منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة سبأ الآيات من 21-25

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة سبأ الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: سورة سبأ الآيات من 21-25   سورة سبأ الآيات من 21-25 Emptyالسبت 19 ديسمبر 2020, 3:18 pm

وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لَمَّا أغوى إبليس بني آدم هل لهم عذر في هذا الإغواء؟

وهل الذنب هنا ذنب إبليس؟

الحق سبحانه يخبر عنه وعنهم هذا الخبر في سياق قصة سبأ: (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ..) (سبأ: 21)، وقد التقط إبليس هذه العبارة وجعلها حُجَّة له يوم القيامة، فإذا قال له البشر يوم القيامة: أنت سبب ضلالنا وغوايتنا قال: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ..) (إبراهيم: 22).

يعني: لا تلوموني ولا تظلموني، فقد كنتم (على تشويره) مني، وليس لي عليكم من سلطان: لا سلطان قوة أقهركم بها وأجبركم على طاعتي، ولا سلطان حُجَّة أقنعكم به، والفرق بين سلطان القهر وسلطان الحجة أنك تفعل مع الأول وأنت غير راض فأنت مُكْره، أمّا مع سلطان الحُجَّة والمنطق فإنك تفعل ما يُطلَب منك عن رضا واقتناع.

وربنا عز وجل حذرنا من إبليس ووسوسته ونزغه، وعلمنا أننا لن نقهره إلا بالله خصوصاً بهذه (الروشتة) التي قال الله فيها: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ..) (فصلت: 36).

مجرد أنْ تُذكِّره بالله يخنس ويهرب ويتراجع، فهو يقدر عليك وحدك، فإنْ لجأتَ إلى ربك خاف وفَرَّ؛ لأنه لا قدرةَ له، ولا كيد مع ذكر الله، لذلك قال بعض العارفين: قل هذه الكلمة بقوة وكأنك تراه وتصرعه.

فماذا نفعل إنْ جاء لأحدنا وهو يقرأ القرآن؟

قالوا: يقطع قراءته، ويقول بصوت أعلى وبأسلوب مغاير لقراءته: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

وقد حاولنا أن نُقرِّب هذا المعنى لأذهان الناشئة فقلنا: لو أن أحد الأغنياء مثلاً يجلس في (الشرفة) ليلاً، فرأى لصاً يحاول دخول بيته، فقام من مكانه، وقال (إحم) ماذا يصنع اللص؟

يهرب، فإنْ قال في نفسه لعلها مصادفة، ثم عاد في الليلة التي بعدها، فتنبَّه له صاحب البيت، وقال (إحم) عندها يفرّ بلا عودة، فصاحب البيت متنبه غير غافل.         

 كذلك، قَوْل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يُفزع الشيطان ويطرده، فإنْ عاد إليك مرة ومرة فقُلْ كلما شعرت بوسوسته ونزغاته: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، عندها سيعلم أنك (فقسته)، وأنه لا مدخل له إليك.

وقد عرف الشيطان حين جادل ربه من أين يدخل على ابن آدم، فقال: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16) فهو كما ذكرنا، لا يقعد في خمارة مثلاً، إنما يقعد في المسجد، فهو يعلم أنك في عبادة، وكُل مُناه أنْ يُفسِد عليك عبادتك، أَلاَ تراه يُذكّرك في الصلاة ما نسيتَ من مهمات الحياة، وعلى المؤمن أنْ يقدِّر موقفه بين يدي الله، وألاّ ينشغل بأي شيء وهو في حضرة ربه.

فالصلاة هي الصراط المستقيم الذي سيقعد لك الشيطانُ عليه؛ لذلك علَّمنا فقهاؤنا -رحمهم الله ورضي الله عنهم- أنْ نغيظ الشيطان، فإذا وسوس لك في الصلاة بحيث لا تدري، أصليتَ ركعتين أم ثلاثاً، فاعتبرها ركعتين وابْنِ على الأقل، كذلك في الوضوء وأمثاله من العبادات، لتغيظه وتُيئسه منك.

وظاهرة السهو في الصلاة في الحقيقة ظاهرة صحية فهي الإيمان، فلا تُمرِض نفسك بها، وكُنْ قويَّ الإيمان وتشجِّع على هذا العدو، وقُلْ له: لن أعطيك الفرصة لتفسد عليَّ لقائي مع ربي، قل هذا (واشخط شخطة إيمان) فإنك تحرقه، وإن عاد فَعُدْ، واعلم أن كيد الشيطان كان ضعيفاً: (إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفاً) (النساء: 76).

فلا قدرة له عليك ما دُمْت في معية الله، وما دُمْت ذاكراً لله، عندك تنبُّه إيماني، وتنبُّه عقدي.

وسبق أنْ حكينا قصة الإمام أبي حنيفة لما جاءه رجل يستفتيه ويقول: يا إمام، لقد كنتُ أخفيتُ مالاً في مكان في الصحراء، وعلَّمته بحجر، فجاء السيل فطمسه حتى ضللتُ مكانه، فضحك الإمام وقال للرجل بما لديه من خبرة وتمرُّس ومَلَكة في الفتيا: يا بنى ليس في هذا علم، لكني سأحتال لك، اذهب بعد أنْ تصلي العشاء، فتوضأ وضوءاً جديداً بنية أنْ يهديك الله إلى ضالتك وصَلِّ لله ركعتين، ثم أخبرني ماذا حدث.

فعل الرجل ما أوصاه به الإمام، فجاءه إبليس ليفسد عليه صلاته وقال له: إن المال في مكان كذا وكذا، فراح فوجد المال، ثم عاد إلى الإمام فأخبره فقال: والله لقد علمتُ أن الشيطان لا يدعك تُتِم ليلتك مع ربك.

إذن: فَثِق بكلمة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وقُلْها بقوة إيمان، أيقول الله قَوْلة يأتي واقع الحياة من المؤمن به ليكذبها؟

وجَرِّبها أنت بنفسك.

وقوله تعالى: (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ..) (سبأ: 21) ما دام أنه ليس لإبليس سلطان على بني آدم، وما دام أنهم على (تشويرة) منه، فلابُدَّ أنَّ إيمانهم غير راسخ، وأنهم نَسُوا حكماً من أحكام الله؛ لأنه سبحانه حذرهم منه ووصف لهم طريقة التغلب عليه فلم يفعلوا.

فكانت غواية إبليس لهم (لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ..) (سبأ: 21) أي: عِلْم وقوع، وإلا فالحق سبحانه يعلم ما سيكون منهم أزلاً، لكن لابُدَّ أنْ يحدث منهم الفعل لتقوم الحجة عليهم كالمعلم الذى يرى على تلميذه علامات الفشل، فيحذره، فحين يدخل الامتحان ويرسب فيه يأتي يعاتب أستاذه أنه بشَّره بالرسوب فيقول المعلم: وهل أمسكتُ بيدك ومنعتُك من الإجابة، لقد حكمتُ عليك من خلال المقدمات التي رأيتها منك.

ومع ذلك كان من الممكن أنْ يغشَّ هذا التلميذ في الامتحان وينجح رغم ما قاله المعلم؛ لأن علمه عِلْمٌ ناقص، أما علم الحق سبحانه فعِلْم تام.

إذن: فعِلْم الوقوع ألزم للحجة.

ثم يقول سبحانه: (وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ) (سبأ: 21) حفيظ صيغة مبالغة من الحفظ، فالله تعالى حفيظ على الكنوز وعلى الأرزاق وعلى العلم وعلى كل شيء، كما قال سبحانه: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) (الحجر: 21) وما دام الله تعالى هو الحفيظ، فلا أحدَ يستطيع أنْ يخل بهذه القضية.

ثم يقول الحق سبحانه: (قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ...).



سورة سبأ الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة سبأ الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة سبأ الآيات من 21-25   سورة سبأ الآيات من 21-25 Emptyالسبت 19 ديسمبر 2020, 3:19 pm

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ينتقل الحق سبحانه إلى قضية عامة، هي قضية هؤلاء القوم الذين يعبدون غير الله ويجادلهم، ليُظهِر لهم فساد مسلكهم وبطلان عبادتهم دون الله، وقد ردَّ هؤلاء فقالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ..) (الزمر: 3).

ونقول أولاً: ما هي العبادة؟

العبادة أن يطيع العابدُ أمرَ معبوده ونهيه، فإذا كان الكفار يعبدون الشمس أو القمر أو الأصنام... إلخ بماذا أمرتهم هذه الآلهة؟

وعن أي شيء نهَتْهم؟

ماذا أعدَّتْ هذه الآلهة لمن عبدها من الثواب؟

وماذا أعدتْ لمن كفر بها من عقاب؟

إذن: أنتم كاذبون في كلمة نعبدهم، وإذا كنتم تعبدونهم ليقربوكم إلى الله زُلْفى، فلماذا لا تتوجهون بالعبادة إلى الله مباشرة؟

فكيف تعبدون آلهة بلا منهج ولا عمل لها فيمن عبدها، ولا عمل لها فيمن كفر بعبادتها؟

وهذه المخلوقات التي يعبدونها من دون الله مخلوقة لله مُسخَّرة له سبحانه مُسبِّحة، وهي بريئة من هذا الشرك ولا ترضاه، بل هي أعبد لله منهم.

لذلك نطقتْ الأحجار على لسان هذا الشاعر.

وقالت:
عَبَدُونَا ونَحْنُ أَعْبَدُ للهِ مِنَ القَائِمينَ فِي الأسْحَارِ
تَخِذُوا صَمْتَنا عَليْنَ دَليلاً فَغَدْونَا لَهم وقُودَ النَّارِ
قَدْ تجنَّوْا جَهْلاً كَما قَدْ تَجنَّوْه على ابْن مَريمَ والجَوارِى
لِلْمغَالِى جَزَاؤُهُ والمُغَالَى فيه تُنْجِيهِ رَحْمةُ الغَفَّارِ

فالحق سبحانه يناقشهم في هذه المسألة: (قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ..) (سبأ: 22) ادعوا هذه الآلهة المدَّعَاة، لكنهم لم يَدْعُوا، لعلمهم أن آلهتَهم المزعومة لن تجيب؛ لذلك أكمل الله لهم وأظهر لهم النتيجة: لو دعوتُم هذه الآلهة، فإنهم (لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ..) (سبأ: 22).

فعلام إذن تعبدونهم، وهم لا يملكون شيئاً، ولم يصنعوا لكم معروفاً، ولا قدَّموا لكم خدمة (وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا..) (سبأ: 22) أي: في السماوات والأرض (مِن شِرْكٍ..) (سبأ: 22) يعني: مع الله، أي ليس لهم مع الله شركة في مسألة الخَلْق (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ) (سبأ: 22) يعني: لم يعاونوا الله حين خلق السماوات والأرض، والظهير هو المعين القوي، ومنه قول الحق سبحانه و تعالى: (وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) (التحريم: 4).

والظهير من الظهر، وهو أقوى الأعضاء في الحمل، وفي الدفع، فالظهير: الذي يعاونك ويساندك بكل قوته.

والذين يدعون من دون الله آلهة يُحاجُّون بأشياء متعددة أولاً: الحق سبحانه و تعالى خلق الإنسان، وجعله خليفة له في الأرض، وخلق له مُقوِّمات حياته قبل أنْ يخلقه، وتركه يرتع في نعمه ولم يُكلِّفه بشيء حتى سِنِّ البلوغ والنضج ويبلغ الإنسان سِنَّ النضج حين يصبح قادراً على إنجاب مثله.

وسبق أنْ مثَّلْنا ذلك بالثمرة، فهي لا تنضج، ولا يحلو طعمها في مذاق الإنسان، إلا إذا استوتْ بذرتها، بحيث إذا زُرِعَتْ أنبتت مثلها، وهذا من لُطْف الله بنا، وإلا لو حَلَتْ الثمرة قبل نضج بذرتها لأكلنا الثمار مرة واحدة، وانقطع نوعها بعد ذلك.

ويشاء الخالق سبحانه أن يجعل للتكاثر النسلي في الإنسان تكاثراً نسلياً أعظم منه في الخيرات بما يمثل احتياطاً واسعاً يُؤمِّن حاجة الإنسان، فحبة البطيخ الواحدة تنتج شجرة بها عدة ثمار، بها مئات البذور؛ لأننا نزرع بعضها ونتسلى (بقزقزة) الكثير منها.

والحق سبحانه أخذ علينا ميثاق الذرِّ، والبشر جميعاً في ظهر آدم عليه السلام، وأشهدهم على أنفسهم قبل أنْ تتأتى لهم شهوات النفس المعارضة لمنهج الله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ..) (الأعراف: 172-173).

وهذا العهد فِطريٌّ في النفس الإنسانية، وما جاءت الأديان إلا لتنفضَ عن هذه الفطرة غبار الغفلة وغبار الشهوات؛ لذلك لم يأت الرسل لتأسيس دين، إنما للتذكير بهذا العهد القديم: (فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ) (الغاشية: 21).

لذلك، فالإنسان منا حين تتناوبه الأحداث، وتعزّ عليه الأسباب، ولا يرى مُنقذاً، ترده هذه الفطرة إلى القوة الخفية التي ستنقذه، فتجده يقول مستنجداً ومستغيثاً: يا هوه يعني يا هو، وهو ضمير غيبة، إنما أشد إعلاماً من الاسم الظاهر..

لماذا؟

لأنك حين تقولها لا تنصرف إلا لغائب عن عينك واحد هو الله.

لذلك قال سبحانه: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1) ولم يقُلْ: قُلْ الله أحد؛ لأنه لا يخطر ببالك حين تقولها إلا الله خصوصاً في الشدة، وحين تعزّ عليك الأسباب، فلا يسعفك إلا ربك، كما قال سبحانه: (ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ..) (الإسراء: 67).

وفي الشدة والضيق لا يكذب الإنسان على نفسه ولا يخدعها، فترى حتى الكفار عند الشدة يقولون: يا رب، وتردُّهم الفطرة إلى الله الحق.

لكن ما دام الإيمان الفطري بهذه القوة، ما الذي يطمسه في النفس الإنسانية؟

قالوا: تطمسه الشهوات حين تتحرك في اتجاه مخالف لمنهج الله، فالمنهج يهدف إلى تهذيب الشهوات والغرائز والحدّ من عنفوانها، ولا يُعَدُّ هذا تعدياً عليها، وإلا فلماذا خلقها؟

لابُدَّ أن لها مهمة، فالغريزة الجنسية مثلاً جُعِلتْ لبقاء النوع، ولم تُجعَل للشراسة والعربدة في أعراض الآخرين، كذلك جعل الله الغضب غريزة ولها مهمة.

فالحق أباح لك أنْ تغضب حين تُستغضب.

لذلك قالوا: مَنِ اسْتُغضِب ولم يغضب فهو حمار، ومع ذلك يأمرنا ربنا بالحلم، ويقول سبحانه: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ..) (المائدة: يعني: لا يُخرجك الغضب عن حَدِّ الاعتدال، ولا يدعوك إلى الظلم، فالحق سبحانه لا يكبت فيك هذا الشعور، لكن يقيده حتى لا نطغى بسببه.

وقصة سيدنا عمر في هذا الموضوع وضعت لنا المبدأ، فيُروى أن سيدنا عمر -رضي الله عنه- رأى قاتل أخيه زيد بن الخطاب في المعركة، فانصرف عنه، فذَكّروه: هذا قاتل أخيك، فقال: وماذا أفعل به، وقد هداه الله للإسلام، فكأن الإسلام برَّد نار الثأر في نفسه، والإسلام كما علمنا يجُبُّ ما قبله.

كذلك الإسلام يجبُّ الغضب - فلما واجه عمر قاتل أخيه قال له: يا هذا أدِرْ وجهك عني، فإني لا أحبك -قالها عمر بما عنده من غريزة الغضب- فقال الرجل: أو عدم حبك لي يمنعني حقاً من حقوقي؟

قال: لا.

قال: إنما يبكي على الحب النساء، يعني: لا يهمني تحب أم تكره، المهم أن حقي محفوظ.

كذلك حب الاستطلاع غريزة، جعلها الله في الإنسان ليكشف بها أسراره في الكون، فلا تجعلها تلصُّصاً على أعراض الناس وأسرارهم.

إذن: ما جاء الدين ليكبت الغريزة أو ليقضي عليها، إنما جاء ليعلو بها ويُهذِّبها، ويقف بها عند حدِّ الاعتدال والمهمة التي خلقت من أجلها؛ لذلك قلنا: إن الإسلام يجمع للمؤمن في بعض المواقف بين الشيء ومقابله كما في قوله سبحانه: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ..) (الفتح: 29).

ورحم الله الإمام علياً -رضي الله عنه- حين قال:
لئِنْ كُنْتُ مُحتَاجاً إلى الحِلْم إنَّني إلى الجَهْلِ في بَعْضِ الأحَايينِ أَحْوَجُ
وَلِي فَرَسٌ للحِلْم بالحِلْم مُلْجَم ولِي فَرَس للجهْلِ بالجهْلِ مُسْرَجُ
فمَنْ رَامَ تَقْويمي فَإنِّي مُقوَّم وَمَنْ رامَ تَعْوِيجي فَإنِّي مُعْوَجُ

فالشدة مطلوبة ولها موضعها، والذلة مطلوبة ولها موضعها، إذن: الموقف الإيماني هو الذي يصنعك، والمنهج إنما جعله الله لتستقيم به أمور الحياة، فإذا كلَّفك الله بشيء يصادم شهوة في نفسك، فلا تقُلْ إن الشرع صادم شهوتي، بل خُذْها من باب الكرم الواسع، وقُل وصادم شهوات الآخرين من أجلي، فالشرع حين قال لك: لا تسرق وأنت واحد قال للملايين: ألاَّ يسرقوا منك.

وحين تصطدم الفطرة السَّوية والتديُّن الطبيعي بشهوات النفس يبحث الإنسان عن تديُّن يُرضي شهواته ويُشبع غرائزه، فهو يريد أنْ يكون متديناً، وفي الوقت ذاته يريد ألاَّ تُقيَّد شهواته، فماذا يفعل؟

يلجأ إلى عبادة آلهة بلا منهج وبلا تكاليف، ومن هنا عبد الناسُ غير الله، ودَعْك ممن عبدوا الأَشجار والأحجار، وتأمل الذين عبدوا الملائكة مثلاً، هل أمرتهم بشيء أو نهتهم عن شيء؟

لذلك الحق سبحانه يقول: (قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ..) (سبأ: 22) ولو بحثنا مسألة الشركاء بالعقل لظهر بطلانها وكذبها، فإذا كان لله تعالى شركاء، ومعه سبحانه آلهة أخرى، فأين هم؟

أدرَوْا بأن الله تعالى استبدَّ بالألوهية، وشهد بها لنفسه، وأعلنها صراحة من دونهم؟

إنْ كانوا على دراية بذلك، فلما تركوه سبحانه يستبد بالألوهية؟

وإنْ كانوا لم يدروا بذلك فهم آلهة نيام؟

وفي كلتا الحالتين لا يستحقون هذه الألوهية.

لذلك الحق سبحانه يمسُّ هذه القضية مسَّاً جميلاً، فيقول: (قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً) (الإسراء: 42) يعني: لو كان صحيحاً وجود آلهة مع الله لَذَهبوا إليه ليناقشوه، لماذا استبدَّ بالألوهية من دونهم، أو لذَهبوا إليه ليتقوه، وليتقربوا إليه.

وأرقى ما يعبد المشركون يعبدون الملائكة، وكأن عبادتهم أصبحتْ قريبة من عبادة الله، والله يقول عن الملائكة: (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء: 26-27).

ويردُّ القرآن عليهم: (أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ..) (الإسراء: 57).

فهؤلاء الملائكة الذين تعبدونهم من دون الله هم أنفسهم يتقربون إلى الله ويتوسَّلون إليه، الأقرب منهم يتوسَّل إلى الله، ويحب أن يكون أكثر قُرْباً، فإذا كان الأقرب هو الذي يبتغي الوسيلة والقرب، فما بالك بالقريب؟

وما بالك بالبعيد والأبعد؟

إذن: أنتم أغبياء بعبادتكم الملائكة، وهل تظنون أن خَلْقاً من خَلْق الله كالملائكة يرضى أنْ تعبدوه من دون الله، أو يقبل أنْ يشفع لك عند الله، هذا سَفَه في التفكير.

فالحق سبحانه وضع شروطاً للشفاعة، فقال: (يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (طه: 109).

ويقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ...).



سورة سبأ الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة سبأ الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة سبأ الآيات من 21-25   سورة سبأ الآيات من 21-25 Emptyالسبت 19 ديسمبر 2020, 3:26 pm

وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قال العلماء: يُشترط للشفاعة شرط في المشفوع له أن يكون من أهل التوحيد، وشرط في الشافع أن يُؤذن له بالشفاعة، كما قال تعالى: (مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ..) (البقرة: 255) فلا يقوم الشافع فيشفع مباشرة، إنما ينتظر أنْ يُؤذَن له بها، وهنا يضطرب المشفوع له ويفزع، ويكون قلقاً، يا ترى أيُؤذن للشافع؟

أم تُرَد شفاعته؟

لذلك يقول تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ..) (سبأ: 23) يعني: أُزيل عنها الفزع.

فالتضعيف في (فُزِّع) أفاد إزالة الحدث المأخوذ منه الفعل، كما نقول (مرَّضه) يعني: أزال مرضه و (قشَّر البرتقالة) يعني: أزال قِشرتها... إلخ.

(قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ..) (سبأ: 23) أي: قال القول الحق، وأذِن بالشفاعة لمن ارتضى.

وقال تعالى: (وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ..) (سبأ: 23) ولم يقُلْ تُقبل الشفاعة؛ لأن هدف الشافع أن تنفع الشفاعةُ المشفوعَ له، فإذا ما ذهب ليشفع له قال له المشفوع عنده: أنا لا أرضى أنْ تشفع للمشفوع له، فالذي انتفى نَفْع الشفاعة لا قبولها، ففَرْق بين أنْ توجد الشفاعة، وبين أنْ تنفع الشفاعة.

وفي سورة البقرة آيتان في الشفاعة صدرهما واحد، لكن العَجُز مختلف، ففي الأولى: (وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ) (البقرة: 48).

والأخرى: (وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) (البقرة: 123).

وهاتان الآيتان من المواضع التي وقف أمامها المستشرقون، وظنوا فيها مأخذاً على كلام الله، فالمعنى واحد حتى اللفظ هو هو، لكن في الأولى قدَّم: (وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ..) (البقرة: 48) وفي الأخرى قدَّم(وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ..) (البقرة: 123) وفي الأولى قال(وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ) (البقرة: 48).

وهذا الاعتراض منهم نتيجة عدم الفهم عن الله، فالآيتان تتحدثان في الشفاعة عن نَفْسين.

الأولى: النفس الشافعة.

والأخرى: النفس المشفوع لها، الشافع له موقف مع الله، والمشفوع له، له موقف قبل ذلك؛ لأنه لم يأتِ بالشافع إلا لأنه لم يقدر على إنهاء المسألة بنفسه، فالضمير يعود في الآية الأولى على الشافع، وفي الأخرى على المشفوع له، كيف؟

المعنى هنا: لا تجزي نفسٌ شافعة عن نفس مشفوع لها، النفس الشافعة هي التي يُقبل منها الشفاعة، والنفس المشفوع لها هي التي تنفعها الشفاعة، إذن: الآية الأولى تخصُّ الشافع؛ لأنه يذهب ليشفع فلا يُقبل منه، فيعرض أنْ يدفع هو العدل، ويكون كفيلاً فيما على المشفوع له، فلا يُقبل منه أيضاً.

أما الآية الأخرى فهي في المشفوع له؛ لأنه يعرض أن يدفع ما عليه أولاً فلا يُقبَل منه عدل، فيبحث عمَّنْ يشفع له.

وسُمِّيت شفاعة؛ لأن الشَّفْع يقابل الوتر، وصاحب الحاجة الذي يطلب الشفاعة واحد، فإذا انضم إليه الشافع، فهما اثنان يعني: شفع.

ثم يقول سبحانه في ختام الآية: (وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ) (سبأ: 23) عليٌّ أن يُناقَش في أي قرار يتخذه، وكبير يعني أكبر من الشافع، وأكبر من المشفوع له.

فالحق سبحانه قال الحقُّ ونطق به، وهذا يعني أنه وقف بجانب الحق، فلم يعبأ بشافع مهما كانت منزلته، ولا بمشفوع له مهما كانت ذِلَّته ورِقَّته؛ لأنه سبحانه هو العليُّ الكبير.

وبعد ذلك يعود الحق سبحانه إلى مناقشة المسألة مناقشة عقلية، فيقول: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ...).



سورة سبأ الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة سبأ الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة سبأ الآيات من 21-25   سورة سبأ الآيات من 21-25 Emptyالسبت 19 ديسمبر 2020, 3:27 pm

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: قُلْ لهم يا محمد: من يرزقكم من السماوات والأرض؟

لكن إذا كان محمد هو المستفهم منهم، فمَنْ يجيب؟

بالطبع هم لن يجيبوا؛ لذلك أجاب الله (قل الله) فهذه حقيقة لا يستطيعون مجابهتها، ولو اعترفوا بها لقُلْنا لهم إذن: لماذا لم تؤمنوا بالله وهو رازقكم؟

أيليق بكم أنْ تكفروا به وهو الرازق، وتؤمنوا بآلهة أخرى لا تنفعكم ولا تضركم؟

فاعترافهم بهذه الحقيقة يلزمهم الحجة، ويقيم عليهم الدليل على سَفَه تفكيرهم، وكأن الحق سبحانه أراد أنْ يُعفيهم من هذا الحرج، فأجاب بدلاً منهم.

والحق سبحانه يسألهم هذا السؤال؛ لأن الإجابة لن تكون إلا على وَفْق مراده سبحانه و تعالى، كما لو اشتريتَ مثلاً (بدلة) لشخص ما وفي موقف من المواقف أنكر جميلك، فتقول له: مَنِ الذي اشترى لك هذه (البدلة) ؟

أنت لا تسأل هذا السؤال إلا وأنتَ واثق أن الإجابة ستكون في صالحك، وأنه لا يستطيع الإنكار، فلو أنكر ستقول له: تعال إلى التاجر الذي اشتريتها منه لنرى مَنِ الذي اشتراها، فأنت تملك إقامة الدليل عليه إنْ أنكر.

وقوله سبحانه و تعالى: (وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) (سبأ: 24).

الهدى: هو الدلالة على الخير والطريق إليه، والضلال: أن تضلَّ عن الخير والدلالة إليه، ومنه قوله تعالى: (وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ) (الضحى: 7).

والهدى والضلال من المتناقضات في الدين، والمتناقضان لا يجتمعان أبداً، فلابُدَّ أنْ يكون واحد على هدى والآخر على ضلال.

كثيرون لا يفهمون الفرق بين الضد والنقيض، الضد شيء يضادّ شيئاً، لكن لا ينفيه، كما تقول مثلاً: الشيء الفلاني أحمر أم أخضر؟

فيقول لك: لا أحمر ولا أخضر إنما أبيض، إذن: الضِّدان لا يجتمعان وقد يرتفعان معاً، لا هذا ولا هذا، بل شيء آخر.

أما النقيضان فإنِ ارتفع واحد ثبتَ الآخر، كما هنا في الهدى والضلال.

فمعنى: (وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) (سبأ: 24) إنْ كان أحدنا على الهدى فلابُدَّ أنْ يكون الآخر في الضلال، ولا ثالث لهما، والحديث هنا عن منهج خير في جانب الإيمان، ومنهج شرٍّ في جانب الكفر، فرسول الله يقول لهم: نحن وأنتم على طرفي نقيض، نحن نقول لا إله إلا الله وندعو إلى الخير، وأنتم تكفرون بالله وتدعون إلى الشر، ومع ذلك لا أحكم لي بالهدى، ولا عليكم بالضلال، بل أقول: أنا وأنتم على النقيض، إنْ كان أحدنا على الهدى فالآخر في الضلال.

بالله عليكم، هل رأيتم حِجَاجاً أرقّ من هذا الحِجَاج؟

فرسول الله لم يحكم لنفسه وللمؤمنين معه بالهدى رغم وضوحه في جانبهم، ولم يحكم على الكفار بالضلال رغم وضوحه في جانبهم، ومثال ذلك، لو حلف رجلان على شيء واحد أمام رجل أعمى أيقول لواحد: أنت صادق، وللآخر أنت كاذب؟

لا.

بل يقول: واحد منكما صادق، والآخر كاذب، فهذا حكم أوَّلي لا يُلزم أحداً.

لكن، حين تبحث القضية يتضح لك مَنْ على هدى ومَنْ في ضلال (وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) (سبأ: 24) كلمة (لَعَلَىٰ هُدًى) (سبأ: 24) على تفيد الاستعلاء، كأن الهدى لا يستعلي عليك، وإنما تستعلي أنت على الهدى وتكون فوقه، كأنه مطية توصِّلك للخير المطلوب وللطريق المستقيم، فساعةَ تقرأ (عَلَى) فاعلم أن هناك مكاناً عالياً، وهناك ما هو دون هذا.

وتأمل مثلاً قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ..) (الرعد: 6) فالمغفرة تعلو الظلم؛ لأن الظلم يقتضي أنْ تُعاقب، فتأتي المغفرة فتعلو عليه وتمحو أثره، وبعض المفسرين يرى أن (على) هنا بمعنى (مع) أي مع ظلمهم، والمعية لا تستقيم هنا؛ لأنها تسوِّي بين الظلم والمغفرة وتجعلهما سواء، فكيف تتغلب المغفرة على الظلم بهذا المعنى؟

إذن: لابُدَّ أن تكون المغفرة على الظلم، لا مع الظلم.

كذلك في قوله تعالى: (ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ..) (إبراهيم: 39) فقال: (عَلَى ٱلْكِبَرِ..) (إبراهيم: 39) لأن الكِبَر كان يمنعه أنْ ينجب، فالحق سبحانه خرق له هذه القاعدة، وأعطاه إسماعيل وإسحاق على كِبَره، وقلنا: إن الكِبَر هو أقوى الأحداث التي يتعرَّض لها الإنسان؛ لذلك قال سيدنا زكريا عليه السلام: (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً) (مريم: 8).

والعُتُو يعني: الجبروت والقوة، أما الكِبَر فضعفْ وهُزَال وعدم قدرة على أبسط الأشياء مهما قاومه بالغذاء وبالفيتامينات، فلا شيء يَقْوى عليه أو يمنعه؛ لذلك إذا تعددتْ الداءات في الجسم فلا مرجع لها إلا الكِبَر، والإنسان بعد سنِّ السبعين والثمانين يشتكي كل شيء في جسمه؛ لذلك يسمونها أمراض الشيخوخة.

يعني: لا سببَ لها إلا كِبَر السن.

إذن: نقول (لَعَلَىٰ هُدًى..) (سبأ: 24) أى: أن الهدى سيكون مطيتك التي توصلك إلى الجنة وإلى النعيم، أما الضلال فقال (فِي ضَلاَلٍ..) (سبأ: 24) وكأنها ظلمة تحيط بالضالِّ وهو يتخبط فيها، لا يدري أين يذهب، ومعنى (مُّبِينٍ) (سبأ: 24) واضح بيِّن.



سورة سبأ الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49259
العمر : 72

سورة سبأ الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة سبأ الآيات من 21-25   سورة سبأ الآيات من 21-25 Emptyالسبت 19 ديسمبر 2020, 3:27 pm

قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هذا تلطف آخر وارتقاء فى حِجَاجِ الكفار يُظهِر مدى حرص سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن يستلَّ الضغينة من نفوس الكفار، وتأمل: (لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا..) (سبأ: 25) فيجعل رسول الله الإجرام في جانبه وهو ولم يُسَوِّ هذه المرة بين الطرفين، كما قال هناك: (وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ..) (سبأ: 24) إنما وصف فِعْله بالإجرام وقال عن الكفار (وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (سبأ: 25) ولم يَقُل تجرمون.

وفي الآية دقيقة أخرى، هي ورود (أَجْرَمْنَا) بصيغة الماضي، كأن الإجرام حدث بالفعل، أما هم فورد الفعل (تَعْلَمُونَ) بصيغة المضارع؛ ليدل على أنه لم يحدث منهم بعد، وهذا تلطف آخر، وارتقاء في النقاش، وتودُّد إلى الخَصْم عَلَّه يرعوى، فيفرح الله بتوبته وعودته إلى رحابه.

وهذا الأسلوب الجدلي في الآيتين لا يتأتَّى إلا من المجادل القوي الحجة الذي لا تنزله عنها زَلَّة سابقة من خَصْمه.

ومثل ذلك قولنا في المناقشة: سلَّمنا جدلاً بكذا وكذا، ونرضى لأنفسنا بالأقل.. لماذا؟

لأنك تعلم أنك على الحق، وقوة الجدل لديك تجعلك على ثقة بأن البحث في المسألة سينتهي لصالحك.

لكن، مع ذلك كيف يأمر الحق سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنْ ينسب الإجرام إلى نفسه؟

قالوا: لأن الجُرْم يختلف باختلاف المخاطب به، كما قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

ثم تنتهي الآيات إلى خلاصة هذه القضية في قوله تعالى: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ...).



سورة سبأ الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة سبأ الآيات من 21-25
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 021-025
» سورة هود الآيات من 101-105
» سورة طه الآيات من 036-040
» سورة طه الآيات من 116-120
» سورة يس الآيات من 60-65

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: سبأ-
انتقل الى: