تجربة..
النظرة الأولى إليك تطبع في ذهن المقابل 70% من تصوره عنك..

67.    الاهتمام بالمظهر..
كان أبو حنيفة جالساً يوماً بين طلابه في المسجد يدرس..
وكان به ألم في ركبته.. وقد مد رجله.. واتكأ على جدار..
في هذه الأثناء.. أقبل رجل عليه لباس حسن.. وعمامة حسنة.. ومظهر مهيب.. كان وقوراً في مشيته.. جليلاً في خطوته..
أفسح له لطلاب حتى جلس بجانب أبي حنيفة..
فلما رأى ابو حنيفة مظهره.. ورزانته.. ورتابة هيئته ,, استحى من طريقة جلسته وثنى رجله.. وتحمل ألم ركبته لأجله..
استمر أبو حنيفة في درسه والرجل يسمع..
فلما انتهى من الدرس..
بدأ الطلاب يسألون.. فرفع ذلك الرجل يده ليسأل..
التفت إليه الشيخ.. وقال: ما سؤالك؟
فقال: يا شيخ.. متى وقت صلاة المغرب؟
قال: إذا غربت الشمس..!!
قال: وإذا جاء الليل والشمس لم تغرب.. فماذا نفعل؟!
فقال أبو حنيفة: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه.. ومد رجله كما كانت..
وسكت عن هذا السؤال المتناقض!!.. إذ كيف يأتي الليل والشمس لم تغرب؟!!
يقولون إن النظرة الأولى إليك تكوِّن في ذهن المقابل أكثر من 70% من تصوره عنك..
ويبدو أنه عند التأمل ستجد أن النظرة الأولى تكون أكثر من 95% عنك.. حتى تتكلم.. أو تعرِّف بنفسك..
ولو مشيت في ممر في مستشفى أو شركة وبجانبك شخص عليه ثياب حسنة.. وعليه وقار في مشيته.. لرأيت أنك – ربما لا شعورياً – إذا وصلت إلى باب في الممر التفتَّ إليه وقلت له: تفضل.. طال عمرك!!
ولو ركبت سيارة أحد أصدقائك فرأيتها فوضى.. هنا فردة حذاء مرمي.. وهنا روق شاورما.. وهما منديل.. وأشرطة كاسيت متناثرة..
لكونت فكرة عن الشخص مباشرة أنه فوضوي.. غير مبال بالترتيب..
وكذلك في لباس الناس.. ومظهرهم العام..
والذي أعنيه هنا هو الاهتمام بالمظهر لا الإسراف في اللباس أو السيارة.. أو الأثاث.. أو غيرها..
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتني بهذه النواحي كثيراً..
فكان له حلة حسنة يلبسها في العيدين والجمعة..
وكانت له حلة يلبسها في استقبال الوفود..
كان يعتني بمظهره ورائحته..
وكان يحب الطيب..
قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ.. إذا مشا تكفأ..
وما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ..
ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبي -صلى الله عليه وسلم- .. وكانت يدُه مطيبةً كأنما أخرجت من جؤنة عطار..
وكان -صلى الله عليه وسلم- .. يعرف بريح الطيب إذا أقبل..
وقال أنس -رضي الله عنه-  (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يرد الطيب)..
قال أنس: ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..
وكان -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجهاً.. كان وجهه مستنيراً كالشمس..
وكان إذا سُرّ استنـار وجهه.. حتى كأن وجهه قطعة قمر..
قال جابر بن سمرة رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة مضيئة مقمرة..
فجعلت أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى القمر.. وعليه حلة حمراء.. فإذا هو عندي أحسن من القمر..
وكان يأمر المسلمين بذلك يأمر المسلمين بمراعاة المظهر..
عن أبي الأحوص عن أبيه -رضي الله عنه- .. قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليّ ثوب دون  (أي ردئ)..
فقال -صلى الله عليه وسلم-: ألك مال؟ قلت: نعم..
قال: من أي المال؟ قلت: من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق..
فقال -صلى الله عليه وسلم-: فإذا آتاك الله مالاً.. فلُيرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامتِه..
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من أنعم الله عليه نعمة.. فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) .
وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال:
أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. زائراً في منزلنا فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره..
فقال: أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره؟
ورأى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟..
وقال: (من كان له شعر فليكرمه)..
وكان يحرّص على حسن السمت.. وجمال الشكل.. واللباس.. وطيب الرائحة..
وكان يردد في الناس قائلاً: (إن الله جميل يحب الجمال)..