منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 غزوة تبوك في رجب سنة تسع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:09

غزوة تبوك في رجب سنة تسع
التهيؤ للغزو ‏ ‏
قال: ‏حدثنا أبو مُحَمَّد عبدالملك بن هشام قال زياد بن عبدالله البكائي، عن مُحَمَّد بن إسحاق المطلبي، قال: ‏ثم أقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم.

وقد ذكر لنا الزهري ويزيد بن رومان وعبدالله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا، كل حدث في غزوة تبوك ما بلغه عنها، وبعض القوم يحدث ما لا يحدث: ‏بعض أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، وذلك في زمان من عسرة الناس، وشدة من الحر، وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه؛ وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قلما يخرج في غزوة إلاكنى عنها، وأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له، إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بينها للناس، لبعد الشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو الذي يصمد له، ليتأهب الناس لذلك أهبته، فأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم. ‏

ائذن لي ولا تفتني
فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة: ‏يا جد، هل لك العام في جلاد بني الأصفر؟‏ فقال: ‏يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيتُ نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وقال: ‏قد أذنت لك.

ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية‏:
‏‏((‏ومنهم مَن يقول ائذن لِي ولا تفتنِّي ألا في الفتنة سقطوا وإنَّ جهنَّم لمُحيطةٌ بالكافرين)).

أي: ‏إن كان إنما خشي الفتنة من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به فما سقط فيه من الفتنة أكبر، بتخلفه عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، والرغبة بنفسه عن نفسه، يقول تعالى: ‏وإن جهنم لِمَنْ ورائه. ‏

شأن المنافقين: ‏
وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: ‏لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكا في الحق، وإرجافا برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم: ‏‏

(‏وقالوا لا تنفروا في الحَرِّ، قل نَارُ جهنَّم أشَدُّ حَرًّا لو كانوا يفقهون . فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا جزاءً بما كانوا يكسبون).

قال ابن هشام:
‏وحدَّثنِي الثقة عَمَّنْ حدَّثه عن مُحَمَّد بن طلحة بن عبدالرحمن، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبدالله بن حارثة عن، أبيه عن جده، قال: ‏بلغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن ناساً من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، وكان بيته عند جاسوم، يُثَبِّطُونَ الناس عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة تبوك، فبعث إليهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمرهُ أن يحرق عليهم بيت سويلم، ففعل طلحة فاقتحم الضحاك بن خلفة من ظهر البيت، فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه فأفلتوا.

فقال الضحاك في ذلك: ‏
كادت وبيت الله نار مُحَمَّد        يشيط بها الضحاك وابن أبـيرق
وظلت وقد طبقت كبس سويلم        أنوء على رجلي كسيرا ومرفقي
سلام عليكم لا أعود لمثلـهـا        أخاف ومن تشمل به النار يحرق


حض الأغنياء على النفقة
قال ابن إسحاق: ‏ثم إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- جد في سفره، وأمر الناس بالجهاز والانكماش، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها. ‏

ما أنفقه عثمان: ‏
قال ابن هشام: ‏حدثني من أثق به: ‏أن عثمان ابن عفان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏اللهم أرض عن عثمان فإني عنه راض. ‏

البكَّائون والمُعذَّرُون والمُخلّفُون: ‏
قال ابن إسحاق: ‏ثم إن رجالاً من المسلمين أتوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهم البكاءون، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف: ‏سالم بن عمير، وعلبة بن زيد أخو بن حارثة، وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب، وأخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن حمام بن الجموح، أخو بني سلمة، عبدالله بن المغفل المزني، -وبعض الناس يقول: ‏بل هو عبدالله بن عمرو المزني- وهرمي بن عبدالله أخو بني واقف، وعرباض بن سارية الفزاري، فاستحملوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكانوا أهل حاجة، فقال:
‏"لا أجِدُ ما أحملكم عليه . فتولَّوْا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما يُنفقون".

قال ابن إسحاق:
‏فبلغني أن ابن يامين بن عمر بن كعب النضري لقي أبا ليلى عبدالرحمن بن كعب وعبدالله بن مغفل وهما يبكيان، فقال: ‏ما يُبكيكما؟‏ قالا: ‏جئنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه؛ فأعطاهما ناضحٌ له فارتحلاه، وزودهما شيئاً من تمر، فخرجا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

قال ابن إسحاق: ‏
وجاءه المعذرون من الأعراب، فاعتذروا إليه فلم يعذرهم الله تعالى، وقد ذكر لي أنهم نفر من بني غفار.

ثم استتب برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سفره، وأجمع السير وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى تخلفوا عنه عن غير شك ولا ارتياب؛ منهم كعب بن مالك بن أبي كعب، أخو بني سلمة، ومرارة بن الربيع، أخو بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية، أخو بن واقف، وأبو خيثمة، أخو بني سالم بن عوف، وكانوا نفر صدق، لا يتهمون في إسلامهم.

فلمَّا خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ضرب عسكره على ثنية الوداع.

قال ابن هشام‏:
‏واستعمل على المدينة مُحَمَّد بن مسلمة الأنصاري.

وذكر عبدالعزيز بن مُحَمَّد الدراوردي عن أبيه‏: ‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استعمل على المدينة، مخرجه إلى تبوك، سباع بن عرفطة. ‏

تخلف المنافقين عن تبوك: ‏
قال ابن إسحاق: ‏وضرب عبدالله ابن أبي معه على حدة عسكره أسفل منه نحو ذباب، وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين، فلمَّا سار رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تخلَّف عنه عبدالله بن أبي، فيمَنْ تخلّف من المنافقين وأهل الريب. ‏

المنافقون يرجفون بعلي
وخلف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، إلى أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون، وقالوا: ‏ما خلفه إلا استثقالا له، وتخففا منه، فلما قال ذلك المنافقون: ‏أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه، ثم خرج حتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو نازل بالجرف، فقال: ‏يا نبي الله زعم المنافقون انك إنما خلفتني أنك استثقلتني، وتخففت مني؛ فقال: ‏كذبوا‏.

ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على سفره.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني مُحَمَّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد: ‏أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول لعلي هذه المقالة.

قال ابن إسحاق:
 ‏ثم رجع المدينة ومضى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على سفره. ‏

أبو خيثمة وعمير بن وهب يلحقان بالرسول
ثم إن أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أياماً إلى أهله في يوم حار، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه، قد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل قام على باب العريش، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: ‏رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في الضح والريح والحر، وأبو خيثمة في ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء، في ماله مقيم، ما هذا بالنصف.

ثم قال والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فهيئا لي زادا، ففعلتا.

ثم قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى أدركه حين نزل بتبوك، وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق، يطلب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فترافقا، حتى إذا دنوا من تبوك، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: ‏إن لي ذنباً، فلا عليك أن تخلف عني حتى أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ففعل، حتى إذا دنا من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو نازل بتبوك، قال الناس: ‏هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏كن أبا خيثمة؛ فقالوا: ‏يا رسول الله، هو والله أبو خيثمة، فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أولى لك يا أبا خيثمة، ثم أخبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الخبر، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خيراً، ودعا له بخير.

قال ابن هشام: ‏وقال أبو خيثمة في ذلك شعراً، واسمه مالك بن قيس: ‏

لما رأيت الناس في الدين نافـقـوا        أتيت التي كانـت أعـف وأكـرمـا
وبايعت باليمنى يدي لـمُحَمَّد        فلم أكتسب إثما ولم أغش مـحـرمـا
تركت خضيبا في العريش وصرمة        صفايا كراما بسرها قد تـحـمـمـا
وكنت إذا شك المنافق أسمـحـت        إلى الدين نفسي شطره حيث يمـمـا



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:14

ما حدث بالحِجْر
قال ابن إسحاق: ‏وقد كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين مر بالحِجر نزلها، واستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏لا تشربوا من مائها شيئاً، ولا تتوضأوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً، ولا يخرجنَّ أحَدٌ منكم الليلة إلا ومعه صاحب له.

ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعير له، فأمَّا الذي ذهب لحاجته فإنه خُنِقَ على مذهبه؛ وأمَّا الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيئ.

‏فأخبر بذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقال: ‏ألم أنهكم أن يخرج منكم أحَدٌ إلا ومعه صاحبه، ثم دعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- للذي أصيب على مذهبه فشُفِيَ، وأمَّا الآخر الذي وقع بجبلي طيئ، فإن طيئاً أهدته لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين قدم المدينة.

والحديث عن الرجلين عن عبدالله بن أبي بكر، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، وقد حدثني عبدالله بن أبي بكر أن قد سمى له العباس الرجلين، ولكنه استودعه إياهما، فأبى عبدالله أن يسميهما لي.

قال ابن هشام: ‏
بلغني عن الزهري أنه قال: ‏لما مر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالحِجْر سَجَّى ثوبه على وجهه، واستحثَّ راحلته، ثم قال: ‏لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون، خوفاً أن يُصيبكم مثل ما أصابهم.

قال ابن إسحاق: ‏
فلمَّا أصبح الناسُ ولا ماءَ معهم شكوا ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فدعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأرسل اللهُ سبحانه سحابةً، فأمطرت حتى ارتوى الناس، واحتملوا حاجتهم من الماء.

قال ابن إسحاق:
‏فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من بني عبد الأشهل، قال: ‏قلت لمحمود: ‏هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم؟‏

قال: ‏نعم، والله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عَمِّه وفي عشيرته، ثم يلبس بعضهم بعضاً على ذلك، ثم قال محمود: ‏لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروفٌ نفاقه، كان يسير مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حيث سار، فلمَّا كان من أمر الناس بالحِجْر ما كان، ودعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين دعا، فأرسل اللهُ السَّحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس، قالوا: ‏أقبلنا عليه نقول: ‏ويحك، هل بعد هذا شيء!‏ قال: ‏سحابةٌ مارَّةٌ.

تقول ابن اللصيت
قال ابن إسحاق: ‏ثم إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلّت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَجُلٌ من أصحابه، يُقال له عمارة بن حزم، وكان عقبياً بدرياً، وهو عم بني عمرو بن حزم وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي، وكان منافقاً.

قال ابن هشام: ‏
ويُقال ابن اللصيب بالباء.

قال ابن إسحاق: ‏
فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا: ‏فقال زيد بن اللصيت، وهو في رحل عمارة، وعمارة عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أليس مُحَمَّد يزعُمُ أنه نبيٌ ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟‏

فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وعمارة عنده: ‏إن رجلاً قال: ‏هذا مُحَمَّد يخبركم أنه نبيٌ ويزعُمُ أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته، وإني والله ما أعلم إلا ما علّمني اللهُ، وقد دلّنِي اللهُ عليها، وهي في الوادي، في شِعْبِ كذا وكذا، وقد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها فذهبوا فجاءوا بها، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله، فقال: ‏والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- آنفاً، عن مقالة قائل أخبره اللهُ عنه بكذا وكذا، للذي قال زيد بن اللصيت، فقال رَجُلٌ مِمَّن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي.

فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول: ‏إليَّ عباد الله، إن في رحلي لداهية وما أشعر، أخرج أي عدو الله من رحلي، فلا تصحبني.

قال ابن إسحاق: ‏
فزعم بعض الناس أن زيداً تاب بعد ذلك، وقال بعض الناس لم يزل مُتَّهماً بشر حتى هلك. ‏

خبر أبي ذر في غزوة تبوك
ثم مضى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: ‏يا رسول الله، تخلف فلان، فيقول: ‏دعوه، فإن يَكُ فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: ‏يا رسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره؛ فقال: ‏فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، وتلوم أبو ذر على بعيره، فلمَّا أبطأ عليه، أخذ متاعه فحمله على ظهره.

ثم خرج يتبع أثر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ماشياً، ونزل رسول الله في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال‏: ‏يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏كن أبا ذر، فلمَّا تأمَّلهُ القوم قالوا: ‏يا رسول الله، هو والله أبو ذر، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبْعَثُ وحده. ‏

موت أبي ذر ودفنه في الربذة: ‏
قال ابن إسحاق: ‏فحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي، عن مُحَمَّد بن كعب القرظي، عن عبدالله بن مسعود، قال: ‏لَمَّا نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة، وأصابه بها قدره، لم يكن معه أحَدٌ إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني، ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يَمُرُّ بكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأعينونا على دفنه فلمَّا مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق.

وأقبل عبدالله بن مسعود في رهطٍ من أهل العراق عمار فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطؤها، وقام إليهم الغلام، فقال: ‏هذا أبو ذر صاحب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأعينونا على دفنه.

قال: ‏فاستهلَّ عبدالله بن مسعود يبكي ويقول: ‏صدق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتُبْعَثُ وحدك.

ثم نزل هو أصحابه فواروه، ثم حدَّثهُم عبدالله بن مسعود حديثه، وما قال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في مسيره إلى تبوك. ‏

تخويف المنافقين المسلمين: ‏
قال ابن إسحاق: ‏قد كان رهط من المنافقين منهم وديعة بن ثابت، أخو بني عمرو بن عوف، ومنهم رجل من أشجع، حليف لبني سلمة، يُقال له: ‏مخشن بن حمير.

-قال ابن هشام: ‏ويُقال مخشي- يشيرون إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض: ‏أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً!‏ والله لكأنَّا بكم غداً مُقرَّنِينَ في الحبال، إرجافاً وترهيباً للمؤمنين، فقال مخشن بن حمير: ‏والله لوددتُ أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة، وإنا ننفلتُ أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه.

وقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، -فيما بلغني- لعمَّار بن ياسر: ‏أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا، فسلهم عمًّا قالوا، فإن أنكروا فقل: ‏بلى، قلتم كذا وكذا.

فانطلق إليهم عمَّار، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واقفٌ على ناقته، فجعل يقول وهو آخِذٌ بحقبها: ‏يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب؛ فأنزل الله عز وجل: ‏‏
(‏ولئن سألتهم ليَقُولُنَّ إنما كنا نخوض ونلعب).

وقال مخشن بن حمير: ‏
يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي، وكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشن بن حمير، فتسمَّى عبدالرحمن، وسأل الله تعالى أن يقتله شهيداً لا يُعلم بمكانه، فقُتِلَ يوم اليمامة، فلم يوجد له أثر. ‏

الصُّلح مع صاحب أيلة
ولمَّا انتهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى تبوك أتاهُ يحنة بن رؤبة، صاحب أيلة، فصالح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح، فأعطوه الجزية، فكتب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لهم كتاباً فهو عندهم. ‏

كتابه لصاحب أيلة
فكتب ليحنة بن رؤبة.
بسم الله الرحمن الرحيم: ‏
هذه أمَنَةٌ من الله ومُحَمَّد النبي رسول الله، ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسيارتهم في البر والبحر: ‏لهم ذمَّةُ الله، وذمَّة مُحَمَّد النبي، ومَنْ كان معهم من أهل الشام، وأهل اليمن، وأهل البحر، فمَنْ أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لِمَنْ أخذه من الناس، وإنه لا يَحِلُّ أن يُمنعوا مَاءً يَرِدُونَهُ، ولا طريقاً يُريدونه، من برٍ أو بحرٍ. ‏

خالد يأسر أكيدر دومة
ثم إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- دعا خالد بن الوليد، فبعثه إلى أكيدر دومة، وهو: ‏أكيدر بن عبدالملك رجل من كندة كان ملكاً عليها، وكان نصرانياً، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لخالد: ‏إنك ستجده يصيد البقر.

فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين، وفي ليلة مُقمرة صائفة، وهو على سطح له، ومعه امرأته، فباتت البقر تحُكُّ بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته: ‏هل رأيت مثل هذا قط؟‏ قال: ‏لا والله!‏ قالت: ‏فمَنْ يترك هذه؟‏ قال: ‏لا أحد.

فنزل فأمر بفرسه، فأسرج له، وركب معه نفرٌ من أهل بيته، فيهم أخُ يُقال له حسّان، فركب وخرجوا معه بمطاردهم.

فلمَّا خرجوا تلقتهم خيلُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخذته، وقتلوا أخاه، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد، فبعث به إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبل قدومه به عليه.



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:21

من نعيم الجنة‏:
‏قال ابن إسحاق: ‏فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: ‏رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فجعل المسلمون يلمسونه، بأيديهم ويتعجَّبُون منه، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أتعجبون من هذا؟‏ فوالذي نفسي بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا.

قال ابن إسحاق: ‏ثم إن خالداً قدم بأكيدر على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته، فقال رجل من طيئ: ‏يُقال له بجير بن بجرة، يذكر قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لخالد: ‏إنك ستجده يصيد البقر، وما صنعت البقر تلك الليلة حتى استخرجته، لتصديق قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏
تبارك سائق البقرات إنـي        رأيت الله يهدي كـل هـادى
فمن يك حائدا عن ذي تبوك        فإنا قد أمرنـا بـالـجـهـاد


فأقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بتبوك بضع عشرة ليلة، لم يجاوزها، ثم انصرف قافلاً إلى المدينة. ‏

وادي المشقق وماؤه
وكان في الطريق ماء يخرج من وشل، ما يروي الراكب والركبين والثلاثة بواد يُقال له وادي المشقق؛ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏مَنْ سبقنا إلى ذلك الوادي فلا يستقين منه شيئاً حتى نأتيه، قال: ‏فسبقه إليه نفر من المنافقين، فاستقوا ما فيه، فلمَّا أتاه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وقف عليه فلم ير فيه شيئاً.

فقال: ‏مَنْ سبقنا إلى هذا الماء، فقيل له: ‏يا رسول الله فلان وفلان، فقال: ‏ألم أنههم أن يستقُوا منه شيئاً حتى آتيه!‏ ثم لعنهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ودعا عليهم، ثم نزل فوضع يده تحت الوشل، فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب، ثم نضحه به، ومسحه بيده، ودعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بما شاء الله أن يدعو به، فانخرق من الماء -كما يقول مَنْ سمعه- ما إن له حسا كحس الصواعق.

فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏لئن بقيتم أو من بقي منكم، لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه. ‏

ذو البجادين ودفنه وتسميته: ‏
قال: ‏وحدثني مُحَمَّد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي، أن عبدالله بن مسعود كان يحدث، قال: ‏قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة تبوك، قال: ‏فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر، قال: ‏فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأبو بكر، وعمر، وإذا عبدالله ذو البجادين المزني قد مات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في حفرته، وأبو بكر وعمر يدنيانه إليه، وهو يقول: ‏أدنيا إليَّ أخاكما، فدلياه إليه فلمَّا هيَّأهُ لشِقِّه قال: ‏اللهم إني أمسيتُ راضياً عنهُ فارض عنهُ.

قال: ‏يقول عبدالله بن مسعود: ‏يا ليتني كنت صاحب الحفرة‏.

قال ابن هشام: ‏
وإنما سُمِّيَ ذا البجادين لأنه كان ينازع إلى الإسلام، فيمنعه قومه من ذلك، ويضيقون عليه، حتى تركوه في بجاد ليس عليه غيره، والبجاد: ‏الكساء الغليظ الجافي.

فهرب منهم إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلما كان قريباً منه شَقَّ بجاده باثنين فاتزر بواحدٍ، واشتمل بالآخر، ثم أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقيل له: ‏ذو البجادين لذلك، والبجاد أيضاً: ‏المسح.

قال ابن هشام: ‏قال امرؤ القيس: ‏
كأن أبانا في عرانين ودقة        كبير أناس في بجاد مزمـل

حديث أبي رهم في تبوك
قال ابن إسحاق: ‏وذكر ابن شهاب الزهري، عن ابن أكيمة الليثي، عن ابن أخي أبي رهم الغفاري، أنه سمع أبا رهم كلثوم بن الحصين، وكان من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الذين بايعوا تحت الشجرة، يقول: ‏غزوت مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- غزوة تبوك، فسرت ذات ليلة معه، ونحن بالأخضر قريباً من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وألقى الله علينا النعاس، فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيفزعني دنوها منه، مخافة أن أصيب رجله في الغرز، فطفقت أحوز راحلتي عنه، حتى غلبتني عيني في بعض الطريق ونحن في بعض الليل فزاحمت راحلتي راحلة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ورجله في الغرز، فما استيقظت إلا بقوله: ‏حس، فقلت: ‏يا رسول الله استغفر لي.

فقال: ‏سر، فجعل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يسألني عمن تخلَّف من بني غفار، فأخبره به، فقال وهو يسألني: ‏ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط.

فحدثته بتخلفهم.

قال: ‏فما فعل النفر السود الجعاد القصار؟‏

قال: ‏قلت: ‏والله ما أعرف هؤلاء منا.

قال: ‏بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ، فتذكرتهم في بني غفار ولم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا، فقلت: ‏يا رسول الله، أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-‏: ‏ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل علي بعير من إبله امرأ نشيطاً في سبيل الله، إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم. ‏

أمر مسجد الضرار عند القفول من غزوة تبوك: ‏
قال ابن إسحاق: ‏ثم أقبل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى نزل بذي أوان، بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: ‏يا رسول الله، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا، فتصلي لنا فيه؛ فقال إني على جناح سفر، وحال شغل، أو كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم، فصلينا لكم فيه.

فلمَّا نزل بذي أوان أتاهُ خبر المسجد، فدعا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مالك ابن الدخشم، أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي، أو أخاه عاصم بن عدي، أخا بني العجلان، فقال: ‏انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فأهدماه وحرِّقاهُ، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: ‏أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي‏.

فدخل إلى أهله، فأخذ سعفاً من النخل، فأشعل فيه ناراً ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله، فحرَّقاهُ وهدماهُ، وتفرَّقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل: ‏‏

(‏والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين) ‏إلى آخر القصة.

وكان الذين بنوه أثنى عشر رجلاً: ‏
خزام بن خالد، من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة ابن حاطب من بني أمية بن زيد، ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف، أخو سهل بن حنيف، من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر، وابناه مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الحارث، من بني ضبيعة، وبحزج، من بني ضبيعة، وبجاد بن عثمان، من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت، وهو من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبدالمنذر. ‏

مساجد الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏
وكانت مساجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فيما بين المدينة إلى تبوك معلومة مسماة: ‏
مسجد بتبوك، ومسجد بثينة مدران، ومسجد بذات الزراب، ومسجد بالأخضر، ومسجد بذات الخطمي، ومسجد بألاء، ومسجد بطرف البتراء، من ذنب كواكب، ومسجد بالشق، شق تاراً، ومسجد بذي الجيفة، ومسجد بصدر حوضى، ومسجد بالحجر، ومسجد بالصعيد، ومسجد بالوادي، اليوم، وادي القرى، ومسجد بالرقعة من الشقة، شقة بني عذرة، ومسجد بذي المروة، ومسجد بالفيفاء، ومسجد بذي خشب‏. ‏

أمر الثلاثة الذين خُلِّفوا وأمْرُ المُعَذَّرين في غزوة تبوك

نهي الرسول عن كلام الثلاثة المتخلفين
وقدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، وقد كان تخلف عنه رهط من المنافقين، وتخلف أولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق، كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية.

فقال رسول الله صلى الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لأصحابه: ‏لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة، وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون، فصفح عنهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ولم يعذرهم الله ولا رسوله، واعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة.‏‏

حديث كعب بن مالك عن تخلفه وصاحبيه
قال ابن إسحاق: ‏فذكر الزهري مُحَمَّد بن مسلم بن شهاب، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك: ‏أن أباه عبدالله وكان قائد أبيه حين أصيب بصره، قال: ‏سمعت أبي كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال: ‏ما تخلفت عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة غزاها قط، غير أني كنت قد تخلفت عنه في غزوة بدر، وكانت غزوة لم يعاتب الله ولا رسوله أحدا تخلف عنها، وذلك أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إنما خرج يريد عير قريش، حتى جمع الله بينه وبين عدوه على غير ميعاد.
 
ولقد شهدت مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العقبة، وحين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت غزوة بدر هي أذكر في الناس منها.

قال: ‏كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، ووالله ما اجتمعت لي راحلتان قط حتى اجتمعتا في تلك الغزوة، وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في حر شديد، واستقبل سفراً بعيداً، واستقبل غزوة عدو كثير، فجلى للناس أمرهم، ليتأهبوا لذلك أهبته، وأخبرهم خبره بوجهه الذي يريد، والمسلمون من تبع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ، يعني بذلك الديوان، يقول: ‏لا يجمعهم ديوان مكتوب.

قال كعب‏: ‏فقل رَجُلٌ يريد أن يتغيَّب إلا ظنَّ أنه سيخفي له ذلك ما لم، ينزل فيه وحي من الله، وغزا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تلك الغزوة، حين طابت الثمار، وأحبت الظلال، فالناس إليها صعر، فتجهز رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وتجهز المسلمون معه، وجعلت أغدو لأتجهز معهم، فأرجع ولم أقض حاجة، فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر الناس بالجد، فأصبح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- غاديا، والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئاً، فقلت: ‏أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحق بهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئاً، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا، وتفرط الغزو، فهممت أن أرتحل، فأدركهم، وليتني فعلت، فلم أفعل، وجعلت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فطفت فيهم، فيحزنني أني لا أرى رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، أو رجلاً مِمَّنْ عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ‏ما فعل كعبُ بن مالك؟‏ فقال رجلٌ من بني سلمة: ‏يا رسول الله، حبسه برداه، والنظر في عطفيه.

فقال له معاذ بن جبل: ‏بئس ما قلت!‏ والله يا رسول الله، ما علمنا منه إلا خيراً، فسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

فلمَّا بلغني أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد توجَّه قافلاً من تبوك، حضرن بثي، فجعلت أتذكر الكذب، وأقول‏: ‏بماذا أخرج من سخطة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- غداً، وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، فلما قيل إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد أظل قادما زاح عني الباطل، وعرفت أني لا أنجو منه إلا بالصدق، فأجمعت أن أصدقه.

وصبح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، وكان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فجعلوا يحلفون له ويعتذرون، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فيقبل منهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علانيتهم وإيمانهم، ويستغفر لهم، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى.

حتى جئت فسلمت عليه؛ فتبسم، تبسم المغضب، ثم قال لي: ‏تعاله، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ‏ما خلفك، ألم تكن ابتعت ظهرك، قال: ‏قلت: ‏إني يا رسول الله، والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلاً، لكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كذباً لترضين عني، وليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديثاً صدقاً تجد علي فيه، إني لأرجو عقباي من الله فيه، ولا والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.

فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أما هذا فقد صدقت فيه، فقم حتى يقضي الله فيك.

فقمت، وثار معي رجال من بني سلمة، فاتبعوني، فقالوا لي: ‏والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بما اعتذر به إليه المخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لك، فو الله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: ‏هل لقي هذا أحد غيري؟‏ قالوا: ‏نعم، رجلاًن قالا مثل مقالتك، وقيل لهما مثل ما قيل لك، قلت: ‏من هما؟‏ قالوا: ‏مرارة بن الربيع العمري، من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أبي أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين، فيهما أسوة فصمت حين ذكروهما لي.

ونهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عن كلامنا أيها الثلاثة، من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي نفسي والأرض، فما هي بالأرض التي كنت أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة.

فأمَّا صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما، وأمَّا أنا فكنتُ أشَبُّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين، وأطوف بالأسواق ولا يُكلمني أحَدٌ، وآتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: ‏هل حرَّك شفتيه برد السلام عليَّ أم لا؟‏ ثم أصلي قريباً منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلتُ على صلاتي نظر إلي، وإذا التفتُّ نحوه أعرض عنِّي.

حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة.

وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي، فسلمت عليه، فو الله ما رد علي السلام.

فقلت: ‏يا أبا قتادة: ‏أنشدك بالله، هل تعلم أني أحب الله ورسوله؟‏ فسكت، فعدت فناشدته، فسكت عني، فعدت فناشدته، فسكت عني، فعدت فناشدته، فقال: ‏الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي ووثبت فتسورت الحائط، ثم غدوت إلى السوق، فبينا أنا أمشي بالسوق إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: ‏من يدل على كعب بن مالك؟‏ قال: ‏فجعل الناس يشيرون له إلي، حتى جاءني فدفع إلي كتاباً من ملك غسان، وكتب كتاباً في سرقة من حرير فإذا فيه: ‏‏"‏أمَّا بعد: ‏فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك".

قال: ‏قلت حين قرأتها، وهذا من البلاء أيضاً، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك، قال: ‏فعمدت بها إلى تنور فسجرته بها.

فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسول رسول الله يأتيني، فقال: ‏إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يأمرك أن تعتزل امرأتك، قال: ‏قلت: ‏أطلقها أم ماذا؟‏ قال: ‏لا، بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، فقلت لامرأتي: ‏الحقي بأهلك، فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض.

قال: ‏وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقالت: ‏يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع، لا خادم له، أفتكره أن أخدمه؟‏ قال: ‏لا، ولكن لا يقربنك؛ قالت: ‏والله يا رسول الله، ما به من حركة إليَّ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا، ولقد تخوَّفتُ على بصره.  

قال: ‏فقال لي بعض أهلي: ‏لو استأذنت رسول الله لامرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه، قال: ‏فقلت: ‏والله لا أستأذنه فيها، ما أدري ما يقول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لي في ذلك إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب.

قال: ‏فلبثنا بعد ذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة، من حين نهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المسلمين عن كلامنا، ثم صليت الصبح، صبح خمسين ليلة، وعلى ظهر بيت من بيوتنا، على الحال التي ذكر الله منا، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وضاقت علي نفسي، وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع، فكنت أكون فيها إذ سمعت صوت صارخ أوفى على ظهر سلع، يقول بأعلى صوته: ‏يا كعب بن مالك، أبشر، قال: ‏فخررتُ ساجداً، وعرفتُ أن قد جاء الفرج.



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:26

تَوْبَةُ اللهِ عَلَى المُخَلّفِين: ‏
قال: ‏وآذن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الناس بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب نحو صاحبي مبشرون، وركض رجل إلى فرساً، وسعى ساع من أسلم، حتى أوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس.

فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت ثوبي فكسوتهما إياه، بشارة، والله ما أملك يومئذ غيرهما، واستعرت ثوبين فلبستهما، ثم انطلقت أتيمم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة، يقولون: ‏ليهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- جالس حوله الناس، فقام إلي طلحة بن عبيد الله، فحياني وهنأني، ووالله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره.

قال: ‏فكان كعب بن مالك لا ينساها لطلحة.

قال كعب: ‏فلما سلمت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال لي ووجهه يبرق من السرور‏: ‏أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، قال: ‏قلت: ‏أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟‏ قال‏: ‏بل من عند الله، وكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر، قال: ‏وكنا نعرف ذلك منه.

قال: ‏فلما جلست بين يديه، قلت: ‏يا رسول الله، إن من توبتي إلى الله عز وجل، أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله، وإلى رسوله.

قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك، قال: ‏قلت: ‏إني ممسك سهمي الذي بخيبر.

وقلت يا رسول الله، إن الله قد نجاني بالصدق، وإن من توبتي إلى الله، أن لا أحدث إلا صدقاً ما حييت، والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ذلك أفضل مما أبلاني الله، والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي.

ما نزل في ساعة العسرة والمخلفين وأنزل الله تعالى: ‏‏
((‏لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العُسْرَةِ من بعد ما كاد يزيغُ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوفٌ رحيمٌ وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا))... ‏إلى قوله: ‏‏(‏وكونوا مع الصَّادقين). ‏

ما نزَلَ في المُعَذَّرِينَ
قال كعب: ‏فو الله ما أنعم الله علي نعمة قط بعد أن هداني للإسلام كانت أعظم في نفسي من صدق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يومئذ، أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله تبارك وتعالى قال في الذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد: ‏قال:
 ‏(‏سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتُعرضُوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجسٌ ومأواهم جهنم جزاءً بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين).

قال: ‏وكان خلفنا أيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حين حلفوا له ليعذرهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أمرنا، حتى قضى الله فيه ما قضى فبذلك قال الله تعالى: ‏‏(‏وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا) ‏وليس الذي ذكر الله من تخليفنا لتخلفنا عن الغزوة، ولكن لتخليفه إيَّانا، وإرجائه أمرنا عمَّنْ حلف له، واعتذر إليه فقبل منه.

أمر وفد ثقيف وإسلامها في شهر رمضان سنة تسع
قدوم عروة بن مسعود عليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مسلماً
قال ابن إسحاق: ‏وقدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة من تبوك، في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف.

وكان من حديثهم أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لما انصرف عنهم، اتبع أثره عروة بن مسعود الثقفي، حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة، فأسلم، وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، كما يتحدث قومه: ‏إنهم قاتلوك، وعرف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن فيهم نخوة الامتناع الذي كان منهم، فقال عروة: ‏يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبكارهم.

قال ابن هشام: ‏ويُقال من أبصارهم. ‏

دعوة قومه إلى الإسلام وقتلهم إياه: ‏
قال ابن إسحاق: ‏وكان فيهم كذلك مُحبَّباً مُطاعاً، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يُخالفوه، لمنزلته فيهم، فلمَّا أشرف لهم على عِلْيَةٍ له، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سَهْمٌ فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجلٌ منهم، يُقال له أوس بن عوف أخو بني سالم بن مالك، وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم، من بني عتاب بن مالك، يُقال له، وهب بن جابر، فقيل لعروة: ‏ما ترى في دمك قال: ‏كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ، فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فزعموا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال فيه: ‏إن مثله في قومه لكمثل صاحب ياسين في قومه. ‏

إرسال ثقيف وفداً إليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهراً، ثم إنهم ائتمروا بينهم، ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب، وقد بايعوا وأسلموا.

حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس: ‏أن عمرو بن أمية، أخا بني علاج، كان مهاجراً لعبد ياليل بن عمرو، الذي بينهما شيء، وكان عمرو بن أمية من أدهى العرب، فمشى إلى عبد ياليل بن عمرو، حتى دخل داره.

ثم أرسل إليه أن عمرو بن أمية يقول لك: ‏أخرج إلي، قال: ‏فقال عبد ياليل للرسول: ‏ويلك أعمرو أرسلك إلي؟‏ قال: ‏نعم، وها هو ذا واقفا في دارك، فقال إن هذا الشيء ما كنت أظنه، لعمرو كان أمنع في نفسه من ذلك، فخرج إليه فلما رآه رحب به، فقال له عمرو: ‏إنه قد نزل بنا أمر ليست معه هجرة، إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت، قد أسلمت العرب كلها، وليست لكم بحربهم طاقة، فانظروا في أمركم.

فعند ذلك ائتمرت ثقيف بينها، وقال بعضهم لبعض: ‏أفلا ترون أنه لا يأمن لكم سرب، ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع، فأتمروا بينهم، وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رجلاً، كما أرسلوا عروة، فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير، وكان سن عروة بن مسعود، وعرضوا ذلك عليه فأبى أن يفعل، وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة.

فقال: ‏لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالاً فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف، وثلاثة من بني مالك، فيكونوا ستة، فبعثوا مع عبد ياليل الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشرحبيل ابن غيلان بن سلمة بن معتب، ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان، أخا بني يسار، وأوس بن عوف، أخا بني سالم بن عوف، ونمير بن خرشة بن ربيعة أخا بني الحارث.

فخرج بهم عبد ياليل، وهو ناب القوم وصاحب أمرهم، ولم يخرج بهم إلا خشية من مثل ما صنع بعروة بن مسعود، لكي يشغل كل رجل منهم إذا رجعوا إلى الطائف رهطه.

طلبهم من الرسول أموراً فرفضها: ‏
فلمَّا دنوا من المدينة ونزلوا قناة، ألفوا بها المغيرة بن شعبة، يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكانت رعيتها نوباً على أصحابه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلمَّا رآهم ترك الركاب عند الثقفيين، وضبر يشتد، ليبشر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخبره عن ركب ثقيف أن قد قدموا يريدون البيعة والإسلام، بأن يشرط لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- شروطاً، ويكتتبوا من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كتاباً في قومهم وبلادهم وأموالهم.

فقال أبو بكر للمُغيرة: ‏أقسمتُ عليك بالله، لا تسبقني إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى أكون أنا أحدثه، ففعل المغيرة، فدخل أبو بكر على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخبره بقدومهم عليه، ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم، وعلمهم كيف يحيون رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية.

ولمَّا قدموا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده، كما يزعمون فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده، وكانوا لا يطعمون طعاماً، يأتيهم من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى يأكل منه خالد، حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم.

وقد كان فيما سألوا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات، لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ذلك عليهم، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم حتى سألوا شهراً واحداً بعد مقدمهم، فأبي عليهم أن يدعها شيئاً مُسَمَّى، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلّموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة فيهدماها.

وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏أمَّا كسر أوثانكم بأيديكم، فسنُعفيكم منه، وأمَّا الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه، فقالوا: ‏يا مُحَمَّد، فسنؤتيكها وإن كانت دناءة. ‏

تأمير عثمان بن أبي العاص على ثقيف
فلمَّا أسلمُوا وكتب لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كتابهم، أمَّرَ عليهم عثمان بن أبي العاص، وكان من أحدثهم سِنَّاً، وذلك أنه كان أحرصهم على التفقُّه في الإسلام، وتعلّم القرآن. ‏



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:34

صوم وفد ثقيف ما تبقى من رمضان وخدمة بلال إيَّاهم
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني عيسى بن عبدالله بن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم قال: ‏كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصُمنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ما بقي من رمضان بفطرنا، وسحورنا من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيأتينا بالسُّحور، وإنا لنقول: ‏إن لنرى الفجر قد طلع، فيقول: ‏قد تركت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يتسحَّر، لتأخير السُّحور: ‏يأتينا بفطرنا، وإنا لنقول: ‏ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد: ‏فيقول: ‏ما جئتكم حتى أكل رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم يضع يده في الجفنة، فيلتقم منها.

قال ابن هشام:
‏بفطورنا وسحورنا. ‏

عهده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لعثمان بن أبي العاص حين تأميره على ثقيف
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبدالله بن الشخير، عن عثمان بن أبي العاص، قال: ‏كان من أخر ما عهد إلي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين بعثني على ثقيف أن قال: ‏يا عثمان تجاوز في الصلاة، واقدر الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير، والصغير، والضعيف، وذا الحاجة. ‏

هدم اللات
قال ابن إسحاق: ‏فلمَّا فرغوا من أمرهم، وتوجَّهوا إلى بلادهم راجعين، بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- معهم أبا سفيان بن حرب والمُغيرة بن شعبة، في هدم الطاغية.

فخرجا مع القوم، حتى إذا قدموا الطائف أراد المُغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان، فأبى ذلك أبو سفيان عليه، وقال: ‏ادخل أنت على قومك؛ وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم، فلمَّا دخل المُغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول، وقام قومه دونه بنو معتب خشية أن يرمي أو يصاب كما أصيب عروة.

وخرج نساء ثقيف حسراً يبكين عليها ويقلن: ‏
لتبكين دفاع            أسلمها الرضاع
لم يحسنوا المصاع

قال ابن هشام:
‏لتبكين عن غير ابن إسحاق.

قال ابن إسحاق: ‏
يقول أبو سفيان والمغيرة يضربها بالفأس: ‏واها لك!‏ آها لك!‏ فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان وحليها مجموع، وما لها من الذهب والجزع. ‏

مَنْ أول مَنْ أسلم من ثقيف
وكان أبو مليح بن عروة وقارب ابن الأسود قدما على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبل وفد ثقيف، حين قتل عروة، يريدان فراق ثقيف وأن لا يجامعاهم على شيء أبداً، فأسلما فقال لهما رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏وخالكما أبا سفيان بن حرب؛ فقالا: ‏وخالنا أبا سفيان ابن حرب. ‏

سؤال أبي المليح وقارب بن الأسود قضاء دينهما من مال اللات
فلمَّا أسلم أهل الطائف ووجه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أبا سفيان والمغيرة إلى هدم الطاغية، سأل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أبو مليح بن عروة أن يقضي عن أبيه عروة ديناً كان عليه من مال الطاغية، فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏نعم، فقال له، قارب بن الأسود، وعن الأسود يا رسول الله فاقضه، وعروة والأسود أخوان لأب وأم، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏إن الأسود مات مُشركاً.

فقال قارب لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏يا رسول الله، لكن تصل مسلماً ذا قرابة، يعني نفسه، إنما الدَّينُ عليَّ، وإنما أنا الذي أطلب به، فأمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطاغية؛ فلمَّا جمع المغيرة مالها قال لأبي سفيان: ‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد أمرك أن تقضي عن عروة والأسود دينهما، فقضى عنهما. ‏

كتابه عليه السلام لثقيف
وكان كتاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الذي كتب لهم: ‏بسم الله الرحمن الرحيم: ‏من مُحَمَّد النبي رسول الله، إلى المؤمنين: ‏إن عضاه وج وصيده، لا يعضد من وجد يفعل شيئاً من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه، فإن تعدَّى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به إلى النبي مُحَمَّد، وإن هذا أمر النبي مُحَمَّد رسول الله.

وكتب خالد بن سعد بأمر الرسول مُحَمَّد بن عبدالله، فلا يتعدَّهُ أحَدٌ، فيظلم نفسه فيما أمر به مُحَمَّد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ‏

حج أبي بكر بالناس سنة تسع واختصاص النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بتأدية أول براءة عنه
تأمير أبي بكر على الحج
قال ابن إسحاق: ‏ثم أقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بقية شهر رمضان وشوالا وذا القعدة، ثم بعث أبا بكر أميراً على الحج من سنة تسع، ليقيم للمسلمين حجهم، والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم، فخرج أبو بكر رضى الله عنه ومن معه من المسلمين. ‏

نزول سورة براءة في نقض ما بين المسلمين والمشركين
ونزلت براءة في نقض ما بين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبين المشركين من العهد، الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم ‏‏ أن لا يصد عن البيت أحد جاءه، ولا يخاف أحد في الشهر الحرام. ‏

وكان ذلك عهداً عاماً بينه وبين الناس من أهل الشرك، وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبين قبائل العرب خصائص، إلى آجال مسماة، فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عنه في تبوك، وفي قول من قال منهم، فكشف الله تعالى فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون، منهم من سمى لنا ومنهم من لم يسم لنا فقال عز وجل‏: ‏
(‏براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين):
‏أي: ‏لأهل العهد العام من أهل الشرك:
 ‏(‏فسيحُوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير مُعجزي الله وأنَّ اللهَ مُخزي الكافرين وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحَجِّ الأكبر أنَّ اللهَ بريءٌ من المشركين ورسوله): ‏
أي: ‏بعد هذه الحجَّة:
‏(‏فإن تبتم فهو خيرٌ لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غيرُ مُعجزي الله وبَشِّرِ الذين كفروا بعذابٍ أليمٍ إلا الذين عاهدتُّم من المُشركين):
أي: ‏العهد الخاص إلى الأجل المُسَمَّى:
 ‏(‏ثم لم ينقصوكم شيئًا ولم يُظاهروا عليكم أحدًا فأتمُّوا إليهم عهدهم إلى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقينَ فإذا انسلخ الأشهرُ الحُرُمُ):
 ‏يعني الأربعة التي ضرب لهم أجلاً:
 (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كُلَّ مَرْصَدٍ فإن تابُوا وأقامُوا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيمٌ وإنْ أحَدٌ من المُشركين) ‏
أي: ‏من هؤلاء الذين أمرتك بقتلهم:
 ‏(‏استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون).
ثم قال: ‏‏(‏كيف يكون للمشركين) ‏الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام، أن لا يخيفوكم ولا يخيفوهم في الحرمة، ولا في الشهر الحرام:
 ‏(عَهْدٌ عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتُّم عند المسجد الحرام):
 ‏وهي قبائل من بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم يوم الحديبية، إلى المدة التي كانت بين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبين قريش، فلم يكن نقضها إلا هذا الحي من قريش، وهي الديل من بني بكر بن وائل الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم. فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض من بني بكر إلى مدته:
 ‏(‏فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين‏)‏.
ثم قال تعالى‏: ‏‏
(‏كيف وإن يظهروا عليكم‏)
‏أي: ‏المشركين الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل الشرك العام:
 ‏(‏لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة).

قال ابن هشام:
‏الإل: ‏الحلف.

قال أوس بن حجر، أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم: ‏
لولا بنو مالك والإل مرقبة        ومالك فيهم الآلاء والشـرف
وهذا البيت في قصيدة له، وجمعه آلال.

قال الشاعر: ‏
فلا إل من الآلال بيني            وبينكم فلا تألن جـهـدا

والذمة:
‏العهد.

قال الأجدع بن مالك الهمداني، وهو أبو مسروق الأجدع الفقيه. ‏
وكان علينا ذمة أن تجـاوزوا        من الأرض معروفا إلينا ومنكرا
وهذا البيت في ثلاثة أبيات له.
وجمعها ذمم.‏‏         

‏‏(‏يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون، اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون .‏‏ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون):
 ‏أي: ‏قد اعتدوا عليكم:
‏(‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون). ‏



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:39

اختصاص علي بتأدية براءة: ‏
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي جعفر مُحَمَّد بن علي رضوان الله عليه، أنه قال: ‏لما نزلت براءة على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج، قيل له: ‏يا رسول الله لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: ‏لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي.

ثم دعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال له: ‏اخرج بهذه القصة من صدر براءة، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى، أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عهد فهو له إلى مدته.

فخرج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العضباء، حتى أدرك أبا بكر بالطريق، فلمَّا رآه أبو بكر بالطريق قال: ‏أأمير أم مأمور؟‏ فقال بل: ‏مأمور ثم مضيا، فأقام أبو بكر للناس الحج والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج، التي كانوا عليها في الجاهلية.

حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال أيها الناس، إنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عهد فهو إلى مدته؛ وأجل الناس أربعة أشهر من يوم أذن فيهم، ليرجع كل قوم إلى مأمنهم أو بلادهم، ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا أحد كان عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عهد إلى مدة، فهو له إلى مدته.

فلم يحج بعد ذلك العام مُشرك ولم يطف بالبيت عريان.

ثم قدما على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

قال ابن إسحاق:
‏فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام وأهل المدة إلى الأجل المسمى.

الأمر بجهاد المشركين:
‏قال ابن إسحاق: ‏ثم أمر الله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بجهاد أهل الشرك، ممن نقض من أهل العهد الخاص، ومن كان من أهل العهد العام، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدو فيها عاد منهم، فيقتل بعدائه، فقال:
‏‏(‏ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله):
 ‏أي: ‏بعد ذلك:
 ‏(‏على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون).

قال ابن هشام:
‏وليجة: ‏دخيل، وجمعها ولائج وهو من ولج يلج، أي: ‏دخل يدخل، وفي كتاب الله عز وجل:
‏‏(‏حتى يلج الجمل في سم الخياط):
‏أي، يدخل يقول لم يتخذوا دخيلاً من دونه يسرون إليه غير ما يظهرون، نحو ما يصنع المنافقون، يظهرون الإيمان للذين آمنوا:
‏(‏وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم).

 ‏قال الشاعر: ‏
وأعلم بأنك قد جعلت وليجة        ساقوا إليك الحتف غير مشوب

القرآن يَرُدُّ على قريش ادعاءهم عمارة البيت
قال ابن إسحاق: ‏ثم ذكر قول قريش: ‏إنا أهل الحرم، وسقاة الحاج، وعمارة هذا البيت، فلا أحد أفضل منا؛ فقال: ‏‏
(‏إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر):
 ‏أي: ‏أن عمارتكم ليست على ذلك، وإنما يعمر مساجد الله، أي: ‏من يعمرها بحقها:
 ‏(‏من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخش إلا الله):
 ‏أي: ‏فأولئك عمارها: ‏(‏فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين):
 ‏وعسى من الله‏: ‏حق.

قال تعالى: ‏
‏(‏أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله).

ثم القصة عن عدوهم، وما أنزل الله تعالى من نصره بعد تخاذلهم، ثم قال تعالى: ‏‏
(‏إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة):
 ‏وذلك أن الناس قالوا: ‏لتنقطعن عنا الأسواق، فلتهلكن التجارة، وليذهبن ما كنا نصيب فيها من المرافق، فقال الله عز وجل: ‏
‏(‏وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله):
 ‏أي: ‏من وجه غير ذلك:
‏(‏إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون):
 ‏أي: ‏ففي هذا عوض مما تخوفتم من قطع الأسواق، فعوضهم الله بما قطع عنهم بأمر الشرك، ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب، من الجزية. ‏

ما نزل في أهل الكتابين: ‏
ثم ذكر أهل الكتابين بما فيهم من الشر والفرية عليه، حتى انتهي إلى قوله تعالى:
 ‏‏(‏إن كثيرًا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم).

ما نزل في النسيء: ‏
ثم ذكر النسيء وما كانت العرب أحدثت فيه.
والنسيء: ‏ما كان يُحِلُّ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ تعالى من الشهور، ويُحَرِّمُ مِمَّا أحَلَّ اللهُ منها، فقال: ‏
(إنَّ عِدَّةَ الشُّهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّينُ القَيِّم فلا تظلموا فيهنَّ أنفسكم):
‏ أي: ‏لا تجعلوا حرامها حلالاً، ولا حلالها حراماً، أي كما فعل أهل الشرك:
 ‏(‏إنَّما النَّسِيءُ):
 ‏الذي كانوا يصنعون:
 ‏(‏زيادةٌ في الكُفر يُضلُّ به الذين كفروا يُحِلُّونهُ عامًا ويُحرِّمُونهُ عامًا ليُوَاطِئُوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لهم سُوءُ أعمالهم واللهُ لا يهدي القوم الكافرين). ‏

ما نزل في تبوك: ‏
ثم ذكر تبوك وما كان فيها من تثاقل المسلمين عنها، وما أعظموا من غزو الروم حين دعاهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى جهادهم، ونفاق من نافق من المنافقين، حين دعوا إلى ما دعوا إليه من الجهاد، ثم ما نعى عليهم من إحداثهم في الإسلام، فقال تعالى: ‏‏
(‏يا أيها الذين أمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)...
ثم القصة إلى قوله تعالى:
‏‏(‏يعذبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم)...
 ‏إلى قوله تعالى:
‏‏(‏إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار). ‏

ما نزل في أهل النفاق: ‏
ثم قال تعالى لنبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يذكر أهل النفاق:
‏‏(‏لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون‏):
 ‏أي: ‏إنهم يستطيعون:
 ‏(‏عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين)...
‏إلى قوله:
‏(لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم).

قال ابن هشام:
‏أوضعوا خلالكم: ‏ساروا بين أضعافكم، فالأيضاًع: ‏ضرب من السير أسرع من المشي.

قال الأجدع بن مالك الهمداني: ‏
يصطادك الوحد المدل بشأوه        بشريج بين الشـد والأيضاًع
وهذا البيت في قصيدة له.

قال ابن إسحاق: ‏
وكان الذين استأذنوه من ذوي الشرف، فيما بلغني، منهم عبدالله بن أبي ابن سلول، والجد بن قيس، وكانوا أشرافاً في قومهم، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده، وكان في جنده قوم أهل محبة لهم، وطاعة فيما يدعونهم إليه، لشرفهم فيهم.

فقال تعالى:
‏‏(‏وفيكم سمَّاعُون لهم واللهُ عليمٌ بالظالمين لقد ابتغوا الفتنة من قبل):
 ‏أي: ‏من قبل أن يستأذنوك:
 ‏(‏وقلبوا لك الأمور):
 ‏أي: ‏ليُخَذِّلُوا عنك أصحابك، ويردُّوا عليك أمرك: ‏
(‏حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا):
‏وكان الذي قال ذلك، فيما سمي لنا الجد بن قيس، أخو بني سلمة، حين دعاه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى جهاد الروم.

ثم كانت القصة إلى قوله تعالى:
‏‏(‏لو يجدون ملجأ أو مغاراتٍ أو مُدَّخلًا لَوَلَّوْا إليه وهم يجمحون ومنهم من يلمزُك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) ‏أي:
‏إنما نيتهم ورضاهم وسخطهم لدنياهم. ‏

ما نزل في أصحاب الصدقات: ‏
ثم بين الصدقات لمن هي، وسمي أهلها فقال:
‏‏(‏إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم). ‏



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:44

ما نزل فيمَنْ آذُوْا الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏
ثم ذكر غشهم وأذاهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقال: ‏‏
(‏ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذُنُ خيرٍ لكم يُؤمنُ بالله ويُؤمنُ للمؤمنين ورحمةٌ للذين آمنوا منكم والذين يُؤذُونَ رسولَ اللهِ لهم عذابٌ أليمٌ‏)‏.

وكان الذي يقول تلك المقالة، فيما بلغني، نبتل بن الحارث، أخو بني عمرو بن عوف، وفيه نزلت هذه الآية، وذلك أنه كان يقول: ‏إنما مُحَمَّد أذن مَنْ حدَّثه شيئاً صدَّقه، يقول الله تعالى:
‏‏(‏قل أذن خير لكم) ‏
أي: ‏يسمع الخير ويصدق به.  

ثم قال تعالى:
‏‏(‏يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين):
 ‏ثم قال:
‏‏(‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون)...
 ‏إلى قوله تعالى: ‏
‏(‏إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة):
 ‏وكان الذي قال هذه المقالة وديعة بن ثابت، أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو بن عوف، وكان الذي عفي عنه، فيما بلغني، مخشن بن حمير الأشجعي حليف بني سلمة، وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع.

ثم القصة من صفتهم حتى انتهى إلى قوله تعالى:
 ‏‏(‏يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهَمُّوا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم اللهُ ورسولُهُ من فضله)...
 ‏إلى قوله:
‏(‏من ولي ولا نصير‏):
 ‏وكان الذي قال تلك المقالة الجلاس بن سويد بن صامت، فرفعها عليه رجل كان في حجره، يُقال له: ‏عمير بن سعد فأنكرها وحلف بالله ما قالها، فلما نزل فيهم القرآن تاب ونزع، وحسنت حاله وتوبته، فيما بلغني.

ثم قال تعالى: ‏
‏(‏ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين‏):
 ‏وكان الذي عاهد الله منهم ثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وهما من بني عمرو بن عوف.

ثم قال:
‏‏(الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم):
 ‏وكان المطوعون من المؤمنين في الصدقات عبدالرحمن بن عوف، وعاصم بن عدي، أخا بني العجلان، وذلك أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رغب في الصدقة، وحض عليها، فقام عبدالرحمن بن عوف فتصدَّق بأربعة آلاف درهم، وقام عاصم بن عدي فتصدَّق بمائة وسق من تمر، فلمزوهما، وقالوا: ‏ما هذا إلا رياءً، وكان الذي تصدَّق بجهده أبو عقيل، أخو بني أنيف، أتى بصاع من تمر، فأفرغها في الصَّدقة، فتضاحكُوا به، وقالوا: ‏إن الله لغنيٌ عن صاع أبي عقيل.

ثم ذكر قول بعضهم لبعض، حين أمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالجهاد، وأمر بالسير إلى تبوك، على شدة الحر، وجدب البلاد.

فقال تعالى: ‏‏
(‏وقالوا لا تنفروا في الحَرِّ قُلْ نَارُ جهنَّمَ أشَدُّ حَرًّا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا)...
 ‏إلى قوله:
‏‏(‏ولا تعجبك أموالهم وأولادهم). ‏

ما نزل بسبب الصلاة على ابن أبي
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس قال: ‏سمعت عمر بن الخطاب، يقول: ‏لمَّا تُوُفِّيَ عبدالله بن أبي دُعِيَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- للصلاة عليه، فقام إليه، فلمَّا وقف عليه يريد الصلاة، تحوَّلتُ حتى قمتُ في صدره، فقلت: ‏يا رسول الله، أتُصلّى على عدو الله عبدالله بن أبي بن سلول؟‏ القائل كذا يوم كذا، والقائل كذا يوم كذا؟‏ أعدد أيامه، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يبتسم حتى إذا أكثرتُ قال: ‏يا عمر، أخِّرْ عني إني قد خُيِّرْتُ فاخترتُ، قد قيل لي‏: ‏‏
(‏استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم):
 ‏فلو أعلم إني إن زدت على السبعين غفر له لزدت.

قال: ‏ثم صلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ومشى معه حتى قام على قبره، حتى فرغ منه، قال: ‏فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- والله ورسوله أعلم.

فو الله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان:
‏‏(‏ولا تُصَلِّ على أحَدٍ منهم مات أبدًا ولا تقُمْ على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون):
 ‏فما صلّى رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعده على منافق، حتى قبضهُ اللهُ تعالى. ‏

ما نزل في المُستأذنين والمُعَذَّرين والبَكَّائِين: ‏
قال ابن إسحاق: ‏ثم قال تعالى: ‏‏
(‏وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم):
 ‏وكان ابن أبي من أولئك، فنعى الله ذلك عليه، وذكره منه.

 ثم قال تعالى: ‏
(‏لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيراًت وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله)...
 ‏إلى أخر القصة.

وكان المعذرون -فيما بلغني- نفراً من بني غفار منهم خفاف بن أيماء بن رحضة، ثم كانت القصة لأهل العذر، حتى انتهى إلى قوله:
‏‏(‏ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون):
 ‏وهم البكاءون.

ثم قال تعالى:
‏‏(‏إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع اللهُ على قلوبهم فهم لا يعلمون):
 ‏الخوالف: ‏النساء.

ثم ذكر حلفهم للمسلمين واعتذراهم فقال: ‏
‏(‏فأعرضوا عنهم)...
 ‏إلى قوله تعالى: ‏
‏(‏فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)‏. ‏

ما نزل في مُنافقي الأعراب: ‏
ثم ذكر الأعراب ومن نافق منهم وتربصهم برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبالمؤمنين، فقال: ‏
‏(ومن الأعراب مَن يتخذ ما ينفق):
‏أي: ‏من صدقة أو نفقة في سبيل الله:
 ‏(مغرماً ويتربصُ بكم الدَّوائر عليهم دائرةُ السَّوْءِ واللهُ سميعٌ عليمٌ). ‏

ما نزل في المخلصين من الأعراب: ‏
ثم ذكر الأعراب أهل الإخلاص والإيمان منهم، فقال:
 ‏‏(‏ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما يُنفِقُ قرُبَاتٍ عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قُربةٌ لهم).



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

غزوة تبوك في رجب سنة تسع Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوة تبوك في رجب سنة تسع   غزوة تبوك في رجب سنة تسع Emptyالأربعاء 27 أكتوبر - 14:48

ما نزل في السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان
ثم ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وفضلهم، وما وعدهم الله من حسن ثوابه إياهم، ثم ألحق بهم التابعين لهم بإحسان، فقال: ‏
‏(‏رضي الله عنهم ورضوا عنه).

 ‏ثم قال تعالى:
‏‏(‏وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق):
‏أي: ‏لجوا فيه وأبوا غيره:
(سنُعذبهم مرَّتين):
‏والعذاب الذي أوعده الله تعالى مرَّتين، فيما بلغني، غمُّهم بما هم فيه من أمر الإسلام، وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة، ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها، ثم العذاب العظيم الذين يَردُّونَ إليه، عذاب النار والخُلد فيه.

ثم قال تعالى: ‏
‏(‏وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا عسى اللهُ أن يتوب عليهم إن الله غفورٌ رحيمٌ‏).

ثم قال تعالى: ‏
‏(‏خُذْ من أموالهم صدقةً تُطهرهم وتُزكيهم بها‏)...
 ‏إلى أخر القصة.

 ثم قال تعالى:
‏‏(وآخرون مُرْجَوْنَ لأمر الله إمّضا يُعذِّبَهُم وإمَّا يتوب عليهم):
 ‏وهم الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وأرجأ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أمرهم حتى أتت من الله توبتهم، ثم قال تعالى:
‏(والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا)...
 ‏إلى أخر القصة.

ثم قال تعالى:
‏‏(‏إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)...
 ‏ثم كان قصة الخبر عن تبوك، وما كان فيها إلى أخر السورة.

وكانت براءة تُسَمَّى في زمان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وبعده المُبَعْثِرَةُ، لما كشفت من سرائر الناس.

وكانت تبوك أخر غزوة غزاها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ‏

حسَّان يُعَدِّدْ مغازيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- شعراً: ‏
وقال حسان بن ثابت يعدد مغازي الأنصار مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ويذكر مواطنهم معه في أيام غزوه.

قال ابن هشام: ‏
وتروى لابنه عبدالرحمن بن حسان. ‏
ألست خير معد كلهـا نـفـرا        ومعشرا إن هم عموا وإن حصلـوا
قوم هم شهدوا بدرا بأجمعـهـم        مع الرسول فما ألوا وما خـذلـوا
وبايعوه فلم ينـكـث بـه أحـد        منهم ولم يك في إيمانـهـم دخـل
ويوم صبحهم في الشعب من أحد        ضرب رصين كحر النار مشتعـل
ويوم ذي قرد يوم استثار بـهـم        على الجياد فما خاموا وما نكـلـوا
وذا العشيرة جاسوها بخيلـهـم        مع الرسول عليها البيض والأسـل
ويوم ودان أجلوا أهله رقـصـا        بالخيل حتى نهانا الحزن والجـبـل
وليلة طلبـوا فـيهـا عـدوهـم        لله والله يجزيهم بـمـا عـمـلـوا
وغزوة يوم نجد ثم كـان لـهـم        مع الرسول بها الأسلاب والنـفـل
وليلة بحنـين جـالـدوا مـعـه        فيها يلعهم بالـحـرب إذ نـهـلـوا
وغزوة القاع فرقنا الـعـدو بـه        كما تفرق دون المشرب الـرسـل
ويوم بويع كانوا أهل بـيعـتـه        على الجلاد فآسـوه ومـا عـدلـوا
وغزوة الفتح كانوا في سـريتـه        مرابطين فما طاشوا وما عجـلـوا
ويوم خيبر كانوا في كتـيبـتـه        يمشون كلهم مستـبـسـل بـطـل
بالبيض ترعش في الأيمان عارية        تعوج في الضرب أحيانا وتعـتـدل
ويوم سار رسول الله محتسـبـا        إلى تـبـوك وهـم راياتـه الأول
وساسة الحرب إن حرب بدت لهم        حتى بدا لهم الإقـبـال والـقـفـل
أولئك القوم أنصار النبـي وهـم        قومي أصير إليهم حـين أتـصـل
ماتوا كراما ولم تنكث عهودهـم        وقتلهم في سبيل اللـه إذ قـتـلـوا

قال ابن هشام: ‏عجز أخرها بيتا عن غير ابن إسحاق.

قال ابن إسحاق: ‏وقال حسان بن ثابت أيضاً: ‏
كنا ملوك الناس قـبـل مُحَمَّد        فلما أتى الإسلام كان لنـا الـفـضـل
وأكرمنا الـلـه الـذي لـيس غـيره        إله بأيام مضـت مـا لـهـا شـكـل
بنصـر الإلـه والـرسـول ودينـه        وألبسناه اسما مضـى مـا لـه مـثـل
أولئك قومي خير قـوم بـأسـرهـم        فما عد من خير فقـومـي لـه أهـل
يربون بالمعروف معروف من مضى    وليس عليهم دون معروفـهـم قـفـل
إذا اختبطوا لم يفحشوا فـي نـديهـم        وليس على سؤالهم عـنـدهـم بـخـل
وإن حاربوا أو سالموا لم يشـبـهـوا        فحربهم حتف وسـلـمـهـم سـهـل
وجارهم مـوف بـعـلـياء بـيتـه        له ما ثوى فينـا الـكـرامة والـبـذل
وحاملهـم مـوف بـكـل حـمـالة        تحمـل لا غـرم عـلـيهـا ولا خـذل
وقائلهم بـالـحـق إن قـال قـائل        وحلمهـم عـود وحـكـمـهـم عـدل
ومنا أمير المـسـلـمـين حـياتـه        ومن غسلته من جنـابـتـه الـرسـل

قال ابن هشام: ‏وقوله ‏(‏وألبسناه اسماً)‏ عن غير ابن إسحاق.

قال ابن إسحاق: ‏وقال حسَّان بن ثابت أيضاً: ‏
قومـي أولـئك إن تـسـألـي        كرام إذا الـضـيف يومـا ألــم
عظام الـقـدور لأيسـارهـم        يكبون فيها الـمـسـن الـسـنـم
يؤاسون جارهم في الـغـنـى        ويحمـون مـولاهـم إن ظـلـم
فكانوا ملـوكـا بـأرضـيهـم        ينادون عضبـا بـأمـر غـشـم
ملوكا على الناس لم يملـكـوا        من الدهر يوما كحـل الـقـسـم
فأنبـوا بـعـاد وأشـياعـهـا        ثمـود وبـعـض بـقــايا إرم
بيثرب قد شيدوا في النـخـيل        حصونا ودجن فـيهـا الـنـعـم
نواضح قد علمتـهـا الـيهـو        د عـل إلـيك وقـولا هـلـــم
وفما اشتهوا من عصير القطاف        والعيش رخوا عـلـى غـيرهـم
فسرنا إلـيهـم بـأثـقـالـنـا        على كل فحل هـجـان قـطـم
جنبنا بـهـن جـياد الـخـيول        قد جـلـلـوهـا جــلال الأدم
فلما أناخوا بجنـبـي صـرار        وشدوا السروج بـلـي الـحـزم
فما راعهم غير معج الخـيول        والزحف من خلفـهـم قـددهـم
فطاروا سراعا وقد أفـزعـوا        وجئنـا إلـيهـم كـأسـد الأجـم
على كل سلهبة في الـصـيان        لا يشتـكـين نـحـول الـسـأم
وكل كميت مـطـار الـفـؤاد        أمين الفصوص كمـثـل الـزلـم
عليهـا فـوارس قـد عـودوا        قراع الكماة وضـرب الـبـهـم
ملوك إذا غشموا فـي الـبـلا        د لا ينـكـلـون ولـكـن قــدم
فأبنا بساداتـهـم والـنـسـاء        وأولادهـم فـيهـم تـقـتـسـم
ورثنا مساكنـهـم بـعـدهـم        وكنا مـلـوكـا بـهـا لـم نـرم
فلما أتانا الـرسـول الـرشـيد        بالحق والنـور بـعـد الـظـلـم
قلنا صدقت رسول الـمـلـيك        هلـم إلـينـا وفـينــا أقـــم
فنشـهـد أنـك عـبـد الإلـه        أرسـلـت نـورا بـدين قـــيم
فإنــا وأولادنـــا جـــنة            نقيك وفي مالـنـا فـاحـتـكـم
فنـحـن أولـئك إن كـذبـوك        فنـاد نـداء ولا تـحـتـشـــم
وناد بمـا كـنـت أخـفـيتـه        نداء جـهـارا ولا تـكـتـتــم
فطار الغواة بأسيافـهـم            إليه يظنـون أن يخـتـرم
فقمنا إليهم بأسـيافـنـا            نجالد عنـه بـغـاة الأمـم
بكل صقيل لـه مـيعة            رقيق الذباب عضوض خذم
إذا ما يصادف صم العظا        م لم ينب عنها ولم ينثـلـم
فذلك ما ورثتنا القـروم            مجدا تـلـيدا وعـزا أشـم
إذا مر نسل كفى نسلـه            وغادر نسلا إذا ما انفصـم
فما إن من الناس إلا لنـا        عليه وإن خاس فضل النعم


قال ابن هشام: ‏أنشدني أبو زيد الأنصاري بيته: ‏
فكانوا ملوكا بأرضيهم            ينادون غضبا بأمر غشم

وأنشدني: ‏
بيثرب قد شيدوا في النخيل        حصونا ودجن فيها النـعـم
وبيته ‏(‏وكل كميت مطار الفؤاد)‏ عنه.‏‏



غزوة تبوك في رجب سنة تسع 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
غزوة تبوك في رجب سنة تسع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غزوة تبوك في رجب سنة 9هـ
» غزوة تبوك
» غزوة ذي قرد
» في غزوة تبوك، وإمارة الحج، وفي حجة الوداع
» من غزوة بني سُلَيْم بالكدر حتى غزوة أحُدْ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إلا رســـول الله صلى الله عليه وسلم :: خير البرية محمد (صلى الله عليه وسلم)-
انتقل الى: