منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 تفسير سورة سبأ (34)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

تفسير سورة سبأ (34) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة سبأ (34)   تفسير سورة سبأ (34) Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 2:11 pm

سورة سبأ
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ{1} يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ{2}}

شرح الكلمات:
{ الحمد لله } : أي الوصف بالجميل واجب لله مستحق له.

{ الذي له ما في السموات وما في الأرض } : أي خلقاً وملكاً وتصريفاً وتدبيراً.

{ وله الحمد في الآخرة } : أي يحمده فيها أولياؤه وهم في رياض الجنان، كما له الحمد في الدنيا.

{ وهو الحكيم الخبير } : أي الحكيم في أفعاله الخبير بأحوال عباده.

{ يعلم ما يلج في الأرض } : أي ما يدخل فيها من مطر وأموات وكنوز.

{ وما يخرج منها } : أي من نبات وعيون ومعادن.

{ وما ينزل من السماء } : أي من ملائكة وأمطار وأرزاق ونحوها.

{ وما يعرج فيها } : اي وما يصعد فيها من ملائكة وأعمال العباد وأرواحهم بعد الموت.

{ وهو الرحيم الغفور } : أي الرحيم بالمؤمنين الغفور للتائبين.

معنى الآيتين:
يخبر تعالى عباده بأن له الحمد والشكر الكاملين التامين، دون سائر خلقه، فلا يحمد على الحقيقة إلا هو أما مخلوقاته فكل ما يُحمد له هو من عطاء الله تعالى لها وإفاضته عليها فلا يستحق الحمد على الحقيقة إلا الله، كما أخبر تعالى بموجب حمده وشكره وهو أن له ما في السموات وما في الأرض خلقاً وملكاً وتدبيراً وتصريفاً وليس لأحد سواه من ذلك شيء هذا في الدنيا، { وله الحمد في الآخرة } إذ يكرم أولياءه فينزلهم دار السلام فيحمدونه على ذلك { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء }

وقوله تعالى { وهو الحكيم الخبير } في تصريف أمور عباده وسائر مخلوقاته وتدبيرها الخبير بأحوالها العليم بصفاتها الظاهرة والباطنة.

وقوله { يعلم ما يلج } أي ما يدخل في الأرض من مطر وكنوز وأموات، { وما يخرج منها } أي من الأرض مننبات ومعادن ومياه، وما ينزل من السماء من أمطار وملائكة وأرزاق، { وما يعرج فيها } أي يصعد من ملائكة وأعمال العباد. وهو مع القدرة والجلال والكمال هو وحده الرحيم بعباده المؤمنين الغفور للتائبين. بهذه الصفات الثابتة للذات الإِلهية وهي صفات جلال وجمال وكمال استحق الرب تعالى العبادة دون سواه فكل تأليه لغيره هو باطل ومنكر وزور يجب تركه والتخلى عنه، والتنديد بفاعله حتى يتركه ويتخلى عنه.

هداية الآيتين:

من هداية الآيتين:

1- وجوب حمد الله تعالى وشكره بالقلب واللسان والجوارح والأركان.

2- بيان أن الحمد لا يصح إلا مع مقتضيه من الجلال والجمال.

3- لا يحمد في الآخرة إلا الله سبحانه وتعالى.

4- بيان علم الله تعالى بالظواهر والبواطن في كل خلقه.

5- تقرير توحيد الله تعالى في ربوبيته وأُلوهيته.

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {3} لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {4} وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ {5} وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ {6}}

شرح الكلمات:
{ لا تأتينا الساعة } : أي القيامة.

{ لا يعزب عنه } : أي لا يغيب عنه.

{ مثقال ذرة } : أي وزن ذرة: أصغر نملة.

{ ولا أصغر من ذلك ولا أكبر } : أصغر من الذرة ولا أكبر منها.

{ إلا في كتاب مبين } : أي موجود في اللوح المحفوظ مكتوب فيه.

{ ليجزي الذين آمنوا } : أي اثبته في اللوح المحفوظ ليحاسب به ويجزى صاحبه.

{ والذين سعوا في آياتنا } : أي عملوا على إبطالها وسعوا في ذلك جهدهم.

{ معاجزين } : أي مغالبين لنا ظانين عجزنا عنهم، وأنهم يفوتوننا فلا نبعثهم ولا نحاسبهم ولا نجزيهم.

{ عذاب من رجز أليم } : أي عذاب من اقبح العذاب وأسوأه.

{ ويرى الذين اوتوا العلم } : أي ويعلم الذين اوتوا العلم وهم علماء أهل لكتاب كعبدالله ابن سلام وأصحابه.

{ الذي أنزل إليك من ربك هو الحق : أي القرآن هو الحق الموحى به من الله تعالى.

ويهدي إلى صراط العزيز } { الحميد } : أي القرآن يهدي إلى صراط الله الموصل إلى رضاه وجواره الكريم وهو الإِسلام. والعزيز ذو العزة والحميد المحمود.

معنى الآيات:
بعد ما قررت الآيات السابقة توحيد الله في ربوبيته وأُلوهيته ذكر تعالى في هذه الآيات تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى مخبراً بما قاله منكراً البعث والجزاء: { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة } وهو انكار منهم للبعث إذ الساعة هي ساعة الفناء والبعث بعدها، وأمر رسوله أن يقول لهم: { بلى وربّي لتأتينكم } أي أقسم لهم بالله تعالى ربه ورب كل شيء لتأتينهم أحبوا أم كرهوا ثم أثنى الرب تبارك وتعالى على نفسه بصفة العلم إذ البعث يتوقف على العلم كما يتوقف على القدرة والقدرة حاصلة، إذ خلقهم ورزقهم ويميتهم. فذكر تعالى أنه عالم الغيب وهو كل ما غاب في السموات وفي الأرض.

وأخبر أنه لا يعزب أي لا يغب عن علمه مثقال ذرة أي وزن ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من الذرة ولا أكبر أيضاً إلا في كتاب مبين أي بيِّن وهو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه كل احداث العالم فلا حركة ولا سكون وقع أو يقع في الكون الا وله صورته ووقته في اللوح المحفوظ.

هذا ما تضمنته الآية الثالثة وقوله تعالى في الآية (4) ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي إذ الحكمة من كتابة الأحداث صغيرها وكبيرها ومن البعث الآخر هي ليجزي تعالى الذين آمنوا أي صدقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات وهي أداء الفرائض والسنن بما ذكر من جزائهم في قوله: { ألئك لهمم مغفرة } أي لذنوبهم { ورزق كريم } في الجنة وقوله في الآية (5) { والذين سعوا في آياتنا } بيَّن فيه جزاء الكافرين بعد أن بين جزاء المؤمنين ذلك الجزاء الذي هو حكمة وعلَّة البعث وكتابة الأعمال في اللوح المحفوظ فقال: { والذين سعوا في آياتنا معاجزين } أي والذين عملوا جهدهم في إِبطال آيات الله إذ قالوا فيها أنها من كلام الكهان وانها شعر وأساطير الأولين حتى لا يؤمنوا ولا يوحدوا أولئك البعداء في الخسِّة والانحطاط لهم جزاء، عذاب من رجز أليم والرجز سيء العذاب واشده ومعنى أليم أي ذي الم وإيجاع شديد.

وقوله تعالى: في الاية (6) ويرى الذين أوتوا العلم، أي ويعلم علماء أهل الكتاب كعبد الله بنس لام وأصحابه من مؤمني أهل الكتاب.

الذي أنزل إليك من ربك وهو القرآن الكريم هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد، وعلم أهل الكتاب بأن القرآن حقٌّ ناتج عن موافقته لما في كتاب الله التوراة من عقيدة القدر وكتابة الأعمال دقيقها وجليلها في اللوح المحفوظ ليجزى بها الله تعالى المؤمنين والكافرين يوم القيامة.

هذا ما دلت عليه الآية (6) والأخيرة وهي قوله تعالى: { ويعلم } أي وليعلم { الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد } وهو الإِسلام.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعد تقرير توحيد الألوهية.

2- تقرير عقيدة القضاء والقدر وكتابة الأعمال والأحداث في اللوح المحفوظ.

3- طلب شهادة أهل الكتاب على صحة الإِسلام والحصول عليها لموافقة التوراة للقرآن.

4- تقرير النبوة إذ القرآن فرع نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم المقرر لها.

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ {7} أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ {8} أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ {9}}

شرح الكلمات:
{ وقال الذين كفروا } : أي قال بعضهم لبعض على جهة التعجيب.

{ هل ندلكم على رجل } : أي محمد صلى الله عليه وسلم.

{ إذا مُزقتم كل ممزق } : أي قطعتم كل التقطيع.

{ إنكم لفي خلق جديد } : أي تبعثون خلقاً جديداً لم ينقص منكم شيء.

{ أم به جنة } : أي جنون تخيّل له بذلك.

{ بل الذين لا يؤمنون باللآخرة : أي ليس الأمر كما يقول المشركون من افتراء الرسول أو في العذاب والضلال البعيد } جنونه بل الأمر الثابت والواقع أن الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب في الآخرة، وفي الضلال البعيد في الدنيا.

{ أفلم يروا } : أي ينظروا.

{ إلى ما بين أيديهم وما خلفهم } : أي من أمامهم وورائهم وفوقهم وتحتهم إذ هم محاطون من كل جهة من السماء والأرض.

{ أو نسقط عليهم كسفاً } : أي قطعاً جمع كسِفة اي قطعة.

{ إن في ذلك لآية } : أي علامة واضحة ودليلاً قاطعاً على قدرة الله عليهم.

{ لكل عبد منيب } : أي لكل مؤمن منيب إلى ربّه رجَّاع إليه في أمره كله.

معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء إنه لما قررها تعالى في الآيات قبل أورد هنا ما يتقاوله المشركون بينهم في تهكم واستهزاء واستبعاد للحياة الآخرة.

فقال تعالى حاكيا قولهم: { وقال الذين كفروا } وهم مشركوا مكة أي بعضهم لبعض متعجبين { هل ندلكم على رجل } يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم { ينبئكم } أي يخبركم بأنكم إذا متم وتمزقت لحومكم وتكسرت عظامكم وذهبتم في الأرض تراباً تبعثون في خلق جديد بعد أن مزقتم كل ممزق اي كل التمزيق فلم يبق شيء متصل ببعضه بعضاً.

{ أفترى على الله كذباً } أي محمد فكذب على الله هذا القول وزوره عنه وادعى أنه أخبره بوجود بعث جديد للناس بعد موتهم لحسابهم وجزائهم؟!

أم به جنة أي به مس منجنون فهي تخيل له صور البعث وما يجرى فيه وهو يخبر به ويدعو إلى الإِيمان به؟ وهنا رد الله تعالى عليهم كذبهم وباطلهم فقال { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد } اي ليس الأمر كما يقولون من أن النبي افترى على الله كذباً، أو به جنون فتخيل له البعث وانما الأمر الثابت والواقع المقطوع به ان الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب يوم القيامة.

وفي الضلال البعيد اليوم في الدنيا وشؤمهم أتاهم من تكذيبهم بالآخرة.

ثم قال تعالى مهدداً لهم لعلهم يرتدعون عن التهجم والتهكم بالنبي صلى الله عليه وسلم { أفلم يروا } اي أعموا فلم يروا الي ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والأرض أفلم ينظروا كيف هم محاطون من فوقهم ومن تحتهم ومن أمامهم ومن ورائهم أي الأرض تحتهم والسماء فوقهم { إن نشأ نخسف بهم الأرض } فيعودون فيها { أو نسقط عليهم كسفاً } اي قطعاً من السماء فتهلكهم عن آخرهم فلا يجدون مهرباً والجواب لا، لأنهم مهما جروْا هاربين لا تزال السماء فوقهم والأرض تحتهم والله قاهر لهم متى شاء خسف بهم أو أسقط السماء عليهم.

وقوله تعالى: { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } أي إن في ذلك المذكور من إحاطة السماء والأرض وقدرة الله على خسف من شاء خسف الأرض بهم وإسقاط كِسَفٍ من السماء من شاء ذلك لهم آية.

وعلامة بارزة على قدرة الله على إهلاك من شاء ممن كفروا بالله وبرسوله وكذبوا بلقائه.

وكون المذكور آية لكل عبد منيب دون غيره لأن المنيب هو الرجَّاع إلى ربه كلما أذنب آب لخشيته من ربه فالخائف الخاشي هو الذي يجد الآية واضحة أمامه في إحاطة الأرض والسماء بالإِنسان وقدرة الله على خسف الأرض به أو إسقاط السماء كسفاً عليه.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان ما كان المشركون عليه من استهزاء وتكذيب وسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم.

2- تقرير البعث وأن المكذبين به محكوم عليهم بالعذاب فيه.

3- لفت الأنظار غلى قدرة الله تعالى المحيطة بالإِنسان ليخشى الله تعالى ويرهبه فيؤمن به ويعبده ويوحده.

4- فضل الإِنابة إلى الله وشرف المنيب.
2-    
والإِنابة الرجوع إلى التوبة بعد الذنب والمعصية، والمنيب الذي رجع في كل شيء إلى ربه تعالى.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ{10} أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {11} وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12} يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13} فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {14}}

شرح الكلمات:
{ ولقد آتينا داود منا فضلاً } : أي نبوة وملكاً.

{ يا جبال أوِّبى معه } : أي وقلنا يا جبال أوِّبى معه أي رجعى معه بالتسبيح.

{ والطير } : أي والطير تسبح أيضاً معه.

{ وألنَّا له الحديد } : أي جعلناه له في اللين كالعجينة يعجنها كما يشاء.

{ أن اعمل سابغات } : أي دروعاً طويلة تستر المقاتل وتقيه ضرب السيف.

{ وقدر في السرد } : أي اجعل المسمار مناسبا للحلقة، فلا يكن غليظاً ولا دقيقاً، اي اجعل المسامير مقدرة على قدر الحلق لما يترتب على عدم المناسبة من فساد الدرع وعدم الانتفاع بها.

{ ولسليمان الريح غدوها شهر: أي وسخرنا لسليمان الريح غدوها أي سيرها من الغداة ورواحها شهر } إلى منتصف النهار مسيرة شهر ورواحها من منتصف النهار إلى الليل شهر كذلك اي مسافة شهر.

{ واسلنا له عين القطر } : أي وأسلنا له عين النحاس.

{ ومن يزغ منهم } : أي ومن يعدل عن طاعة سليمان فلم يطعه نذقه من عذاب السعير.

{ من محاريب } : جمع محراب المقصورة تكون إلى جوار المسجد للتعبد فيها.

{ وجفان كالجواب } : أي وقصاع في الكبر كالحياض التي حول الابار يجبى إليها الماء.

{ وقدور راسيات } : أي وقدور كبار ثابتات على الأثافى لكبرها لا تحول.

{ إلا دابة الأرض } : أي الأرضة.

{ تأكل منسأتة } : أي عصاه بلغة الحبشة.

{ فلما خر } : أي سقط على الأرض ميتاً.

{ تبينت الجن } : أي انكشف لها فعرفت.

{ في العذاب المهين } : وهو خدمة سليمان في الأعمال الشاقة.

معنى الآيات:
يذكر تعالى في هذا السياق الكريم مظاهر قدرته وإنعامه على عباده المؤمنين ترغيباً في طاعته وترهيباً من معصيته فيقول: { ولقد آتينا داود منا فضلاً } وهو النبوة والزبور " كتاب " والملك.

وقلنا للجبال { أوِّبى مع سليمان } اي ارجعي صوت تسبيحه والطير أمرناها كذلك فكان إذا سبح ردد تسبيحه الجبال والطير.

وهذا تسخيرٌ لا يقدر عليه إلا الله.

وقوله: { وألنَّا له الحديد } وهذا امتنان آخر وهو تسخير الحديد له وتليينه حتى لكأنه عجينة يتصرف فيها كما شاء، وقلنا له اعمل درعا طويلة سابغاتٍ تشتتر بها في الحرب، (وقدر في السرد) وقوله { واعملوا صالحاً } أي اعملوا بطاعتي وترك معصيتي فأدوا الفرائض والواجبات واتركوا الاثم والمحرمات.

وقوله: { إني بما تعملون بصير } فيه وعدٌ ووعيد إذ العلم بالأعمال يستلزم الثواب عليها إن كانت صالحة والعقاب عليها إن كانت فاسدة.

وقوله تعالى: { ولسليمان الريح } أي سخرنا لسليمان بن داود الريح { غُدُّوها شهر ورواحها شهر } اي تقطع مسافة شهر في الصباح، وأخرى في المساء اي من منتصف النهار إلى الليل فتقطع مسيرة شهرين في يوم واحد، وذلك أنه كان لسليمان مركب من خشب يحمل فيه الرجال والعتاد وترفعه الجان من الأرض فإذا ارتفع جاءت عاصفة فتحملها ثم تتحول إلى رخاء فيوجه سليمان السفينة حيث شاء بكل ما تحمله وينزل بها كسفينة فضاء تماماً.

وقوله تعالى { وأسلنا له عين القطر } وهو النحاس فكما ألان لداود الحديد للصناعة أجرى لسليمان عين النحاس لصناعته فيصنع ما شاء من آلات وأدوات النحاس.

وقوله تعالى { ومن الجن } اي وسخرنا من الجن من يعمل بين يديه أي أمامه وتحت رقابته يعمل له ما يريد عمله من أمور الدنيا.

وذلك بإذن ربِّه تعالى القادر على تسخير ما يشاء لمن يشاء.

وقوله { ومن يزغ منهم } اي ومن يعدل من الجن { عن أمرنا } اي عما أمرناهم بعمله وكلفناهم به { نذقه من عذاب السعير } وذلك يوم القيامة.

وقوله { يعملون له ما يشاء } بيان لما في قوله { من يعمل بين يديه } من محاريب قصور أو بيوت تكون ملاصقة للمسجد للتعبد فيها، وتماثيل اي صور من نحاس أو خشب إذ لم تكن محرمة في شريعتهم وجفان جمع جفنة وهي القصعة الكبيرة تتسع لعشرة من الأكلة، كالجواب أي في الكبر والجابية حوض يفرغ فيه ماء البئر ثم يسقى به الزرع أو قدور راسيات اي ويعملون له قدوراً ضخمة لا تتحول بل تبقى دائماً موضوعة على الأثافي ويطبخ فيها وهي في مكانها وذلك لكبرها ومعنى راسيات ثابتات على الأثافي.

وقوله تعالى { اعملوا } اي قلنا لهم اعملوا ىل داود شكراً اي اعملوا الصالحات شكراً لله تعالى على هذا الإِفضال والإِنعام اي أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا ربكم في أمره ونهيه يكن ذلك منكم شكراً لله على نعمه.

روى أنه لما أمروا بهذا المر قال داود عليه السلام لآلِهِ ايكم يكفيني النهار فإنى أكفيكم الليل فصلوا لله شكراً فما شئت أن ترى في مسجدكم راكعاً أو ساجداً في اية ساعة من ليل أو نهار إلا رايت.

ويكفى شاهداً أن سليمان مات وهو قائم يصلى في المحراب.

وقوله تعالى { وقليل من عبادي الشكور } هذا إخبار بواقع وصدق الله العظيم الشاكرون لله على نعمه قليل وفي كل زمان ومكان وذلك لإِستيلاء الغفلة على القلوب من جهة ولجهل الناس بربهم وإنعامه من جهة أخرى.

وقوله تعالى في الآية (14) { فلما قضينا عليه الموت } اي توفيناه: ما دلهم على موته الا دابة في الأرض اي الأرضة المعروفة تاكل منسأته فلما أكلتها خر على الأرض، وذلك أنه سأل ربّه أن يعمى خبر موته عن الجن، حتى يعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب كما هم يدعون، فمات وهو متكئ على عصاه يصلى في محرابه، والجن يعملون لا يدرون بموته فلما مضت مدة من الزمن وأكلت الأرضة المنسأة وخر سليمان على الأرض علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان ولما أقاموا مدة طويلة في الخدمة والعمل الشاق وهم لا يدرون.

هذا معنى قوله تعالى { فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب } -كما كان يدعى بعضهم- { وما لبثوا في العذاب المهين } اي الذي كان سليمان يصبه عليهم لعصيانهم وتمردهم على الطاعة.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- بيان إكرام الله تعالى لآل داود وما وهب داود وسليمان من الآيات.

2- فضيلة صنع السلاح وآلات الحرب لغرض الجهاد في سبيل الله.

3- مركبة سليمان سبقت صنع الطائرات الحالية بآلاف السنين.

4- شرع من قبلنا شرعٌ لنا إلا ما خصّه الدليل كتحريم الصور والتماثيل علينا ولم تحرم عندهم.

5- وجوب الشكر على النعم، وأهم ما يكون به الشكر الصلاة والإِكثار منها.

6- تقرير أن علم الغيب لله وحده.
يتبع إن شاء الله.



تفسير سورة سبأ (34) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 8:26 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

تفسير سورة سبأ (34) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة سبأ (34)   تفسير سورة سبأ (34) Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 2:16 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ {15} فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ {16} ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ {17} وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ {18} فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {19}}


شرح الكلمات:

{ لقد كان لسبأ في مسكنهم } : أي لقد كان لقبيلة سبأ اليمانية في مسكنهم.

{ آية } : أي علامة على قدرة الله وهى جنتان عن يمين وشمال.

{ بلدة طيبة ورب غفور } : أي طيبة المناخ بعيدة عن الأوباء وأسبابها، والله رب غفور.

{ فأعرضوا } : أي عن شكر الله وعبادته.

{ سبيل العرم } : أي سد السيل العرم.

{ ذواتى أُكل خمط وأثلٍ } : أي صاحبتي أُكل مُر بشعٍ وشجر الثل.

{ ذلك } : أي التبديل جزيناهم بكفرهم.

{ القرى التي باركنا فيها } : هي قرى الشام مبارك فيها.

{ قرىً ظاهرة } : أي متواصلة من اليمن إلى الشام.

{ وقدرنا فيها السير } : أي المسافات بينها مقدرة بحيث يقيلون في قرية ويبيتون في أخرى.

{ فجعلناهم أحاديث } : أي لمن جاء بعدهم أي أهلكناهم ولم يبق منهم إلا ذكرهم متداولا بين الناس.

{ ومزقناهم كل ممزق } : أي فرقناهم في البلاد كل التفرق.

{ إن في ذلك لآيات } : أي إن في ذلك المذكور من النعم وسلبها لعبراً.

{ لكل صبار شكور } : أي صبار على الطاعات وعن المعاصى شكور على النعم.


معنى الآيات:

لما ذكر تعالى إنعامه على آل داود وشكرهم له وأخبر أنه قليل من عباده من يشكر إنعامه عليه ذكر أولاد سبأ وأنه أنعم عليهم بنعم عظيمة وأنهم ما شكروها فأنزل بهم نقمته وسلبهم نعمته وذلك جزاء لكل كفور.

فقال تعالى { لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال } أي لقد كان لأولاد سبأ وهم الأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار، ومن أنمار جنعم وبجيلة ومن أولاد سبأ أربعة سكنوا في الشام وهم لخم وجدام وغسان، وعاملة وأبوهم سبأ هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

وقوله تعالى { في مسكنهم } أي في مساكنهم { آية } أي علامة على قدرة الله وإفضاله على عباده وهي جنتان عن يمين وشمال الوادى أي جنتان عن يمين الوادى وأخرى عن مشاله كلها فواكه وخضر، تسقى بماء سد مأرب.

كلوا من رزق ربكم أي قلنا لهم كلوا من رزق ربكم واشكروا له أي هذا الإِنعام بالإِيمان به وبرسله وطاعته وطاعة رسله.

وقوله { بلدة طيبة } أي هذه بلدة طيبة وهي صنعاء اليمن مناخها طيب وتربتها طيبة لا يوجد بها وباء ولا هوام ولا حشرات كالعقارب ونحوها، { ورب غفور } يغفر ذنوبكم متى أذنبتم وتبتم واستغفرتم.

ولكن أَبْطَرْتُهم هذه النعم فكفروها ولم يشكروا كما قال تعالى { فأعرضوا } بأن كذبوا رسل الله إليهم وعصوا الله ورسله فانتقم الله منهم لإِعراضهم وعدم شكرهم كما هى سنته في عباده.

قال تعالى { فأرسلنا عليهم سيل العرم } وذلك بأن خرب السد، وذهبت المياه وماتت الأشجار وأمْحَلَتْ الأرض، وتبدلت قال تعالى: { وبدلناهم بجنتهم جنتين ذواتى أُكل خمط } أي مُرٍ بشع وهو شجر الأراك وأثل وهو الطرفاء، وشيء من سدر قليل.

هذا جزاء من أعرض عن ذكر الله وفسق عن أمره وخرج عن طاعته.

قال تعالى { ذلك } أي الجزاء { جزيناهم بما كفروا } بسبب كفرهم وقوله: { وهل نجازى الا الكفور } أي وهل نجازى بمثل هذا الجزاء وهو تحويل النعمة إلى نقمة غير الكفور.

وقوله تعالى: { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها } وهي مدن الشام { قرى ظاهرة } أي مدناً ظاهرة على المرتفعات من الأرض، وذلك من صنعاء عاصمتهم إلى الشام قرابة أربعة آلاف وسبعمائة قرية أي مدينة، وقوله { وقدرنا فيها السير } أي يجعل المسافات بين كل مدينة ومدينة متقاربة بحيث يخرج المسافر بلا زاد من ماء أو طعام فلا يقيل إلا في مدينة ويخرج بعد القيلولة فلا ينام إلا في مدينة أخرى حتى يصل إلى الشام أو إلى المدينة التي يريد.

وهذا كان لهم قبل هدم السد وتفرقهم وقوله تعالى: { وسيروا فيها ليالي وأياما آمنين } اي وقلنا لهم سيروا بين تلك المدن الليالي والأيام ذوات العدد آمنين من كل ما يخاف.

وما كان منهم الا أنهم بطروا النعمة وقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم.

أي حملهم بطر النعمة على أن سألوا ربهم بلسان حالهم أو قالهم أن يباعد بين مسافات أسفارهم بإزالة تلك المدن حتى يحملوا الزاد ويركبوا الخيول ويذوقوا طعم التعب وهذا في الواقع هو حسد من الأغنياء للفقراء الذين لا طاقة لهم على السفر في المسافات البعيدة بدون زاد ولا رواحل.

قال تعالى { وظلموا أنفسهم } إذ بإعراضهم وحسدهم وبطرهم النعمة كانوا قد ظلموا أنفسهم فعُرِّضوا لعذاب الحرمان في الدنيا وعذاب النار في الآخرة، وقوله تعالى { فجعلناهم أحاديث } أي لمن بعدهم يروون أخبارهم ويقصون قصصهم بعد أن هلكوا وبادوا.

وقوله تعالى { ومزقناهم كل ممزق } أي فرقناهم في البلاد كل تفريق بحيث لا يرجى لهم عودُ اتصال أبداً فذهب الأوس والخزرج إلى يثرب " المدينة النبوية " وهم الأنصار، وذهب غسان إلى الشام، والازد إلىعُمان، وخزاعة إلى تهامة وأصبحوا مضرب المثل يقال: ذهبوا شذر مذر.

وتفرقوا أيادي سبأ، أي مذاهب سبأ وطرقها.

وقوله تعالى { إن في ذلك لآيات } أي إن في إنعام الله على أبناء سبأ ثم في نقمته عليهم لما بطروا النعمة وكفروا الطاعة لعبراً يعتبر بها كل صبور على الطاعات فِعلاً وعن المعاصي تركاً، { شكور } أي كثير الشكر على النعم.

اللهم اجعلنا لك من الشاكرين.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:

1- التحذير من الإِعراض عن دين الله فإنه متى حصل لأُمة نزلت بها النقم وسلبها الله النعم.

وكم هذه الحال مشاهدة هنا وهناك لا بين الأُمم والشعوب فحسب بل حتى بين الأفراد.

2- التحذير من كفر النعم بالاسراف فيها وصرفها في غير مرضاة الله واهبها عز وجل.

3- خطر الحسد وانه داء لا دواء له، والعياذ بالله يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.

4- فضيلة الصبر والشكر وعلو شأن الصبور الشكور.

{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ {20} وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ {21} قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ {22} وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ {23}}


شرح الكلمات:

{ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه } : أي صدَقَ ظن إبليس فيهم أنه يستطيع إغواءهم.

{ فاتبعوه } : في الكفر والضلال والإِضلال.

{ إلا فريقا منهم } : أي من بني آدم وهم المؤمنون المسلمون فإنهم لم يتبعوه وخاب ظنه فيهم زاده الله خيبة إلى يوم القيامة.

{ وما كان له عليهم من سلطان } : أي ولم يكن لإبليس من تسليط منا عليهم لا بعصا ولا سيف وإنما هو التزيين والإِغراء بالشهوات.

{ إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة : أي لكن أذنَّا له في إغوائهم -إن استطاع- بالتزيين والإِغراء ممن هو منها في شك } لنعلم علم ظهور من يؤمن ويعمل صالحاً ممن يكفر ويعمل سوءاً.

{ وربك على كل شيء حفيظ } : أي وربك يا محمد على كل شيء حفيظ وسيجزى الناس بما كسبوا.

{ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله }: أي أنهم شركاء لله في ألوهيته.

{ لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض }: أي ملكاً استقلالياً لا يشاركهم الله فيه.

{ وما لهم فيها من شرك } : أي وليس لهم من شركة في السموات ولا في الأرض.

{ وما له منهم من ظهير } : أي وليس لله تعالى من شركائكم الذين تدعونهم من معين على شيء.

{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له }: أي ولا تنفع الشفاعة أحداً عنده حتى يأذن هو له بها.

{ حتى إذا فزع عن قلوبهم } : أي ذهب الفزع والخوف عنهم بسماع كلم الرب تعالى.

{ قالوا: ماذا قال ربكم؟ } : أي قال بعضهم لبعض استبشاراً ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق اي في الشفاعة.

{ وهو العليُّ الكبير } : العلي فوق كل شيء علوّ ذات وقهر وهو الكبير المتعالي الذي كل شيء دونه.


معنى الآيات:

لما ذكر تعالى ما حدث لسبأ من تقلبات وكان عامل ذلك هو تزيين الشيطان وإغواؤه أخبر تعالى عن حال الناس كل الناس فقال { لقد صدق عليهم إبليس ظنَّه } اي فيهم لما علم ضعفهم أمام الشهوات فاستعمل تزيينها كسلاح لحربهم { فاتبعوه } فيما دعاهم إليه من الشرك والإِسراف والمعاصي { إلا فريقاً من المؤمنين } وهم المؤمنون الصادقون في إيمانهم الذين أسلموا لله وجوههم وهم عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سبيل لإِغوائهم فإنهم لم يتبعوه.

هذا ما دلت عليه الاية (20) وقوله تعالى: { وما كان له } أي للشيطان { عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك } اي قوة مادية ولا معنوية من حجج وبراهين، وإنما أذن له في التحريش والوسواس والتزيين وهذا الإِذن لعلة وهي ظهور حال الناس ليعلم من يؤمن بالآخرة وما فيها من جنات ونيران، وقد حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات فالمؤمنون بالآخرة يتحملون مشاق التكاليف فينهضون بها ويتجنبون الشهوات فينجون من النار ويدخلون الجنة، والذين لا يؤمنون بالآخرة لاينهضون بواجب ولا يتجنبون حراماً فيخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وذلك هو الخسران المبين.

وقوله تعالى { وربك على كل شيء حفيظ } فهو يحصى أعمال عباده من خير وشر ويحاسبهم عليها ويجزيهم بها.

وقوله تعالى: { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله } اي قل يا رسولنا بعد هذا العرض والبيان الشافي الذي تقدم في هذا السياق للمشركين من قومك ما دمتم مصرين على الشرك بحجة أن شركاءكم ينفعُون ويصرون وأنهم يشفعون لكم يوم تبعثون ادعوهم غير أن الحقيقة التي يجب أن تسمعوها وتعلموها -وأنتم بعد ذلك وما ترون وتهوون- هي أن الذين تدعونهم من دون الله وجعلتموهم لله شركاء لا يملكون مثقال ذرة اي وزن ذرة في السموات ولا في الأرض لا يملكونها استقلالا ولا يملكونها شركة مع الله المالك الحق، وهو معنى قوله تعالى { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض } { وما لهم فيهما } أي في السموات والأرض من شرك بمعنى شركة ولو بأدْنى نسبة.

وشيء آخر وهو أن شركاءكم الذين تدعونهم ليس لله تعالى منهم من ظهير أي معين حتى لا يقال بحكم حاجة الرب إليه ندعوه فيشفع لنا عنده، وشيء آخر هو أن الشفاعة عند الله لا تتم لأحد ولا تحصل له إلا إذا رضى الله تعالى بالشفاعة لمن أريد الشفاعة له، وبعد أن يأذن ايضا لمن اراد أن يشفع.

فلم يبق إذاً أي طمع في شفاعة آلهتكم لكم لا في الدنيا ولا في الآخرة إذاً فكيف تصح عبادتهم وهم لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا يشفعون لأحد في الدنيا ولا الآخرة.

وقوله تعالى { حتى إذا فزع عن قلوبهم } إلى آخره بيان لكيفية الشفاعة يوم القيامة وهي أن الشافع المأذون له في الشفاعة عندما يسأل الله تعالى فيجيبه الرب تعالى فيصاب بخوف وفزع شديد { حتى إذا فزع عن قلوبهم } اي زال ذلك الفزع والخوف قالوا لبعضهم البعض ماذا قال ربكم؟ فيقولون مستبشرين قالوا: الحق أي أذن لنا في الشفاعة وهو العليّ الكبير أي العلى فوق خلقه بذاته وقهره وسلطانه الكبير الذي ليس كمثله شيءٌ سبحانه لا إله إلا هو ولا ربّ سواه.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:


1- بيان أن إبليس صدق ظنه في بني آدم وأنهم سيتبعونه ويغويهم.

2- تقرير التوحيد وأ،ه لا غله إلا الله ولا يستحق العبادة سواه.

3- بيان بطلان دعاء غير الله إذ المدعو كائنا من كان لا يملك مثقال ذرة في الكون لا بالاستقلال ولا بالشركة، وليس لله تعالى من ظهير اي ولا معينين يمكن التوسل بهم، وأخيراً والشفاعة لا تتم إلا بإِذنه ولمن رضى له بها.

ولذلك بطل دعاء غير الله ومن دعا غير الله من ملك أو نبي أو وليَّ أو غيرهم فقد ضل الطريق وأشرك بالله في أعظم عبادة وهى الدعاء، والعياذ بالله تعالى.


{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {24} قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ {25} قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ {26} قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {27} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {28} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {29} قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ {30}}


شرح الكلمات:

{ قل من يرزقكم من السموات والأرض } : من السموات بإنزال المطر ومن الأرض بإنبات الزروع.

{ قل الله } : أي إن لم يجيبوا فأجب أنت فقل الله، إذ لا جواب عندهم سواه.

{ وإنا وإياكم لعلى هدى أو فى : وأخبرهم بأنكم أنتم أيها المشركون أو إيانا ضلال مبين } لعلى هدى أو في ضلال مبين، وقطعا فالموحدون هم الذين على هدى والمشركون هم في الضلال المبين، وإنما شككهم تلطفاً بهم لعلهم يفكرون فيهتدون.

{ قل لا تسألون عما أجرمنا } : أي أنكم لا تسألون عن ذنوبنا.

{ ولا نُسال عما تعملون } : أي ولا نُسأل نحن عما تعملون. وهذا تلطفاً بهم ايضاً ليراجعوا أمرهم، ولا يحملهم الكلام على العناد.

{ قل يجمع ربُّنا ثم يفتح بيننا بالحق } : أي قل لهم سيجمع بيننا ربُّنا يوم القيامة ويفصل بيننا بالحق وهذا أيضا تلطق بهم وهو الحق.

{ قل أروني الذين الحقتم به : أي قل لهؤلاء المشركين أروني شركاءكم الذين شركاء } عبدتموهم مع الله فإن أروه إياهم أصناماً لا تسمع ولا تبصر قامت الحجة عليهم. وقال لهم أتعبدون ما تنحتون وتتركون الله الذي خلقكم وما تعملون؟!.

{ كلا بل هو الله العزيز الحكيم } : كلا: لن تكون الأصنام أهلا للعبادة بل المعبود الحق الواجب العبادة هو الله العزيز الحكيم.

{ كافة للناس } : أي لجميع الناس أي عربهم وعجمهم.

{ بشيراً ونذيراً } : بشيراً للمؤمنين بالجنة، ونذيراً للكافرين بعذاب النار.

{ قل لكم ميعاد يوم } : هو يوم القيامة.


معنى الآيات:

ما زال السياق في تبكيت المشركين وإقامة الحجج عليهم بتقرير التوحيد وإبطال التنديد فقال تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم سل قومك مبكتا لهم: { قل من يرزقكم من السموات والأرض } بإنزال الأمطار وإرسال الرياح لواقح وإنبات النباتات والزروع والثمار وتوفير الحيوان للحم واللبن ومشتقاته؟ وإن تلعثموا في الجواب أو ترددوا خوف الهزيمة العقلية فأجب أنت قائلاً الله. إذ ليس من جواب عندهم سواه.

وقوله { وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين } هذا أسلوب التشكيك وحكمته التلطف بالخصم المعاند حتى لا يلج في العناد ولا يفكر في الأمر الذي يجادل فيه، وإلاّ فالرسول والمؤمنون هم الذين على هدىً، والمشركون هم الذين في ضلال مبين وهو أمر مسلم لدى طرفي النزاع.

وقوله تعالى { قل لا تُسالون عما أجرمنا ولا نُسال عما تعملون } وهذا أيضاً من باب التلطف مع الخصم المعاند لتهدأ عاصفة عناده ويراجع نفسه عله يثوب إلى رشده ويعود إلى صوابه.

فقوله: { لا تُسألون عما أجرمنا } هو حق فإنهم لا يسألون عن ذنوب الرسول والمؤمنين، ولكن الرسول والمؤمنين لا ذنب لهم وإنما هو من باب التلطق في الخطاب، وأما المشركون فإن لهم أعمالاً من الشرك والباطل سيجزون بها والرسول والمؤمنون قطعاً لا يُسالون عنها ولا يؤاخذون بها ما داموا قد بلغوا ونصحوا.

وقوله: { قل يجمع بيننا ربُّنا } اي يوم القيامة { ثم يفتح بيننا } اي يحكم ويفصل بيننا { بالحق وهو الفتاح } اي الحاكم العليم بأحوال خلقه فأحكامه ستكون عادلة لعلمه بما يحكم فيه ظاهراً وباطناً.

وفي هذا جذب لهم بلطف ودون عنف ليقروا بالبعث الآخر الذي ينكرونه بشدة.

وقوله { قل أروني الذين ألحقتم به شركاء } اي قل يا رسولنا لهؤلاء المشركين أروني آلهتكم التي اشركوتموها بالله والحقتموها به وقلتم في تلبيتكم:

لبيك لبيك لا شريك لك.

الا شريكاً هو لك تملكه وما ملك.

وهكذا يتحداهم رسول الله بإذن الله أن يروه شركاء لله حقيقة يسمعون ويبصرون ينفعون ويضرون ولما كان من غير الممكن الإِتيان بهم غير اصنام وتماثيل زجرهم بعنف لعلهم يستفيقون من غفلتهم فقال: { كلا، بل هو الله العزيز الحكيم } أي ليست تلك الأصنام بآلهة تعبد مع الله بل المعبود الحق الواجب العبادة هو الله رب العالمين وغله الولين والآخرين { العزيز } اي الغالب على أمره ومراده الحكيم في تدبير خلقه وشؤون عباده.

وقوله: { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً } أي لم نرسلك يا رسولنا لمهمة غير البشارة والنذارة فلذا لا يحزنك إعراضهم وعدم استجابتهم فبشر من آمن بك واتبعك فيما جئت به، وأنذر من كفر بك ولم يتابعك على الهدى الذي تدعو اليه.

وقوله: { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } فيه تعزية للرسول ايضاً إذ الواقع أن أكثر الناس لا يعلمون إذ لو علموا لما ترددوا في عبادة الله وتوحيده والتقرب إليه طمعا فيما عنده وخوفاً مما لديه.

وقوله: { ويقولون } أي أهل مكة من منكري البعث والجزاء { متى هذا الوعد } أي العذاب الذي تهددنا وتخوفنا بنزوله بنا إن كنتم أيها المؤمنون صادقين فيما تقولون لنا وتعدونا به.

وهنا أمر الله تعالى رسوله أن يرد على استهزائهم وتكذيبهم بقوله: { قل لكم ميعاد } يوم معين عندنا محدد لا تستأخرون عنه ساعة لو طلبتم ذلك لتتوبوا وتستغفروا ولا تستقدمون اخرى لو طلبتم تعجيله إذ الأمر مبرم مُحكمٌ لا يقبل النقص ولا الزيادة ولا التبديل ولا التغيير.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:


1- مشروعية التلطف مع الخصم فسحاً له في مجال التفكير لعله يثوب إلى رشده.

2- تقرير عقيدة البعث والجزاء وتنويع الأسلوب الدعوى في ذلك.

3- تقرير عقيدة النبوة المحمدية، وعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة.

4- يوم القيامة مقرر الساعة واليوم فلا يصح تقديمه ولا تأخيره بحال.


{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ {31} قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ {32} وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {33}}


شرح الكلمات:

{ ولا بالذي بين يديه } : أي من الكتب السابقة وهي التوراة والإِنجيل.

{ يرجع بعضهم إلى بعض القول }: أي يقول الاتباع كذا ويرد عليهم المتبوعون بكذا وهو المبيّن في الآيات.

{ أنحن صددناكم عن الهدى } : أي ينكر المستكبرون وهم المتبوعون أن يكونوا صدوا التابعين لهم عن الهدى بعد إذْ جاءهم بواسطة رسوله.

{ بل كنتم مجرمين } : أي ظلمة فاسدين مفسدين.

{ بل مكر الليل والنهار } : أي ليس الأمر كما ادعيتم بل مكركم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر بالله.

{ ونجعل له أنداداً } : أي شركاء نعبدهم معه فننادُّه بهم.

{ وأسروا الندامة } : أي اخفوها إذ لا فائدة منها أو أظهروها أي أظهروا الندم إذ أسر الندامة له معنيان أخفى وأظهر.

{ وجعلنا الاغلال في أعناق } : أي وجعلنا الأغلال جمع غل حديدة تجعل في عنق المجرم.

{ هل يجزون إلا ما كانوا يعملون }: أي ما يجزون إلا ما كانوا يعملون.


معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء فيخبر تعالى فيقول: { وقال الذين كفروا } اي من مشركي مكة قالوا للرسول والمؤمنين لن نؤمن بهذا القرآن الذي أنزل على محمد، ولا بالذي أنزل على من تقدمه من الأنبياء كالتوراة والإِنجيل، وذلك لما احتُجَّ عليهم بتقرير التوراة والإِنجيل للتوحيد والنُّبوات والبعث والجزاء قالوا لن نُؤمن بالجميع عناداً ومكابرة.

وجحوداً وظلما. ولازم هذا أنهم ظلمة معاندون ومن باب دعوتهم غلى الهدى ستعرض الآيات لهم حالهم يوم القيامة فيقول تعالى لرسوله وهم يسمعون { ولو ترى } يا رسولنا { إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول } أي يتحاورون متلاومين.

يقول الذين استُعفوا وهم الفقراء المرءوسون الذين كانوا أتباعاً لكبرائهم وأغنيائهم، يقولون للذين استكبروا عليهم في الدنيا: لولا أنتم اي صرفتموها عن الإِيمان واتباع الرسول لكنا مؤمنين فيرد عليهم الكبراء بما أخبر تعالى عنهم في قوله: { قال الذين استكبروا للذين استضعفوا: أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم } اي ما صددناكم أبداً بل كنتم مجرمين اصحاب إجرام وفساد ويرد عليهم المستضعفون قائلين بما أخبر تعالى به عنهم { وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار } أي بل مكركم بنا في الليل والنهار إذ تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل له أنداداً.

قال تعالى { واسروا الندامة } أي أخفوها لما رأوا العذاب.

قال تعالى: { وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } أش شدت ايديهم غلى أعناقهم بالأغلال وهي جمع غل حديدة يشد بها المجرم، ثم أدخلوا الجحيم إذ كانوا في موقف خارج منهم، وقوله تعالى: { هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } اي ما يُجْزَونَ غلا ما كانوا يعملون فالجزاء بحسب العمل إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشرن وكانت أعمالهم كلها شرّاً وظلماً وباطلاً.

هذا وجواب لولا في أول السياق محذوف يُقدر بمثل: لرايت أمراً فظيعاً واكتُفي بالعرض لموقفهم عن ذكره فإنه أتم وأشمل.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:


1- تشابه حال الظلمة والمجرمين فالعرب المشركون كانوا يركنون إلى أهل الكتاب يحتجون بما عندهم على الرسول والمؤمنين.

ولما وجدوا التوراة والإِنجيل يقرران عقيدة البعث والجزاء والنبوة تبرأوا منهما وقالوا لن نؤمن بالقرآن ولا بالتوراة والإِنجيل.

واليهود كانوا يحتجون بالتوراة على المسلمين ولما وجدوا التوراة تقرر ما يقرره القرآن تركوا الاحتجاج بالتوراة وأخذوا يحتجون بالسحر كما تقدم في البقرة في قول الله تعالى: { ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان }

2- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض كامل لموقف من مواقف يوم القيامة، ومشهد من مشاهده.

3- بطلان احتجاج الناس بعمل العلماء أو الحكماء وأشراف الناس اذا كان غير موافق لشرع الله تعالى وما جاء به رسله من الحق والدين الصحيح.

يتبع إن شاء الله.



تفسير سورة سبأ (34) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 8:27 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

تفسير سورة سبأ (34) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة سبأ (34)   تفسير سورة سبأ (34) Emptyالسبت 01 ديسمبر 2012, 2:21 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {34} وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ {35} قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {36} وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ {37} وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ {38} قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {39}}


شرح الكلمات:

{ الا قال مترفوها } : أي رؤساؤها المنعمون فيها من أهل المال والجاه.

{ نحن أكثر أموالاً وأولاداً } : أي من المؤمنين.

{ يبسط الرزق لمن يشاء } : امتحاناً أيشكر العبد أم يكفر.

{ ويقدر } : أي يضيق ابتلاء أيصبر المرء أم يسخط.

{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون } : أي الحكمة في التوسعة على البعض والتضييق على البعض.

{ تقربكم عندنا زلفي } : أي قربى بمعنى تقريباً.

{ إلا من آمن وعمل صالحا } : أي لكن من آمن وعمل صالحاً هو الذي تقربه تقريباً.

{ وهم في الغرفات آمنون } : أي من المرض والموت وكل مكروه.

{ والذين سعوا في آياتنا } : أي عملوا على إبطال القرآن والإِيمان به وتحكيمه.

{ معاجزين } : أي مقدرين عجزنا وأنهم يفوقوننا فلم نعاقبهم.

{ وما أنفقتم من شيء } : أي من مال في الخير.

{ وهو خير الرازقين } : أي المعطين الرزق. أما خلق الرزق فهو لله تعالى وحده.


معنى الآيات:

قوله تعالى: روما أرسلنا في قرية من نذير } هذا شروع في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان حال من سبق من الأمم وما واجهت به رسلها فقال تعالى { وما أرسلنا في قرية } أي مدينة من المدن { من نذير إِلا قال مترفوها } أي أهل المال والثروة المتنعمون بألوان المطاعم والمشارب والملابس والمراكب.

قالوا لرسل الله { إنا بما ارسلتم به كافرون } فردوا بذلك دعوتهم.

{ وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً } فاعتزوا بقوتهم، { وما نحن بمعذبين } كذبوا بالبعث والجزاء كما أن كلامهم مُشعر بأنهم مغترون بأن ما أعطاهم الله من مال وولد كان لرضاه عنهم وعدم سخطه عليهم.

وقوله تعالى { قل ان ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } اي قل يا نبينا لأولئك المغترين بأن ما لديهم من مال وولد ناجم عن رضا الله عنهم قل لهم إن ربي جل جلاله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً له لا لرضى عنه ولا لبغض له، كما أنه يضيق الرزق على من يشاء ابتلاء له لا لبغضه ولا لمحبته، { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ومن بينهم مشركو قريش لا يعلمون أن بسط الرزق كتضييقه عائد إلىتربية الناس بالسراء والضراء امتحاناً وابتلاء.

وقوله تعالى: { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } يخبر تعالى المشركين المغترين بالمال والولد يقول لهم وما أموالكم ولا أولادكم بالحال التي تقربكم منا وتجعلنا نرضى عنكم وندنيكم منا زلفى أي قربى.

{ إلا من آمن وعمل صالحاً } أي لكن من فعلوا الواجبات والمندوبات { فأولئك } أي المذكورون لهم جزاء الضعف، اي جزاء تضاعف لهم حسناتهم فيه، الحسنة بعشر أمثالها غلى سبعمائة، وذلك بسبب عملهم الصالحات { وهم في الغرفات } أي غرفات الجنة آمنون من الموت ومن كل مكروه ومنغص لسعادتهم.

وقوله تعالى: { والذين يسعون في آياتنا معاجزين } يخبر تعالى أن الذين يعملون بجد وحرص في إبطال آياتنا وإطفاء نور هدايتنا في كتابنا وقلوب عبادنا المؤمنين ويظنون أنهم معجزون لنا أي فائتوننا لا ندركهم ولا نعاقبهم هؤلاء المغرورون في العذاب محضرون أي كأنك بهم وهم محضرون في جهنم يعذبون فيها أبداً.

فقوله تعالى: { قل إن ربي } اي قل يا رسولنا مرة أخرى تقريراً لهذه الحقيقة العلمية التي خفيت على الناس وجهلها قومك وهي أن الله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً لا حباً فيه ولا بغضاً له.

وإنما امتحاناً له هل يشكر أو يكفر فإن شكر زدناه وأكرمناه وان كفر سلبناه ما أعطيناه وعذبناه، { ويقدر له } اي لمن شاء من عباده ابتلاء له لا بغضا له ولا حبا فيه.

وإنما لننظر هل يصبر على الابتلاء أو يسخط ويضجر فنزيد في بلائه وشقائه.. وقوله تعالى: { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } في هذا دعوة إلى الإِنفاق في سبيل الله وتشجيع عليه بإِعلام الناس أن الإِنفاق لا ينقص المال والبخل به لا يزيده فان التوسعة كالتضييق لحكمة فلا البخل يزيد في المال ولا الإنفاق في سبيل الله ينقص منه.

وختم هذا بوعده الصادق وهو أن من انفق في سبيل الله شيئاً أخلفه اللهعليه وهو تعالى خير من قيل إنه يرزق ووصف به.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:

1- بيان سنة الله في الأُمم والشعوب وأنهم ما أتاهم من رسول إلا كفر به الأغنياء والكبراء.

2- بيان اغترار المترفين بما آتاهم الله من مال وولد ظانين ان ذلك من رضا الله تعالى عليهم.

3- بيان الحكمة في التوسعة على بعض والتضييق على بعض، وانها الامتحان والابتلاء فلا تدل على حبِّ الله ولا على بغضه للعبد.

4- بيان ما يقرب إلى الله ويدنى منه وهو الإِيمان والعمل الصالح ومن ذلك الإِنفاق في سبيل الله لا كثرة المال والولد كما يظن المغرورون المفتنون بالمال والولد.

5- بيان حكم الله فيمن يحارب الإِسلام ويريد إِبطاله وأنه محضر في جهنم لا محالة.

6- بيان وعد الله تعالى بالخلف لكل من أنفق في سبيله مالاً.


{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ {40} قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ {41} فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ {42}}


شرح الكلمات:

{ ويوم نحشرهم جميعا } : أي واذكر يوم نحشرهم جميعاً أي جميع المشركين.

{ أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } : أي يقول تعالى هذا للملائكة تقريعاً للمشركين وتوبيخاً لهم.

{ قالوا سبحانك } : أي قالت الملائكة سبحانك أي تقديساً لك عن الشرك وتنزيهاً.

{ أنت ولينا من دونهم } : أي لا موالاة بيننا وبينهم أي يتبرأوا منهم.

{ بل كانوا يعبدون الجن } : أي الشياطين التي كانت تتمثل لهم فيحسبونها ملاكئة فيطيعونها فتلك عبادتهم لها.

{ فاليوم لا يمك بعضكم لبعض } : أي لا يملك المعبودون للعابدين.

{ نفعاً ولا ضراً } : أي لا يملكون نفعهم فينفعونهم ولا ضرهم فيضرونهم.

{ ونقول للذين ظلموا } : أي اشركوا غير الله في عبادته من الملائكة والأنبياء أو الأولياء والصالحين.

{ عذاب النار التي كنتم بها : أي كنتم في الدنيا تكذبون بالبعث والجزاء وهو الجنة أو النار.

تكذبون }


معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء والتوحيد. قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم واذكر { يوم نحشرهم } اي المشركين { جميعاً } فلم نبق منهم أحداً، ثم نقول للملائكة وهم أمامهم تقريراً للمشركين وتأنيباً: { أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } فتتبرأ الملائكة من ذلك وينزهون الله تعالى عنه الشرك فيقولون: { سبحانك } اي تنزيهاً لك عن الشرك وتقديساً رأنت ولينا من دونهم } أما هم فلا ولاية بيننا وبينهم { بل كانوا يعبدون الجن } أي الشياطين { أكثرهم بهم مؤمنون } أي مصدقون فأطاعوهم في عبادة الأصنام وعصوك وعصوا رسلك فلم يعبدوك ولم يطيعوا رسلك.

وقوله تعالى { فاليوم لا يملك بعضكم لبعضكم نفعاً ولا ضراً } اي يقال لهم هذا القول تيئيساً وإيلاساً أي قطعاً لرجائهم في أن يشفعوا لهم.

وقوله تعالى { ونقول للذين ظلموا } وهم المشركون { ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون } أي كنتم تكذبون بها في الدنيا فذوقوا اليوم عذابها.

والعياذ بالله من عذاب النار.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:

1- تقرير لعقيدة البعث والجزاء بذكر بعض أحوالها.

2- أن من كانوا يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين إنما كانوا يعبدون الشياطين إذ هي التي زينت لهم الشرك.

أما الملائكة والأنبياء والأولياء فلم يرضوا بذلك منهم فضلا عن أن يأمروهم به.

3- بيان توبيخ أهل النار بتكذيبهم في الدنيا بالآخرة وكفرهم بوجود نار يعذبون بها يوم القيامة.


{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ {43} وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ {44} وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ {45} قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ {46}}


شرح الكلمات:

{ آياتنا بيّنات } : أي آيات القرآن الكريم واضحات ظاهرة المعنى بيّنة الدلالة.

{ قالوا ما هذا الا رجل } : أي ما محمد إلا رجل من الرجال.

{ يريد أن يصدكم عما : أي يريد أن يصرفكم عن عبادتكم لآلهتكم التي كان يعبدها كان يعبد آباؤكم } آباؤكم من قبل.

{ إلا إفك مفترى } : أي إلا كذب مختلق مزور.

{ وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم }: أي قالوا للقرآن لما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم.

{ إن هذا الا سحر مبين } : أي ما هذا أي القرآن الا سحر مبين أي محمد ساحر والقرآن سحر.

{ من كتب يدرسونها } : اي يقرأونها فأباحت لهم الشرك وأذنت لهم فيه.

{ وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير }: أي ولم نرسل إليهم قبلك من رسول فدعاهم إلى الشرك.

{ وما بلغوا معشار ما آتيناهم } : أي ولم يبلغ أولئك الأمم الذين أهلكناهم معشار ما آتينا هؤلاء من الحجج والبينات.

{ فكيف كان نكير } : أي فكيف كان إنكارى عليهم بالعقوبة والإهلاك والجواب كان واقعاً موقعه لم يخطئه بحال.


معنى الآيات:

ما زال السياق في عرض مواقف المشركين المخزية والتنديد بهم والوعيد الشديد لهم.

قال تعالى { وإذا تتلى عليهم } أي مشركي قريش وكفارها { آياتنا بينات } أي يتلوها رسولنا واضحات الدلالة بينات المعاني فيما تدعو إليه من الحق وتندد به من الباطل، كان جوابهم أن قالوا: ما هذا إلا رجلٌ يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم.

أي ما محمد غلا رجل أي ليس بملكٍ يريد أن يصدكم اي يصرفكم عما كان آباؤكم من الأوثان والأحجار.

فسبحان الله أين يذهب بعقول المشركين أما يخجلون لما يقولون عما كان يعبد ىباؤكم من الأصنام والأوثان، إنه يصدكم حقاً عن عبادة الأوثان ولكن إلى عبادة الرحمن.

وقالوا ايضا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: { وقالوا: ما هذا إلا إفك } أو كذب { افتراه } أي اختلقه وتخرصه من نفسه أي قالوا في القرآن وما يحمل من تشريع وهدى ونور قالوا فيه إنه كذبه محمد لى الله عليه وسلم سبحان الله ما أشد سخف هؤلاء المشركين: وقالوا ايضا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله { وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين } أي قالوا في الرسول وما جاءهم به من الدعوة إلى التوحيد والإِصلاح { إن هذا } اي ما هذا إلا سحر مبين، وذلك لما رأوا من تاثير الرسول والقرآن في نفوسهم إذ كان يحرك نفوسهم ويهزها هزاً.

بعدبعد هذا العرض لمواقف المشركين قال تعالى: { وما آتيناهم } اي مشركي قريش رمن كتب يدرسونها } أي أصروا على الشرك وما أعطيناهم من كتب يقرأونها فوجدوا فيها الإِذن بالشرك أو مشروعيته فتمسكوا به، { وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } أي رسول فأجاز لهم الشرك أو سنة لهم فهم على سنته، اللهم لا ذا ولا ذاك.

فكيف إذاً هذا الإِصرار على الشرك وهو باطل لم ينزل به كتاب ولم يبعث به رسول.

وقوله تعالى: { وكذب الذين من قبلهم } أي من الأمم البائدة { ولم يبلغوا } أي ولم يبلغ هؤلاء من القوة معشار ما كان لأولئك الأقوام الهالكين، ومع ذلك أهلكناهم، فكيف كان نكيرى أي كيف كان إنكارى عليهم الشرك وتكذيب رسلى بإبادتهم واستئصالهم.

أما يخاف هؤلاء الضعفاء أن تحل بهم عقوبتنا فنهلكهم عن آخرهم كما أهلكنا من قبلهم ولما لم يرد الله إبادتهم بعد أن استوجبها بالتكذيب لرسوله والإِصرار على الشرك والكفر قال لرسوله قل لهم { إنما أعظكم بواحدة } أي بخصله واحدة وهي أن تقوموا لله أي متجردين من الهوى والتعصب { مثنى } ، أي اثنين أثنين، { وفرادي } أي واحداً واحداً، ثم تتفكروا في حياة محمد صلى الله عليه وسلم وموافقة الخيرِّة معكم وبعده عن كل أذى وشر وفساد فإنكم تعلمون يقيناً أنه ما بصاحبكم محمد من جنّة ولا جنون إن هو إلا نذير لكم بين يدي شديد، أي ما هو صلى الله عليه وسلم إلا نذير لكم أمام عذاب شديد قد ينزل بكم وهو مشفق عليكم في ذلك خائف لا يريده لكم.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:

1- بيان عناد المشركين وسخف عقولهم وهبوطهم الفكرى.

2- ضعف كفار قريش وتشددهم وعتوهم إذا قيسوا بالأمم السابقة فإنهم لا يملكون من القوة نسبة واحد إلى ألف إذ المعشار هو عشر عشر العشر.

3- تقرير النبوة المحمدية واثباتها وذلك ينفى الجنّة عنه صلى الله عليه وسلم وإثبات أنه نذير.


{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {47} قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ{48} قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ {49} قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ {50} وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ {51} وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ {52} وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ {53} وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ {54}}.


شرح الكلمات:

{ قل إن ربي يقذف بالحق } : أي يلقى بالوحي الحق إلى أنبيائه. ويقذف الباطل بالحق أيضا فيدمغه.

{ وما يبدئ الباطل وما يعيد } : أي وما يبدى الباطل الذي هو الكفر، وما يعيد أي إنه لا أثر له.

{ فإنما أضل على نفسي } : أي إثم ضلالي على نفسي لا يحاسب ولا يعاقب به غيري.

{ إنه سميع قريب } : أي سميع لما أقول لكم قريب غير بعيد فلا يتعذر عليه مجازاة أحد من خلقه.

{ إذ فزعوا فلافوت } : أي إذ فزعوا للبعث أي خافوا ونفروا فلا فوت لهم منا بل هم في قبضتنا.

{ وأثنى لهم التناوش من مكان : أي لما شاهدوا العذاب قالوا آمنا بالقرآن وكيف لهم ذلك وهم بعيد } بعيدون إنهم في الآخرة والإِيمان في الدنيا.

(التناوش) التنازل من مكان بعيد.

{ كما فعل باشياعهم من قبل } : أي فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم من أمم الكفر والباطل.

{ في شك مريب } : أي في شك بالغ من نفوسهم فأصبحوا به مضطربين لا يطمئنون إلى شيء أبداً.


معنى الآيات:

لما لج المشركون في الخصومة والعناد ودعاهم الله تعالى إلى أمثل حل وهو أن يقوموا متجردين لله تعالى من الهوى والتعصب يقوموا اثنين اثنين أو واحداً واحداً لأن الجماعة من شأنها أن تختلف مع الآراء ثم يتفكروا في حياة الرسول وما دعاهم إليه من الهدى والحق فإنكم تعلمون أنه ليس كما تهمتموه بالجنون وإنما هو نذير لكم بين يدي عذاب شديد يخاف وقوعه بكم ونزوله عليكم هنا أمره تعالى أن يقول لهم وكوني نذيراً لكم مما أخاف عليكم لا أسألكم على إنذاري لكم أجراً { إن أجرى الا على الله وهو على كل شيء شهيد } أي مطلع عليّ عالم بصدقي ويجزيني على إنذاري لكم إذ كلفني به فقمت به طاعة له.

وقوله تعالى { قل ان ربي يقذف بالحق } اي قل لهم يا رسولنا إن ربي يقذف بالحق أن يلقى بالوحي على من يشاء من عباده { علام الغيوب } أي وهو علام الغيوب يعلم من هو أهل للوحي غليه والإِرسال فيوحى إليه ويرسله كما أوحى إليّ وارسلني غليكم نذيراً وبشيراً.

وقوله تعالى: رقل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد } أي قل لهم يار سولنا جاء الحق وهو الإِسلام الدين الحق، فلم يبق الباطل الذي هو الشرك والكفر مكان ولا مجال، وما يبدئ الباطل وما يعيد؟ اي أنه كما لا يبدئ لا يعيد فهو ذاهب لا اثر له أبدا وقوله: { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي } اي أعلمهم بأنك إن ضللت فيما أنت قائم عليه تدعو غليه فإنما عائد ضلالك عليك لا عليهم، وإن اهتديت فهدايتك بفضل ما يوحى غليك من ربك من الهدى والنور { إنه سميع قريب } سميع لأقوالك وأقوال غيرك غير بعيد فيتعذر عليه مجازاة عباده صاحب الإِحسان بالإِحسان وصاحب السوء بالسوء.

وقوله تعالى: { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب } اي لرأيت أمراً قطعياً يقول تعالى لرسوله ولو ترى إذ فزع المشركون في ساحات فصل القضاء يوم القيامة فزعوا من شدة الهول والخوف وقد أُخذوا من مكان قريب والقوا في جهنم لرأيت أمراً فظيعاً في غاية الفظاعة.

وقوله { فلا فوت لهم } لا يفوتون الله تعالى ولا يهربون من قبضته.

وقوله تعالى: { وقالوا آمنا به } أي قالوا بعد ما بُعثوا وفزعوا من هول القيامة قالوا آمنا به أي بالله وكتابه ولقائه ورسوله، قال تعالى { وأنى لهم التناوش } اي التناول للإِيمان من مكان بعيد إذ هم في الآخرة والإِيمان كان في الدنيا فكيف يتناولونه بهذه السهولة ويقبل منهم وينجون من العذاب هذا بعيد جداً ولن يكون أبداً وقد كفروا به من قبل أي لاسيما وأنهم قد عُرض عليهم الإِيمان وهم قادرون عليه فرفضوه فكيف يمكنون منه الآن.

وقوله { ويقذفون بالغيب من مكان بعيد } اي وها هم اليوم في الدنيا يقذفون بالغيب محمداً صلى الله عليه وسلم بقواصم الظهر مرة يقولون كاذب ومرة ساحر ومرة شاعر وأخرى مجنون وكل هذا رجما بالغيب لا شبهة لهم فيه ولا أدنى ريبة تدعوهم غليه وأخيرا قال تعالى: { وحيل بينهم وبين ما يشتهون } وهو الإِيمان الموجب للنجاة كما فعل بأشياعهم أي اشباههم وأنصارهم من أهل الكفر والتكذيب لما جاءهم العذاب قالوا آمنا ولم ينفعهم غيمانهم وأهلكوا فألقوا في الجحيم، وقوله { إنهم كانوا في شك مريب } أي مشركو قريش وكفارها أخبر تعالى أنهم كانوا في الدنيا في شك من توحيدنا ونبينا ولقائنا مريب اي موقع لهم في الريب والاضطراب فلم يؤمنوا فماتوا على الكفر والشرك وهذا جزاء من يموت على الشرك والكفر.


هداية الآيات:



من هداية الآيات:


1- دعوة الله تعالى ينبغى أن لا يأخذ الداعى عليها أجراً، ويحتسب أجره على الله عز وجل.

2- بيان صدق الله تعالى في قوله جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد إذ ما هو إلاَّ سُنيَّات والإسلام ضارب بجرانه في الجزيرة فلا دين فيها إلا الإِسلام.

3- الإِيمان الاضطراري لا ينفع صاحبه كإِيمان من رأى العذاب.

4- الشك كفر ولا إِيمان مع رؤية العذاب.



تفسير سورة سبأ (34) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تفسير سورة سبأ (34)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة نوح (71)
» تفسير سورة يس (36)
» تفسير سورة الفلق (113)
» تفسير سورة الشمس (91)
» تفسير سورة النبأ (78)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: