عون الرحمن في وسائل استثمار رمضان (28)
مـحـمــــــــود الـعـشــــــــــــــري
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الوسيلة الخامسة والأربعون: غسل الميت وتكفينه والستر عليه Ia_aya15
الوسيلة الخامسة والأربعون: غسل الميت وتكفينه والستر عليه
ففي الحديث المرفوع الذي رواه الطبرانيُّ وحسَّنه الألباني، قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَن غسَّل ميتًا فسترَه، سترَه الله من الذُّنوب، ومن كفَّنَه كساه الله من السُّندس))، وهذا الإكساء من السندس يفيد دخول الجنة.

وأخرج الحاكم في "المستدرَك" وصحَّحه الألباني، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((مَن غسَّل ميتًا فكتم عليه، غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتًا كساه الله من السندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبرًا فأجنَّه فيه، أُجريَ له من الأجر كأجر مَسكنٍ أُسكِنَه إلى يوم القيامة)).

قال الشيخ العثيمين:
"والذي يُرى من الميت من المكروهات نوعان: الأوَّل: ما يتعلق بحاله، والثاني: ما يتعلق بجسده، فأمَّا الأول: فلو رأى مثلاً من الميت تغيُّرَ وجهه، واسودَّ وقبح، فهذا -والعياذ بالله- دليلٌ على سوء خاتمته -نسأل الله العافية- فلا يحلُّ له أن يقول للناس: إنِّي رأيتُ هذا الرجل على هذه الصفة؛ لأن هذا كشفٌ لعيوبه، والرَّجل قَدم على ربِّه، وسوف يجازيه بما يستحقُّ من عدلٍ أو فضل.

والثاني: مما يتعلَّق بجسده؛ كأن يرى بجسده عيبًا؛ كأن يرى برَصًا، أو سوادًا خلقيًّا، أو غير ذلك مما يَكره الإنسان أن يطَّلِع عليه غيره، فهذا أيضًا لا يجوز له أن يكشفه للناس ويقول: رأيت فيه كذا وكذا.

ولهذا قال العلماء:
يجب على الغاسل أن يستر ما رآه إن لم يكن حسنًا، أمَّا إذا رأى خيرًا بالميت، ورأى استنارةَ وجهه، أو رآه يبتسم، فهذا خير، ولْيُخبِر به النَّاس؛ لأنه يجعل النَّاس يثنون عليه خيرًا، ولا بأس به، ولا يعد هذا من الرِّياء أو ما أشبه ذلك، بل يعدُّ هذا من عاجل بشرى المؤمن؛ لأنَّ المؤمن قد يكون له مبشِّرات، ومن هذا مثلاً أنه يُرى بعد موته على حالة حسنة، وكذلك يرى الرؤيا الحسنة لنفسه، أو يراها غيره، كل هذه من المبشرات التي تبشِّر بالخير؛ ولهذا قال العلماء: يكره لغير المعين في غسله أن يَحْضر غسله، حتَّى ولو كان قريبًا له؛ لأنَّه ربما يرى ما يكره، فيكون في ذلك إساءة إلى الميت، والله الموفق".

قلت:
بالنسبة لكون تغيُّر وجه الميت من علامات سوء الخاتمة؛ قال الدكتور/ ياسر برهامي: لا أعلم دليلاً على أن تغيُّر وجه الميت من علامات سوء الخاتمة، وقد يكون تغير الوجه باحتقانٍ وزُرْقة بسبب بعض الأمراض كهبوط القلب الاحتقاني، وأحيانًا الصعق الكهربي، ويكون بياض الوجه بسبب بعض الأمراض أيضًا؛ كنقص الحديد في الدم، وقد رأيت بعض الكُفَّار الموتى وقد ابيضَّت وجوهُهم لونًا، أو نقول بالأحرى: أصبحت باهتة بسبب أمراضهم، كما رأيت بعض المسلمين الذين يظنُّ صلاحهم وقد تغيَّرَت وجوههم، فالله أعلم، ومردُّ علم الخاتمة إلى الله -عزَّ وجلَّ- ومن قال شيئًا من ذلك كعلامةٍ على الخاتمة، فعليه الدليل من الكتاب والسُّنَّة، وليس فقط من كلام المشايخ.

تنبيه:
الحديث الذي عند ابن ماجه مرفوعًا: ((مَن غسَّل ميتًا وكفَّنه وحنَّطه وحمله، وصلَّى عليه، ولم يُفْشِ عليه ما رأى، خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمُّه)) قال الألباني: ضعيف جدًّا، فاحذر.
-----------------------------------------------------