ما ينبغي أن يكون عليه سُلوك المُسلم بعد رمضان!!
ما ينبغي أن يكون عليه سُلوك المُسلم بعد رمضان!! Ocia_426
إن المسلم الحق هو: من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً، وهو من سلم المسلمون من لسانه ويده، فلا يؤذي أحداً بلسانه، والإيذاء باللسان يتعدد ويتفرع على النحو الآتي:
•    فتارة بالكذب عليهم وخداعهم.
•    وتارة بالمدح الكاذب الذي يغري الممدوحين بالعجب، ويثير في نفوسهم دواعي الكبر والفخر، ويؤصِّل في قلوبهم داء البطر (328) والأشر (329).
•    وتارة يكون الإيذاء باللسان من خلال الغيبة والنميمة.؛ والغيبة.. ذكرك أخاك بما يكره في حال غيبته عن مجلس الكلام، حتى وإن كنت صادقاً في قولك عنه، أما إن كنت كاذباً في حديثك عنه في حال غيبته فهو البهتان، فإن ارتبط ذلك الكذب بالفاحشة كان إفكاً.
والثلاثة مذمومة، ممقوتة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (330)، وقال تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (331) وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (332)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه!! لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته حتى يفضحه في قعر بيته).
•    وتارة يكون الإيذاء باللسان عن طريق السب والقذف، ولقد نهى القرآن الكريم عن سب الآخرين حتى وإن كانوا غير مسلمين، لأن ذلك داع إلى سب الله تعالى، فقال تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿108) (333).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!!) قالوا: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: (يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه! ويسب أمه؛ فيسب أمه!!) (334)، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (335)، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (336).
•    وتارة يكون الإيذاء باللسان عن طريق التحريض، والحث على إيذاء الآخرين، والمسلم الحق من يصون لسانه عن الخنا (337)، والكذب، والفجور، واللعن (338).. وغير ذلك، ومعلوم أن من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم والعقاب مثل آثام من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شئ.
•    أما الإيذاء باليد: فيتنوع ويتعدد أكثر من تنوع وتعدد الإيذاء باللسان،
فعلى المسلم الحق أن يصون يده عن السرقة، والخيانة، والغلول (339)، والبطش، والضرب في غير حق، ويصون نفسه عن الظلم، والإعانة عليه، ومصافحة من لا يحل له مصافحته، وكذلك في الإشارة بها سخرية، أو لمزاً  للآخرين.
كما يصون المسلم رجله عن المشي إلى المنكر، أو السعي إلى الشر والإثم، بل يحرص كل الحرص أن يكون ساعياً بهما في طاعة الله تعالى، إلى الجماعة الأولى في المسجد، وإلى الإصلاح بين المتخاصمين، وإلى عيادة المرضى، وإلى زيارة الأقارب، وصلة الأرحام، وإلى الجهاد في سبيل الله تعالى، وإلى طلب العلم النافع في الدين والدنيا والآخرة.... وإلى غير ذلك من الطاعات والقربات.
•    كما يصون المسلم سمعه عن سيء الأقوال، ورديء الأصوات وأنكرها، بل يحرص كل الحرص أن يروض سمعه على سماع آيات الذكر الحكيم، وسماع العلم النافع من خلال الوسائل المتاحة له.
•    كما يصون المسلم بطنه وفرجه عن الحرام والشبهات، حتى يبلغ درجة التقوى؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم- (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين؛ حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به البأس) (340).
اللهم اجعلنا للمتقين إماماً، اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وشفع فينا الصيام والقرآن، وصالح الأعمال، اللهم انصر المسلمين في فلسطين، وائذن بعودة المسجد الأقصى إلى رحاب المسلمين، وارزقنا فيه صلاة آمنة مطمئنة قبل الممات، ونسألك حجاً وعمرة يبدآن من المسجد الأقصى، اللهم وحد صفوف المسلمين، وألف بين قلوبهم، واجمع كلمة حكامهم على الحق والدين، اللهم أوزعهم لنصرة دينك يا حي يا قيوم.
اللهم انصر المسلمين في العراق على الأمريكان وحلفائهم الملاعين، اللهم أمدهم بمدد من عندك، وارزقهم قائداً صالحاً يقودهم إلى النصر والتمكين، وكبت الأعداء المجرمين، يا قوي يا متين.
اللهم تقبل دعاءنا، وحقق رجاءنا، آمين، آمين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى
عبد الله عبد الله عبد الله السَّـــحْـت
من علماء الأزهر الشريف
---------------------------------------------------------------
الهوامش:
328.  البطر: عدم الاعتراف بالحق لصاحب الحق.
329.  الأشر: ادعاء كسب الأشياء إلى نفسه، وأنه القادر على كسب ما اكتسب، وهو الغرور في أقصى درجاته.
330.  الحجرات / 12.
331.  النساء / 112.
332.  النور / 11.
333.  الأنعام / 108.
334.  متفق عليه.
335.  الأحزاب / 58.
336.  النور / 23 - 26.
337.  الخنا: الفحش.
338.  لا يجوز لعن إنسان بعينه مطلقاً، إلا أن يكون بصفة العموم، كما لا يجوز لعن الحيوان، أو غيره.
339.  السرقة من الأموال العامة قبل قسمتها، ومعرفة الأنصبة لكل مستحق.
340.  رواه ابن ماجة، وغيره، وإسناده صحيح.