منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 التمهيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

التمهيد Empty
مُساهمةموضوع: التمهيد   التمهيد Emptyالسبت 07 مايو 2022, 9:37 pm

التمهيد
وفيه ثلاثة مباحث:
•    المبحث الأول: تعريف المواد المُخدِّرة وأنواعها.
•    المبحث الثاني: حكم تعاطي المواد المُخدِّرة.
•    المبحث الثالث: حكم مكافحة المواد المُخدِّرة ومروجيها.

المبحث الأول:
تعريف المواد المُخدِّرة وأنواعها وأقسام متعاطيها
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف المواد المُخدِّرة.
المطلب الثاني: أنواع المواد المُخدِّرة.
المطلب الثالث: أقسام متعاطي المواد المُخدِّرة.

المطلب الأول:
تعريف المواد المُخدِّرة.
وفيه أربعة فروع:
•    الفرع الأول: تعريف المخدرات لغة.
•    الفرع الثاني: تعريف المخدرات اصطلاحاً.
•    الفرع الثالث: الألفاظ ذات الصلة بالمواد المُخدِّرة.
•    الفرع الرابع: العلاقة بين المسكر والمواد المُخدِّرة.

المطلب الأول: تعريف المواد المُخدِّرة.
إن المقصود بالمواد المُخدِّرة هي ما يسمى في عالم اليوم بالمخدرات، والكلام في تعريفها سيكون من خلال أربعة فروع، هي:
الفرع الأول: تعريف المخدرات لغة
المخدرات: اسم فاعل، مفردها مخدِّر، وأصلها مادة: خَدَرَ.
قال في مقاييس اللغة: ((خدر) الخاء والدال والراء أصلان: الظُّلْمة والسَّتر، والبطء والإقامة.
فالأولُ الخُدَارِيّ الليلُ المُظلِم، والخُدَاريَّة: العُقابُ؛ لِلونها... والأصل الثاني: أخْدَرَ فلانٌ في أهلِه: أقام فيهم... ومن الباب خَدَرَ الظَّبْيُ: تخلَّف عن السِّرب).

كما أنَّها تستعمل في العربية استعمالات أخرى، فتطلق على:
1.    المطر، قال في اللسان: (والخَدَرُ: المطر؛ لأنه يخدر الناس في بيوتهم).
2.    كما تطلق على اليوم شديد الحر، قال في اللسان: (وخَدِرَ النهارُ خَدَراً، فهو خَدِرٌ: اشتد حره وسكنت ريحه ولم تتحرك فيه ريح ولا يوجد فيه رَوْحٌ).
3.    كما تطلق على البارد الندي، فيقال: يوم خَدِرٌ وليلة خَدِرَةٌ، أي: بارد ندي، وباردة ندية.
4.    كما تطلق على المتحير، فيقال: رجل خَادِرٌ، أي: متحير.
5.    كما تطلق على الفتور والكسل، قال في اللسان: (والخَدَرُ: امْذِلالٌ يغشى الأَعضاء الرِّجلَ واليدَ والجسد.  وقد خَدِرَتِ الرِّجْلُ تَخْدَرُ، والخَدَرُ من الشراب والدواء: فُتُورٌ يعتري الشاربَ وضَعْفٌ... والخَدَرُ في العين: فتورها، وقيل: هو ثِقَلٌ فيها من قَذًى يصيبها... والخَدَرُ: الكسَلُ والفُتور).

الفرع الثاني: تعريف المخدرات اصطلاحاً
وفيه ثلاثة مسائل:
المسألة الأولى: تعريف المخدرات عند الفقهاء الأوائل.
لقد عُرفت المخدرات عند الفقهاء قديماً بأسماء أُخر، هي: المفترات والمفسدات.
والفتور في اللغة: من الانكسار والضعف ، قال في النهاية في غريب الحديث: (المُفْتِر: الذي إذا شُرِب أحْمَى الْجَسَدَ وصار فيه فُتُور وهو ضَعْف وانكِسار.
يُقال: أفْتَر الرجُل فهو مُفْتر: إذا ضَعُفَت جفونه وانكسر طَرْفُه.
فإما أنْ يكون أفْتَره بمعْنى فَتَره: أي جَعله فاتراً، وإمّا أنْ يكون أفْتَر الشَّرابُ إذا فَتَر شارِبه، كأقْطَف الرجلُ إذا قطَفَت دابَّتُه).

أما الفساد فهو في اللغة: التلف والعطب، والاضطراب والخلل، والمفسدة نقيض المصلحة.


وقد اختلف الأوائل في تعريف المخدرات على اتجاهين، هما:
من يرى أن المخدر مختص بالجسم وقد يؤثر على العقل؛ لكنه لا يصل إلى حد التغييب الكامل للعقل وتغطيته، فهو مرحلة دون الإسكار.

جاء في معالم السنن: (المفتر: المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهو مقدمة السكر)، وعرفه غيره فقال: (المفتر: هو المخدر للجسد، وإنْ لم ينته إلى حدِّ الإسكار)، كما عرفه بعضهم بقوله: (المفتر: كل شراب  يورث الفتور والخدر في أطراف الأصابع، وهو مقدمة السكر).

ومنهم من يرى أن المخدر هو ما يغطى العقل؛ لكن بدون نشوة وطرب.


جاء في كتاب الفروق: (المفسد: هو المشوش للعقل مع عدم السرور في الغالب)، وعرفها غيره فقال: (ما غيب العقل دون الحواس لا مع نشوة وطرب)، وعرفها الهيتمي في الزواجر فقال: (تغطية العقل لا مع الشدة المطربة).

لكن ما جاء عن أم سلمـة رضي الله عنها قالت: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر"، يرجح مذهب من رأى أن المخدر مرحلة دون الإسكار، إذ عطف المفتر على المسكر يدل على المغايرة بين السكر والتفتير؛ لأن العطف يقتضي المغايرة بين الشيئين، كما أن ما جاء عن علماء اللغة في معنى المخدر يؤيد ذلك.

المسألة الثانية: تعريف المخدرات في الأنظمة.
أما في النظام الدولي: فليس هناك تعريف عام علمي للمخدرات، وقصارى الأمر أن الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن - كاتفاقية جنيف عام 1961م والمعدلة ببروتوكول سنة 1972م؛ وكاتفاقية فينا في المواد المؤثرة على الحالة النفسية والتي عقدت عام 1971م - قامت بحصر المواد المُخدِّرة بحيث جعلتها متدرجة حسب درجة خطورتها وذلك في أربعة جداول، ويُدرج في الجدول الأول من كل اتفاقية المواد المُخدِّرة الأكثر خطراً، ثم يدرج في الجداول المتبقية من كل اتفاقية المواد التي تليها في الخطورة وهكذا.

وقد جعلت الاتفاقيات لكل دولة من الدول الأعضاء الحق في اتخاذ التدابير الرقابية، وإن كانت أشد من التدابير المنصوص عليها في الاتفاقية، كما أعطتها الحق في نقل مادة من جدول أقل خطورة إلى جدول أكثر خطورة أو حذف أو إضافة مادة.

وأما في النظام السعودي:
فقد عرفت في نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/39) وتاريخ 8/7/1426، بما نصه: (المواد المُخدِّرة: كل مادة طبيعية أو مركبة أو مصنعة من المؤثرات العقلية المدرجة في الجدول رقم (1) المرافق لهذا النظام) ثم عدد في الجدول أنواعاً من المواد المُخدِّرة مختلفة التراكيب والآثار، يجمعها أنها مضرة بالصحة والمجتمع، علاوة على ما تسببه من إدمان عضوي أو نفسي.

فالأنظمة -أعني: الدولي والسعودي- لم تعرف المواد المُخدِّرة تعريفاً علمياً يلم شعثها، وإنما قامت بحصر تلك المواد التي ترى حظرها ومنعها.

المسألة الثالثة: تعريف المخدرات عند بعض الباحثين.
حاول بعض الباحثين وضع تعريف يوضح فيه مفهوم المخدرات، فمن تلك التعاريف:
1.    تعريف الدكتور سعد المغربي: (المادة المُخدِّرة هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً).

2.    تعريف عزت حسنين: (كل مادة يترتب على تناولها إنهاك للجسم، وتأثير على العقل، حتى تكاد تذهب به، وتكوِّن عادة الإدمان التي تحرمها القوانين الوضعية).

3.    تعريف اللواء الدكتور محمد عيد: (مجموعة من العقاقير التي تؤثر على النشاط الذهني والحالة النفسية لمتعاطيها إما بتنشيط الجهاز العصبي المركزي أو بإبطاء نشاطه أو بتسبيبها للهلوسة أو التخيلات، وهذه العقاقير تسبب الإدمان وينجم عن تعاطيها الكثير من مشاكل الصحة العامة والمشاكل الاجتماعية).

4.    تعريف عبد الله الناصر: (المواد التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي لمتعاطيها، وتؤدي إلى الإضرار به وبالمجتمع عند إساءة استعمالها، ويترتب على الاستمرار في تعاطيها الاعتماد عليها).

ولعلي أكتفي بإيراد هذه التعاريف دون التعرض لنقدها؛ لأن المقصود من التعريف بيان المعرف، وبيان المخدرات حاصل بما أوردته.

ولأنه لا يكاد يسلم تعريف من نقد الناقدين، بكونه غير جامع ومانع، أو بأحدهما.

لهذا لم أستطب الإسهاب في نقد التعاريف محاولاً الوصول إلى تعريف يُرضي الناقدين.

الفرع الثالث: الألفاظ ذات الصلة بالمواد المُخدِّرة.
*    الإدمان (الاعتماد):
الإدمان: هو الحالة النفسية أو العضوية التي تحدث إثر تفاعل العقار في جسم المتعاطي، والفرق بينه وبين التعاطي: أن التعاطي هو بداية الاستعمال، وأما الإدمان فهو نتيجة تكرار الاستعمال.

وللإدمان خصائص معينة منها:
o الرغبة الملحة في الاستمرار بتعاطي المخدر، والبحث عنه بأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن.
o زيادة الجرعات بصورة تصاعدية؛ لتعود الجسم على المخدر وعدم اكتفائه بالجرعة السابقة.ومن المدمنين من يحافظ على جرعة ثابتة.
o ظهور أعراض نفسية وجسدية عند الامتناع المفاجئ عن المخدر، أو الانقطاع الفوري عنه.

وينقسم الاعتماد إلى قسمين:
1-    الإدمان (الاعتماد) النفسي:
وهو الحالة التي تحدث إثر تعاطي المخدر، وتسبب للمتعاطي الشعور بالارتياح والإشباع، بحيث يتولد عن ذلك الرغبة في الاستمرار على تعاطي المخدر؛ طلباً لهذا الشعور الذي ينتج عن استعماله له.

2-    الإدمان (الاعتماد) العضوي:
وهو الحالة التي يحدث عنها تكيف وتعود للجسد على المخدر مما يؤدي إلى ظهور اضطرابات نفسية وعضوية شديدة لدى المتعاطي، وخاصة عندما يتوقف المتعاطي عن تناول المخدر بصورة مفاجئة.

ويلاحظ أن الاعتماد العضوي لا بد أن يسبقه اعتماد نفسي.

*    التعود (الاعتياد):
هو الحالة التي يتكون فيها تشوق لتعاطي المواد المُخدِّرة، وذلك بسبب من شعور بالراحة، إلا أن هذا التشوق لا يصحبه قوة مكرهة على التعاطي، وهذا هو الفرق بين الإدمان والتعود؛ إذ الإدمان يكون وراءه قوة مكرهة.

ومن خصائص التعود:
o    استمرار تعاطي المخدر رغبة فيه؛ لما يسبب له من شعور بالراحة.
o    عدم تناول جرعات زائدة.
o    يحدث قدراً معيناً من الاعتماد (الإدمان) النفسي؛ ولكنه لا يحدث إدماناً عضوياً.

*    الاحتمال (التحمل):
الاحتمال يُفسر على أنه تكيف مع مفعول المخدر، بحيث يقتضي زيادة الجرعة للحصول على النتيجة المرغوبة.

فهو حاجة المتعاطي إلى زيادة الجرعة من المادة المُخدِّرة يوماً بعد آخر؛ لكي يصل إلى التأثيرات المنشودة، والتي كان يشعر بها في بداية تعاطيه.

الفرع الرابع: العلاقة بين المسكر والمواد المُخدِّرة.
لتتبين العلاقة بينهما يحسن إيراد خلاف العلماء في ضابط المسكر، وقد اختلفوا فيه على قولين:
القول الأول: أن المسكر هو ما يُغطي العقل مطلقاً، سواء كان بنشوة وطرب أو لا، وسواء كان مائعاً أو لا.

وقال بهذا القول بعض الشافعية وبعض الحنابلة، واختاره ابن القيم والشوكاني.

وعلى هذا القول:
كل مادة مخدرة تغيب العقل وتغطيه فهي مسكرة، تأخذ أحكام المسكر.

القول الثاني: أن المسكر هو ما يُغطي العقل مع نشوة وطرب.


وإلى هذا ذهب الحنفية، والمالكية، وكثير من الشافعية، وبعض الحنابلة.

وبعض القائلين بهذا القول يزيد وصفاً ثالثاً على النشوة والطرب وهو: الشجاعة أو النشاط.

وعلى هذا القول:
لا تأخذ المواد المُخدِّرة أحكام المسكر إلا إذا وجدت فيها النشوة والطرب، أو هما مع النشاط؛ ولذا فبعض من يرى هذا الرأي لا يرى أنها مسكرة لتخلف هذه القيود فيها، ومنهم من يرى أن بعض أنواعها -كالحشيش- يأخذ حكم المسكر؛ لأن فيه نشوة وطرباً.

الأدلــــــة.
أولاً: أدلة القول الأول:
1.    أن جماعة من أهل اللغة ذكروا أن الخمر إنما سميت خمراً لمخامرتها العقل وسترها له، وأن هذه التسمية لا تختص بعصير العنب، بل كل ما أدى لستر العقل فهو خمر، ولم يقيدوا ذلك بالنشوة والطرب أو يقرنوه بهما.

قال في القاموس:
(الخَمْرُ: ما أسْكَرَ من عَصيرِ العِنَبِ أو عامٌّ كالخَمْرَةِ، وقد يُذَكَّرُ والعُمومُ أصَحُّ؛ لأَنَّها حُرِّمَتْ وما بالمدينةِ خَمْرُ عِنَبٍ وما كانَ شَرَابُهُم إلاّ البُسْرَ والتَّمْرَ.

سُمِّيَتْ خَمْراً لأَنَّها تَخْمُرُ العَقْلَ وتَسْتُرُهُ، أو لأَنَّها تُرِكَتْ حتى أدْرَكَتْ واخْتَمَرَتْ، أو لأنها تخَامِرُ العَقْلَ أي: تُخَالِطُهُ) أ.هـ.

يمكن أن يناقش:
بأن من أهل اللغة من ذكر أن الخمر في اللغة خاص بعصير العنب، وهو مما يحدث نشوة وطرباً.

وعلى هذا فلا يستقيم الاستدلال؛ إذ ليس كلام بعضهم بأولى من بعض.

يجاب:
بأن الصحابة -رضي الله عنهم- لما نزل تحريم الخمر فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كل مسكر، ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره، بل سووا بينهما وحرموا كل مسكر، ولم يتوقفوا أو يستفصلوا، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، ولو كان عندهم فيه تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم.

2.    النصوص المتضافرة المتكاثرة في تحريم كل مسكر من غير تقييده بالنشوة والطرب، ومنها:
أ‌-    قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكـر خمر، وكل مسكر حرام".
فدل (على أن علة التحريم الإسكار، فاقتضى ذلك أن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناول قليله وكثيره)، وقال ابن تيمية : (وقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" يتناول ما يسكر.

ولا فرق بين أن يكون المسكر مأكولا أو مشروبا أو جامداً أو مائعاً، فلو اصطبغ بالخمر كان حراماً ولو أماع  الحشيشة وشربها كان حراماً.

ونبينا -صلى الله عليه وسلم- بعث بجوامع الكلم فإذا قال كلمة جامعة كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها، سواء كانت الأعيان موجودة في زمانه أو مكانه أو لم تكن.

فلما قال: "كل مسكر حرام" تناول ذلك ما كان بالمدينة من خمر التمر وغيرها، وكان يتناول ما كان بأرض اليمن من خمر الحنطة والشعير والعسل وغير ذلك، ودخل في ذلك ما حدث بعده من خمر لبن الخيل الذي يتخذه الترك ونحوهم.

فلم يفرق أحد من العلماء بين المسكر من لبن الخيل والمسكر من الحنطة والشعير، وإن كان أحدهما موجوداً في زمنه كان يعرفه، والآخر لم يكن يعرفه؛ إذ لم يكن بأرض العرب من يتخذ خمراً من لبن الخيل).

ب‌-    قول عمر -رضي الله عنه- لما خطب الناس فقال: (أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةٍ، مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ).

قال ابن القيم بعدما ذكر حرمة الحشيشة:
(فإن هذا كله خمر بنص رسول -صلى الله عليه وسلم- الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده ولا إجمال في متنه؛ إذ صح عنه قوله: "كل مسكر خمر"، وصح عن أصحابه -رضي الله عنهم- الذين هم أعلم الأمَّة بخطابه ومراده: (أن الخمر ما خامر العقل)، فدخول هذه الأنواع تحت اسم الخمر كدخول جميع أنواع الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والزبيب تحت قوله: "لا تبيعوا الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا مثلاً بمثل"، فكما لا يجوز إخراج صنف من هذه الأصناف عن تناول اسمه له؛ فهكذا لا يجوز إخراج صنف من أصناف المسكر عن اسم الخمر، فإنه يتضمن محذورين.

أحدهما:
أن يُخرج من كلامه ما قصد دخوله فيه.

والثاني:
أن يُشرع لذلك النوع الذي أخرج حكمٌ غير حكمه، فيكون تغييراً لألفاظ الشارع ومعانيه؛ فإنه إذا سمى ذلك النوع بغير الاسم الذي سماه به الشارع، أزال عنه حكم ذلك المسمى وأعطاه حكماً آخر).

ثانياً: أدلة القول الثاني:
1.    ما جاء عن طلـق بن علي -رضي الله عنه- قال: (كنا جلوساً عند نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء صحار عبد القيس، فقال يا رسول الله: ما ترى في شراب نصنعه من ثمارنا؟.

2.    قال: فأعرض عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سأله ثلاث مرات، ثم قام بنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى، فلما قضى الصلاة، قال: "من السائل عن المُسكر؟ يا أيها السائل عن المُسكر: لا تشربه ولا تسقه أحداً من المسلمين فوالذي نفس محمد بيده ما شربه قط رجل ابتغاء لذة سكره فيسقيه الله خمراً يوم القيامة".

3.    فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ابتغاء لذة سكره" فيه دليل على أن المسكر هو ما غطى العقل مع اللذة.

يمكن أن يناقش:
بأن هذا القيد خرج مخرج الغالب؛ أو هي لذة في اعتقاد المتعاطي دون حقيقة الأمر؛ إذ لا يتعاطها أحد إلا لما فيها من لذة حقيقية أو متوهمة.

2.    أن العقوبات الشرعية المقدرة ومنها الحدود، مرتبة على المحرمات التي تشتهيها النفوس وتدعو إليها، أما ما لا تدعو إليه النفس ولا تشتهيه فليس فيه سوى التعزير.

ومن ذلك المسكر فما لا لذة فيه ولا طرب لا يحد عليه وإن غيب العقل.

يمكن أن يناقش:
بأن هذا اجتهاد مع النص -وهو عموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"- ولا اجتهاد مع النص.

وأيضاً فإن الاشتهاء وداعيه من النفس أمر نسبي، فقد يشتهي عمرو ما لا يشتهيه غيره وهكذا، يؤيد ذلك أن اللواط لم تكن تعرفه بنو آدم ولا تعهده ولا تألفه، ولا يخطر ببالهم حتى صنع ذلك قوم لوط عليه السلام، وأصحاب الفطر السليمة تأبى هذا الفعل وتنأى عنه؛ ولذا يقول الخليفة الأموي الوليـد بن عبد الملك: لولا أن الله عز وجل، قص علينا خبر لوط، ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً!، ومع ذلك فقد رتب الشارع عليه عقوبة مقدرة.

وكذلك وطء الأم والبنت والأخت لا تدعو إليه النفوس ولا تشتهيه، ومع ذلك رُتب عليه عقوبة مقدرة؛ بل إن الحد فيه من أغلظ الحدود في أحد قولي أهل العلم، وهو القتل بكل حال محصناً كان أو غير محصن.

3.    ومن زاد قيد الشجاعة والنشاط استدل بحال شراب الخمر فيقول: (لا تكاد تجد أحداً ممن يشربها إلا وهو نشوان مسرور، بعيد عن صدور البكاء والصمت) كما أن (شراب الخمر تكثر عربدتهم، ووثوب بعضهم على بعض بالسلاح، ويهجمون على الأمور العظيمة التي لا يهجمون عليها حالة الصحو).

نوقش:
أ‌-    أن هذا الوصف ليس مطرداً في كل الاشخاص والحالات، فبعض من يشرب لخمر يبكي بكاءاً شديداً، والبعض الآخر لا يتأثر بها.

ب‌-    أن المسكر أعم من الخمر، وعلى فرض أن الخمر يثير الشجاعة والحمية، فقد يكون غيره لا يثير ذلك.

الترجيح:
الراجح والله أعلم هو القول الأول؛ لقوة أدلته، ولما ورد على أدلة الأقوال الأخرى من مناقشة، ويؤيده أيضاً:
*    عموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: " كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ "، قال في عون المعبود: (أي كل ما يغطي العقل من التخمير بمعنى التغطية).

*    ما جاء في سؤال أبي موسـى الأشعري -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى اليمن، أنه قَالَ: (يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ الْبِتْعُ؟ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَـرَامٌ".

فلم يستفصل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الشراب أيحدث لشاربه نشوة وطرباً مع إسكاره، أو هو مسكر بلا نشوة وطرب، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به الاستدلال.

كما أنه لو كان لهذا الوصف -أعني: النشوة والطرب- تأثير في الحكم لما أخر النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانه عن وقت الحاجة؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.


وعلى هذا فإن ما يُتعارف عليه اليوم بالمواد المُخدِّرة، هي مسكرة تأخذ أحكام المسكر إذا كانت تغيب العقل وتغطيه ولو لم يكن فيها نشوة وطرب.

أمَّا الأنواع التي لا تغيب فهي على قسمين:
o    ما يحدث فتوراً للجسم وله تأثير على العقل لا يصل إلى مرحلة التغطية الكاملة له، وهو ما وصفه بعض الفقهاء الذين ذكرت تعاريفهم سابقاً بـ (مقدمة السكر)، فهذا القسم داخل في المفترات.

o    أمَّا المواد المنبهة كالامفيتامينات ونحوها والتي تعامل في التصنيفات الدولية والمحلية على أنها من المخدرات، فهي في حقيقتها لا تدخل في المخدر كاصطلاح شرعي، يقول الدكتور محمد البار: (ولا خلاف أن المثبطات للجهاز العصبي والمهلوسات تدخل من الناحية الفقهية في تعريف المسكرات والمخدرات؛ لأنها تسبب اختلاط العقل وتشويش الذهن والخمول وتخدير الأطراف، أمَّا المنبهات فكيف تكون مخدرة وهذا يناقض مفعوله طباً وعقلاً؟!).

ويقول في موطن آخر:
(وينبغي أن تحرم المواد المنبهة بناء على ضررها لا لكونها مخدرة، فهي منبهة وليست مخدرة).
*    *    *



التمهيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
التمهيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التمهيد
» التمهيد
» التمهيد
» كتاب التمهيد في علم التجويد للإمام ابن الجزري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـقـــــــــه الــدنــيـــــــا والديـــــن :: رســــــالة دكـتــــــوراه-
انتقل الى: