منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة النساء: القسم الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:10 pm


الشفاعة الحسنة، وردّ التحية وإثبات البعث
{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا (87)}
{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} أي من يشفع بين الناس شفاعة موافقة للشرع يكن له نصيب من الأجر: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} أي ومن يشفع شفاعة مخالفة للشرع يكن له نصيب من الوزر بسببها: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} أي مقتدراً فيجازي كل أحدٍ بعمله.
{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} أي إِذا سلّم عليكم المسلم فردوا عليه بأفضل مما سلّم أو رُدُّوا عليه بمثل ما سلّم: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} أي يحاسب العباد على كل شيء من أعمالهم الصغيرة والكبيرة.
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} هذا قسم من الله بجمع الخلائق يوم المعاد أي الله الواحد الذي لا معبود سواه ليحشرنكم من قبوركم إِلى حساب يوم القيامة الذي لا شك فيه وسيجمع الأولين والآخرين في صعيد واحدٍ للجزاء والحساب: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا} لفظه استفهام ومعناه النفي أي لا أحد أصدق في الحديث والوعد من الله رب العالمين.

أوصاف المنافقين وكيفية معاملتهم
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (89) إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}

المنَــاسَـــبَة:
لما ذكر تعالى مواقف المنافقين المخزية، عقّبه بذكر نوعٍ آخر من أحوال المنافقين الشنيعة، ثم ذكر حكم القتل الخطأ والقتل العمد، وأمر بالتثبت قبل الإِقدام على قتل إنسان لئلا يُفضي إلى قتل أحد من المسلمين، ثم ذكر تعالى مراتب المجاهدين ومنازلهم الرفيعة في الآخرة.

سبب النزول:
أ- عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إِلى أُحد فرجع ناسٌ ممن كان معه، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فقال بعضهم: نقتلهم، وقال بعضهم: لا، فأنزل الله: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ..} الآية فقال صلى الله عليه وسلم:  (إِنها طيبة تنفي الخبَث كما تنفي النار خبث الحديد)  أخرجه الشيخان.
ب- يروى أن "الحارث بن يزيد" كان شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم فجاء مهاجراً وهو يريد الإِسلام فلقيه "عياش بن أبي ربيعة" - والحارث يريد الإِسلام وعياش لا يشعر - فقتله فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: 92].
ج- عن ابن عباس قال: لحق المسلمون رجلاً في غنيمةٍ له فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت هذه الآية: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا..} [النساء: 94].
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} أي ما لكم أيها المؤمنون أصبحتم فرقتين في شأن المنافقين، بعضكم يقول نقتلهم وبعضكم يقول لا نقتلهم والحال أنهم منافقون والله نكسَّهم وردّهم إِلى الكفر بسبب النفاق والعصيان: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} أي أتريدون هداية من أضله الله، والاستفهام للإِنكار والتوبيخ في الموضعين والمعنى لا تختلفوا في أمرهم ولا تظنوا فيهم الخير لأن الله حكم بضلالهم: {وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أي من يضلله الله فلن تجد له طريقاً إِلى الهدى والإِيمان.
{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} أي تمنى هؤلاء المنافقون أن تكفروا مثلهم فتستووا أنتم وهم وتصبحوا جميعاً كفاراً: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي لا توالوا ولا تصادقوا منهم أحداً حتى يؤمنوا ويحققوا إِيمانهم بالهجرة والجهاد في سبيل الله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} أي إِن أعرضوا عن الهجرة في سبيل الله فخذوهم أيها المؤمنون واقتلوهم حيث وجدتموهم في حلٍّ أو حرم: {وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} أي لا تستنصروهم ولا تستنصحوهم ولا تستعينوا بهم في الأمور ولو بذلوا لكم الولاية والنصرة.
{إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} أي إِلا الذين ينتهون ويلجأون إِلى قوم عاهدوهم فدخلوا فيهم بالحِلْف فحكمهم حكم أولئك القوم في القتال أي وإلا الذين جاءوكم وقد ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم فهم قوم ليسوا معكم ولا عليكم: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} أي من لطفه بكم أن كفّهم عنكم ولو شاء لقوّاهم وجرُأهم عليكم فقاتلوكم: {فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} أي فإِن لم يتعرضوا لكم بقتال وانقادوا واستسلموا لكم فليس لكم أن تقاتلوهم طالما سالموكم.
{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ} أي ستجدون قوماً آخرين من المنافقين يريدون أن يأمنوكم بإِظهار الإِيمان ويأمنوا قومهم بإِظهار الكفر إِذا رجعوا إِليهم، قال أبو السعود: هم قوم من "أسد وغطفان" كانوا إِذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا من المسلمين فإِذا رجعوا إِلى قومهم كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} أي كلما دعوا إِلى الكفر أو قتال المسلمين عادوا إِليه وقُلبوا فيه على اسوأ شكل فهم شرٌ من كل عدو شرير: { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ} أي فإِن لم يجتنبوكم ويستسلموا إِليكم ويكفوا أيديهم عن قتالكم: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} أي فأسروهم واقتلوهم حيث وجدتموهم وأصبتموهم: {وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي جعلنا لكم على أخذهم وقتلهم حجة واضحة وبرهاناً بيناً بسبب غدرهم وخيانتهم.

جزاء القتل الخطأ والقتل العمد
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} أي لا ينبغي لمؤمنٍ ولا يليق به أن يقتل مؤمناً إِلا على وجه الخطأ لأن الإِيمان زاجرٌ عن العدوان: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} أي ومن قتل مؤمناً على وجه الخطأ فعليه إِعتاق رقبةٍ مؤمنة لأن إِطلاقها من قيد الرق كإِحيائها، وعليه كذلك ديةٌ مؤداة إِلى ورثة المقتول إِلا إِذا عفا الورثة عن القاتل فأسقطوا الدية، وقد أوجب الشارع في القتل الخطأ شيئين: الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة في مال القاتل، والدية وهي مائةٌ من الإِبل على العاقلة.
{فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي إِن كان المقتول خطأً مؤمناً وقومه كفاراً أعداء وهم المحاربون فإِنما على قاتله الكفارة فقط دون الدية لئلا يستعينوا بها على المسلمين: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي وإِن كان المقتول خطاً من قوم كفرة بينكم وبينهم عهد كأهل الذمة فعلى قاتله دية تدفع إِلى أهله لأجل معاهدتهم ويجب أيضاً على القاتل إِعتاق رقبة مؤمنة: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} أي فمن لم يجد الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين عوضاً عنها{تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ} شرع تعالى لكم ذلك لأجل التوبة عليكم: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} عليماً بخلقه حكيماً فيما شرع.
ثم بين تعالى حكم القتل العمد وجريمته النكراء وعقوبته الشديدة فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} أي ومن يقدم على قتل مؤمن عالماً بإِيمانه متعمداً لقتله فجزاؤه جهنم مخلداً فيها على الدوام، وهذا محمول عند الجمهور على من استحل قتل المؤمن كما قال ابن عباس لأنه باستحلال القتل يصبح كافراً: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} أي ويناله السخط الشديد من الله والطرد من رحمة الله والعذاب الشديد في الآخرة.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:13 pm


الحرص على التثبُّت في الأحكام
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} أي إِذا سافرتم في الجهاد لغزو الأعداء فتثبتوا ولا تعجلوا في القتل حتى يتبين لكم المؤمن من الكافر: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أي ولا تقولوا لمن حياكم بتحية الإِسلام لست مؤمناً وإِنما قلت هذا خوفاً من القتل فتقتلوه: {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي حال كونكم طالبين لماله الذي هو حطامٌ سريع الزوال: {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} أي فعند الله ما هو خير من ذلك وهو ما أعده لكم من جزيل الثواب والنعيم: {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} أي كذلك كنتم كفاراً فهداكم للإِسلام ومنَّ عليكم بالإِيمان فتبينوا أن تقتلوا مؤمناً وقيسوا حاله بحالكم: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي مطلعاً على أعمالكم فيجازيكم عليها.

التفاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد

{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}
ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين فقال: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} أي لا يتساوى من قعد عن الجهاد من المؤمنين مع من جاهد بماله ونفسه في سبيل الله غير أهل الأعذار كالأعمى والأعرج والمريض، قال ابن عباس: هم القاعدون عن بدر والخارجون إِليها، ولما نزلت الآية قام ابن أم مكتوم فقال يا رسول الله: هل لي من رخصة فوالله لو أستطيع الجهاد لجاهدتُ -وكان أعمى- فأنزل الله: {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ}: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} أي فضل الله المجاهدين على القاعدين من أهل الأعذار درجة لاستوائهم في النية كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِن بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا قطعتم من وادٍ إِلا وهم معكم فيه قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: نعم حبسهم العذر) :{وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} أي وكلاً من المجاهدين والقاعدين بسبب ضررٍ لحقهم وعدهم الله الجزاء الحسن في الآخرة.
{وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} أي وفضل الله المجاهدين في سبيل الله على القاعدين بغير عذر بالثواب الوافر العظيم: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُغَفُورًا رَحِيمًا} أي منازل بعضها أعلى من بعض مع المغفرة والرحمة وفي الحديث  (إِن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض).

هجرة المستضعفين
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}

المنَــاسَـــبَة:

لما ذكر تعالى ثواب المجاهدين الأبرار، أتبعه بذكر عقاب القاعدين عن الجهاد الذين سكنوا في بلاد الكفر، ثم رغب تعالى في الهجرة من دار الكفر إِلى دار الإِيمان وذكر ما يترتب عليها من السعة والأجر والثواب، ثم لما كان الجهاد والهجرة سبباً لحدوث الخوف والسفر بين تعالى صلاة المسافر وطريقة صلاة الخوف، ثم أتبع ذلك بذكر أروع مثل في الانتصار للعدالة سجله التاريخ ألا وهو إِنصاف رجل يهودي اتهم ظلماً بالسرّقة وإِدانة الذين تآمروا عليه وهم أهل بيت من الأنصار في المدينة المنورة.

سبب النزول:
أ- عن ابن عباس قال: كان قوم من المسلمين أقاموا بمكة - وكانوا يستخفون بالإِسلام - فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأُكرهوا على الخروج فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ..} الآية.
ب- كان ضمرة بن القيس من المستضعفين بمكة وكان مريضاً فلما سمع ما أنزل الله في الهجرة قال لأولاده احملوني فإِني لستُ من المستضعفين وإِني لأهتدي الطريق، والله لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير ثم خرجوا به فمات في الطريق بالتنعيم فأنزل الله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.
ج- روي أن رجلاً من الأنصار يُقالُ له "طُّعمة بن أُبيرق" من بني ظفر سرق درعاً من جاره "قتادة ابن النعمان" في جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرقٍ فيه فخبأها عند "زيد بن السمين" اليهودي فالتُمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وشهدوا ببراءته وسرقة اليهودي فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل فنزلت الآية: {إِنَّا أنزلنا إِليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله..} الآية وهرب طُعْمة إِلى مكة وارتد ونقب حائطاً بمكة ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله.
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ} أي تتوفاهم الملائكة حال كونهم ظالمي أنفسهم بالإِقامة مع الكفار في دار الشرك وترك الهجرة إِلى دار الإِيمان: {قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ} أي تقول لهم الملائكة في أيّ شيء كنتم في أمر دينكم؟ وهو سؤال توبيخ وتقريع: {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ} قالوا معتذرين: كنا مستضعفين في أرض مكة عاجزين عن إِقامة الدين فيها.
{قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}؟ أي قالت لهم الملائكة توبيخاً: أليست أرض الله واسعة فتهاجروا من دار الكفر إِلى دارٍ تقدرون فيها على إِقامة دين الله كما فعل من هاجر إِلى المدينة وإِلى الحبشة؟ قال تعالى بياناً لجزائهم: {فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} أي مقرهم النار وساءت مقراً ومصيراً.
ثم استثنى تعالى منهم الضعفة والعاجزين عن الهجرة فقال: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} أي لكن من كان منهم مستضعفاً كالرجال والنساء والأطفال الذين استضعفهم المشركون وعجزوا لإِعسارهم وضعفهم عن الهجرة ولا يستطيعون الخلاص ولا يِهتدون الطريق الموصل لدار الهجرة: {فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} أي لعل الله أن يعفو عنهم لأنهم لم يتركوا الهجرة اختياراً: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} أي يعفو ويغفر لأهل الأعذار، وعسى في كلام الله تفيد التحقيق.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:14 pm


قصر الصلاة في السفر وصلاة الخوف
{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)}
{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} هذا ترغيبٌ في الهجرة أي من يفارق وطنه ويهرب فراراً بدينه من كيد الأعداء يجد مُهَاجراً ومتجولاً في الأرض كبيراً يُراغم به أنف عدوه ويجد سعةً في الرزق فأرض الله واسعة ورزقه سابغ على العباد: {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإِياي فاعبدون}: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} أخبر تعالى أن من خرج من بلده مهاجراً من أرض الشرك فاراً بدينه إِلى الله ورسوله ثم مات قبل بلوغه دار الهجرة فقد ثبت أجر هجرته على الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي ساتراً على العباد رحيماً بهم.
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ} أي وإِذا سافرتم للغزو أو التجارة أو غيرهما فلا إِثم عليكم أن تقصروا من الصلاة فتصلوا الرباعية ركعتين: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي إِن خشيتم أن ينالكم مكروه من أعدائكم الكفرة، وذكرُ الخوف ليس للشرط وإِنما هو لبيان الواقع حيث كانت أسفارهم لا تخلو من خوف العدو لكثرة المشركين ويؤيده حديث "يَعْلَى بن أُمَيَّة" قال قلت لعمر بن الخطاب: إِن الله يقول: {إِنْ خِفْتُمْ} وقد أمن الناس فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال  (صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) : {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} أي إِن الكافرين أعداء لكم مظهرون للعداوة ولا يمنعهم فرصة اشتغالكم بمناجاة الله أن يقتلوكم.
{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} أي وإِذا كنت معهم يا محمد وهم يصلون صلاة الخوف في الحرب فلتأتم بك طائفة منهم وهم مدججون بأسلحتهم احتياطاً ولتقم الطائفة الأخرى في وجه العدو: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} أي فإِذا فرغت الطائفة الأولى من الصلاة فلتأت الطائفة التي لم تصلّ إِلى مكانها لتصلي خلفك: {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} أي وليكونوا حذرين من عدوهم متأهبين لقتالهم بحملهم السلاح.
{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} أي تمنى أعداؤكم أن تنشغلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم فيأخذوكم غرة، ويشدوا عليكم شدة واحدة فيقتلوكم وأنتم تصلون والمعنى لا تتشاغلوا بأجمعكم بالصلاة فيتمكن عدوكم منكم ولكن أقيموها على الوجه الذي أُمرتم به: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} أي لا إِثم عليكم في حالة المطر أو المرض أن لا تحملوا أسلحتكم إِذا ضعفتم عنها: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} أي كونوا متيقظين واحترزوا من عدوكم ما استطعتم.
{إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} أي أعدَّ لهم عذاباً مع الإِهانة، روى ابن كثير عند هذه الآية عن أبي عياش الزُرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد - وهم بيننا وبين القبلة - فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا: لقد كانوا على حالٍ لو أصبنا غرتهم ثم قالوا: يأتي عليهم الآن صلاة هي أحبُّ إِليهم من أبنائهم وأنفسهم قال: فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر: {وإِذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} الآية.
ثم أمر تعالى بكثرة ذكره عقب صلاة الخوف فقال: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} أي فإِذا فرغتم من الصلاة فأكثروا من ذكر الله في حال قيامكم وقعودكم واضطجاعكم واذكروه في جميع الحالات لعله ينصركم على عدوكم: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أي فإِذا أمنتم وذهب الخوف فأتموا الصلاة وأقيموها كما أُمرتم بخشوعها وركوعها وسجودها وجميع شروطها: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أي فرضاً محدوداً بأوقات معلومة لا يجوز تأخيرها عنه.

الجهاد والصبر عند الشدائد
{وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}
ثم حث تعالى على الجهاد والصبر عند الشدائد فقال: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي لا تضعفوا في طلب عدوكم بل جدّوا فيهم وقاتلوهم واقعدوا لهم كل مرصد: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} أي إِن كنتم تتألمون من الجراح والقتال فإِنهم يتألمون أيضاً منه كما تتألمون ولكنكم ترجون من الله الشهادة والمثوبة والنصر حيث لا يرجونه هم: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي عليماً بمصالح خلقه حكيماً في تشريعه وتدبيره، قال القرطبي: نزلت هذه الآية في حرب أُحد حيث أمر صلى الله عليه وسلم بالخروج في آثار المشركين وكان بالمسلمين جراحات وكان أمر ألا يخرج معه إِلا من حضر في تلك الوقعة، وقيل: هذا في كل جهاد.

القضاء بالحق والعدل
{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}
{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} أي إِنا أنزلنا إِليك يا محمد القرآن متلبساً بالحق لتحكم بين الناس بما عرّفك الله وأوحى به إِليك: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} أي لا تكن مدافعاً ومخاصماً عن الخائنين تجادل وتدافع عنهم، والمراد به "طعمة بن أبيرق" وجماعته: {وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ} أي استغفر الله مما هممتَ به من الدفاع عن طُعْمة اطمئناناً لشهادة قومه بصلاحه: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي مبالغاً في المغفرة والرحمة لمن يستغفره.
{وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} أي لا تخاصم وتدافع عن الذين يخونون أنفسهم بالمعاصي: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} أي لا يحب من كان مفرطاً في الخيانة منهمكاً في المعاصي والآثام: {يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ} أي يستترون من الناس خوفاً وحياءً ولا يستحيون من الله وهو أحق بأن يُستحيا منه ويخاف من عقابه: {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ} أي وهو معهم جل وعلا عالم بهم وبأحوالهم سمع ما يدبرونه في الخفاء ويضمرونه في السر من رمي البريء وشهادة الزور والحلف الكاذب: {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} أي لا يعزب عنه شيء منها ولا يفوت.
ثم قال تعالى توبيخاً لقوم طُعْمة: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي هاأنتم يا معشر القوم دافعتم عن السارق والخائنين في الدنيا: {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي فمن يدافع عنهم في الآخرة إِذا أخذهم الله بعذابه؟: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً}؟؟ أي من يتولى الدفاع عنه ونصرتهم من بأس الله وانتقامه؟
ثم دعاهم الله تعالى إِلى الإِنابة والتوبة فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} أي من يعمل أمراً قبيحاً يسوء به غيره كاتهام بريء أو يرتكب جريمة يظلم بها نفسه كالسرقة: {ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي ثم يتوب من ذنبه يجد الله عظيم المغفرة واسع الرحمة، قال ابن عباس: عرض اللهُ التوبة بهذه الآية على بني أُبيرق: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي من يقترف إِثماً متعمداً فإِنما يعود وبال ذلك على نفسه وكان الله عليماً بذنبه حكيماً في عقابه: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} أي من يفعل ذنباً صغيراً أو إِثماً كبيراً: {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} أي ثم ينسب ذلك إلى بريء ويتهمه به فقد تحمّل جرماً وذنباً واضحاً.
ثم بين تعالى فضله على رسوله فقال: {وَلَوْلا فضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} أي لولا فضل الله عليك بالنبوة ورحمته بالعصمة لهمت جماعة منهم أن يضلوك عن الحق، وذلك حين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبرئ صاحبهم "طُعْمة" من التهمة ويلحقها باليهودي فتفضل الله عز وجل على رسوله بأن أطلعه على الحقيقة: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ} أي وبال إِضلالهم راجع عليهم: {وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ}{وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي القرآن والسنة فكيف يضلونك وهو تعالى يُنزل عليك الكتاب ويوحي إِليك بالأحكام: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} أي علمك ما لم تكن تعلمه من الشرائع والأمور وكان فضله تعالى عليك كبيراً بالوحي والرسالة وسائر النعم الجسيمة.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:15 pm


حالات النجوى الخيِّرة، والتحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم
{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}

المنَــاسَـــبَة:
لما ذكر تعالى قصة طُعْمة وحادثة السرقة التي اتهم بها اليهودي البريء ودفاع قومه عنه وتآمرهم في السرّ لإِيقاع البرئ بها، ذكر تعالى هنا أن موضوع النجوى لا يخفى على الله وأن كل تدبير في السرّ يعلمه الله، وأنه لا خير في التناجي إِلا ما كان يقصد الخير والإِصلاح، ثم ذكر تعالى أن مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم جرمٌ عظيم وحذَّر من الشيطان وطرق إغوائه، ثم عاد الحديث إلى التحذير من ظلم النساء في ميراثهِن وأكد على وجوب الإِحسان إِليهن، وأعقبه بذكر النشوز والطريق إِلى الإِصلاح بين الزوجين إِما بالوفاق أو بالفراق.

سبب النزول:
أ- لما سرق "طعمة بن أبيرق" وحكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بالقطع هرب إلى مكة وارتد عن الإِسلام فأنزل الله: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115].
{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} أي لا خير في كثير مما يُسرّه القوم ويتناجون به في الجفاء: {إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} أي إلا نجوى من أمر بصدقةٍ ليعطيها سراً أو أمر بطاعة الله، قال الطبري: المعروف هو كل ما أمر الله به أو ندب إليه من أعمال البر والخير، والإِصلاح هو الإِصلاح بين المختصمَين: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} أي ومن يفعل ما أمر به من البر والمعروف والإِصلاح طلباً لرضى الله تعالى لا لشيء من أغراض الدنيا: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} أي فسوف نعطيه ثواباً جزيلاً هو الجنة، قال الصاوي: والتعبير بسوف إشارة إلى أن جزاء الأعمال الصالحة في الآخرة لا في الدنيا لأنها ليست دار جزاء.
{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} أي يخالف أمر الرسول فيما جاء به عند الله من بعد ما ظهر له الحق بالمعجزات: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} أي يسلك طريقاً غير طريق المؤمنين ويتبع منهاجاً غير منهاجهم: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} أي نتركه مع اختياره الفاسد وندخله جهنم عقوبة له: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} أي وساءت جهنم مرجعاً لهم.

التحذير من الشرك والشيطان وطرق إغوائه، وجزاء الإيمان والعمل الصالح
{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً (122)}
{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} أي لا يغفر ذنب الشرك ويغفر ما دونه من الذنوب لمن يريد: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا} أي فقد بَعُد عن طريق الحق والسعادة بعداً كبيراً: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا} أي ما يدعو هؤلاء المشركون وما يعبدون من دون الله إلا أوثاناً سموها بأسماء الإِناث "اللات والعزى ومناة" قال في التسهيل: كانت العرب تسمي الأصنام بأسماء مؤنثة: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا} أي وما يعبدون إلا شيطاناً متمرداً بلغ الغاية في العتو والفجور وهو إبليس الذي فسق عن أمر ربه.
{لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} أي أبعده الله عن رحمته فأقسم الشيطان قائلاً: لأتخذنَّ من عبادك الذين أبعدتني من أجلهم نصيباً أي حظاً مقدراً معلوماً أدعوهم إلى طاعتي من الكفرة والعصاة وفي صحيح مسلم يقول الله تعالى لآدم يوم القيامة "إبعثْ بعثَ النار فيقول: وما بعثُ النار؟ فيقول من كل ألفٍ تسعمائةٌ وتسعة وتسعون": {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ} أي لأصرفَنَهم عن طريق الهدى وأعدهم الأماني الكاذبة وألقي في قلوبهم طول الحياة وأن لا بعث ولا حساب: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ} أي ولآمرنهم بتقطيع آذان الأنعام، قال قتادة: يعني تشقيقها وجعلها علامة للبحيرة والسائبة كما كانوا يفعلون في الجاهلية: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} أي ولآمرنهم بتغيير خلق الله كخصباء العبيد والحيوان والوشم وغيره وقيل: المراد به تغيير دين الله بالكفر والمعاصي وإحلال ما حرّم الله وتحريم ما أحل: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي ومن يتول الشيطان ويطعْه ويترك أمر الله: {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} أي خسر دنياه وآخرته لمصيره إلى النار المؤبدة وأي خسرانٍ أعظم من هذا؟
ثم قال تعالى عن إبليس: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ} أي يعدهم بالفوز والسعادة ويمنيهم بالأكاذيب والأباطيل، قال ابن كثير: هذا إخبارٌ عن الواقع فإن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة وقد كذب وافترى في ذلك: {وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا} أي وما يعدهم إلا باطلاً وضلالاً، قال ابن عرفة: الغُرور ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه، فهو مزيّن الظاهر فاسد الباطن.
{أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة نار جهنم: {وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} أي ليس لهم منها مفر ولا مهرب، ثم ذكر تعالى حال السعداء الأبرار وما لهم من الكرامة في دار القرار فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أي مخلدين في دار النعيم بلا زوال ولا انتقال: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} أي وعداً لا شك فيه ولا ارتياب: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً} أي ومن أصدق من الله قولاً؟ والاستفهام معناه النفيُ أي لا أحد أصدق قولاً من الله، قال أبو السعود: والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه بوعد الله الصادق لأوليائه.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:16 pm


استحقاق الجنة ليس بالأماني، والعبرة بحسن العمل
{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}
قال قتادة: تفاخر المؤمنون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم ونحن أحقٌ بالله منكم، وقال المؤمنون: نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على سائر الكتب فنزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} [النساء: 123].
{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي ليس ما وعد الله تعالى من الثواب يحصل بأمانيكم أيها المسلمون ولا بأماني أهل الكتاب وإنما يحصل بالإِيمان والعمل الصالح، قال الحسن البصري: ليس الإِيمان بالتمني ولكنْ ما وقر في القلب وصدّقه العمل، إن قوماً ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله، وكذبوا لو أحسنوا الظن به لأحسنوا العمل: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} أي من يعمل السوء والشر ينال عقابه عاجلاً أو آجلاً: {وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} أي لا يجد من يحفظه أو ينصره من عذاب الله.
{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} أي ومن يعمل الأعمال الصالحة سواءً كان ذكراً أو أنثى بشرط الإِيمان: {فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} أي يدخلهم الله الجنة ولا يُنقصون شيئاً حقيراً من ثواب أعمالهم كيف لا والمجازي أرحم الراحمين!! وإنما قال: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} ليبيّن أن الطاعة لا تنفع من دون الإِيمان، ثم قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}؟ أي لا أحد أحسن ديناً ممن انقاد لأمر الله وشرعه وأخلص عمله لله: {وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي مطيعٌ لله مجتنبٌ لنواهيه: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} أي واتبع الدين الذي كان عليه إبراهيم خليل الرحمن، مستقيماً على منهاجه وسبيله وهو دين الإِسلام: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} أي صفياً اصطفاه لمحبته وخلته قال ابن كثير: فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} أي جميع ما في الكائنات ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك، لا رادّ لما قضى ولا معقب لما حكم: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية.

التحذير من ظلم النساء في مِيراثهن، والصلح بين الزوجين بسبب النشوز، والعدل بين النساء
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)}
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} أي يسألونك عما يجب عليهم في أمر النساء: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} أي قل لهم يا محمد: يبين الله لكم ما سألتم في شأنهنَّ ويبين لكم ما يتلى في القرآن من أمر ميراثهن: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ} أي ويفتيكم أيضاً في اليتيمات اللواتي ترغبون في نكاحهن لجمالهن أو لمالهنَّ ولا تدفعون لهن مهورهنَّ كاملة فنهاهم الله عز وجل عن ذلك، قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه فإِذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً فإن كانت جميلة واحبها تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمةً منعها الرجال حتى تموت فإذا ماتت ورثها، فحرم الله ذلك ونهى عنه: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} أي ويفتيكم في المستضعفين الصغار أن تعطوهم حقوقهم وأن تعدلوا مع اليتامى في الميراث والمهر، وقد كان أهل الجاهلية لا يورثون الصغار ولا النساء ويقولون: كيف نعطي المال من لا يركب فرساً ولا يحمل سلاحاً ولا يقاتل عدواً! فنهاهم الله عن ذلك وأمرهم أن يعطوهم نصيبهم من الميراث: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} أي وما تفعلوه من عدلٍ وبرٍّ في أمر النساء واليتامى فإن الله يجازيكم عليه، قال ابن كثير: وهذا تهييجٌ على فعل الخيرات وامتثال الأوامر وأن الله سيجزي عليه أوفر الجزاء.
ثم ذكر تعالى حكم نشوز الرجل فقال: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} أي وإذا علمت امرأة أو شعرت من زوجها الترفع عليها أو الإِعراض عنها بوجهه بسبب الكره لها لدمامتها أو لكبر سنها وطموح عينه إلى من هي أشبُّ وأجمل منها: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} أي فلا حرج ولا إثم على كل واحد من الزوجين من المصالحة والتوفيق بينهما بإسقاط المرأة بعض حقوقها من نفقةٍ أو كسوةٍ أو مبيت لتستعطفه بذلك وتستديم مودته وصحبته، روى ابن جرير عن عائشة أنها قالت: هذا الرجل يكون له امرأتان إحداهما قد عجزت أو دميمة وهو لا يحبها فتقول: لا تطلقني وأنت حلٍّ من شأني: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} أي والصلح خيرٌ من الفراق: {وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ} أي جبلت الأنفس على الشح وهو شدة البخل فالمرأة لا تكاد تسمح بحقها من النفقة والاستمتاع، والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسكها إذا رغب عنها وأحبَّ غيرها: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} أي وإن تحسنوا في معاملة النساء وتتقوا الله بترك الجور عليهن: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} أي فإن الله عالم بما تعملون وسيجزيكم عليه أوفر الجزاء.
ثم ذكر تعالى أن العدل المطلق بين النساء بالغٌ من الصعوبة مبلغاً لا يكاد يطاق، وهو كالخارج عن حد الاستطاعة فقال: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} أي لن تستطيعوا أيها الرجال أن تحققوا العدل التام الكامل بين النساء وتسوّوا بينهن في المحبة والأُنس والاستمتاع: {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أي ولو بذلتم كل جهدكم لأن التسوية في المحبة وميل القلب ليست بمقدور الإِنسان: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} أي لا تميلوا عن المرغوب عنها ميلاً كاملاً فتجعلوها كالمعلقة التي ليست بذات زوج ولا مطلقة، شبّهت بالشيء المعلَّق بين السماء والأرض، فلا هي مستقرة على الأرض ولا هي في السماء، وهذا من أبلغ التشبيه.
{وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا} أي وإن تصلحوا ما مضى من الجور وتتقوا الله بالتمسك بالعدل: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي يغفر ما فرط منكم ويرحمكم: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ} أي وإن يفارق كل واحد منهما صاحبه، فإن الله يغنيه بفضله ولطفه، بأن يرزقه زوجاً خيراً من زوجه، وعيشاً أهنأ من عيشه: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} أي واسع الفضل على العباد حكيماً في تدبيره لهم.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:17 pm


حقيقة المُلك وكمال القدرة والمشيئة لله تعالى وثواب الدنيا والآخرة
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} أي ملكاً وخلقاً وعبيداً: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ} أي وصينا الأولين والآخرين وأمرناكم بما أمرناهم به من امتثال الأمر والطاعة: {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} أي وصيناكم جميعاً بتقوى الله وطاعته: {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} أي وإن تكفروا فلا يضره تعالى كفركم لأنه مستغنٍ عن العباد وهو المالك لما في السماوات والأرض: {وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} أي غنياً عن خلقه، محموداً في ذاته، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} أي كفى به حافظاً لأعمال عباده: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} أي لو أراد الله لأهلككم وأفناكم وأتى بآخرين غيركم: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا} أي قادراً على ذلك: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} أي من كان يريد بعمله أجر الدنيا فعند الله ما هو أعلى وأسمى وهو أجر الدنيا والآخرة فلم يطلب الأخسّ ولا يطلب الأعلى؟ فليسأل العبد ربه خيري الدنيا والآخرة فهو تعالى سميع لأقوال العباد بصير بأعمالهم.

العدل في القضاء والشهادة بحق، والإيمان بالله والرسول والكتب السماوية
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا (136)}

المنَـاسَــبَة:
لما أمر تعالى بالإِحسان إِلى النساء والعدل في معاملتهن، أمر هنا بالعدل العام في جميع الأحكام، ودعا إِلى أداء الشهادة على الوجه الأكمل سواء كان المشهود عليه غنياً أو فقيراً، وحذّر من اتباع الهوى، ثم دعا إِلى الإِيمان بجميع الملائكة والكتب والرسل، ثم أعقب ذلك بذكر أوصاف المنافقين المخزية وما لهم من العذاب والنكال في دركات الجحيم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} أي يا من آمنتم بالله وصدقتم كتابه كونوا مجتهدين في إِقامة العدل والاستقامة وأتى بصيغة المبالغة في: {قَوَّامِينَ} حتى لا يكون منهم جورٌ أبداً: {شُهَدَاءَ لِلَّهِ} أي تقيمون شهاداتكم لوجه الله دون تحيز ولا محاباة: {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} أي ولو كانت تلك الشهادة على أنفسكم أو على آبائكم أو أقربائكم فلا تمنعنكم القرابة ولا المنفعة عن أداء الشهادة على الوجه الأكمل فإِن الحق حاكم على كل إِنسان.
{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} أي إِن يكن المشهود عليه غنياً فلا يراعى لغناه، أو فقيراً فلا يمتنع من الشهادة عليه ترحماً وإِشفاقاً: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} أي فالله أولى بالغني والفقير وأعلم بما فيه صلاحهما فراعوا أمر الله فيما أمركم به فإِنه أعلم بمصالح العباد منكم: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} أي فلا تتبعوا هوى النفس مخافة أن تعدلوا بين الناس، قال ابن كثير: أي لا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إِليكم على ترك العدل في شؤونكم بل الزموا العدل على كل حال: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} أي وإِن تلووا ألسنتكم عن شهادة الحق أو تُعرضوا عن إِقامتها رأساً: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} فيجازيكم عليه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي اثبتوا على الإِيمان ودوموا عليه: {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} أي آمنوا بالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ} أي وبالكتب السماوية التي أنزلها من قبل القرآن، قال أبو السعود: المراد بالكتاب الجنس المنتظم لجميع الكتب السماوية: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا} أي ومن يكفر بشيء من ذلك فقد خرج عن طريق الهدى، وبَعُد عن القصد كل البعد.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:18 pm


صفات المنافقين وجزاؤهم مواقفهم من المؤمنين
{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)}
{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} هذه الآية في المنافقين آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم ماتوا على الكفر، قال ابن عباس: دخل في هذه الآية كل منافق كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البر والبحر، وقال ابن كثير: يخبر تعالى عمن دخل في الإِيمان ثم رجع ثم عاد إِلى الإِيمان ثم رجع واستمر على ضلاله ولهذا قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً} أي لم يكن الله ليسامحهم على ذلك ولا ليهديهم طريقاً إِلى الجنة، قال الزمخشري: ليس المعنى انهم لو أخلصوا الإِيمان بعد تكرار الردة لم يُقبل منهم ولم يُغفر لهم ولكنه استبعاد له واستغراب كأنه أمر لا يكاد يكون، وهكذا ترى الفاسق الذي يتوب ثم يرجع ثم يتوب ثم يرجع لا يكاد يرجى منه الثبات، والغالب أنه يموت على شر حال، ثم أخبر تعالى عن مآل المنافقين فقال: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} عبّر تعالى بلفظ: {بَشِّر} تهكماً بهم أي أخبر يا محمد المنافقين بعذاب النار الأليم.
{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أي أولئك هم الذين يوالون الكافرين ويتخذونهم أعواناً وأنصارً لما يتوهمونه فيهم من القوة ويتركون ولاية المؤمنين: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} أي أيطلبون بموالاة الكفار القوة والغلبة؟ والاستفهام إِنكاري أي إِنّ الكفار لا عزة لهم فكيف تُبْتَغى منهم: {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} أي العزة لله ولأوليائه قال ابن كثير والمقصود من هذا التهييجُ على طلب العزة من جناب الله: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} أي نزّل عليكم في القرآن، والخطابُ لمن أظهر الإِيمان من مؤمن ومنافق: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا} أي أنزل عليكم أنه إِذا سمعتم القرآن يَكْفر به الكافرون ويَسْتهزئ به المستهزئون: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} أي لا تجلسوا مع الكافرين الذين يستهزئون بآيات الله حتى يتحدثوا بحديث آخر ويتركوا الخوض في القرآن: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} أي إِنكم إِن قعدتم معهم كنتم مثلهم في الكفر: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} أي يجمع الفريقين الكافرين والمنافقين في الآخرة في نار جهنم لأن المرء مع من أحب، وهذا الوعيد منه تعالى للتحذير من مخالطتهم ومجالستهم.
ثم ذكر تعالى تربصهم السوء بالمؤمنين فقال: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} أي ينتظرون بكم الدوائر: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ} أي غلبةٌ على الأعداء وغنيمة: {قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} أي فأعطونا مما غنمتموه من الكافرين: {وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ} أي ظفرٌ عليكم يا معشر المؤمنين: {قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي قالوا للمشركين ألم نغلبكم ونتمكنْ من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم وثبطنا عزائم المؤمنين حتى انتصرتم عليهم؟ فهاتوا نصيبنا مما أصبتم لأننا نواليكم ولا نترك أحداً يؤذيكم قال تعالى بياناً لمآل الفريقين: {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي يحكم بين المؤمنين والكافرين ويفصل بينهم بالحق: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} أي لن يمكّنَ الكفرة من رقاب المؤمنين فيبيدوهم ويستأصلوهم، قال ابن كثير: وذلك بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية وإِن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان، فإِن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة.

بعض مواقف المنافقين وعقابهم والنهي عن موالاة الكافرين
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَءامَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} أي يفعلون ما يفعل المخادع من إِظهار الإِيمان وإِبطال الكفر والله يجازيهم على خداعهم ويستدرجهم بأمر المؤمنين بحقن دمائهم، وقد أعدّ لهم الدرك الأسفل من النار في الآخرة، فسمّى تعالى جزاءهم خداعاً بطريق المشاكلة لأن وبال خداعهم راجع عليهم: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} أي يصلون وهم متثاقلون متكاسلون، لا يرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً: {يُرَاءُونَ النَّاسَ} أي يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة ولا يقصدون وجه الله: {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً} أي لا يذكرون الله سبحانه إِلا ذكراً قليلاً.
{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} أي مضطربين مترددين بين الكفر والإِيمان، وصفهم تعالى بالحيرة في دينهم: {لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} أي لا ينتسبون إِلى المؤمنين ولا إِلى الكافرين: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أي ومن يضلله الله فلن تجد له طريقاً إلى السعادة والهدى.
ثم حذّر تعالى المؤمنين من موالاة أعداء الدين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أي لا تتركوا موالاة المؤمنين وتوالوا الكفرة المجرمين بالمصاحبة والمصادقة: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي أتريدون أن تجعلوا لله حجة بالغة عليكم أنكم منافقون؟ قال ابن عباس: كل سلطانٍ في القرآن حجةٌ.
ثم أخبر تعالى عن مآل المنافقين فقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنْ النَّارِ} أي في الطبقة التي في قعر جهنم وهي سبع طبقات، قال ابن عباس: أي في أسفل النار، وذلك لأنهم جمعوا مع الكفر الاستهزاء بالإِسلام وأهله، والنارُ دركات كما أن الجنة درجات: {وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} أي لن تجد لهؤلاء المنافقين ناصراً ينصرهم من عذاب الله: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} وهذا استثناء أي تابوا عن النفاق: {وَأَصْلَحُوا} أي أعمالهم ونياتهم: {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} أي تمسكوا بكتاب الله ودينه: {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} أي لم يبتغوا بعملهم إِلا وجه الله: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} أي في زمرتهم يوم القيامة: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} أي يعطيهم الأجر الكبير في الآخرة وهو الجنة: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَءامَنْتُمْ} أي أيُّ منفعةٍ له سبحانه في عذابكم؟ أيتشفى به من الغيظ، أم يدرك به الثأر، أم يدفع به الضر ويستجلب النفع وهو الغنى عنكم؟: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} أي شاكراً لطاعة العباد مع غناه عنهم يعطي على العمل القليل الثواب الجزيل.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:21 pm


الجهر بالسوء والعفو عنه، وإبداء الخير وإخفاؤه
{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)}

المنَــاسَـــبَة:
لما ذكر تعالى المنافقين وفضحهم في الآيات السابقة، ذكر هنا أنه لا يحب إظهار الفضائح والقبائح، إِلا في حق من زاد ضررُه وعظُم خطرُه، فلا عجب أن يكشف الله عن المنافقين الستر، ثم تحدث عن اليهود وعدَّد بعض جرائمهم الشنيعة مثل طلبهم لرؤية الله، وعبادتهما للعجل، وادعائهم صلب المسيح، واتهامهم مريم البتول بالفاحشة إلى غير ما هنالك من قبائح وجرائم شنيعة.
{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} أي لا يحب الله الفُحْش في القول والإِيذاء باللسان إِلا المظلوم فإِنه يباح له أن يجهر بالدعاء على ظالمه وأن يذكره بما فيه من السوء، قال ابن عباس: المعنى لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إِلا أن يكون مظلوماً: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} أي سميعاً لدعاء المظلوم عليماً بالظالم.
{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} أي إِن أظهرتم أيها الناس عمل الخير أو أخفيتموه أو عفوتم عمن أساء إِليكم: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} أي كان مبالغاً في العفو مع كمال قدرته على المؤاخذة، قال الحسن: يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم أن تقتدوا بسنة الله تعالى، وقد حثّ تعالى على العفو وأشار إِلى أنه عفوٌّ مع قدرته فكيف لا تعفون مع ضعفكم وعجزكم؟‍

جزاء الكفر والإيمان

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} الآية في اليهود والنصارى لأنهم آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وغيره، جعل كفرهم ببعض الرسل كفراً بجميع الرسل، وكفرَهُم بالرسل كفراً بالله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} التفريقُ بين الله ورسله أن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله، وكذلك التفريق بين الرسل هو الكفر ببعضهم والإِيمان ببعضهم وقد فسره تعالى بقوله بعد: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} أي نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض، قال قتادة: أولئك أعداء الله اليهود والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإِنجيل وعيسى، وآمنت بالنصارى بالإِنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم وتركوا الإِسلام دين الله الذي بعث به رسله: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} أي طريقاً وسطاً بين الكفر والإِيمان ولا واسطة بينهما.
{أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} أي هؤلاء الموصوفون بالصفات القبيحة هم الكافرون يقيناً ولو ادعوا الإِيمان: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}أي هيأنا لهم عذاباً شديداً مع الإِهانة والخلود في نار جهنم: {وَالَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي صدّقوا الله وأقروا بجميع الرسل وهم المؤمنون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم لم يفرقوا بين أحد من رسله بل آمنوا بجميعهم: {أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} أي سيعطيهم الله ثوابهم الكامل على الإِيمان بالله ورسله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي غفوراً لما سلف منهم من المعاصي والآثام متفضلاً عليهم بأنواع الإِنعام.

من مواقف اليهود المتعنتة
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وءاتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} نزلت في أحبار اليهود حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إِن كنت نبياً فأتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى جملة، وإِنما طلبوا ذلك على وجه التعنت والعناد، فذكر تعالى سؤالهم ما هو أفظع وأشنع من ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وليتأسى بمن سبقه من الرسل فقال: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} أي سألوا موسى رؤية الله عز وجل عياناً: {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} أي جاءتهم من السماء نار فأهلكتهم بسبب ظلمهم.
{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ} أي ثم اتخذوا العجل إِلهاً وعبدوه من بعد ما جاءتهم المعجزات والحجج الباهرات من العصا واليد وفلق البحر وغيرها، قال أبو السعود: وهذه المسألة - وهي طلب رؤية الله - وإِن صدرت عن أسلافهم لكنهم لما كانوا مقتدين بهم في كل ما يأتون ويذرون أسندت إِليهم: {فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ} أي عفونا عما ارتكبوه مع عظم جريمتهم وخيانتهم: {وَءاتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} أي حجة ظاهرة تظهر صدقه وصحة نبوته، قال الطبري: وتلك الحجة هي الآيات البينات التي آتاه الله إِياها: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ} أي رفعنا الجبل فوقهم لما امتنعوا عن قبول شريعة التوراة بسبب الميثاق ليقبلوه: {وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} أي ادخلوا باب بيت المقدس مطأطئين رؤوسكم خضوعاً لله فخالفوا ما أُمروا به ودخلوا يزحفون على أستاههم وهم يقولون حنطة في شعرة استهزاءً: {وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ} أي لا تعتوا باصطياد الحيتان يوم السبت فخالفوا واصطادوا: {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} أي عهداً وثيقاً مؤكداً.
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} أي فبسبب نقضهم الميثاق لعنّاهم وأذللناهم و{ما} لتأكيد المعنى: {وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ} أي وبجحودهم بالقرآن العظيم: {وَقَتْلِهِمُ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} كزكريا ويحيى عليهما السلام: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أي قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم قلوبنا مغشّاة بأغشية لا تعي ما تقوله يا محمد، قال تعالى رداً عليهم: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} أي بل ختم تعالى عليها بسبب الكفر والضلال فلا يؤمن منهم إِلا القليل كعبد الله بن سلام وأصحابه.
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} أي وبكفرهم بعيسى عليه السلام أيضاً ورميهم مريم بالزنى وقد فضلها الله على نساء العالمين: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} أي قتلنا هذا الذي يزعم أنه رسول الله، وهذا إِنما قالوه على سبيل "التهكم والاستهزاء" كقول فرعون{إِن رسولكم الذي أُرسل إِليكم لمجنون} وإِلاّ فهم يزعمون أن عيسى ابن زنى وأمه زانية ولا يعتقدون أنه رسول الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} أي وما قتلوا عيسى ولا صلبوه ولكن قتلوا وصلبوا من أُلقي عليه شَبَهُه، قال البيضاوي: روي أن رجلاً كان ينافق لعيسى فخرج ليدل عليه فألقى الله عليه شبهه فأُخذ وصُلب وهم يظنون أنه عيسى.
{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} أي وإِن الذين اختلفوا في شأن عيسى لفي شك من قتله، روي أنه لما رُفع عيسى وأُلقي شبهه على غيره فقتلوه قالوا: إِن كان هذا المقتول عيسى فأين صاحبنا؟ وإِن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ فاختلفوا فقال بعضهم هو عيسى وقال بعضهم ليس هو عيسى بل هو غيره، فأجمعوا أن شخصاً قد قتل واختلفوا من كان: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} أي ما لهم بقتله علم حقيقي ولكنهم يتبعون فيه الظنَّ الذي تخيَّلوه: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} أي وما قتلوه متيقنين أنه هو بل شاكين متوهمين ونجّاه الله من شرهم فرفعه إِلى السماء حياً بجسده وروحه كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي عزيزاً في ملكه حكيماً في صنعه.
{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي ليس أحد من اليهود والنصارى إِلا ليؤمننَّ قبل موته بعيسى وبأنه عبد الله ورسوله حين يعاين ملائكة الموت ولكن لا ينفعه إِيمانه، قال ابن عباس: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى قيل له: أرأيت إِن ضرُبت عُنق أحدهم؟ قال: يلجلج بها لسانه وكذا صحّ عن مجاهد وعكرمة وابن سيرين: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} أي يشهد عيسى على اليهود بأنهم كذبوه وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:21 pm


عاقبة ظلم اليهود وارتكابهم المنهي عنه، وثواب المؤمنين منهم
{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}
{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} أي بسبب ظلم اليهود وما ارتكبوه من الذنوب العظيمة حرمنا عليهم أنواعاً من الطيبات التي كانت محلّلة لهم: {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} أي وبمنعهم كثيراً من الناس عن الدخول في دين الله، قال مجاهد: صدوا أنفسهم وغيرهم عن الحق: {وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} أي تعاطيهم الربا وقد حرمه الله عليهم في التوراة: {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} أي بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} أي وهيأنا لمن كفر من هؤلاء اليهود العذاب المؤلم الموجع.
{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} أي لكن المتمكنون في العلم منهم والثابتون فيه كعبد الله بن سلام وجماعته: {وَالْمُؤْمِنُونَ} أي من المهاجرين والأنصار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير أهل الكتاب: {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} أي يؤمنون بالكتب والأنبياء: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} أي أمدح المقيمين الصلاة فهو نصبٌ على المدح: {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي المعطون زكاة أموالهم: {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} أي والمؤمنون بوحدانية الله وبالبعث بعد الموت: {أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} أي هؤلاء الموصوفون بالأوصاف الجليلة سنعطيهم ثواباً جزيلاً على طاعتهم هو الخلود في الجنة.

وحدة الوحي الإلهي والحكمة من إرسال الرُّسُل
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)}

المنَـاسَــبَة:

لمَّا حكى تعالى جرائم اليهود التي من ضمنها كفرهم بعيسى ومحمد وزعمهم أنهم صلبوا المسيح، ذكر تعالى هنا أن الإِيمان بجميع الرسل شرط لصحة الإِيمان، وأنه أرسل سائر المرسلين مبشرين ومنذرين، ثم دعا النصارى إِلى عدم الغلو في شأن المسيح باعتقادهم فيه أنه ابن الله أو ثالث ثلاثة، فليس هو ابن الله كما يزعم النصارى وليس ابن زنى كما يزعم اليهود فكلا الفريقين واقع بين الإِفراط والتفريط، ثم ختمت السورة الكريمة بما ابتدأت به من رعاية حقوق الورثة من الأقرباء.
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} أي نحن أوحينا إِليك يا محمد كما أوحينا إِلى نوحٍ والأنبياء من بعده، وإِنما قدّم صلى الله عليه وسلم في الذكر وإِن تأخرت نبوته لتقدمه في الفضل: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} أي وأوحينا إِلى سائر النبيين إِبراهيم وإِسماعيل وغيرهم وقد خصَّ تعالى بالذكر هؤلاء تشريفاً وتعظيماً لهم وبدأ بعد محمد صلى الله عليه وسلم بنوحٍ لأنه شيخ الأنبياء وأبو البشر الثاني ثم ذكر إِبراهيم لأنه الأب الثالث ومنه تفرعت شجرة النبوة كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: 27] وقدّم عيسى على أنبياء كانوا قبله لشدة العناية بأمره لغلو اليهود في الطعن فيه والنصارى في تقديسه: {وءاتينا داود زبوراً} أي وخصصنا داود بالزبور، قال القرطبي: كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكمٌ من الأحكام وإِنما هي حِكَمٌ ومواعظ.
{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} أي وأرسلنا رسلاً منهم من ذكرنا أخبارهم لك يا محمد في غير هذه السورة: {وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} أي ورسلاً آخرين لم نخبرك عن أحوالهم: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} أي وخصّ الله موسى بأن كلّمه بلا واسطة ولهذا سُمي الكليم، وإِنما أكَّد: {تَكْلِيمًا} رفعاً لاحتمال المجاز قال ثعلب: لولا التأكيد لجاز أن تقول: قد كلمت لك فلاناً بمعنى كتبت إِليه رقعة أو بعثت إِليه رسولاً فلما قال تكليماً لم يكن إِلا كلاماً مسموعاً من الله تعالى.
{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} أي يبشرون بالجنة من أطاع وينذرون بالنار من عصى: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} أي بعثهم الله ليقطع حجة من يقول لو أُرسل إِليَّ رسولٌ لآمنتُ وأطعت فقطع الله حجة البشر بإِرسال الرسل وإِنزال الكتب: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي عزيزاً في ملكه حكيماً في صنعه.
ثم ذكر تعالى رداً على اليهود حين أنكروا نبوة محمد فقال: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ} أي إِن لم يشهد لك هؤلاء بالنبوة فالله يشهد لك بذلك بما أنزل إِليك من القرآن المعجز: {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ} أي أنزله بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره بأسلوب يعجز عنه كل بليغ، والملائكة يشهدون كذلك بما أنزل الله إِليك ويشهدون بنبوتك: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} أي كفى الله شاهداً فشهادته تعالى تغنيك وتكفيك وإِن لم يشهد غيره.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48351
العمر : 71

سورة النساء: القسم الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء: القسم الثاني   سورة النساء: القسم الثاني Emptyالإثنين 06 فبراير 2023, 10:21 pm


جزاء الكافرين والدعوة للإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)}
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيدًا} أي كفروا بأنفسهم ومنعوا الناس عن الدخول في دين الله قد ضلوا عن طريق الرشاد ضلالاً بعيداً لأنهم جمعوا بين الضلال والإِضلال فضلالهم في أقصى الغايات: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا} قال الزمخشري: أي جمعوا بين الكفر والمعاصي: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا} أي لن يعفو الله عنهم ولن يهديهم إِلى طريق الجنة لأنهم ماتوا على الكفر: {إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أي لن يهديهم إِلا إِلى الطريق الموصلة إِلى جهنم: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} لا يصعب عليه ولا يستعظمه.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} أي يا أيها الناس قد جاءكم محمد بالدين الحق والشريعة السمحة من عند ربكم: {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي صدّقوا ما جاءكم من عند ربكم يكن الإِيمان خيراً لكم: { وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي وإِن تستمروا على الكفر فإِن الله غني عنكم لا يضره كفركم إِذ له ما في الكون ملكاً وخلقاً وعبيداً: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي عليماً بأحوال العباد حكيماً فيما دبره لهم.

سبب النزول:
جاء وفد من النصارى إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد: لم تعيب صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا عيسى قال: وأي شيء أقول فيه؟ قالوا تقول: إِنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: إِنه ليس بعار أن يكون عبداً لله قالوا: بلى فأنزل الله: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: 172].

الرد على ضلالات النصارى وإفراطهم في تعظيم المسيح
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا علَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (173)}
ولمَّا ردّ تعالى شبهة اليهود فيما سبق أخذ في الردّ على ضلالات النصارى في إِفراطهم فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} أي يا معشر النصارى لا تتجاوزوا الحدَّ في أمر الدين بإفراطكم في شأن المسيح وادعاء ألوهيته وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} أي لا تصفوا الله بما لا يليق من الحلول والاتحاد واتخاذ الصاحبة والولد.
{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} أي ما عيسى إِلا رسولٌ من رسل الله وليس ابن الله كما زعمتم: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} أي وقد خلق بكلمته تعالى "كنْ" من غير واسطة أب ولا نطفة: {وَرُوحٌ مِنْهُ} أي ذو روح مبتدأةٍ من الله وهو أثر نفخة جبريل في صدر مريم حيث حملت بتلك النفخة بعيسى، وإِنما أضيف إِلى الله تشريفاً وتكريماً: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي آمنوا بوحدانيته وصدقوا رسله أجمعين: {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} أي لا تقولوا الآلهة ثلاثة: الله، والمسيح، ومريم، أو الله ثلاثة: الأب والإِبن وروح القدس، فنهاهم تعالى عن التثليث وأمرهم بالتوحيد لأن الإِله منزّه عن التركيب وعن نسبة المركب إِليه: {انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي انتهوا عن التثليث يكن ذلك خيراً لكم.
{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي منفرد في ألوهيته ليس كما تزعمون أنه ثالث ثلاثة: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} أي تنزّه الله عن أن يكون له ولد: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} خلقاً وملكاً وعبيداً وهو تعالى لا يماثله شيء حتى يتخذه ولداً: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} تنبيه على غناه عن الولد أي كفى الله أن يقوم بتدبير مخلوقاته وحفظها فلا حاجة له إِلى ولدٍ أو معين لأنه مالك كل شيء.
ثم ردّ تعالى على النصارى مزاعمهم الباطلة فقال: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} أي لن يأنف ويتكبر المسيح الذي زعمتم أنه إِلهٌ عن أن يكون عبداً لله: {وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} أي لا يستنكفون أيضاً أن يكونوا عبيداً لله: {وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} أي ومن يأنف ويتكبر عن عبادة الله سبحانه فسيبعثهم يوم القيامة للحساب والجزاء: {فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} أي يوفيهم ثواب أعمالهم: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي بإِعطائهم ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر: {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} أي وأما الذين أنفوا وتعظّموا عن عبادته فسيعذبهم عذاباً موجعاً شديداً: {وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} أي ليس لهم من يتولاهم أو ينصرهم من عذاب الله.

دعوة الناس للإيمان بالقرآن
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي أتاكم حجة من الله وهو محمد رسول الله المؤيد بالمعجزات الباهرة: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} أي أنزلنا عليكم القرآن ذلك النور الوضاء: {فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ} أي صدقوا بوحدانية الله وتمسكوا بكتابه المنير: {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} أي سيدخلهم في جنته دار الخلود: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} أي يهديهم إِلى دين الإِسلام في الدنيا وإِلى طريق الجنة في الآخرة.

ميراث الكلالة: الإخوة والأخوات لأب وأم أو لأب
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} أي يستفتونك يا محمد في شأن الميت إذا لم يكن له والدٌ أو ولد مَنْ يرثه؟: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} أي قل لهم من مات وليس له والدٌ أو ولد وهي الكلالة: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} أي وله أخت شقيقة أو أخت لأب فلها نصف ما ترك أخوها: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} أي وأخوها الشقيق أو لأب يرث جميع ما تركت إِن لم يكن لها ولد.
{فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} أي إِن كانت الأختان اثنتين فأكثر فلهما الثلثان مما ترك أخوهم: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} أي وإِن كان الورثة مختلطين إِخوة وأخواتٍ فللذكر منهم مثل نصيب الأختين: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي يبيّن الله لكم أحكامه وشرائعه خشية أن تضلوا: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي يعلم ما فيه مصلحتكم ومنفعتكم فهو تعالى العالم بمصالح العباد في المحيا والممات.



سورة النساء: القسم الثاني 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النساء: القسم الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: المـوسوعـة الإسلاميـة-
انتقل الى: