الإصلاحية بين الجماعات اليهودية في المجر في أوائل القرن التاسع عشر والتي واجهت مساعيها وأنشطتها التنظيمية معارضة المؤسسة الأرثوذكسية. وبعد أن مُنح يهود المجر حقوقهم المدنية كاملة عام 1867، قدَّم زعماء طائفة النيولوج في مدينة بست، التي كانت تُعَدُّ مركز أقوى تجمُّع نيولوجي في المجر، مذكرة إلى وزير التعليم والشئون الدينية المجري بشأن الهيكل التنظيمي للجماعة اليهودية المجرية مقترحين عقد مؤتمر لممثلي يهود المجر دون إشراك الحاخامات، وذلك تفادياً لتَفجُّر الجدل حول المسائل العقائدية، وكذلك منعاً لتَدخُّلهم في الشئون التي تتعدى وظائفهم ومهامهم. وقد أصبح هذه الاتجاه، وهو اتجاه عارضه الأرثوذكس وكذلك بعض النيولوجيين، إحدى الركائز الأساسية في تنظيم الطائفة النيولوجية وتجمعاتها. وقد سُمح للحاخامات فيما بعد بحضور المؤتمر. وفي الانتخابات التي جرت داخل الجماعة، حقق النيولوجيون أغلبية في الأصوات إذ حصلوا على 57.5% مقابل 42.5% للأرثوذكس. وفي نهاية عام 1868، تم افتتاح المؤتمر اليهودي العام الذي كانت قضيته الأساسية مناقشة الهيكل التنظيمي للجماعة. وقد سادت المؤتمر خلافات حادة وجدل عنيف، وخصوصاً حول تحديد طبيعة أو ماهية الجماعة اليهودية في المجر، إذ أن النيولوجيين قد اعتبروا الجماعة « جماعة تعمل على تلبية الاحتياجات الدينية » في حين أصر الأرثوذكس على اعتبارها "جماعة من أتباع العقيدة الموسوية الحاخامية والأوامر التي تم وضعها وتصنيفها في الشولحان عاروخ". ومن القضايا الأخرى التي أثارت الخلاف، المدرسة اللاهوتية للحاخامات التي كان من المزمع إقامتها بتمويل صندوق المدارس الذي أسسه الإمبراطور فرانسيس جوزيف الثاني من أموال الغرامة التي فُرضت على يهود المجر في أعقاب ثورة 1848. وفي النهاية، انسحب ثمانية وأربعون مندوباً أرثوذكسياً من المؤتمر، وتم التصديق على قرارات المؤتمر. وقد نجح الأرثوذكس فيما بعد في تنظيم إطار خاص بهم، وذلك بعد حصولهم على تصريح بذلك من الإمبراطور. 
وقد سعى النيولوجيون إلى توحيد الطائفتين النيولوجية والأرثوذكسية ولكن دون جدوى. ومع ذلك، كان لسعيهم في هذا الاتجاه أثر في عدم تطبيقهم أية إصلاحات راديكالية في الطقوس الدينية وتَبنِّيهم توجهاً محافظاً. وإلى جانب ذلك، ظل هناك خلاف داخل المعسكر النيولوجي نفسه، فمنذ عام 1848 سعى بعض أعضاء الطائفة إلى تأسيس معبد إصلاحي، ولكن المخاوف داخل الطائفة من أن تتسبب هذه الخطوة في إحداث انشقاق نهائي بين الجماعة اليهودية، أدَّت إلى حصولها على أمر من السلطات بتصفية هذه المنظمة الإصلاحية الصغيرة عام 1852. وفي عام 1884، حاولت مجموعة أخرى تأسيس جماعة إصلاحية ولكن المكتب القومي للنيولوجيين تَدخَّل مرة أخرى لمنعهم. أما بعد الحرب العالمية الأولى، فقد شكلت الطائفة النيولوجية نقطة جذب ليهود المجر الذين تباعدوا تماماً عن العقيدة اليهودية ولكنهم لم يجدوا قبولاً بعد داخل المجتمع المجري المحيط. وخلال الفترة التي عاش فيها يهود المجر في عزلة اجتماعية واقتصادية (1938 ـ 1944)، نشطت الطائفة النيولوجية، وخصوصاً في المجالات التعليمية والخيرية، كما انضمت إليهـم بعـض العـناصر الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن هذا التطور لم يستمر حيث تم مَنْع النشاط الصهيوني عام 1949. وفي عام 1950، تم توحيد الطائفتين النيولوجية والأرثوذكسية بقرار من النظام الشيوعي. 
المؤتمـــرات الحاخاميـــة 
Rabbinical Conferences 
«المؤتمرات الحاخامية» هي مجموعة من المؤتمرات التي عُقدت في ألمانيا، في منتصف القرن التاسع عشر، لمحاولة التصدي للمشاكل الناجمة عن التحديث وإعتاق اليهود وتَساقُط الجيتو وتَصاعُد معدلات العلمنة، وكلها أمور أدَّت إلى تفاقم أزمة اليهودية. وقد عقد أبراهام جايجر مؤتمراً عام 1837 في وايسبادن لمناقشة آرائه في الإصلاح الديني، ولكنه لم يتوصل إلى أية نتائج عملية. وعُقدت بعد ذلك المؤتمرات التي صاغت منطلقات اليهودية الإصلاحية: 
1 ـ مؤتمر برونزويك (12 ـ 19 يونيه عام 1844). وقد حضره 24 حاخاماً معظمهم من الإصلاحيين، من بينهم جايجر وهولدهايم. وكان ضمن قراراته إلغاء صلاة كل النذور، وتأكيد أن اليهود يعتبرون البلاد التي يعيشون فيها أوطانهم وبلاد آبائهم. ووافق المؤتمر على الزواج المختلط شريطة أن يكون النسل يهودياً. 
2 ـ مؤتمر فرانكفورت (16 ـ 28 يوليه عام 1845). وقد حضره 38 حاخاماً يمثلون أفكاراً إصلاحية ومحافظة. وقد بدأت الاختلافات بين التقليديين والإصلاحيين تظهر ثم تتضح، فتم الاتفاق على ضرورة الاحتفاظ بالعبرية في الصلاة، ولكن الفريقين اختلفا حول حجم الجزء العبري. وقد نجح الفريق الإصلاحي في فرض موقفه، كما نجح في اتخاذ قرار بشأن إلغاء الأدعية الخاصة باستعادة العبادة القربانية، الأمر الذي أدَّى إلى انسحاب زكريا فرانكل وأتباعه. وقد وافق المؤتمر على إدخال الأرغُن في المعبد اليهودي. 
3 ـ مؤتمر برسلاو (13 ـ 24 يوليه عام 1846). وقد حضره 22 حاخاماً، كلهم إصلاحيون تقريباً. وقد عدَّل المؤتمر قوانين السبت وخفَّف من حدتها، بالذات بالنسبة إلى الجنود والموظفين العموميين، وأُلغى اليوم الثاني في الأعياد. وحاول المؤتمر أن يُعدل طريقة الختان بحيث تتفق وقواعد الصحة الحديثة، وأُبطلت بعض عادات عند اليهود، مثل تمزيق الملابس، والجلوس على الأرض إعلاناً للحداد، وإطلاق اللحية. وقد زادت قرارات المؤتمر من حدة الخلاف، إذ أن التقليديين اعتبروها قرارات متطرفة في حين اعتبرها الإصلاحيون الثوريون محافظة أكثر من اللازم. وقد توقفت المؤتمرات بعد ذلك في ألمانيا، ولكنها استمرت في الولايات المتحدة التي أصبحت أهم مركز لليهودية الإصلاحية. 
4 ـ مؤتمر فيلادلفيا (3 ـ 6 نوفمبر عام 1869). وقد حضره 12 حاخاماً إصلاحياً، واتُخذت قرارات بضرورة إنهاء بقايا التفرقة بين الكهنة واليهود العاديين، وتأكيد رسالة إسرائيل للعالم، وقبول الشتات، أي انتشار الجماعات اليهودية في العالم، لا باعتباره عقاباً وإنما كوسيلة لإنجاز هذه الرسالة، وإنكار فكرة البعث والإصرار على أن تكون الصلاة بلغة الوطن. 
5 ـ مؤتمر بتسبرج (16ـ 18 نوفمبر عام 1885). وقد حضره 18 حاخاماً إصلاحياً. وهو المؤتمر الذي أصدر قرارات بتسبرج الشهيرة التي أصبحت تشكل إطار اليهودية الإصلاحية . وقد رفضت القرارات الشعائر الاحتفالية التي لم يَعُد لها معنى أخلاقي، وكذلك فكرة عودة اليهود إلى فلسطين واستعادة العبادة القربانية، وأكدت القرارات الإيمان بخلود الروح (مقابل فكرة البعث) والدعوة إلى حل القضايا الاجتماعية على أساس من العدل والتقوى. وقد أشارت القرارات إلى أنه لا يوجد أي شيء في روح اليهودية أو قوانينها يمنع من أن تتم احتفالات نهاية الأسبوع يوم الأحد بدلاً من السبت (إذا رأت الجماعة ذلك). 
وقد تم تأسيس أول تنظيم للحاخامات الإصلاحيين بعد مرور أربعة أعوام من مؤتمر بتسبرج، وهو المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين، والذي يعقد اجتماعاته سنوياً.كما تم تأسيس تنظيمات لحاخامات الفرق الأخرى، وهي تعقد اجتماعات سنوية تناقش كل ما قد يظهر من أسئلة وقضايا دينية. 
المؤتمــر المركــزي للحاخـامات الأمريكـيين 
Central Conference of American Rabbis 
منظمة تضم الحاخامات الإصلاحيين في الولايات المتحدة وكندا أسسها إسحق ماير وايز عام 1889. وقد ساهمت هذه المنظمة في إعداد كُتب صلوات للجماعات اليهودية التي تتبع اليهودية الإصلاحية، وهي كتب تتَّسم باختفاء النزعة القومية والبُعد عن استخدام اللغة العبرية. وكان المؤتمر في بادئ الأمر محايداً بل معادياً للصهيونية. وفي الثلاثينيات، بدأ المؤتمر يغيِّر اتجاهه، ويتخذ موقفاً أكثر تفهماً وتعاطفاً مع الحركة الصهيونية، حتى أعلن برنامج كولومبوس عام 1947 الذي أكد أن من واجب كل يهودي أن يساهم في تعمير فلسطين، لا كملجأ للمحتاجين وحسب بل كمركز لليهودية في العالم. وقد انعكس هذا الاتجاه الفكري الجديد على التعديلات القومية التي أُدخلت على كتب الصلوات التي أصدرها المؤتمر مؤخراً. ولا يزال المؤتمر يطالب بفصل الدين عن الدولة في الولايات المتحدة وإسرائيل. والمؤتمر يعقد اجتماعاً سنوياً. 
يتبع إن شاء الله...


الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49219
العمر : 72

الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  Empty
مُساهمةموضوع: اتحــــاد الأبرشـــيات العــبرية الأمريكيــة    الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  Emptyالسبت 08 فبراير 2014, 8:49 pm

اتحــــاد الأبرشـــيات العــبرية الأمريكيــة 
Union of American Hebrew Congregations 
أسسه إسحق ماير وايز في مدينة سنسناتي بولاية أوهايو الأمريكية عام 1873، وهو هيئة يهودية إصلاحية. وقد كان هذا الاتحاد يضم عند تأسيسه 28 معبداً يهودياً. وفي عام 1967، كان يضم 650 فرعاً، بعضوية تزيد على المليون عضو، ووصل عددهم في 1980 إلى نحو 730 فرعاً. وقد انتقل المقر الرئيسي إلى نيويورك عام 1951. وتم تأسيس كلية الاتحاد اليهودي عام 1875 تحت إشراف الاتحاد. 
والأقسام الأساسية للاتحاد، والتي تم تنظيمها بالاشتراك مع المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين، هي: قسم التربية، وقسم الوسائل السمعية والبصرية، وقسم إدارة المعابد اليهودية، وقسم الأبرشيات الجديدة، وقسم الإعلان، وقسم خدمات المعابد، وقسم العلاقات مع الأديان الأخرى. وقد قسم الاتحاد إلى 16 منطقة لكل منها مدير ومجلس إقليمي. ويدير الاتحاد المجلس التمثيلي الذي ينعقد على شكل مؤتمر كل سنتين، وهناك مجلس قومي للأوصياء. والاتحاد جزء من الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية، ويُصدر الاتحاد منشورات من بينها مجلة اليهودية الأمريكية ومجلة المعلم اليهودي . 
كليــة الاتحــاد العــبري ـ المعهــد اليهــودي للديــن 
Hebrew Union College-Jewish Institute of Religion 
معهد ديني يهودي أسسه إسحق ماير وايز عام 1875 في سنسناتي بولاية أوهايو الأمريكية لدعم اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة، ودفعها إلى الأمام. وقد أسس ستيفن وايز المعهد اليهودي للدين في نيويورك عام 1922 لتحقيق الأهداف نفسها. واتحدت المدرستان عام 1950 تحت اسم كلية الاتحاد العبري ـ المعهد اليهودي للدين. وكان من بين رؤسائها: ستيفن وايز، وإسحق وايز، وكولر كوفمان. ويتخرج في هذه المدرسة الموحدة نحو 30 حاخاماً في السنة بعد خمس سنوات دراسية. 
وقد خرَّجت مدرسة سنسناتي ما يربو على ستمائة حاخام. وقد خرجت مدرسة نيويورك أكثر من مائتين وخمسين حاخاماً. وتغطي مدرسة سنسناتي مساحة تساوي 18 هكتاراً تقريباً، وتحتوي مكتبتها على 140.000 كتاب، و3.000 مخطوط، و3.000 مخطوط للموسيقى. وهي تنشر كتاباً سنوياً ودراسات في الببليوجرافيا وأخبار الكتب. وفي سنة 1947، أسست المدرسة الأرشيف اليهودي الأمريكي، الذي يهدف إلى تطوير دراسة تاريخ اليهود في الولايات المتحدة. 
ويتبع المعهد كذلك متحف لبعض المقتنيات المهمة من وجهة النظر اليهودية. وتشمل المدرسة التي مقرها نيويورك مدرسة الاتحاد اليهودي للتربية لإعداد مديري المدارس والمدرسين للعمل بالتعليم الديني اليهودي، كما تضم مدرسة الاتحاد اليهودي للموسيقى الدينية التي تدرِّب المرتلين بعد أربع سنوات من الدراسة. وتضم مكتبتها ما يزيد على 50.000 كتاب. ولكلية الاتحاد اليهودي مركز فرعي في القدس. 
الاتحـــاد العــالمي لليهوديــة التقدميــة 
World Union for Progressive Judaism 
منظمة أُسِّست في لندن عام 1926 للتنسيق بين مجموعات اليهود الإصلاحيين ولتأسيس مراكز جديدة لليهودية الإصلاحية. ويعقد الاتحاد مؤتمراً عالمياً لمناقشة موضوع بعينه. وقد أسس الاتحاد في سنة 1955 مركزاً عالمياً للدراسات الدينية والتدريب في باريس للحاخامات التقدميين الإصلاحيين. وتتبع الاتحاد مؤسسات في 18 بلداً، كما يتبعه نحو مليوني عضو. ولقد تم الاعتراف بالاتحاد كمنظمة استشارية غير حكومية في الأمم المتحدة واليونسكو. 
ديفيــد فرايدلانـــدر (1750-1834) David Freidlander 
زعيم يهودي إصلاحي، وُلد في ألمانيا حيث أسس مصنعاً للحرير. وهو أحد مؤسسي مدرسة برلين الحرة (عام 1778) التي أصبحت نموذجاً للمدارس العلمانية اليهودية. حارب فرايدلاندر ليحصل أعضاء الجماعات اليهودية على حقوقهم المدنية في بروسيا. وبعد موت صديقه الحميم مندلسون، تولى زعامة حركة التنوير اليهودية، وكان أول يهودي يُنتخَب لمجلس مدينة برلين عام 1809. وقد كان فرايدلاندر يهدف إلى اندماج اليهود بشكل كامل في الأمم التي يعيشون بين ظهرانيها، ولذلك فإنه كان يطالب اليهود بالتخلي عن التلمود وبعض الشعائر اليهودية التي تعـوق هذا الاندمـاج، كما طالبهم باتخاذ الألمانية، لا العبرية ولا اليديشية، لغة لهم. 
بل إنه كان أحد المفكرين اليهود القلائل الذين نادوا بالتخلي عن عقيدة الماشيَّح التي تسببت في عزل اليهود عن العالم غير اليهودي. وكان فرايدلاندر يرى أن المسألة اليهودية في شرق أوربا لا يمكن حلها إلا عن طريق الإصلاحات التي تؤدي إلى الاندماج. كما أعرب فرايدلاندر في خطاب له عن استعداد عدد كبير من يهود برلين لأن يتقبلوا المسيحية إذا لم يُطلَب منهم الإيمان بعقائد تتنافى مع العقل (مثل عقيدة الابن). 
إسرائيل جيكوبسون (1768-1828) Israel Jacobson 
رائد اليهودية الإصلاحية. كان جيكوبسون رئيس المجلس اليهودي في مملكة وستفاليا النابليونية، كما كان من كبار المموِّلين. عمل من أجل إصلاح التعليم اليهودي وطقوس المعبد اليهودي. أسس في زيزن (في مقاطعة برونزويك) مدرسة جيكوبسون للطلبة اليهود والمسيحيين عام 1801. وفي عام 1810، هيأ بيته ليكون معبداً يهودياً إصلاحياً على غرار الكنائس البروتستانتية، فزوده بالأرغن. وكانت تُلقَى فيه العظات بالألمانية. وبنى أول معبد إصلاحي في هامبورج عام 1818، كما نشر كتاباً جديداً للصلوات. 
ليــوبولد زونــز (1794-1886) Leopold Zunz 
عالم ألماني. مؤسس علْم اليهودية، وأول من استخدم المناهج الأدبية والتاريخية الحديثة في دراسة الكتابات اليهودية. وكان زونز يؤمن بأن إصلاح اليهودية يجب أن يحتفظ بما يُسمَّى «الهوية اليهودية التاريخية الأساسية»، وهي هوية لا تتخذ شكلاً جامداً، وإنما هي قوة حيوية متطورة. وفي كتابه احاديث اليهود الدينية، حاول أن يبرهن على هذه النظرية، فبيَّن أن اليهودية تواءمت دائماً مع متطلبات الزمان والمكان، ولكن التغيير الذي كان يطرأ عليها لم يغيِّر جوهرها نفسه. والواقع أن موقفه لا يختلف في أساسياته عن موقف اليهودية المحافظة. وبالفعل، نجده يقف موقفاً وسطياً معتدلاً في المعركة الدائرة بين اليهودية الإصلاحية واليهودية الأرثوذكسية. 
صــمويل هولدهايم (1806-1860) Samuel Holdheim 
زعيم اليهودية الإصلاحية. تلقَّى تعليماً تقليدياً، وترأس منذ عام 1847 الجماعة الإصلاحية في برلين. ويُعَدُّ هولدهايم من أشد الإصلاحيين تطرفاً وثورية، فقد كان يؤمن إيماناً عميقاً بفكرة التقدم، ولذا فقد طالب بأن تتكيف اليهودية مع الأوضاع الجديدة في المجتمعات الغربية الحديثة بإدخال تغييرات أساسية تنادي بالاحتفال بيوم السبت في يوم الأحد، كما طالب بالسماح لبعض الفئات بالعمل فيه، وإلغاء اليوم الثاني من الأعياد، وعدم التمسك بالختان، وذلك على اعتبار أن الجوانب الشعائرية انتهت بسقوط الهيكل والكومنولث اليهودي. ولذا، ينبغي التخلي عن كل ما له علاقة بالهيكل أو بالدولة اليهودية القديمة. 
سولومون فورمستشر (1808 - 1889)  Solomon Formstecher 
حاخام ومفكر ديني ألماني يهودي، وأحد قادة حركة اليهودية الإصلاحية. اشترك في المؤتمرات الحاخامية المختلفة التي تناولت قضية اليهودية في العصر الحديث، وكتب عدة دراسات عن فلسفة الدين، ويُعَدُّ مؤلفه ديانة الفكر (1841) أهم مؤلفاته التي يصف فيها اليهودية بأنها ليست ديانة طبيعية (أي متمركزة حول الطبيعة) وإنما ديانة فكر عالمية ترى أن الإله يتجاوز الطبيعة، وأنه الحقيقة المطلقة ومصدر القيم. ويقصد فورمستشر بالفكر التحقق التاريخي الواعي للمطلق. 
وإذا كانت الديانة عموماً هي طموح الإنسان لأن يكون له عالمه الخاص من القيم، فإن ديانة الفكر هي طموحه لتجسيد المثال الأخلاقي المطلق. والأمة اليهودية هي التي تقوم بهذه العملية، فهي تجسيد للمطلق في التاريخ. فهي التي بدأت بالتوحيد. بل إنه يرى أن المسيحية والإسلام إن هما إلا أداتان للأمة اليهودية تستخدمهما للقضاء على ديانات الطبيعة الوثنية التي تؤمن بالخالق لا كمبدأ مطلق متجاوز للطبيعة وإنما كمبدأ طبيعيّ. 
ويذهب فورمستشر إلى أن التوحيد في الإسلام والمسيحية ليس كاملاً كما هو الحال مع اليهودية، وإنما هو توحيد مختلط تمتزج فيه العناصر الوثنية بالعناصر التوحيدية، وبذا تظل الأمة اليهودية التعبير الوحيد الصافي عن المطلق. 
والمصطلح الذي يستخدمه فورمستشر هو الخطاب الألماني الرومانتيكي. وقد وظِّف للتعبير عن بعض الموضوعات الأساسية في التراث القبَّالي الحلولي الذي جعل الأمة اليهودية جزءاً من الإله يوجد في العالم ويتركز فيه الغرض الإلهي. ولذا، فإن حديث فورمستشر عن التوحيد يتنافى تماماً، لا مع التراث الديني اليهودي الذي تسري فيه الحلولية، وإنما مع خطابه الحلولي المتطرف نفسه. 
ديفيــد آينهورن (1809-1879) David Einhorn 
حاخام يهودي إصلاحي من أصل ألماني. عُرف بآرائه الثورية، فطـالب بإدخـال اللغة الألمانية في الصلاة، وأنكر أية سلطة مقدَّسة للتلمود. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1855، وهو العام الذي عقد فيه إسحق وايز مؤتمر الحاخامات في كليفلاند، والذي اتخذ قرارات إصلاحية معتدلة تهدف إلى خلق نوع من الوحدة بين الاتجاهات الإصلاحية المختلفة. وقد اعتبر أينهورن هذا خيانة للاتجاه الإصلاحي، فهاجم قرارات المؤتمر، وبذا بدأت العداوة المريرة بينه وبين وايز. وقد شرح أينهورن أفكاره في مجلته التي كانت تَصدُر بالألمانية (1856 ـ 1862)، وفي كتاب الصلوات الذي ألفه (وكان يُعَدُّ كتاباً جديداً تماماً لا علاقة له بكتب الصلوات المعروفة). 
هاجم أينهورن مؤسسة العبودية في الولايات المتحدة ودعاة الحفاظ عليها، فاضطر إلى الفرار عام 1861 من بلتيمور، ومنها إلى نيويورك حيث أصبح حاخام معبد بيت إيل الشهير. وقد كان له تأثير واضح على مقررات مؤتمر فيلادلفيا الحاخامي عام 1869، كما أن أفكاره تركت أثراً عميقاً في اليهودية الإصلاحية من خلال زوج ابنته كاوفمان كولر، واضع مقررات مؤتمر بتسبرج. كما أن كتاب الصلوات الذي وضعه ترك أثراً واضحاً في كتاب الصلوات الذي تبنته الحركة الإصلاحية في الولايات المتحدة. 
أبراهـام جايجــر (1810-1874) Abraham Geiger 
عالم يهودي ألماني، تَزعَّم الحركة اليهودية الإصلاحية في ألمانيا. حاول أن يدخل على اليهودية مفاهيم معاصرة أقل قَبَلية وأكثر عالمية من المفاهيم السائدة في عصره، ودعا إلى عقد أول مؤتمر للحاخامات الإصلاحيين عام 1837، وأسس في برلين مدرسة لدراسة علم اليهودية، واستمر في التدريس فيها حتى وفاته. 
وقد ذهب جايجر إلى أن اليهودية دين له رسالة عالمية شاملة وليست مقصورة على شعب من الشعوب. ولذلك، فقد ركز هجومه على فكرة الختان، وقوانين الطعام، وعلى عقيدة الشعب المختار، وعلى تصوُّر أن اليهود يكوِّنون شعباً عالمياً، وعلى استخدام العبرية في المعبد اليهودي. كما هاجم كل المفاهيم ذات النزعة الدينية الخصوصية. ومع هذا، كان جايجر يحاول قدر استطاعته، على عكس هولدهايم، أن تكون التغييرات إصلاحية وليست ثورية، وأن تكون لها سوابق تاريخية، وأن تكون ذات جذور في التراث (ومن هنا كان اهتمامه بالدراسة التاريخية النقدية اليهودية). 
وتظهر روحه الإصلاحية في كتاب الصلوات الذي نشره عام 1854 حيث اختفت كل الإشارات إلى العودة لأرض الميعاد وفكرة الاختيار. ومن أهم أعماله، بعض الدراسات التاريخية الخاصة بتطوراليهودية والعهد القديم وترجماته، كما كتب دراسة في أعمال موسى بن ميمون ويهودا اللاوي. 
إســحق مايــر وايـز (1819-1900) Isaac Mayer Wise 
زعيم اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة، وأهم مؤسسيها. وُلد في بوهيميا بتشيكوسلوفاكيا، وتأثر بأفكار حركة الاستنارة الفرنسية. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1846، وعند وصوله أصبح حاخاماً في مدينة أولباني في ولاية نيويورك حيث أدخل كثيراً من الإصـلاحات على الصـلاة اليهـودية، مثل السـماح بالاختلاط بين الجنسين، كما أدخل أغاني الجوقة. ثم قبل وايز منصب حاخام في سنسناتي في ولاية أوهايو الأمريكية عام 1854 وبقي فيها بقية حياته. وبعد وصوله مباشرة، بدأ في نشر مجلة الإسرائيلي التي عُرفت فيما بعد باسم الإسرائيلي الأمريكي، وكانت تُصدر ملحقاً بالألمانية. 
وفي عام 1855، نجح في عقد مؤتمر لزعماء اليهودية الأمريكية، ومن بينهـم الأرثوذكـس، بهدف إقامة سـلطة دينية، أو مجلـس ديني موحَّد. ولكن المحاولة فشلت لأن الأرثوذكس لم يثقوا في نواياه، أما الإصلاحيون فهاجموه بسبب عدم وضوحه. وقد حاول وايز مرة أخرى أن يحتفظ بالوحدة في صفوف يهود أمريكا فنشر عام 1856 كتاب صلاة بعنوان منهاج أمريكي، ولكنه رُفض أيضاً من الطرفين. وأثناء الحرب الأهلية، أخذ وايز موقفاً ممالئاً لدعاة الحفاظ على مؤسسة العبودية. وقد ساهم في إقامة مؤسسات اليهودية الإصلاحية، وخصوصاً كلية الاتحاد العبري (1875) التي عُيِّن رئيساً لها حتى وفاته. 
ومع هذا، يبدو أن جذور اليهودية الإصلاحية في أمريكا تعود إلى عدوه أينهورن، فمقررات مؤتمر بتسبرج كانت من صُنع كاوفمان كولر زوج ابنة أينهورن، كما أن كتاب الصلوات الإصلاحي يستند إلى كتاب الصلوات الذي وضعه أينهورن لا إلى كتاب وايز. 
صمويل هيرش (1815-1889) Samuel Hirsch 
حاخام ومؤلف ألماني يهودي، وأحد أعلام حركة اليهودية الإصلاحية. تَلقَّى تعليمه في ألمانيا حيث عمل فيها حاخاماً عام 1841، ولكنه اضطر إلى الاسـتقالة بعد عامين بســبب أفكاره الإصلاحية المتطرفة. وقد عينه ملك هولندا حاخاماً أكبر لدوقية لوكسمبورج، فاستمر في عمله لمدة عشرين عاماً (وقد انتهز هيرش هذه الفرصة وكتب عدة دراسات علمية واشترك في عديد من المؤتمرات الحاخامية حيث دافع عن الإصلاح الديني). 
وفي عام 1886، انتقل هيرش إلى الولايات المتحدة ليعمل حاخاماً لأبرشية اليهود الإصلاحيين في فلادلفيا وترأس المؤتمر الحاخامي الذي عُقد في هذه المدينة عام 1869، والذي وضع مبادئ اليهودية الإصلاحية. كما أسس أول فرع لجماعة الأليانس في الولايات المتحدة. وكتابه فلسفة دين اليهود (حسبما جاء في الموسوعة النقدية للفلسفة اليهودية) يظهر فيه بشكل ظاهر منهج هيجل وغايته من التفلسف حيث يقول إن قوام فلسفة الدين تحويل الوعي الديني إلى حقيقة فلسفية. لكن هيرش يختلف مع هيجل في تقديمه للحقيقة الدينية حيث يجعلها صنواً للحقيقة الفلسفية. 
ويرى هـيرش أن الإنسـان لا يعي نفسـه كذات إلا عندما يعي حريته، وتظل هذه الحرية تصوراً لا يتحقق إلا في حالة الإيمان بالإله من خلال ديانة منزلة. فإذا عَقَد لواء السيادة لطبيعته وحواسه على تفكيره وقلبه، فإنه يفقد حريته ويجعلها لاحقة وخاضعة لطبيعته. وهذا ما حدث في الديانات الوثنية التي جعلت الطبيعة المطلقة مبدأ، بعكس الديانات المنزلة التي أضفت كرامة على الإنسان وجعلته مسئولاً ومن ثم حراً، وليس الإله فيها إلا واهب ومريد هذه الحرية، فهو يريد للإنسان أن يكون حراً لأنه يريده أن يكون مسئولاً. وكلما نزَّهت الديانة الإله، جعلت صورته أكثر كمالاً باعتباره واهب هذه الحرية وباعتباره مريداً لها. 
ولذلك، كانت المسيحية، حسب رأي هيرش، ديانة متوسطة بين اليهودية والوثنية لأن المسيحية والوثنية لا تجعلان الإله مبدأ للحرية (وإن كانت المسيحية تقول ذلك بدرجة أقل من الوثنية). وقد كانت المسيحية في بداية ظهور المسيح نسخة من اليهودية، أو كانت اليهودية نفسها. ولكن تعاليم بولس الرسول، وما أدخله من أفكار غريبة على هذه الديانة، هي التي باعدت بين الديانتين، ومن ثم فلو استُبعد ما أقحمه بولس الرسول على المسيحية لعادت المسيحية ديانة توحيدية ورافداً من روافد اليهودية. 
وليس أَدلُّ على صدق اليهودية من استمرار شعبها في الوجود حتى الآن، فاستمرار هذا الشعب معجزة إلهية. وقد كان الإله يُظهر نفسه لشعبه من خلال أنبيائه ومعجزاته بهم ولهم، وهو الآن يُظهر نفسه من خلال معجزة واحدة هي مشيئته التي تحققت بأن جعل الشعب اليهودي يستمر رغم كل شيء. ورغم أن هيرش أحد دعاة الإصلاح الديني والاندماج، إلا أن مقولاته التحليلية الأساسية (تفوُّق النسق الديني اليهودي - استمرار الشعب اليهودي كمعجزة إلهية) مقولات صهيونية تماماً بل إنها مقولات حلولية أبعد ما تكون عن التوحيد. ولعل هذه المقولات الكامنة هي التي تفسر صهينة اليهودية الإصلاحية نفسها فيما بعد حتى أصبح لها ممثلون في الحركة الصهيونية وإسرائيل. 
كوفمــــان كولـــر (1843-1926) Kaufmann Kohler 
أحد زعماء اليهودية الإصلاحية. وُلد وتلقَّى دراسته في ألمانيا، ثم استقر في الولايات المتحدة عام 1869. وعمل حاخاماً للجماعة الإصلاحية في شيكاغو ونيويورك إلى أن عُيِّن رئيساً لكلية الاتحاد العبري عام 1903، وظل في هذا المنصب ثمانية عشر عاماً. وكان كولر الشخصية الأساسية في مؤتمر بتسبرج الإصلاحي حيث تم تَبنِّي قراراته الإصلاحية الشهيرة. 
كان كولر كاتباً كثير الإنتاج في حقلي الفلسفة واللاهوت، وكان معارضاً قوياً للصهيونية. وقد أسهم في تطور اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة، وكان يُعَد العالم الإصلاحي الأساسي. اشترك في تحرير الترجمة اليهودية الأمريكية للعهد القديم، وفي الموسوعة اليهودية (القديمة التي صدرت في أوائل هذا القرن). وله دراسة منهجية تاريخية للاهوت اليهودي تُعَدُّ من أهم أعماله. 
كـــلود مونتفيــوري (1858-19389) Claude Montefiore 
عالم دين يهـودي وحفيد السـير مونتفيوري وإسـحق ليون جولد سميد. تلقى تعليمه في أكسفورد (حيث تأثر بتعاليم المفكر الليبرالي المسيحي بنيامين جوديت)، ثم في مدرسة علْم اليهودية في برلين، حتى يصبح حاخاماً إصلاحياً. إلا أنه وجد نفسه غير متعاطف مع اليهودية الإصلاحية، فلم يتقبل المنصب وتعرَّف إلى إسرائيل إبرامز وسولومون شختر وأسس مع الأول جويش كوارترلي ريفيو عام 1888 وقد ألقى مجموعة محاضرات عن عقيدة العبرانيين القدامي، ونُشرت هذه المحاضرات في العام نفسه تحت عنوان محاضرات عن أصل الدين وتطوره كما تتبدَّى في عقيدة إسرائيل القديمة. 
ويُعتبَر مونتفيوري مؤسس اليهودية الليبرالية (وهي الصياغة المتطرفة لليهودية الإصلاحية)، وأسَّس مع ليلي مونتاجو الاتحاد الديني اليهودي (1902) الذي تطوَّر ليصبح الاتحاد الليبرالي اليهودي. وكان مونتفيوري رئيس المعبد اليهودي الليبرالي في لندن (1911)، وانتُخب رئيساً للاتحاد الدولي لليهودية التقدمية (1926). وظل في هذا المنصب حتى وفاته. كما أسَّس مونتفيوري مع العَالم الكاثوليكي البارون فون هيوجل جماعة لندن لدراسة الدين، وهي جماعة من العلماء كانوا يجتمعون بشكل دوري لمناقشة أبحاثهم في الدين. 
وقد توجَّه مونتفيوري للقضايا التي يثيرها نقد العهد القديم، فذهب إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت بما لا يقبل الشك أن أسفار موسى الخمسة لا تعود إلى أيام موسى أي أنها ليست موحى بها، ولكن هذا لا يعني التخلي عن الشريعة وعن فكرة القانون لأن الإنسان يكتشف القانون داخله، والوحي يكشف له ما بداخله، أي أن الفرد يصبح المرجعية والمنطلق. وبالفعل نجد أن اليهودية الليبرالية تحاول تكييف العقيدة اليهودية وتطويعها لتناسب احتياجات اليهودي النفسية والأخلاقية. 
ولذا حاول مونتفيوري أن يطوِّر اليهودية حتى تظـهر "يهودية جديدة تتخلـص من عقـائد الماضي، ومع هذا تتمسك بالأخلاق النبيلة". وكان مونتفيوري يرى أن اليهودية الليبرالية تهدف إلى الوصول إلى العالمية وإلى أن تقلل من أهمية العناصر العرْقية والقومية في اليهودية. ويَصدُر مونتفيوري عن إيمان بالإله الواحد، ويرى أن المفهوم اليهودي للإله وعلاقته بالإنسان وعلاقة الدين بالأخلاق قريب للغاية من المفهوم المسيحي، قريب ولكنه ليس مترادفاً معه. 
ويتحدد تميُّز اليهودية في أن الإله كامن في الطبيعة والتاريخ ومنزه عنهما في آن واحد. ومع هذا كان مونتفيوري يميل كثيراً إلى العقيدة المسيحية. وكانت دراساته في مجملها تهدف إلى تعميق فهم المسيحيين للتراث اليهودي وتعميق فهم اليهود لتعاليم المسيح. بل يبدو أنه كان يتطلع إلى اليوم الذي تظهر فيه عقيدة جديدة تضم الجوانب الإيجابية في كل من المسيحية واليهودية والديانات الأخرى. بل إن مونتفيوري كان يرى أن ثمة جوانب إيجابية في الأخلاقيات المسيحية غير موجودة في الأخلاقيات اليهودية وأن ثمة عنصراً صوفياً يوجد في الأناجيل لا يوجد في العهد القديم. 
وقد كان المسيح معلماً عظيماً ولكنه لم يكن مقدَّساً. ولذا، عارض مونتفيوري أية محاولة لوضع العهد الجديد على قدم المساواة مع العهد القديم أو قراءة أجزاء من العهد الجديد في الصلوات اليهودية. وقد هاجمه آحاد هعام بعنف بسبب أفكاره هذه، لأن الأخلاقيات اليهودية التي تَصدُر عن العدل (في رأي آحاد هعام) تتناقض تماماً مع الأخلاقيات المسيحية المبنية على المحبة، ومن المستحيل أن يعتنق الشخص الواحد الرأيين ويؤمن بالنسقين. 
أما فيما يتصل بموقفه من الصهيونية، فإن كلود مونتفيوري يذهب إلى أن اليهودية هي أساساً انتماء ديني وليست انتماءً قومياً سياسياً. فالدين، في تصوَّره، أمر في غاية الخطورة والأهمية، حيث إنه يملأ حياة المشتغلين به فلا يترك لهم أي وقت للاشتغال بأي شيء آخر، سياسياً كان أو قومياً، وبذا أصبح اليهود "مملكة من الكهنة". 
وهذا الاصطلاح الأخير له معنى روحي ديني وحسب، فلو لم يكن الأمر كذلك لأصبح الاصطلاح متناقضاً لأقصى حد. وعلاوة على هذا، يرى مونتفيوري أن رؤية اليهودية العالمية الشاملة جعلت من الصعب عليها أن تظل عقيدة قومية يحتكرها عنصرٌ أو جنسٌ لنفسه، ولذا فقدت الأمة التي تؤمن بها هويتها كأمة (بالمعنى السياسي) وتحولت إلى جماعة دينية. 
وقد دعَّم هذا الاتجاه إيمان اليهود بأن الإله واحد وأنه رب للعالمين لا يتحيز لشعب على حساب الآخر. لكل هذا، عارض مونتفيوري بشدة كلاًّ من الصهيونية ووعد بلفور. ولمونتفيوري مؤلفات عدة من أهمها الخطوط الأساسية لليهودية الليبرالية (1920)، و العهد القديم وما بعده (1923)، ومختارات حاخامية (1938).
إيـوجـــين بورويتـز (1924- ) Eugene Borowitz 
حاخام ومفكر ديني إصلاحي. وُلد في نيويورك، وكان ابناً لموظف في أحـد مصانع الملابـس. درس في جامعـة أوهـايو وكلية الاتحاد العبري، وحصل على الدكتوراه في التربية من جامعة كولومبيا. 
عمل بورويتز حاخاماً في عدد من المدن الأمريكية من بينها نيويورك، كما عمل حاخاماً في البحرية الأمريكية. من أهم مؤلفاته لاهوت يهودي جديد يُولَد (1968) حيث يلخص المواقف اللاهوتية اليهودية الأساسية في العصر الحديث. أما كتابه القناع الذي يلبسه اليهود (1973)، فهو يتناول ما يتصور بورويتز أنه الأقنعة التي يرتديها يهود أمريكا. ويتناول الكتاب قضايا، مثل: الاندماج، وكُره اليهودي لنفسه، ومفهوم الشعب اليهودي، وعلاقة يهود الولايات المتحدة بالتقاليد الدينية اليهودية. ويتكون كتابه اليهودية الإصلاحية اليوم (1978) من ثلاثة أجزاء، وهو يتناول الأفكار والممارسات الأساسية لليهودية الإصلاحية، ويؤيد بورويتز في هذا الكتاب الاتجاه المتصاعد في صفوف اليهودية الإصلاحية نحو تَبنِّي الصهيونية والعودة إلى ممارسة بعض الشعائر اليهودية باعتبارها سبيلاً لتقوية الهوية. ويقوم بورويتز بتحرير مجلة شماع التي تعبِّر عن أفكار اليهودية الإصلاحية. 
وينزع بورويتز نزوعاً حلولياً متطرفاً (داخل إطار الحلولية بدون إله). فهو يرى أن ثمة توحداً ما بين الإله والدولة الصهيونية. ومن هنا، فقد صرح بأن حرب عام 1967 كانت حرباً لا تتهدد الدولة الصهيونية وحسب وإنما كانت تتهدد الإله نفسه. 
ألكســـندر شــندلـــر (1925- ) Alexander Schindler 
زعيم اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة. وُلد في ميونخ، وهاجر من ألمانيا عام 1932 إلى الولايات المتحدة. خدم مع القوات الأمريكية في أوربا أثناء الحرب العالمية الثانية، واستمر في دراسته الجامعية بعدها، ثم درس في كلية الاتحاد العبري ورُسِّم حاخاماً عام 1953. وقد عُيِّن حاخاماً لمعبد إيمانويل في نيويورك، وشغل عدة مناصب قيادية في المؤسسات اليهودية والصهيونية. ويحاول شندلر أن يسترجع لليهودية الإصلاحية بعض الشعائر، وشيئاً من الحس الديني الذي استبعده مؤسسو الحركة بتأثير الفلسفة العقلانية. 
اُنتخب شندلر رئيساً لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى عام 1976. وهو بهذا، يُعتبَر أول يهودي إصلاحي يشغل هذا المنصب. وقد بقي شندلر في هذا المنصب حتى عام 1978. وإبان فترة رئاسته، تعاون مع بيجين وقدم له المشورة أثناء مباحثات كامب ديفيد. وموقف شندلر هو موقف الصهاينة الذين يؤيدون إسرائيل التوطينيين، ويضغطون من أجلها، ولا يهاجرون إليها قط. وهو موقف يتسم أيضاً بالتأييد الكامل للدولة الصهيونية، ورفض النقد العلني لها. 
ومع هذا، فإن الصهاينة التوطينيين يتوقعون من إسرائيل باستمرار أن تسلُك سلوكاً لا يسبب لهم حرجاً في أوطانهم. ولذا، فحينما اتضح دور إسرائيل في مذابح صابرا وشاتيلا، حاول شندلر أن يعبِّر عن القلق المتزايد بين يهود أمريكا بسبب سلوكها. ولكن بيجين أخبره بأن اليهودي الحق يؤيد إسرائيل دون أي تردُّد أو تساؤل، فيتخذ منها موقف المؤمن. 
ولعل هذا ما جعل شندلر يصرح بأن اليهود الأمريكيين « أصبحوا، إلى حدٍّ كبير، جماعة تسيطر عليها قضية واحدة هي إسرائيل، والدولة أصبحت معبدهم، ورئيس وزرائها حاخامهم، وأصبحت القضايا الداخلية والدولية تقاس بمقياس مدى نفعها أو ضررها لإسرائيل ». وقد انضم شندلر إلى حلقة دراسية تضم الحاخام جرشون كوهين (زعيم اليهودية المحافظة) وترى أن يهود أمريكا ككل يمكنهم الاحتفاظ باهتمامهم بإسرائيل، وأن يصوغوا في الوقت نفسه مصيرهم المستقل دون أن يتقبلوا بالضرورة مفهوم مركزية إسرائيل في حياة الدياسبورا (الجماعات اليهودية خارج إسرائيل). وبعد الانتفاضة، تَشجَّع شندلر وعبَّر عن حرج يهود الولايات المتحدة الشديد إزاء سلوك إسرائيل، وطالبها بالتفاهم مع الفلسطينيين. 
اليهودية الإصلاحية والصهيونية Reform Judaism and Zionism 
كان من المنطقي أن تعادي اليهودية الإصلاحية (بنزعتها الاندماجية) الحركة الصهيونية (في نزعتها القومية المشيحانية، وفي تمجيدها للجيتو والتلمود، وفي حفاظها على النطاق الضيق للحلولية اليهودية التقليدية). وقد عَقَد الإصلاحيون عدداً من المؤتمرات للتعبير عن رفضهم للصهيونية. كما أنهم رفضوا وعد بلفور وكل المحاولات السياسية التي تنطلق من فكرة الشعب اليهودي أو التي كانت تخاطب اليهود كما لو كانوا كتلة بشرية متجانسة لها مصالح مستقلة عن مصلحة الوطن الذي ينتمون إليه. 
وقد ظلت هذه العداوة قائمة زمناً طويلاً في الولايات المتحدة. ولكن اليهود في الغرب جزء لا يتجزأ من المصالح الاقتصادية والسياسية لبلادهم، ومن محيطها التاريخي والحضاري، وهذه البلاد في مجموعها تشجع المشروع الصهيوني. ولذا، لم يكن من الممكن أن تستمر الفكرة أو العقيدة الإصلاحية في مقاومة الواقع الإمبريالي الغربي الممالئ للصهيونية. وعلى كلٍّ، فإن اليهودية الإصلاحية جعلت روح العصر النقطة المرجعية والركيزة النهائية، والإمبريالية جزء أساسي من روح العصر في الغرب. 
ولكل هذا، نجد أن اليهودية الإصلاحية تخلت بالتدريج عن رؤيتها الليبرالية، وأخذت في تعديل رؤيتها بشكل يتواءم مع الرؤية الصهيونية. وبالفعل، بدأ الإصلاحيون في العودة إلى فكرة القومية اليهودية الصهيونية، وإلى فكرة الأرض المقدَّسة، فجاء في قرار مؤتمر كولومبوس عام 1937 أن فلسطين « أرض مقدَّسة بذكرياتنا وآمالنا » إلا أن مصدر قداستها ليس العهد بين الشعب والإله، وإنما الشعب اليهودي نفسه (وفي هذا اقتراب كبير من اليهودية المحافظة). 
وقد حاول الإصلاحيون تبرير هذا التحول بالعودة إلى التراث اليهودي فبيَّنوا أن الأنبياء كانوا يؤيدون الاتجاه القومي الديني دون أن يتخلوا عن الدفاع عن الأخلاقيات الإنسانية العالمية، ودون أن يجدوا أيَّ تناقض بين الموقفين، أي أن الإصلاحيين تقبَّلوا الموقفين: الانعزالي والعالمي دون تساؤل، وهم في هذا يقتربون من الصهيونية الثقافية، ومن صهيونية الجماعات اليهودية (أي الصهيونية التوطينية) في استخدامها مقياسين مختلفين: أحدهما يجعل اليهودية قومية بالنسبة للمستوطنين الصهاينة والإسرائيليين، والآخر يجعلها ديناً وتراثاً روحياً بالنسبة للمنفيين الذين لا يريدون مغادرة المنفى بسبب سعادتهم البالغة به! 
وقد تزايد النفوذ الصهيوني داخل معسكر اليهودية الإصلاحية إلى درجة أن الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية (أي الإصلاحية) عقد مؤتمره السنوي الخامس عشر في مدينة القدس للمرة الأولى عام 1968، وذلك عقب عدوان 1967 وفي غمرة الحماس القومي الذي اكتسح يهود العالم نتيجة للانتصار الإسرائيلي. وقد تزايدت أيضاً العناصر القومية في الشعائر الإصلاحية (حيث تُتلى الآن بعض الصلوات بالعبرية)، كما أن الإصلاحيين ينفخون في البوق (شوفار) في المعبد في عيد رأس السنة وأدخلوا بعض العناصر التراثية على الصلوات الأخرى. وبدأت اليهودية الإصلاحية، ابتداءً من منتصف السبعينيات، تساهم بشكل واضح في الحركة الصهيونية، حيث أصبحت ممثلةً فيها من خلال جمعية أراز (جمعية الصهاينة الإصلاحيين في أمريكا). 
وقد انضم الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية إلى المنظمة الصهيونية العالمية عام 1976. وانضمت أرتسينو (الرابطة الدولية للصهاينة الإصلاحيين) باعتبارها حزباً صهيونياً إلى المنظمة. فأصبح لليهودية الإصلاحية كيبوتسات ومؤسسات تربوية في إسرائيل وتنظيمات لجمع الأموال لها. وفي عام 1976، عُقد آخر المؤتمرات الإصلاحية التي أعادت صياغة العقيدة اليهودية في سان فرانسيسكو، ويُلاحَظ في قراراته أنها تحثُّ على استمرار الاتجاه نحو تعميق البُعد القومي. فالحقيقة الأساسية في حياة اليهود، حسب قرارات المؤتمر، هي الإبادة النازية، الأمر الذي يدل على الاتجاه نحو تَقبُّل لاهوت موت الإله ولاهوت ما بعد أوشفيتس. وقد بدأت اليهودية الإصلاحية تتجه نحو محاولة الالتزام ببعض الشعائر اليهودية بقدر الإمكان. 
ومع هذا أُعيد تعريف اليهودي بحيث يصبح "من وُلد لأب يهودي أو أم يهودية"، وأُبيح الزواج المُختلَط شرط أن يكون الأبناء يهوداً. وقد أُدخلت كل هذه التعديلات بسبب الرغبة في البقاء (أي التزاماً بلاهوت البقاء). وقد صدر، في عام 1975، كتاب إصلاحي جديد للصلوات يُسمَّى بوابات الصلاة، وهو كتاب تتبدَّى فيه الاتجاهات الصهيونية السابقة وقد صدر ليحل محل الكتاب الذي صدر في عام 1941.
وفي عام 1988 أصدرت أرتسينو بياناً يحدد موقفها من الصهيونية فأكدت أهمية إسرائيل بالنسبة ليهود العالم ولكنها أكدت أيضاً التعددية في حياة اليهود، وهي تعددية لا تستبعد العلمانية، ولذا فهي تؤيد كلاً من الدياسبورا والهجرة الاستيطانية، وطالب البيان حكومة إسرائيل بأن تبتعد عـن القمع الدينـي والعنف السياسي، ودافـع عن حقوق العرب ودعا إلى حـل سلـمي للصــراع العــربي الإسـرائيلي، مبني على الضمانات والتنازلات المتبادلة. 
وقد أُسِّست أولى الأبرشيات الإصلاحية في فلسطين عام 1936 في حيفا وتل أبيب والقدس. وفي عام 1939، أُسِّست مدرسة ليو بابك في حيفا، وهي أول مدرسة دينية غير أرثوذكسية في فلسطين (إسرائيل). ويُعَدُّ معبد ها إيل الذي أُسِّس عام 1958 أقدم المعابد الإصلاحية (التقدمية) في إسرائيل. وفي عام 1963أسست كلية الاتحاد العبري فرعاً لها في القدس. وقد تم توسيعها عام 1987، ثم أصبحت المقر الرئيسي للاتحاد العالمي لليهودية التقدمية، ويوجد قسم بالكلية لإعداد الإسرائيليين ليصبحوا حاخامات إصلاحيين، وقد تم ترسيم أول حاخام إصلاحي متخرج في المدرسة عام 1980، وبلغ عددهم 20 عام 1996. 
وكل حاخامات إسرائيل الإصلاحيين (التقدميين) أعضاء في مجلس الحاخامات التقدميين. ولا يقبل حاخامات إسرائيل الإصلاحيون تعريف اليهودي الذي يقبله حاخامات الولايات المتحدة الإصلاحيون. ويوجد فرع لكلية الاتحاد العبرية في إسرائيل، وقد انتقل المقر الرئيسي للاتحاد العالمي لليهودية التقدمية إلى القدس عام 1972. وفي عام 1980، تم تأسيس حركة الشباب الدولية الإصلاحية الصهيونية في القدس وتتبعها عشرة فروع. وتتبع الفرع الإسرائيلي حركة الكشافة الإسرائيلية. ولا يزيد عدد اليهود الإصلاحيين في إسرائيل عن عشرين ألف. ولا تعترف المؤسسة الدينية الأرثوذكسية في إسرائيل باليهودية الإصلاحية، ولا بحاخاماتها، ولا بالزيجات التي يعقدونها، ولا بمراسم التهود التي يقومون بها، فهم يجعلونها سهلة يسيرة على عكس طقوس التهود الأرثوذكسية. وتثار هذه القضية من آونة إلى أخرى، حينما يطرح قانون العودة للنقاش، فهو القانون الذي يتضمن محاولة تعريف الهوية اليهودية إذ تحاول المؤسسة الأرثوذكسية أن تضيف تعديلاً يستبعد اليهود الذين تهودوا على يد الحاخامات الإصلاحيين. 
ويدعو زعماء اليهودية الإصلاحية إلى أن تكون المساعدات التي تُخصَّص للمؤسسات الإصلاحية في إسرائيل متناسبة مع حجم تبرعات اليهود الإصلاحيين، إذ أن معظم التبرعات يدفعها يهود غير أرثوذكس، ومع هذا يصب معظمها في المؤسسات الأرثوذكسية. وقد بدأ بعض زعماء اليهودية الإصلاحية، مثل ألكسندر شندلر، في محاولة الاحتفاظ بمسافة بينهم وبين الدولة الصهيونية، وخصوصاً بعد حادثة بولارد وبعد الانتفاضة. وهم يؤكدون مركزية الدياسبورا (الجماعات اليهودية خارج فلسطين) مقابل مركزية إسرائيل، كما يحاولون تغليب الجانب الديني على الجانب القومي.


الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الخامس: اليهودية الإصلاحية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الخامس: الاستنارة اليهودية
» الباب الخامس: الموسيقى والرقص والجماعات اليهودية
» الباب الخامس عشر: التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية حتى العصر الحديث
» المجلد الخامس: اليهودية.. المفاهيم والفرق الباب الأول: إشكالية التركيب الجيولوجي التراكمي والشريعة الشفوية
» الباب التاسع: اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: