ثَانِياً: فَتَاوَى النِّسَاءِ للعَلَّامَةِ صَالِحِ الفَوْزَان (9)
حُكم اكتحال الصائم و تعطره و اغتساله بصابون له رائحة
- إذا اكتحل الصائم أو تعطر أو اغتسل بصابون له رائحة فهل يؤثر هذا على صومه‏؟‏ ويعتبر مفطرًا‏؟‏ وإن كان صيامه ذلك في واجب فهل عليه القضاء لهذا السبب علمًا أنه فعل ذلك جاهلاً‏؟‏
قضية التطيب للصائم أو الاغتسال بالصابون المطيب لا حرج عليه في ذلك، يباح للصائم أن يتطيب وأن يغتسل بالصابون المطيب لأن الصائم ليس ممنوعًا من الطيب وإنما هذا في حق المحرم، أما الصائم فليس ممنوعًا من التطيب إلا أنه لا يتعمد شم البخور والدخان، أما الطيب السائل فهذا لا بأس أن يتطيب الإنسان به وهو صائم، أما قضية الاكتحال للعينين للصائم فلا ينبغي لأن طائفة من أهل العلم يعدونه من المفطرات، إذا وصل الكحل أو طعم الكحل إلى حلقه فلا ينبغي للصائم أن يكتحل وهو صائم وليؤجل هذا لليل احتياطًا لصيامه‏.‏

حُكم مَنْ بلغت ولم تصم
إذا بلغت الفتاة قبل حلول شهر رمضان ولكنها لم تصم رمضان في تلك السنة التي بلغت فيها لجهلها بوجوب الصيام عليها، فماذا عليها أن تفعل‏؟‏ وهل حُكمها في هذا حُكم مَنْ أفطر عامدًا متعمّدًا دون عذر‏؟‏
عليها أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن تقضي الصيام الذي تركته بعدد الأيام وأن تطعم عن كل يوم مسكينًا إذا كان أتى عليها رمضان آخر ولم تصم تلك الأيام فيلزمها ثلاثة أشياء‏:‏
أولاً‏:‏ التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على هذا الشيء والعزم على أن لا تعود إليه، والإقلاع عن هذا الذنب‏.‏
والشيء الثاني‏:‏ تقضي هذه الأيام التي تركتها‏.‏
والشيء الثالث‏:‏ إذا كان أتى عليها رمضان آخر فأكثر وهي لم تقض فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا مع القضاء عن التأخير، ومقدار الإطعام أن تدفع عن كل يوم نصف الصاع وهو كيلو ونصف من الطعام للفقراء‏.‏

حُكم مَنْ طهرت من النفاس بعد الفجر
- إذا كانت المرأة حائضًا في رمضان أو في آخر فترة نفاس وطهرت من ذلك بعد الفجر من أحد أيام رمضان فهل عليها أن تكمل صيام ذلك اليوم أم لا‏؟‏ وماذا عليها أن تفعل لو اغتسلت وبدأت في الصيام ثم ظهر شيء من ذلك بعد انتهاء المدة المعتادة لكل من الحيض والنفاس هل تقطع صيامها أم لا يؤثر ذلك عليه‏؟‏
أمَّا بالنسبة للنقطة الأولى من السؤال وهي ما إذا طهرت الحائض في أثناء النهار أو النفساء طهرت في أثناء النهار فإنها تغتسل وتصلي وتصوم بقية يومها، ثم تقضي هذا اليوم في فترة أخرى هذا الذي يلزمها‏.‏
وأمَّا النقطة الثانية وهي إذا انقطع دمها من الحيض ثم اغتسلت ثم رأت بعد ذلك شيئًا فإنها لا تلتفت إليه لقول أم عطية رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا‏)‏ (10) فلا تلتفت إلى ذلك‏.‏
أمَّا بالنسبة للنفساء فإذا كانت انقطع دمها قبل الأربعين ثم اغتسلت ثم عاد إليها شيء فإنها تعتبر نفساء، وهذا الذي عاد يعتبر من النفاس لا يصح معه صوم ولا صلاة مادام موجودًا؛ لأنه عاد في فترة النفاس، أمَّا إذا كانت تكاملت الأربعين واغتسلت ثم عاد إليها شيء بعد الأربعين فإنها لا تلتفت إليه إلا إذا صادف أيام عادتها قبل النفاس فإنه يكون حيضًا‏.‏
الحاصل أن هذا لابد فيه من تفصيل إذا أكملت عادة الحائض واغتسلت ثم رأت شيئًا بعد ذلك لا تلتفت إليه، وإذا كانت عادتها لم تكمل رأت طهرًا في أثناء العادة واغتسلت ثم عاد إليها الدم فإنها تعتبر حيضًا؛ لأنه جاءها في أثناء العادة، وكذلك النفساء إذا كان عاد إليها في فترة الأربعين فإنه يعتبر نفاسًا، وإن كان عاد إليها بعد تمام الأربعين فإنها لا تعتبره شيئًا إلا إذا صادف أيام حيضها قبل النفاس وقبل الحمل‏.‏

حُكم مَنْ أخَّرَ القضاء لسنوات
لي والدة أنجبت طفلة قبل رمضان بسبعة أشهر ولم تصم رمضان، ليس خوفًا على طفلها بل كان بها مرض وخافت على نفسها، وصامت الأعوام التي بعد هذا الشهر إلى أن بلغت سبعة أعوام، وبعد ذلك صامت هذا الشهر فهل قضاؤها هذا صحيح وهل عليها شيء غير القضاء‏؟‏
نعم قضاؤها صحيح ولكن لتأخيرها هذه الأيام إلى أن جاء رمضانات وقضت بعدها فإنه يجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا إضافة إلى القضاء كفارة للتأخير الذي أخرته من غير عذر، أما إذا كانت أخرت إلى هذه المدة لعذر فإنه يكفيها القضاء لأنها معذورة في التأخير‏.‏

حُكم مَنْ أخَّرَ القضاء حتى جاء رمضان التالي
- رسالة من امرأة مرضت مع دخول شهر رمضان ولم تتمكن من صيامه وبقيت تتناول أدوية وعلاجات ضرورية إلى أن جاء رمضان آخر، فماذا تفعل مقابل صيام رمضان الأول هل تقضيه بعد صيامها لرمضان الحالي أو تكفر عنه‏؟‏
هذه التي استمر بها المرض والتداوي حتى دخل عليها رمضان وعليها أيام من رمضان الذي قبله، ليس عليها إلا أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد أن ينتهي صيام رمضان الحاضر، وليس عليها إطعام لأنها معذورة بتأخير القضاء إلى ما بعد رمضان آخر حيث لم يأت عليها فترة تستطيع في خلالها أن تقضي ما عليها من الأيام‏.‏

وماذا لو حل رمضان القادم ولم تقدر أيضًا على صيامه يكون عليها شهران‏؟‏
إذا حل عليها رمضان آخر والعذر مستمر فإنها تستمر في الإفطار، فإذا زال عنها المرض واستطاعت أن تصوم فإنها تقضي ما عليها من رمضان السابق ثم بعده ما عليها من رمضان اللاحق بالترتيب، وليس عليها غير القضاء مادامت أنها لم تؤخر وهي تستطيع قضاء الصيام‏.‏

حُكم مَنْ مات قبل أن يقضى ما عليه
مرضت زوجتي في رمضان الماضي بعد أن صامت اثنين وعشرين يومًا وبقي عليها ثمانية أيام، وقد اشتد عليها المرض ولم تستطع إكمالها وتوفيت بعد رمضان بأيام قليلة أفيدونا ماذا نعمل في الأيام المتبقية عليها، ولكم جزيل الشكر‏؟‏
هذه المرأة التي مرضت في شهر رمضان وتركت الصيام لأجل المرض واستمر بها المرض على أن توفيت ليس عليها شيء فيما تركت من صيام لأنها لم تفرط ولم تترك القضاء تفريطًا، وإنما المرض حال بينها وبين الصيام والقضاء فلا شيء عليها في ذلك لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ آية 286‏‏‏]‏‏.‏

توفيت أخت لي تبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة وقد أفطرت في رمضان بعذر ثم صامت ولكنها لم تكمل صيام الأيام التي أفطرتها حيث وافتها المنية قبل إتمامها، وقد صمت عنها ثلاثة أيام مع العلم أنني لم أعلم عدد الأيام التي أفطرتها وكم الأيام التي صامتها، فما رأيكم لو نقصت هذه الأيام التي صمتها عنها أو زادت، ولو نقصت فكيف أفعل وهل صيامي عنها صحيح أخبرونا جزاكم الله خيرًا‏؟‏
إذا كانت أختك أفطرت أيامًا من رمضان بعذر المرض ولم تتمكن من قضائها حتى ماتت فلا شيء عليها، أما إذا كانت قد تمكنت من القضاء وتساهلت فيه حتى جاء رمضان الآخر وماتت قبل قضائها فهذه يكون عليها القضاء واجبًا في ذمتها، وإذا صمت عنها فإن ذلك يبرئ ذمتها عند بعض العلماء، والبعض الآخر يرى أن الواجب الإطعام عن كل يوم مسكينًا، فمن العلماء من يرى أنه لا يصام عن الميت إلا النذر، ومنهم من يرى أنه يصام عنه الواجب عليه بأصل الشرع أيضًا، وعلى كل حال مادمت قد صمت عنها فإنه يرجى إن شاء الله أن ينفعها الله بذلك‏.
وإذا كنت لا تعرف العدد فإنك تقدره وتحتاط‏.‏

حُكم مَنْ أجبر زوجته على الفطر بلا عذر
- أصبت في شهر رمضان الماضي ببعض الآلام ولم أستطع الصيام فأفطرت وأجبرت زوجتي التي كانت مرافقة لي في فترة العلاج أجبرتها على الإفطار أيضًا والآن أود أن أطعم لعدم استطاعتي الصيام فهل يجوز لي ما قمت به اتجاه زوجتي وهل يجزئ عني الإطعام وهل يجوز لي أن أطعم عن زوجتي لأنها مرضعة في الوقت الحاضر‏؟‏
إفطارك أنت لأجل المرض مرخص به فالله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ آية 184‏‏‏]‏، وأمَّا إجبارك لزوجتك على الإفطار فهذا لا أرى له وجهًا، لأنها ليست مريضة وليست مسافرة فليست من أهل الأعذار ولكن مادام حصل الأمر في هذا فأنت أخطأت وعليها أن تقضي هذه الأيام التي أفطرتها وإذا كان أتى عليها رمضان آخر قبل قضائها من غير عذر فإنها مع القضاء تطعم عن كل يوم مسكينًا، وإذا كانت لا تستطيع القضاء في الوقت الحاضر من أجل الإرضاع فإنها تقضي متى تمكنت‏.‏

كيف تقضي المرأة المسلمة شهر رمضان؟
- كيف تقضي المرأة المسلمة شهر رمضان المعظم تأسيًا بنساء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم‏؟‏
تقضي المرأة المسلمة شهر رمضان كأي مسلمة تؤمن بالله وتغتنم مواسم الخيرات في طاعة الله والتقرب إليه، وتعتبر شهر رمضان فرصة العمر، فتشغله بما يليق به من تعظيم واحترام وصلاة وصيام وذكر لله مقتدية بنساء الصحابة وما يفعلنه في هذا الشهر من خلال قراءتها لسيرتهن رضي الله عنهن‏.‏

الضوابط التي يجب أن تلتزم بها نساء المسلمين في رمضان
- ما الضوابط التي يجب أن تلتزم بها نساء المسلمين في هذا الشهر الكريم‏؟‏
الضوابط التي يجب أن تلتزم بها النساء المسلمات في هذا الشهر الكريم هي‏:‏
1- أداء الصيام فيه على الوجه الأكمل باعتباره أحد أركان الإسلام، وإذا طرأ عليها ما يمنع الصيام من حيض أو نفاس، أو ما يشق عليها معه الصيام من مرض أو سفر أو حمل أو رضاع، فإنها تفطر مع وجود أحد هذه الأعذار مع عزمها على قضائها من أيام أخر‏.‏
2- ملازمة ذكر الله من تلاوة قرآن وتسبيح وتهليل وتحميد وتكبير وأداء الصلوات المفروضة في أوقاتها، والإكثار من صلوات النوافل في غير أوقات النهي‏.‏
3- حفظ اللسان عن الكلام المحرم من غيبة ونميمة وقول زور وشتم وسب، وغض البصر عن النظر المحرم فيما يعرض من الأفلام الخليعة والصور الماجنة والنظر إلى الرجال بشهوة‏.‏
4- البقاء في البيوت وعدم الخروج منها إلا لحاجة مع التستر والحشمة والحياء، وعدم مخالطة الرجال والكلام المريب معهم مباشرة أو بواسطة الهاتف، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا‏}‏ ‏[‏سورة الأحزاب‏:‏ آية 32‏‏‏]‏، فإن بعض النساء أو كثيرًا منهن يخالفن الآداب الشرعية في رمضان وغيره، حيث يخرجن إلى الأسواق التجارية بكامل زينتهن متطيبات وغير متسترات كما ينبغي، فيمازحن أصحاب المحلات، ويكشفن عن وجوههن أو يضعن عليها غطاء غير ساتر، ويكشفن عن أذرعهن، وهذا محرم ومدعاة للفتنة وإثمه في رمضان أشد لحرمة الشهر‏.‏

حُكم قضاء رمضان أمام التلفاز والدش
- المرأة المسلمة الآن تقضي رمضان ما بين السهر أمام التلفاز أو الفيديو أو (الدش) وما بين الأسواق والنوم، بماذا تنصح هذه المسلمة‏؟‏
المشروع للمسلم رجلاً كان أو امرأة احترام شهر رمضان، وشغله بالطاعات، وتجنب المعاصي والسيئات في كل وقت وفي رمضان آكد لحرمة الزمان، والسهر لمشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تعرض في التلفاز أو الفيديو أو بواسطة الدش أو استماع الملاهي والأغاني كل ذلك محرم ومعصية في رمضان وفي غيره، لكنه في رمضان أشد إثمًا‏.‏
وإذا انضاف إلى هذا السهر المحرم إضاعة الواجبات والنوم في النهار عن أداء الصلوات فهذه معاصٍ أخر، وهكذا المعاصي يجر بعضها بعضًا ويدعو بعضها إلى بعض، نسأل الله العافية‏.‏
وخروج النساء إلى الأسواق محرم إلا إذا دعت حاجة إلى الخروج، فإنها تخرج بقدر الحاجة بشرط أن تكون متسترة ومحتشمة ومتجنبة للاختلاط بالرجال أو التحدث معهم إلا بقدر الحاجة ومن غير فتنة، وبشرط ألا يطول وقت خروجها بالليل فيسبب لها النوم عن الصلاة في وقتها، أو تضيع بسببه حقًّا من حقوق زوجها أو أولادها‏.‏

الوسائل التي تُعين المرء على الطاعات في شهر رمضان
- ما أهم الوسائل التي تعين المرأة على الطاعات في شهر رمضان‏؟‏
الوسائل التي تُعين المسلم رجلاً كان أو امرأة على الطاعات في رمضان هي‏:‏
1- مخافة الله سبحانه وتعالى، واعتقاد أنه مطلع على العبد في جميع أفعاله وأقواله ونياته، وأنه سيحاسبه على ذلك، فإذا شعر المسلم بهذا الشعور اشتغل بالطاعات وترك السيئات، وبادر بالتوبة من المعاصي‏.‏
2- الإكثار من ذكر الله وتلاوة القرآن، لأن ذلك يلين القلب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ‏}‏ ‏[‏سورة الرعد‏:‏ آية 28‏‏‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ‏}‏ ‏[‏سورة الأنفال‏:‏ آية 2‏‏‏]‏‏.‏
3- تجنب الصوارف التي تقسي القلب وتبعده عن الله، وهي جميع المعاصي، ومخالطة الأشرار وأكل الحرام، والغفلة عن ذكر الله عز وجل، ومشاهدة الأفلام الفاسدة‏.‏
4- بقاء المرأة في بيتها، وعدم خروجها منه إلا لحاجة مع سرعة الرجوع إليه إذا انقضت الحاجة‏.‏
5- النوم بالليل، لأنه يعين على القيام مبكرًا من آخر الليل، ويخفف النوم بالنهار حتى يتمكن من أداء الصلوات في مواقيته، ويستغل وقته بالطاعات‏.‏
6- حفظ اللسان من الغيبة والنميمة وقول الزور والكلام المحرم، وشغله بالذكر‏.‏

حُكم قضاء ليل رمضان في التَّسوّق
- نشاهد الأسواق والمحلات التجارية تفتح أبوابها إلى ساعة متأخرة من الليل في شهر رمضان تستقبل بعض المسلمين والمسلمات مما يضطرهم لنوم نهار رمضان كله، ما حُكم ذلك‏؟‏
أصحاب المحلات التجارية يجب عليهم المحافظة على طاعة الله ومشاركة المسلمين في مواسم الخيرات في رمضان وغيره وألا يضيعوا كل الوقت بالبيع والشراء وفتح محلاتهم، يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ‏}‏ ‏[‏سورة المنافقون‏:‏ آية 9‏‏‏]‏، ويقول تعالى‏:‏ ‏{‏لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ‏}‏ ‏[‏سورة النور‏:‏ آية 37‏‏‏]‏، ثم في فتحهم محلاتهم معظم الوقت إغراء للآخرين على السهر والتجوال وتعريض للفتنة بين الرجال والنساء، فيكون عليهم إثم في ذلك، لأنهم السبب، والواجب على ولاة الأمور –وفقهم الله– تحديد الوقت المناسب لفتح المحلات الذي لا يتعارض مع أداء الطاعات، ولا يكون سببًا يعرض الناس للفتن، وإضاعة الأوقات الثمينة‏.‏

حُكم مَنْ أراد تأخير قضاء ما عليه من أيام أفطرها
ـ امرأة تقول لقد مرضت في منتصف شهر رمضان فذهبت إلى الطبيب وأمرني بالإفطار لأن حالتي تستوجب الإفطار لذلك أفطرت يومين بعد أن تحسنت حالتي الصحية وأتممت صيام شهر رمضان أي لم أفطر سوى هذين اليومين وقررت صيامهما فيما بعد ولكنني لم أصمهما بعد شهر رمضان مباشرة بل إنني صمت ستة أيام من شوال وبعد ذلك أريد صوم يوم عرفة وصوم يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد كل هذا أصوم اليومين اللذين لم أصمهما في رمضان فهل هذا جائز فإذا لم يكن جائز فما هو العمل الواجب علي‏؟‏
أولاً: ننبه أنّ صوم يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له أصل في الشرع فصيامه ابتداع لا يجوز لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم ذلك اليوم ولا عن أحَدٍ من الصحابة فهو بدعة أمَّا صيام أيام التطوع كستّ من شوال ويوم عرفة فهذا لا يكون إلا بعد أداء القضاء الذي عليكِ من رمضان فالواجب أن تبدئي بقضاء ما عليكِ من رمضان ثم بعد ذلك تصومين مِمَّا ثبت صيامه تطوعًا ما شئتِ‏.‏

حُكم القُبلة للصائم
ـ لقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل وهو صائم هل القبلة هنا حُكمها عام للشيخ والشاب أم أنها خاصة للشيخ فقط وما المقصود بالحديث بارك الله فيكم‏.‏
نعم الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُقَبِّلُ وهو صائم والمُرَادُ بالقبلة معروف والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّلُ وهو صائم لأنه كان عليه الصلاة والسلام مالكًا لإربه وعارفًا بأحكام صيامه عليه الصلاة والسلام وما يؤثر عليه وما يفسده أمَّا غيره من الناس فإنهم لا ينبغي لهم الإقدام على القُبلة لأن ذلك مدعاة لأن يحصل منهم ما يفسد الصوم مع جهلهم وضعف إيمانهم وعدم ضبطهم لأنفسهم فالأحسن للمسلم أن يتجنب ما يثير شهوته وما يخشى منه إفساد صيامه أمَّا النبي صلى الله عليه وسلم فكان يفعل ذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان ضابطًا لنفسه وكان عليه الصلاة والسلام أتقى الناس لله وأخشاهم لله عليه الصلاة والسلام وهو أدرى بما يحفظ صيامه عليه الصلاة والسلام فغير الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لا يأمن نفسه ينبغي له أن يبتعد عن هذه الأمور في أثناء الصيام‏.‏

ما حُكم تقبيل الزوجة بدون شهوة في حال الصوم أو في حال الطهارة وهل ينتقض الوضوء بسبب القبلة‏؟‏
إذا قَبَّلَ الرجلُ زوجته بدون شهوة في أثناء الصوم أو بعد الطهارة ولم يخرج منه شيء فإن ذلك لا يخل بصيامه ولا بطهارته فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّلُ بعض أزواجه وهو صائم ويُقَبِّلُ وهو متوضئ لما كان مالكًا لإربه (15)‏ فدل ذلك على الجواز في هذه الحالة - أمَّا الذي يخشى من ثوران شهوته فإنه لا يُقَبِّلُ في هاتين الحالتين خشية أن يخرج منه شيء يُخِلُّ بصيامه أو طهارته والله أعلم‏.‏
 
حُكم تذوق الطعام للصائم
ـ تذوق الطعام من قبل المرأة وغيره هل يفسد الصوم وما حُكم مضغ العلك للصائم أفيدوني جزاكم الله خيرًا‏؟‏
لا بأس بذوق الطعام بالفم ولا يبتلع شيئًا منه فيذوقه في فمه ويلفظه ولا يبتلع شيئًا من ذلك فإن ابتلع شيئًا من ذلك متعمدًا فسد صيامه والفم له حُكم الخارج وليس هو من الجوف ولا يؤثر هذا على صيامه كما أنه يتمضمض للوضوء والطهارة ولا يؤثر هذا على صيامه بشرط أن يمج الماء أي يلفظ الماء من فمه كذلك ذوق الطعام يلفظه ولا يبتلعه والعلك يكره للصائم‏.
وهو على نوعين‏:‏
العلك الذي يتحلل ويتفتت في الفم هذا لا يجوز لأنه يتسرب إلى الحلق ويفسد الصيام أما العلك القوي الذي لا يتحلل ولا يتفتت في الفم ولا يذوب فهذا يكره للصائم‏.‏

حول حديث: (‏لا يجوز لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)
ـ ما مدى صحة هذا الحديث وما معناه وهل هو صحيح بهذا اللفظ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يجوز لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه)، وإذا استأذنت الزوجة زوجها فلم يأذن لها بالصيام فهل تطيعه وفي الحديث: ‏(‏لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)‏ أم أنه خاص بصيام التطوع وإن لم يأذن لها في صيام التطوع ثم صامته فهل عليها شيء‏؟‏
الحديث الذي أشار السائل إلى معناه حديث صحيح ولفظه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد -يعني حاضر- إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه‏)‏ (11) وغيرهما فلزوجها أن يمنعها من صيام النفل وله أن يمنعها من صيام القضاء المُوسَّعُ ‏"‏إذا كان عليها أيام من رمضان والوقت طويل ما بين الرمضانين فله أن يمنعها من صيام القضاء‏"،‏ فإذا ضاق الوقت ولم يبق إلا قدر الأيام التي عليها فليس له أن يمنعها لأن عائشة رضي الله عنها كان يكون عليها القضاء من رمضان فلا تقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حُكم مَنْ صامت أثناء الحيض
ـ فتاة أتتها العادة الشهرية لأول مرة في شهر رمضان لكنها لم تفطر بل بقيت صائمة وقد مضى على ذلك عامان ولم تقض تلك الأيام‏.
فماذا عليها الآن‏؟‏
يجب عليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى لأن هذا يدل على التساهل ويجب عليها مع التوبة إلى الله عز وجل أمران‏:‏
الأمر الأول‏:‏ أن تقضي هذه الأيام التي صامتها وقت الحيض لأن صيامها في وقت الحيض لا يجوز ولا يجزئ‏.‏
الأمر الثاني‏:‏ أن تطعم عن كل يوم مسكينًا عن التأخير الذي أخرته من غير عذر، لأن من كان عليه أيام من رمضان يجب عليه أن يقضيهما قبل رمضان الآخر مع الإمكان فإذا جاء رمضان الآخر ولم يقضه فإنه يقضيها بعده وإذا كان غير معذور في التأخير فعليه إطعام مع القضاء كما ذكرنا ومقدار الإطعام نصف صاع عن كل يوم‏.‏

حُكم مَنْ أُكرهت على الجماع فى نهار رمضان
ـ إذا أكرهت المرأة من الرجل في الجماع في شهر رمضان هل تجب عليها كفارة أم لا‏.
وما رأيكم فيمَنْ قال أنه لا كفارة على المرأة مطلقًا لا في حالة الاختيار ولا في حالة الإكراه وإنما يلزمه القضاء فقط‏.
أفيدونا بالتفصيل بارك الله فيكم‏.‏
من المعلوم أن الجماع من مفسدات الصوم بالإجماع وأنه يجب فيه الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا‏.‏
أمَّا إذا أكرهت المرأة على الجماع بأن أكرهها زوجها إكراهًا لا تستطيع التخلص منه وجامعها وهي صائمة فليس عليها كفارة وإنما عليها القضاء فقط، وتكون كفارتها عليه هو فيجب عليه كفارتان‏.
كفارة عنه وكفارة عن زوجته التي أكرهها ويجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ويجب عليه قضاء ذلك اليوم‏.
فيجب عليه ثلاثة أمور‏:‏
أولاً‏:‏ التوبة إلى الله والندم على ما حصل فيه‏.‏‏.‏‏. التوبة المستوفية لشروطها‏.‏
ثانيًا‏:‏ قضاء هذا اليوم الذي جامع فيه‏.‏
ثالثًا‏:‏ الكفارتان عنه وعن زوجته التي أكرهها‏.‏

حُكم صيام المرأة وزوجها شاهد
ـ هل يلزم المرأة أن تأخذ إذنًا من زوجها أثناء صيام التطوع وما حُكم هذا الصيام‏؟‏
نعم‏.
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعًا وزوجها شاهد إلا بإذنه لأن له عليه حق العشرة والاستمتاع فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه فلا يجوز لها ذلك ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه‏.‏

حُكم طهر الحائض أثناء النهار
ـ إذا قدم المسافر أو طهرت الحائض في أثناء النهار فماذا عليهم أن يفعلوا‏؟‏
نعم‏.
إذا كان الإنسان أفطر لعذر من الأعذار كالسفر والمرض أو المرأة أفطرت من أجل الحيض والنفاس ثم زالت هذه الأعذار في أثناء النهار فإن الواجب أن يمسكوا بقية يومهم وأن يقضوا هذا اليوم من يوم آخر فيمسكوا بقية اليوم احترامًا للوقت وعليهم القضاء لأنه مضى وقت من اليوم لم يصوموا فيه‏.‏‏.‏‏. وكذلك الصغير لو بلغ في أثناء النهار أيضًا فإنه يمسك بقية اليم ويقضي هذا اليوم من يوم آخر‏.‏
 
حُكم قطرة العين والكحل للصائم
هل التكحل وقطرة العين ووضع الطيب على الثياب يؤثر على الصائم‏.
وما هي الأشياء التي يجب أن يبتعد عنها الصائم حتى لا تؤثر على صيامه‏؟‏ أفيدوني بارك الله فيكم‏.‏
الذي يوضع في العين من قطور أو ذرور أو كحل إذا وجد طعمه في حلقه فإنه يفطر بذلك لأن العين منفذ فإذا وصل هذا الذي وضعه فيها من سائل أو جامد ووصل طعمه إلى حلقه وأحس بطعمه وكان متعمدًا لوضعه في عينه فإنه حينئذ يكون قد أثر على صيامه لأنه يشبه ما لو أكل شيئًا أو شرب شيئًا ووصل إلى حلقه فلا ينبغي للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر وإذا كان معتادًا الاكتحال أو معتادًا لمداواة العين فليجعل ذلك في الليل أما نهار الصيام فإنه يتجنب هذه الأشياء حفاظًا على صيامه من المؤثرات‏.‏
يجب أن يبتعد عن أشياء كثيرة منها أشياء تفسد صيامه ومنها أشياء تنقص ثوابه أو تبطل ثوابه ولا تفسد الصيام‏.
أمَّا التي تفسد الصيام ويلزمه القضاء فيها فمثل الأكل والشرب متعمدًا ومثل الجماع وكذلك ما في حُكم الأكل والشرب من تعاطي الأدوية والإبر التي تصل إلى جوفه وتسير في عروقه فإن هذا في حُكم الأكل والشرب يفسد صيامه كذلك التقيؤ والاستفراغ متعمدًا يفسد الصيام واستخراج الدم الكثير بالحجامة أو الفصد أو سحب الدم للتبرع به أو لإسعاف مريض فهذا أيضًا مما يفسد الصيام ويلزم القضاء لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ في الحجامة‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ (12) فهذه أمور إذا تعاطاها الإنسان فإنها تفسد صيامه ويلزمه قضاء ذلك اليوم الذي أفسده بها‏.
وهناك أشياء محرمة على الصائم وتنقص ثوابه أو تبطل ثوابه لكنه لا يؤمر بالقضاء مثل الغيبة والنميمة وقول الزور والشتم والكذب وغير ذلك من الأمور المحرمة وكذلك النظر المحرم واستماع الأشياء المحرمة كاستماع الملاهي والأغاني المزامير وغير ذلك كل هذا مما يؤثر على الصائم ولكنه لا يؤمر بالقضاء لأن هذه المفطرات معنوية وليست مفطرات حسية‏.‏

ـ هل الكحل في العينين أو الصابون أو القطرات الطبية أثناء الصيام تؤثر على صحته أم لا‏؟‏
بالنسبة للصابون ليس هناك مانع لاستعمال الصابون في الغسيل لثيابه أو ليديه أو لجسمه لا مانع من استعمال الصابون للغسيل والتنظيف به ولا يكون في الفم لأنه ربما تسرب إلى حلقه وإن تمضمض به مثلاً تمضمضًا خفيفًا وتحفظ من ذهابه إلى حلقه فلا مانع من ذلك إلا إن وجد طعمه في حلقه فهذا فيه خطورة فالأحسن لا يدخل الصابون في فمه وأن يتنظف به خارج الفم وأما بالنسبة للقطرة والأشياء السائلة فلا يجوز تقطيرها في العين ولا في الأنف ولا في الأذن لأن هذه منافذ تسيل إلى الحلق ويجد طعمها في حلقه فلا يجوز استعمال القطرة للصائم وإنما يستعملها في الليل كذلك الكحل في العين لأن الكحل أيضًا يتسرب طعمه إلى الحلق والصائم لا ينبغي له أن يتهاون بأمر الصيام ويتعاطى أشياء تؤثر على صيامه وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الكحل يفطر الصائم وكذلك التقطير في العين والأنف والأذن فالمسألة فيها خطورة فالصائم يجب عليه أن يحافظ على صيامه وأن يبتعد عن المؤثرات والدخول في مشاكل هو في غنى عنها وعند الليل أباح الله تعالى فيه ما يحتاج الإنسان إليه من أكل وشرب وتداو وغير ذلك‏.‏

حُكم الفطر للامتحانات
سائلة تقول‏:‏ هي فتاة في العشرين من عمرها وخلال شهر رمضان المبارك في العام الماضي أفطرت خمسة أيام بسبب الحيض وأفطرت أيضًا خمسة أيام أخرى وذلك بسبب الامتحانات في الجامعة حيث أن الجو حار جدًا وصادف أيام الامتحانات فقامت بالإفطار في آخر أيام الامتحانات حتى تستطيع التركيز والمذاكرة وتقوم أنها كانت تتعب من الصوم والمذاكرة والامتحانات معًا لهذا أفطرت وهذه الأيام العشرة التي عليها لم تقضها حيث أنها ضعيفة الجسم تقول وعلى كل حال الحمد لله فأنا أتحسن شيئًا فشيئًا الآن لكنني قمت بتوزيع مبلغ وقدره نصف دينار عن كل يوم للمساكين ومقداره بالريال السعودي خمس ريالات تقريبًا المهم أنني أنهيت العشرة الأيام من التوزيع وسؤالي هل يجب عليَّ القضاء أيضًا بعدما قمت به من إطعام عن كل يوم مسكينًا أم أن الأمر انتهى إلى هذا الحد أفيدوني أفادكم الله‏؟‏
أولاً إفطار المرأة في أيام الحيض واجب يحرم عليها الصيام في هذه الحالة فهي تفطر في حال الحيض ويجب عليها القضاء من أيام أخر فإفطارك أيتها السائلة الخمسة الأيام في وقت العادة أمر مشروع ويلزمك القضاء عن هذه الخمسة في أيام أخر‏.
أما إفطارك الخمسة الأخرى من أجل المذاكرة والدراسة فهذا خطأ كبير لأن الدراسة أو المذاكرة ليست عذرًا يبيح الإفطار لأن الإفطار في رمضان إنما يباح للمسافر ويباح للمريض ويباح لكبير السن الذي لا يستطيع الصيام ويباح للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما وأنت لست من هؤلاء المعذورين فإفطارك لأجل المذاكرة أو لأجل الدراسة أو الامتحانات خطأ كبير فعلى المسلم أن يصوم ولو كان يعمل ويشتغل مادام مقيمًا صحيحًا فإنه يجب عليه الصيام ولو كان يشتغل بأي عمل من الأعمال‏.
لأن الأعمال ليست عذرًا في الإفطار ومازال المسلمون يعملون منذ فرض الله الصيام ويصومون وما كانوا يتركون الصيام من أجل العمل ولكن يجب على ولاة المسلمين والقائمين على التعليم أن يراعوا ظروف الصيام وأن لا يجعلوا الامتحانات في رمضان أو في أيام الصيام وإذا صادفت الامتحانات رمضان فليجعلوها في الليل أو في أول النهار ولا يحرجوا الطلاب في وقت الحر بل عليهم أن يخففوا عنهم وأن يجعلوا الامتحان في وقت مناسب مراعاة للشعائر الدينية لأن الصيام مقدم على غيره لأنه ركن من أركان الإسلام يجب المحافظة عليه وحساب وقته المناسب أما ما ذكرت السائلة من تقديم الصدقة والدراهم لتقوم مقام القضاء فهذا خطأ لأن الإطعام إنما يشرع في حق من لا يستطيع القضاء إما لزمانة مرض وإما لهرم وكبر سن أما الذي ينتظر الشفاء وينتظر الاستطاعة فهذا يؤخر القضاء حتى يستطيع ولا يطعم لأنه لم ييأس من القضاء فما قدمته السائلة من الإطعام أو الصدقة في غير محله ويجب عليك قضاء الخمسة الأيام التي أفطرتِها للحيض وخمسة الأيام التي أفطرتِها خطأ من أجل المذاكرة والامتحان وقد استطعت والحمد لله وذهب عنك المرض فعليك بالمبادرة بالقضاء وعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم بمقدار نصف صاع من الطعام عن تأخير القضاء‏.‏

حُكم التتابع في صيام كفارة اليمين
سائلة تقول‏:‏ كان عليّ صيام أيام كفارة يمين فسألت إحدى أخواتي المسلمات والتي أثق بها لأنها على درجة من العلم فسألتها إن كان الصوم متتابعًا أو متفرقًا فقالت لي لا يشترط التتابع فصمتها متفرقة ولكن سمعت من برنامجكم ومن أحد العلماء الكرام إنه يشترط التتابع فرجعت إليها فأخرجت لي في تفسير ابن كثير قول مالك فيه بأنه لا يشترط التتابع فهل عليَّ شيء‏.
وما هو القول الصحيح في هذا‏؟‏
كما ذكرتِ المسألة فيه خلاف بين أهل العلم هل يجب التتابع في صيام كفارة اليمين أو لا يجب ولكن الراجح ما ذهب إليه الإمام أحمد وأبو حنيفة والشافعي في حد قوليه في أنه يجب التتابع لأنه قُرئ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ‏}‏ ‏ فتكون هذا القراءة نصًا على وجوب التتابع والله أعلم‏.‏
سائلة تقول‏:‏ سمعت من برنامجكم الكريم وفي رد على أحد الأسئلة بأن الإطعام يجب أن لا يكون لمسكين واحد بل كل يوم مسكين غير الآخر وفي رد آخر لإحدى السائلات التي كان عليه قضاء صيام أيام قبل سنوات لأنها كانت نفساء وحاملاً‏.
قال أحد العلماء لها بأنها إن لم يكن لها عذر فإنها تقضي وتطعم ولو جمعتها كلها وأعطتها لمسكين واحد فإن لها ذلك وتقول إن عليها قضاء منذ سنوات حيث لم تكن تقضي أيام الحيض‏.
فجمعت مقدار الإطعام وأعطته لمسكين واحد فتقول والله يعلم إن نيتي لم تكن البحث عن حُكم الأسهل ولكن لتعذر وجود مساكين فأعطيته لمسكين واحد فهل عليّ شيء في ذلك‏.‏
لا أعلم في هذه المسألة أنه يجب تعدد المساكين في الإطعام للقضاء عن الصيام إذا تأخر عن وقته والله جل وعلا يقول‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ آية 184‏]‏‏.
ومادام أنها قد أخرجت الإطعام وأعطته لمسكين واحد فإنه يكون مجزئًا إن شاء الله‏.‏