توحيد اليمن
توحيد اليمن ووضوح الإسلام عند أهله وطاعتهم للخليفة:
وبعد انتهاء حروب الردة تجمعت اليمن تحت قيادة مركزية عاصمتها المدينة المنورة، وقسم اليمن إلى أقسام إدارية لا وحدات قبلية، فقد قسم إلى ثلاثة أقسام إدارية: صنعاء والجند وحضرموت، ولم تعد العصبية القبلية أساسًا في الزعامة أو في التولية، ولم تعد القبيلة سوى وحدة عسكرية لا سياسية، وأصبحت المقاييس المعتبرة هي المقاييس الإيمانية؛ التقوى والإخلاص والعمل الصالح.

وتخلصت اليمن من بقايا الشرك ومن جميع مظاهره -شرك في الاعتقاد أو شرك في القول أو شرك في الفعل- تركًا أو إتيانًا، وأدركوا أن النبوة أرفع من أن يدعيها مدع عابث ويتخذها وسيلة إلى غرضه ورغبته.وأيقنوا أن الإيمان لا يلتقي مع المطامع، وأن الإسلام لا يتفق مع الجاهلية، عرفوا ذلك بالدماء والألم والحسرات، فقتل من كلا الطرفين الكثير وتعلم منهم الكثير، ورجع من كان قد ارتد إلى الإسلام يرجو التكفير عما بدر، وأذن لهم بالجهاد في عصر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد برزت قيادات يمنية إسلامية في الفتوحات قد تربت وانصهرت في أحداث الردة، وكانوا من الثابتين على الإسلام؛ كجرير ابن عبد الله البجلي، وذي الكلاع الحميري، ومسعود بن العكي، وجرير بن عبد الله الحميري وغيرهم، وكان لهذه القيادات أدوار بارزة في الفتوحات الإسلامية وفي عمران مدن جديدة في الكوفة وفي البصرة والعراق والفسطاط بمصر، وبرزت أيضًا شخصيات يمنية عينت في اليمن وغير اليمن قضاة وولاة مثل: حشك عبد الحميد، وسعيد بن عبد الله الأعرج، وشرحبيل بن السمط الكندي، وغيرهم.

والتحم أهل اليمن بالدولة الإسلامية وبقيادتها سواء التي عليهم مباشرة أو القيادة العامة «الخليفة» في المدينة، ولهذه حينما دعاهم الخليفة للجهاد سارعوا طواعية ورغبة في الجهاد كما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى.لقد تربوا في أحداث الردة تربية كافية جعلتهم موصولين بالقيادة واثقين بها، ولذا ساد الهدوء والاستقرار وأصبحوا خير مدد للإسلام والمسلمين.
-----------------------------------------------