منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Empty
مُساهمةموضوع: لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها   لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Emptyالخميس 29 أغسطس 2013, 10:43 pm

لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها 1002465_505048556245875_1386976676_n
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره، واتبع هواه، أحمده على ما قدره وقضاه، وأشكره على نعمه التي لا تحصى وأسأله المزيد من فضله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن من رحمة الله – تعالى - بعباده أن بعث إليهم رسولاً من أنفسهم، يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم، أي يعلمهم القرآن والسنة، ويزكيهم بالحث على طاعة الله والتحذير من معاصيه، وقد فعل والحمد لله، وأنـزل – تعالى - عليه كتابه المبين، هدى للمؤمنين، وشفاء لما في الصدور من الجهل والشك والريب، ومن تمام رحمته تعالى بهم أن تولى حفظه بنفسه قال جل وعلا:{إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وقال تعالى:{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 17 - 19].
ولما كان المسلمون متمسكين بكتاب ربهم متبعين تعاليمه، مهتدين بهداه، لم يكن أعداؤهم يطمعون بهم، فكان كتاب الله – تعالى - سداً منيعاً دون أعداء المسلمين الذين يجهدون أنفسهم في التلبيس على المسلمين، وصدهم عن دينهم، فكلما يمموا طريقاً وجدوه مغلقاً، أو سلكوا درباً حصلوه موصداً، وذلك لأن المسلمين كانوا يفهمون كتاب الله ويعملون بما يأمر الله به، ويجتنبون ما نهاهم عنه.
محاولة أعداء الله القضاء على الإسلام بوسائل عديدة لما ضعف المسلمون بابتعادهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم، ولعبت بهم الأهواء ودخلت على بلادهم الفتن من أقطارها، وصار الحكم في شئونهم إلى القوانين التي وضعها البشر، وجد عدوهم إليهم منفذاً حيث أصاب منهم غرة وغفلة بسبب جهلهم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فَلُبِّسَ عليهم الأمر، وساء فهمهم للإسلام، وأصبح جمهور المسلمين لا يعرفون من الإسلام إلى الأوضاع التي وجدوا عليها أهل بلادهم مما زينه لهم عدوهم موهماً لهم أنه من الدين ومما يقرب إلى رب العالمين، وهو بعكس ذلك، وجَدَّتْ حملات التنصير والتضليل تصور لهم الإسلام على غير حقيقته.
وبذلك وجد أعداء الإسلام ثغرات ومداخل لإفساد دين الإسلام، بتزيين البدع، وتحسين ما جاءت به أفكار أهل الغرب والشرق، من يهود ونصارى ومجوس وملاحدة، وساعد على ذلك أهل النفاق وأمراض القلوب، وعباد الشهوات ممن هو محسوب على المسلمين، بل صار هؤلاء أشد نكاية بالمسلمين من الكفار، لأنهم تربوا بمدارس أعداء الإسلام والمسلمين، فزينوا لهم ما عليه النصارى والملاحدة، من المبادئ والأفكار البعيدة عن دين الله كل البعد وأوهموهم أن ما بأيديهم من الصناعات ونظم الحياة الدنيا، والعلوم المادية دليل على أن دينهم ونظمهم التي تخلوا بها عن دين الله هي التي تصلح لمسايرة التقدم والحياة الجديدة، وأن الإسلام يحول بين المسلمين وبين الحياة السعيدة في هذه الدنيا، ويمنعهم من إدراك العلوم التي يسايرون بها الغرب والشرق، وأوحى شياطين الإنس بعضهم إلى بعض زخرف القول للتغرير والتزوير.
من وسائلهم في محاربة الإسلام:
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Images?q=tbn:ANd9GcRLL5Z41I4O-uUimoHN5lO9P4vSVM1hFMnxMNqErRwSi1AfzV2T0A
قالوا: مثلاً، الإسلام يمنع المرأة من الخروج والعمل في المصانع ونحوها، ويجعلها رهن البيت سجيناً مقهوراً، لا تستطيع الحول والطول، وبذلك انشل المجتمع بتخلف نصفه عن العمل.
وانضاف إلى هذه الدعاوى صرخات من نصبوا أنفسهم عملاء للماسونية واليهودية الماكرة التي تريد تمزيق الأخلاق، والقضاء على كل فضيلة، وكذلك النصرانية الحاقدة على الإسلام والمسلمين، فهؤلاء الذين يسمون بدعاة تحرير المرأة هم يخدمون أولئك الأشرار سواء عن علم وقصد أو  عن غير علم وقصد.
وتحرير المرأة الذي ينادون به وإليه يدعون، قد عرف، وعرف مرادهم به؛ فالذي يهمهم أن تخرج المرأة من بيتها شبه عارية من اللباس، وأن تكون بجوار الرجل تسايره أين كان، في المكتب، والمصنع، والمدخل والمخرج، حتى يمكن أن تكون نهباً لذئاب الشهوات المسعورة من البشر، التي تريد إشباع غرائزها الشهوانية بأي وسيلة كانت.
ولذلك أصبحت دعواتهم تصم الآذان ومخططاتهم التضليلية الرهيبة تكاد تعصف بالمرأة، وتلفها في تيارها الذي يصب في جهنم، والواجب علينا أن نعتبر بالمجتمعات التي استجابت لهذه الدعوات التضليلية، كيف وقعت المرأة فيها فريسة لفساق البشر، وفقدت شرفها وكرامتها، ومعلوم أن تسوية المرأة بالرجل مكابرة للمعقول والمحسوس والفطرة، وخروج على دين الله وحكمه.
فالله تعالى جعل المرأة بصفاتها الخاصة بها صالحة لأنواع من المشاركة في بناء المجتمع الإنساني، لا يصلح له غيرها، كالحمل والإرضاع، وتربية الأولاد وخدمة البيت، ونحو ذلك مما لا يستطيعه الرجل، ولا يناسب تكوينه الذاتي، وهي بعملها ذلك تؤدي خدمة عظيمة للمجتمع، في داخل بيتها في صيانة وستر، ومحافظة على عفتها وشرفها وكرامة زوجها وأهلها، بعيدة عن الذئاب البشرية الذين يريدونها مشاعاً لكل فاجر عاهر.
وزعمهم أن المرأة لها من الحقوق في بناء المجتمع خارج بيتها مثل ما للرجل دعوى كاذبة، فالمرأة متاع، بل هي خير متاع الدنيا، والخيانة فيها أخطر من الخيانة في غيرها، وأشد تعرضاً لذلك إذا خرجت من بيتها، كما في الحديث: «إذا خرجت المرأة من بيتها متزينة استشرفها الشيطان»؛ أي عظمها وزين ذلك لها واتخذها له مطية شريفة يلفت إليها أنظار حزبه الغاوين.
وإذا نظرت إليها العين الخائنة تمتعت بجمالها بذلك النظر، وكذلك إذا مس شيئاً من بدنها تمتع بما لا يجوز أن يتمتع به إلا زوجها.
وعلى كل حال فخروجها من بيتها تعريض لها بأن تكون نهبة لكل خائن عاهر، كما هو الواقع في البلاد التي تخلت عن تعاليم الإسلام.
ودعواهم أن دوام خروجها واختلاطها بالرجال بادية الرأس والعنق والصدر والمعصم والساق ونحو ذلك؛ دعواهم أن ذلك يذهب إثارة الغرائز لدى الناظرين إليها، لأن الأمر كما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس – كلام فارغ من المعنى والحق، بل هو في غاية السقوط والكذب؛ لأن مفهومه إشباع الغرائز والرغبات منها، حتى يزول الأرب فيها لكثرة ما شبعت الغريزة منها، وليست مداومة الاختلاط والنظر تذهب إثارة الغرائز كما زعموا، فإن الرجل يبقى مع زوجته السنين الطويلة، ثم إذا نظر إلى شيء من محاسنها ثارت غريزته، كما هو معلوم لا ينكره إلا مكابر، وعلى كلٍ الخير كله في تعاليم الإسلام في حق المرأة وغيرها.
سبب ضعف المسلمين:
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Images?q=tbn:ANd9GcRLL5Z41I4O-uUimoHN5lO9P4vSVM1hFMnxMNqErRwSi1AfzV2T0A
وما أصاب المسلمين الضعف إلا بسبب عدم تطبيق أحكام الإسلام، والتزام تعاليمه، فقد هان المسلمون على الله تعالى حينما هانت عندهم أوامره ونواهيه، فأصبحوا عرضة لكل فاجر وكافر يتصرف بهم وببلادهم؛ يسلبون خيراتها، ويفسدون فيها بنشر مجونهم وإلحادهم، ولقد كانت أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس يوم كانت تتشرف بقبول هذا الدين وحمل رسالته، والقيام بإبلاغه وتوصيله إلى الأمم الأخرى.
فيوم أن جانبت الأهواء والشهوات وأخلصت النية والقصد لله –تعالى- وعملت بصدق على تطبيق أحكام الإسلام كان الله معها، فنصرها وأعزها، ودان لها الشرق والغرب، وانتشر توحيد الله وعبادته وحده في أنحاء المعمورة، وعم الخير والعدل والسلام؛ لأن الحكم صار لشرع الله تعالى وهو العليم بما يصلح الإنسان ويسعده.
واليوم وقد أصيبت هذه الأمة في أعز ما تملكه، وهو دينها الذي أعزها الله به وتخلت عن التمسك به، وخدعها أعداؤها بما يزينونه من زخارف المدنية وزيفها، فأقبل أكثر المسلمين على ما عند أعداء الإسلام المتربصين به، يأخذون ما عندهم من باطل وضلال، وقلدوهم في فسقهم وانحرافهم وأخلاقهم، بلا تفريق بين النافع والضار، فحل بهم الضعف والوهن، وذهبت ريحهم.
يكاد يجمع كبار مفكري العالم اليوم على أن الانحلال الذي يوشك أن يدمر المجتمع الإنساني؛ أن سببه فقدان الإيمان بالله الذي هو أبرز ظاهرة في صميم الفطرة التي فطر الله عليها عباده، فإذا تخلى المرء عن الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر انحط إلى أسفل سافلين، فيصبح كأنه ترس في آلة، أو ذئب في غابة، أو شاة في قطيع، أو كلب مسعور، أو مجنون مخمور، قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} [التين: 4، 5].
وذلك لأن الله تعالى خلقه لمعرفته وعبادته واتباع أمره وطاعته، فهو بذلك يكون في أحسن تقويم في خلقه وخلقه، فإذا تخلى عما خلق له فإن الله يعاقبه بمسخ أخلاقه، وفساد أفكاره وسلوكه.
والواقع اليوم يشهد لهذا، والأمثلة عليه كثيرة، نشرت الصحف قبل أيام أن مائة من المراهقين الأمريكيين اشتبكوا مع رجال الشرطة على ساحل كاليفورنيا وقلبوا سيارتهم وأشعلوا بها النار، كما أشعلوا النار بإحدى سيارات الإنقاذ من الغرق ثم امتدت الاشتباكات وتحولت إلى شغب واسع النطاق بامتداد الشاطئ؛ والسبب في ذلك كله أن رجال الشرطة تدخلوا لمنع مجموعة من النساء من التجرد من ثيابهن أمام جموع المصطافين هناك. 
وأمثال ذلك كثير؛ فهذه البلاد التي تضرب مثلاً للتقدم الحضاري أخلاقهم أحط من أخلاق الكلاب؛ لأنهم فقدوا الإيمان فالإيمان بالله تعالى هو القوة الرادعة عن كل فساد ورذيلة، وهو القوة الدافعة إلى كل خير وفضيلة، وبدونه لا تكون مروءة ولا كرامة ولا شرف، ومهما بحث الباحثون عن ملاذ، أو علاج لإنقاذ البشرية من مآزق التمزق والضياع، الذي يعيشه أغلبية الناس اليوم، فلن يجدوا سوى الإيمان بالله والرجوع إلى دين الإسلام فهو المنقذ الوحيد مما حل بهم.
كيف تعود عزة المسلمين إليهم:
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Images?q=tbn:ANd9GcRLL5Z41I4O-uUimoHN5lO9P4vSVM1hFMnxMNqErRwSi1AfzV2T0A
إن آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها، والنصرة من الله تعالى، لا يستحقها المسلمون إلا إذا نصروا الله بإقامة دينه الذي أوجبه عليهم، والدعوة إليه بالجد والنصح والبذل للنفوس والأموال في سبيل ذلك، إذا كنا نريد العزة والقوة فلنغير ما بأنفسنا من الوهن وكراهية الموت، ولنقبل على الله صادقين. 
إن أحوال أكثرنا لا تُرضي الله ولا يرجى معها نصره، فمثلاً إذا سبرنا حال طالب العلم الذي يؤمل أن يكون أفضل الناس، فإذا هو يمضي في دراسته ما يزيد على عشرين عاماً؛ ستة أعوام في الابتدائي، وستة أخرى في المتوسط والثانوي، وأربعة في الجامعي، وستة في العالي أو أكثر، ثم إذا تحصل على أعلى شهادة وجدته غير متميز عن العوام وسائر الناس لا في مشيته ولا في هيئته، ولا في سمته ونطقه، بل قد لا يتميز عنهم حتى في هيئة صلاته، وهذا هو الغالب على طلابنا، والسبب في ذلك أنهم لم يطلبوا العلم للعمل به، والتقرب إلى الله، وإنما طلبوه للدنيا، فسلبوا نوره وبركته، فإذا كان هذا حال طلبة العلم، فكيف ببقية الناس، ولهذا أصبنا بالاختلاف وتنافر القلوب، وأصبحنا غثاءً كغثاء السيل.
قال ابن مسعود: «لو أن أهل العلم صانوا علمهم ووضعوه عند أهله، لسادوا به أهل زمانهم، ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم فهانوا على أهلها» سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: «من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله هم آخرته، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها وقع».
وكان السلف كما قال أبو قلابة: «إذا أحدث الله لك علماً فأحدث له عبادة»، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم كان أحدهم لا يتجاوز عشر آيات حتى يتعلم ما دلت عليه ويعمل بهن، فتعلموا العمل كما يتعلمون العلم.
وقال عبد الله بن عباس: «لو أن حملة العلم أخذوه بحقه وما ينبغي، لأحبهم الله وملائكته والصالحون، ولهابهم الناس، ولكن طلبوا به الدنيا، فأبغضهم الله، وهانوا على الناس».
قال الشعبي: «كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به، وكنا نستعين على طلبه بالصوم»، وقال الإمام مالك: «إن حقًا على من طلب الحديث أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعاً لآثار من مضى قبله».
وعلى كلٍ الواجب على طالب العلم وغيره تقوى الله تعالى وحفظ حدوده وحقوقه، وأوامره ونواهيه، كما وصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس بقوله: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك».
فيحفظ حدوده فلا يتجاوزها، ويحفظ أوامره فيمتثلها، ونواهيه فيجتنبها، وبذلك يستحق وعد الله تعالى في مثل قوله تعالى:{هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} [ق: 32 - 35]، فسر الحفيظ في هذه الآية بالحافظ لحدود الله، وبالحافظ لذنوبه ليتوب منها، ولا منافاة بينهما.
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن مسعود مرفوعاً: «الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى»، وحفظ الرأس وما وعى يلزم منه حفظ السمع والبصر واللسان، من سماع المحرمات والنظر إليها فلا يستمع إلى ما فتن به أكثر الناس اليوم من الأغاني، ومزامير الشيطان فإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتنبت في القلب النفاق وحب الباطل، وكراهية الحق وأهله، ولا تجتمع الأغاني في قلب مع كلام الله تعالى لأنهما متضادان، فكلام الله فيه الهدى والنور، وحياة القلوب، والأغاني تميت القلب نهائياً وتجعله منكوساً، فيصبح الحق عنده باطلاً مكروهاً، والباطل مرداً له محبوباً.
ولا ينظر إلى ما حرم الله، أو ما هو داع إلى مواقعة الحرام، كالنظر إلى النساء المحرمات عليه، ونحو ذلك مما يدعو النظر إليه إلى ما هو أعظم من الفواحش، وكالصور الخليعة التي قصد بها هتك أخلاق الشباب المسلم، وإيقاعهم في حبائل الشيطان بإثارة غرائزهم، وكوامن شهواتهم، أو النظر إلى الداعيات إلى الدعارة والفجور اللاتي يعرضن أنفسهن في التلفاز، عاريات، أو شبه عاريات، وأقل ما يقال في ذلك أن المرء يجب عليه أن يعرض عنه بنفسه، ومن يستطيع حمايته من هذا الوباء الفتاك الذي يقضي على أخلاق المجتمعات.
ولما كان مبدأ الفساد من قبل النظر المحرم أمر الله –تعالى– المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، وأخبرهم أنه تعالى عليم بأعمالهم، مطلع عليها ليستحيوا منه تعالى.
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد «والنظرة سهم من سهام إبليس»، والنظر يتولد عنه الأفكار الرديئة، ثم لا تزال تلك الأفكار الرديئة بصاحبها حتى تكون إرادات وعزائم، فيسعى بذلك إلى عمل الخنا والفجور حتى يقع فيه، ثم يصبح أسيراً للشيطان وشهواته، فيهلك مع الهالكين.
ومما يجب حفظه اللسان، فيجب أن يحفظ عن قول الزور، والسباب والشتم، والنميمة والغيبة، وقول الباطل، وكل ما لا فائدة فيه، فإن ذلك عمل اللسان، وهو محفوظ عليه مسجل، قال تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 17، 18]، وقال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)} [الانفطار: 10، 11].
وقد كثر وقوع غالب الناس في الغيبة والنميمة، حتى فشت في طلبة العلم، مع ظهور الأدلة على تحريمها، وعظم الوعيد عليهما كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة نمام»، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، يعني أن اغتياب الإنسان لأخيه كأنه يأكل لحمه بعد موته، وهذا في غاية الشناعة والقبح، فكيف يقدم العاقل على ذلك. 
وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيبة بأوضح ما يكون فقال: «الغيبة ذكرك أخاك بما يكره» وذلك في حالة غيبته، قالوا: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته»، أما النميمة فهي نقل الحديث إلى الغير على وجه الإفساد، وعلى كل فخطر اللسان عظيم، وهو أولى الأعضاء بالحفظ والمراقبة، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد ليتكلم الكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في نار جهنم».
وفيهما أن أبا هريرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق»، وفيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، فخطر اللسان عظيم، فمن كان تعز عليه نفسه فلا يطلق لسانه بكل ما يخطر له، فإنه بذلك يورده المعاطب وانظر إلى ما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله تعالى: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له، وأحبطت عملك» وجاء أن هذا القائل كان عابداً مجتهداً، فأحبط عمله بكلمة واحدة، ربما قالها غيرة على محارم الله، وغضباً لله تعالى ومع ذلك ذهبت تلك الكلمة بدنياه وآخرته، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه.
فعلى المؤمن أن يكون حذراً خائفاً، حافظاً للسانه وسائر جوارحه من الوقوع بما يسخط الله عز وجل، وإذا تكلم يكون كلامه فيما ينفع من ذكر الله تعالى، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه؛ أضمن له الجنة»، وما بين اللحيين يتناول ما يتكلم به وما يأكله، فمن حفظ منطقه من الكلام السيئ، وحفظ مطعمه من الحرام فقد حفظ ما بين لحييه، وحفظ الفرج يترتب على حفظ البصر والسمع عن الحرام، وكذلك حفظ القلب من الأفكار الرديئة، بأن يطردها بخوف الله ومراقبته، وبذلك يحفظ فرجه، أما إذا أطلق نظره، ولم يمتثل قول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وأطلق سمعه إلى سماع الأغاني فإنها تدعوه إلى الفجور.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: الأجوفان، الفم والفرج»، قال الترمذي حسن صحيح.
كذلك مما يجب على العبد أن يحفظه بطنه، فلا يدخل فيه محرماً من المآكل والمشارب فإن الجسد الذي يتغذى بالسحت فإن النار أولى به.
وأكل الحرام وشربه يحول بين العبد وربه، فلا يستجيب دعاءه، ولا يقبل عمله، كما في الحديث المشهور، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «حينما ذكر الرجل الذي يطيل السفر، يرفع يديه يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، فأنى يستجاب له» يعني بعيد جداً أن يستجاب له، وكثير من الناس واقع في هذا الأمر العظيم، ولاسيما المتعاملين مع البنوك، وقد عظم الله جرم الربا، حتى جعل آكله محارباً لله ورسوله، وتوعد عليه بأشد الوعيد والعقاب، ونفى الإيمان عمن لا يجتنبه، وكذا المشارب المحرمة من الخمور بأنواعها، وكل مسكر فهو خمر، سواء شرب أو أكل، أو غير ذلك.
وقد فتن بهذه المحرمات خلائق من الشباب وغيرهم لا يحصيهم إلا الله تعالى، فعلى العبد المؤمن أن يتقي الله، ويراقبه، ويعلم أن حياته هذه منقضية عن قرب فيجتهد في تحصيل ما يرفع درجته عند ربه، ويبتعد عن كل ما هو سبب للبعد عن الله تعالى؛ فإن الأمر قريب جداً والله المستعان.
فالمؤمن ينبغي له أن يعرف الشر ومرتبته في دينه، كما ينبغي أن يعرف الخير ومرتبته أيضاً، ويفرق بين أحكام الأمور الواقعة، التي عملها الناس، وبين التي يراد إيقاعها ليقدم ما هو أكثر خيراً وأقل شراً، ويدرأ أعظم الشرين باحتمال أدناهما، ومن لم يعرف أحكام الله في عباده أصبحت أقواله وأعماله بجهل، ومن عَبَدَ الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، وبذلك أفسد الدين وغيرت السنن، بل وعبد غير الله، فلا بد أن يقترن العلم بالعمل، وأن يكون أصل العمل وأساسه محبة ما يحبه الله ورسوله، وبغض ما يبغضه الله ورسوله.
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Images?q=tbn:ANd9GcRLL5Z41I4O-uUimoHN5lO9P4vSVM1hFMnxMNqErRwSi1AfzV2T0A
وقد جعل الله في قلوب بني آدم محبة وإرادة لما يتألهونه ويعبدونه، وذلك هو قوام قلوبهم وصلاح نفوسهم،كما جعل فيهم محبة وإرادة لما يطعمونه وينكحونه، وبذلك تصلح حياتهم ويدوم شملهم، وحاجتهم إلى التأله أعظم من حاجتهم إلى الغذاء فإن الغذاء إذا فقد يفسد الجسم، وإذا فقد التأله تفسد النفس، ولن يصلح ابن آدم إلا تألهه لله وحده، وعبادته وحده لا شريك له، وهذا هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها كما في الحديث المتفق عليه: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه»، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به عن الله تعالى أنه قال: «إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنـزل به سلطاناً».
وليس معنى قوله –صلى الله عليه وسلم-: «كل مولود يولد على الفطرة» أنه حين ولدته أمه يكون عارفاً بالله موحداً له عاقلاً لذلك، كما يتوهمه بعض الناس، وإنما معناه أن فطرته تقتضي أن يعرف الله ويوحده ويعبده وحده ويتجه إليه دون ما سواه، فإذا حصل له العلم بذلك وجدت معرفته لربه وحبه له على قدر العلم الذي حصل له، إذا لم تغير فطرته، ويلقن ما يحرفه عن ذلك، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} [النحل: 78].
فتبين أن المقصود بأنه ولد على الفطرة: الاستعداد لقبول الحق ومحبته، وإلا فكل أحد يعلم أن الطفل ليس عنده معرفة بتوحيد الله تعالى ودينه. وعلى كل يجب على العبد أن يكون عبداً لله لا لغيره، ويجب أن يستعين على ذلك بثلاثة رسل: قائد، وسائق، وحاد يبعث كوامن الرغبة في نفسه.
فالقائد هي المحبة لله والتعلق به، وهي مقصودة لذاتها لأنها تلازم العبد في الدنيا والآخرة، والسائق الخوف من عقاب الله وعذابه في الدنيا والآخرة والمقصود منه الزجر والمنع من الخروج عن طريق الله الذي نصبه لعباده يسيرون عليه إليه، وهو مراد لغيره؛ فلذلك يزول إذا دخل العبد الجنة. 
وأما الحادي فهو الرجاء ينشط النفس ويبعثها على الجد، فهذا الأصل يجب أن يعمل العبد به وأن لا يخرج عنه، فإذا ترسمه كان ممن قال الله فيهم: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} [يونس: 62، 63]، ويستعين على ذلك بكثرة ذكر الله، كما أمر جل وعلا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب: 41، 42]، ويستعين كذلك بالنظر إلى نعم الله عليه وآلائه، كما أمر الله تعالى بذلك بقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69].
وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53]، فالعبد إذا خلي ونفسه لم يستطع جلب نفع ولا دفع ضر، وقال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، وقال: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]، فلا بد من النظر إلى ذلك وتذكره فهو تعالى الذي سخر للإنسان كل ما في السماء والأرض، وفي وقتنا هذا ازدادت نعم الله علينا الظاهرة بما جد من الصناعات والآلات التي أراحت الناس من عناء الكد، ومكابدة الأسفار، وتعب الحرث ومشقة الأعمال.
وأما النعم الباطنة وأعظمها الإيمان بالله وما يتبعه فقد كان في صدر هذه الأمة أعظم وأعم، ومن حصل له الإيمان بالله تعالى ورسوله، فذلك أعظم النعم على الإطلاق، فعليه أن يغتبط بذلك وينميه، ويعمل على استقراره في قلبه واستدامته، والرغبة إلى الله بتثبيته عليه إلى يوم يلقاه.
والمقصود أن كثرة ذكر الله تعالى وتسبيحه، ومطالعة نعمه تجلب له محبة الله تعالى، وكذلك النظر في وعيد الله والتفكر في القبر وعذابه، والعرض على رب العالمين وحسابه، يبعث على الخوف والانـزجار عن معاصي الله تعالى، كما أن النظر في سعة رحمة الله وكرمه وواسع حلمه يبعث على الرجاء، فعلى المؤمن ألا يكون مغلوباً على أمره، بل يسعى إلى ما يسعده بالطرق الصحيحة المشروعة، وعليه أن يكون نبيهاً على حذر من الوقوع في الفتن، فتن الشبهات والشهوات وهذه هي التي أردت أكثر الناس اليوم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم، ومضلات الفتن».
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره» وفي رواية البخاري:«حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره» وهذا أبلغ وأشد فإذا كانت الجنة محجوبة بالمكاره، فلا يمكن دخولها إلا بعد ما يتجاوز العبد هذه المكاره ويذوق مرارتها ويعاني مشقتها، وكذلك النار الطريق إليها تدعو إلى سلوكه شهوات الغي، ومشتبهات الهوى والنفوس البهيمية، وهو سهل السلوك، مزين المورد، ولهذا أكثر بني آدم سائر عليه، كما أخبر الله بذلك ورسوله، وكما هو الواقع المشهود، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سـبأ: 20]، وفي حديث بعث النار، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وواحد إلى الجنة. يعني أنه لا يدخل الجنة من بني آدم إلا من كل ألف واحد فقط.
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Images?q=tbn:ANd9GcRLL5Z41I4O-uUimoHN5lO9P4vSVM1hFMnxMNqErRwSi1AfzV2T0A
ومع ذلك فإن العبد إذا انقاد لطاعة ربه، ورضي به معبوداً، وقصده بالحب والذل، صارت عبادته غذاء روحه، وقوام حياته، وغلب جانب الروح الإيماني، على جانب الجسم الشهواني، وهذا هو المقصود من الإنسان؛ أن يغلب جانب الروح، فلا يذوق طعم الإيمان وحلاوته إلا بذلك، وإنما يأخذ من حظوظ الجسم ما يكون فيه قوته، وقوته على أعمال العبادة والطاعة، وبذلك يدرك العبد الحياة الحقيقية والسعادة في الدنيا قبل الآخرة، حياة الإيمان بالله والطمأنينة به قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]. 
وهذه حياة الإيمان، ونور الهداية، والعلم بالله تعالى وهي حياة السعداء يجدون لها لذة لا تقاربها ملذات الدنيا، كما كان يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره: «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة»، والله تعالى يحب أن يعبد بالحب والذل والخضوع له، وقد أمر بذلك وأوجبه على عباده، ووعدهم عليه السعادة والنعيم المقيم، فيجب على العبد أن يحب ما يحبه الله تعالى، وأن ينقاد لأمره قابلاً مستسلماً راضياً، وأن يحب ما فيه سعادته وحصوله على النعيم، ثم يترقى من هذا إلى أن تكون عبادة الله تعالى قرة عينه، وغذاء روحه، فتسهل عليه الآلام والأوصاب التي تصيبه في ذلك كما حصل لحارس رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، لما باتوا قام اثنان من الصحابة يحرسان؛ أنصاري ومهاجري، فقام الأنصاري يصلي، ونام المهاجري، فجاء رجل من الكفار فرأى شخصه، فرماه بسهم فأصابه، فانتزعه من جسمه واستمر في صلاته، ثم رماه بآخر فانتزعه من جسمه واستمر في صلاته، ثم رماه بثالث، عند ذلك ركع وسجد وسلم ثم أيقظ صاحبه، فلامه صاحبه، على عدم إعلامه أول ما رماه، فقال: إني كنت أقرأ في سورة كرهت أن أقطعها، فلما تابع علي الرمي أعلمتك، وايم الله لولا خوفي أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها. 
فلم يمنعه ما أصابه من الجراح والألم عن متابعة القراءة؛ لأن ما لديه من حلاوة مناجاة الله، وتلاوة كلامه ينسيه الألم، ولذلك كان عيشهم طيباً وحياتهم سعيدة مع ما هم فيه من الفقر وقلة ذات اليد، كما في الصحيحين عن أبي موسى قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نتعقبه، فنقبت أقدمنا، ونقبت قدماي وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا، وحدث أبو موسى بهذا ثم كره ذاك قال: ما كنت أصنع بأن أذكره، كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.
ومن نظر في سيرتهم رضي الله عنهم منصفاً علم عظيم قدرهم وكمال حبهم لله ورسوله، وبذلك طاب عيشهم، وكملت هدايتهم، وتمت سعادتهم، فأثنى الله عليهم، ونوه بما أعده لهم من الجزاء العظيم، ونصرهم على أعدائهم، فمن وصل قلبه بالله تعالى في هذه الحياة، بأن اتبع كتابه، فإنه يطمئن قلبه، ويحصل له برد اليقين، ويذوق طعم الإيمان وحلاوته، ويفرح قلبه ويتنعم ويسر بذلك، أعظم من تنعم البدن بأنواع الملذات، ويصير قلبه بالإيمان مستنيراً به، قوياً مقبلاً على الله متعلقاً به، فينال بذلك غذاءه، وريه، وشفاءه وحياته، ونوره، ولذته، ونعيمه، وهذا أجل أنواع النعيم، وأعظم اللذات، والطيبات، وقد قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
يتبع إن شاء الله...


لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Empty
مُساهمةموضوع: رد: لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها   لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Emptyالخميس 29 أغسطس 2013, 11:00 pm

فكل مؤمن عامل للصالحات له حظ من هذه الحياة الطيبة بقدر إيمانه وعمله.
وليست الحياة في الحقيقة ما يظن كثير من الناس أنها التنعم بأنواع المأكولات والمشروبات والملابس، والنساء، أو لذة الرئاسة والمال، والعمائر، والمراكب والتفنن بأنواع المشتهيات، فإن هذه مشتركة بين بني آدم والبهائم، بل قد تكون البهائم أكثر حظاً في ذلك من الإنسان، وإنما اللذة الحقيقية والحياة هي اللذة والحياة التي إذا خالطت القلب أنسته الأبناء والنساء والأوطان والأموال، والمساكن والإخوان، ورضي عن ذلك كله وخرج مهاجراً إلى ربه مستغنياً بهداه، وعرض نفسه في سبيل ذلك لأنواع المكاره والمشقات، وهو طيب العيش ناعم البال، مستلذاً لما يصيبه في ذلك منشرحاً له صدره.
لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة» قال عمير بن الحمام – وكان بيده تمرات يأكلهن –: بخ بخ ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، ثم رمى بالتمرات من يده، وأخذ سيفه فأقبل يقاتل وهو يقول:
ركضاً إلى الله بغير زاد
إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد
وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والرشاد
حتى قتل رضي الله عنه.
والمسلمون اليوم بأشد الحاجة إلى معرفة فضائل الصحابة، وكريم معدنهم، وأثر تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وما كانوا عليه من علو المنـزلة، التي نالوا بها ثناء الله تعالى عليهم، ومن المؤسف أن أخبار أولئك الأخيار قد طرأ عليها من التحريف، والبتر، والزيادة، وسوء التأويل والأغراض، من قلوب قد شحنت بالغل على أفضل هذه الأمة، فأنكرت عليهم حتى نعمة الإسلام، وقد أصبح من الفرض على كل من يستطيع تصحيح تاريخ صدر الإسلام على طريقة المحدثين، ووضع ذلك بين يدي شباب هذه الأمة حتى يكون ذلك قدوة لهم، ودافعاً إلى النهوض بالأمة إلى ما فيه عزتها ورفعتها.
ومن المعلوم ما عليه المسلمون اليوم في أنحاء المعمورة من الضعف أمام الكفار، وتسلط أعدائهم على التحكم فيهم، ولو أنهم تمسكوا بدينهم، واقتفوا أثر نبيهم واهتدوا بهديه لنصرهم الله على جميع من ناوأهم، على ما بهم من ضعف في الاستعداد وآلات الحرب التي يمتلكها أعداؤهم.
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Flower-n2
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك، ووثقوا بالله تعالى واعتمدوا عليه، لأنهم قد تعلموه من نبيهم صلى الله عليه وسلم فنصرهم الله في كل موطن نصراً مؤزراً.
فيوم الخندق قد أحاط عدو المسلمين بالمدينة من كل جانب، وأحكموا حصارها، وظنوا أنهم يقضون على المسلمين نهائياً كما قال الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)} [الأحزاب: 10، 11].
ابتلو بهذه الشدائد والكرب، حيث أحاط بهم أعداؤهم من الخارج ومن الداخل، فمن خارج المدينة جاءتهم قريش بقضها وقضيضها بعشرة آلاف مقاتل، من غطفان، وبني فزارة، وبني مرة، وبني طريف بن سحمة وغيرهم من المشركين، ومن داخلها اليهود، وهم المرادون بقوله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأحزاب: 10].
وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف، فهزم الله أعداءهم جميعاً شر هزيمة لم ينالوا خيراً، لما ظهر ثبات المؤمنين، وصدقهم وثقتهم بوعد الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب: 22]، بخلاف المنافقين، فإن الخوف والهلع، وسوء الظن بالله ورسوله جعلهم يظهرون ما كانوا يبطنونه في حالة الرخاء، وهذا شأن كل منافق.
قال الله تعالى ممتناً على المؤمنين بصبرهم وثباتهم وتصديقهم وعد الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} [الأحزاب: 9]، إلى قوله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنـزلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)} [الأحزاب: 25 - 27].
ولا يقال هذا النصر بالريح والجنود غير المرئية خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، فكل من اهتدى بهديه وسار على نهجه لا بد أن يحصل له من النصر والتأييد بحسب تمسكه بكتاب الله وسنة نبيه، كما حصل لصحابته بعده من النصر والظفر الذي لم يعرف له نظير في الدنيا مع قلة عددهم وعُدَدِهم بالنسبة لأعدائهم.
وليعلم أنه لا بد من العمل الجاد، ولا بد من النصب والكد، ولا بد من الأهبة والاستعداد فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق وأحبهم إلى الله تعالى يشارك أصحابه في حفر الخندق، وحمل التراب حتى يواري التراب جلد بطنه، ويجوع معهم ولا بد من قوة الإيمان بالله تعالى والثقة بوعده، مع ثبات العزائم، والصبر على الشدائد، والتأسي بخير أسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن طالع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرة صحابته بعده، علم أن تلك الطلائع التي أقام الله بها شوامخ صروح هذا الدين إنما قامت على الصبر على المحن، والنضال المتواصل المضني.
وقوة العزائم، ووزن الدنيا في واقعها بميزانها الحقيقي، فلم يركنوا إليها، ولا كان أملهم الترأس، وطلب السلطة، والحصول على الوظائف التي يترفعون بها على الخلق، أو يجنوا ثمارها، فقد عرفوا الدنيا وعرفوا سرعة زوالها فلم يغبنوا أنفسهم بها، كما أنهم عرفوا الآخرة وجعلوها نصب أعينهم، فلخلودها يعملون وعليها يحرصون،ولذلك هان عليهم بذل نفوسهم وأموالهم في سبيلها راغبين بها عن الدنيا بديلاً فكان أحدهم يخرج عن ماله لله ولرسوله، وكانوا يتسابقون إلى ما يرضي الله ورسوله.
فلا بد لمن يريد ترسم خطاهم بنشر رسالة الحق بين الخلق، والوقوف في وجه الباطل والشر والفساد، أن يهيئ نفسه لتحمل المكاره، والصبر على ما يناله في سبيل الله كما صبر المؤمنون على البلايا والمحن، ولا بد من بذل النفوس في سبيل إقامة الحق ونشر دين الله في الأرض، إنقاذاً للناس من أوضار الشرك ورجس الوثنية وضلال الأفكار التي نبتت على أرض الإلحاد والزندقة، وانحراف الفطر عن سنن الله تعالى إلى سنن الجاهلية وتراثها المرذول،وعبادة الشهوات، والأموال ومظاهر الدنيا.
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Flower-n2
ومع ذلك لا بد من إعداد العناصر السباقة إلى ما يطلب منها في سبيل دين الله تعالى في كل ما يقوي الحق ويظهره، ويعز أهله وينصرهم، ويضعف الباطل وحزبه ويقهره، مثل بث العيون ومعرفة ما لدى العدو من قوة واستعداد، وكذلك محاربة العدو بما يسمونه اليوم بالحرب النفسية، كما فعل نعيم بن مسعود الأشجعي يوم الخندق.
وعلى كل فما أصاب المسلمين من ذلة ومهانة وتسليط الأعداء عليهم؛ كله بسبب عصيانهم وتركهم تعاليم دينهم، وإعراضهم عن خالقهم، وإقبالهم على الدنيا، والتكالب عليها.
ولما حصل من أفضل هذه الأمة بعد نبيها، وهم الصحابة مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يكونوا يرونه معصية، سلط عليهم العدو فقتل منهم سبعين وشج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت البيضة على رأسه، وكسرت ثنيته وقتل عمه صلوات الله وسلامه عليه، ولما شق ذلك على الصحابة، وأشكل عليهم، كيف يدال عليهم وهم المؤمنون ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنـزل الله قوله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165]. أي بسبب عصيانكم، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152].
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Flower-n2
فلا بد من طاعة الله وطاعة رسوله، والتمسك بذلك والحذر من المخالفة والمعصية، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يوصي بعضهم بعضاً بالحذر من المعصية فإنها سبب تسليط العدو، ثم إعداد العدة والتوكل على الله تعالى والتوسل إليه ببذل النفوس في طاعته بأن ينـزل نصره وتأييده، فإذا صدق العبد مع ربه فهو تعالى معه بنصره وحفظه وتأييده.
وأما تفرق المسلمين واختلاف قلوبهم الذي أصيبوا به في هذا الوقت فهو بسبب عدم اهتمامهم بدينهم وعدم تطبيقهم تعاليمه، وضعف إيمانهم، فترى المسلمين اليوم عددهم كثير لكنهم غثاء كغثاء السيل نـزعت من قلوبهم المهابة وقذف فيها الوهن، الذي هو حب الدنيا وكراهية الموت، وأحاطت بهم الأعادي كإحاطة الأكلة على مأكولهم.
وذلك لأنهم تنازعوا فتفرقت قلوبهم ففشلوا وذهبت ريحهم، فخالفوا أمر الله وارتكبوا ما نهاهم عنه.
قال تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، أي قوتكم وهيبتكم، وهذا هو الداء الذي إذا حل بقوم أصبحوا نهبة لعدوهم، كما هو واقع المسلمين اليوم حتى ذهبوا يطلبون النصر والنصف من عدوهم.
ومن العجب قرب دواؤهم وما فيه نصرهم وهم عنه معرضون، ولن يحصل لهم نصر وعز إلا بعودتهم إلى دينهم واتباع كتاب ربهم الذي جاءهم به نبيهم، والذي فيه حياتهم والنور الذي يكشف لهم عن الحق والباطل، فيريهم الحق حقاً، والباطل باطلاً، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122]، وقال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].
ومن أخرجه الله من الظلمات إلى النور، أبصر الحق واهتدى به وأبصر الباطل وجانبه وحاربه، بخلاف ما عليه المسلمون اليوم من الجهل بما يحاك لهم من مؤامرات ومخططات رهيبة تحدق بهم من جميع الجوانب وهم في غفلة عنها، فهناك مخططات يهودية ونصرانية وإلحادية باطنية، وشيوعية، تعد ويدبر لها للقضاء على المسلمين، وهم غافلون.
يدل على ذلك تأييد كثير من أهل السنة لثورة الخميني، التي شارك في تصميمها والتخطيط لها قادة الكفر الذين أزعجهم ما يتشدق به كثيرون من كُتَّاب المسلمين، من أن هناك صحوة في بلاد الإسلام بين شباب المسلمين، ومطالبات بتحكيم شرع الله في بلاد الإسلام، فهال زعماء الكفر ما يسمعون، وخافوا عودة الإسلام من جديد إلى السيادة والقيادة، فأسرعوا بتخطيطهم الماكر إلى القضاء على ما عساه أن يوجد في بلاد المسلمين من اتجاه إلى العودة إلى الإسلام بإيجاد دولة الرفض التي تنهج ما سلكه متقدموها من القرامطة والإسماعيلية والعبيديين، وبني بويه، وابن العلقمي، ونصير الكفر الطوسي، وأمثالهم، إن رجال دولة الخميني يحيكوا المؤامرات ضد المسلمين من أهل السنة، وجمهور كبير من أبناء أهل السنة يصفقون لهم، وهم يستعدون للانقضاض على دويلات الخليج بعد الانتهاء من العراق ثم على جميع شبه الجزيرة العربية وغيرها وأهمها مكة والمدينة مهما كلفهم ذلك، ولن يقفوا دون أي بلد من بلدان أهل السنة وهم يستطيعون الوصول إليه.
إذ من أخطر ما يواجه العالم الإسلامي اليوم دعوة الرافضة إلى مذهبهم الخبيث.
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Flower-n2
ووجه الخطورة في ذلك من عدة أمور:
أحدها: جهل أكثر أهل السنة بحقيقة مذهبهم.
الثاني: عدم المقاومة لدعوتهم، فقد خلي لهم الميدان، إلا ما شاء الله.
الثالث: تلبيسهم على الناس بأن دعوتهم إسلامية وأنهم يدعون إلى الإسلام ويناصرونه وأنهم هم الذين يمثلون الإسلام على الحقيقة كما يزعمون، ولذلك سموا ثورتهم الثورة الإسلامية، وجيوشهم التي أعدوها للقضاء على أهل السنة الجيوش الإسلامية.
والحقيقة إن إسلامهم غير الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في مصدره ولا في اتجاهه، ولا في مقصده وغايته، فمصادرهم مثل كتاب الكافي المشحون بالكفريات والضلالات، والكذب والتزوير، كالأحاديث التي يرويها عن أئمتهم – كما زعم – والتي فيها أن القرآن ناقص، وأنه محرف، وأن الأئمة يوحى إليهم، وأنهم ما يعلمون ما يعلمه الله، يعلمون ما كان، وما يكون، وأنهم لا يخفى عليهم شيء، وأنهم لا يموتون إلا إذا أرادوا، كل ذلك فيه وأكثر منه، وهو من أهم كتبهم، بل هو أهمها وأعظمها عندهم، وفيه تكفير الصحابة، وفيه من الفضائح والعظائم غير ذلك.
ولا يظن ظان أن رافضة اليوم غير رافضة الأمس، بل هم اليوم أكثر تطرفاً، وأشد حنقاً على المسلمين، والعاقل إذا نظر في كتبهم التي يعتمدون عليها قديماً وحديثاً يستبعد أن مسلماً يكتب مثلها فضلاً عن العمل بها، يقول في الكافي في المجلد الأول ص 176 الطبعة الثالثة في شيراز سنة 1388 يقول: «كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا: جعلت فداءك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ قال: فكتب، أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام: أن الرسول الذي نـزل عليه جبريل فيراه، ويسمع كلامه وينـزل عليه الوحي، وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم، والنبي ربما يسمع الكلام، وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص».
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها Flower-n2
وفيه قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} [مريم: 51]، ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، قلت: الإمام ما منـزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك ثم تلا هذه الآية: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث» ثم علق على كلمة محدث وقال: «إنما هو في قراءة أهل البيت، وعلى هذا لا فرق بين النبي والإمام.
وفي صفحة 219 قال: باب عرض الأعمال على النبي والأئمة»، وفي ص 227 باب أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نـزلت من عند الله، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتهم، وفي ص 228 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة وأنهم يعلمون علمه، وفي ص 255 باب أن الأئمة يعلمون كل العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل، وفي ص 258 باب أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلمون علموا.
وفي نفس الصفحة باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم.
وفي 260 باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء، وفيه نصوص أخرى مثل هذا الكلام، فأئمتهم عندهم أنبياء يوحى إليهم، ورسل أيضاً لأنهم مأمورون بتبليغ ما يوحى إليهم  ولهذا ادعوا لهم العصمة من القول خلاف الحق، بل ومن الخطأ والسهو والنسيان وبذلك يكونون عندهم أعظم من الرسل عند أهل السنة فإن الرسل عند أهل السنة يجوز عليهم السهو والنسيان كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون».
ولا تحسبن هذه العقيدة كانت ثم بانت، بل هي عقيدة الخميني ودولته اليوم، فهو يقول في كتابه «الحكومة الإسلامية» في ص 50: «فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون» فالإمام عند هذا الخميني بمنـزلة الرب حيث أن خلافته تكوينية تسيطر على كل شيء.
ويقول في نفس الصفحة المذكورة: «والأئمة الذين لا تتصور فيهم السهو أو الغفلة».
ويقول فيها أيضاً: «وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل» ويقول في ص 113 من الكتاب المذكور «إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها»، وبعض من هذه الأقوال كفر عند من يعلم دين الله ويؤمن بالله، فهل قال مثل أقوال الخميني وسابقيه من أئمته أحد ممن ينتسب إلى دين سماوي مثل اليهود والنصارى وهل ينتبه المغرورون بالخميني وأتباعه، الذين يخططون للقضاء على الإسلام والمسلمين، وهل يتنبه الغافلون عن معاول الهدم التي جاءت راياتها من إيران تقودها العمائم السود، والتي انتشرت في جميع قارات الأرض، تنشر مذهب الرفض، وتضلل الناس وتشككهم في دينهم، وهل يتنبه حكام المسلمين لخطر هؤلاء الذين يديرون ضدهم المؤامرات، إن الخميني في تصريحاته يقول أنه سيحرر مكة والمدينة قبل تحرير القدس من اليهود، لأنه يعادي المسلمين أكثر من عداءه لليهود، وما جاءت دولة الخميني إلا لهدم الإسلام.
إن من الواجب على المسلمين اليوم وخاصة الشباب أن يعرفوا هؤلاء على حقيقتهم، فيعرفوا عقائدهم وما يبطنونه من العمل على القضاء على الإسلام، ومذهب الرفض في الأصل أوجد لذلك، ولهذا بدأوا بأصل الإسلام فطعنوا فيه، طعنوا في الصحابة بأنهم كفرة مرتدون منافقون؛ لأن الإسلام لم يصل إلينا إلا عن طريقهم، فهم الواسطة بيننا وبين رسولنا صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت الواسطة التي نقلت لنا الإسلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كافرة، فنقلها غير مأمون وغير موثوق به، بل يجوز أنها نقلت الكفر بدل الإسلام، وهذا سر طعنهم في الصحابة.
وكذلك طعنوا في القرآن، وزعموا أنه ضاع منه أكثر من ثلاثة أرباعه كما قال في الكافي جـ1 ص 228 «سمعت أبا جعفر يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنـزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نـزله الله إلا علي والأئمة من بعده»، وفي ص 239 يقول عن الإمام أبي عبد الله: «وإن عندنا لمصحف فاطمة، وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟! قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد»، والنقول عن كتبهم الموثقة عندهم كثيرة جداً حتى أن أحد أئمتهم ألف كتاباً سماه: «فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب».
والمسلمون لا يختلفون في أن من زعم أن القرآن قد نقص منه حرف واحد، أو أن فيه زيادة على ما أنـزل الله أنه كافر.
وليس من شك أن من زعم أن القرآن قد ضاع ثلاثة أرباعه أو أن هذا المصحف الذي بين أيدي المسلمين ليس هو كلام الله الذي أنـزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه دعي في الإسلام، وأن أمره أعظم من أن يقال: أنه كافر، بل لا ينبغي أن يرتاب أن مثل هذه مزاعم زنادقة قالوا أنهم أسلموا؛ ليقوضوا دعائم الإسلام، وليضربوه الضربة المميتة، ولا شك أن الذين يصارحون بعداوة الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم أقل ضرراً على الإسلام والمسلمين من هؤلاء الذين يزعمون أنهم المسلمون وحدهم، وأنهم يحامون دون الإسلام.
فكيف تقبل مصانعة هؤلاء الذين هذه بعض عقائدهم، ولا يظن ظان أن هذا تقول عليهم أو أنه مبالغ فيه، فما يبطنونه للإسلام والمسلمين أعظم من ذلك، ومن خالطهم، وسبر أحوالهم علم ذلك يقيناً، وكذلك الذي يقرأ كتبهم، وفي مبادئهم الدينية عدم الولاء لأي خليفة أو أمير من غير الرافضة.
قال محب الدين الخطيب رحمه الله: «والحقيقة الخطيرة التي نلفت إليها أنظار حكوماتنا الإسلامية أن أصل مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية التي تسمى أيضاً الجعفرية قائم على اعتبار جميع الحكومات الإسلامية من يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الساعة، عدا سنوات حكم علي بن أبي طالب حكومات غير شرعية، ولا يجوز لشيعي أن يدين لها بالولاء والإخلاص من صميم قلبه، بل يداجيهم مداجاة ويتقيهم تقاة، لأنها كلها ما مضى منها وما هو قائم، وما سيقوم منها تعد حكومات مغتصبة».
والحكام الشرعيون في دين الشيعة وصميم عقيدتهم هم الأئمة الاثنا عشر وحدهم، سواء تيسر لهم مباشرة الحكم أولم يباشروه، وكل من عداهم ممن تولوا مصالح المسلمين من أبي بكر وعمر إلى من بعده حتى الآن، مهما خدموا الإسلام، ومهما كابدوا في نشر دعوته وإعلاء كلمة الله في الأرض، وتوسيع رقعة الإسلام، فإنهم مفتئتون مغتصبون إلى يوم القيامة، ولذلك يلعن الشيعة أبا بكر وعمر وعثمان، وكل من تولى الحكم في الإسلام غير علي» الذي جعلوه جداراً يتقون، ويرمون الإسلام من ورائه، لا حباً له ولأبنائه وإنما للتقية والتمويه على عمي البصائر.
يقول الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية في الصفحة الثالثة والثلاثين: «في صدر الإسلام سعى الأمويون ومن يسايرهم لمنع استقرار حكومة الإمام علي بن أبي طالب، وبمساعيهم البغيضة تغير أسلوب الحكم ونظامه، وانحرف عن الإسلام؛ لأن برامجهم كانت تخالف وجهة الإسلام في تعاليمه تماماً، وجاء بعدهم العباسيون ونسجوا على نفس المنوال وتبدلت الخلافة إلى سلطنة موروثة، واستمر ذلك إلى يومنا هذا». فجعلهم مخالفين للإسلام تماماً بما فيهم عمر بن عبد العزيز، وأشار إلى الخلفاء الراشدين بقوله: ومن يسايرهم.
ويرمي بالجهل والكفر كل الخلفاء الذين تعاقبوا على خلافة الأمة الإسلامية كما يقول عن هارون الرشيد في ص 132 من كتابه الحكومة: «أي ثقافة حازها وكذلك من قبله ومن بعده»، ولكونهم يرون الحكم في الأرض خاصاً بهم، اقتفاءً لسلفهم المجوس الذين يرون الناس كلهم عبيداً لهم، يقول الخميني في كتابه المذكور ص54:«ولم تسنح الفرصة لأئمتنا للأخذ بزمام الأمور،وكانوا بانتظارها حتى آخر لحظة من الحياة، فعلى الفقهاء والعدول أن يتحينوا هم الفرص، وينتهزوها من أجل تنظيم وتشكيل حكومة رشيدة».
وما هي الحكومة الرشيدة في نظر الخميني وفريقه، لا شك أنها التي تقتل أهل السنة شر قتلة، وتستولي على ما بأيديهم من البلاد والأولاد والأموال وتمحو مذهبهم من الوجود، ومن أجل ذلك يقاتل الخميني ودولته لتنفيذ هذا الإجرام، ويثني كثيراً على سلفه الذين فعلوا بالمسلمين ما لم تفعله اليهود ولا النصارى مثل النصير الطوسي.
فيقول: أنه قدم الخدمات العظيمة، ويعني بالخدمات قتله المسلمين؛ حيث قتل العلماء والقضاة وغيرهم مقتلة لم يقع مثلها في التاريخ وأحرق مكتباتهم.
يقول في كتابه الحكومة ص 128: «ويشعر الناس بالخسارة بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام».
والطوسي هذا هو وابن العلقمي ومستشاره ابن أبي الحديد هم أعداء الله الذين ارتكبوا مع هولاكو الذبح الرهيب في الأمة الإسلامية سنة 655 عند استيلاء الأخير على عاصمة الخلافة، بسبب خيانة هؤلاء الذين يثني عليهم الخميني بأنهم قدموا الخدمات للإسلام وأن فقدهم خسارة.
قال ابن القيم:«ولما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر الملحد وزير الملاحدة النصير الطوسي وزير هولاكو؛ شفي نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه فعرضهم على السيف حتى شفى خوانه من الملاحدة واستشفى هو، فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين، واستبقى الفلاسفة والمنجمين، والطبائعيين والسحرة، ونقل أوقاف المدارس والمساجد والربط إليهم، وجعلهم خاصته وأولياءه، وبالجملة، فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملاحدة الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر».
هذا هو الذي يثني عليه الخميني ويسعى إلى أن يتمكن فيقتدي به فيفعل بالمسلمين كما فعل ومع هذا كله يجهل كثير من المسلمين مذهبه ونواياه التي تدل عليها كتاباته وتصريحاته مما يكنه من الحقد على الإسلام والمسلمين، وإن من العجيب أن يعتبره كثير من المسلمين مصلحاً وداعيةً إلى إقامة حكومة إسلامية يشترك فيها مع فريق الرفض أهل السنة، وهذا والله غاية الجهل والسذاجة.
فعلى العلماء أن يبينوا خطر هؤلاء، ويحذروا المسلمين شرهم وعدم التعاون معهم وأن يكونوا على أهبة الاستعداد لدفع شرهم عن الإسلام والمسلمين، وقد روى الآجري في السنة من حديث معاذ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حدث في أمتي البدع، وشتم أصحابي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
كما أنه يجب على المسلمين أن يكونوا على بينة من أعدائهم، فلا يغتروا بأهل النفاق والتقية الذين يتحينون الفرص للانقضاض عليهم وهم دائماً على استعداد للتعاون مع الكفرة والملاحدة على المسلمين.
وتاريخ المسلمين مليء بالعبر والعظات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» يعني أنه فطن يقظ، وقد أجرى الله تعالى سنته في خلقه أن يكون بين الحق والباطل صراع ومحاربة، ولهذا قص الله علينا في كتابه ما وقع للأنبياء مع أممهم بأساليب مختلفة، فمرة بالتطويل ومرة بأسلوب وسط وأخرى بإيجاز، علنا نفقه سرها والغاية منها، ومن تكرارها فيذكر ما فعله بالصالحين جزاءً لهم على استقامتهم، وما أوقعه بالمفسدين عقوبة لهم على كفرهم وطغيانهم، ويرينا أن هذه سنته في خلقه، وأن الشعوب التي لا صلة لها بالله إلا بطاعته واتباع رسله يُمكّن لها في الأرض ويغدق عليها من النعم إذا هي وقفت عند ما رسم لها من حدود،وما شرع لها من أحكام، ويذيقها العذاب ألواناً ويسلط عليها من يسلبها عزها وسلطانها إذا هي تنكبت طريق الهدى التي بينتها رسل الله، قال تعالى: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40].
ومن ذلك قصة أبي البشر آدم عليه السلام، فإن الله تعالى لما شرفه على سائر خلقه حيث خلقه بيده وأسكنه جنة عدن، قدر عليه المعصية فأهبطه إلى أرض التكليف والابتلاء، وعرضه للمصائب والمحن، لأنه في زمن اختبار، به يتبين إهانته ومصابه، أو نجاحه وكرامته.
وأهبطه الله تعالى إلى ميدان الامتحان والابتلاء، وأهبط معه عهده الذي عهده إليه وإلى ذريته، وأكد له ولذريته أنه إن تمسك بهذا العهد الكريم، فسوف يكون حليف السعادة والسيادة في أي وقت كان، وأن الله معه في نصره وتأييده، وحفظه وتسديده، ثم يكون مآله إلى رضوان الله وجنته التي سلبه منها عدوه.
أما إذا أعرض عن عهد ربه ونسيه فإنه يكون في الضنك والشدة، والبؤس والشقاء، ينتقل من شقوة إلى أعظم منها وفي دوره الثلاث قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} [طه: 123 - 127].
فذكر أنه يعذبه في الدنيا وفي المحشر، وأنا ما بعد ذلك أشد وأبقى، بخلاف من اتبع هدى ربه فإنه يهتدي، ولا يناله شيء من الشقي، وفي الآية الأخرى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38]، وقوله: «فأما» هذه أن الشرطية المؤكدة بما الدالة على استغراق الزمان.
والمعنى في أي وقت وحين أتاكم مني هدى فمن تمسك به واتبعه فإنه لا يضل ولا يشقى، ولا خوف عليه في مستقبله ولا يحزن على ما خلفه، ومن أعرض عنه فالشقاء ملازمه، والتعاسة حليفه وقرينه.
فجعل تعالى هداه وعهده إلى أبينا آدم سبباً مقتضياً لعدم الخوف والحزن، والضلال والشقاء، وهذا جزاء ثابت بثبوت الشرط الذي هو التمسك بهذا العهد، ومنتف بانتفائه، ونفي الخوف والخزي والضلال والشقى عن متبع الهدى نفي لجميع أنواع الشرور والمكروه.
فإذا انتفى ذلك حصل الخير والسرور، وهذا لا يمنع أن يحصل للمؤمن خوف في الدنيا أو في قبره أو يوم القيامة، ولكن لا يلحقه ولا يصيبه المخوف قال ابن عباس: «تكفل الله لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة»، وذلك لأن الضلال في الدنيا هو أصل ضلال الآخرة وشقاءها، وإلا فالآية نفت عن متبع الهدى مسمى الضلال والشقاء في الدنيا والآخرة.
وقد علم بالمشاهدة أن من عاش على شيء يموت عليه، وجاء في الحديث: «إن من مات على شيء بعث عليه»، وقال الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} [الإسراء: 72]، وقال عن المنافقين: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [المجادلة: 18].
فأخبر أن من كان في الدنيا في عمى عن الهدى فهو في الآخرة أشد عمى وضلالاً، كما أخبر عن المنافقين أنهم يستعملون نفاقهم مع الله في الآخرة، فيحلفون له أنهم ما فعلوا الكفر، وما يسألهم عنه، كما كانوا يحلفون في الدنيا للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بأنهم معهم، وليسوا مع الكفار، ويظنون أن ذلك نافعهم كما كان ينفعهم في الدنيا بإعراض المؤمنين عنهم.


لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
لَا يُصْلِح هَذه الأُمَّةْ إلّا ما أصْلحَ أوَّلَها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "لا يحبهم إلّا مؤمن، ولا يبغضهم إلّا منافق" (الأنصار)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: العـقـيـــــــــــدة الإســـــــلامـيـــــــــــــة :: كتابات في العقيدة-
انتقل الى: