منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة يس الآيات من 36-40

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 36-40 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يس الآيات من 36-40   سورة يس الآيات من 36-40 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 10:30 pm

سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (٣٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كلمة (سُبْحَانَ) (يس: 36) تعني: التنزيه المطلق لواجب الوجود الأعلى عن أنْ تحكمه قوانين الموجود نفسه؛ لذلك تُقال في كل أمر عجيب كما في قصة الإسراء والمعراج، فقد استهلَّ القرآنُ سورة الإسراء بقوله تعالى: (سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ) (الإسراء: 1) فالإسراء بسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى بيت المقدس، ثم الصعود به إلى السماء السابعة في جزء في الليل يُعَدُّ أمراً عجيباً، وينبغي ألاَّ نقيسَ هذا الفعل على قوتنا نحن، بل على قوة الفاعل؛ لأن الفعل يجب أنْ يُقارن بقوة فاعله قوةً وضعفاً.

وسبق أنْ قُلْنا لتوضيح هذه المسألة: إنني لو قلتُ: صعدتُ بابني الصغير قمة افرست مثلا، أتقول لي: كيف صعد ولدك الصغير قمة افرست؟

فالحق سبحانه في قوله: (سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ) (الإسراء: 1) يقول لنا: لا تتعجبوا من هذه المسألة؛ لأن محمداً لم يَقُل سريتُ، إنما قال: أُسْرِي بي، فأنا الذي أسريت به وأنا مُنَزَّه عن الزمان، ومُنزه عن المكان وعن القوة، وإذا كان كل فعل يُقاس زمنه بقوة فاعله فَقِسِ الزمن على الفاعل الأعلى سبحانه، وعندها ستجد لا زمن.

وقلنا: إنك حين تذهب إلى الإسكندرية مثلاً ماشياً تستغرق عدة أيام، أمّا بالسيارة فتستغرق عدة ساعات، وبالطائرة عدة دقائق، وبالصاروخ ثواني، إذن: كلما زادت القوة قَلَّ الزمن، وعلى هذا قِس الإسراء والمعراج.

لذلك تجد أن هذه الكلمة: (سُبْحَانَ) (الإسراء: 1) لا تُقَال ولم تُقَل من قبل إلا لله تعالى، مع كثرة الجبابرة في الأرض، ومع وجود مَنِ ادعى الألوهية، ومَن قال: أنا ربكم الأعلى ومع ذلك لم تُقَلْ إلا لله؛ لذلك نقول في ذكر الله: سبحانك ولا تُقال إلا لك..

لماذا؟

لأنها تعني التنزيه المطلق، وهو لا يكون إلا لله.

وكلمة (سبحان) مصدر يعني: لله سبحان أي تنزيه قبل أن يوجد مَنْ ينزهه، فهو مُنزَّه في ذاته قبل أنْ يوجد مَنْ يقول سبحان الله، كما أنه تعالى خالق قبل أنْ يخلق، ورازق قبل أنْ يرزق أحداً، فالصفة موجودة فيه سبحانه قبل أنْ يُوجد لها متعلق، كما تقول: فلان شاعر، أهو شاعر لأنه قال قصيدة رائعة، أم هو شاعر قبل أنْ يقولها؟

نعم هو شاعر قبل أن يقول القصيدة، ولولا موهبة الشعر عنده ما قالها.

إذن: فصفات الكمال كلها موجودة لله تعالى قبل أنْ يوجد لها متعلق؛ لأن هذه الصفات هي التي أوجدتْ متعلقها.

وكما ذكر القرآن كلمة المصدر (سبحان) ذكر المشتق منها من الماضي، فقال سبحانه: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (الحشر: 1).

وذكر المضارع في قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (الجمعة: 1).

إذن: الحق سبحانه مُسبَّح قبل أنْ يخلق الخَلْق، ثم لما خلق الخَلْق سبحتْ له كلُّ المخلوقات، وما زالت تُسبِّح وستظل تُسبِّح، فما دام الكون كله مُسبِّحاً فلا تخرج أنت عن هذه المنظومة، وسبِّح معها: (سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ) (الأعلى: 1).

والتنزيه المطلق للحق سبحانه له مقامات ثلاثة: الأول: أنْ تُنزِّه ذاته سبحانه عن كل الذوات.

الثاني: أنْ تُنزه صفاته سبحانه عن كل الصفات، فأنت تُوصف بالغِنى، لكن غناك ليس كغِنَى الحق سبحانه، أنت موجود والله موجود، فهل وجودك كوجوده سبحانه؟... الخ.

ثم الثالث: أنْ تنزه فعله سبحانه أنْ يشبه الأفعال، فإذا قيل: الله فعل كذا.

إياك أن تقيس فعْله تعالى بفعلك؛ لذلك قلنا في(سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ..) (الإسراء: 1) قِسْها على قوة الفاعل سبحانه، لا على قوتك أنت.

الحق سبحانه حينما يأتي بشيء يعلمه المخاطبون الأولون لا يغلق خزائن فضله، إنما يترك لنا رصيداً احتياطياً لكل ما يجد بعد ذلك نتيجة التطور والتزاوج في قوله سبحانه: (سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36)، فقوله تعالى: (وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36).

فهو غير معلوم للمخاطبين أولا، لكن سيُعلم فيما بعد، وأبرز آيات القرآن التي أشارت إلى هذه المسألة قوله سبحانه: (وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 8).

فجاء قوله تعالى: (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: رصيداً احتياطياً لما استجدَّ بعد ذلك من وسائل النقل والمواصلات، كالسيارات والطائرات والصواريخ... الخ.

فإنْ قلتَ: فلماذا جاءت هذه الأشياء المتسجدَّة على سبيل الإجمال؟

نقول: لأن العقل لم يكُن مستعداً لأنْ يقبلها ساعة الخطاب، وهو لم يَرَ شيئاً من هذا، لكن حين يوجد الشيء يراه صراحة، فقال سبحانه على سبيل الإجمال: (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: لأن كل يوم سيأتي لنا بجديد وبعجائب لم نَرَها من قبل، وآخر ما شاهدناهُ من ذلك الصواريخ، ومَنْ يدريك لعلنا نرى عن قريب ما هو أعجب منها، وعندها سنُدخِل كل هذه الأشياء تحت: (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 8).

كذلك هنا في قوله تعالى: (وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36) فنحن نعلم الأزواج في: (مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ) (يس: 36) وشاهدناها مثلاً في تلقيح النخيل وغيره من المزروعات، ونعرف منها الذكر والأنثى في النخيل وفي الجميز مثلا، لكن هناك مزروعات أخرى لا نعرف فيها الذكر من الأنثى، وهذه الأنواع تُلقِّحها الرياح بقدرة الله كما قال سبحانه: (وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (الحجر: 22).

وفي بعض المزروعات جعل الخالق سبحانه الذكورة والأنوثة في العود الواحد، وغالب الظن أنها في المزروعات الضرورية للأقوات كالذرة والقمح، فليس فيهما عود ذكر وأخر أنثى، إنما في العود الواحد كعود الذرة مثلاً نجد في أعلى العود سنبلة تحمل حبَّات لقاح الذكورة وتحتها كوز الذرة الذي تخرج منه شعيرات تمثل الأنوثة وتتلقى حبات اللقاح التي تبعثرها الرياح من أعلى.

لذلك إذا لم تخرج هذه الشعيرات وتبرز من الكوز (يدكَّر) كما يقول الفلاحون يعني: لا يُخرج كوزاً، ولا تتكوَّن بداخله حبَّات الذرة..

لماذا؟

لأنه لم يتلقَّ حبات الذكورة.

لذلك من العجائب أنك تجد حبات الذرة في أسفل الكوز أكبر مما يليها إلى أعلى وبالتدريج؛ لأن كل شعيرة من الشعيرات متصلة بحبة من حبات الكوز، وتمثل هذه الشعيرة القناةَ التي تنقل اللقاح إلى الحبة، لكن الشعيرات التي تنزل إلى أسفل الكوز تخرج منه قصيرةً متفرقة، مما يتيح لها أن تتلقى أكبر كمية من اللقاح على خلاف الشعيرات الأعلى، فإنها تكون طويلة متراكمة بعضها على بعض؛ لذلك لا تأخذ كفايتها من اللقاح، فتكون حبَّاتها أقلَّ حجماً، إلى أنْ تضمر في أعلى الكوز وتتلاشى.

ونحن جميعاً نشاهد صِدْق قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (الحجر: 22) حين ننظر مثلاً إلى الجبال وهي جرداء قاحلة، فإذا نزل عليها المطر اخضرَّتْ، فمَنْ بذر فيها هذه البذور؟

والحق -سبحانه و تعالى- في قوله: (سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36) إنما يُطمئننا على امتداد النعمة وامتداد المنعَم عليه، فبالتزاوج يبقى النوع ويتكاثر، والزوجية موجودة في كل شيء، وكلمة زوج لا تعني اثنين كما يظن البعض، إنما الزوج يعني: الشيء الواحد لكن معه مثله، فنحن لا نقول للحذاء مثلاً زوج يعني اليمين والشمال، إنما نقول زوجين، ومثلها كلمة توأم، فكل واحد منهما يقال له: توأم وهما توأمان.

والزوجية موجودة في كل شيء في الوجود، كما قال سبحانه في آية أخرى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) (الذاريات: 49).

وإذا نظرتَ إلى هذا الوجود كله بعين العلم الفاحصة المجرِّبة المدقِّقة لوجدتَ كل شيء في الوجود زوجين لاستدامة الصنف، بعض هذه الأشياء ندري مسألة الزوجية فيها، وبعضها لا ندري به، وما دام الزوجان يجتمعان للتكاثر فلا بُدَّ من تلقيح أحدهما بالآخر، فما الذي يدلّنا على ميعاد هذا التكاثر؟

قالوا: الشيء الذي لا دَخْلَ للإنسان فيه فالله يعلم ميعاده، ويجعلها تتكاثر كُلٌّ بما يناسبه، لكن المشكلة عندك أنتَ أيها الإنسان، ولو كانت عندك مقاييس دقيقة في الذات لعلمتَ أن هناك تغيُّرات كيماوية في جسمك تحتاج منك إلى دِقَّة ملاحظة، هذه التغيرات هي التي تدلُّك على ميعاد التكاثر.

والآن اخترعوا ساعة تضعها المرأة بعد الحيض، وتلاحظ منها درجة حرارتها، فإذا ارتفعت عن 37 فهذا يعني وجود تغيُّر كيماوي في الجسم، يدل على نزول البويضة؛ لذلك نرى كثيرين من الأزواج تتأخر عندهم عملية الإنجاب، لأن المرأة ليست لديها دِقَّة الملاحظة التي تعرف منها وقت التبويض الذي يُؤدي إلى الإنجاب.

وذكر الحق سبحانه الزوجية في (مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36) ولم يذكر الحيوان..

لماذا؟

لأنه سبحانه ذكر الأعلى، وهو الإنسان الحيوان الناطق، فالآخر مِثْله وتابعٌ له.

ومعنى (وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36) أن في الكون أشياء كثيرة لا نعلم وجه الزوجية فيها، وقد نعلمها مستقبلاً مع تَقدُّم العلوم التجريبية، كما حدث مثلاً في الكهرباء، وعرفنا أنها سالب وموجب، ولا نستفيد بالكهرباء إلا إذا التقى السالب بالموجب، أما إنِ التقى سالبٌ بسالب أو موجبٌ بموجب، فالنتيجة تكون عكسية، والسالب والمُوجب هنا نوع من أنواع الزوجية، كذلك الحال في الذرَّة وغيرها مما اكتشفه العلم الحديث.

إذن: فكلمة (وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ) (يس: 36) لها مدلولات وقعتْ، أخبر الله عنها قبل أنْ نكتشفها لنعلم أن الغيب الذي يخبرنا الله به يأتي كمقدمة لغيب آخر سنعرفه في المستقبل، وكأن الحق سبحانه يلفت أنظارنا: كما صدَّق الواقع ما أخبرتُ به من الغيب، فصدِّقوا ما أخبرتُكم به من غيب الآخرة.

بعد أن تكلَّم الحق سبحانه عن المكان وهو الأرض تكلَّم عن الزمان؛ لأن الإنسان يعيش بالأحداث، والحدث يحتاج إلى زمان وإلى مكان، فبعد أن حدَّثنا الحق سبحانه عن الأرض وما عليها وهي المكان، يُحدِّثنا عن الزمان، فقال سبحانه: (وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ...).



سورة يس الآيات من 36-40 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 36-40 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 36-40   سورة يس الآيات من 36-40 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 10:32 pm

وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى (وَآيَةٌ لَّهُمُ) (يس: 37) يعني: خاصة بهم، وليست آية للكل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- آمن بفطرته، ولم يكن بحاجة إلى دليل ليؤمن، كذلك المؤمن لا يبحث عن الدليل ألا ليردَّ به على مَنْ يُنكر.

و (ٱلَّيلُ) (يس: 37) هو قسيم النهار، فاليوم يتكوَّن من ليل ونهار، وليس من الدقة في المقابلات أن نقول اليوم والليل؛ لأن اليوم يشمل الليل والنهار، فكلاهما يوم، لكن البعض نظر إلى قوله تعالى: (سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) (الحاقة: 7) فأطلق اليوم مقابل الليل بدل النهار.

والليل ظلمة، وفيها السكون يشبه النوم الذي تنامه بالليل، والنوم يشبه الموت، والليل يقابل النهار لكن لا يعانده ولا يضاده كما يظن البعض، فالليل يقابل النهار، وبينهما تكامل؛ لأن لكل منهما مهمة في الحياة، الليل جُعِل لنهدأ من حركة النهار ونستريح لنستأنف نهاراً جديداً بنشاط، والنهار جُعِل للعمل وللسعي نستغل فيه راحة الليل.

إذن: هما متعاضدان لا متعاندان، وكل شيء له مقابل، إياك أن تأخذه على أنه ضِدّ، بل انظر إلى أنه شيء ضروري لا بُدَّ أن يكون.

لذلك الحق سبحانه يلفتنا في الزمن إلى هذه المسألة، فيقول: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ) (القصص: 71-72).

إذن: لكل منهما مهمة، ولا يُغني أحدهما عن الآخر، ومن دِقَّة الأداء القرآني أنْ يقول سبحانه في الليل: (أَفَلاَ تَسْمَعُونَ) (القصص: 71) وفي النهار: (أَفلاَ تُبْصِرُونَ) (القصص: 72) لأن الليل ظلمة، وأداة الاستدعاء فيه الأذن، أما النهار فضياء نبصر فيه.

إذن: لا يصح أن نجعل من كلِّ متقابلين متضادين، فالتكامل غير التضادّ، كذلك أراد الله تعالى أنْ يَحلَّ بهذه المسألة مشكلة لا تزال العصور تتصارع فيها إلى الآن، مشكلة التقابل بين الذكورة والأنوثة، أو الرجل والمرأة، والآن نسمع مَنْ ينادي بأن المرأة مثل الرجل، كيف ولكل منهما مهمة نوعية، إنهما متكاملان مثل تكامل الليل والنهار.

وقد أشار الحق سبحانه إلى هذا التكامل في قوله سبحانه: (وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ * وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ) (الليل: 1-4).

ومعنى: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ) (الليل: 4) يعني: مختلف، ولكُلٍّ مهمة يؤديها في الحياة، فالذين ينادون الآن بالمساواة بين الرجل والمرأة إنما يظلمون المرأة؛ لأنهم يريدون للمرأة أنْ تقوم بدور الرجل في حركة الحياة، وبعد ذلك يتركون المرأة تقوم هي بالخصوصية التي لا يؤديها إلا هي، إذن: هي أخذت من مهمة الرجل، ولم يأخذ الرجل من مهمتها.

إذن: الحق سبحانه يخلق المتقابلات لتتكامل لا لتتعارض، وتتساند لا لتتعاند، فهي مسألة موزونة بحساب.

وقوله سبحانه: (نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ) (يس: 37) السلخ كَشْط الجلد عن الشاة، فما العلاقة بين هذه المسألة وضوء الليل والنهار؟

قالوا: الأصل في الشيء الظلمة، ولا تظهر الظلمة إلا بمنير طارئ, فالليل ظلمة، ثم يأتي ضوء النهار فيستر هذه الظلمة، فكأن النهار حينما يأتي يستر الظلمة كما يستر جلدَ الشاة لحمُها، فإذا ما أراد الحق سبحانه أنْ يأتي الظلام يخلع الضوء، كما نسلخ جلد الشاة عن لحمها.

إذن: فالليل يأتي على طبيعته لأنه الأصل؛ لذلك قال سبحانه: (وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) (يس: 37) فالظلام عدم نور، أما النور فإيجاد، ويحتاج إلى آلة جديدة، فلو تركت الليل لحاله لظلَّ مظلماً، ولولا آلة الضوء لظلَّ ليلا، إذن: للضوء آلة.

أما الظلام فليس له آلة حينما تعمل يأتي الظلام، أو قُلْ الظلام أمره عدمي، أما الضوء فأمره وجودي، فإذا قيل: نسلخ منه النهار فقد شبه الضوء الذي يغطي الظلام بالجلد الذي يغطي لحم الشاة.

والمعنى: نذهب بهذا الغلاف الضوئي الذي يستر الليل، فيحلّ الظلام أي: يظهر على طبيعته ومن تلقاء نفسه؛ لذلك جاء الأداء القرآني بإذا الدالة على المفاجأة (فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) (يس: 37) فكأن المسألة تلقائية لا تحتاج إلى ترتيب.

ثم يقول سبحانه: (وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا...).



سورة يس الآيات من 36-40 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 36-40 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 36-40   سورة يس الآيات من 36-40 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 10:34 pm

وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الشمس هي آلة الضوء الذي نسلخه عن الليل، ومعنى (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا) (يس: 38) أي: لشيء ولغاية تستقر عندها، والمتتبع لحركة الشمس يجد أن لها مطلعاً عاماً هو الشرق، وهذا المطلع العام يُقسَّم إلى مطالع بعدد أيام السنة.

إذن: فمطالع الشمس مختلفة؛ لذلك رأينا قدماء المصريين في معابدهم يدركون هذه الحقيقة الكونية ويحسبونها بدقة، ويجعلون في المعبد 365 طاقة، تشرق الشمس كل يوم من واحدة منها بالترتيب، إلى أنْ تصل إلى أخرها في آخر السنة.

وقد عرف الإنسان أن للشمس مجموعة من الكواكب تدور حولها، وسماها المجموعة الشمسية، وهي تتكوَّن من سبعة كواكب: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل ويورانوس، وقد أغرتْ هذه السبعة بعض العلماء مثل الشيخ المراغي والشيخ محمد عبده أن يقولوا إنها السماوات السبع، لكن في سنة 1930 اكتشف العلماء كوكباً آخر هو بلوتو، وبعدها بعشرين سنة اكتشفوا كوكباً آخر هو نبتون، فصاروا تسعة كواكب في المجموعة الشمسية، كلها في السماء الدنيا، ولا صلة بينها وبين السماوات السبع، لكن حاول الشيخان تقريب المسائل الدينية للفهم.

هذه الكواكب في المجموعة الشمسية لكل كوكب منها دورة حول نفسه، ودورة حول الشمس، من دورته حول نفسه ينشأ اليوم، ومن دورته حول الشمس ينشأ العام، والدورتان تختلفان في السرعة، فإذا كانت دورة الكوكب حول نفسه أسرعَ من دورته حول الشمس كان يومه أطولَ من عامه.

لذلك من الأشياء الملغزة التي تُقال في الجغرافيا: ما يوم أطول من عام؟

يوم الزهرة أطول من عامها، لأنهم لما حسبوا حركة الزهرة بالنسبة ليوم الأرض وجدوا أن عام الزهرة 225 يوماً من أيام الأرض، ويومها 244 من أيام الأرض، ذلك لأن سرعتها حول نفسها أكبر من سرعتها في دورتها حول الشمس.

فمعنى (وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا) (يس: 38) أي: الشمس بمجموعتها، وما يدور حولها من كواكب تجري إلى نجم يسميه علماء الفلك (الفيجا) والعرب تسميه (النسر) الواقع، والشمس تجري بمجموعتها بسرعة 12 ميلاً في الثانية، الشمس لها حركة والكواكب التي تدور حولها لها حركة، وهذه أشبه ما تكون بإنسان يركب مركباً، فكيف نحسب حركته وسرعته؟

إن كان هو ساكناً فسرعته تساوي سرعة المركب، وإذا كان يسير في نفس اتجاه المركب، فسرعتُه تساوي سرعته في ذاته (زائد) سرعة المركب، فإنْ كان يسير في عكس اتجاه المركب فسرعته تساوي سرعة المركب (ناقص) سرعته هو.

ومعنى (لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا) (يس: 38) المستقر إما أن يكون نهاية العام، ثم تبدأ عاماً جديداً، وتشرق من أول مطلع لها، أو أن المستقر آخر عمرها ونهايتها حيث تنفض وتُكوَّر وتنتهي.

لكن، ما الذي يحرك هذه المجموعة الشمسية؟

وكيف تجري بهذه السرعة؟

ونحن نعلم أن الحركة تحتاج إلى طاقة تمدها، فما الطاقة التي تحرك هذه المجموعة بهذه الصورة وهذا الاستمرار؟

قالوا: إنها تجري، لأن الله خلقها على هيئة الحركة والجريان، لذلك تجري لا يُوقفِها شيء، وستظل جارية إلى أن يشاء الله، فلا يلزمها إذن طاقة تحركها، ومثال ذلك قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ) (فاطر: 41).

وفي علم الحركة قانون اسمه قانون العطالة، وهو أن كل متحرك يظل على حركته، إلى أنْ تُوقفه، وكل ساكن يظلُّ على سكونه إلى أنْ تُحركه، وهذا القانون فسَّر لنا حركة الأقمار الصناعية ومراكب الفضاء التي تظل متحركة لفترات طويلة.

ونتساءل: ما الفترة التي تحركها طوال هذه المدة؟

إنها تتحرك؛ لأنها وضعت في مجالها على هيئة الحركة فتظل متحركة لا يُوقِفها شيء لأنها فوق مجال الجاذبية.

إذن: كل الذي احتاجته هذه الآلات من الطاقة هي طاقة الصاروخ الذي يحملها، إلى أنْ يعبر بها مجال الجاذبية الأرضية، أمَّا هي فتظل دائرة بلا طاقة وبلا وقود.

ثم يُذكِّرنا الحق سبحانه بفضله في هذه الحركة، فيقول (ذَلِكَ) (يس: 38) أي: ما سبق من حركة الليل والنهار وجريان الشمس (تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ) (يس: 38) يعني: كل هذا الجريان وكل هذه الحركة إنما هما بتقدير الله، وكلمة (ٱلْعَزِيزِ) (يس: 38) هنا مناسبة تماماً، فالمعنى أنه تعالى العزيز الذي لا تغلبه القوانين؛ لأنه سبحانه خالق القوانين.

ثم يقول سبحانه: (وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ...).



سورة يس الآيات من 36-40 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 36-40 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 36-40   سورة يس الآيات من 36-40 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 10:35 pm

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أنْ تكلَّم الحق سبحانه عن الشمس وهي آلة الضوء، تكلم عن القمر لأنه له مهمة يؤديها حين تغيب الشمس، وكأن القمر استعار من الشمس بعض ضوئها لينير بالليل للذين لا يعملون إلا ليلاً كالعَسَس والحراس ورجال الأمن وعمال المخابز وغيرهم، فالقمر كما تعلمون لا يضيء بنفسه، إنما يعكس بعض ضوء الشمس، فيأتي ضوؤه هادئاً؛ لذلك يسمونه الضوء الحليم، حيث يأتينا لا شعاعَ له، ولا حرارة فيه.

لذلك حين يُعدَّد لنا الحق سبحانه بعض آلائه ونِعَمه، يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ..) (الروم: 23).

فإذا كان النوم مقصوراً على الليل، فماذا كان يفعل هؤلاء الذين تقتضي طبيعة عملهم أنْ يعملوا بالليل، ويرتاحون وينامون بالنهار، فهذه الآية مظهر من مظاهر دِقَّة الأداء القرآني، فإنْ كان الليل هو الأصل في النوم والراحة لجمهرة الناس، فلا مانع من النوم بالنهار للقِلَّة القائمة على أمر النائمين بالليل.

ومعنى: (قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ) (يس: 39) يعني: قدَّرنا سَيْره في منازل ومسافات، هذه المنازل نشاهدها كل شهر في حركة القمر: التربيع الأول، والتربيع الثاني ثم البدر..

والقمر أسرع في حركته من الشمس؛ لأنه يقطع فَلَكه في شهر، بينما تقطع الشمس فَلَكها في سنة.

وتأمل دِقَّة الأداء القرآني المبني على الهندسة العليا في قوله سبحانه: (حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ) (يس: 39) هذه صورة توضيحية لمنازل القمر مأخوذة من البيئة العربية، فالعرجون هو عذْق النخلة الذي يحمل الثمار، ونسميه (السُّباطة)، وهي مكوَّنة من عدة شماريخ رفيعة، لكن قاعدتها عند اتصالها بجذع النخلة عريضة ومفلطحة، هذا العذق يَيْبَس ويضمر كلما تقادم ويعوج و (يتقفع) كلما جفَّتْ منه المائية، وهذه الصورة توضح تماماً حركة القمر حيث يضمر ويتقفع إلى أنْ يتلاشى آخر الشهر.

وإذا كان القرآن قد شبَّه القمر بالعرجون القديم، فإن العرب تشبهه بقُلامة الظفر.

كما جاء في قول شاعرهم الذي راح يرقب ضوء القمر حتى يغيب فيتسلل إلى محبوبته:
وَغَابَ ضَوْءُ قُمَيْرٍ كنتُ أَرْقُبهُ مثل القُلاَمَةِ قَدْ قُدَّتْ من الظُّفْر

ومن الحكمة أن نُشبِّه القمر العالي الذي لا ندركه بشيء دانٍ ندركه، وأن نقول لك: هذا مثل هذا لتتضح الصورة.

ثم يقول سبحانه جامعاً بين الشمس والقمر، وبين الليل والنهار: (لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ...).



سورة يس الآيات من 36-40 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 36-40 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 36-40   سورة يس الآيات من 36-40 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 10:37 pm

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لا يقال: فلان لا يدرك فلاناً إلا إذا كان سابقه، كذلك الشمس لا تدرك القمر؛ لأنه كما قُلْنا سابقها وأسرع منها؛ لأنه يقطع دورته في شهر، وتقطع الشمس دورتها في سنة.

كذلك: (وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ) (يس: 40) الليل والنهار هما الزمن الناشىء عن حركة الشمس والقمر، فالنهار ابن الشمس، والليل ابن القمر، وفي هذه الآية نَفْيَان، نفي لأنْ تدرك الشمسُ القمرَ فضلاً عن أنْ تسبقه، ونفي لأنْ يسبق الليلُ النهارَ، فإذا كانت الشمس لا تدرك القمر، فليس معنى هذا أن يسبق الليلُ ابن القمر النهارَ ابن الشمس.

إذن: إيَّاك أنْ تقول إن الليل يسبق النهار؛ لأن هذه آيات كونية أرادها الخالق سبحانه.

والحق سبحانه حينما يتكلم في قضية قد تقف فيها العقول يأتي لها بالرمزية بحيث يستطيع العاقل المُفكر الذي يقرأ الأساليب ويُدقِّقها أنْ يصل إلى مطلوب الله فيها، أما مَنْ حُرِم هذا الاستعداد فيمرُّ عليها مروراً عابراً لا يصل منه إلى شيء.

ونقول في هذه المسألة الكونية: صحيح القمر يسبق الشمس، لكن الليل لا يسبق النهار، وتأمَّل العلاج بالأساليب.

والحق سبحانه إذا قال: (وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ) (يس: 40) فإنه سبحانه لا يقول ذلك إلا إذا كان هناك مُعتقد بأن الليلَ يسبق النهارَ، فأراد سبحانه أنْ يُصحِّح لهم هذا الاعتقاد، فنفى أنْ يسبق الليل النهار: (وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ) (يس: 40) وهذا يعني أن عندي قضية هي: ولا النهار يسبق الليل.

إذن: المحصلة لا الليلُ يسبق النهارَ، ولا النهارُ يسبق الليلَ، فالقضية التي أثبتوها أراد الله نفيها والقضية التي نفوْهَا تركها على حالها.

لكن، كيف يتأتَّى لهم هذا الفهم؟

قالوا: ظنوا أن الليل يسبق النهار، لأن اليوم يثبت بالليل لا بالنهار، ففي صيام رمضان مثلاً يثبت بداية اليوم من الليل، فلما كان ذلك ظنوا أن الليلَ يسبق النهارَ، إذن: عندهم قضية مقطوع بها، هي أن النهار لا يسبق الليل، وهذه لم يتعرض لها القرآن وتركها كما هي، أما القضية المخالفة للآية الكونية فصححها لهم (وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ) (يس: 40).

إذن: نحن أمام لغز يقول: الليل لا يسبق النهار، والنهار لا يسبق الليل، كيف؟

قالوا: لو أن الله تعالى خلق الأرض مسطوحة مواجهة للشمس لكان النهار أولا، ثم تغيب الشمس فيحلُّ الليل، أما لو كانت الأرض غير مواجهة للشمس لكان الليل أولاً يعقبه النهار، لكن الحقيقة أن الله تعالى خلق الأرض على هيئة كروية بحيث لا أسبقيةَ لليل على نهار، ولا لنهار على ليل لأنهما وُجِدا معاً في لحظة واحدة؛ لأن الأرض مُكوَّرة، فما واجه منها الشمسَ كان نهاراً، وما غابتْ عنه الشمس كان ليلاً.

لذلك حلَّتْ لنا هذه الآية مشكلة طال الجدال حولها هي: كروية الأرض.

وقوله سبحانه: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس: 40) يسبحون من السبح، وهو قَطْع المسافة على ماء لين، فهي حركة فيها انسيابية، ليست على أرض تدبّ عليها الأقدام، وهذا مثال لحركة الأفلاك، وهذه الحركة السبحية يكون كل جزء منها مُوزَّعاً على جزء من الزمن.

وهذه الحركة ليس لدينا المقاييس التي ندركها بها، إنما نعرفها من جملة الزمن مع جملة الحركة، فمثلاً لو وُلد لك مولود وجلستَ ترقبه وتلاحظ نموه، فإنك لا تلاحظ هذا النمو، ولا يكبر الولد في عين أبيه أبداً..

لماذا؟

لأن نموه لا يأتي قفزةً واحدة يمكن ملاحظتها، إنما يُوزَّع النمو على الزمن، لكن إذا غِبْتَ عن ولدك عدة شهور أو سنوات فإنك تلاحظ نموه حين تعود وتراه؛ لأنك تلاحظ مجموع النمو طوال فترة غيابك عنه.

فمعنى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس: 40) يعني: يسيرون سيراً انسيابياً متتابعاً يُوزَّع على الزمن.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ...).



سورة يس الآيات من 36-40 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يس الآيات من 36-40
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 076-080
» سورة طه الآيات من 011-015
» سورة طه الآيات من 091-095
» سورة سبأ الآيات من 16-20
» سورة يس الآيات من 06-10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: يس-
انتقل الى: