منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49101
العمر : 72

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) Empty
مُساهمةموضوع: لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2)   لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) Emptyالجمعة 26 أبريل 2013, 1:21 am

15- (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ
لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ
فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة: 74.


القلب هو منبع اليقين ومصب الإيمان وهو الذي يعطي اللمحة
الإيمانية لكل جوارح الجسد.. قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا
صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

فإذا خرج الإيمان من القلب خرجت منه الرحمة وخرج منه كل
إيمان الجوارح.. فتمتد اليد إلى السرقة.. وتنظر العين إلى كل ما حرم الله والقدم
تمشي إلى الخمارة وإلى السرقة..

ويشبه الحق تبارك وتعالى قسوة قلوب بني اسرائيل بالحجارة
وهي الشيء القاسي الذي تدركه حواسنا ومألوف لنا ومألوف لبني إسرائيل أيضا.. فهم
لهم شوط كبير مع الحجارة...

ولكن كيف تكون قلوبهم أشد قسوة من الحجارة؟

لا تنظر إلى لينونة مادة القلوب ولكن انظر إلى أدائها
لمهمتها.

الجبل قسوته مطلوبة لأن هذه مهمته أن يكون وتداً للأرض
صلبا قويا، ولكن هذه القسوة ليست مطلوبة من القلب وليست مهمته..

فالله تعالى لا يعطيهم الأمثلة مما وقع لغيرهم، ولكن
يعطيهم الأمثلة مما وقع لهم.

(وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ
الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَآءُ).

هنا يذكرهم الله لما رأوه من الرحمة الموجودة في الحجارة..
عندما ضرب موسى الحجر بالعصا فانفجرت منه العيون. وذلك مثل حسي شهدوه.

أما هبوط الحجر من خشية الله فذلك حدث عندما تجلى الله
للجبل فجعله دكا.

واقرأ قوله تعالى:{ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ
لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً } الأعراف: 143.

يذكرهم الحق سبحانه كيف أن الجبل حين تجلى الله له هبط
وانهار من خشية الله.

ولكن قلوبكم إذا قست لا يصيبها لين ولا رحمة فلا تلين
أبدا ولا تخشع أبدا.

16- قال تعالى:
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ
وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ
الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى...) البقرة: 87.


لقد سيطرت المادية على بني إسرائيل وجعلتهم لا يعترفون
إلا بالشيء المادي المحسوس.. فعقولهم وقلوبهم أغلقت من ناحية الغيب..

فقالوا لموسى: ( أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً )، وحين جاءهم
المن والسلوى رزقاً من الله خافوا أن ينقطع عنهم لأنه رزقٌ غيبيّ فطلبوا نبات
الأرض..

لذلك كان لابد أن يأتي رسول وهو عيسى ابن مريم كل حياته
ومنهجه أمور غيبية.. مولده أمر غيبي، وموته أمر غيبي ورفعه أمر غيبي ومعجزاته أمور
غيبية حتى ينقلهم من طغيان المادية إلى صفاء الروحانية.

فأراد تعالى أن يخلع من أذهان بني إسرائيل أن الأسباب
المادية تحكمه.. وإنما هو الذي يحكم السبب.

هو الذي يخلق الأسباب ومتى قال: " كن " كان..
بصرف النظر عن المادية المألوفة في الكون..

وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ.. ألم يكن باقي الرسل
والأنبياء مؤيدين بروح القدس؟

لقد ذكر هنا تأييد عيسى بروح القدس لأن الروح ستشيع في
كل أمر له.. ميلاداً ومعجزةً وموتاً.. والروحُ القدس هو جبريل عليه السلام لم يكن
يفارقه أبدا..

لقد جاء عيسى عليه السلام على غير مألوف الناس وطبيعة
البشر مما جعله معرضاً دائماً للهجوم.. ولذلك لابد أن يكون الوحي في صحبته لا يفارقه..
ليجعل من مهابته على القوم ما يرد الناس عنه.. وعندما يقال إنه شيء عجيب أن يرفع
إنسان إلى السماء، ويظل هذه الفترة ثم يموت؟

ولكن هل كان ميلاده طبيعياً؟ الإجابة لا.. إذن فلماذا
تتعجب إذا كانت وفاته غير طبيعية؟ لقد خلق من أم بدون أب.. فإذا حدث أنه رفع إلى
السماء حياً وسينزل إلى الأرض فما العجب في ذلك؟ ألم يصعد رسولنا صلى الله عليه
وسلم إلى السماء حياً؟ ثم نزل لنا بعد ذلك إلى الأرض حياً؟ لقد حدث هذا لمحمدٍ
عليه الصلاة والسلام..

إذن فالمبدأ موجود.. فلماذا تستبعد صعود عيسى ثم نزوله
في آخر الزمان؟ والفرق بين محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعيسى هو أن محمداً لم يمكث
طويلاً في السماء، بينما عيسى بقى.. والخلاف على الفترة لا ينقض المبدأ.

عن ابن المسيب أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن
مريم صلى الله عليه وسلم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض
المال حتى لا يقبله أحد " وهذا الحديث موجود في صحيح البخاري..

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) 18137611

17- (قل فَلِمَ
تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ..) البقرة: 91.


قوله تعالى: (من قبلُ) طمأنة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى أن قتلهم الأنبياء انتهى، وفي الوقت نفسه قضاء على آمال اليهود في أن
يقتلوا محمدا عليه الصلاة والسلام..

والله يريد نزع الخوف من قلوب المؤمنين على رسول الله
صلى الله عليه وسلم بأن ما جرى للرسل السابقين من بني إسرائيل لن يجري على رسول
الله صلى الله عليه وسلم..

واليهود بعد نزول هذه الآية الكريمة لم يتراجعوا عن
تآمرهم في قتل الرسل والأنبياء..

فحاولوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة..

مرة وهو في حيهم ألقوا فوقه حجرا ولكن جبريل عليه السلام
أنذره فتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانه قبل إلقاء الحجر..

ومرة دسوا له السم، ومحاولات أخرى فشلت كلها.


18- (مَا نَنْسَخْ مِنْ
آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا...) البقرة: 106.


كلمة ننسخ: معناها نزيل آية كانت موجودة ونأتي بآية أخرى
بدلا منها..

أَوْ نُنسِهَا.. أي لا يبلغها الله للرسول والمؤمنين عن
طريق الوحي مع أنها موجودة في علمه سبحانه..

نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا: وهل الآية المنسوخة كان هناك
خير منها ولم ينزله الله؟

نقول لا.. المعنى أن الآية المنسوخة كانت خيراً في
زمانها.. والحكم الثاني كان زيادة في الخير بعد فترة من الزمن.. كلاهما خير في
زمنه وفي أحكامه..

مثال قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ
مُّسْلِمُونَ) آل عمران: 102.

عندما نزلت الآية صَعُب ذلك على المسلمين قالوا ليس منا
من يستطيع أن يتقي الله حق تقاته..


فنزلت الآية الكريمة: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ
وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن: 16.

الذي يتقي الله حق تقاته خير، أم الذي يتقي الله ما
استطاع؟

إذا قلت الذي يتقي الله حق تقاته خير من قدر الاستطاعة..
نقول إنك لم تفهم عن الله.. لأنه يقول: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا.. فعندما تريد أن
تقيم شيئا لابد أن تبحث عن نتيجته أولا.

ولنقرب المعنى للأذهان سنضرب مثلا ولله المثل الأعلى..

نفرض أن هناك تاجرا يبيع السلع بربح خمسين في المائة..
ثم جاء تاجر آخر يبيع نفس السلع بربح خمسة عشر في المائة.. ماذا يحدث؟

سيقبل الناس طبعا على ذلك الذي يبيع السلع بربح خمسة عشر
في المائة ويشترون منه...

فالتاجر الذي يبيع السلع بربح خمسين في المائة يحقق ربحا
أكبر.. ولكن الذي يبيع بربح خمسة عشر في المائة يحقق ربحا أقل ولكن بزيادة الكمية
المبيعة.. فيكون الربح في النهاية أكبر.

والذي يطبق الآية الكريمة: (اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ) يحقق خيرا أكبر في عمله.. ولكنه لا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته إلا
في أعماله محدودة جدا.

أما قوله تعالى: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) فإنه قد حدد التقوى بقدر الاستطاعة.. ولذلك تكون الأعمال المقبولة
كثيرة وإن كان الأجر عليها أقل.

عندما نأتي إلى النتيجة العامة.. أعمال أجرها أعلى
ولكنها قليلة ومحدودة جدا.. وأعمال أجرها أقل ولكنها كثيرة.. أيهما فيه الخير؟

طبعا الأعمال الكثيرة ذات الأجر الأقل في مجموعها تفوق
الأعمال القليلة ذات الأجر المرتفع.

إذن فقد نسخت هذه الآية بما هو خير منها.. رغم أن الظاهر
لا يبدو كذلك.

نأتي بعد ذلك إلى قوله تعالى: أَوْ مِثْلِهَا..

هنا توقف بعض العلماء: قد يكون مفهوما أن ينسخ الله آية
بخير منها، ولكن ما هي الحكمة في أن ينسخها بمثلها؟ إذا كانت الآية التي نسخت مثل
الآية التي جاءت.. فلماذا تم النسخ؟

نقول إننا إذا ضربنا مثلا لذلك فهو مثل تغيير القبلة..

أن الله تبارك وتعالى حين أمر المسلمين بالتوجه إلى الكعبة
بدلا من بيت المقدس نسخ آية بمثلها.. لأن التوجه إلى الكعبة لا يكلف المؤمن أية
مشقة أو زيادة في التكليف..

فالإنسان يتوجه ناحية اليمين أو إلى اليسار أو إلى
الأمام أو إلى الخلف وهو نفس الجهد.. والله سبحانه وتعالى كما قلنا موجود..

وهنا تبرز الطاعة الإيمانية التي تحدثنا عنها وأن هناك
أفعالا نقوم بها لأن الله قال.. وهذه تأتي في العبادات لأن العبادة هي طاعة عابد
لأمر معبود..

والله تبارك وتعالى يريد أن نثبت العبودية له عن حب
واختيار.. فإن قال افعلوا كذا فعلنا.. وإن قال لا تفعلوا لا نفعل.

ويجب أن نتنبه إلى أن النسخ لا يحدث في شيئين:

الأول: أمور العقائد فلا تنسخ آية آية أخرى في أمر
العقيدة.. فالعقائد ثابتة لا تتغير منذ عهد آدم حتى يوم القيامة..

والثاني: الإخبار من الله عندما يعطينا الله تبارك
وتعالى آية فيها خبر لا ينسخها بآية جديدة.. لأن الإخبار هو الإبلاغ بشيء واقع..

ولكن النسخ يكون في التكليف.. والآيات في هذا المجال
كثيرة.

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) 578965_10151137428864087_2123900953_n

19- (وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي
خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) البقرة:
114.


إن قمة الظلم هو من يسعى في خراب المساجد وهدمها
وإزالتها أو بقائها غير صالحة لأداء العبادة... هذا هو الظلم العظيم...

فإذا أتى قوم يجترئون عليها ويمنعون أن يذكر اسم الله
فيها.. فمعنى ذلك أن المؤمنين القائمين على هذه المساجد ضعفاء الإيمان ضعفاء الدين
تجرأ عليهم أعداؤهم..

لأنهم لو كانوا أقوياء ما كان يجرؤ عدوهم على أن يمنع ذكر
اسم الله في مساجد الله أو أن يسعى إلى خرابها فتهدم ولا تقام فيها صلاة الجمعة..

ولكن ساعة يوجد من يخرب بيتا من بيوت الله.. فيهب الناس
لمنعه والضرب على يده يكون الإيمان قويا.. فإن تركوه فقد هان المؤمنون على عدوهم..
لماذا؟

لأن الكافر الذي يريد أن يطفئ مكان إشعاع نور الله
لخلقه.. يعيش في حركة الشر في الوجود التي تقوى وتشتد كلما استطاع غير المؤمنين أن
يمنعوا ذكر اسم الله في بيته وأن يخربوه.

وقول الحق سبحانه وتعالى: "أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ
لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ"..

أي أن هؤلاء الكفار ما كان يصح لهم أن يدخلوا مساجد الله
إلا خائفين أن يفتك بهم المؤمنون من أصحاب المسجد والمصلين فيه.. فإذا كانوا قد
دخلوا غير خائفين.. فمعنى ذلك أن وازع الإيمان في نفوس المؤمنين قد ضعف.

ويختم تعالى بقوله: "لَّهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ
وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"..

أي لن يتركهم الله في الدنيا ولا في الآخرة.. بل يصيبهم
في الدنيا خزي.. والخزي هو الشيء القبيح الذي تكره أن يراك عليه الناس..

وانظر إلى ما أذاقهم الله في الدنيا بالنسبة ليهود
المدينة الذين كانوا يسعون في خراب مساجد الله..

لقد أخذت أموالهم وطردوا من ديارهم.. هذا حدث.. وهذا
معنى قوله تعالى الخزي في الدنيا.. أما في الآخرة فإن أعداء الله سيحاسبون حسابا
عسيرا لتطاولهم على مساجد الله سبحانه...

ولكن في الوقت نفسه فإن المؤمنين الذين سكتوا على هذا
وتخاذلوا عن نصرة دين الله والدفاع عن بيوت الله.. سيكون لهم أيضا عذاب أليم.

إنني أحذر كل مؤمن أن يتخاذل أو يضعف أمام أولئك الذين
يحاولون أن يمنعوا ذكر الله في مساجده.. لأنه في هذه الحالة يكون مرتكبا لذنبهم
نفسه وربما أكثر.. ولا يتركه الله يوم القيامة بل يسوقه إلى النار.


20- قال تعالى: (وَإِذْ
جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً..) البقرة: 125.


تأمل كلمة البيت.. بيت مأخوذ من البيتوته وهو المأوى
الذي تأوى إليه وتسكن فيه وتستريح وتكون فيه زوجتك وأولادك.. ولذلك سميت الكعبة
بيتا لأنها هي المكان الذي يستريح إليه كل خلق الله..

وكلمة مثابة.. يعني مرجعا تذهب إليه وتعود.. ولذلك فإن
الذي يذهب إلى بيت الله الحرام مرة يحب أن يرجع مرات ومرات.. إذن فهو مثابة له
لأنه ذاق حلاوة وجوده في بيت ربه..


وقوله تعالى: ( مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ..) أمنا
يعني يؤمّن الناس فيه.. العرب حتى بعد أن تحللوا من دين إسماعيل وعبدوا الأصنام كانوا
يؤمنون حجاج بيت الله الحرام.. يلقي أحدهم قاتل أبيه في بيت الله فلا يتعرض له إلا
عندما يخرج.

والكلام عن هذه الآية يسوقنا إلى توضيح الفرق بين أن
يخبرنا الله أن البيت آمن وأن يطلب منا جعله آمنا..

إنه سبحانه لا يخبرنا بأن البيت آمن ولكن يطلب منا أن
نؤمّن من فيه.. الذي يطيع ربه يؤمن من في البيت والذي لا يطيعه لا يؤمنه..

عندما يحدث هياج من جماعة في الحرم اتخذته ستاراً لتحقيق
أهدافها.. هل يتعارض هذا مع قوله تعالى: مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً؟ نقول لا..

إن الله لم يعط لنا هذا كخبر ولكن كتشريع.. إن أطعنا
الله نفذنا هذا التشريع وإن لم نطعه لا ننفذه.

21- قال تعالى:
(وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى..) البقرة: 125.


الفرق بين مَقام بفتح الميم ومُقام بضم الميم..

مَقام بفتح الميم إسم لمكان من قام.. أي مكان القيام..

فمقام إبراهيم هو مكان قيامه عندما أمره الله برفع
القواعد من البيت..

ومُقام بضم الميم اسم لمكان من أقام.. أي إلى الإقامة.

قوله تعالى: {يا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ}
الأحزاب: 13.

22- قال تعالى:
(وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ...) البقرة: 126.


فكأن إبراهيم عليه السلام طلب الرزق للمؤمنين وحدهم..
لماذا؟

لأنه حينما قال له الله: { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَاماً } البقرة: 124.

قال إبراهيم: { وَمِن ذُرِّيَّتِي } البقرة: 124.

قال الله سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}
البقرة: 124.

فخشي إبراهيم وهو يطلب لمن سيقيمون في مكة أن تكون
استجابة الله سبحانه كالاستجابة السابقة.. كأن يقال له لا ينال رزق الله الظالمون.

فاستدرك إبراهيم وقال: (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ
الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ..) ولكن الله سبحانه أراد أن يلفت إبراهيم إلى
أن عطاء الألوهية ليس كعطاء الربوبية.. فإمامة الناس عطاء ألوهية لا يناله إلا
المؤمن، أما الرزق فهو عطاء ربوبية يناله المؤمن والكافر.

وكأن الحق سبحانه حين قال: لاَ يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ.. كان يتحدث عن قيم المنهج التي لا تعطى إلا للمؤمن ولكن الرزق يعطى
للمؤمن والكافر..

لذلك قال الله سبحانه: وَمَن كَفَرَ.. وفي هذا تصحيح
مفاهيم بالنسبة لإبراهيم ليعرف أن كل من استدعاه الله تعالى للحياة له رزقه مؤمنا
كان أو كافرا.

إن الله لم يقل للشمس أشرقي على أرض المؤمن فقط، ولم يقل
للهواء لا يتنفسك ظالم وإنما أعطى نعمة استبقاء الحياة واستمرارها لكل من خلق آمن
أو كفر..

ولكن مَنْ كفر قال عنه الله سبحانه وتعالى: وَمَن كَفَرَ
فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً...

فَأُمَتِّعُهُ: دليل على دوام متعته، أي له المتعة في
الدنيا.

ولكل نعمة متعة، فالطعام له متعة والشراب له متعة والجنس
له متعة.. إذن التمتع في الدنيا بأشياء متعددة.

ولكن الله تبارك وتعالى وصفه بأنه قليل.. لأن المتعة في
الدنيا مهما بلغت وتعدّدت ألوانها فهي قليلة.

ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.. ومعنى أضطره
أنه لا اختيار له في الآخرة، فكأن الإنسان له اختيار في الحياة الدنيا يأخذ هذا
ويترك هذا ولكن في الآخرة ليس له اختيار..

فأعضاءه المسخرة لخدمته في الحياة الدنيا والتي يأمرها
بالمعصية فتفعل، لا ولاية له عليها في الآخرة وهذا معنى قوله سبحانه: { يَوْمَ
تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ } النور: 24.


لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) 13224454781774

23- ( وَإِذْ يَرْفَعُ
إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ
مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) البقرة 127.


وقع خلاف بين العلماء.. متى بني البيت؟

بعض العلماء جعلوا بداية البناء أيام إبراهيم وبعضهم يرى
أنه من عهد آدم وفريق ثالث يقول إنه من قبل آدم..

وإذا حكمنا المنطق والعقل وقرأنا الآية السابقة.

نسأل ما الرفع أولا؟

هو الصعود والإعلاء، فكل بناء له طول وله عرض وله
ارتفاع.. ومادامت مهمة إبراهيم هي رفع القواعد فكأن هناك طولا وعرضا للبيت وإن
إبراهيم سيحدد البعد الثالث وهو الارتفاع..

إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم.. ثم جاء الطوفان الذي
غمر الأرض في عهد نوح فأخفى معالمه.. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يظهره ويبين
مكانه للناس.

والكعبة ليست هي البيت ولكنها هي المكين الذي يدلنا على
مكان البيت.. إذن فالذين فهموا من قوله تعالى: ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ
الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ).. بمعنى أن إبراهيم هو الذي بنى البيت..

نقول لهم إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم وأن مهمة
إبراهيم اقتصرت على رفع القواعد لإظهار مكان البيت للناس..

ولعل أكبر دليل على ذلك من القرآن الكريم..

- أن إبراهيم حين أخذ هاجر وابنها إسماعيل وتركهما في
بيت الله الحرام ولم يكن قد بنى الكعبة في ذلك الوقت..

ذكر البيت واقرأ قول الحق تبارك وتعالى في دعاء إبراهيم
وهو يترك هاجر وطفلها الرضيع: { رَّبَّنَآ إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي
بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ
الصَّلاَةَ } إبراهيم 37.

يعني أن البيت كان موجودا وإسماعيل طفل رضيع.. ولكن القواعد
من البيت قد أقيمت بعد أن أصبح إسماعيل شابا يافعا يستطيع أن يعاون أباه في بناء
الكعبة..

إذن فمكان بيت الله الحرام كان موجودا قبل أن يبني
إبراهيم عليه السلام الكعبة..

ولكن مكان البيت لم يكن ظاهرا للناس، ولذلك بين الله سبحانه
وتعالى لإبراهيم مكان البيت حتى يضع له العلامة التي تدل الناس عليه..

واقرأ قوله تبارك وتعالى: { وَإِذْ بَوَّأْنَا
لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً } الحج: 26.

- و قوله تعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ
لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } آل عمران: 96.

والكلام هنا عن البيت، والقول إنه وضع للناس.

والناس هم آدم وذريته حتى تقوم الساعة.. وعلى ذلك لابد
أن نفهم أن البيت مادام وضع للناس فالناس لم يضعوه.. ولكن الله سبحانه وتعالى هو
الذي وضعه وحدده، وعدل الله يأبى إلا أن يوجد البيت قبل أن يخلق آدم.

ولذلك فإن الملائكة هم الذين وضعوه بأمر الله وحيث أراد
الله لبيته أن يوضع.. والله مع نزول آدم إلى الأرض شرع التوبة وأعد هذا البيت
ليتوب الناس فيه إلى ربهم وليقيموا الصلاة ويتعبدوا فيه.

24- لطيفة

عندما أراد إبراهيم أن يقيم القواعد من البيت كان يكفي
أن يقيمها على قدر طول قامته ولكنه أتى بالحجر ليزيد القواعد بمقدار ارتفاع الحجر..

ويريد الله سبحانه وتعالى بمقام إبراهيم واتخاذه مصلى أن
يلفتنا إلى أن الإنسان المؤمن لابد أن يعشق التكليف.. فلا يؤديه شكلا ولكن يؤديه
بحب ويتحايل ليزيد تطوعا من جنس ما فرض الله عليه.

إن الحجر الموجود في مقام إبراهيم إنما هو دليل على عشقه
عليه السلام لتكاليف ربه ومحاولته أن يزيد عليها.

25- (صِبْغَةَ اللَّهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) البقرة: 138.


لقد شاء الله بالإسلام حياة القيم، كما شاء بالماء حياة
المادة.

والماء حتى يظل ماء فلا بد أن يظل بلا طعم ولا لون ولا
رائحة، فإذا أردت أن تجعل له طعماً خرج عن خاصيته؛ فكل الناس يحبون الماء؛ لأن به
تُصان الحياة.

كذلك الدين فإن رأيت ديناً قد تلون بجماعة أو بهيئة أو
بشكل فاعلم أن ذلك خارج عن نطاق الإسلام.

وكل جماعة تريد أن تصبغ دين الله بلون أو شكل أو برسوم
أو هيئة خاصة نقول لهم: أنتم تريدون أن تُخرجوا الإسلام عن عموميته الفطرية التي
أرادها الله له، ولابد أن تقفوا عند حد الفطرة الإسلامية، ولا تلونوا الإسلام هذا
التلوين.

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) Images?q=tbn:ANd9GcRO5tfgD3hEhFc2_72ZjZ6As8R-kwXRmk1CPAXFWkUtOLFtVAgP

26- (سَيَقُولُ
السُّفَهَآءُ من النّاس..) البقرة: 142.


أي أنهم لم يقولوها إلا بعد أن نزلت هذه الآية..

مما يدل على أنهم سفهاء حقاً؛ لأن الله جل جلاله أخبر
رسوله صلى الله عليه وسلم في قرآن يتلى ويصلى به ولا يتغير ولا يتبدل إلى يوم
القيامة..


{سَيَقُولُ السُّفَهَآءُ مِنَ النَّاسِ} فلو أنهم
امتنعوا عن القول ولم يعلقوا على تحويل القبلة لكان ذلك تشكيكاً في القرآن
الكريم.. ولقالوا: لم يقل أحد شيئاً..


لكنهم وهم الكافرون بالقرآن الذين يريدون هدم هذا الدين
من المثبتين للإيمان الذين تشهد أعمالهم بصدق القرآن.


27- (...وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) البقرة: 152.


الشكر على النعمة يجعل الله سبحانه وتعالى يزيدك منها.


قال تعالى: {..لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}

إبراهيم: 7.

وشكر الله يذهب الغرور عن نفسك فلا تفتنك الأسباب وتقول
أوتيته على علم مني.


{وَلاَ تَكْفُرُونِ} أي لا تستروا نعم الله بل اجعلوها
دائما على ألسنتكم.. فإن كل نعمة من نعم الله لو استقبلت بقولك "ما شاء الله
لا قوة إلا بالله" لا ترى في النعمة مكروها أبداً لأنك حصّنت النعمة بسياج
المنعم.. وأعطيت لله حقه في نعمته..


فإن لم تفعل وتركتها كأنها منك وأنت موجدها ونسيت المنعم
وهو الله سبحانه وتعالى فإن النعمة تتركك.


28- (أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ...) البقرة: 157.


ونحن نعرف أن الصلاة في اللغة هي الدعاء، للناس صلاة،

وللملائكة صلاة، ولله صلاة، فهو القائل: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} الأحزاب:
43.

فالصلاة من الله عطاء الرحمة والبركة.


والصلاة من الملائكة استغفار.


والصلاة من المؤمنين دعاء.

والدعاء حين تدعوه لمحمد صلى الله عليه وسلم بالخير
وبالرحمة وبالبركة وهو دعاء لك، لماذا؟


لأن كل منزلة ينالها رسول الله عائدة لأمته وللعالم أجمع.

فمن الذي يشفع عند الله في يوم الحشر ليعجل الله بالفصل
بين الخلائق؟

إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذن فكل خير يناله الرسول هو خير لأمته، فإذا دعوت له
فكأنك تدعو لنفسك إنك عندما تصلي عليه مرة يصلي الله عليك عشراً.

أليس في ذلك خير لك؟

لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) Images?q=tbn:ANd9GcTKg4EKWKBcs7y308ZGGsMMWvmXDwg_LkgoDaxveMgUZawzMN3L

29- (...أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) البقرة:
159.

وكلمة "اللعن" وردت في القرآن إحدى وأربعين مرة، وساعة تأتي
للعذاب معناها الطرد والإبعاد بغضب، وهو الخلود في النار، وعندما يحدث الطرد من
بعد غضب، فذلك دليل على أنه ليس من بعد ذلك رجعة.

و في آية أخرى: { أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ
عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } آل عمران:
87.

ففي آية البقرة نجد أن اللعنة أشمل، لأن "
اللاعنون" تضم الناس وغير الناس من الكائنات الأخرى، كأن كل من في الوجود
يشترك في لعنهم، وعلى سبيل المثال، إذا حبس الله الماء عن قوم لعصيانهم، فالنبات
يلعنهم لأنه حُرم من الماء، وتلعنهم الحيوانات لأنها حُرمت من الماء، وتلعنهم
الأمكنة لأنهم خالفوا ما عليه الأمكنة من التسبيح لله.

أما لعنة الآخرة حيث لا ري لنبات أو حيوان؛ فسيكون اللعن
لهم صادراً من الله والملائكة والناس أجمعين.

والناس هم بنوا آدم إلى أن تقوم الساعة، وهؤلاء منهم
كافر ومنهم مؤمن، كيف ـ إذن ـ يوجد اللعن ممن كفر مع أنه هو أيضا ملعون؟

نقول:
نحن في الدنيا نجد من يخدع غيره في دين الله، وهناك من
ينخدع، فإذا ما انجلت الأمور في الآخرة، وانفضح الخادعون، وأسقط في يد المخدوعين،
فهنا يتبرأ الذين اتُّبِعُوا من الذين اتَّبَعُوا، يتبرأ الخادع من المخدوع، ويتبرأ
المخدوع من الخادع، وكلما دخلت أمة من المخدوعين إلى النار لعنت الأمة التي
خدعتها، وكلما دخلت أمة خادعة إلى النار، فإنها تلعن الذين استسلموا للخديعة،

ويتبادلون اللعن.

يقول الحق: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ
الَّذِينَ اتَّبَعُواْ} البقرة: 166.

ويقول أيضا: { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ
أُخْتَهَا } الأعراف: 38.

إذن فاللعنة موجودة بين الكافرين بعضهم لبعض، كما هي موجودة
في الدنيا أيضا، فالذين يكفرون بمنهج الله وينحرفون ويظلمون، هؤلاء يتلقون اللعنة
من أهل منهج الله، ويتلقون اللعنة من المظلومين منهم، ثم يأتي لهم موقف آخر، يأتي لهم
من يظلمهم، فيلعنونه ويلعنهم، وهكذا يلعنهم الناس أجمعون.


30- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا

وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)

البقرة: 168.

إن من رحمة الله عز وجل على عباده أنه لم يقصر الخطاب
على الذين آمنوا؛ وإنما وسع الدائرة لتشمل المؤمنين وغيرهم؛ فقال: { يا أَيُّهَا
النَّاسُ } فكأنه خلق ما في الأرض جميعاً للناس جميعاً، وهذا ما قلنا عنه: إنه
عطاء الربوبية لكل البشر، من آمن منهم ومن لم يؤمن، فهو سبحانه خلق كل الخلق،
مؤمنهم وكافرهم، ومادام قد خلقهم واستدعاهم إلى الوجود فهو يوجه الخطاب لهم
جميعاً؛ وكأن الخطاب يقول للكافرين: حتى ولو لم تؤمنوا بالله، فخذوا من المؤمنين
الأشياء الحلال واستعملوها لأنها تفيدكم في دنياكم؛ وإن لم تؤمنوا بالله، لأن من
مصلحتكم أن تأكلوا الحلال الطيب، فالله لم يحرم إلا كل ضار، ولم يحلل إلا كل طيب.



لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (1)
» لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (3)
» لطائف من خواطر الشيخ محمّد متولّي الشّعراوي (4)
» لطائف من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي (25)
» لطائف من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي (26)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: لطــــائف قرآنيـــة-
انتقل الى: