انتشار الأوبئة
انتشار الأوبئة Ocia_566
فهناك علاقة بين ظهور الفاحشة وانتشار الأوبئة, ذكر الإمام الأصبهاني رحمه الله في كتابه: "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" في ترجمة  كعب الأحبار, [ج4/446] أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: إذا رأيت الوباء قد فشا, فاعلم أن الزنا قد فشا.

{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...

أمَّا بعد:
فمن سُنَنِ الله الجارية, أن الذنوب سبب للهلاك والعذاب, قال الله عز وجل: {فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} [الأنعام: 6]، وعقوبة الله عز وجل إذا حلّت بالبشر فلن يمنعها قوة, ولا أسلحة, ولا حُصون, ولا غيرها, قال جل وعلا: {وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب} [الحشر: 2].

قال العلامة السعدي رحمه الله:
لم تنفعهم عزتهم, ولا منعتهم قوتهم, ولا حصنتهم حصونهم, حين جاءهم أمر الله, فوصل إليهم النكال بذنوبهم.

والعقوبات التي تصيب الناس تتنوع فتارة تكون بالفيضانات, وتارة بالزلازل الأرضية, وتارة بالحروب المدمرة, وتارة بالأعاصير, وتارة بالبراكين, وتارة بالمجاعات, وتارة بالصواعق المهلكة, وتارة بالأمراض والأوبئة, فالأمراض العامة من الطواعين, والأوبئة, التي تقتل وتهلك الكثيرين من العقوبات العامة التي تصيب الناس إذا عصوا, وبغوا, وظلموا.

قال ابن القيم رحمه الله:
لم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام والأمراض والأسقام والطواعين والقحوط والجدوب وسلب بركات الأرض وثمارها ونباتها، وسلب منافعها أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا.

وفي عصرنا عندما كثرت المعاصي وانتشرت, ظهرت في الناس الأمراض والأوجاع والأوبئة التي لم تكن فيمن سبقهم, والتي تصيب الحيوانات, والطيور, والبشر.

والأوبئة والأمراض القاتلة تنتشر عند ظهور الفاحشة, فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر المهاجرين, خمس إذا ابتليتم بهن, وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط, حتى يُعلنوا بها, إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» ...الحديث) [أخرجه ابن ماجه وصححه العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (106)]

فهناك علاقة بين ظهور الفاحشة وانتشار الأوبئة, ذكر الإمام الأصبهاني رحمه الله في كتابه " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " في ترجمة  كعب الأحبار, [ج4/446] أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: إذا رأيت الوباء قد فشا, فاعلم أن الزنا قد فشا.

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله:
لما اختلط البغايا بعسكر موسى, وفشت فيهم الفاحشة, أرسل الله تعالى عليهم الطاعون, فمات في يوم واحد سبعون ألفاً, قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها.

وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه مرفوعاً: «ما ظهرت الفاحشة في قوم قط إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت» [قال العلامة الألباني: رواه الحاكم والبيهقي, وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم, ووافقه الذهبي, وهو كما قالا].

ومن الملاحظ أن الأوبئة القاتلة تفتك بالمجتمعات المتحررة من كل فضيلة, فلذا ينبغي إغلاق الأبواب, وسد المنافذ, وتجفيف المنابع, ومنع جميع الطرق والوسائل التي تؤدي إلى  الفاحشة, طاعةً لله عز وجل, ووقاية للأفراد والمجتمعات من الأوبئة التي تفتك بالجميع.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
اختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا, وهو من أسباب الموت العام, والطواعين المتصلة.

اللهم احفظنا, وادفع عنا الأوبئة, والبلايا, والفتن ما ظهر عنها وما بطن.
-------------------------------------------------
كتبه:
فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ