عمَّات النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: صـفـيـــــة 1153
عمَّات النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-
ومَنْ هُنَّ بمثابتهنّ

قال القسطلاني -رحمه الله تعالى-:
وأمَّا عَمَّاتُهُ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- بنات عبد المطلب بن هاشم فجملتهن ست: عاتكة، وأميمة، والبيضاء وهي أم حكيم، وبرة، وصفية، وأروى، ولم يُسْلِمْ منهن إلا صفية أم الزبير بلا خلاف.

واختلف في أروى وعاتكة، فذهب أبو جعفر العقيلي إلى إسلامها، وعَدَّهُمَا في الصُّحبة، وذكر الدار قطني: عاتكة في جملة الاخوة والأخوات، ولم يذكر أروى، وأمَّا ابن إسحاق فذكر أنه لم يُسْلِمْ منهن غير صفية.

وقال ابن حجر في الإصابة:
أميمة اختلف في إسلامها فنفاه محمد بن إسحاق، ولم يذكرها غير محمد بن سعد.

وذكر ابن حبان أنه لم يُسْلِمْ من عمَّات النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلا صفية، وهي والدة الزبير بن العوام.

 عمَّات النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: صـفـيـــــة Ocia_997
صـفـيـــــة
عَمَّةُ النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-

اسمها ونسبها رضي الله عنها:
هي: صفية بنت عبد المطلب الهاشمية، عَمَّةُ النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

أمُّهَا:
هالة بنت وهيب بن مناف بن زهرة بن كلاب، وكانت من المهاجرات الأول، شاعرة الهاشميات.

زوجها:
الحارث بن حرب بن أمية –وهو أخو سفيان بن حرب– توفي عنها، فتزوَّجها العوام بن خويلد الأسدي أخو خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها– فولدت له الزُّبَير، والسَّائِب، وعبد الكعبة، دعاها النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلى الإسلام فأسلمت.

أخوتها:
عبد الله والد النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، والحارث أبو طالب واسمه عبد مناف، والزبير ويُكَنَّى أبا الحارث، وحمزة بن عبد المطلب أسد الله، وأسد رسوله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وأبو لهب واسمه عبد العزى، والغيداق، والمقوم، وضرار، والعباس، وقثم، وعبد الكعبة، وجحل –بتقديم الجيم– وهو السِّقَاءُ الضَّخم، وقال الدارقطني بتقديم الحاء وهو القيد والخلخال ويُسَمَّى المُغيرة.

أدرك الإسلام منهم أربعة:
أبو لهب، وأبو طالب، والعباس، وحمزة.

فأسلم حمزة والعباس -رضي الله عنهما-.

وصفية هي أم حواري النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- الزبير بن العوام.

إسلامها رضي الله عنها:
كان إسلام صفية رضي الله عنها مبكراً، لأنه عندما دعا رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- عشيرته الأقربين، إذ خَصَّ ابنته فاطمة وعَمَّتَهُ صفية رضي الله عنهما بما أمره الله عزوجل بتبليغه كما جاء في الحديث الصحيح.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا نزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، قام النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فقال: "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم".

قال القرطبي رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فيه مسألتان:
الأولى قوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) خَصَّ عشيرته الأقربين بالإنذار لتنحسم أطماع سائر عشيرته.

وأطماع الأجانب في مفارقته إياهم على الشرك وعشيرته الأقربون قريش وقيل بنو عبد مناف.

الثانية:
في هذا الحديث والآية دليل على في الأنساب لا ينفع مع البعد في الأسباب، ودليل على جواز صلة المؤمن الكافر وإرشاده ونصيحته لقوله إن لكم رحما سأبلها ببلالها.اهـ.

كانت صفية بنت عبد المطلب الهاشمية، -رضي الله عنها- من أوائل الذين آمنوا به وصَدَّقُوا برسالته، واتبعوا النور الذي أُنزل معه.

قال الذهبي:
والصحيح أنه ما أسلم من عَمَّاتِ النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- سواها.

هجرتها وجهادها:
وقد هاجرت صفية –رضي الله عنها– إلى المدينة مع ابنها الزبير، وقامت بأهم الأدوار في معارك المسلمين.

ففي معركة أحُدٍ كانت -رضي الله عنها- في طليعة النُّسْوَةِ اللاتي خرجن لخدمة المجاهدين، وتحميسهم على الجهاد، ومُدَاوَاةِ الجرحى.

وهي أول امرأة قتلت رجلاً.

تُحَدِّثُ هي عن نفسها رضي الله عنها قالت:
أنا أول امرأة قتلت رجلاً: كان حَسَّانُ معنا، فَمَرَّ بنا يهودي فجعل يطيف بالحصن، فقلت لحسان: إن هذا لا آمنه أن يدل على عورتنا، فقم فاقتله.

قال يغفر الله لكِ! لقد عرفتِ ما أنا بصاحب هذا، فاحتجزت وأخذت عموداً، ونزلت، فضربته حتى قتلته.

احتجزت:
أي شدت وسطها.

وعن عروة بن الزبير:
أن صفية جاءت يوم أحُدٍ، وقد انهزم الناس وبيدها رُمْحٌ تضرب في وجوههم، فقال النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: "يازبير المرأة".

ويوم خيبر خرجت صفية مع ابنها الزبير -رضي الله عنهما- فخرج، ياسر اليهودي فبرز له الزبير -رضي الله عنه- فقالت صفية -رضي الله عنها- لَمَّا خرج إليه الزبير: يا رسول الله يقتل ابني، فقال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: "بل ابنك يقتله إن شاء الله"، فخرج إليه وهو يرتجز ثم التقيا فقتله الزبير.

وتألّمَتْ ألَمَاً شديداً بمقتل شقيقها حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، ولكنها استرجعت وصبرت.

وَرَثَتْهُ بعد دفنه:
أسائله أصحاب أحُدٍ مخافة
بنات أبي من أعجم وخيبر
دعاه إله الحق ذو العرش دعوة
إلى جنات الخلد يحيا بها وسرور
فوالله لا أنساك ما هبت الصبا
بكاء وحزناً محضري ومسيري
فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي
لدى أضبُع تعتادني ونسو

صفية -رضي الله عنها- تندب رسولً الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-:
عين جودي بدمعة وسهود
واندبي خير هالك مفقود
واندبي المصطفى بحزن شديد
خالط القلب فهو كالمعمود
كدت أقضي الحياة لما أتاه
قدر خُطَّ في كتاب مجيد
فلقد كان بالعباد رؤوفاً
ولهم رحمة وخير رشيد
رضي الله عنه حياً وميتاً
وجزاه الجنات يوم الخلود.

وفاتها -رضي الله عنها-:

توفيت -رضي الله عنها- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة عشرين من الهجرة، وهي بنت ثلاث وسبعين سنة، وصلّى عليها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ودفنت بالبقيع عن بضع وسبعين سنة.

فرضي الله تعالى عن صفية وأرضاها، وعَوَّضَهَا خيراً في جناته جنات عدن، ما قدمت للإسلام والمسلمين. آمين.