منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة فصلت الآيات من 01-05

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة فصلت الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: سورة فصلت الآيات من 01-05   سورة فصلت الآيات من 01-05 Emptyالخميس 12 أغسطس 2021, 10:59 pm

سورة فصلت
تفسير السورة خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
(نـال شــرف تنسيــق هـــذه الســورة الكريمــة: أحمد محمد لبن)

سورة فصلت الآيات من 01-05 Untit312

سورة فصلت
http://ar.assabile.com/read-quran/surat-fussilat-41

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قلنا: (حم) من الحروف المقطعة، وقد حام العلماء حول معاني هذه الحروف وهذه المحاولات إرضاءً لشهوة البحث في العقل، ولكن الإيمان غير ذلك، فالإيمان يأخذ القضية مُسلَّمة، وما دام الله قد قالها فقد انتهت المسألة.

ولذلك سيدنا أبو بكر الصديق ساعةَ قالوا له: إن صاحبك يدَّعي أنه فعل كذا وكذا قال: أَو قَاله رسول الله؟

قالوا: نعم، قال: فقد صدق يعني: هذه مسألة فوق البحث، ولا مجالَ لإعمال العقل فيها لأن لها رصيداً من الصدق يجعلها فوق البحث.

ولقد ذكرنا سابقاً خلاصة القول في هذه الحروف، وهذه الحروف هي التي يذكر الله فيها اسم الحرف، لأن كلَّ حرف له اسم وله مُسمَّى، فالألف مثلاً اسمه الألف ومُسمَّاه أَ - أُ - إِ.

الاسم لا يَنطق به إلا المتعلم، فالأمي لا يَعْرف الباء والتاء والثاء، لكنه ينطق بها حين يتكلم.

إذن: ينطق الأُميّ مُسمَّى الحرف، ولا يعرف اسمه بدليل أننا حينما نُعلِّم الأولاد نقول لهم: تهجّ هذه الكلمة، فيقول: ك ت ب.

أما الأمي فينطقها كتب دون أنْ يعرفَ حروفها ولا هجاءها.

اتفقنا على هذه المسألة.

اذكروا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أُمياً، فما الذي أفهمه أن (ح) اسمها حاء، و (م) اسمها ميم، بدليل أنك تقرأ في أول سورة البقرة (الم) ألف لام ميم.

أما في أول الشرح فتقول: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح: 1) فلماذا قرأتها في البقرة هكذا، وفي الشرح هكذا؟

أنت قرأت في البقرة اسم الحرف، أما في الشرح فقرأتَ مُسمَّى الحرف، وهذه لا يفرق بينها إلا متعلم، فمَنْ علَّم محمداً هذه المسألة، والحروف هي نفس الحروف بنفس الترتيب؟

شيء آخر: أن الحروف المقطعة في القرآن أخذت نصف حروف الهجاء، حروف الهجاء معروف أنها ثمانية وعشرون حرفاً، أخذتْ منها الحروفُ المقطعة أربعة عشر حرفاً موزَّعة توزيعاً عجيباً، وما زال العلماء حائرين في فهم معانيها.

ففي الحروف التسعة الأولى لم يذكر منها إلا حرفين: الألف والحاء.

وفي الحروف التسعة الأخيرة جاء منها سبعة فقط، ولم يأتِ حرفان على عكس الأولى، أما العشرة في الوسط فقد أخذ منها غير المنقوط وترك المنقوط، فأخذ السين وترك الشين، وأخذ الصاد وترك الضاد، وأخذ الطاء وترك الظاء، وأخذ العين وترك الغين، إذن: هي مسألة مدروسة ليست رتابة، إنما هي بنظام وحكمة مثل أسنان المفتاح، فهي دقة مقصودة.

ثم ترى أنه سبحانه مرة يأتي في أول السورة بحرف واحد مثل: ص، ق.

ومرة حرفين مثل: حم، ومرة ثلاثة مثل: الم، ومرة أربعة مثل: المر، وخمسة مثل حمعسق، كهيعص.

إذن: المسألة حكمة مقصودة ليستْ هكذا دون نظام، لها مقصد، مقصد يضع الله فيه حَدَّ الخلاف بين الحروف وباقي الكلام، كيف؟

قالوا: الحروف المقطعة تنطقها أسماء، ولا بدَّ أنْ تقف فيها فلا تقول مثلاً: ألفٌ لامٌ ميمٌ هكذا بالوصل.

إنما تقول: ألف وتسكت.

لام وتسكت.

ميم وتسكت.

مع أن القرآن كله في مُجْمله مَبنيٌّ على الوصل لا على الوقف، تقول في سورة (الرحمن): (مُدْهَآمَّتَانِ) (الرحمن: 64) هكذا بالكسر ليتم الوصل بما بعدها: (فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 13).

حتى آخر كلمة في القرآن في سورة (الناس) تقول: (مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ) (الناس: 6) لتبدأ بعدها وتُوصلها بـ: (بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ) (الفاتحة: 1-2).

أما الحروف المقطَّعة فجاءت مبنية على الوقف، لذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف, ولام حرف، وميم حرف“.

إذن: في الحروف المقطَّعة مقاصد وحِكَم ما يزال العلماء يحاولون التوصل إلى شيء منها، كلٌّ حسب ما فتح الله عليه منها، أما هي فكنز باقٍ لا ينفد يعطينا منه الحق سبحانه على قدرنا.

يقولون: القرآن جاء معجزةً أسلوبية بلاغية، وأمة العرب مشهورة بالفصاحة والبلاغة، ومع ذلك ما استطاعوا محاكاة القرآن ولا الإتيان بمثله، مع أن الله جاء به بلغتهم وبنفس حروفهم وتعبيراتهم، وتحدَّاهم بهذا كله، فلم يستطيعوا الإتيان ولو بآية واحدة من مثله.

وكأن الله يقول لهم: معكم نفس الحروف ونفس الكلمات، فلماذا لم تنسجوا منها مثل نسجي؟

إذن: وجه الإعجاز هنا أنه سبحانه وتعالى هو المتكلم بالقرآن، هو الذي صاغه وتكلم به.

وأيضاً، والمعنى الذي يجب أنْ يسودَ في هذا كله، أن الحق سبحانه أنزل لنا عقائد وأحكاماً صدرتْ ممن اعتقدته وآمنتَ به، وقرآن يدل على ذلك، هذه ثلاثة: العقائد وهي الإيمان بالوجود الأعلى وواجب الوجود، وأن له صفات الكمال المطلقة: الأول والآخر والظاهر والباطن.. إلخ.

لأن هذه يُقام عليها دليل عقلي.

فهذا الكون البديع المحكم لا بدَّ له من خالق قادر حكيم عليم.. إلخ...

فالعقل يؤيد هذه العقيدة ويثبتها، لكن ليست هذه كل العقائد، بل هناك سمعيات لا يقوم عليها دليل عقلي لأنها غيبيات كما نقول مثلاً: في الجنة كذا وكذا، وصفتها كذا وكذا.

ومثلها كذلك عذاب القبر، هذه غيبيات، نعم لا يقوم عليها دليل من العقل، إنما هي محمية فيما له دليل عقلي، فما دُمتَ قد آمنتَ بهذا الإله، ودلَّكَ العقل عليه، فخذ ما أخبرك به دون أنْ تناقشها، فقط تقف عند سماعها.

كذلك الأحكام مثل الصلاة، وأنها إدامة الولاء لله تعالى، والزكاة للاستطراق المالي والاقتصادي في المجتمع، كذلك الحج لبيت الله الحرام.

وهكذا.

فالأحكام أيضاً فيها جانب عقلي وجانب سمعي، فالصلاة كعبادة لله ودليل ولاء للمعبود سبحانه هذا أمر عقليٌّ، أما كيفيتها وعدد ركعاتها فهذا أمر سمعي نأخذه كما هو ولا نناقشه، كذلك كل العبادات.

والأحكام فيها أمر عقلي يُفهم، وأمر سمعي يُؤخذ مُسلَّماً به، فإنْ قلت: كيف نقف عند أمور في الدين لا تُناقش.

نقول: نعم لأن هذا الوقوف في أمور الغيبيات هو دليلُ إيمانك بالله، لأن الأمور العقلية يستوي فيها كل الناس.

قلنا: لو عندك مبلغ تخاف عليه السرقة مثلاً، ووضعتَه تحت حجر في الحديقة، وجاء آخر الشهر وأردتَ مثلاً أن تعطي خادمك راتبه من هذا المال.

تقول له: يا فلان ارفع هذا الحجر وهاتِ ما تحته، فيقول لك: لا أقدر على رفعه وحدي، وسأنتظر فلاناً يرفعه معي، تقول له: اعلم أن تحته الكيس الذي به النقود التي ستأخذ منها راتبك، عندها يذهب ويرفع الحجر وحده.

أما إنْ قلتَ لشخص آخر: ارفع هذا الحجر فرفعه دون علة.

فهل يستوي في طاعتك هذا وهذا؟

كذلك أمر العقائد، فَرْق بين مَنْ يؤمن بالأمور العقلية الحسية، ومَنْ يؤمن ويصدق حتى بالأمر الغيبي الذي تخبر به.

كذلك الحال في العقائد وفي الأحكام وفي القرآن كُلٌّ فيه الأمر العقلي والأمر الغيبي، وعليك أن تحمل الأمور الغيبية على الأمور العقلية.

والقرآن الكريم -وهذا هو موضوعنا- فيه كلام عقلي يُفهم بالعقل، وحروف لا يُفهم معناها إلا أن الله قالها، ولذلك نقول فيها: والله أعلم بمراده.

وقوله: (حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ) (فصلت: 1-2) أنا أقول أن (حم) هذه هي التي يقول الله عنها (تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ) (فصلت: 2) وما دامتْ تنزيلاً من الرحمن الرحيم، فإياك أنْ تخوض فيها وتقول: ماذا تعني، أو أنها مبهمة.. إلخ.

لا بل قف عندها وخُذْها على أن لله فيها مراداً وهو أعلم به.

واعلم أنه سبحانه يقول بعدها: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ..) (فصلت: 3) ففي القرآن إذن الأمران: الأمر الغيبي الذي ينبغي الوقوف عنده مثل (حم)، وهذه الغيبيات هي مجالُ اختبار الإيمان، ثم يعطيك أيضاً الأمر العقلي المفهوم يُفصِّله لك تفصيلاً.

كلمة (تَنزِيلٌ..) (فصلت: 2) من نزول الشيء، والنزول يكون من مكان عالٍ إلى مكان منخفض عنه، أو من مكانة عليا إلى مكانة أدنى، وهذه المادة جاءت كثيراً تدل على نزول القرآن والمنهج من أعلى، وجاءت بكل الاشتقاقات: تنزيل، نزل، ننزل، نزَّلناه، أنزلنا: (وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ..) (الإسراء: 105) وقال: (تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) (القدر: 4).

لذلك ساعة تسمع كلمة (تَنزِيلٌ..) (فصلت: 2) تعلم أن الذي جاءك من أعلى منك منزلة حتى لو كانت مكانته عندك، وتحت رجليك كما قال في الحديد: (وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ..) (الحديد: 25) فالحديد معلوم أنه من الأرض من حيث نشأته وتكوينه، لكنه مُنزَّل من أعلى من حيث خالقه وواهبه لك.

إذن: فكل هذه الاشتقاقات من (نزل) تدل على علو الشيء المنزَّل، ومُنزَّل مِنْ مَنْ؟

(مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ) (فصلت: 2) فيجب أن تتلقى هذا المنزَّل إليك بالتسليم المطلق والقبول، لذلك سيدنا أبو بكر لما قالوا له: إن صاحبك يدَّعي أنه أُسريَ به إلى بيت المقدس وعُرِج به إلى السماء لم يناقش هذه المسألة عقلياً.

إنما قال لهم: إنْ كان قال فقد صدق.

فجعل قَوْل الله هو الأساس، فإنْ حدث منه القول فهو صادق، لذلك منذ هذا اليوم لُقِّب بالصدِّيق.

مع أن الإسراء آية أرضية وفيه جانب عقلي، لأن المسافة معلومة لهم، وكيفية السفر إلى بيت المقدس معلومة زماناً ومكاناً، ومع ذلك لم يناقش فيها.

أما المعراج فهو أمر غيبيٌّ، فكأنه جعل تصديق محمد فيما يعلمون في الأرض وسيلة لتصديقه فيما لا يعلمونه في السماء.

ونفهم أيضاً من قوله تعالى: (تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ) (فصلت: 2) أن التكليف الذي نزَّله الله لك لم يأتِ ليشقَّ عليك، إنما هو من رحمن بك واسع الرحمة، رحمته وَسِعَتْ كل شيء المؤمن والكافر.

و (الرحيم) يعني: دائمَ الرحمة لأن رحمته تعالى تنسحب وتدوم حتى في الآخرة، فإنْ رأيتَ في التنزيل تكليفاً تظنه يشق عليك، فلا تفهم أنه من قاسٍ عليك، إنما هو من رحمن رحيم.

رحمن بك، لأنه يدلُّك على ما يسعد دنياك ويسعد آخرتك، بدليل أنه سبحانه حين يكلفنا بأمور قد تشقّ على النفس العادية لا يستفيد من هذا التكليف، فسواء أن تكفر أو أن تؤمن، تصلي أو لا تصلي، لأنه سبحانه بصفة القدرة موجود، وإنْ لم تؤمن به وإنْ لم تُصَلِّ.

فعملك إذن لا علاقة له بالله من حيث النفع، العملية لصالحك أنت كما تقول لولدك مثلاً: إذا نجحت هذا العام سأشتري لك كذا وكذا.



سورة فصلت الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة فصلت الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 01-05   سورة فصلت الآيات من 01-05 Emptyالخميس 12 أغسطس 2021, 11:00 pm

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

سماه (كِتَابٌ..) (فصلت: 3) لأن الكتاب تعني الجمع.

والكتيبة جمع الجنود، فالكتاب تجمع الكلمات إلى بعضها، والكتاب يعني: مجتمع فيه أشياء، وفي القرآن اجتمع كل خير في الدنيا والآخرة، وهو كتاب لأنه مكتوب ومُسجَّل تستطيع أن تقرأه.

ولذلك لما أرادوا جمع القرآن وضع الجامعُ مبدأ، وهو ألاَّ يكتب آية إلا إذا وجدها مكتوبة بالفعل على الرِّقاع أو العظام أو غيره، مما كانوا يكتبون عليه، ثم يشهد على صحتها اثنان من القراء، فهو كتاب لأنه مكتوب في السطور، وقرآن لأنه مقروء محفوظ في الصدور.

الحق سبحانه وتعالى أراد بذلك كما قال الشيخ المرحوم محمد عبد الله دراز: أنْ تُذكِّر إحداهما الأخرى، فالمكتوب من المقروء يتعاونان في تسجيل كتاب الله تسجيلاً دقيقاً لا يتطرق إليه الشك.

والدليل على ذلك أن جامع القرآن وجد آية مكتوبة، وطلب لها شاهدين فلم يجد إلا واحداً يشهد على صحتها فتوقف عن كتابتها، وكان هذا الشاهد هو سيدنا حذيفة رضي الله عنه، وجاء للكاتب مَنْ ذكَّره بحديث سيدنا رسول الله في شأن خزيمة حين قال: "من شهد له خزيمة فحَسْبه".

فجعل شهادة خزيمة بشهادتين، وأخذ عنه الآية وكتبها.

ولها قصة: قالوا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قد استدان مالاً من يهودي، وأدَّاه لَهُ دون شاهد بينهما، ثم جاء اليهودي مرة أخرى يطالب رسول الله بالسداد فقال له رسول الله: لقد أديتك. قال: لا. قال أدَّيْتُك، قال: إذن ابغني شاهداً، فقام أحدُ الصحابة وقال: أنا يا رسول الله شهدتُ ذلك، عندها سكن اليهودي لأنه كاذب. وبعد نهاية الموقف استدعى رسول الله الصحابي وقال له: كيف شهدتَ بذلك ولم يكُنْ معنا أحد؟ فقال له: يا رسول الله، كيف أُصدقك في خبر السماء وأُكذِّبك في كذا درهم..

          نعم: نقول هنا نِعْمَ الاستنباط، لذلك استحق هذه المكانة من رسول الله "من شهد له خزيمة فَحَسْبُه“.

ومعنى (فُصِّلَتْ آيَاتُهُ..) (فصلت: 3) يقولون في الفعل (فُصِّلت) مبني للمجهول أو لما لم يُسَمَّ فاعله، والمعنى هنا أن الله فصَّلها أولاً ففُصِّلت أي: صارتْ مُفصَّلة، فلما بلَّغها رسول الله للناس أصبحت هي مُفصَّلة لأمورهم ولأحكامهم.

ومعنى (فُصِّلَتْ آيَاتُهُ..) (فصلت: 3) لأن القرآن مُقسَّم ومُفصَّل إلى سور، كل سورة قائمة بذاتها، وداخل السُّور آيات، كل آية بذاتها، ففي السُّوَر الطويل والقصير، كذلك في الآيات تجد كلمة واحدة آية، وتجد آية من عدة أسطر، كذلك فصَّل الكلمات من حيث مادتها، كذلك فصَّل الحلال والحرام، وفصَّل الطاعة والمعصية، ألم يفصل بين الوعد والوعيد، بين الثواب والعقاب.

لقد فَصَل القرآن بين كل هذه المسائل، أو فُصلت فيه كل آيات الكون إلى قيام الساعة، لذلك قالوا: "خطبنا رسول الله خطبة بليغة، ما ترك فيها شيئاً، وما ترك من ورقة تسقط إلا حدَّثنا عنها إلى أنْ تقوم الساعة، حفظها مَنْ حفظها ونسيها مَنْ نسيها”.

نعم كما قال تعالى: (مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ..) (الأنعام: 38) يعني: أن الأمور التي تحدث في الكون موجودة عندكم في هذا الكتاب.

ولذلك لما سُئلنا في إحدى رحلاتنا إلى أوربا من أحد المستشرقين قال: عندكم في القرآن: (هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ..) (الصف: 9).

وفيه: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ) (الصف: 8).

ومع ذلك وبعد مرور أربعة عشر قرناً على ظهور الإسلام، ما يزال اليهود والنصارى والملاحدة والمشركون موجودين، ولم يظهر عليهم الإسلام، فكان الرد الذي وفقنا الله إليه أن الإسلام ظهر بالفعل عليهم رغم وجودهم، والمراد بالظهور هنا ظهور الحجة، فالإسلام ظهر على هؤلاء بالحجة من أعدائهم.

وفرْق بين أن تظهر الحجة من مُعتقده، وبين أن تظهر الحجة من معاند، كيف؟

قالوا: ستظهر في الكون أقضية من صُنْع البشر لا يجدون لها حلاً، إلا أن يرجعوا إلى حكم القرآن.

إذن: ظهر القرآن عليهم وعلى أفكارهم وعلى أحكامهم وعلى حضارتهم، وإلا لما رجعوا إليه.

ومثَّلنا لذلك بقضية الطلاق في الإسلام، وهي من أهم القضايا التي عارضوها وانتقدوها، وبعد ذلك اضطرَّ الفاتيكان نفسه إلى إباحة الطلاق عندهم، وهذا هو ظهور الإسلام، لا بأنْ يكونوا مسلمين، إنما بأنْ تظهر حجته ويشهد له منهم مَنْ لم يؤمن به.

وقوله: (قُرْآناً عَرَبِيّاً..) (فصلت: 3) أي: بلسان عربي وفي أمة عربية، لكن كيف ذلك وهو رسالة عالمية لكل البشر ولكل اللغات؟

ولماذا لم ينزل بكل اللغات؟

قالوا: إذن لم يكُنْ هناك لغة (اسبرانتو) فالقرآن نزل على محمد في بيئته العربية، لأن الله تعالى يريد أن يظهر هذا الدين في أمة أمية، وعلى لسان رسول أميٍّ حتى لا يقول أحد: إن القرآن وثبة حضارية.

فالعرب كانوا أمة لا دولةَ لها تحكمها ولا نظام ولا قانون، كانوا مجموعة من القبائل كل قبيلة لها قانونها، كل واحد منهم (شوكته من ظهره) ومع ذلك تأتي مثل هذه الأمة وتوحد العالم كله بما فيه من دول متحضرة من فارس في الشرق إلى الروم في الغرب.

فمن أين أتت هذه الأمة بذلك؟

كان عليهم أنْ يفهموا أنه قانونُ السماء جاء من أعلى، وإلا ما كان العرب ليقوموا بهذا الدور لولا رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

إذن: لا مجالَ لأنْ نقول عن الإسلام إنه وثبة حضارية، لذلك لما أراد الحق سبحانه إعلاءَ دينه جعل محمداً -صلى الله عليه وسلم- يجهر بهذا الدين في مكة، لماذا مكة بالذات؟

لأن فيها قريشاً وهي موضع السيادة في الجزيرة كلها، وفيها الصناديد الذين لا يجرؤ أحد على مواجهتهم.

فبين هؤلاء صاح محمد بالإسلام وجهر به، ومع ذلك لم ينصر الدين هؤلاء السادة، إنما نصره المستضعفون والعبيد في المدينة، وقلنا: إن لهذه المسألة حكمة، هي ألاَّ يظهر أحد أن العصبية لمحمد هي التي خلقتْ الإيمان بمحمد، ولكن الإيمان بمحمد هو الذي أوجد العصبية لمحمد.

فالقرآن عربي لأنهم أمة الدعوة الذين سيحملون لواءها ويسيحون بها في أنحاء العالم كله، فالعرب أمة تقوم على الترحال ليس لهم بيوت، ولا يسكنون الفيلات والعمارات، إنما هي الخيمة يحملها معه أينما سار، فوطنه إذن العالم كله وبيته على ظهر جمله، كما أنها قبلية يتعصب كُلٌّ لقبيلته، لذلك كثرت بينهم الحروب حتى أن بعضها استمر أربعين سنة.

هذه الحروب درَّبتهم على القتال، وزرعت فيهم الشجاعة والتضحية بالنفس في سبيل المبدأ، لذلك لما أراد رسول الله أنْ يُعدَّ جيشاً لم يفتح له مدرسة حربية، إنما وجد جيلاً من الرجال جاهزاً مُعداً يعلم كل فنون الحرب، كلما سمع أحدهم هيعة طار إليها.

هؤلاء هم الرجال الذين سيتلقوْنَ الدعوة من رسول الله، هم الذين سينشرونها.

إذن: لا بُدَّ أنْ يكون الكلامُ بلسانهم، والدعوة بلغتهم، ليستطيعوا حملها.

لذلك قال تعالى في موضع آخر: (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ..) (إبراهيم: 4) نعم لأنهم هم الذين سيسمعون منه أولاً.

لكن كيف تكون عالمية الدين؟

قالوا: حين يسمع منه قومه يؤمنون به، ثم يحملون دعوته إلى الناس لا ألفاظاً، لكن يحملونها منهجاً وسلوكاً وقدوةً، ومعلوم أن المناهج لا تختلف فيها اللغات، لذلك غزا المسلمون العالم كله، ليس بالقرآن وآياته إنما بالسلوك وبالمبادئ التي أرساها القرآن.

إذن: نزل القرآن بلسان عربي، لأن العرب هم المعَدُّون لهذه المهمة، القادرون على حملها، والسياحة بها في العالم كله لكونهم أمة بدوية غير متوطنة، وأمة قتال، وهي أمة أمية لا يمكن أن نتهمها باختلاق هذا الدين، أو أنه وثبة حضارية.

وقوله: (لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (فصلت: 3) أي: يعلمون أساليب العربية، بل ويُجوِّدون فيها، فهم أعلى قمة الفصاحة والبلاغة، بدليل أنك لن تجد أمة في الأرض صنعتْ معارض للأدب وللكلمة كما صنع العرب في عكاظ والمربد وذي المجاز والمجنة، ففيها كانوا يعرضون إنتاجهم الأدبي ويُقيِّمونه، وما استحسنوه منه يكرمونه بأن يضعوه على أستار الكعبة.إذن: (لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (فصلت: 3) العربية وينبغون فيها نبوغاً، بحيث نزل القرآن المعجز بلسانهم.

والإعجاز لا يتأتى لمن لا يجيد مجال الإعجاز، فالذي يجهل شيئاً لا يصح أنْ تقول له: أتحداك في هذا الشيء، إنما يكون الإعجاز للمُجيد في الشيء المتحدَّى به، لأن الجاهل له أن يقول لك: والله لو كنت أعلم الشيء الفلاني لغلبتك فيه.

ومن هنا تحدى الله العرب بالقرآن.

ولذلك الحق سبحانه وتعالى لا يُنزل آية مع رسول من رسُله لإثبات صدقه في الدعوة إلا من جنس ما نبغ فيه القوم، فكانت معجزة سيدنا عيسى في الطب، فكان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، وسيدنا موسى عليه السلام كانت معجزته العصا، لأن قومه نبغوا في السحر، وجاءت معجزة محمد -صلى الله عليه وسلم- في البلاغة والبيان، فتحدَّى القوم بالقرآن، وبذلك يتأتَّى الإعجاز.

لذلك نسمع مَنْ يقول: إن العرب انهزموا أمام القرآن، وهذا غير صحيح، لأن العرب لم ينهزموا بل انتصروا أمام القرآن، كيف؟

لأن الله تعالى لا يتحدى إلا قوياً، فتحدَّى الله لهم دليلٌ على أنهم قوة، لديهم القدرة على البيان ويمتلكون ناصية اللغة.



سورة فصلت الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة فصلت الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 01-05   سورة فصلت الآيات من 01-05 Emptyالخميس 12 أغسطس 2021, 11:01 pm

بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (بَشِيراً وَنَذِيراً..) (فصلت: 4) هذا أول شيء في التفصيل، كما قلنا: فصَّل الحق والباطل، والحلال والحرام، هنا بشيراً ونذيراً (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ) (فصلت: 4) إعراض الكثرة يدل على أن القلة هي التي آمنتْ وهي القلة المستضعفة، أما أكثرهم فكانوا أهل السيادة وأهل القوة الذين لم يقبلوا الدعوة الجديدة التي تسويهم بهؤلاء الضعفاء والعبيد.

لذلك سيدنا أبو بكر لما تولى الخلافة، وجاءه جماعة من هؤلاء الصناديد، وكان عنده جماعة من المستضعفين السابقين للإسلام أخّر الصناديد والكبراء حتى يفرغ ممَّنْ عنده فشقَّ ذلك عليهم، ووجدوا في أنفسهم شيئاً، كيف يُقدِّم أبو بكر عليهم العبيد والضعفاء، فقال الصِّدِّيق: ما بال هؤلاء؟

كلهم ورم أنفه أنْ قدَّمتُ عليه فلاناً وفلاناً، فما بالهم إذا قدَّمهم الله عليهم يوم القيامة في الجنة؟

لكن ما وجهة الإعراض في قوله تعالى: (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ..) (فصلت: 4) قالوا: وجهة الإعراض أنهم يفهمون مطلوب الدين الجديد بقولهم: لا إله إلا الله.

وأن السيادة لن تكون إلا لهذه الكلمة، ولن تكون سيطرة إلا لهذه الكلمة، وأن العباد سيكونون سواء أمامها، إذن: كيف يقولون لا إله إلا الله، وهم يعرفون مطلوبها؟

لذلك لم يقولوها، ولو كانت مجرد كلمة تُقال لقالوها، لكنهم يعرفون معناها فوقفوا.

وقوله: (فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ) (فصلت: 4) أي: لا يسمعون سماعاً نافعاً، وسماعاً واعياً مقبولاً، وإلا فقوله تعالى: (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ..) (فصلت: 4) دلَّ على أنهم سمعوا دعوة رسول الله، سمعوها بالآذان فقط، ولم يستفيدوا بهذا السماع، لذلك قال تعالى فيهم: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً..) (محمد: 16).

لذلك يختلف الناس في تلقِّي القرآن، فواحد يسمع وينفعل ويسجد لعظمة القرآن، وآخر يسمع ويقول: ماذا قال!!           

على سبيل الاستهزاء والاستقلال.

لأنه لا يسمع بأذن الاعتبار والتأمل.

لماذا؟

لأن منافذ القلب من العقل مُضببة بالمطلوب الذي يطلبه الإيمان منهم، فقد ألفوا السيادة، فساعةَ يسمعون ما يعارض سيادتهم وسلطتهم الزمنية يعرضوا.

لذلك قلنا في قصة إسلام سيدنا عمر أنه لما سمع القرآن أولاً عاند وثار، لأنه قلبه لم يكُنْ مُعداً للاستقبال السليم، فلما لطم أخته وسال الدم منها رقَّ قلبه ولاَنَ، وزال عنه الضباب، فلما سمع القرآن تأثر به وانفعل به فآمن.



سورة فصلت الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سورة فصلت الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 01-05   سورة فصلت الآيات من 01-05 Emptyالخميس 12 أغسطس 2021, 11:02 pm

وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

معنى (أَكِنَّةٍ..) (فصلت: 5) يعني: أغطية جمع كنان أي: غطاء.

والغطاء يغلف الشيء بحيث لا ينفذ إليه النور، وفي آية أخرى قال سبحانه: (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ..) (الكهف: 57) فالأكنة مرة من جَعْل الله ومرة منهم، فأيهما أسبق؟

أجعل الله لهم أكنة أولاً ثم أصابتهم الغفلة، أم أن إعراضهم عن دين الله هو الذي جعل الأكنة على قلوبهم؟

وقلنا: إن الإنسان إذا أَلِفَ الكفر وأَنِس به زاده الله منه وختم على قلبه، بحيث لا يدخله الإيمان ولا يخرج منه الكفر.

إذن: يأتي منهم الكفر أولاً، وبعد ذلك يختم الله على القلب، كذلك في مسألة الأكنة جاءتْ منهم أولاً، فزادهم الله، وجعل على قلوبهم الأكنة وزادهم مرضاً على مرض.

إذن: المراد بالأكنّة أي الأغطية التي تمنعهم فَهْمَ وتدبُّرَ ما يسمعون، وما يُلقي عليهم (وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ..) (فصلت: 5) وقر يعني: صَمَم يمنع السماع.

وفي سورة البقرة قال: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ..) (البقرة: 18).

ومعلوم أن البكم ينشأ عن الصمم، لأن الأصم الذي لا يسمع كيف يتكلم؟

لأن اللغة ظاهرة اجتماعية وهي بنت المحاكاة، فما تسمعه الأذن يحكيه اللسان، فإذا لم تسمع الأذن شيئاً لا ينطق اللسان بشيء، فاللغة ليست جنساً، اللغة سماع ومحاكاة، بدليل أنك تأتي بالطفل الإنجليزي مثلاً في بيئة عربية ينطق العربية.

والأصم عنده القدرة على الكلام، بدليل أنه ينطق ببعض الأصوات غير المفهومة كما نسمع من الأخرس مثلاً، حتى الإنسان السَّوي الفصيح لا يستطيع أنْ يتكلم بكلمة لا يعرفها من لغته هو، من أين يأتي بها؟

من السماع أولاً.

ولذلك أخذنا من هذه المسألة أدلة مادية على وجود الخالق الأعلى سبحانه، نقول: أنت كيف تتكلم؟

يقول: أتكلم لأنني سمعتُ في صِغَري أبي وأمي ومَنْ حولي يتكلمون، فقلت كما يقولون، إذن: لا تنشأ لغة إلا بالسماع.

وكذلك الحال في الآباء وفي الأجداد، وارْتَقِ بهذه السلسلة إلى آدم عليه السلام وقُلْ: كيف تكلم آدم وليس قبله أحدٌ يسمع منه؟

لا بُدَّ أنه سمع، سمع من مَنْ؟

سمع من الله تعالى حين علَّمه الأسماء كلها.

منافذ الخواطر التي ترد الآذان، ومنافذ الخواطر التي تصدر من اللسان، ولأن هؤلاء صُمٌّ لا يسمعون لم يأخذوا شيئاً، وبالتالي لم يُخْرجوا شيئاً، لذلك قال سبحانه: (قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ..) (فصلت: 5) يعني: أغطية تمنع عنهم الاستفادة (وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ..) (فصلت: 5) يعني: صمم، ولم يأتِ هنا بذكر اللسان.

لماذا؟

لأنهم لن يتكلموا في الدين لأنهم لم يسمعوه، فكوْنه لم يأت بالكلام هنا دلَّ على أنهم لن يسمعوا ولن يتكلموا، تأمل هنا الدقة لأنه كلامُ ربٍّ.

وقولهم: (وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ..) (فصلت: 5) أي: ستر غليظ يحجبك، فأنت تكون مع جليسك تُحدِّثه ويُحدِّثك، تسمعه ويسمعك، تراه ويراك، تأنس به ويأنس بك.. إلخ. لكن إنْ كان بينك وبينه حجاب امتنع ذلك كله.

هذا الحجاب قد يكون معنوياً، تقول: بين فلان وفلان جفوة أي: جفوة صغيرة سرعان ما تزول.

لكن إنْ قلتَ: بين فلان وبين فلان جفوة، وكررتَ ظرف المكان دلَّ ذلك على أنها جفوة كبيرة ليس من السهل إزالتها.

كذلك قالوا: (وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ..) (فصلت: 5) يعني كثيف غليظ يستر كل شيء، من هنا إلى هنا، يعني: يملأ كل ما بيننا من مسافة.

قالوا: لما كان سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم القوم، ويعرض عليهم دين الله كان أبو جهل يأخذ ثوبه ويضعه على وجهه حتى لا يرى رسول الله.

وما دام أن بيننا وبينك حجاباً، فلن نتفق وكُلٌّ منا في طريق، وما دام أن لكل طريقه (فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (فصلت: 5) وهذه القضية أوضحها الحق سبحان في سورة الكافرون: (قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون: 1-6) هذه هي النتيجة الطبيعية للحجاب بينهما.

بعض الناس حين يقرأون هذه السورة يظنون بها تكراراً، وهذا ليس تكراراً، بل في السورة قَطْع علاقات، وقطع العلاقات له ظرف يحكمه، ألم تر إلى الدول تقطع إحداها علاقتها بالأخرى، ثم تصفو الأجواء مرة أخرى، وتعود العلاقات أحسن مما كانت، ففرْقٌ في الدبلوماسية بين الماضي والحاضر.

لكن في مسألة الكفر والإيمان الأمر مختلف فهما ضدان لا يلتقيان، مهما حدث في المستقبل.

فلن تعود العلاقاتُ بينهما، لذلك قال سبحانه: (لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ) (الكافرون: 2-3) أي: في الزمن الحاضر الآن: (وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ) (الكافرون: 4-5) أي: في المستقبل، فلا تظنوا أن العلاقات بيننا قد تتحسَّن وتعود بيننا علاقة، لا..

لا التقاء بيننا..

لا في الحاضر ولا في المستقبل.

هذه هي قطع العلاقات، وما دام بيننا حجاب وحاجز، فكُلٌّ منا في طريقه (والحَمْرة في خيله يركبها).

(فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) (فصلت: 5) اعمل ما يروق لك، وما يأتيك من إلهك وإسلامك، ونحن نعمل على قدر آلهتنا وديننا وعبادتنا، اعمل لإلهك الذي أرسلك، ونحن نعمل لآلهتنا التي نعبدها، أو اعمل لآخرتك ونحن نعمل لدنيانا، فالمسألة من الرسول إصرار، ومنهم معاداة، إلى أن يستقيم الميسم، ويأبى الله إلا أن يُتمَّ نوره.

لذلك نرى تدرُّج الإسلام وانتشاره في بطء، أمر أتباعه بالهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، تدرج بهم إلى أنْ تقوى شوكتهم، بدأ ضعيفاً بالضعفاء، ثم قوي حتى دخل الأقوياء، كان منحصراً في مكة ثم اتسعتْ دائرته، وكانت تزيد كل يوم بحيث تزيد أرض الإسلام وتنقص أرض الكفر.

لذلك لما رأى خالد بن الوليد وعمرو بن العاص انتشار الإسلام على هذه الصورة قال خالد لعمرو: والله لقد استقام الميسم، يعني: استقام أمر هذا الدين فهيا بنا نسلم.

وأخذ صناديد الكفر يعودون إلى الجادة، ويدخلون في دين الله، فهذا عكرمة بن أبي جهل الذي قاد المعركة في فتح مكة يوم الخندمة ثم أسلم وأبلى في الإسلام بلاءً حسناً، حتى مات في إحدى المعارك، وقال قبل أنْ يموت: أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله؟



سورة فصلت الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة فصلت الآيات من 01-05
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة فصلت الآيات من 16-20
» سورة فصلت الآيات من 21-25
» سورة فصلت الآيات من 26-30
» سورة فصلت الآيات من 31-35
» سورة فصلت الآيات من 36-40

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: فصلت-
انتقل الى: