لا تقربوا - [27] النميمة
لا تقربوا - [27] النميمة  Oc11
معنى النميمة: نقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء، فالنم خلق ذميم؛ لأنه باعث للفتن وقاطع للصلات، وزارع للحقد ومفرق للجماعات.

قال الله تعالى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم:11].

قال أهل التفسير:
نزلت في الوليد بن المغيرة، وقال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4]، قيل إنها نمامة حمالة للحديث.

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمَّام» [صحيح مسلم: 105].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبرين فقال: «إنهما يُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير: أمَّا أحدُهما فكان يمشي بالنَّميمة، وأمَّا الآخر فكان لا يستتر من بوله» [صحيح مسلم: 292].

قال بعض العلماء:
"وما يعذبان في كبير" أي: كبير في زعمهما وقيل كبير تركه عليهما.

وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العنت» [السلسلة الصحيحة: 2849].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس".

معنى النميمة والباعث عليها:
ومعنى النميمة:
نقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء، فالنَّمُّ خُلُقٌ ذميمٌ؛ لأنه باعثٌ للفتن وقاطعٌ للصّلات، وزارعٌ للحقد ومُفَرّقٌ للجماعات، يجعل الصديقين عدوين والأخوين أجنبيين، فالنَّمام يصير كالذباب ينقل الجراثيم، والنَّميمة اسم يطلق على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول: فلان كان يتكلم فيك بكذا، وكذا، وليست النميمة مختصة به، بل حدها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو كرهه ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو بالكتاب أو بالرمز أو بالإيماء، فكل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره فينبغي أن يسكت عنه إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية.

أمَّا الباعث على النميمة:
إمَّا إرادة السُّوء للمحكي عنه، أو إظهار الحُبِّ للمحكي له، أو التفرج بالحديث والخوض في النقول والباطل.

الواجب على مَنْ نُقِلَتْ إليه النَّميمة:
ومَنْ نُقلت إليه النَّميمة عليه ستة أمُور:
1- أن لا يصدق النمام؛ لأن النمام فاسق، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6].

2- ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله.

3- يبغضه في الله فإنه بغيض عند الله.

4- لا تظن بأخيك الغائب سوءًا لقوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].

5- لا يحملك ما حكى على التجسس والبحث للتحقق منه لقوله عز وجل: {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].

6- لا ترض لنفسك ما نهيت النمام عنه، ولا تحكِ نميمته فتكون نمامـًا ومغتابـًا، فليتق الله ذوو الألسنة الحداد، ولا ينطقوا إلا بما فيه الخير لخلق الله.

ويكفيهم في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» [صحيح مسلم: 47].

الآثار في ذم الغيبة:
قال الحسن: من نم إليك نم عليك.

قال رجل لعمرو بن عبيد:
إن الأسوارى ما يزال يذكرك في قصصه بشر، فقال عمرو: يا هذا ما راعيت حق مجالسة الرجل؛ حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقِّي حين أعلمتني عن أخي ما أكره ولكن أعلمه: أن الموتَ يَعُمُّنا، والقبر يَضُمُّنَا، والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.

وروى أن سليمان بن عبد الملك كان جالسـًا وعنده الزهري فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنك وقعت فيَّ وقلت كذا وكذا وكذا، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت، فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقـًا، فقال سليمان: صدقت، ثم قال للرجل: اذهب بسلام.

وقال بعضهم:
لو صح ما نقله النمام إليك، لكان هو المجترئ بالشتم عليك، والمنقول عنه أولى بحلمك؛ لأنه لم يقابلك بشتمك.

ويروى أن عمر بن عبد العزيز دخل عليه رجل فذكر عنده وشاية في رجل آخر فقال عمر: إن شئت حققنا هذا الأمر الذي تقول فيه وننظر فيما نسبته إليه، فإن كنت كاذبـًا فأنت من أهل هذه الآية: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، وإن كنت صادقـًا فأنت من أهل هذه الآية: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11]، وإن شئت عفونا عنك، فقال: العَفْوَ يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا.
 
خالد أبو شادي
طبيبٌ صيدليّ، وصاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ.
وهو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

•    المصدر:
موقع موسوعة الكلم الطيب