منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الخامس: الأنبياء والنبوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49292
العمر : 72

الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  Empty
مُساهمةموضوع: الباب الخامس: الأنبياء والنبوة    الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  Emptyالأربعاء 01 يناير 2014, 7:41 am

الباب الخامس: الأنبياء والنبوة 
الأنبيـــــاء والنبـــــوة Prophets and Prophecy 
تعني كلمة «نافيء» في اللغة العبرية «من يتحدث باسم الإله»، أو «من يتحدث الإله من خلاله»، أو «من يتكلم بما يوحي به الإله»، أو «من يدعوه الإله». وصيغة الجمع لكلمة «نافيء» هي «نفيئيم»، والإله يختار النبي ويوحي إليه ليحمل رسالته إلى الناس، والنبي يكرس نفسه كلها للإله. كما أن النبي لابد أن يكون الإله قد اصطفاه وفضله على من عداه من بين قومه وزوده بهبة روحية وأمده بعون من عنده وبالقدرة على استقبال الوحي الإلهي وتلقينه لجماعته وبالدعوة التبشيرية لرسالته. ويُلاحَظ أن النبي رغم كل هذه المقدرات ليس تجسداً للكلمة الإلهية وإنما هو مجرد حامل ومبلغ لها وحسب. بل يمكن القول بأن فكرة النبوة هي تعبير عن رفض الحلولية والواحدية الكونية التي تردُّ كل شيء إلى مستوى واحد وتعبير عن رفض المباشر والمادي (الذي يأخد شكل كهنوت وقرابين وسحر) وعن تَقبُّل الثنائية الكونية (الخالق والمخلوق). ولذا، فإن النبي يبلغ كلمة موحى بها من الخالق تتضمن نسقاً أخلاقياً ثم يقوم بتدوينها فتصبح رسالة مكتوبة. ويمكننا القول بأنه إذا كان الكهنوت تعبيراً عن الرؤية الحلولية التي تذهب إلى أن الإله والإنسان (والطبيعة) يكوِّنون كلاًّ واحداًً، فإن النبوة تعني أن ثمة مساحة تفصل بين الخالق والمخلوق، كما أن النبي بحمله الرسالة من الإله للبشر يحوِّل هذه المسافة إلى مجال يتفاعل فيه البشر مع الإله. 
وإذا كان الكهنوت (شأنه شأن السحر) هو التقرب من الإله (بل وتقديم الرشاوي له) لتطويع إرادته لخدمة الإنسان في الحاضر والمستقبل، فإن جوهر النبوة هو النظر إلى الماضي ورؤية الحضور الإلهي في التاريخ، ليرى الإنسان معناه ومغزاه، الأمر الذي قد يهديه سواء السبيل في الحاضر والمستقبل، إن شاء الإنسان ذلك. ثمة عنصر صراعي حتمي يسم علاقة الخالق بالمخلوق في الإطار الكهنوتي (السحري)، وثمة حيز إنساني ومجال للاختيار بين الخير والشر في إطار فكرة النبوة. 
وإذا كانت كلمة «نبي» ذات مدلول واضح إلى حدٍّ كبير في العربية، يزداد تحدُّداً ووضوحاً من خلال النص القرآني وأقوال الرسول، فإن كلمة «نبي» لا تتمتع في العبرية أو داخل النسق الديني اليهودي بمثل ذلك التحدد والوضوح، ويرجع ذلك إلى طبيعة اليهودية كتركيب جيولوجي تراكمي. 
ويمكننا أن نقول إن مؤسسة النبوة هي إحدى محاولات حل مشكلة الحلول الإلهي، أي كيفية التقاء الخالق بمخلوقاته (المطلق بالنسبي وما وراء الطبيعة بالطبيعي) وكيف يبلغهم قصده وأوامره. والحل الوثني للقضية معروف، وهو الحلول الإلهي في الشعب والأرض، ويتركز الحلول في طبقة كهنوتية ثم يزداد تركُّزاً في أسرة مالكة إلى أن يصل إلى قمة تركُّزه في شخص الملك (أو الكاهن الأعظم) الذي يصبح هو نفسه الإله المعصوم في الأرض. وهذا المخروط أو الهرم البشري (الزمني) يقابله مخروط أو هرم مكاني يتمثل في الأرض المقدَّسة (التي يوجد فيها الشعب) يشيَّد عليها المعبد المركزي المقدَّس (الذي يقوم على خدمته من الخارج صغار الكهنة) الذي تضطلع داخله أسرة كهنوتية متميزة بهذه المهمة، إلى أن نصل إلى قدس الأقداس قمة تركز الحلول وهو البقعة التي لا يدخلها إلا الكاهن الأعظم أو الملك لينطق باسم الخالق فيتم التواصل بين السماء والأرض، أو بين الخالق والمخلوقات، من خلال شخصه. 
وتنتمي العبادة اليسرائيلية إلى هذا النمط، فهي عبادة وثنية حلولية يسيطر عليها الكهنة وتدور حول الشعائر والتمائم والأوثان (مثل الإيفود والترافيم) وحول محاولة معرفة الغيب والسحر، وهي إن لم ترتبط في بداية الأمر بأرض فهذا يعود إلى طبيعة التركيب البدوي للمجتمع العبراني القَبَلي المتنقل. 
ويمكن القول بأن مؤسسة النبوة هي محاولة لحصار الحلولية الوثنية وإحلال رؤية أكثر توحيدية محلها، وذلك بطرح طريقة أكثر نقاءً وتجريداً لتواصل الخالق مع مخلوقاته. وكانت فكرة النبوة شائعة بين الشعوب السامية في بلاد الرافدين (في ماري) وفي كنعان. ويبدو أن النبوة (أو ما يُقال له النبوة) لعبت دوراً أساسياً ومهماً ومركزياً بين العبرانيين القدامي (جماعة يسرائيل). ولكن مفهوم النبوة في هذه الحضارات السامية، وضمنها الحضارة العبرانية، كان مُختلَطاً إذ كانت شخصية النبي تختلط بشخصية الكاهن والعراف. 
ولفهم مفهوم النبوة عند العبرانيين، قد يكون من المفيد الإشارة إلى مقطوعة في سـفر الخروج (19/20 ـ 25) ترد فيها هـذه الحـادثة: "ونزل الرب على جبل سيناء إلى رأس الجبل. ودعا الإله موسى إلى رأس الجبل، فصعد موسى فقال الرب لموسى انحدر حذِّر الشعب لئَلا يقتحموا إلى الرب لينظروا فيسقط منهم كثيرون. وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلى الرب لئَلا يبطش بهم الرب. فقال موسى للرب لا يقدر الشعب أن يصعد إلى جبل سيناء لأنك أنت حذَّرتنا قائلاً أقم حدوداً للجبل قدَّسه. فقال له الرب اذهب انحدر ثم اصعد أنت وهارون معك. وأما الكهنة والشعب فلا يقتحموا ليصعدوا إلى الرب لئَلا يبطش بهم. فانحدر موسى إلى الشعب". 
ومعنى كل هذا أن المواجهة المباشرة والجسدية والمادية مع الخالق أمر صعب للغاية، وقد يؤدي إلى الاحتراق، وأنه لابد أن تكون هناك حدود وحاجز ومسافة بين الخالق ومخلوقاته. وهذا الحاجز والوساطة هو موسى، أي أن الحلول الإلهي سينحسر بذلك عن الشعب والكهنة وسيصبح النبي وحده حلقة الوصل بين الشعب والإله التي سيتم من خلالها التبليغ الإلهي، حيث يسمع النبي كلمة الإله (لوجوس) وهي كلمة غير متجسدة، وإنما كلمة تُسمَع وتُقرأ وتُدوَّن. وقد تأكد هذا المعنى في سفر التثنية (5/5) «أنا كنت واقفاً بين الرب وبينكم في ذلك الوقت لكي أخبركم بكلام الرب، لأنكم خفتم من أجل النار ولم تصعدوا إلى الجبل». ثم يتكرر المعنى مرة ثالثة في سفر التثنية (5/26 ـ 27) «لأنه من هو من جميع البشر الذي سمع صوت الله الحي يتكلم من وسط النار مثلنا وعاش. تَقدَّم أنت واسمع كل ما يقول لك الرب إلهنا وكلمنا بكل ما يكلمك به الرب إلهنا فنسمع ونعمل». فهنا، بدلاً من الاتصال المباشر بين الإله والشعب، يقف النبي كي يأتي برسالة يسمعها من الإله ثم يدوِّنها ويبلغ كلماته إلى الشعب، أي أن الاتصال بين الإله ومخلوقاته لا يصبح اتصالاً جسدياً مباشراً وإنما يصبح اتصالاً غير مباشر أو مجرداً. وبدلاً من أن يصبح الشعب لوجوس، كلمةً مقدَّسة متجسدة في التاريخ، وبدلاً من أن يصبح النبي لوجوس ابن الله، يتركز الحلول الإلهي في رسالة مكتوبة، أي رسالة هي حرفياً «لوجوس» أي كلمة. 
وتدوين الكلمة مسألة في غاية الأهمية، لأنها تعني أن الرسول ليس سوى أداة تحمل الرسالة، فالرسالة حينما تُدوَّن تنفصل عن حاملها الذي يفقد أهميته، ويتم التركيز على القول نفسه، أي على اللوجوس بالمعنى الحرفي. بل إن الكلمة ـ لأنها مدوَّنة ـ تخضع لتفسير من يقرؤها.ولكل هذا، يُلاحَظ أنه بعد أن يقوم موسى بدور الرسول، يتم تدوين الرسالة على الفور على لوحين (بل يُقال إن الرسالة أتته مدوَّنة أو أن الإله دوَّنها بنفسه على اللوحين). وجوهر الرسالة هو الوصايا العشر التي تبدأ بتأكيد وحدانية الإله وتنزُّهه عن المخلوقات، ففكرة النبوة قد تحددت من البداية بأنها: انحسار الحلولية، وظهور التوحيد، واختفاء الكهانة، وظهور النبي، وضمور الشعائر، وتأكيد الالتزام الخلقي، وتجاوز القومية، والصعود إلى العالمية، ونبذ المباشر والجسدي والمادي، وتبنِّي غير المباشر والمتجرد والمنزه. ويذهب نُقَّادُ العهد القديم إلى أن هذه الفقرات التي تُنسَب إلى موسى ليست سوى إضافات قام بها محررو العهد القديم لينسبوا إلى عصر سابق فكرة لاحقة ظهرت في عصر لاحق، أي أنها فقرات كتبها أحد كتاب أسفار الأنبياء ليضفي رؤية الأنبياء التوحيدية على أسفار موسى الخمسة.
ومهما يكن الأمر، فإن الأمور، مع بداية تأسيس الدولة العبرانية المتحدة، كانت مختلطة تماماً. ولذا، فقد سقطت اليهودية مرة أخرى في العبادة القربانية والحلولية الوثنية الأولى.
وكان يُشار إلى النبي بأربعة مُصطلَحات متناقضة يتبدى من خلالها تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي: 
1 ـ «حوزيه»، أي «رائي»، وهو الشخص الذي يتنبأ بالغيب ويخبر بما سيكون، حسب علامات معروفة تلقى دلالاتها وتأويلاتها من السابقين، فهو حكيم وساحر وعراف وكاهن أكثر من «نبي» (مثل «الرائي» أو «الكاهن» العربي قبل الإسلام). 
2 ـ «روئيه»، أي «رائي»، وهو لا يختلف كثيراً عن الحوزيه. 
3 ـ «إيش إلوهيم»، أي «رجل الإله»، وهو رجل اختاره الإله وحباه وخصَّه بالمعرفة، فيقوم بتبليغ رسالته، وهو دال غير محدد الدلالة. ويُستخدم اللفظ للإشارة إلى كلٍّ من الحوزيه والروئيه والنبي (نافيء). 
4 ـ «نافيء»، أي «نبيّ». 
وقد جاء في سفر صموئيل الأول (9/9) ما يلي: «هلم نذهب إلى الرائي، لأن النبي اليوم كان يُدعى سابقاً الرائي... فذهبا إلى المدينة التي فيها رجل الإله». وجاء في سفر صموئيل الثاني (24/11) إشارة إلى «جاد النبي رائي داود». وفي سفر أخبار الأيام الأول (29/29) ثمة إشارة إلى «صموئيل الرائي (روئيه) وناتان النبي (نافيء) وجاد الرائي (حوزيه)» وكلهم من رجال الإله (إيش إلوهيم). 
ومن الواضح أن الأمور من الاختلاط بحيث لا يمكن التوصل إلى الصورة الواضحة. ولعل وجود ما يُسمَّى «أبناء الأنبياء» (بالعبرية: هانفيئيم)، وهم جماعات من الأنبياء أو الدراويش، شاهد آخر على مدى اختلاط المحيط الدلالي لكلمة «نبي» في العبرية وفي النسق الديني اليهودي. 
وتُستخدَم كلمة «نبي» بهذا المعنى الجيولوجي المختلط للإشارة إلى عدة شخصيات دينية تتسم كلها (ما عدا الفريق الأخير) بأنها لم تترك رسالة مدوَّنة: 
1 ـ الآباء: أخنوخ ونوح وإبراهيم ويعقوب وهارون وموسى. 
2 ـ القضاة: ديبورا وصموئيل. 
3 ـ وفي تقسيم العهد القديم تُستخدم كلمة «الأنبياء» للإشارة إلى قسمين مختلفين: 
أ ) الأنبياء الأولون أو المتقدمون (بالعبرية: نفيئيم ريشونيم) أو الشفويون، وكانوا يكتفون بالنطق بنبوءاتهم، كما يُشار إليهم بوصفهم «ما قبل الكلاسيكيين». 
ب) الأنبياء المتأخرون (بالعبرية: نفيئيم أحرونيم)، ويسمَّون أيضاً بالأنبياء الأدبيين أي الذين دوِّنت أسفارهم. ويشار إليهم أيضاً بالكلاسيكيين، ونحن نميل إلى تسميتهم «الكتابيين». 
وتضم قائمة الأنبياء الأولين الأسماء التالية مرتبة ترتيباً تاريخياً: داود، وناتان، وصادوق، وجاد، واخيا، وعدّو، وشمعيا، وعزريا بن عوديد، وحناني، وياهو بن حناني، وإيليا، وإليشع، وميخا بن يمله، وزكريا بن يهوياداع، وعوديد، ويدوثون. ويبدو أن النبوة لم تكن مقصورة على الرجـال، فهناك إشـارات إلى نبيات منهن مريم أخت هارون. 
ولكن، ورغم استخدام الدال «نبي» للإشارة إلى هذا الحشد الكبير، فإننا نرى أن كلمة «نبي» بالمعنى المحدد للكلمة، والذي تم تعريفه في إطار الطبقة التوحيدية في اليهودية، يستبعد كل الأنبياء ما عدا الأنبياء الآخرين (الأدبيين أو الكتابيين أو الكلاسيكيين) للأسباب التالية: 
1 ـ يُلاحَظ، على سبيل المثال، أن قيام الآباء بدور الأنبياء يعني أن النبوة هنا أمر مرتبط بالعرْق لا بالوحي، فكلمة «آباء» تعني الارتباط بجماعة يسرائيل، وهذا يعني أن القداسة تُورَّث (فالإله يحل في الإنسان ويجري في العروق). كما يُلاحَظ أن الأنبياء من القضاة ينحون منحى قومياً شرساً، فهم يعبِّرون عن النموذج الحلولي القومي حيث يظل الإله مرتبطاً بشعبه، ولذا فهم لا يظهرون إلا في وقت الضائقة القومية. وبين الانتماء العرْقي والانتماء القبلي (القومي) تفقد الرسالة عالميتها وإنسانيتها. ولذا، فإننا نجد أن فكرة تبليغ كل البشر برسالة الإله الواحد إله العالمين، المنزه عن الطبيعة والتاريخ، ليست مطروحة، بل تظل النبوة شأناً عرْقياً قبلياً قومياً (حلولياً وثنياً) مقصوراً على جماعة يسرائيل. وتظل رسالة الأنبياء رسالة إلى جماعة يسرائىل وحدها، من إله قومي إلى شعب مختار يرتبط بالإله بعقد خاص، ولا يستهدف البشرية كلها. 
2 ـ ويُلاحَظ كذلك الاختلاط في ملك مثل داود الذي ارتكب عدداً لا بأس به من الذنوب ومع هذا ارتبط اسمه بالنبوة أيضاً، حيث تُنسَب إليه المزامير، كما أن الماشيَّح (نبي الأنبياء) سيكون من نسله. وثمة إشارة مبهمة في مزمور 16/8 ـ 11 توحي بعلاقة داود الخاصة للغاية مع الإله وتضعه تقريباً في مصاف الأنبياء. أما سليمان الغَزل، الذي سمح لزوجاته الوثنيات العديدات بإحضار آلهتهن معهن، فهو منشد نشيد الأنشـاد أحـد الكتب الدينية اليـهودية (ولكن يبدو أن النبـوة لم تُنسَب له قط). ونحن لو دققنا، لوجدنا أن نبوة داود هي في واقع الأمر تعبير عن مؤسسة الملكية المقدَّسة، على نمط الحلوليات القديمة في الشرق الأدنى القديم حيث يتم الحلول داخل شخص الملك الذي هو أيضاً الكاهن الأعظم. 
3 ـ كان الأنبياء الأولون يتحركون داخل نطاق البلاط الملكي، الأمر الذي يعني تداخل القومي والديني وارتباط مؤسسة الملكية بالعقيدة الدينية. وكان الملوك والملكات يطلبون المشورة والنصح من الأنبياء نظير أجر يبلغ، في بعض الأحيان، ربع شيكل. وقد لعب هؤلاء الأنبياء الأولون دوراً سياسياً مهماً، فكانوا يطلقون نبوءات سياسية. كما أن صموئيل مثلاً عيَّن شاؤول ملكاً على العبرانيين، ثم عيَّن من بعده داود، وكان دور ناتان في بلاط داود نشيطاً وفعالاً. ويصل هذا التوحد بين القومي والمقدَّس إلى قمته حين يصبح الشعب اليهودي بأسره أمة من الكهنة والقديسين والأنبياء والمشحاء المخلصين، فعضو جماعة يسرائيل يوصف بأنه «خادم الإله» و «كنز الإله الغالي»، وهذه أوصاف تُستخدَم لوصف الأنبياء وحدهم، أي أن اختلاط المجال الدلالي هنا يصبح كاملاً.
4 ـ ويمكن أن نبيِّن مدى تركيبية الصورة بالإشارة إلى الجماعات المسماة «أبناء الأنبياء»، وهم جماعات من «الأنبياء» أو ربما الدراويش يدل وجودهم على أن النسق الديني بين العبرانيين لم يكن قد اكتسب الأبعاد العالمية التي دخلته فيما بعد. وكان هؤلاء الأنبياء يتحركون في جماعات تبلغ المئات أحياناً يتقدمها رباب ودف وناي (أي أنهم كانوا في مظهرهم يشبهون الدراويش، وهو ما يبيِّن أن التيار الحلولي كان قوياً) وكان الوحي يأتيهم بشكل جماعي، وتزورهم روح الإله كجماعة لا كأفراد، وكان هؤلاء أقرب من بعض الأوجه إلى العرافين: يقرأون الطالع ويحاولون معرفة أحداث المستقبل يقومون بأعمال السحر، ويأتون بالمعجزات، فهم ليسوا أصحاب رسالة عالمية أخلاقية، وإنما يبحثون عن الحل السحري (الغنوصي). 
وفي تصوُّرنا أن صموئيل يشكل شخصية انتقالية للنبي من مستوى الرائي (روئيه أو حوزيه أو إيش إلوهيم) إلى مستوى النبي بالمعنى الدقيق والتوحيدي للكلمة وباعتباره عنصراً يتفاعل الإنسان مع خالقـه من خلاله دون حاجـة إلى حلول إلهي. هذا ما يقوله النص التوراتي، وهو ما يعني انفصال الرائي (بكل ما يحمل من صفة الكهنوت) عن النبي (بكل ما يحمل من مقدرة على التبليغ). لكن النـص ينطوي، مع هذا، على اسـتمرار واختلاط بين العنصرين. ولعل تعيين صموئيل لشاؤول، وتردده في ذلك في الوقت نفسه، هو تعبير عن هذه الانتقالية، فكأن صموئيل هو الشخصية التي يتم من خلالها الانتقال مرة أخرى من الحلولية ومؤسسات الملكية المقدَّسة الوثنية إلى التوحيد، ومن السحر والعرافة إلى النبوة الحقة، تماماً كما حدث مع موسى حينما عاد بالوصايا العشر المكتوبة على اللوحين. ومما له دلالته أن الأنبياء الآخرين هم أيضاً دعاة توحيد يدونون أسفارهم ولا ينغمسون في قراءة الطالع والتنبؤ ومعرفة الغيب. ورغم أننا قدمنا صموئيل بوصفه شخصية انتقالية تفصل بين الأنبياء الأولين والآخرين، فإن هذا لا يعني أن الأنبياء الذين كانوا على نمط الأنبياء الأولين قد توقفوا عن نشاطهم، إذ من المعروف أنه كان هناك أنبياء من هذا النوع بعد ظهور الأنبياء الآخرين الكتابيين. 
ويُقسَّم الأنبياء الآخرون أو المتأخرون أو الكتابيون إلى أنبياء كبار وأنبياء صغار. أما الأنبياء الكبار فهم: أشعياء وإرميا وحزقيال (ويذهب البعض إلى أن إليا أو إلياهو أحد الأنبياء الكبار وأنه أولهم). أما الأنبياء الصغار فهم: هوشع ويوئيل وعاموس وعوبديا ويونان وميخا وناحوم وحبقوق وصفنيا وحجاي وزكريا وملاخي . والواقع أن تقسيم الأنبياء إلى كبار وصغار يستند إلى حجم نبوءاتهم وليس إلى كيفها. ولذلك، فإن هذا التصنيف لا مغزى له لأن أعمال الأنبياء الكبار لا تشكل وحدة، ولأنها تنسب إلى أكثر من مؤلف. كما أن أعمال حزقيال ليست مرتفعة القيمة، وأعمال أشعياء كمٌّ مركب من المواد التي أتت من عصور ومؤلفين مختلفين. وقد رتب مؤرخو العهد القديم المحدثون الأنبياء الكتابيين ترتيباً تاريخياً يختلف عن ترتيب أسفارهم في العهد القديم: 
أ) أنبياء ما قبل السبي: 
يونان (حوالي 785 ـ 745 ق.م) عاصر يُربعام الثاني في المملكة الشمالية (وفي رأي آخر أنه عاش في القرن الرابع قبل الميلاد). 
يوثام (حوالي 760 ـ 746 ق.م) عاصر عزيا في المملكة الجنوبية، وعاصر يربعام الثاني في المملكة الشمالية. 
هوشع (حوالي 750 ـ 722 ق.م) عاصر عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا في المملكة الجنوبية وعاصر يربعام الثاني في المملكة الشمالية. 
أشعياء (حوالي 734 ـ 680 ق.م) عاصر عزيا ويوثام وحزقــيا في المملكة الجنوبية. 
ميخا (حوالي 730 ـ 701 ق.م) عاصر يوثام وآحاز وحزقيا في المملكة الجنوبية. 
ناحوم (حوالي 633 ق.م) 
صفنيا (حوالي 630 ق.م) منذ أوائل ملك يوشيا في المملكة الجنوبية. 
إرميا (حوالي 626 ـ 586 ق.م) عاصر يوشيا ويهوياقيم ويهوياكين وصدقيا في المملكة الجنوبية. 
حبقوق (حوالي 605 ق.م). 
ب) أنبياء فترة السبي: 
دانيال (حوالي 605 ـ 537 ق.م) عاصر نبوختنصر ودارا وقورش . 
حزقيال (حوالي 593 ـ 570 ق.م) عاصر نبوختنصر. 
جـ) أنبياء ما بعد السبي: 
حجَّاي (حوالي 520 ق.م) عاصر دارا. 
زكريا (حوالي 520 ـ 518 ق.م) عاصر دارا. 
عوبديا (حوالي 450 ق.م) . 
ملاخي (حوالي 450 ق.م) . 
يوئيل (حوالي 450 ق.م). 
ولفهم السياق الاجتماعي للأنبياء الكتابيين، لابد أن نعود إلى عهد القضاة حيث كانت الأسرة تشكل الوحدة الاقتصادية الأساسية، وكانت الرابطة القَبَلية الشكل الأساسي للتضامن وكانت كل النشاطات الاقتصادية من رعي وزراعة وغيرهما تتم داخل هذا الإطار السياسي الاجتماعي. ولكن الملكية الخاصة للأراضي بدأت تظهر بالتدريج، وهو اتجاه أخذ في الزيادة مع ظهور نظام الملكية التي قامت بأعمال الإنشاءات الحكومية الضخمة كالهيكل والقصور الملكية، وهو ما أدَّى إلى تراكم الثروات في أيدي بعض الأفراد. ثم انتهت الحروب مع الآراميين بعد أن كسر الآشوريون شوكتهم. ومع انتهاء الحرب، ظهرت علامات الاستقطاب الطبقي داخل المجتمع العبراني إذ ازداد الفقراء فقراً والأثرياء ثراء. وقد أدَّى كل هذا إلى ضعف سلطان الأسرة، وضعف واضمحلال النظام القَبَلي، وتزايد بروز الفرد كوحدة اقتصادية، وإلى ازدياد الصراع بين القرية والمدينة.
هذا على مستوى العلاقات داخل المجتمع العبراني. ولكن العنصر الحاسم ربما كان هو الخلفية الدولية. فقد كان المجتمع العبراني مجتمعاً صغيراً لا أهمية له بين إمبراطوريات الشرق الأدنى القديم الضخمة، والتي كانت تتميَّز آنئذ بظهور الآشوريين ثم البابليين كقوى عظمى، ثم ازدياد الهيمنة المصرية. وكان على المجتمع العبراني أن يتخذ قرارات سياسية محددة لحماية نفسه في خضم العلاقات الدولية الصاخبة. وكان الحوار المتصل بهذه القرارات هو الذي يشكل مضمون معظم كتب الأنبياء. 
ونظراً لاحتكاك العبرانيين بالكنعانيين والإمبراطوريات العظمى، بدأت تظهر عناصر دينية جديدة داخل المجتمع العبراني. فكانت الملكات اللائي يأتين من بيوت ملكية أجنبية يُحضرن معهن آلهتهن وبعض الكهنة للاستمرار في عبادة آلهة بلادهن، بل كُنَّ يحاولن فرض هذه العبادات على العبرانيين، كما فعلت إيزابيل. كما انتشرت عبادة آلهة الكنعانيين، فترك أعضاء جماعة يسرائيل عبادة يهوه التوحيدية، وانصرفوا إلى عبادة بعل. وقد كانت مثل هذه العبادات تجد سنداً لها، في كثير من الأحوال، في البيت الملكي والسلطة الحاكمة. 
هذه هي العناصر الاجتماعية والدولية والعقائدية التي تشكل خلفية أسفار الأنبياء الآخرين، والتي تركت أثرها العميق في نبوءاتهم، وفي التفكير الديني في العالم. ويُلاحَظ تراجع النزعة القومية الحلولية الجماعية في كتاباتهم وتأكيد النزعة التوحيدية، فقد صار لكل نبي صوته الفردي، فأصبح يتحرك بمفرده كنبي صاحب رسالة يواجه المجتمع، وليس كجماعة ولا كفرد ملحق بالبلاط الملكي، الأمر الذي كان يعني الانفصال النسبي للديني عن القومي وللمطلق عن النسبي. كما بدأ المضمون الأخلاقي للنبوءات يتعمق، وازداد تأكيد المسئولية الأخلاقية الفردية، وأخذ نطاقها السياسي يتسع لتصبح هذه النبوءات أكثر أممية وتوحيدية وأقل قَبَلية وحلولية. وازدادت النبوءة علانية بحيث أصبحت الرسالة التي ينقلها النبي أكثر أهمية من الظواهر العجائبية التي تصاحبها، مثل: الإغماء وتعطُّل الحواس والتصرفات غير الواعية. وصار مُصطلَح «نبي» لا يشير إلى من يقرأ الطالع أو يحاول معرفة أحداث المستقبل (أي أن النبوة تخلصت من محاولة البحث عن الحل السحري والتحكم الكامل في الواقع)، وإنما يشير إلى مُعلِّم ديني يتحدث باسم الميثاق أو العهد مع الإله ويخبر عنه وعن خفايا مقاصده وعن الأمور المستقبلية ومصير الشعوب والمدن والأقدار (بوحي خاص منه). وهو يفعل ذلك لا ليبين مقدراته العجائبية على التنبؤ وإنما لينقل مضموناً أخلاقياً ملزماً. وهو لا يختار أن يكون نبياً وإنما يقع عليه الاختيار ليضطلع بهذه المهمة، فالنبوة ليست ميزة لصاحبها وإنما هي تكليف إلهي. ويبدي بعض الأنبياء اليهود شيئاً من الإحجام والتردد عندما يتم اختيارهم، لإحسـاسـهم بأنهـم غير جـديرين بالمهمة. 
ومع هذا، يجب ألا نفترض أن الاختلاف بين الأنبياء الأولين، والأنبياء الآخرين يعني أن لا علاقة بينهما، فالفريقان في نهاية الأمر ينتسبان إلى التقاليد الدينية نفسها تقريباً. فكان الأنبياء الآخرون، على سبيل المثال، شأنهم شأن الأنبياء الأولين يأتون بأفعال رمزية. فقد سار أشعياء عارياً حافياً مدة ثلاثة أعوام ليرمز إلى أن ملك آشور سيقود المصريين والكوشيين عارين إلى المنفى (أشعياء 20/2 ومايليها). واشترى إرميا إبريقاً فخارياً ثم كسره أمام أعين القوم، تماماً كما سيكسر الإله هذا الشعب وهذه المدينة (إرميا 19/1 وما يليها). كما أن الأنبياء الأولين، مثل الآخرين، تعتريهم أحوال وشطحات في لحظات الوحي. ولم يختـف الصـوت القومي الحلـولي تماماً في كتب الأنبياء الآخرين، فهوشع يرى في يهوه أباً لجماعة يسرائيل يغار عليهم ويحبهم حباً جماً. وكان تفكيرهم الأخروي يتسم بأنه مازال إلى حدٍّ كبير يدور في إطار يوم الإله حينما تعلو جماعة يسرائيل على العالم. 
ورغم عدم تَجانُس رؤى الأنبياء وتأرجحهم بين أقطاب متعارضة، فيمكن رصد موضوعات أساسية تبين تصاعُد النزعة التوحيدية وتراجُع النزعة الحلولية، من بينها أنهم كانوا يهتمون بالوضع الراهن، والأحداث التاريخية (على عكس مؤلفي كتب الرؤى [أبوكاليبس] فيما بعد). والإله ـ حسب رؤيتهم ـ هو محرك أحداث التاريخ، لا التاريخ العبراني وحسب، وإنما محرك التاريخ البشري ككل. كما أنه سيعاقب كل الأمم على ما تقترفه من معاص، وإن كان يخص جماعة يسرائيل بعقابه وحبه في الوقت نفسه. ومن ناحية أخرى، فإن نبوَّات الأنبياء ذات مضمون أخلاقي تدور حول سلوك جماعة يسرائيل في الوقت الحاضر وتوبتهم وعودتهم إلى الإله. وقد طوَّر الأنبياء عقائد اليهود الأخروية، وبدأت الآخرة ترتبط بفكرة الخير والشر والثواب والعقاب حين يعاقب الإله الأشرار، ولا يبقي سوى البقية الصالحة التي ستؤسِّس مملكته. وبدأت فكرة البعث تظهر بشكل جنيني عند دانيال وربما أشعياء. وقد ساهم الاحتكاك بالحضارة البابلية المتفوقة، ثم التهجير إلى هناك، في تعميق فكر الأنبياء. ونحن نذهب إلى أن تبلور الفكر الأخروي واكتسابه مضموناً أخلاقياً (ارتباط الثواب والعقاب بالخير والشر) هو أيضاً تعبير عن ضمور الحلولية التي يتراجع داخل إطارها التفكير الأخروي والمضامين الأخلاقية. 
وقد شَنَّ الأنبياء حرباً شعواء على انزلاق جماعة يسرائيل إلى الشرك والحلولية والوثنية وطالبوا الشعب بالعودة إلى الإله: إله شخصي يهتم بمصير البشر ولكنه لا يشبههم (فهو منزّه عن الطبيعة والتاريخ)؛ إله خلق العالم من عدم ولم يهجره؛ إله أخلاقي عادل يريد من عابديه أن يتمسكوا بأهداب الفضيلة وأن يمارسوا العدل، ولذا فهو لا يُسرُّ بالذبائح وإنما بالعيش حسب قواعد الأخلاق، أي أن الأنبياء بدأوا في تحرير اليهودية من الحلولية وما يرتبط بها من أسرار الكهنوت والعبادة القربانية. وقد ظهرت النبوة، في واقع الأمر، احتجاجاً على عبادة بعل (الطبيعية الحلولية)، وضد الظلم الاجتماعي، فطرحت رؤية توحيدية تنكر وجود الآلهة الأخرى. ولقد ظهر التوحيد الحقيقي على أيديهم، فقد كان موسى وداود (حسب النصوص التوراتية) من أتباع المرحلة الوسطى، مرحلة التوحيد المشوب بالشرك والاعتقاد بوجود إله واحد أعلى دون أن يمنع ذلك الاعتقاد بآلهة أخرى. ولأن رؤى الأنبياء توحيدية صارمة، فإنها أيضاً رؤى أممية في الغالب. ولذا، فالإله حسب تصوُّرهم لم يكن مقصوراً على جماعة يسرائيل، وإنما هو إله العالمين، ومن الممكن أن تكون آشور أو بابل أداة عقاب في يد الإله يضرب بها العصاة، حتى لو كان هؤلاء العصاة شعبه المختار.
ومما يجدر ذكره، أن الأنبياء كانوا ينطقون بنبوَّاتهم سواء كانت ترضي سامعيهم أم لا، فالنبي يرى أن مهمته هي أن يبلغ الناس إرادة الإله بأمانة، حتى ولو كانت ضد إرادته الشخصية أو ضد إرادة الناس الذين سيقوم بإبلاغهم الرسالة. ولذا، فإننا نجد أن أسفارهم تضم الكثير من التقريع لجماعة يسرائيل والانتقادات الموجهة إليها. ومن أهم سمات الأنبياء الآخرين تدوينهم لأسفارهم، وقد أشرنا إلى دلالة عملية التدوين هذه. ومن أهم الموضوعات التي ترد في كتب الأنبياء، فكرة «الميثاق» أو «العهد الجديد» الذي سيحل محل «العهد القديم»، والذي سيكون أساسه القلب لا القرابين والطقوس، وهو عهد عالمي لكل الأمم وليس مقصوراً على جماعة يسرائيل (والمسيحية ترى أنها هي هذا العهد الجديد بين الإله والشعب، وأن الشعب هو كل من يؤمن بالمسيح لا اليهود وحسب، أي أن المسيحية هي استمرار رسالة الأنبياء بأخلاقيتها وعالميتها). 
وفي مجال التفرقة بين الموقف الإسلامي والموقف اليهودي (الحاخامي) من النبوة والأنبياء يمكن أن نذكر العناصر التالية: 
1 ـ لا يقتصر الوحي داخل النسق اليهودي على نبي أو رسول واحد (كما هو الحال في الإسـلام)، بل نجده ينتقـل من نبي إلى نبي. ومن هنا، فإن إحدى هبات الإله لجماعة يسرائيل (حسب تصوُّر الحاخامات) أنه أرسل وسيرسل لها دائماً عدداً من الأنبياء يكملون الطرق المعتادة للإرشاد والهداية التي يستخدمها الكهنة (ولهذا، فإن هناك توتراً دائماً بين الكهنة والعقيدة الشعبية السائدة من جهة والأنبياء من جهة أخرى). ويعبِّر هذا في تصورنا عن أن التركيب الجيولوجي اليهودي لم يتخلص من الصراع الحاد والدائم بين النزعة الحلولية (الوقوع في براثن الشرك وعبادة العجل الذهبي) والنزعة التوحيدية، وأن تعدُّد الأنبياء - على مستوى من المستويات - هو تعبير عن هذا. كما أنه نظراً لاختلاف المجال الدلالي لكلمة «نبي» في اليهودية، واختلافه عن المجال الدلالي للكلمة في الإسلام، فإننا نجد أن عدداً ممن سموا «أنبياء» في التراث اليهودي لم يرد لهم ذكر في المصادر الإسلامية. 
2 ـ ويرى الدكتور أحمد خليفة أن التاريخ الذي يقدمه الإسلام للأنبياء هو تاريخ لكل الأنبياء والرسل باختلاف أزمنتهم وأمكنتهم وأجناسهم ولغاتهم، بينما التاريخ الذي يقدمه التراث اليهودي للأنبياء هو تاريخ خاص قد تختلف فيه أزمنة الأنبياء ولكن تتحد فيه أمكنتهم وجنسهم ولغتهم (فالمكان هو فلسطين، والجنس هو العبرانيون، واللغة هي العبرية). 
3 ـ ويذكر الدكتور علي وافي أن ثمة اختلافاً جوهرياً في بنية القصص في أسفار العهد القديم وقصص القرآن الكريم، فأسفار العهد القديم قد تناولت كل قصة من قصص الأنبياء في صورة سلسلة كاملة من الأجزاء مترابطة الحوادث (كما تفعل كتب التاريخ) وتناولتها لغرض تاريخي بحت. على حين أن القرآن يكتفي بذكر مواقف من هذه القصص، باستثناء قصة يوسف، ولكنه على كل حال لا يذكرها للتاريخ وإنما يذكرها للعظة والذكرى على وجه الخصوص وبحسب المناسبات. فقد يذكر القرآن موقفاً من قصة لمناسبة خاصة، ثم يذكر موقفاً آخر من القصة نفسها في سورة أخرى لمناسبة أخرى. 
وعلى هذا الأساس، يجب على القارئ المسلم أن يميز بين أنبياء اليهـود والأنبياء الذين يرد ذكرهم في القرآن، حتى لو حملوا نفـس الاسم. فموسى (موشيه) القائد الحربي «القومي» ليس هو سيدنا موسى عليه السلام. وداود (ديفيد) قاطع الطريق والملك ليس هو سيدنا داود عليه السلام. وسليمان (شلومو) قاتل منافسيه ليس هو سيدنا سليمان عليه السلام. فرغم الاتفاق في الأسماء وفي بعض تفاصيل القصص، فإن السياق والبناء العقائدي والديني والقصصي الذي ترد فيه هذه الأسماء يختلف اختلافاً جوهرياً، والسياق والبناء وحده هو الذي يحدد المعنى العام والشامل. 
وفي كتاب دانيال، يُلاحَظ بدايةً اختفاء النبرة النبوية باهتمامها بالحاضر والإصلاح الأخلاقي ومواجهة الواقع. وتتضح بداية هيمنة الحلولية (وهو تيار استمر مع التلمود ووصل إلى قمته مع القبَّالاه) إذ تبدأ نبرة كتب الرؤى (أبوكاليبس) التي تركز على التغير الفجائي والتحولات الفجائية اللاتاريخية والهروب من الواقع في الحلول محل النبرة النبوية. وتُعَد الإصحاحات الأخيرة في كتاب دانيال بداية كتب الرؤى. ويُفسَّر هذا التغير على أساس أن الروح النبوية عادت لبعض الوقت بعد العودة من بابل، ولكن الهيكل الثاني لم يحقق أياً من أمنيات اليهود وآمالهم المشيحانية إذ أنهم لم يسودوا العالم. وقد حلت الإمبراطورية اليونانية محل الإمبراطورية الفارسية، فأدَّى تحطُّم الأمال إلى تصاعُد الحمى وتكاثر كتب الرؤى بنهجها التعويضي ونزوعها الحلولي. ورغم أن الحاخامات قد نادوا بأن روح النبوة انتهت بالنبي زكريا آخر الأنبياء الصغار (أي ظهر مفهوم يشبه مفهوم خاتم المرسلين الإسلامي)، إلا أن ارتباط بنية اليهودية نفسها بالطبقة الحلولية الكامنة فيها تقف ضد هذا المفهوم. ولذا، نجد أن تقاليد النبوة نفسها تم تحويلها من الداخل بحيث استولت عليها النزعة الحلولية، فيُقال إن موسى ـ حسب الرواية التوراتية ـ تمنى على الإله أن يكون كل أفراد شعبه من الأنبياء، وهذا ما يمكن تسميته «تقاليد النبوة المنفتحة» والمتاحة لكل فرد في كل زمان ومكان، وهو مفهوم ينطوي على فكرة حلول إلهي مستمر في التاريخ وفي بعض البشر، بل في الشعب اليهودي بأسره. وبطبيعة الحال، ومع ظهور مفهوم الشريعة الشفوية التي تَجبُّ الشريعة المكتوبة، يعود الحلول بكامل قوته ويصبح حامل الرسالة (الحاخام) أكثر أهمية من الرسالة المكتوبة. 
وبالفعل، نجد أن أعضاء المجمع الكبير والحكماء والحاخامات الذين أتوا من بعدهم أصبحوا هم نقطة الاتصال بين الخالق والمخلوق، يزعمون لأنفسهم المقدرة على التنبؤ. وبدلاً من الأنبياء الذين يبلغون نصاً مكتوباً للبشر وينادون بطاعة الإله والامتثال لأوامره، تظهر تقاليد الشريعة الشفوية التي تؤكد أن التفسير البشري (الحاخامي) لكلام الإله أكثر أهمية وإلزاماً، ومن ثم ورد في التلمود أن حكماء اليهود أعلى قدراً من الأنبياء (بابا باترا). ومع هيمنة تراث القبَّالاه، يصبح المفسر الذي يصل إلى المعنى الباطني (توراة الفيض) هو النبي الحقيقي الذي لا يعرف رسالة الإله وإنما يبلغها (توراة الخلق) ويعرف إرادة الإله ويغيِّرها، ونصه الشفوي الذي ينطق به أكثر إلزاماً من النص الإلهي المكتوب، ولذا فكل ما ينطق به «توراة». وهذا الاتجاه يصل إلى ذروته في التساديك الحسيدي. وقد ورد في التراث الشفوي أن الشعب اليهودي سيصبح كله شعباً من الأنبياء، أي أن الحلول أو التواصل الإلهي سيشمل الشعب بأسره ويصبح الشعب جزءاً من الإله، وفي هذا عودة للوثنية الحلولية اليهودية قبل ظهور الأنبياء. وهذا المفهوم الأخير هو الذي يشكل خلفية معظم الآراء الدينية اليهودية في فكرة النبوة في العصر الحديث.
وقد حاول مندلسون أن يُقلِّل أهمية التقاليد النبوية المنفتحة في اليهودية، وهذا أمر طبيعي حيث إنه كان يحاول وقف النزعة الحلولية ومن ثم التفرقة بين الزمني والمقدَّس وبين القومي والديني. أما الفيلسوف اليهودي هرمان كوهين، فكان يحاول استعادة المضمون التوحيدي الأخلاقي لرسالة الأنبياء، فأكد أن النبي هو المدافع عن الأخلاقيات العالمية، وأن الأنبياء مفكرون تقدميون حاولوا تخليص الإنسان من أوهام الأساطير. ويُصرُّ الفكر الأرثوذكسي عند هيرش على فكرة الوحي (لا مجرد الإلهام كما يعتقد الإصلاحيون)، وهو وحي يأخذ شكل رسالة على هيئة كلمات. ولكن الفكر الأرثوذكسي الحاخامي، وريث مفهوم الشريعة الشفوية، لا يعبِّر عن فكرة الأنبياء وحدها، وإنما يعبِّر بشكل أكبر عن الفكر التلمودي الحلولي الذي قوضه وحل محله. 
ويرى بوبر أن النبوة حوار بين الإله والإنسان وليس رسالة منزلة، وأن ثمة حواراً بين الإله والشعب اليهودي ككل، الأمر الذي حوَّل تاريخ الشعب إلى وحي وحوَّل الوحي إلى تاريخ. فالإله هنا حالٌّ تماماً في التاريخ لا يتجاوزه، وهو امتداد لذات الشـعب، ولذا فهو شـعب من الأنبيـاء. وتتأكد الحلولية في موقف الحاخام الصهيوني كوك من النبوة فهي ـ حسب تصوره ـ ضرب من الاتحاد الصوفي بالشخيناه، أو الحضرة الإلهية، وأن الإنسان يصل إلى الاستنارة والشفافية من خلال هذا الاتحاد حتى يصل إلى أعلى درجات النبوة، وبذا تصبح النبوة هدف أية تجربة دينية، ويصبح كل يهودي مخلص في مصاف الأنبياء. ويتداخل الموضوعي والذاتي تداخلاً كاملاً وتدخل النبوة مرحلة شحوب الإله حتى أن النبوة عُرِّفت بأنها صوت الإله واستجابة الإنسان لها بحيث لا يمكن تمييز الصوت عن الاستجابة ولا الموضوع عن الذات. ويتحدث برانديز وكابلان، فيريان علاقة وثيقة بين الأفكار النبوية اليهودية والأفكار الديموقراطية الأمريكية. ويدور الفكر الصهيوني في إطار الحلولية بدون إله ووحدة الوجود المادية، فأنكر كلٌّ من آحاد هعام وحاييم كابلان الطبيعة الميتافيزيقية للنبوة، فالنبوة إن هي إلا تعبير عن الروح القومية اليهودية وليس لها أي مصدر إلهي. ولذا، يمكن الحديث عن بن جوريون باعتباره النبي المدجج بالسلاح، وعن جابوتنسكي باعتباره النبي المحارب. وبإمكان بن جوريون أن يتحدث عن اليهودي العادي باعتباره نبياً أو شهيداً، بينما يؤكد نحمان سيركين أن استشهاد اليهودي قد رفعه إلى مصاف الأنبياء.
يتبع إن شاء الله...


الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49292
العمر : 72

الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الخامس: الأنبياء والنبوة    الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  Emptyالأربعاء 01 يناير 2014, 7:49 am

صموئيل (القرن الحادي عشر قبل الميلاد) Samuel 
«صموئيل» (أو «شموِّئيل») اسم عبري معناه «اسم الإله» أو «اسمه إيل»، أي الإله. وصموئيل اسم لنبي عبراني وآخر القضاة. وهو أول نبي عبراني يقف إلى جوار الملوك. ويرتبط اسم صموئيل بفكرة الملكية بين جماعة يسرائيل، فالقبائل العبرانية لم يكن يحكمها سوى قضاة أو زعماء يظهرون عندما تدعو الحاجة. ويرى ماكس فيبر أنها نوع من أنواع القيادة الكاريزمية البطولية. ولذلك ذهب شيوخ العبرانيين إلى زعيمهم الديني صموئيل، وطلبوا إليه أن يجعل لهم «ملكاً يقضي لنا كسائر الشعوب». وقد حذرهم صموئيل من أن الملكية في تصوُّره حنث بالميثاق أو العهد بين الإله والشعب، ذلك العهد الذي جاء فيه أن جماعة يسرائيل لن يكون لها ملك سوى الإله. ولكنه في نهاية الأمر توَّج شاؤول ملكاً عليهم. وبعد تتويج شاؤول، تدهورت العلاقات بينهما حتى انفصمت تماماً، فتوج داود ملكاً بدلاً منه. ويبين سفرا صموئيل العناصر التي أدَّت إلى ظهور الملكية وجذورها المقدَّسة، ويؤكدان أن الملك، شأنه شأن الشعب، مُلزَم بإطاعة العهد وبإرادة الإله. وتدور أحداث السفر الأول حول صموئيل نفسه وشاؤول. أما السفر الثاني، فتدور أحداثه حول الملك داود. 
إلياهـو (النصف الأول من القرن التاسع قبل الميلاد) Elijah 
«إلياهو» (أو «إليا») اسم عبري معناه «إلهي هو يهوه»، والصيغة اليونانية للاسم هي «إلياس» التي تُستعمل أحياناً في العربية. وإلياهو نبي في المملكة الشمالية أثناء حكم كلٍّ من أخاب وأحازيا. جاء أصلاً من جلعاد. ويمكن اعتباره أول الأنبياء الكبار. كان يعمل راعي أغنام، وسعى إلى استرجاع العبادة الأصلية ليهوه، وخصوصاً بعد أن قامت إيزابيل بإدخال عبادة بعل، فعارض البلاط الملكي دعوته لأسباب سـياسـية، بل شـجع عبادات الشـعوب المجاورة. واضطر إليا إلى الهرب، ولجأ إلى الصحراء، ولكنه قاد الشعب، وذبح كهنة بعل. ومن المعروف أن ثورة إليا التوحيدية كانت ثورة ضد الظلم الاجتماعي أيضاً. وقد انضم إليه في دعوته صديقه النبي إليشع. 
وحسب الرواية التوراتية، لم يمت إليا وإنما صعد إلى السماء في عربة نارية تجرها خيول نارية. وهو يُعَد المبشر بالماشيَّح وأهم علامة مؤكدة تبشر بمقدمه، وسينفخ في البوق (الشوفار) معلناً قدومه، وسيلعب دوراً أساسياً في العصر المشيحاني، فسيقوم بتطهير النفوس مما علق بها من فساد ويهيئ اليهود لهذا العصر، وهو كذلك سيضع الحلول لجميع المشاكل، وسيجلو الغموض الذي يتعلق بالدين والقضاء والشريعة، كما سيقوم ببعث الموتى. وفي احتفالات عيد الفصح، تُصَبُّ له كأس، ويُعَدُّ له كرسي عند احتفالات الختان يُسمَّى «كرسي إليا». ويأخذ إليا في الوجدان الشعبي اليهودي في شرق أوربا هيئة النبي الجوال على الأرض الذي لا يعرف شخصيته أحد، يرتدي ملابس بدوي، ويقدم العون في لحظات الخطر والضيق، ويظهر للمتصوفة والعلماء ليعلمهم الحقائق الخفية. وقد وردت قصة إليا في سفر الملوك الأول (الإصحاحان 16 ـ 19)، وفي سفر الملوك الثاني (الإصحاحات 1 ـ 2). 
يــونان (حوالي 785-745ق0م) Jonah 
«يونان» أو «يونس» هما الصيغة السريانية والعربية للاسم العبري «يوناه» ومعناه «حمامة». ويونان خامس الأنبياء الصغار. تنبأ في أيام يربعام الثاني باتساع حدود المملكة الشمالية في عهده. وقد ورد في هذا السفر أن الإله طلب إلى يونان أن يذهب إلى نينوي، عاصمة الإمبراطورية الآشورية، ليعلن خرابها. ولكن القوم في نينوي أصغوا إلى نصيحة يونان وتابوا، فلم يُخرِّبها الإله وصفح عنهم، فاغتم يونان لذلك فقرَّعه الإله. كما ورد في السفر حادثة ابتلاع الحوت ليونان، حيث مكث في بطنه ثلاثة أيام. والسفر يتسم بالرؤية العالمية. 
هوشع (حوالي 750-722 ق0م) Hosea 
«هوشع» اسم عبري معناه «الإله المنقذ المخلِّص». وهوشع نبي عاش وتنبأ في المملكة الشمالية في عصر يُربعام الثاني، وخصوصاً في الأيام الأخيرة للمملكة. وهو معاصر لعاموس قبل الغزو الآشوري، وقد استمرت نبوَّته أربعين عاماً. وينصرف جل اهتمام هوشع إلى محاربة عبادة الأوثان، فلا يركز كثيراً على فكرة العدالة الاجتماعية. وقد تبع الازدهار والفساد، في عصر عاموس، فترة من الضعف الشديد والحرب الأهلية، كما أخذت قوة آشور في التصاعد. وقد كان لكل ذلك صداه في سفر هوشع، فتنبأ بسقوط المملكة الشمالية ونفى سكانها، وهاجم الشرك باعتباره تعبيراً عن تفكك الأمة. 
والصـورة المجازية الأساسـية في سفر هوشـع هي صـورة الزنى: "وأول من كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الأرض"(1/2). وقد أنجب هوشع من زوجته الزانية ثلاثة أبناء لهم أسماء رمزية، فالأول يُسمَّى «يزرعئيل» باسم البقعة التي ذبح فيها ياهو أسرة آخاب (1/4)، والثاني طفلـة سماها «لورحامة» (من العـبرية: «لا رحمة»): «لأنني لا أعود أرحم بيت يسرائيل بل أنزعهم نزعاً » (1/6)، والثالث سماه «لوعمي» (من العبرية: «ليس شعبي»): "لأنكم لستم شعبي وأنا لا أكون لكم" (1/8). فذنب جماعة يسرائيل هو سلوكها اللاأخلاقي واعتمادها على القرابين والقوة العسكرية. ويهيب هوشع دائماً بالماضي فيشير إلى يعقوب، وإلى الخروج والتيه، فالرب هو الذي أخرج الشعب من مصر ولكن الشعب أثبت أنه غير وفيّ حتى قبل أن يصل إلى أرض الميعاد. وحينما وصلوا إلى هناك، أخفقوا في معرفة مصدر نجاحهم الحقيقي ونسبوا إلى بعل الخيرات التي منحهم يهوه إياها، ولذا فإن الرب سيعاقب الأمة ويلحق بها الخراب وينقل سكانها. 
ولكن، مع كل هذا، ورغم فساد الأمة، فإن يهوه في علاقته بجماعة يسرائيل يشبه هوشع في علاقته بزوجته الزانية. فيهوه هو الزوج الذي تركته زوجته الزانية التي تسير مع الفساق الآخرين، ولكنه مع هذا يظل على حبه لها. ولذا، وإلى جانب العقاب والوعيد، فإن هوشع يدعو الشعب للتوبة ويبشر بالعودة (14/1 ـ 9). ويمكن القول بأن العلاقة بين يهوه والشعب علاقة حب مشبوب لا يمكن أن تنال منه خطايا الشعب. وتوجد في السفر صور مجازية أخرى مثل صورة الأب والابن (11/1 ـ 3)، والطبيب والمريض (7/1)، والصائد والطير (7/12). وسفر هوشع أول أسفار الأنبياء الصغار. 
أشعياء (حوالي 734-680 ق0م) Isaiah 
«أشعياء» (أو «يشعياهو») اسم عبري معناه «الإله يخلص». وأشعياء اسم نبي من أهم أنبياء اليهود، بل هو أعظم أنبياء العهد القديم قاطبةً. كان من أسرة نبيلة، أو ربما من دم ملكي، كما كان ذا ثروة طائلة. ولذا، كان أشعياء مقرباً من البلاط الملكي. ويُقال إن منَسَّى أعدمه. ويُشكل صعود القوة الآشورية، التي تهددت العبرانيين القدامى، الخلفية التاريخية لنبوءات أشعياء. وربما كان أهم حدثين تاريخيين في نبوءات أشعياء هما: الأول رفض آحاز ملك المملكة الجنوبية الانضمام إلى ملوك المملكة الشمالية في الحلف المضاد لآشور، وقد أيَّد أشعياء هذه السياسة المحايدة. 
والثاني أن حزقيال (ملك المملكة الجنوبية) تحدَّى آشور، وقد أدَّى هذا إلى حصار القدس. وحتى عندما انسحب الجيش الآشوري فجأة (701 ق.م)، استمر أشعياء في التحذير من المصير النهائي. وقد كان حسه التاريخي والسياسي دقيقاً إذ تنبأ بامتداد سلطان الآشوريين على الشرق الأدنى، ورأى في المستقبل البعيد الخطر المحدق من قبَل بابل على المملكة الجنوبية، وعارض اعتمادها على مصر وتعاونها معها ضد آشور. وكان أشعياء يرى يد الإله وراء كل الحوادث التاريخية، فكان يؤكد أن آشور هي أداة عقابه (10/5)، وأن شعب الإله يجب ألا يثق إلا به، وألا يعتمد إلا عليه، فالإله وحده هو سند الشعب. وقد أكد أن الخلاص لا يتأتى إلا بتنفيذ مطالب الإله الأخلاقية، فالشفقة والبر بالفقراء أكثر أهمية عندالإله من تقديم القرابين. وكان أشعياء من الأنبياء الذين اتجهوا إلى القضية الاجتماعية، فهاجم الأثرياء والحكام لتَقبُّلهم الرشاوى وظلمهم المساكين وبذخهم وترفهم وطمعهم وجشعهم وسكرهم وانعدام الحس الأخلاقي عندهم. 
وقد أعلن أشعياء بوضوح أن للعالم كله إلهاً واحداً، الإله الحي الحقيقي الذي ستعترف به كل الأمم في النهاية، ويعود الجميع إليه، ويتوحدون فيما بينهم «وفي ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى آشور فيجيء الآشوريون إلى مصر والمصريون إلى آشور ويعبد المصريون مع الآشوريين، في ذلك اليوم يكون يسرائيل ثلثاً لمصر ولآشور بركة في الأرض. بها يبارك رب الجنود قائلاً: مبارك شعبي مصر وعمل يدي آشور وميراثي يسرائيل» (19/23 ـ 25). ثم تصل الأمور ذروتها في آخر الأيام حين تتوقف الحروب ويأتي الماشيَّح ملكاً من نسل داود. 
وفي السفر المسمَّى باسمه يتحدث أشعياء عن العذراء التي ستحمل وتلد ابناً اسمه عمانوئيل (7/14)، وعن حلم السلام العام تحت رئاسة «أمير السلام»، فتعم سلطته العالم، ويطبع الناس سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل ويسكن الذئب مع الحمل. ولكثرة نبوءات هذا السفر عن الماشيَّح (9/6 ـ 7) يُشار إليه بأنه النبي الإنجيلي، وتُقتبَس نبوءاته في العهد الجديد أكثر من أي سفر آخر في العهد القديم. ورغم عالمية نبوءاته، فإنه كان يصر على إيمانه بخصوصية الشعب اليهودي. فجماعة يسرائيل هي الشعب المختار الذي قد يلحق به العذاب، دون أن يفنيه الإله تماماً، إذ ستبقى دائماً بقية صالحة تعود إلى فلسطين وتجدد الصلة بين الإله والأرض المقدَّسة. 
أعطى أشعياء ولديه اسمين رمزيين: فسمَّى أحدهما «شئار ياشوف»، أي «البقية ترجع» (7/3)، وسمَّى الآخر «مهير شلال حاش باز»، أي «يُعجِّل السلب ويُسرع النهب» (8/1، 4). وربما كان له ابن ثالث هو عمانوئيل، أي «الإله معنا» (7/14). ويُعتبَر الأسلوب الأدبي الرائع الذي كتب به سفره أجمل ما ورد في العهد القديم. والسفر الذي يحمل اسمه، هو أول سفر في كتب الأنبياء، وينقسم إلى قسمين: أشعياء الأول (1/39). وأشعياء الثاني (40/66)، كتبهما مؤلفان مختلفان، وإن كان يُقال إن الجزء الأخير (56/66) هو أشعياء الثـالث وكتبــه مؤلــف ثالــث. ويُقــال أيضــاً إن تاريخ أشعياء الأول هو 740 ق.م، وأشعياء الثاني هو 540 ق.م، أما الثالث فيرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد. 
ميخا (حوالي 730-701 ق0م) Micha 
«ميخا» اسم عبري معناه «مَنْ مثل يهوه». وميخا نبي من المملكة الجنوبية من أصل فلاحي، نشر تعاليمه بين عامي 730 و722 ق.م، وكان معاصراً لأشعياء، كما كان يشبهه في أسلوبه ونهج كتابته. وقد دافع ميخا عن الفقراء، وتحدَّث عن الشعب واضطهاد الطبقات الحاكمة له (3/1 ـ 3)، وكان أول من أنذر بدمار البلد والنفـي إلى بابل (3/12)، كما تنبأ بملك من نسـل داود سيأتي بالخير للعالم، وبذلك تتضح النزعتان العالمية والقومية في نبوءاته. 
عاموس (حوالي 670-746 ق0م) Amos 
«عاموس» اسم عبري معناه «مُحَمَّل» أو «المُثقل بالأحمال»، وعاموس أول نبي يهودي يُسمَّى باسمه أحد الأسفار. أعلن رسالته عام 750 ق.م. وكان عاموس يعمل راعياً، وجاني جميز في مدينة تقواع الصحراوية على بعد تسعة عشر كيلو متراً من القدس. ولكنه نشر رسالته في المملكة الشمالية في عهد يربعام الثاني الذي أدَّت فتوحاته إلى تدفُّق الثروات والسلع الترفية الجديدة على المجتمع العبراني، الأمر الذي أدَّى إلى انتشار الفساد، وإلى ظهور طبقة من الأثرياء وملاك الأراضي الذي كبلوا صغار الملاك بالديون، وصادروا أملاكهم، وأفسدوا ذمم القضاة (عاموس 2/6 ـ 7، 3/10، 5/10، 12). 
وقد هاجم عاموس هذا الفساد بضراوة، بل إننا نجد أن فكرة التوحيد عنده مرتبطة بالعدالة الاجتماعية. وثمة رفض في سفر عاموس للعبادة القربانية والأضاحي (5/21 - 24)، فالعبادة والطقوس والقرابين ليست إلا سخرية واستهزاء. ولذا، فإن الأخلاقيات التي بشر بها عاموس أخلاقيات أممية، وكانت تُعَدُّ جديدة على عصره، كما أنها لم تكن تمثل الروح القومية الحلولية اليهودية. 
فيهوه هو إله كل الشعوب والأمم "ألستم لي كبني الكوشيين يا بني يسرائيل يقول الرب، ألم أصعد يسرائيل من أرض مصر والفلسطينيين [أي الفلستيين] من كفتور والآراميين من قير" (9/7). فلم يكن خروج العبرانيين من مصر هو وحده الحادثة التاريخية ذات المغزى الخاص، بل خروج الشعوب الأخرى أيضاً. ولكن يهوه يظل، مع هذا، تربطه علاقة خاصة بشعبه، فهو يعرف جماعة يسرائيل فقط، ولذا فسيعاقبها على ذنوبها (3/2). ثم تأخذ الكارثة شكل هزيمة عسكرية يعقبها نفي جماعة يسرائيل. وكان عاموس مدركاً مدى خطورة التهديد الآشوري. ومن المحتمل أنه أُعدم على يد الكهنة (ويُقال إنه نُفي إلى تقواع) لأنه تنبأ بزوال المملكة الشمالية وزوال بيتها الملكي. وسفر عاموس ثالث أسفار الأنبياء الصغار، وهو مكتوب بأسلوب سهل يتواتر فيه عدد كبير من الصور المستمدة من الطبيعة ومن حياة الرعاة والمزارعين. 
ناحـوم (حوالي 633 ق0م) Nahum 
«ناحوم» اسم عبري معناه «المُعزَّى» (صيغة اسم مفعول). وناحوم أحد الأنبياء الصغار. تنبأ في السفر المسمَّى باسمه بسقوط نينوي. وأسلوب سفره أدبي ناصع يدل على أن مؤلفه امتلك ناصية اللغة وفن الوصف. 
صــــفنياه (حوالي 630 ق0م) Zephaniah 
«صفنياه» اسم عبري معناه «يهوه يستر» أو «يهوه يكنز». وصفنياه نبي من أسرة نبيلة في المملكة الجنوبية. تنبأ في السنين الأولى من حكم يوشيا، وكانت نبوءاته ذات طابع أخروي، فهو يصف يوم الإله، وكيف سيعاقب الأشرار. ويؤكد في سفره أن الفقراء سيرثون الأرض، وأن كل الأمم سـتعود إلى الإله وسـتعتمد عليه بقية جمـاعة يسرائيل وتصبح مقدَّسة، فسيجمعهم ويصيِّرهم تسبيحةً في الأرض كلها، ويحكم وسطهم ملكاً في وسط شعبه. 
إرميــــا (حوالي 626-586 ق0م) Jeremiah 
«إرميا» أو «إيرمياهو»، وهي عبارة عبرية تعني «الإله يؤسس» أو «الإله يثبت» أو «الإله يُعلِّي». وإرميا ثاني الأنبياء الكبار، وكان من أسرة من الكهنة ناصبته العداء بسبب موقفه. بدأ في التنبؤ عام 627 ق.م أثناء ملك يوشيا، فأعلن أن القدس ستسقط في يد البابليين، وحذر من الثورة ضدها. وقد اتهمه الكهنة بمحاولة الانضمام إلى العدو وسجنوه في قبو ليموت جوعاً، ولكن الملك رأف بحاله ونقله إلى سجن آخر وقدَّم له فيه الطعام. وظل إرميا على هذه الحال إلى أن سقطت القدس في يد البابليين على يد نبوختنصر، وتحوَّلت بعدها الدولة الجنوبية إلى دويلة تابعة. وبعد سقوط القدس، قام الموظفون البابليون بحمايته، بسبب موقفه الممالئ لبابل. ولكن بعد مقتل جداليا، وبعد أن نال الذعر من الثوار العبـرانيين، فرَّ العبرانيون إلى مصر واضطر إرميا إلى الفرار معهم، حيث استــمر في التنبــؤ هــناك. وكانت آخــر نبوءاته أن اللعنة ستـحل على يهود مصر لعبادتهم الأوثان (43، 44). 
اتصفت نبوءته بالآلام والمرارة، ولكنه يطرح رؤية جديدة تماماً للتجربة الدينية يتجاوز بها الحلولية المادية الوثنية ويصل بها إلى التوحيدية الحقة إذ ينقلها من عالم الظاهر إلى عالم الباطن، ومن عالم القرابين إلى عالم القلب والحياة، ومن عالم المسئولية الجماعية إلى عالم المسئولية الأخلاقية الفردية. فالإله لا يطلب الذبائح فحسب، بل يطلب الطاعـة الداخليـة، فهو يريد من البشر حياة أخلاقية رفيعة (7/21 ـ 23): «محرقاتكم غير مقبولة وذبائحكم لا تلذ لي» 6/20). والإله لا يرضى إلا عن ذبائح المستمع المطيع (17/24 ـ 27). وسيأتي وقت لا يُذكَر التابوت فيه (3/16)، وإنما ينظر الإله إلى القلب وحسب (17/10، 20/12). وقد تنبأ إرميا بالعهد الجديد، حين يكون للشعب قلب جديد، وتُكتَب شريعة الرب في هذا القلب (24/7). غير أن ما يتوَّج سفر إرميا هو ما جاء في الإصحاح 31 في الفقرتين 31 ـ 33 إذ يقطع يهوه عهداً جديداً مع شعبه حيث يجعل شريعتهم في نفوسهم ويكتبها على قلوبهم، وليس على ألواح حجرية (لوحى الشريعة) كما حدث في عهد آبائهم. ومن هنا يعلن مبدأ المسئولية الفردية. وقد ارتفع إرميا بفكرة الإله من مستوى الفكر القومي الضيق إلى مستوى الفكر العالمي، حيث تصبح العقيدة ديانة شخصية يعتنقها الفرد بعد أن يتوب إلى الإله ويرجع إليه، وتصبح الأساس الذي ينبني عليه العهد الجديد. وتصبح عبادة عالمية تتبعها كل الشعوب (3/17)، وسيعترفون بأن آلهتهم أكاذيب لا قيمة لها (16/19 ـ 20). 
حــبقوق (حوالي 605 ق0م) Habkuk 
«حبقوق» اسم عبري معناه «يعانق»، وهناك رأي يذهب إلى أنها كلمة فارسية بمعنى «زئبقة سوداء» أو نوع من الزهور. وحبقوق أحد الأنبياء الصغار، تنبأ في المملكة الجنوبية، وكان لاوياً يغني في الهيكل. وقد تنبأ في القرن السابع أثناء حصار الكلدانيين (البابليين) لنينوي. يضم سفره صرخة يتوجه بها إلى الإله ضد العنف والعسف والظلم، وضد انتصار البابليين، ثم يتساءل هل سيسمح الإله للبابليين بأن يتلفوا ويخربوا من هم أبر منهم. والجواب أن البابليين سيهلكون، أما البار فبإيمانه يحيا (حبقوق 2/1 ـ 4). والسفر في أساسه ـ فيما يُرجح العلماء ـ مكوَّن من إصحاحين (الأول والثاني) أما الإصحاح الثالث فله جانب أسطوري واضح، ولذا افتُرض أنه منحول. ومما يؤكد ذلك اكتشاف تفسير للسفر في قمران لا يحتوي إلا على الإصحاحين الأولين منه. 
دانيال (حوالي 605-537 ق0م) Daniel 
«دانيال» كلمة عبرية معناها «الإله قضى». ودانيال أحد الأنبياء الأربعة الكبار. كان دانيال من عائلة شريفة، ويُظن أنه وُلد في القدس. والسفر المسمَّى باسمه ينقسم إلى قسمين، يضم القسم الأول والمعروف باسم دانيال (الإصحاحات من 1 إلى 6)، وتضم ست قصص عن محن دانيال وانتصاراته هو ورفاقه الثلاثة. وقد جاء في هذا القسم أن دانيال ورفاقه جـاءوا إلى بابل بأمر من نبوختنصر، فتعلمـوا الكلدانيـة، وأبوا أن يأكلوا من طعام الملك أو أن يشربوا من خمره حتى لا يتنجسوا. ومع هذا، وجدهم الملك عند نهاية فترة التعليم أكثر ذكاء وبهاء من الآخرين. وقد فسر دانيال حلماً لنبوختنصر، وسُرَّ الملك بتفسيره، وعينه ورفاقه مديرين لكل مقاطعة بابل. وكان الملك قد طلب إليهم أن يسجدوا للتمثال الذي نصبه، وحينما رفضوا ألقى برفاق دانيال الثلاثة في النار، ولكنهم لم يلحق بهم أي أذى، فعبَّر الملك عن إعجابه بإله اليهود. وقد فسر دانيال حُلْمَ الملك عن الشجرة العظيمة التي قطعت، وأخيراً فسر الكتابة على الحائط في الوليمة التي أقامها بيلشاصر، والتي كان ينوي أن يستخدم فيها الأوعية التي أحضرها البابليون من الهيكل، وأخبره دانيال بأن نهايته قد دنت. وبعد ذلك رفعه دارا الميدي إلى أسمى المناصب فأثار هذا حسد أعدائه فكادوا له، وأُلقي به في جُب الأسود ولكن الإله نجاه. 
أما القسـم الثاني (دانيال B)، فيضـم الإصـحاحات مـن 7 إلى 12. وهنا تتغيَّر شخصية دانيال، ويتحول من حكيم يفسر الأحلام، والإشارات للملوك، ومن وزير يقع ضحية دس منافسيه إلى صاحب رؤى (أبوكاليبس). فدانيال هو نفسه الذي يرى الأحلام المفزعة هذه المرة، ويقوم ملاك بتفسيرها له. أما الرؤيا الأولى، فهي تمثل قوى العالم الأربع العظمى الطاغية (بابل ميديا وفارس واليونان) على شكل أربعة حيوانات، ثم تزول هذه القوى وتسود من بعدها "مملكة شعب قديس العلا"، أي اليهود. 
أما الرؤيا الثانية، فيرى فيها القوة التي يمثلها تيس المعز الذي له قرن كبير ينكسر وينبت بدلاً منه أربعة قرون أخرى (الإمبراطورية اليونانية تحت حكم الإسكندر ثم خلفائه من بعده)، وينبت قرن أصغر (وهو أنطيوخوس إبيفانيس)، ويحارب تيس المعز ضد كبش له قرنان أحدهما أطول من الآخر (الأسرة المالكة الإيرانية: الميديون والفرس). أما الرؤيا الثالثة، فهي رسالة حملها إلى دانيال الملك جبرائيل تتعلق بالمملكة المشيحانية التي ستأتي بعد تسعة وأربعين عاماً، بعد أن يكفِّر اليهود عن خطاياهم. 
أما الرؤيا الرابعة، وهي أطول الرؤى، فتأخذ شكل رسائل من الإله تؤكد محبته للمؤمنين الأمناء في شعبه، وهي تخبره عما سيحدث من وقت السفر الافتراضي (ثالث عام من حكم قورش) حتى خلاص جماعة يسـرائيل. فسـيأتي بعـد قورش ثلاثة ملوك فرس، ولكن اليونان سيحلون مكانهم، أولهم ملك عظيم (الإسكندر الأكبر). ثم يستمر السفر في سرد تفاصيل الحروب والزيجات الملكية المختلفة بين ملوك الممالك اليونانية، إلى أن يصل إلى التدخل الروماني الذي اضطر أنطيوخوس الرابع (إبيفانيس) إلى الانسحاب من مصر عام 168 ق.م، ثم اضطهاده لليهودية. ويتناول بقية السفر ما سيحدث بعد ذلك. 
والجزء الثاني من سفر دانيال يُعَد من كتب الرؤى (أبوكاليبس)، والتي تختلف اختلافاً جوهرياً عن كتب الأنبياء. فبينما تركز كتب الرؤى على تفسير التاريخ تفسيراً عجائبياً غير أخلاقياً، حيث يأتي الخلاص ويصبح كل ما يحدث في التاريخ الإنساني مصيراً محتوماً، تركز كتب الأنبياء على الخلاص التدريجي، ومن خلال الإرادة الإنسانية. وقد أصبح السفر أساساً لكثير من التأملات الرؤياوية والصوفية، وخصوصاً تلك المتعلقة بحسابات مقدم الماشيَّح. والواقع أن هذا السفر في عداد القسم المسمَّى بالكتب في العهد القديم، وقد كُتب بعضه بالعبرية وبعضه بالآرامية. وكان بعض الباحثين يرى أن هذا السفر كتبه علماء المجمع الكبير. ولكـن معظم العلمـاء يرون الآن أن الجــزء الأكبر كُتب عـام 300 ق.م، أما الثاني، فكُتب في عهد أنطيوخوس الرابع في وقت كانت اليهودية تتعرض فيه للاضطهاد الشديد على يد هذا الحاكم السلوقي، ولذا فإن رسـالة الأمـل التي يحمـلها السفر مناسبة للعصر. 
وسفر دانيال أول سفر ترد فيه إشارة صريحة وواضحة إلى حياة ما بعد الموت والبعث، وهي حياة مقصورة على كلٍّ من الأخيار والموغلين في الشر (12/2). وترد في السفر أيضاً إشارات عديدة إلى الملائكة، وأن لكل أمة ملاكهـا، وميـخائيل هو ملاك جمــاعة يســرائيل. ويُقــال إن شخصــية دانيــال رُسمت على طراز «دانيال» الذي أشير إليه في حزقيال (14/13 ـ14)، وهو شخص معروف بحكمته، يظهر في بعض النصوص الأوجاريتية. ويثير سفر دانيال كثيراً من الجدل، فهو أولاً لا يرد ضمن كتب الأنبياء في النسخة العبرية من العهد القديم، وإنما يرد ضمن كتب الحكمة. أما الترجمــة السبعــينية، فتورده في القسم الخاص بالأنبياء، ولعل هذا يعود إلى أن نص السفر كُتب متأخراً كما أنه كُتب بالعبرية والآرامية. وقد اقتبس كتاب «رؤيا يوحنا اللاهوتي» كثيراً من أفكار وتصويرات ورؤى سفر دانيال عن الممالك الكونية وسقوطها. ويمثل سفر دانيال المعين الذي لا ينضب لتفسيرات كنائس السبتيين المسيحية (الأدفنتست) الذين يتبنون رؤيته للتاريخ الكوني. 
حزقيـال (حوالي 593-570 ق0م) Ezekiel 
«حزقيال» أو «يحزقئيل» كلمة عبرية معناها «الإله يقوِّي». وحزقيال نبي من أسرة صادوق الكهنوتية ومن قبيلة إفرايم، وهو معاصر لإرميا، وقد كان على دراية تامة بتعاليمه وصوره المجازية الإيضاحية. أطلق حزقيال نبوءاته في القدس، ثم في بابل حيث هُجِّر مع اليهود الذين هُجِّروا إلى هناك، واستمر في التنبؤ لسنوات طويلة (593 ـ 570ق.م). ويبدو أنه نُفي قبل التدمير النهائي للقدس (586 ق.م)، فقد تنبأ بدمارها، وألقى باللوم على اليهود الذين بقوا في المملكة الجنوبية لاتباعهم طرق الشر، ولثقتهم البالغة في نجاتهم من التهجير البابلي. وقد استخدم حزقيال «الزنى» كصورة مجازية، وهي الصورة التي استخدمها هوشع من قبل، ولكنه طورها. كما أنه كان يرى أن تاريخ الشعب كله، منذ الخروج، تاريخ عصيان (20/1 ـ 38). 
ولكنه، بعد تحطيم القدس، أدخل العـزاء على قـلب المتــقين برؤى الخــلاص ونبـوءات الخـراب التي سـتلحق بالأغيار. وقد فسَّر حزقيال الغرض الإلهي من شتات اليهود بأنه نشر العدالة في العالم، وبشر بفكرة أورشليم المستقبل حينما يغفر الإله للشعب. وبين لهم أن خطايا الجيل السابق لا تمنع الجيل الحالي من أن يقرر، إن شاء، العودة إلى الإله. وثمة أمل في أن يعود الشعب إلى أرضه، ليعيش في سلام وطمأنينة يسوس أموره حكامه، ويكون الإله هو راعيه الصالح. وسيقوم الشعب ببناء الهيكل الجديد. ويبشر حزقيال كذلك بطبيعة الشعب التي ستُخلَق من جديد، فجماعة الإله الجديدة هي موضوع رجاء شعبه (36/24 ـ 30). ويتميَّز حزقيال بتأكيده المسئولية الفردية بشكل أوضح (18، 33/1 ـ 20). وسفر حزقيال ثالث الأسفار في كتب الأنبياء العظام، وهو مكتوب بضمير المتكلم، وأسلوبه شعري ويحوي صوراً مجازية ورموزاً عديدة. 
حـجاي (حوالي 520 ق0م) Haggai 
«حجَّـاي» اسـم عبــري معـناه «عــيد» (مولــود في يـوم عيـد). وحـجَّاي أحـد الأنبيــاء الصـغار. تنـبأ بعد التهجير إلى بابل في العـام الثـاني من حكــم دارا الأول. وقـد دعـا إلى إعادة بناء الهيكــل، وتحـدث عـن قـوانين النجــاسة، وتنبأ بعظمة الهيكل. 
زكريـــــا (حوالي 520 ق0م) Zechariah 
«زكريا» (زخارياه) اسم عبري معناه «يهوه قد ذكر». وزكريا أحد الأنبياء الصغار. وقد كتب زكريا سفره أثناء حكم دارا الأول وبعد العودة من بابل، وكان زكريا من الكهنة. وتتعلق نبوءاته بتجميع المنفيين، والتحرر من النير الأجنبي، وتوسيع القدس. وهو يصف رؤاه وتفسيرها من خلال ملاك. وينسب بعض العلماء الإصحاحات 9 - 14 إلى مؤلف آخر عاصر فترة الهيكل الأول، وذلك على أساس لغتها ومضمونها. 
ملاخــي (حوالي 450 ق0م) Malachi 
«ملاخي» اسم عبري معناه «رسولي» أو «ملاكي». وملاخي آخر أنبياء العهد القديم، يقرنه البعض بعزرا، ويساوون بينهما. ويرى بعض العلماء أن «ملاخي» ليس اسم عَلَم وإنما صفة لكاتب السفر. وقد عاش ملاخي بعد بناء الهيكل الثاني. ويتضمن السفر توبيخاً للكهنة، لتراخيهم في تطبيق قواعد القرابين والعشور، فهم يقدمون ذبائح بها عيوب ولا يعيشون وفقاً للشريعة، وهم لا يعلِّمون الناس الحق. وهو يذم التزوج بمن هن من خارج المجتمع. وينتهي السفر برؤية أخروية ليوم الإله. 
عـوبديــا (حوالي 450 ق0م) Obadiah 
«عوبديا» اسم عبري معناه «عبد يهوه». وعوبديا رابع الأنبياء الصغار، يوجه اللوم العنيف في سفره إلى أدوم، لأنها لم تهبّ لمساعدة القدس ساعة محنتها. ويؤكد فيه أن يوم الرب قريب. ومن غير المعروف متى كُتب السفر، ولكن من المتفق عليه أنه كُتب بعد هدم الهيكل. 
يوئيل (حوالي 400 ق0م) Joel 
«يوئيل» تركيب عبري معناه «يهوه هو الإله». ويوئيل أحد الأنبياء الصغار، وهو أيضاً مؤلف السفر الذي يُعرف باسمه. ويمكن تقسيم سفر يوئيل إلى ما يلي: الإصحاحين الأول والثاني اللذين ترد فيهما نكبة الجراد، ثم الإصحاحين الثالث والرابع اللذين يتناولان يوم الرب حينما يعيد الرب شعبه من السبي ويعاقب أعداءه. والتاريخ الذي كُتب فيه السفر غير معروف، فمن العلماء من يظن أن كاتبه كان معاصراً لأشعياء، ومنهم من يذهب إلى أنه عاش في ملك يوشيا، ولكن ثمة اتفاقاً عاماً بين العلماء على أن يوئيل تنبأ بعد العودة من بابل.


الباب الخامس: الأنبياء والنبوة  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الخامس: الأنبياء والنبوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: موســـــوعة اليهــــــود-
انتقل الى: