بنات رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: زينب Oao_aa10
بنات رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-
زينب
أكبر بنات رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
بنات رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: زينب Oao_210
نسبها ومولدها رضي الله عنها:
هي: زينب بنت سيد ولد آدم محمد، بن عبد الله، بن عبد المطلب، القرشية، الهاشمية.

ولدت قبل البعثة بمدة، قيل: إنها عشر سنين، وقيل: ولدت وللنبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من العمر ثلاثون سنة.

أمها:
خديجة بنت خويلد أم المؤمنين.

قريش تتسابق لتظفر بزينب عروساً:
ما أن بلغت سن الصبا، وتجاوزت العاشرة من عمرها حتى تسابقت إليها قريش، من يظفر بها عروساً، إنها من أكرم عائلة وأشرف نسبٍ، إنها زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

أمها خديجة رضي الله عنها وهي أكبر بنات النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أسلمت مع أمها وأخواتها.

لكن كان الشرف والظفر لابن خالتها، فقد تزوجها: وهو  أبو العاص بن الربيع، أحد رجال مكة المعدودين شرفاً ومالاً، وهو قرشي.

أمُّهُ الصحابية:
هالة بنت خويلد، أخت خديجة رضي الله عنهم أجمعين.

يلتقي نسبه من جهة الأب مع محمد بن عبد الله، عند الجد الثالث: عبد مناف بن قصي، أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

ويلتقي من جهة الأم مع زينب بنت محمد -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، عند جدهما الأدنى خويلد بن أسد ابن عبد العزى بن قصي، فأمه هالة بنت خويلد، أخت خديجة الطاهرة، زوج النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وهي أم زينب.

الرسول -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يستبيح دم هبار الذي روع ابنته زينب:
لَمَّا فرغت زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من جهازها قدَّم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيراً فركبته وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهاراً يقودها وهي في هودج لها، وتَحَدَّثَ بذلك رجال من قريش فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى، فكان أول مَنْ سبق إليها هبار ابن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والفهري فَرَوَّعَهَا هبار بالرُّمح وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملاً فيما يزعمون، فلمَّا أريعت طرحت وبرك حموها وكنانة ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهماً، فتكركر الناس عنه، وأتى أبو سفيان في جُلَّةٍ من قريش، فقال: أيها الرجل كُفَّ نبلك حتى نُكلمُك فَكَفَّ، فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه، فقال: أنك لم تصب خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرنا أن ذلك عن ذُلٍ أصابنا عن مصيبتنا التي كانت وان ذلك مِنَّا ضعفٌ ووهنٌ ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجةٍ وما لنا في ذلك من ثورةٍ ولكن ارجع بالمرأة حتى هدأت الأصوات، وتحدَّث الناس أن قد رددناها فَسَلَّهَا سِرَّاً وألحقها بأبيها، قال: ففعل، فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلاً حتى أسلمها إلى زيد ابن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

قال ابن حجر في الفتح:
وأمَّا هبار فكان شديد الأذى للمسلمين، وعرض لزينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لَمَّا هاجرت فنخس بعيرها فأسقطت ولم يزل ذلك المرض بها حتى ماتت فلمَّا كان يوم الفتح بعد أن أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه أعلن بالإسلام فقبل منه فعفا عنه.اهـ.

عن سليمان بن يسار الهلالي أحد الفقهاء:
أن هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي أسلم بالجعرانة بعد فتح مكة صحابي شهير وللبخاري في التاريخ عن موسى بن عقبة عن سليمان بن يسار عن هبار أنه حَدَّثَهُ أنه جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العِدَّةَ كنا نرى أن هذا اليوم الذي هو يوم النحر يوم عرفة فقال عمر اذهب إلى مكة فَطُفْ أنت ومَنْ معك وكان هبار قد حَجَّ من الشام كما في رواية وانحروا هدياً إن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا وارجعوا وقد أحللتم فإذا كان عام قابل فَحُجُّوا وأهدوا فمَنْ لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله.اهـ.

شعر لأبي خيثمة في شأن زينب -رضي الله عنها-
قال ابن إسحاق:
فقال عبد الله بن رواحة، أو أبو خيثمة أخو بني سالم بن عوف في الذي كان من أمر زينب.

قال ابن هشام:
هي لأبي خيثمة في الذي كان من أمر زينب:
تاني الذي لا يقدر الناس قدره
لزينب فيهم من عقوق ومأثم
وإخراجها لم يخز فيها محمد
على ليحجا وبيننا عطر منشم
وأمسى أبو سفيان من حلف ضمضم
ومن حربنا في رغم أنف ومندم
قرنا ابنه عمرا ومولى يمينه
بذي حلق جلد الصلاصل محكم
فأقسمت لا تنفك منا كتائب
سراة خميس في لهام مسوم
نزوع قريش الكفر حتى نعلها
بخاطمة فوق الأنوف بميسم
ننزلهم أكناف نجد ونخلة
وإن يتهموا بالخيل والرجل نتهم
يد الدهر حتى لا يعوج سربنا
نلحقهم آثار عاد وجرهم
ويندم قوم لم يطيعوا محمدا
على أمرهم ونصف حين تندم
فأبلغ أبا سفيان إما لقيته
لئن أنت لأم تخلص سجودا وتسلم
فأبشر بخزي في الحياة معجل
وسربال قار خالدا في جهنم

وقال كنانة بن الربيع في أمر زينب حين دفعها إلى الرجلين:
عجبت لهبار وأوباش قومه
يريدون إخفاري ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم
وما أستجمعت قبضاً يدي بالمهند

ومن أجل ذلك أهْدَرَ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- دم هبار.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال:
"بعث رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- سرية أنا فيها، فقال لنا: "إن ظفرتم بهبار بن الأسود أو الرجل الآخر الذي سبق معه إلى زينب".

قال ابن هشام وقد سَمَّى ابن إسحاق الرجل في حديثه، وقال: هو نافع بن عبد قيس فحرِّقوهما بالنار.

قال: فلَمَّا كان الغد بعث إلينا، فقال: إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما ثم رأيتُ أنه لا ينبغي لأحَدٍ أن يُعَذِّبَ بالنار إلا الله فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما".

وفي رواية عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: بعثنا رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- في بَعْثٍ فقال: "إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يُعَذِّبَ بها إلا اللهُ فإن وجدتموهما فاقتلوهما".

ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى لهذا الحديث عدة فوائد منها:
1- في الحديث: جواز الحكم بالشيء اجتهاداً ثم الرجوع عنه.

2- استحباب ذكر الدليل عند الحكم لرفع الإلباس والاستنابة في الحدود ونحوها.

3- وأن طول الزمان لا يرفع العقوبة عَمَّنْ يستحقها.

4- وفيه: مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده، وتوديع أصحابه له أيضاً.

5- وفيه: جواز نسخ الحكم قبل العمل به أو قبل التمكن من العمل به، وهو اتفاق إلا عن بعض المعتزلة فيما حكاه أبو بكر بن العربي. ا.هـ-.

إسلام زينب رضي الله عنها:
انصاعت زينب لدعوة الحق التي جاء بها والدها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وأسلمت مع المسلمين الأوائل، وعرضت على زوجها الإسلام لكنه استقبل الخبر بفتور وصمت.

وطلب المشركون من أبي العاص الخروج معهم في غزوة بدر، ووقع أسيراً في أيدي المسلمين.

فادية زوجها:
وأرادت زينب رضي الله عنها أن تفدي زوجها أبو العاص بن الربيع، فأرسلت عمرو بن الربيع إلى النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- وبعثت معه صُرَّةً، لا يعرف عمرو ما فيها.

وتقدم عمرو وأخو أبي العاص فقال للنبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-:

بعثتني زينب بنت محمد بهذا في فداء زوجها، أخي، أبي العاص بن الربيع.

وأخرج من ثيابه صُرَّةً قَدَّمَهَا إلى المصطفى -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فإذا فيها قلادة من جزع ظفار -باليمن-.

ولم يكد بالنبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أن يرى القلادة حتى رق لها قلبه رقة شديدة، وتحقق أنها لخديجة وأنها لذكرى للعزيزة خديجة الراحلة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- في فداء زوجها أبي العاص بقلادة، وكانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها، فلمَّا رآها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- رق لها رقة شديدة، وقال: "إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرها وتَرُدُّوا عليها الذي لها".

أبو العاص يُثني على زوجته زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-:
خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشام فذكر امرأته زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-...

فأنشأ يقول:
ذكرى زينب لما ورَّكت (أورثت) إرما (أرمى)
فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صالحة
وكل بعل سيثني بالذي علما.

زينب تأخذ الأمان من رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لأبي العاص وتجيره فيعلن إسلامه:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: أن زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أرسل إليها أبو العاص بن الربيع أن خذي لي أماناً من أبيك، فخرجت فأطلعت رأسها من باب حجرتها والنبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يصلي الصبح بالناس فقالت: أيها الناس، إنه لا علم لي بهذا، وإني قد أجرتُ أبا العاص، فلَمَّا فرغ النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من الصلاة قال: "يا أيها الناس إنه لا علم لي بهذا حتى سمعتموه إلا وإنه يجير على المسلمين أدناهم".

ثم بعد ذلك بسنين أسلم زوجها أبو العاص -رضي الله عنه- والرَّاجح أنه -صلّى اللهُ عليه وسلّم- رَدَّ ابنته إلى أبي العاص بنكاحها الأول، ولم يُحْدِثْ صَدَاقاً.

إسلام أبي العاص بن الربيع:

المسلمون يستولون على مال لأبي العاص وقدومه لاسترداده.

قال ابن إسحاق:
وأقام أبو العاص بمكة، وأقامت زينب عند رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- بالمدينة حين فَرَّقَ بينهما الإسلام حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجراً إلى الشام، وكان رجلاً مأمونا بمال له، وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه، فلمَّا فرغ من تجارته وأقبل قافلاً لقيته سرية لرسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فأصابوا ما معه وأعجزهم هارباً، فلمَّا قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فاستجار بها فأجارته وجاء في طلب ماله فلمَّا خرج رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلى الصُّبح، كما حدثني يزيد بن رومان، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ معه، صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس إني قد أجرتُ أبا العاص ابن الربيع، قال: فلَمَّا سَلَّمَ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من الصلاة أقبل على الناس، فقال: أيها الناس هل سمعتم أم سمعت؟، قالوا: نعم، قال: والذي نفس محمد بيده ما علمتُ بشيءٍ من ذلك حتى سمعت ما سمعت أنه يجير على المسلمين أدناهم، ثم انصرف رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فدخل على ابنته، فقال: "أي بنية أكرمي مثواه ولا يَخْلُصَنَّ إليكِ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ".

المسلمون يَرُدُّونَ على أبي العاص ماله بعد إسلامه:
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، أن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص فقال لهم إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم أصبتم له مالاً فإن تُحْسِنُوا وتَرُدُّوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به، فقالوا: يا رسول الله بل نَرُدُّهُ عليه، فَرَدُّوهُ عليه،حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ويأتي الرجل بالشنة والإداوة حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ حتى رَدُّوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئاً ثم احتمله إلى مكة فأدَّى إلى كل ذي مال من قريش ماله، ومَنْ كان أبضع معه ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحَدٍ منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيراً فقد وجدناك وفياً كريماً، قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلى تخوفي أن تظنوا أني أردت أن آكل أموالكم، فلمَّا أدَّاها اللهُ إليكم وفرغتُ منها أسلمتُ ثم خرج حتى قَدِمَ على رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

الرسول -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يَرُدُّ زينب إلى أبي العاص.
وقد رَدَّ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن وائل على نكاحها الأول بعد إسلامه.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:
"رَدَّ عليه رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئاً بعد ست سنين من أمانة زوج زينب ابنة الرسول -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
فقد أجمع العلماء أن الزوجين إذا أسلما معاً في حال واحدة أن لهما المقام على نكاحهما إلا أن يكون بينهما نَسَبٌ أو رَضَاعٌ يُوجِبُ التَّحريم وأن كل مَنْ كان له العقد عليها في الشرك كان له المقام معها إذا أسلما معاً وأصل العقد معفي عنه لأن عامة أصحاب رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- كانوا كفارا فأسلموا بعد التزويج وأقروا على النكاح الأول ولم يعتبر في أصل نكاحهم شروط الإسلام، وهذا إجماع وتوقيف وإنما اختلف العلماء في تقدم إسلام أحد الزوجين.اهـ.

وقال ابن قيم الجوزية في الزوجين الكافرين يسلم أحدهما:
هو أملك ببضعها ما دامت في دار، وذكر سفيان بن عيينة عن مطرف بن طريف عن الشعبي عن علي هو أحق بها ما لم يخرج من دار، وذكر ابن أبي شيبة عن معتمر بن سليمان عن معمر عن الزهري إن أسلمت ولم يسلم زوجها على نكاحهما إلا أن يفرق بينهما سلطان ولا يعرف اعتبار العدة في شيء من الأحاديث ولا كان النبي يسأل المرأة هل انقضت أم لا ولا ريب أن الإسلام لو كان بمجرده فرقة لم تكن فرقة رجعية بل بائنة أثر للعدة في بقاء النكاح وإنما أثرها في منع نكاحها للغير فلو كان الإسلام نجز الفرقة بينهما لم يكن أحق بها في العدة ولكن الذي دل عليه حكمه أن النكاح فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته وإن انقضت عدتها فلها أن تنكح من شاءت أحبت انتظرته فإن أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح ولا نعلم أحدا جدد للإسلام نكاحه ألبتة بل كان الواقع أحد أمرين إمَّا افتراقهما غيره وإمَّا بقاؤه عليه وإن تأخَّر إسلامها أو إسلامه وإمَّا تنجيز الفُرقة أو العِدَّةَ فلا نعلم أن رسول الله قضى بواحدةٍ منهما مع كثرة مَنْ أسلم في عهده الرجال وأزواجهن وقرب إسلام أحَدُ الزوجين من الآخر وبعده منه ولولا إقراره على نكاحهما وإن تأخَّر إسلام أحدهما عن الآخر بعد صُلح الحديبية وزمن الفتح بتعجيل الفُرقة بالإسلام من غير اعتبار عِدَّةٍ.اهـ.

وفاتها رضي الله عنها:
توفيت السيدة زينب -رضي الله عنها- في السنة الثامنة من الهجرة متأثرة بمرض النزف الذي لازمها منذ هجرتها، وتأثَّر زوجها أشد تأثراً فبكى عليها وأبكى مَنْ حَوْلَهُ.

وحَزُنَ عليها رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- واستودعها، ثم قال للنساء: اغسلنها وتراً.

تقول أم عطية غاسلة الميتات:
لَمَّا ماتت زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قال: "أغسلنها وتراً، ثلاثاً، أو خمساً، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا غسلتنَّها فأعلمنني"، قالت: فأعلمناه فأعطانا حقوه وقال: "أشعرنها إيَّاه"، وقالت أم عطية: مشطناها ثلاثة قرون.

حقوه:

الحقو: الإزار.

وقوله: أشعرنها إياه:
أي اجعلنه شعاراً لها، وهو الثوب يلي جسدها.

ثلاثة قرون:
أي ثلاث ضفائر.

وكان مِمَّنْ غَسَّلَ زينب -رضي الله عنها- مع أم عطية، أم أيمن، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة زوج النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

فرضي الله عن زينب بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، ورحمها، وأكرمها في الجنة، وجزاها عن صبرها وكفاحها خيراً.

الفوائد:
1- النهي عن التعذيب والتحريق بالنار.

2- أخذ الفدية من الأسير، كما أن للأسير أن يدفع الفدية عن نفسه مقابل إطلاق سراحه، كما أخذ رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- الفدية من قريش مقابل إطلاق سراح أسراهم.

3- التفريق بين الزوجة وزوجها إذا أسلمت، كما فَرَّقَ الإسلام بين زينب وزوجها أبي العاص بن وائل.

4-  رَدِّ الزوجة إلى زوجها بعد إسلامه دون عقد جديد ولا صداق، كما رَدَّ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ابنته زينب إلى زوجها أبي العاص بن وائل بنكاحها الأول ولم يحدث صداقاً.

5- إجارة المرأة زوجها، كما أجارت  زينب زوجها أبي العاص بن وائل.

6- رَدِّ المال لصاحبه بعد إسلامه، كما رَدَّ المسلمون مال أبي العاص بن وائل بعد إسلامه.

7- اهتمام المرأة بزوجها، وحرصها على هدايته، كما اهتمَّت زينب بزوجها أبي العاص وحرصت على هدايته.

8- تغسيل المرأة وتراً، ثلاثاً، أو خمساً، ووضع الطيب عليها بعد وفاتها، كما أوصى رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- النساء أن يغسلن ابنته زينب وتراً.