منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة Empty
مُساهمةموضوع: القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة   القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة Emptyالسبت 06 أغسطس 2022, 12:06 am

القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة
تمهيد:
في هذا القسم مرويات سيف بن عمر التميمي عن فتنة مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، اجتمعت لديَّ أثناء جردي للمصادر لاستخراج مرويات الفتنة، أورد هذه الروايات مع تراجم لرجال أسانيدها، وهي ضعيفة لأنها من طريق سيف وهو ضعيف1 وبعضها ضعيف جداً لوجود رواة آخرين متروكين، كشعيب بن إبراهيم الكوفي الذي ينقل سيف من طريقه عدداً من هذه المرويات.
ويغلب على روايات سيف أنها تدافع أحياناً عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بينما نجدها في أحايين أخرى تشوه لنا صوراً لآخرين من الصحابة -رضي الله عنهم- وأرضاهم وتغنينا عن سيف ومروياته في فتنة مقتل عثمان -رضي الله عنه- المرويات المسندة الصحيحة، والحسنة التي رسمت لنا صورة جميلة مشرقة لمواقف الصحابة -رضي الله عنهم- في هذه الحادثة الأليمة من تاريخ الإسلام.
يلمح من خلال مقابلة عدد من مرويات سيف هذه بالروايات المسندة الأخرى أن روايات سيف تجمع عدداً من تلك الروايات، وتسوقها بإسناد واحد، وهي ملحوظة تحتاج إلى دقة في المقابلة قد تخرج لنا نتيجة مهمة في سيف ورواياته.
جل هذه الروايات يرويها لنا الطبري بسنده إلى سيف، وقلة منها التي يرويها ابن عساكر.
----------------------------
1 وأكتفي بهذه الإشارة عن تكرار الحكم عليها عند كل رواية تفادياً للتكرار.
----------------------------

وقد ترجمت لسيف في أول رواية منها، ولشيوخه وشيوخهم عند أول ورود لهم، وتركت الإشارة في الحاشية إلى تقدم تراجمهم عند تكرار ورودهم في الأسانيد؛ تفادياً للتكرار.
1- قال الطبري: "كتب إليّ السري1 عن شعيب2 عن سيف3 عن محمد4 وطلحة5 وأبي حارثة6 وأبي عثمان7 قالوا: صلى عثمان بالناس بعدما نزلوا به في المسجد ثلاثين يوماً، ثم إنهم منعوه الصلاة، فصلى بالناس أميرهم الغافقي، دان له المصريون، والكوفيون، والبصريون، وتفرق
----------------------------
1 السري بن يحيى بن السري التميمي، كوفي، أبو عبيدة، ابن أخي هناد بن السري، قال أبو حاتم: "كان صدوقاً" (ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 285).
2 شعيب بن إبراهيم الرفاعي، الكوفي، قال الذهبي: "راوية كتب سيف فيه جهالة" وذكر الخطيب البغدادي أنه يقال له أيضاً: شعيب بن أبي طلحة قال عنه ابن عدي: "له أحاديث وأخبار وهو ليس بذلك المعروف، ومقدار ما يروي من الحديث والأخبار ليست بالكثيرة، وفيه بعض النكرة، لأن في أخباره وأحاديثه ما فيه تحامل على السلف (المغني في الضعفاء للذهبي
1/ 298، والموضح لأوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي 2/ 1319، وفي الضعفاء لابن عدي 4/ 1319، والعقيلي 1/ 298).
3 سيف بن عمر التميمي، صاحب كتاب الردة ويقال الضبي، الكوفي، ضعيف الحديث، عمدة في التاريخ أفحش بخ القول فيه، من الثامنة، مات زمن الرشيد ت (التقريب/ 2724).
4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة لم أجد له ترجمة.
5 طلحة بن الأعلم أبو الهيثم، الحنفي، كوفي، قال عنه أبو حاتم "شيخ" "ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل 4/ 482" وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 488).
6 لم أجد له ترجمة.
7 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة.

----------------------------
أهل المدينة في حيطانهم1 ولزموا بيوتهم، لا يخرج أحد ولا يجلس إلا وعليه سيفه يمتنع به من رهق القوم، وكان الحصار أربعين يوماً، وفيهن كان القتل، ومن تعرض لهم وضعوا فيه السلاح، وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوماً يكفون"2.
2- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة3 وأبي عثمان4 ومحمد5 وطلحة6 قالوا: قتل عثمان -رضي الله عنه- ثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة يوم الجمعة في آخر ساعة"7.
3- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان8 قالوا: فلما بويع الناس، جاء السابق فقدم بالسلامة، فأخبرهم من الموسم
----------------------------
1 أي في بساتينهم (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 2/ 368).
2 تاريخ الأمم والملوك (4/ 353-354).
3 لم أجد له ترجمة.
4 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة.
5 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة لم أجد له ترجمة.
6 طلحة بن الأعلم، تقدمت ترجمته.
7 تاريخ الأمم والملوك (4/ 416).
8 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة.
----------------------------

أنهم يريدون جميعاً المصريين وأشياعهم، وأنهم يريدون أن يجمعوا ذلك إلى حجتهم؛ فلما أتاهم ذلك مع ما بلغهم من نفور أهل الأمصار أعلقهم الشيطان، وقالوا: لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل فيشتغل بذلك الناس عنا، ولم يبق خصلة1 يرجون بها النجاة إلا قتله فراموا2 الباب، فمنعهم من ذلك الحسن، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص، ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم واجتلدوا3 فناداهم عثمان: الله الله أنتم في حل من نصرتي فأبوا، ففتح الباب، وخرج ومعه الترس4 والسيف ليَنَهِنْهَهُم5 فلما رأوه أدبر المصريون وركبهم هؤلاء، ونَهْنَهَهُم6 فتراجعوا وعظم على الفريقين، وأقسم على الصحابة ليدخلن، فأبوا أن ينصرفوا فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين - وقد كان المغيرة بن الأخنس بن شريق7 فيمن حج، ثم تعجل8 في نفر
----------------------------
1 الخصلة هي: الخلة والفضيلة والرذيلة أو قد غلب على الفضيلة (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 379).
2 الروم: الطلب: أي طلبوا الباب واتجهوا إليه (القاموس المحيط 4/ 124).
3 جالدوا بالسيوف أي: تضاربوا (القاموس 1/ 294).
4 الترس: من السلاح المتوقي بها (ابن منظور، لسان العرب 6/ 32).
5 النهنهة: الكف تقول: نهنهت فلاناً إذا زجرته فتنهنه أي كففته فكف (لسان العرب 13/ 550).
6 انظر الحاشية السابقة.
7 المُغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي، قيل إنه قتل يوم الدار مع عثمان ذكره الحافظ ابن حجر في القسم الأول من الإصابة (3/ 452).
8 التعجيل في الحج هو المكوث في منى يومين بعد العيد، وذلك كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (سورة البقرة، الآية: 203).
----------------------------

حجوا معه، فأدرك عثمان قبل أن يقتل وشهد المناوشة1 ودخل الدار فيمن دخل وجلس على الباب من داخل وقال: ما عذرنا عند الله إن تركناك ونحن نستطيع ألا ندعهم حتى نموت، فاتخذ عثمان تلك الأيام القرآن نحبا2 يصلي وعنده المصحف، فإذا أعيا3 جلس فقرأ فيه - وكانوا يرون القراءة في المصحف من العبادة - وكان القوم الذين كفكفهم4 بينه وبين الباب، فلما بقي المصريون لا يمنعهم أحد من الباب ولا يقدرون على الدخول جاءوا بنار، فأحرقوا الباب والسقيفة5 فتأجج الباب والسقيفة، حتى إذا احترق الخشب خرت السقيفة على الباب، فثار أهل الدار وعثمان يصلي، حتى منعوهم الدخول وكان أول من برز لهم المغيرة بن الأخنس وهو يرتجز:
قد علمت جارية عطبول6 ... ذات وشاح7 ولها جديل8
----------------------------
1 المناوشة هي: المناولة في القتال (الفيروز آبادي، القاموس المحيط 3/ 302).
2 النحب: رفع الصوت بالبكاء (ابن منظور، لسان العرب 1/ 749).
3 الإعياء هو: العجز عن الشيء وعدم إطاقة إحكامه (القاموس المحيط 15/ 111).
4 كفكفهم أي ردهم (ابن منظور، لسان العرب 9/ 303).
5 السقيفة: السقف غماء البيت (لسان العرب 9/ 155).
6 العطبول: الحسنة التامة، الجميلة الفتية الممتلئة، طويلة العنق (لسان العرب 11/ 456).
7 الوشاح: كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما معطوف أحدهما على الآخر، وأديم عريض يرصع بالجوهر، فتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها (القاموس المحيط 1/ 264).
8 الجديل: الزمام المجدول من أدم، وجعل من أدم أو شعر في عنق البعير والوشاح (القاموس المحيط 3/ 357).
----------------------------

أني بنصل1 السيف خنشليل2 ... لأمنن منكم خليلي
بصارم3 ليس بذي فلول4.
وخرج الحسن بن علي وهو يقول:
لا دينهم ديني ولا أنا منهم ... حتى أسير إلى طمار5 شمام6
وخرج محمد بن طلحة وهو يقول:
أنا ابن من حامى عليه بأحد ... ورد أحزابا على رغم معد
وخرج سعيد بن العاص وهو يقول:
صبرنا غداة الدار والموت واقب7 ... بأسافنا دون ابن أروى نضارب
وكنا غداة الروع في الدار نصة ... نشافههم بالضرب والموت ثاقب8
فكان آخر من خرج عبد الله بن الزبير، وأمره عثمان أن يصير إلى أبيه في وصية بما أراد، وأمره أن يأتي أهل الدار فيأمرهم بالانصراف إلى
----------------------------
1 النصل: حديدة السهم والرمح والسيف ما لم يكن له مقبض (القاموس 4/ 58).
2 الخنشليل: البعير السريع والضخم الشديد (القاموس 3/ 392).
3 الصارم: السيف القاطع كالصروم (القاموس المحيط 4/ 140).
4 سيف فلول: أي منثلم (القاموس 4/ 33).
5 طمار: اسم للمكان المرتفع (لسان العرب 4/ 502).
6 شمام: مشتق من الشمم وهو العلو، وجبل أشم طويل الرأس؛ وهو اسم جبل لباهلة (ياقوت/ معجم البلدان 3/ 361) (لسان العرب 12/ 327).
7 الثاقب: المضيء والواضح (لسان العرب 1/ 240).
8 الوقوب: الدخول في الشيء (القاموس المحيط 1/ 143، لسان العرب 1/ 801).
----------------------------

منازلهم، فخرج عبد الله بن الزبير آخرهم، فما زال يدعى بها ويحدث الناس عن عثمان بآخر ما مات عليه"1.
4- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته وعزم، وعزم له المسلمون على الصبر، والامتناع عليهم بسلطان الله, قال: اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب، وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني، وأرسل إلى طلحة والزبير وعلي وعدة: أن ادنوا. فاجتمعوا فأشرف عليهم فقال: يا أيها الناس، اجلسوا، فجلسوا جميعاً، المحارب الطارئ، والمسالم المقيم. فقال: يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه، ولأدعن هؤلاء وما وراء بابي غير معطيهم شيئاً يتخذونه عليكم دخلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون الله عز وجل الصانع في ذلك ما أحب وأمر أهل المدينة بالرجوع.
وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن، ومحمداً، وابن الزبير، وأشباها
----------------------------
1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 387-389).
2 تقدمت ترجمته.
----------------------------

منازلهم، فخرج عبد الله بن الزبير آخرهم، فما زال يدعى بها ويحدث الناس عن عثمان بآخر ما مات عليه"1.
4- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما قضى عثمان في ذلك المجلس حاجاته وعزم، وعزم له المسلمون على الصبر، والامتناع عليهم بسلطان الله, قال: اخرجوا رحمكم الله فكونوا بالباب، وليجامعكم هؤلاء الذين حبسوا عني، وأرسل إلى طلحة والزبير وعلي وعدة: أن ادنوا. فاجتمعوا فأشرف عليهم فقال: يا أيها الناس، اجلسوا، فجلسوا جميعاً، المحارب الطارئ، والمسالم المقيم. فقال: يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا حتى يقضي الله في قضاءه، ولأدعن هؤلاء وما وراء بابي غير معطيهم شيئاً يتخذونه عليكم دخلاً في دين الله أو دنيا حتى يكون الله عز وجل الصانع في ذلك ما أحب وأمر أهل المدينة بالرجوع.
وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن، ومحمداً، وابن الزبير، وأشباها
----------------------------
1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 387-389).
2 تقدمت ترجمته.
----------------------------

وإلى الزبير، وإلى عائشة -رضي الله عنه-ا وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان أولهم إنجاداً له علي وأم حبيبة؛ جاء علي في الغلس فقال: يا أيها الناس، إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هذا الرجل المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي، وما تعرض لكم هذا الرجل، فبم تستحلون حصره وقتله؟ قالوا: لا والله ولا نعمة عين لا نتركه يأكل ولا يشرب، فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت فيما أنهضتني، فرجع، وجاءت أم حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملة على إداوة، فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة فضربوا وجه بغلتها، فقالت: إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل، قالوا: كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فندت بأم حبيبة فتلقاها الناس وقد مالت رحالتها، فتعلقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل، فذهبوا بها إلى بيتها. وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة واستتبعت أخاها، فأبى فقالت: أما والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلن.
وجاء حنظلة الكاتب حتى قام على محمد بن أبي بكر، فقال: يا محمد تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها؟ وتدعوك ذوبان العب إلى ما لا يحل فتتبعهم؟ فقال: ما أنت وذاك يا ابن التميمة، فقال: يا ابن الخثعمية، إن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف، وانصرف وهو يقول:
عجبت لما يخوض الناس فيه ... يرمون الخلافة أن تزولا
ولو زالت لزال الخير عنهم ... ولاقوا بعدها ذلا ذليلا
وكانوا كاليهود أو النصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا
ولحق بالكوفة, وخرجت عائشة وهي ممتلئة غيظاً على أهل مصر، وجاءها مروان بن الحكم فقال: يا أم المؤمنين، لو أقمت كان أجدر أن يراقبوا هذا الرجل فقالت: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة ثم لا أجد من يمنعني؟ لا والله ولا أعير ولا أدري الأم1 يسلم أمر هؤلاء؟ وبلغ طلحة والزبير ما لقي علي وأم حبيبة فلزموا بيوتهم؛ وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات عليهم الرقباء، فأشرف عثمان على الناس، فقال: يا عبد الله بن عباس - فدعي له - فقال: اذهب فأنت على الموسم - وكان ممن لزم الباب - فقال: والله يا أمير المؤمنين لجهاد هؤلاء أحب إليّ من الحج، فأقسم عليه لينطلقن، فانطلق ابن عباس على الموسم تلك السنة، ورمى عثمان إلى الزبير بوصيته، فانصرف بها - وفي الزبير اختلاف أأدرك مقتله أو خرج قبله؟ - وقال عثمان: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ...} 2 الآية، اللهم حل بين الأحزاب وبين ما يأملون كما فعل بأشياعهم من قبل"3.
----------------------------
1 هكذا في الرواية ولعلها: "إلام".
2 سورة هود، الآية (89).
3 تاريخ الأمم والملوك (4/ 385-387).
----------------------------

ولبعض هذه الرواية شواهد صحيحة تقدمت منها:
محاولة علي -رضي الله عنه- مساعدته، وإلقائه عمامته في الدار، ليدل على محاولته مساعدة عثمان -رضي الله عنهما-1.
ومجيء أم حبيبة -رضي الله عنه-ا لمساعدة عثمان وضرب البغاة لوجه بغلتها ورجوعها2.
6- قال الطبري: كتب إليّ السري3 عن شعيب عن سيف عن محمد4 وطلحة5 وأبي حارثة6 وأبي عثمان7 قالوا: وأحرقوا الباب وعثمان في الصلاة، وقد افتتح {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} 8 وكان سريع القراءة، فما كرثه ما سمع، وما يخطئ وما يتتعتع، حتى أتى عليها قبل أن يصلوا إليه - ثم عاد فجلس إلى عند المصحف وقرأ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ
----------------------------
1 انظر الملحق الروايات: [85-87].
2 انظر الملحق الرواية رقم: [40] والتعليق عليها.
3 تقدمت ترجمته.
4 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويره لم أجد له ترجمة.
5 طلحة بن الأعلم، تقدمت ترجمته.
6 لم أجد له ترجمة.
7 يزيد بن أسيد الغساني، لم أجد له ترجمة.
8 سورة طه، الآيتان (1-2).
----------------------------

النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 1.
وارتجز المغيرة بن الأخنس وهو دون الدار في أصحابه:
قد علمت ذات القرون الميل ... والحلى والأنامل الطفول
لتصدقن بيعتي خليلي ... بصارم ذي رونق مصقول
لا أستقبل أن أقت قيلي
وأقبل أبو هريرة والناس محجمون عن الدار إلا أولئك العصبة، فدسروا فاستقتلوا، فقام معهم وقال: أنا أسوتكم، وقال هذا يوم طاب امضرب - يعني أنه حل القتال، وطاب، وهذه لغة حمير - ونادى يا قوم، ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ وبادر مروان يومئذ ونادى: رجل رجل، فبرز له رجل من بني ليث يدعى النباع، فاختلفا، فضربه مروان أسفل رجليه، وضربه الآخر على أصل العنق فقلبه فانكب مروان واستلقى فاجتر هذا أصحابه واجتر الآخر أصحابه، فقال المصريون: أما والله لولا أن تكونوا حجة علينا في الأمة لقد قتلناكم بعد تحذير. فقال المغيرة: من يبارز؟ فبرز له رجل فاجتلد وهو يقول:
أضربهم باليابس ... ضرب غلام بائس
من الحياة آيس
----------------------------
1 سورة آل عمران، الآية (173).
----------------------------

فأجابه صاحبه... وقال الناس: قتل المغيرة بن الأخنس، فقال الذي قتله: إنا لله، فقال له عبد الرحمن بن عديس: ما لك؟ قال: إني أتيت فيما يرى النائم، فقيل لي: بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار، فابتليت له؛ وقتل قباث الكناني نيار بن عبد الله الأسلمي، واقتحم الناس الدار من الدور التي حولها حتى ملؤوها، ولا يشعر الذين بالباب، وأقبلت القبائل على أبنائهم فذهبوا بهم إذ غلبوا على أميرهم، وندبوا رجلاً لقتله، فانتدب له رجل، فدخل عليه البيت, فقال: اخلعها وندعك, فقال: ويحك والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله عز وجل، وأنا على مكاني حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاء, فخرج وقالوا: ما صنعت؟ فقال: علقنا ولله، والله ما ينجينا من الناس إلا قتله وما يحل لنا قتله، فأدخلوا عليه رجلاً من بني ليث، فقال: ممن الرجل؟ فقال: ليثي، فقال: لست بصاحبي، قال: وكيف؟ فقال: ألست الذي دعا لك النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفر أن تحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فلن تضيع، فرجع وفارق القوم، فأدخلوا عليه رجلاً من قريش فقال: يا عثمان، إني قاتلك، قال: كلا يا فلان، لا تقتلني، قال: وكيف؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارف دماً حراماً. فاستغفر ورجع، وفارق أصحابه فأقبل عبد الله بن سلام حتى قام على باب الدار ينهاهم عن قتله، وقال: يا قوم لا تسلوا سيف الله عليكم، فوالله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرة، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسيف. ويلكم إن مدينتكم محفوفة بملائكة الله، والله لئن قتلتموه لتتركنها، فقالوا: يا ابن اليهودية، وما أنت وهذا فرجع عنهم, قالوا: وكان آخر من دخل عليه ممن رجع إلى القوم محمد بن أبي بكر، فقال له عثمان: ويلك أعلى الله تغضب هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك؟ فنكل ورجع, قالوا: فلما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره، ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي، فضربه الغافقي بحديدة معه، وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف فاستقر بين يديه، وسالت عليه الدماء، وجاء سودان بن حمران ليضربه، فانكبت عليه نائلة ابنة الفرافصة، واتقت السيف بيدها، فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أصابع يدها وولت، فغمز أوراكها، وقال: إنها لكبيرة العجيزة، وضرب عثمان فقتله، ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه - وقد كان عثمان أعتق من كف منهم - فلما رأوا سودان قد ضربه، أهوى له بعضهم فضرب عنقه فقتله، ووثب قتيرة على الغلام فقتله، وانتهبوا ما في البيت وأخرجوا من فيه، ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى, فلما خرجوا إلى الدار، وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فقتله، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا، حتى تناولوا ما على النساء، وأخذ رجل ملاءة نائلة - والرجل يدعى كلثوم بن تجيب - فتنحت نائلة، فقال: ويح أمك من عجيزة ما أتمك، وبصر به غلام لعثمان فقتله وقتل، وتنادى القوم: أبصر رجل من صاحبه، وتنادوا في الدار: أدركوا بيت المال لا تسبقوا إليه، وسمع أصحاب بيت المال أصواتهم وليس فيه إلا غرارتان فقالوا: النجاء، فإن القوم إنما يحاولون الدنيا، فهربوا وأتوا بيت المال فانتهبوه وماج الناس فيه، فالتانيء يسترجع ويبكي والطارئ يفرح، وندم القوم، وكان الزبير قد خرج من المدينة، فأقام على طريق مكة لئلا يشهد مقتله، فلما أتاه الخبر بمقتل عثمان وهو بحيث هو، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله عثمان، وانتصر له، وقيل له: إن القوم نادمون، فقال: دبروا دبروا {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} 1 الآية، وأتى الخبر طلحة، فقال: رحم الله عثمان وانتصر له وللإسلام، وقيل له: إن القوم نادمون. فقال: تباً لهم وقرأ: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُون} 2. وأتى علي فقيل: قتل عثمان، فقال: رحم الله عثمان، وخلف علينا بخير، وقيل: ندم القوم، فقرأ: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ} 3 الآية، وطُلب سعد، فإذا هو في حائطه، وقد قال: لا
----------------------------
1 سورة سبأ، الآية (54).
2 سورة يس، الآية (50).
3 سورة الحشر، الآية (16).
----------------------------

أشهد قتله، فلما جاءه قتله قال: فررنا إلى المدينة تدنينا وقرأ: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} 1 اللهم أندمهم ثم خذهم.
ولبعض ما جاءت به هذه الرواية شواهد صحيحة، تقدمت منها: قول أبي هريرة: هذا يوم طاب أمضرب2 وعرض الخارجين على عثمان الخلع وقوله لهم: ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله عز وجلّ3"4.
7- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: قتل عثمان -رضي الله عنه- يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على رأس إحدى عشرة سنة، وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً من مقتل عمر -رضي الله عنه-"5.
----------------------------
1 سورة الكهف، الآية (104).
2 انظر الملحق الرواية رقم: [93].
3 انظر (ص: )
4 تاريخ الأمم والملوك (4/ 389-392).
5 تاريخ الأمم والملوك (4/ 416).
----------------------------



القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة   القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة Emptyالسبت 06 أغسطس 2022, 12:09 am

8- روى ابن عساكر: من طريق السري1 بن يحيى قال: أنا شعيب بن إبراهيم، نا سيف بن عمر عن أبي حارثة وأبي عثمان ومحمد وطلحة قالوا: قتل عثمان لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة يوم الجمعة في آخر ساعة دخلوا عليه وهو يدعو: اللهم لا تكلني إلى نفسي فتعجز عني، ولا إلى الدنيا فتغرني، ولا إلى الناس فيخذلوني، ولكن تول أنت صلاح آخرتي التي أصير إليها، وأخرجني من الدنيا سالماً، اللهم حل بينهم وبين ما يشتهون من الدنيا. وبغضهم إلى خلقك واجعلهم شيناً على من تولاهم، أما والله لولا أنها ساعة الجمعة وأني أمرت أن أدعو عليكم لما فعلت ولصبرت.

فقتل - رحمه الله -، وقتل قاتله، وقتل ناصره، وأغلق الباب على ثلاثة قتلى، وفي الدار أحد المصريين. وقتل قاتله، فقالت نائلة لعبد الرحمن بن عديس: إنك أمس القوم بي رحماً، وأولاهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات: فشتمها وزجرها حتى إذا كان في جوف الليل خرج مروان حتى يأتي دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله، وعليّ، والحسن، وكعب بن مالك وعامة من ثم من الصحابة، وتوافى إلى موضع الجنائز صبيان ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا به إلى البقيع، فدفنوه فيه مما يلي حشان كوكب.

----------------------------

1 تقدمت ترجمته.

----------------------------

حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان فأخرجوهم، فرأوهم، فمنعوهم من أن يدفنوهم، فأدخلوهم حشان كوكب، فلما انفشوا خرجوا بهما فدفنوهما إلى جنب عثمان ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة: فاطمة أم إبراهيم بن عربي.

ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر فقالوا: إنك أمس القوم بنا رحماً، فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا، فكلمهم في ذلك فأبوا؛ فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر، ومن لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما، فجر بأرجلهما، فرمي بهما في البلاط فأكلتهما الكلاب.

وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما: نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على أسماء الرقيق، لفضلهما وبلائهما ولم يحفظ الناس اسم الثالث"1.

9- قال الطبري: "وأما سيف فإنه روى فيما كتب به إليّ السري عن شعيب عنه عن أبي حارثة وأبي عثمان ومحمد وطلحة أن عثمان لما قتل أرسلت نائلة إلى عبد الرحمن بن عديس فقالت له: إنك أمس القوم رحماً وأولاهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات. قال: فشتمها، وزجرها، حتى إذا كان في جوف الليل خرج مروان حتى أتى دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله،

----------------------------

1 تاريخ دمشق (ترجمة عثمان 536-538).

----------------------------

وعليّ، والحسن، وكعب بن مالك، وعامة من ثم من سحابه، فتوافى إلى موضع الجنائز صبيان، ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا إلى البقيع، فدفنوه فيه مما يلي حش كوكب، حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان الذين قتلوا معه فأخرجوهم. فرأوهم فمنعوهم من أن يدفنوا، فأدخلوهم حش كوكب، فلما أمسوا خرجوا بعبدين منهم، فدفنوهما إلى جنب عثمان، ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة فاطمة أم إبراهيم بن عدي، ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر، فقالوا: إنك أمس بنا رحماً، فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا، فكلمهم في ذلك فأبوا، فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر ومن لف لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما، فجرا بأرجلهما فرمي بهما على البلاط، فأكلتهما الكلاب، وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على الرقيق لفضلهما وبلائهما، ولم يحفظ الناس اسم الثالث، ولم يغسل عثمان، وكفن في ثيابه ودمائه ولا غسل غلاماه"1.

10- قال الطبري: "كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد3 وطلحة وأبي

----------------------------

1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 414-415).

2 تقدمت ترجمته.

3 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة.

----------------------------

حارثة وأبي عثمان قالوا: لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء؛ المقلل يقول: ستمائة، والمكثر يقول: ألف. على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التجيبي، وعروة بن شيبم الليثي، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وسواد بن رومان الأصبحي، وزرع بن يشكر اليافعي، وسودان بن حمران السكوني، وقتيرة بن فلان السكوني، وعلى القوم جميعاً الغافقي بن حرب العكي، ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، وإنما أخرجوا كالحجاج ومعهم ابن سوداء1. وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق، وعلى الرفاق زيد بن صوحان العبدي، والأشتر النخعي، وزياد بن النضر الحارثي، وعبد الله بن الأصم، أحد بني عامر بن صعصعة، وعددهم كعدد أهل مصر، وعليهم جميعاً عمرو بن الأصم. وخرج أهل البصرة في أربع رفاق، وعلى الرفاق حكيم بن جبلة العبدي، وذريح بن عباد العبدي، وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي، وابن المحرش بن عبد بن عمرو الحنفي؛ وعددهم كعدد أهل مصر، وأميرهم جميعاً حرقوص بن زهير السعدي سوى من تلاحق بهم من الناس.

فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون علياً، وأما أهل البصرة فإنهم كانوا يشتهون طلحة، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير.

----------------------------

1 ابن سوداء هو: عبد الله بن سبأ.

----------------------------

فخرجوا وهم على الخروج جميع وفي الناس شتى لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها، وأن أمرها سيتم دون الآخرين، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث، تقدم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب، وناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص، وجاءهم ناس من مصر، وتركوا عامتهم بذي مروة. ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالا: لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد، فإنه بلغنا أنهم قد عسكروا لنا، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا واستحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا فهم إذا علموا علمنا أشد، وأن أمرنا هذا لباطل، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلاً لنرجعن إليكم بالخبر. قالوا: اذهبا، فدخل الرجلان فلقينا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلياً، وطلحة، والزبير وقالا: إنما نأتم هذا البيت، ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا، ما جئنا إلا لذلك، واستأذناهم للناس بالدخول فكلهم أبى ونهى وقال: بيض ما يفرخن. فرجعا إليهم فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا علياً، ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير، وقال كل فريق منهم إن بايعوا صاحبنا ولا كدناهم وفرقنا جماعتهم، ثم كررنا حتى نبغتهم، فأتى المصريون علياً وهو في عسكر عند أحجار الزيت، عليه حلة أفواف معتم بشقيقة حمراء يمانية، متقلد السيف، ليس عليه قميص، وقد سرح الحسن1 إلى عثمان فيمن اجتمع إليه. فالحسن جالس عند عثمان، وعليّ عند أحجار الزيت، فسلم عليه المصريون وعرضوا له، فصاح بهم واطّردهم، وقال: لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، فارجعوا لا صحبكم الله. قالوا: نعم، فانصرفوا من عنده على ذلك.

وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب عليّ، وقد أرسل ابنيه إلى عثمان، فسلم البصريون عليه وعرضوا له، فصاح بهم واطردهم، وقال: لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى، وقد سرح ابنه عبد الله إلى عثمان، فسلموا عليه وعرضوا له، فصاح بهم واطردهم وقال: لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، فخرج القوم وأروهم أنهم يرجعون، فانفشوا عن ذي خشب، والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم وهي ثلاث مراحل، كي يفترق أهل المدينة ثم يكروا راجعين. فافترق أهل المدينة لخروجهم.

فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم، فبغتوهم فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة، فنزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن.

----------------------------

1 الحسن بن علي --رضي الله عنهما- -تقدمت ترجمته.

----------------------------

وصلى عثمان بالناس أياماً، ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحداً من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم عليّ، فقال: ما ردكم بعد ذهابكم، ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتاباً بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعاً، كأنما كانوا على ميعاد. فقال لهم عليّ: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل، ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة. قالوا: فضعوه على ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا. وهو في ذلك يصلي بهم، وهم يصلون خلفه، ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدق من التراث، وكانوا لا يمنعون أحداً من الكلام، وكانوا زمراً بالمدينة، يمنعون الناس من الاجتماع.

وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن الله عز وجل بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً، فبلغ عن الله ما أمره به، ثم مضى وقد قضى الذي عليه، وخلف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه، ويبان الأمور التي قدر، فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبوبكر -رضي الله عنه- وعمر -رضي الله عنه- ثم أدخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملأ من الأمة، ثم أجمع أهل الشورى على ملأ منهم ومن الناس عليّ، على غير طلب مني ولا محبة، فعملت فيهم ما يعرفون ولا ينكرون تابعاً غير مستتبع، متبعاً غير مبتدع، مقتدياً غير متكلف. فلما انتهت الأمور، وانتكث الشر بأهله بدت ضغائن وأهواء عليَّ غير أجرام ولا ترة فيما مضى إلا إمضاء الكتاب، فطلبوا أمراً وأعلنوا غيره بغير حجة ولا عذر، فعابوا علي أشياء مما كانوا يرون، وأشياء عن ملأ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسي، وكففتها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله عز وجل جرأة، حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحرمه، وأرض الهجرة، وثابت إليهم الأعراب فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون، فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق.

فأتى الكتاب أهل الأمصار، فخرجوا على الصعبة والذلول، فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري، وبعث عبد الله بن سعد معاوية بن حديج السكوني، وخرج من أهل الكوفة القعقاع بن عمرو. وكان المحضضين بالكوفة على إغاثة أهل المدينة عقبة بن عمرو، وعبد الله بن أبي أوفى، وحنظلة بن الربيع التميمي، في أمثالهم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكان المحضضين بالكوفة من التابعين أصحاب عبد الله مسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وشريح بن الحارث، وعبد الله بن عكيم في أمثالهم، يسيرون فيها، ويطوفون على مجالسها، يقولون: يا أيها الناس إن الكلام اليوم وليس غداً، وإن النظر يحسن اليوم ويقبح غداً، وإن القتال يحل اليوم ويحرم غداً، انهضوا إلى خليفتكم وعصمة أمركم.

وقال بالبصرة عمران بن حصين وأنس بن مالك، وهشام بن عامر في أمثالهم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون مثل ذلك، ومن التابعين كعب بن سور وهرم بن حيان العبدي، وأشباه لهما يقولون ذلك، وقام بالشام عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو أمامة في أمثالهم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون مثل ذلك، ومن التابعين شريك بن خباشة النميري، وأبو مسلم الخولاني، وعبد الرحمن بن غنم بمثل ذلك. وقام بمصر خارجة في أشباه له، وقد كان بعض المحضضين قد شهد قدومهم، فلما رأوا حالهم انصرفوا إلى أمصارهم بذلك وقاموا فيهم.

ولما جاءت الجمعة التي على إثر نزول المصريين مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج عثمان فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال: يا هؤلاء العدى الله الله؛ فوالله، إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، فامحوا الخطايا بالصواب، فإن الله عز وجل لا يمحو السيء إلا بالحسن.

فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا أشهد بذلك، فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده، فقام زيد بن ثابت فقال: ابغني الكتاب، فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده وقال فأفظع، وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشياً عليه، فاحتمل فأدخل داره، وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن يساعدهم إلا ثلاثة نفر، فإنهم كانوا يراسلونهم: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، وعمار بن ياسر، وشمر أناس من الناس فاستقتلوا، منهم سعد بن مالك، وأبو هريرة، وزيد بن ثابت، والحسن بن عليّ؛ فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا، فانصرفوا، وأٌبل عليّ عليه السلام حتى دخل على عثمان، وأقبل طلحة حتى دخل عليه، وأقبل الزبير حتى دخل عليه يعودونه من صرعته، ويشكون بثهم، ثم رجعوا إلى منازلهم"1.

11- قال الطبري: كتب إليّ السري2 عن شعيب عن سيف عن محمد3 وطلحة وعطية4 قالوا: كتب عثمان إلى أهل الأمصار: أما بعد، فإني آخذ العمال بموافاتي في كل موسم، وقد سلطت الأمة منذ وليت على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فلا يُرْفع عليّ شيء ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته، وليس لي ولعيالي حق قبل الرعيّة إلا متروك لهم. وقد رفع إليّ أهل المدينة أن أقواماً يشتمون وآخرون يضربون، فيا من ضُرب سراً، وشتم سراً، من ادعى شيئاً من ذلك فليواف المواسم فليأخذ بحقه حيث كان مني أو من عمالي، أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين. فلما قرئ في الأمصار أبكى الناس، ودعوا لعثمان وقالوا: إن الأمة لتمخض بشر، وبعث إلى عمال

----------------------------

1 تاريخ الأمم والملوك (348-353).

2 تقدمت ترجمته.

3 محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، لم أجد له ترجمة.

4 عطية بن الحارث، أبو روق، الهمداني، الكوفي، صاحب التفسير، صدوق، من الخامسة، د س ق (التقريب/ 4615).

----------------------------

الأمصار فقدموا عليه: عبد الله بن عامر، ومعاوية، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيداً وعمراً، فقال: ويحكم ما هذه الشكاية؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقاً عليكم وما يعصب هذا إلا بي، فقالوا له: ألم تبعث؟ ألم نرجع إليك الخبر عن القوم؟ ألم يرجعوا ولم يشافههم أحد بشيء؟ لا والله ما صدقوا ولا بروا، ولا نعلم لهذا الأمر أصلاً، وما كنت لتأخذ به أحداً فيقيمك على شيء، وما هي إلا إذاعة لا يحل الأخذ بها، ولا الانتهاء إليها, قال: فأشيروا عليّ. قال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع بصنع في السر، فيلقى به غير ذي المعرفة، فيخبر به، فيتحدث به في مجالسهم، قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم ثم قتل هؤلاء الذين يخرج هذا من عندهم, وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذين عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم، فإنه خير من أن تدعهم. قال معاوية: قد وليتني فوليت قوماً لا يأتيك عنهم إلا الخير، والرجلان أعلم بناحيتيهما، قال: فما الرأي؟ قال: حسن الأدب، قال: فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم وتراخيت عنهم،وزدتهم على ما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريقة صاحبيك، فتشتد في موضع الشدة وتلين في موضع اللين. إن الشدة تنبغي لمن لا يألو الناس شراً، واللين لمن يخالف الناس بالنصح، وقد فرشتهما جميعاً اللين, وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به عليّ قد سمعت، ولكل أمر باب يؤتى منه، إن هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه، فيكفكف به اللين والمؤاتاة والمتابعة إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها، فإن سده شيء فرفق، فذاك والله ليفتحن، وليست لأحد عليّ حجة حق، وقد علم الله أني لم آل الناس خيراً، ولا نفسي. والله إن رحا الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها. كفكفوا الناس، وهبوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها.

فلما نفر عثمان أشخص معاوية، وعبد الله بن سعد إلى المدينة، ورجع ابن عامر وسعيد معه، ولما استقل عثمان رجز الحادي:

قد علمت ضوامر المطي ... وضامرات عوج القسي

أن الأمير بعده عليّ ... وفي الزبير خلف رضي

وطلحة الحامي لها ولي

فقال كعب وهو يسير خلف عثمان: الأمير والله بعده صاحب البغلة، وأشار إلى معاوية"1.

12- قال الطبري: وكتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة2 وأبي عثمان قالا:

----------------------------

1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 342-343).

2 لم أجد له ترجمة.

----------------------------

لما ولي عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله، وكان لا يعزل أحداً إلا عن شكاة أو استعفاء من غير شكاة، وكان عبد الله بن سعد من جند مصر، فأمر عبد الله بن سعد على جنده، ورماه بالرجال، وسرحه إلى إفريقية، وسرح معه عبد الله بن نافع بن عبد القيس وعبد الله بن نافع بن الحصين الفهريين، وقال لعبد الله بن سعد: إن فتح الله عز وجل عليكم غداً إفريقية، فلك مما أفاء الله على المسلمين خمس الخمس من الغنيمة نفلاً.

وأمر العبدين على الجند، ورماهما بالرجال وسرحهما إلى الأندلس، وأمرهما وعبد الله بن سعد بالاجتماع على الأجل، ثم يقيم عبد الله بن سعد في عمله ويسيران إلى عملهما.

فخرجوا حتى قطعوا مصر، فلما وغلوا في أرض إفريقية فأمعنوا انتهوا إلى الأجل، ومعه الأفناء فاقتتلوا فقتل الأجل، قتله عبد الله بن سعد؛ وفتح أفريقية سهلها وجبلها. ثم اجتمعوا على الإسلام وحسنت طلعتهم، وقسم عبد الله ما أفاء الله عليهم على الجند، وأخذ خمس الخمس، وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان مع ابن وثيمة النصري، وضرب فسطاطاً في موضع القيروان، ووفد وفداً، فشكوا عبد الله فيما أخذ، فقال لهم: أنا نفلته - وكذلك كان يصنع - وقد أمرت له بذلك، وذاك إليكم الآ، فإن رضيتم فقد جاز، وإن سخطتم فهو رد، قالوا: فإنا نسخطه، قال: فهو رد، وكتب إلى عبد الله برد ذلك واستصلاحهم، قالوا: فاعزله عنا، فإنا لا نريد أن يتأمر علينا، وقد وقع ما وقع، فكتب إليه أن استخلف على أفريقية رجلاً ممن ترضى ويرضون، واقسم الخمس الذي كنت نفلتك في سبيل الله، فإنهم قد سخطوا النفل. ففعل ورجع عبد الله بن سعد إلى مصر وقد فتح أفريقية، وقتل الأجل. فما زالوا من أسمع أهل البلدان، وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك، أحسن أمَّة سلاماً وطاعة، حتى دب إليهم أهل العراق، فلما دب إليهم دعاة أهل العراق واستثاروهم شقوا عصاهم، وفرقوا بينهم إلى اليوم. وكان من سبب تفريقهم ردوا على أهل الأهواء، فقالوا: إنا لا نخالف الأئمة بما تجني العمال ولا نحمل ذلك عليهم، فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا لهم: لا نقبل ذلك حتى نبورهم، فخرج ميسرة في بضعة عشر إنساناً حتى يقدم على هشام، فطلبوا الإذن، فصعب عليهم، فأتوا الأبرش، فقالوا: أبلغ أمير المؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده، فإذا أصاب نفلهم دوننا وقال: هم أحق به، فقلنا: هو أخلص لجهادنا لأنا لا نأخذ منه شيئاً، إن كان لنا فهم منه في حِلٍّ، وإن لم يكن لنا لم نرده. وقالوا: إذا حاصرنا مدينة قال: تقدموا وأخر جنده فقلنا: تقدموا، فإنه ازدياد في الجهاد، ومثلكم كفى إخوانه، فوقيناهم بأنفسنا وكفيناهم. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يبقرونها على السخال، يطلبون الفراء البيض، لأمير المؤمنين، فيقتلون ألف شاة فيجلد، فقلنا: ما أيسر هذا لأمير المؤمنين، فاحتملنا ذلك، وخليناهم وذلك. ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا، فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولا سنة، ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم: أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا؟ قال: نفعل. فلما طال عليهم ونفدت نفقاتهم، كتبوا أسماءهم في رقاع،

ورفعوها إلى الوزراء، وقالوا: هذه أسماؤنا وأنسابنا، فإن سألكم أمير المؤمنين عنا فأخبروه، ثم كان وجههم إلى أفريقية فخرجوا على عامل هشام فقتلوه، واستولوا على أفريقية، وبلغ هشاماً الخبر، وسأل عن النفر، فرفعت إليه أسماؤهم، فإذا هم الذين جاء الخبر أنهم صنعوا ما صنعوا".

13- قال الطبري: وفيما كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: مات عثمان -رضي الله عنه- وعلى الشام معاوية، وعامل معاوية على حمص عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردن أبو الأعور بن سفيان، وعلى فلسطين علقمة بن حكيم الكناني، وعلى البحر عبد الله بن قيس الفزاري، وعلى القضاء أبو الدرداء"1.

14- قال الطبري: كتب إليّ السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا:

لما قدم مسيرة أهل الكوفة على معاوية أنزلهم داراً، ثم خلا بهم، فقال لهم وقالوا له، فلما فرغوا قال: لم تؤتوا إلا من الحمق، والله ما أرى منطقاً سديداً، ولا عذراً مبيناً، ولا حلماً ولا قوة، وإنك يا صعصعة لأحمقهم، اصنعوا وقولوا ما شئتم ما لم تدعوا شيئاً من أمر الله، فإن كل

----------------------------

1 تاريخ الأمم والملوك (4/ 421).

----------------------------



القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
القسم السابع: مرويات سيف بن عمر التميمي عن الفتنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القسم الثامن: مرويات محمد بن عمر الواقدي عن الفتنة
» من مرويات أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين
» الفصل الثالث: متفرقات عن الفتنة
» الفصل الثاني: مثيرو الفتنة وبدؤها
» 4 باب جواز تمني الموت والدعاء به لخوف الفتنة في الدين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: فتنة قتل أمير المؤمنين-
انتقل الى: