منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة يس الآيات من 11-15

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: سورة يس الآيات من 11-15   سورة يس الآيات من 11-15 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 5:20 pm

إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يعني: إنذارك يا محمد يجدي مع مَنْ يذكر الله ويخافه، ويؤمن به، ويؤمن بقدرته تعالى على البعث وعلى الحساب، هذا الذي ينتفع بالإنذار ويستفيد منه على خلاف المكذِّب للأصل، كيف يستفيد من الإنذار؟

ومعنى (ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ) (يس: 11) أي: القرآن.

والخشية: خوف، لكن بمهابة، فأنت تخاف الله وتهابه، وكذلك ترجوه، أما الخوف من غير الله فخوف بكُرْه؛ لأنه خوف من جبروت؛ لذلك جاءت بعد الخشية صفة الرحمة (وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ) (يس: 11) فأنت تخاف ممَّن اتصف بالعطف والحنان، وهذا أَدْعى أنْ يُحبِّبك فيمَنْ تخاف منه ويعطفك إليه، فتكون خشيتك له ممزوجة بالهيبة والوقار، وبالرجاء فيه؛ لذلك قال سبحانه: (وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ) (يس: 11) حتى لا تنفر من الذي تخافه.

وهذه الخشية تكون من المؤمن (بِٱلْغَيْبِ) (يس: 11) يعني: ساعةَ يكون غائباً عن الناس منفرداً، فإنه يخشى الله، ولا يخشى الناس، ولا يحتاج إلى رقيب؛ لأن رقابة البشر للبشر لا تُجدي؛ لأنك ستجعل عليه رقيباً من جنسه، وما جاز على المراقَب يجوز على المراقب من تدليس وغيره، حتى حين تجعل على المراقِب تفتيشاً مفاجئاً لا تأمن التدليس.

وسبق أنْ ضربنا مثلاً برجل المرور، فالواحد منا قبل أنْ يُسمح له بقيادة سيارة لا بُدَّ أنْ يمرَّ بشروط قاسية تضمن أولاً سلامة السيارة التي يقودها، ثم تمكّنه هو من فن القيادة، ولا بُدَّ أنْ يجتاز الاختبارات اللازمة لذلك، ومع هذا كله مِنَّا مَنْ يلتزم، ومِنَّا مَنْ لا يلتزم بالقواعد المرورية؛ لذلك نجعل رجل المرور ليراقب وينظم حركة المرور في الشوارع، وعليه مَنْ يراقبه.

لكن لما وجدوا أن رجل المرور يمكن أنْ يُدلس، فيأخذ الرخصة من مخالف، ويتغافل عن آخر استحدثوا آلات للمراقبة مثل الرادارات، لتكون أكثر دقة، لكن هذه الآلات مَنْ يُشغِّلها؟

بشر يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم.

إذن: حين يكون المراقب من جنس المراقَب، فعملية المراقبة لا تفيد، ولو جعلنا على كل منا رقيباً لاحتجْنا إلى جيوش من الحراس.

إذن: ماذا نفعل لنحكم هذا العالم كله؟

محمد -صلى الله عليه وسلم- جاء ولرسالته ميزات الرسالة الكاملة، فرسالته غير محدودة بزمان ولا بمكان، فالزمان والمكان هما اللذان يحصران الأحداث، فهما ظرفان للحدث، فإذا لم يكُنْ حدث موجوداً فلا زمانَ ولا مكانَ؛ لذلك لا يصح أنْ يُقال بالنسبة لله تعالى: أين ولا متى، لأن أيْن ومتى مخلوقتان لله.

وإذا كان الزمان والمكان يشتركان في الظرفية للحدث إلا أن المكان ظرف قارٌّ يعني: ثابت، والزمان ظرف متغير، فهذا وقته الصبح، وهذا الظهر ونقول: هذا قبل كذا، وهذا بعد كذا.

رسول الله جاء برسالة عامة في الزمان وفي المكان إلى أن تقوم الساعة، وجاء بمنهج لصيانة الإنسان في العالم كله مع اختلاف بيئاته وطبائعه، وفي الأزمنة باختلاف عصورها، فكيف تتحقق هذه الصيانة وهذه المراقبة؟

ما دام محمد -صلى الله عليه وسلم- قد جاء بمنهج ليحكم به العالم كله زماناً ومكاناً، فلا يصح أنْ يجعل على كل فرد منه رقيباً من جنسه، ولا حتى من الملائكة، إنما عليه أنْ يربي في نفوس الناس خشية الله، وأنْ يزرع في قلوبهم المهابة منه سبحانه بالغيب وهذا هو الرقيب الحقيقي والرقيب الملازم الذي لا ينفكّ عنك، ولا يفارقك لحظة.

لذلك، المرأة التي راودها الرجل وأغراها بأنهما في فلاة لا يراهما أحد فقال لها: ما يمنعك مني، وما يرانا غير الكواكب؟

فقالت له: يا أبله، وأين مُكوكب الكواكب؟

هذه هي خشية الرحمن بالغيب.

ورُوِي أن المعتضد وهو أحد ملوك دولة بني بُوَيْه أيام الخلافة العباسية، وكان مشهوراً بالذكاء والعدل، وحدث أن جاء رجل إلى سوف بغداد ليبيع عِقْداً نفيساً ليحج بثمنه، فلم يجد في السوق مشترياً لنفاسة العقد، ومرَّ الرجل بشيخ وقور عليه علامات الصلاح فقال: هذا رجل أمين أُودع عنده هذا العقد أمانة حتى أعود من الحج، فلما عاد من الحج سأل الشيخ عن العقد الذي تركه عنده، فأنكره الشيخ، وخابت كل محاولاته لاستعادة العِقد.

سمعه أحد المارة فقال: يا هذا إنه رجل مخادع كذاب، اذهب إلى المعتضد، وسوف يعيد لك العقد بذكائه وحيلته، ذهب الرجل إلى المعتضد وقصَّ عليه القصة فقال له: اذهب في الغد واجلس بجوار هذا الرجل، وسوف أمرُّ عليك في موكبي فلا تَقُمْ لي وإنْ كلَّمتُك فرُدّ وأنت جالس، ودَعْني أتصرف في هذه المسألة.

وفي الغد مَرَّ المعتضد في موكبه المهيب، وحوله الحاشية و (الهيلمان) والصولجان فنظر إلى صاحب العقد وقال: يا فلان منذ متى وأنت هنا؟

وكيف لا تخبرني بوجودك لأقابلك وأؤدي لك حقك.

سمع الشيخ هذا الكلام فظنَّ أن الرجل من معارف الملك ومن أتباعه، فارتعد ونادى صاحب العِقْد، وقال له: أرجوك لا تذكرني أمام الملك بحكاية العِقْد هذه، وقَام إلى العِقْد فردّه إلى صاحبه، ذهب الرجل بالعقد إلى المعتضد فتبسم، وقال له: انتظرني في الغد أمام دكان هذا الشيخ.

وبالفعل جاء المعتضد، لكنه هذه المرة كان بصحبته المشنقة، فأمر بنَصْبها أمام دكان هذا المخادع، وأمر به فشنقوه.

ثم قال: هذا جزاء مَنْ كان إيمانه بين الناس مشهداً، وليس إيمانه بالغيب - يعني: بعيداً عن أعين الناس.

لذلك جعل الله المنافقين في الدرك الأسفل من النار، وكانوا أول الناس سَعْياً للصلاة، وكانوا أصحاب الصف الأول خلف رسول الله، ومع ذلك كان هذا جزاءهم. لماذا؟

لأن المنافق متناقض مع نفسه، فلسانه خلاف قلبه.

ومن معاني الغيب في قوله تعالى: (وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ) (يس: 11) أي: الغيب الذي أخبر الله به من أن هناك آخرة وبعثاً وحشراً وحساباً.

وهذه الخشية لله تكون بالغيب يعني: الإيمان بالغيب، والله تعالى نؤمن به سبحانه وهو غيب، والغيب كما قلنا: ما غاب عنك ولا يوجد في الكون طريق يُوصِّلك إليه ولا مقدمات، فنحن نعرف مثلاً في حل تمارين الهندسة أو النظرية: الفرض والمعطيات والمطلوب، فالمعطيات والمقدمات تُوصِّلك للغاية وللمطلوب.

لذلك تجد أن علم الغيب ينقسم إلى قسمين: غيب استأثر الله به، لا يُظهِر عليه أحداً إلا مَنِ ارتضى من رسول، ولم يجعل لهذا النوع من الغيب مقدمات تُوصَل إليه وتدلّ عليه، وهناك غيب له مقدمات تدلُّك عليه، فإنِ استخدمتَ هذه المقدمات توصَّلْتَ بها اليوم إلى ما كان غيباً بالأمس، وينبغي عليك أن تستدلّ بالغيب الذي صار مشهداً لك على أنْ تصدق بالغيب الذي لم تدرك غيبه، ولا سبيل لك إليه، ينبغي أنْ يحفزك ما ترى على أنْ تؤمن بما لم تَرَهُ.

وقلنا: إن هذا النوع من الغيب وهو الغيب الذي له مقدمات تُوصِّل إليه، له ميلاد يظهر فيه، فإنْ صادف هذا الميلاد بحثاً من البشر، وكان البحث سبباً في ظهوره، وإلا أظهره الله مصادفة، كما جاءت أغلب الاكتشافات التي تخدم البشرية الآن مصادفة؛ لأن ميلاد الغيب جاء وبحثُك عنه لم يجيء.

والمؤمن هو الذي يزداد إيمانه بالغيب حين يستدل بما ظهر له على ما لم يظهر، ومن العلماء والموهوبين من الناس مَنْ يفسر لك الغيب الذي لم يأتِ أوانه بشيء موجود بالفعل، ومن ذلك ما رُوِي أن الروم أرسلتْ إلى أمير المؤمنين أنْ يرسل إليهم عالماً يفقههم في أمور الدين، فأرسل إليهم الشّعْبي فجعلوا يسألونه فيما يَخْفَى عليهم من الدين، وكان مما عرضوه عليه أن الإنسان حين يُنعَّم في الجنة يأكل ولا يتغوَّط، فكيف يكون ذلك؟

فرد الشَّعْبي بما عنده من الإشراقات التنويرية التي يفتح الله بها على مَنْ يشاء.

وقال لهم: أرأيتم الجنين في بطن أمه، إنه يتغذى وينمو دون أنْ يتغوط، ولو تغوَّط في مشيمته لاحترق، كذلك الإنسان في الجنة يأكل ولا يتغوَّط؛ لأنه يتغذى بطهي الله له، فالله يعطيه بقَدَر بحيث لا يبقى شيء يتغوّطه الإنسان، أمّا نحن فنأكل بطهينا لأنفسنا، ولا نأكل بقدْر الحاجة، لذلك نتغوط.

قالوا له: زعمتم أنكم تأخذون من الجنة ما تشاءون دون أنْ ينقص منها شيء، فكيف ذلك؟

قال: لأن الشيء ينقص بالأخذ منه حين لا يكون له مدد من الغير، فإنْ كان له مدد لا ينقص، والمدد في الجنة مِن الله، فكيف يتأتى النقصان؟

شيء آخر: لو جئتَ إلى المصباح فأخذتَ مه شعلة، بل آلاف الشعلات، أينقص من ضوء المصباح شيء؟

وهكذا رَدّ الشعبي، وأُعجب به القوم، وكتبوا له كتاباً يُوصله إلى أمير المؤمنين، وكأنهم حسدوا أمير المؤمنين أن تكون مثل هذه العقلية وهذه الموهبة في خدمته، وكان في الكتاب: عجبتُ لقوم فيهم مثل الشعبي، كيف يُولُّون غيره؟

فلما ذهب الشعبي وسلَّمه الكتاب قرأه أمير المؤمنين، وقال للشعبي: أتدري ما في الكتاب؟

قال: لا يا أمير المؤمنين.

قال: اقرأ، فقرأ الشعبيُّ العبارة: عجبتُ لقوم فيهم مثل الشعبي كيف يُولُّون غيره؟

فقال: نعم يا أمير المؤمنين، لأنه لم يَركَ، ولو رآك لغيَّر رأيه.

والمتأمل في مسألة الإنذار يجد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنذارين: عام للعالمين جميعاً، وهو إنذار بلاغ من الله للجميع المؤمن والكافر، وهو الذي قال الله فيه: (إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً..) (فاطر: 24) فالذين يؤمنون بالله ينتفعون بالإنذار، وينتفعون بالبشارة، والذين لا يؤمنون لا ينتفعون من ذلك بشيء.

والإنذار الآخر إنذار خاص بمَنْ خَشِي الرحمن بالغيب، وهو إنذار القبول، وينتفع به مَنْ خشي الرحمن بالغيب، فالذين لا يخشوْن ربهم سبق أن أُنذروا، لكن إنذار بلاغ، فلم ينتفعوا به؛ لذلك لم يشملهم الإنذار الخاص.

وقوله سبحانه: (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (يس: 11) قلنا: إن البشارة: إخبار بالخير قبل أوانه ليحفزك إلى أسباب الخير ويُطعمك فيها، وتلحظ هنا أن المغفرة سبقتْ الأجر..

لماذا؟

قالوا: لأن الحق -سبحانه و تعالى- قبل أن يُعطيك النعمة يصرف عنك العذاب أولاً؛ لأن التخلية كما قلنا تسبق التحلية، ثم إن المغفرة دائماً هي جزاء الإيمان بالله، أما الأجر فجزاء العمل بمنهج الله؛ لذلك قال سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) (النساء: 48) فمَنْ آمن بالله أَمِنَ العذاب وضمن المغفرة، فإنْ أراد الأجر فعليه بالعمل الصالح.

ووصف الأجر نفسه بأنه كريم مع أن الكريم هو المعطي سبحانه، فالمعنى أن كرم المعطي تعدَّى إلى العطية، فصارت العطية كريمة، وكأنها تتلهَّف على صاحبها، كما يتلهَّف الرجل إلى العطاء؛ لذلك قلنا: إن النعمة التي يُنعِم الله بها على خَلْقه تعشق صاحبها، وتسعى إليه وتكره مَنْ يحسده عليها، أو يحقد عليه بسببها.

لذلك لا تذهب إلى هذا الحاسد الحاقد، ولا يناله منها خير أبداً، وكأن المُنعِم سبحانه يقول: ما دُمْتَ قد كرهتَ النعمة عند غيرك، فلن تنال منها شيئاً؛ لأنك تُخطِّئ الله في عطائه، وتعترض على قضائه، فكيف تأتيك نعمته؟

لكن إنْ أحببت النعمة عند غيرك تأتِكَ وتطرق هي بابك.

وهذه المسألة لها شواهد كثيرة من حياتنا، أذكر منها أن رجلاً من بلدنا ميت غمر جاءني يشكو قسوة عمه الغني عليه، وأنه رغم غِنَاه بخيل عليه.

ويستعمل الأغراب، ويتركه هو بدون عمل، وغير ذلك مما ذكره في شكواه، وكان معي في هذه الجلسة أهلي، فقالت له: يا ابني أنت دائماً تشتم عمك وتخوض في حقه، قال: نعم لأنه لا يسأل عني.

فقلت له: أسألك سؤالاً وأستحلفك ألاَّ تكذب، فلما رأى أنني سأحلفه على المصحف تراجع، فقلت له: أتحب النعمة عند عمك؟

قال: لا.

كيف أحبها، وأنا لا أنال منها شيئاً، قلتُ: لو أحببتَ النعمة عند عمك، وتمنيتَ له الخير والمزيد لجاءتك النعمة تطرق بابك، قال: إذن أرجوك يا مولانا تكلم عمي وتوصيه عليَّ.

ويبدو أن الرجل حاول فعلاً إصلاح نفسه، فأصلح الله ما بينه وبين عمه، فبعد صلاة الفجر جاءني يطرق الباب، فلما دخل قال وهو يبكي: يا مولانا أحكي لك حكاية أغرب من الخيال.

قلت: ما هي؟

قال: قبل الفجر بساعة جاء مَنْ يطرق عليَّ الباب بشدة، فقمت ففتحت الباب، فإذا به عمي يعاتبنى ويقول: كيف تتركني للأغراب ينهبون مالي وأنت (داير) على حَلِّ شعرك، خذ المفاتيح، ومن الصباح تفتح المحلات، وتباشر بنفسك مصالحي.

فقلت له.

نعم، لأنك أحببتَ النعمة عند عمك وغيَّرتَ ما في نفسك ناحيته.

إذن: مَنْ أراد أن تكون نِعَم الناس كلها عنده.

فَلْيُحب النعمة عند غيره.

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ...).



سورة يس الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 11-15   سورة يس الآيات من 11-15 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 5:21 pm

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى في الآية السابقة: (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (يس: 11) لها موضع هنا، فالمغفرة والأجر الكريم في الآخرة، فناسب أنْ يُحدِّثنا الحق سبحانه عن مشهد من مشاهدها: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ) (يس: 12).

قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ) (يس: 12) هذان ضميران للمتكلم على سبيل التعظيم، فإنَّا هي نحن، كما لو قلت: زيد زيد، فماذا أضافتْ نحن بعد إنَّا؟

القاعدة في صياغة اللغة أن تمييز الشيء يأتي حين يكون هناك اشتراك، فإنْ لم يكُنْ اشتراك فلا يأتي التمييز كما لو قُلْتَ لمن يطرق على بابك: مَنْ أنت؟

يقول: محمد، وأنت تعرف محمدين كثيرين.

فتقول: أيُّ المحمدين أنت؟

فيقول: محمد أحمد، وأيضاً أنت تعرف كثيرين بهذا الاسم، فتقول: محمد أحمد مَنْ؟

فيقول: محمد أحمد محمود.

وعندها يحصل التمييز لوجود الاشتراك في الأولى، وفي الثانية.

فكأن الحق سبحانه لما قال (إِنَّا) (يس: 12) وليس هناك غيره قال: (إِنَّا نَحْنُ) (يس: 12) يعني: كأنه قال إنَّا إنَّا يعني: لا أحدَ سِوَاي، فليس في هذه المسألة اشتراك.

وسبق أنْ أوضحنا أن كلام الله تعالى عن نفسه قد يأتي بصيغة الجمع كما في: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ) (القدر: 1).

وقال:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9) وتلحظ أن الضمير هنا للتعظيم، وهكذا في كل الآيات التي تتحدث عن فعل من أفعاله تعالى، أو عن فضل من أفضاله، ذلك لأن كل فعل من أفعاله تعالى يحتاج إلى عدة صفات: يحتاج إلى علم، وإلى حكمة، وإلى قدرة... الخ، وكل هذه الصفات كامنة في (نحن) الدالة على العظمة المتكاملة في الأسماء الحسنى لله تعالى أما حين يتكلم سبحانه عن الذات الواحدة، فيأتي بضمير المتكلم المفرد كما في: (إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ) (طه: 14) ولم يقُلْ مثلاً: إننا نحن الله؛ لأن إننا ونحن تدل على الجمع، والكلام هنا عن الوحدانية، فلا بُدَّ أنْ يأتي بصيغة المفرد.

لذلك يؤكد الحق سبحانه هذه الوحدانية بعدة وسائل للتوكيد في قوله سبحانه: (إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ) (طه: 14) فلم يَقُلْ سبحانه: فاعبدنا وأقم الصلاة لذكرنا، إنما: (فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ) (طه: 14) لأن العبادة تكون لله وحده.

قم إن عملية البعث وإحياء الموتى لله وحده لا يشاركه فيها أحد.

وقال سبحانه (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ) (يس: 12) قبل (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ) (يس: 12) مع أن الكتابة تسبق عملية الإحياء، الكتابة كانت في الدنيا، والإحياء في الآخرة، ف          

لماذا؟

أولاً: عليك أن تلاحظ أن هذا الكلام ليس كلامك، إنما كلام الله، فلا بُدَّ أن تُعمِل عقلك لتفهم عن الله مراده؛ لأن أسلوب الحق -سبحانه و تعالى- يحمل من الكمالات ما يناسب كماله سبحانه، وكلامك أنت يحمل ما يناسب كمالك.

لذلك سبق أن قُلْنا: إن القرآن له تميُّزات عن كل الكتب، وأن تناوله غير تناول أيِّ كتاب فلا بُدَّ أن يُقرأ على طهارة، وعلى وضوء، ولا بُدَّ أن يُراعى في قراءته مخارج الحروف وقواعد التلاوة وآدابها.

وفاتنا أن نقول: إنه تميَّز تميُّزاً آخر، فكما تميز في نُطْقه تميز في كتابته، فمثلاً كلمة اسم تُكتب بالألف كما في: (تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ) (الرحمن: 78)، وكما في: (سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ) (الأعلى: 1)، لكن في البسملة في أوائل سور القرآن كُتبت بدون الألف هكذا بسم الله الرحمن الرحيم، لذلك نقول عن القرآن: نكتبه بالإملاء؟!! لا لأن كتابته توقيف.

إذن: ما الحكمة من تقديم (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ) (يس: 12) على (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ) (يس: 12)؟

قالوا: لأنه ما فائدة الكتابة؟

الكتابة للأعمال لحصر الحسنات لنثيب عليها، ولحصر السيئات لنعاقب عليها، فإذا لم يكُنْ هناك إحياء للموتى وحساب وجزاء، فما فائدة الكتابة؟

لذلك قدَّم الإحياء على كتابة الأعمال، كما أن الإحياء أعظم من الكتابة فناسب أنْ يتقدم عليها.

ومعنى: (مَا قَدَّمُواْ) (يس: 12) أي: من الأعمال، والعمل قد يكون عملاً مثمراً مستمراً بعد موت صاحبه كالصدقة الجارية، فلو حفر إنسان بئراً مثلاً يشرب منه الناس ويموت يظلّ البئر يسقي الناس، أو ترك علماً نافعاً، هذا كله أثر من آثار العمل الذي كُتِب أولا، وهو المراد بقوله تعالى: (وَآثَارَهُمْ) (يس: 12).

ومن آثار الإنسان ما سنَّه للناس وتركه يتبع من بعده، سواء أكان حسنة أم سيئة، فكله مكتوب مُسجَّل في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأحصى آثارها من بعد صاحبها، فلو كتب إنسان مثلاً وصية ظالمة حرمت صاحب الحق من حقِّه، والوارث من ميراثه تحمل كل الآثار المترتبة على هذا الظلم؛ لأنه لم يحرم الوارث المباشر فحسب، إنما حرم أيضاً ذريته التي كانت ستستفيد من هذا الميراث، لذلك يظل عليه وِزْرها إلى يوم القيامة.

كذلك مَنْ سَنَّ للناس قانوناً جائراً، فعليه وِزْر القانون الجائر الذي حكم هو به، ثم على مَنْ يحكم بهذا القانون من بعده، ومثل مسألة القطاع العام مثلا، القطاع العام أقامه مَنْ أقامه، ثم ظلَّتْ آثاره تنهب في الناس إلى أنْ ضَجَّ منه الجميع وطالب الحكام أنفسهم بتعديله.

هذه القضية تشرح لنا حديث سيدنا رسول الله: "مَنْ سَنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة، ومَنْ سَنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووِزْر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة".
 
أرأيتم الرجل العجوز يزرع النخلة وربما لا ينتفع بثمرها، لكن ينتفع به مَنْ بعده، فهذه هي آثاره من بعده يكتبها الله له ويُحصيها لحسابه.

وقال بعض العلماء في معنى: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ) (يس: 12) أي: نكتب ما قدموا من النية التي تسبق العمل، ثم نكتب العمل نفسه، وهو آثار هذه النية، فحين تعقد نية الخير في عمل ما تأخذ أجر النية، فإذا ما عملتَ العمل تأخذ أجر العمل.

وهذا يفسر لنا الحديث الشريف: "مَنْ هَمَّ بحسنة فلم يعملها كُتِبت له حسنة، ومَنْ هَمَّ بها فعملها كُتِبت له عَشْراً".

وهذا يرشدنا إلى أهمية عقد النية قبل الشروع في العمل ليثاب عليها الإنسان، فالمؤمن لا يأتي العمل هكذا عشوائياً.

وقوله تعالى: (وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس: 12) هناك فَرْق بين الكتابة والإحصاء، الكتابة أنْ تكتب الشيء، لكن لا تضم المكتوبات إلى بعضها، فتحتاج إلى مَنْ يحصيها ويعدُّها، فالحق سبحانه يسجل علينا الأعمال كتابة أولا، ثم إحصاءً وعَدّاً، والإحصاء والعَدُّ أيضاً في كتاب مسجل فيه كل شيء (فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس: 12) والإمام هو ما يُؤتَم به، والمراد هنا اللوح المحفوظ الذي تأخذ منه الملائكة مهمتها في إدارة الكون.


ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ...).



سورة يس الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49202
العمر : 72

سورة يس الآيات من 11-15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة يس الآيات من 11-15   سورة يس الآيات من 11-15 Emptyالثلاثاء 19 يناير 2021, 5:22 pm

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

سبحان الله، أيقول رسول الله (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الزمر: 13) فكأنه يقول: أنا لم آخذ هذه المنزلة حكماً مطلقاً أنني نبي مُكرَّم، بل أنا كعامة الناس إنْ عصيتُ ربي تعرضتُ للعقاب، يعني تقديم الله لي أولاً واصطفاؤه لي لا يشفع لي إنْ حدثتْ مني معصية.

ثم يقول سبحانه على لسان رسوله: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) (الزمر: 14) وهذه أيضاً للعقائد وليقين الإيمان، وقد سبق قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) (الزمر: 11) وهنا: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) (الزمر: 14) فما الفرق بين (الله أعبد) و (أعبد الله)؟

قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) (الزمر: 11) جاء على الترتيب الطبيعي للجملة: الفعل، ثم الفاعل، ثم المفعول.

والجملة بهذا الترتيب لا تمنع من العطف على المفعول كما تقول: أطع فلاناً، فإنها لا تمنع أن نقول وفلاناً، أما إن قدَّمنا المفعول به على الفعل، كما في قوله سبحانه: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي) (الزمر: 14) فإنَّ تقديم المفعول أفاد القصر يعني: قصر العبادة على الله وحده، كما لو قلت: إلى الله أشكو يعني: لا إلى غيره.

فالآية الأولى جاءتْ بالترتيب الطبيعي للجملة، والأخرى جاءت بصيغة القصر، كأنه قال: أنا لا أعبد غير الله، وأنتم اعبدوا ما شئتم: (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر: 15).

ثم يبيِّن سبحانه عاقبة الشرك فيقول: (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر: 15).

نفهم أن هؤلاء المشركين خسروا أنفسهم يوم القيامة، لأنهم ظلموا أنفسهم بالكفر وبالشرك، لكن كيف يخسرون أهليهم أيضاً؟

قالوا: لأن أهليهم هم أولادهم وذريتهم؛ وهؤلاء إما أنْ يؤمنوا، وإما أنْ يظلوا على كفرهم مع الآباء، فإنْ ظلُّوا على كفرهم فهم خاسرون كآبائهم، وإنْ آمنوا فلن يكونوا مع الآباء، وسيحرمون رؤيتهم، لأن هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار.

إذن: الخسارة ملازمة لهم في كلتا الحالتين.

وكلمة الخسارة هنا أكَّدها الحق سبحانه بالمفعول المطلق: (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر: 15) ثم وصف الخسران بأنه مبين أي: بيِّن واضح ومحيط؛ لأن التاجر متى يكون خاسراً؟

إما أنْ يعود إليه رأس ماله دون زيادة، وفي هذه الحالة يكون قد خسر جهده وتعبه في تجارته، وإما أنْ تتعدى الخسارة إلى رأس المال فيخسر تعبه وجهده، ويخسر جزءاً من رأس المال، وهذا هو الخسران المبين، أي: المحيط بكل شيء فقوله تعالى: (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر: 15) يعني المحيط الذي أحاط بأهله وماله وتعبه وسَعْيه.



سورة يس الآيات من 11-15 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة يس الآيات من 11-15
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 046-050
» سورة طه الآيات من 061-065
» سورة يس الآيات من 36-40
» سورة يس الآيات من 71-75
» سورة ق الآيات من 31-35

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: يس-
انتقل الى: