يرفض التصادمات الطائفية‏
ألوان من التسامح في الإسلام
رياض توفيق
ألوان من التسامح في الإسلام Ocia1440
مازالت بعض تصدامات عنصري الدولة من أقباط ومسلمين تثير مخاوف وقلق الوطن‏..‏وتحرك في وجدان حكمائه الرفض القاطع لأي سلوك يخالف مبدأ التسامح الذي انفرد الإسلام بإقراره وغرسه في نفوس المسلمين والذي يؤكد المؤرخون الغربيون أنفسهم أنه من ابتكار الإسلام الذي احترم آدمية الإنسان وحريته الكاملة في اعتناق الأديان وان يبقي كل إنسان حرا في اعتناق الأديان دون تدخل أو فرض أي عقيدة عليه.. ولم يحدث في تاريخ الإسلام بشهادة المؤرخ المستشرق توماس أرنولد صاحب كتاب الدعوة إلي الإسلام ان جماعة مسلمة حاولت ان تجبر جماعة او فئة علي الدخول في الإسلام كرهاً لأن الإسلام نفسه يرفض الإيمان به إلا إذا كان عن طواعية واختيار.

هذا هو أول مبادئ التسامح الذي اقره الإسلام.

وفي الإسلام اقرار واضح بالتعددية كما يشرح د. أيمن مصطفي أستاذ الشريعة بالأزهر: "لا إكراه في الدين قد تبيَّن الرُّشْدُ من الغي", ثم قوله تعالي: "ولو شاء ربك لآمن من الأرض كلهم جميعًا أفأنت تُكْرِهُ النَّاسَ حتي يكونوا مؤمنين".

وحفظ الدين الحنيف للإنسان حقه كاملاً في إقامة شعائره وليس مثلما يحدث الآن في دول مثل فرنسا أمِّ الحريات التي تفرض علي الغاليات المسلمات ان يخلعن الحجاب وهو فرض ديني علي المسلمة في حين ان العلمانية نفسها الأصل فيها المُحايدة تجاه الدين والإسلام يسمح لكل إنسان بان يُمارس تعاليم دينه فيسمح لليهودي بألا يعمل يوم السبت.

ويسمح لغير المسلم بان يشرب الخمر ويأكل طعام الخنزير.. بل وألزمت المسلم ان يغرم ثمن الخمر أو لحم الخنزير لغير المسلم إذا اتلفها, ويذهب الإسلام في تسامحه العظيم إلي حد السماح للمسلم ان يتزوج بغير المسلمة إذا كانت كتابية.

وقرر حقوق الجار كاملة حتي ولو كان غير مسلم.

وإذا كانت بلادنا تشهد هذه الأيام حِدَّةً في الحوار بين طرفي الأمَّة واشتعال الحوار في بعض الأحيان يهدد الوطن فإن ذلك مخالف تماماً لتعليمات الإسلام الذي أمر أن يكون الحوار مع غير المسلم بالحُسني لقوله تعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة, وجادلهم بالتي هي أحسن".

ثم يُكَرِّرُ الكتاب الكريم: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم.. وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم, وإلهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون".
ولكن مامعني بالتي هي أحسن؟

يجيب أستاذ الشريعة:
أن نحاور غير المسلمين بالطريقة التي هي أحسن.. فإذا كانت هناك طريقتان للحوار فيجب محاورتهم بالأحسن.. وأحسن الطرق لتقريب القلوب.. وعند المُجادلة هناك نقاط خلاف يجب تجنبها عند الحوار والاقتراب من النقاط الجامعة بينكم وبينهم.. إننا جميعاً نؤمن بالألوهية والآخرة ونؤمن بالقيم الأخلاقية ونقف ضد الإلحاد والإباحية والظلم ويجب عدم الاقتراب منها فنحن موحدون وأنتم مثلثون ولا داعي لذكر هذا أثناء الحوار, بالتي هي أحسن أي اذكروا الجوامع ولا تذكروا المفرقات.

ـ وأغرب ما تشهده بلادنا الآن هو التصعب.. كل طائفة تتعصَّب لدينها وتعتبر الأديان الأخري باطلة! في حين ان اختلاف الأديان هو ترتيب ومشيئة إلاهية: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم", ويُفسّر المُفسّرون قوله تعالي: "ولذلك خلقهم" أن الخالق سبحانه خلقهم ومنحهم حرية العقل وحرية الإرادة ولذلك يختلفون.. فلابد أن يختلف الناس وهذا واقع من ترتيب القدرة الإلاهية: "ولو شاء ربك لآمن مَنْ في الأرض كلهم جميعًا".

ـ ولأن اختلاف الأديان هي مشيئة إلاهية فقد نزلت آيات عديدة تنظم العلاقة بين المسلم وغيره من الأديان فكان أن أمر بالعدل بين الناس -مسلمين أو غير مسلمين- حتي أن نزلت تسع آيات في القرآن الكريم للدفاع عن يهودي اتهم ظلماً بالسرقة..

كما أن الإسلام أمر بالبر لغير المسلمين وهنا قوله تعالي: "لاينهاكم اللهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم * إن اللهَ يُحِبُّ المُقسطين".

ـ والآن هل آن الأوان لتعمَّ رُوحُ التسامح التي قرَّرها الإسلام بين طوائف الأمَّة؟

رياض توفيق
المصدر: موقع بيان الإسلام
الرابط:
http://bayanelislam.net/