منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الحلقة (28) من مدرسة الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الحلقة (28) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة (28) من مدرسة الحياة   الحلقة (28) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 3:17 pm

الْدَّرْس الْثَّامِن وَالْعِشْرُوْن
هذه هي المحاضرة الأخيرة في هذه الخاطرة من كلام بن الجوزي- رحمه الله تعالي- وخلاصة الخاطرة: أنه ينعي على الذين يعبدون الله- عز وجل- إما بالهوى وإما بالجهل وقد خصَّ المتصوفة الذين انتشروا في زمانه انتشار النار في الهشيم بهذا الكلام كله، وأن الزهد ليس معناه أن تترك الدنيا ، إنما الزهد في الحقيقة كما.
قال سفيان بن عيينة- رحمه الله تعالي في الزهد-: ( الزهد إنما هو الزهد فيما حرم الله وقال آخر: ( الزهد هو زهد القلب ، فإذا زهد القلب فلا يضرك ما كان من الدنيا في يديك ),وهذا هو الذي كان عليه جماهير الصحابة – رضي الله عنهم- ، كانت الدنيا في أيديهم ولم تكن في قلوبهم , لكن المتأخرون أخذوا صورة الزهد فقط وابتكروا رياضات حرموا بها في الحقيقة ما أحلّ الله – عز وجل- بل وعابوا على الذين تناولوا شيئًا من الدنيا حتى من حلِه ، وكنا وصلنا في المرة الماضية عند قول بن الجوزي- رحمه الله تعالي- وهو يتكلم عن بعض المتزهدة الذين لا يعرفون أبجديات الأحكام الفقهية قال: (وَلَقَد بَلَغَنَا فِي الْحَدِيْث عَن بَعْض مَن نُعَظِّمُه ، وَنَزُوْرُه ، أَنَّه كَان عَلَى شَاطِئ دِجْلَة ، فَبَال ثُم تَيَمَّم، فَقِيْل لَه الْمَاء قَرِيْب مِنْك ، فَقَال: خِفْت أَن لَا أَبْلُغَه ،وَهَذَا وَإِن كَان يَدُل عَلَى قِصَر الْأَمَل ، إِلَا أَن الْفُقَهَاء إِذَا سَمِعُوْا عَنْه مِثْل هَذَا تَّلاعَبُوا بِه ، مِن جِهَة أَن التَّيَمُّم إِنَّمَا يَصِح عِنْد عَدَم الْمَاء ، فَإِذَا كَان الْمَاء مَوْجُوْدًا كَان تَحْرِيك الْيَدَيْن بِالتَّيَمُّم عَبَثَا ، وَلَيْس مِن ضَرُوْري وُجُوْد الْمَاء أَن يَكُوْن إِلَى جَانِب الْمُحَدِّث ، بَل لَو كَان عَلَى أَذْرُع كَثِيْرَة ، كَان مَوْجُوْدَا فَلَا فِعْل لِلْتَّيَمُّم ، وَلَا أَثَر حِيْنَئِذ ,وَمَن تَأَمَّل هَذِه الْأَشْيَاء عَلِم أَن فَقِيْهًا وَاحِدَا - وَإِن قَل أَتْبَاعَه ، وَخَفَّت إِذَا مَات أَشْيَاعَه - أَفْضَل مِن أُلُوْف تَتَمَسَّح الْعَوَّام بِهِم تَبَرَّكَا ، وَيُشَيِّع جَنَائِزِهُم مَا لَا يُحْصَى،وَهَل الْنَّاس إِلَّا صَاحِب أَثَر يَتْبَعُه ، أَو فَقِيْه يفْهَم مُرَاد الْشَّرْع وَيُفْتِي بِه ؟ نَعُوْذ بِالْلَّه مِن الْجَهْل، وَتَعْظِيْم الْأَسُلَاف تَقْلِيْداً لَهُم بِغَيْر دَلِيْل ,فَإِن مَن وَرَد الْمَشْرَب الْأَوَّل ، رَأَى سَائِر الْمَشَارِب كَدِرَة .)
المشرب الأول: هو ما كان عليه أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- وأنت إذا طالعت في سير الصحابة – رضي الله عنهم- على وجه الخصوص لن ترى شيئًا شاقًا في الدين تشعر بيسر الدين فعلًا وتستمتع به ، الذي عقَّد المسائل كثرة تشقيق المتأخرين للكلام ، وسوستهم في مسائل الورع يكون عنده وسواس وليس ورع ، فإذا حاولت أن تتأسى بالمتأخرين صعب ذلك عليك ، وأنا أريدك أن تطالع ترجمة واحد من الصحابة ، وترجمة واحد ممن جاءوا بعدهم وإن كان من أهل العلم .
الْفِرَقَ بَيْنَ اتِّبَاعِ الْصَّحَابَةِ وَإِتْبَاعِ الْمُتَأَخِّرِيَنَ مِنْ الْعُلَمَاءِ :تجد إتباع الصحابة فيه سهولة ولا تشعر بأي عقد وأنت تقرأ في حياة الصحابة أبدًا ، وتشعر بشيء من الصعوبة إذا حاولت أن تتبع عالماً من العلماء في تشقيقات الورع عنده ، هو كان يستطيع أن يفعل ذلك فعلًا وعنده من القدرة أن يتحمل الحرمان ، لكن أنت ليس عندك ذلك ، وكثير من إخواني لما يسألني وأنا أحض علي قراءة تراجم العلماء ، يقول أنا أذهب إلى عالم من العلماء وأحاول أن أقلده ، أمشي خطوة أو خطوتين ثم أجدني عاجزًا تمامًا عن متابعته متابعة همته ، وضرب لي على وجه الخصوص سفيان الثوري كنموذج .
سفيان الثوري: ما نُقلت أخباره إلا بعدما صار إمامًا ، وأنت بعد في أول الطريق،كيف تريد أن تصل ، سفيان وهو في مثل عمرك ما كان أحد ينتبه لسفيان ، ولا ينقل أخبار سفيان ، إنما نُقلت أخباره بعدما استتمت إمامته وصار الناس ينقلون أخباره وينقلون أحواله ، فأنت مبتدى وهو منتهي ، أضف إلى ذلك أن مثل سفيان رحمه الله نشأ نشأة صحيحة في مجتمع الإسلام يظلله بدل العالم ألوف العلماء ، وكان سفيان في الكوفة وكانت الكوفة تَغص بجماهير العلماء .وهذا فضلًا عن سائر بلاد الإسلام ، بخلاف وضعنا الآن أنت ممكن تكون في محافظة من المحافظات لا ترى فيها أحداً يرد البصر من وجهة نظرك ، قد يكون فيها في الزوايا خبايا بلا شك ، لكن نحن لا نعرفه ، الآن في محافظة كفر الشيخ وهذه تعتبر من المحافظات المحظوظة بطلبة العلم فيها ، كثرة وهذا حكمي بالنسبة لنظرتي إلى لمحافظات الأخرى أري, أنها إلى حد ما معقولة وجيدة وبها طلبة علم جيدين ، ومع ذلك المحافظة أربعة مليون ، لو فيها عشرة من كبار أهل العلم هل يكفون لأربعة مليون ، لا يكفون ، بل لو أخذت عشرة ألاف من العدد لا تستطيع أن تُلَّبي فتاوى العشرة ألاف ، إذا قال كل واحد منهم السلام عليكم مضى اليوم كله . ترقى مثلاً إلى المحافظات الكبيرة كالقاهرة مثلاً تعدادها يقارب عشرين مليون أنا لو أتيت بواحد من القاهرة وقلت له سمي لي من تعرفه من أهل العلم ولن أناقشك فيهم ممكن يختار كما أقول كُسير وعُوير وثالث ما فيه خير ، أنا لن أقول له شيء ، يختار الذي يريده فلن يستطيع أن يأتي بالعشرة .خطبة يوم الجمعة الذي هو يوم عيد وكل الناس تتهيأ له أصبح الآن من الأيام التي تجلب الحزن على القلب ، يقوم الواحد الصبح وهو يقول أين أصلي الجمعة أين ، لا يجد مسجد يصلي فيه الجمعة يكون فيه إمام يغسل قلبه ويغسل أحزانه ويرجعه إلى الإيمان مرة أخرى لكي يتحمل هذه القصة وبعض الناس يظل يمشي في الشوارع حتى تدركه صلاة الجمعة فيصلي في أي مسجد .
الْبِيْئَةِ مِنْ أَسْبَابِ تَرْبِيَةُ وَتَكْوِيْنِ الْعَمَلِ :وهذه محنة ومن أعظم المحن ، لما واحد ينشأ في مثل هذه البيئة الخالية من أهل العلم ويحاول أن يكون مثل سفيان الذي نشأ في وسط العلماء وسط البيئة التي فيها على الأقل مخالفات قليلة من جهة ظهورها ، كل مجتمع فيه مخالفات لكن لا يوجد فيه منكرات ظاهرة ، فيحاول أن يقلد ، لذلك سفيان يمشي صح ، تمم الفرائض على وجهها ، سفيان وغيره من أهل العلم ، ولكن أنا أضرب المثل بسفيان ، تمم الفرائض على وجهها فسهل عليه أن يأتي بالنوافل فإذا وصل إلى قبة النوافل سهل عليه أن يتورع وأن يؤدب نفسه ، لكن واحد لم يتمم الفرائض ويريد أن يصل إلى مسائل الورع سينكسر مباشرة ، كيف يتورع ، لم يجرب الحرمان .
إِتْبَاعٌ الشَّرْبُ الْأَوَّلِ فِيْهِ الْيُسْرُ.:عليك بالشَربِ الأول وهو ما كان عليه الصحابة ، ترى الدنيا سهلة ويسيرة ثم عليك بالتابعين ، كلما تنزل في الزمان كلما تعقدت المسائل أكثر حتى وصلنا إلى القرن الرابع الهجري ، وبدأ مذهب التصوف يظهر بأصوله وبدأت الرياضات الغريبة تظهر في هذه الأمة ، وأخذوا من رهبانية النصارى وغير ذلك ، وأدخلوا على هذه الأمة شيئًا من الشر الكثير في صورة الزهد وفي صورة الورع .بن الجوزي دائمًا الحقيقة يشير إلى هذا وحتى يكرر العبارة بنصها ، يقول: (عليك بالشرب الأول ومن تأمل الشرب الأول رأى كل المشارب كدرة ).
قال: (والمحنة العظمى _.في المسألة هذه كلها _.لأنه يقول:( أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتبَاعَهُ ، وخَفَت إذا مات أشيَاعَهُ - أفضل من ألوفٍ تتمسحُ العَوام بهم تبركاً )من عدة سنوات فيه واحد صوفي معروف كان إذا دخل المسجد الحرام كانوا يقبلون قدميه حتى عمل فتنة وأقصوه بعيدًا وذهب إلى المدينة ، أيضًا نفس القصة هذه .
بن الجوزي يشير إلى هذا الضرب من الناس ، إنسان جاهل وليس عنده شيء يرد البصر ومع ذلك أنظر ماذا يفعل معه العوام .
فيقول- رحمه الله-: (والمحنة العظمى مدائح العوام ، فكم غرت كما قال علي رضي الله عنه: ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً .)وهذه الكلمة رأيتها لمحمد بن سيرين ( ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً ) رجل يمشي والعوام يجرون وراءه ، كل الذي يجري يريد أن يتمسح به أو يضع يده عليه وهذا الكلام ، فخفق النعال وراء هذا الرجل ، ما أبقى من عقله شيئًا ، بحيث أنه تعود على المدح ولا يقبل مطلقًا أي نقد وهذه طبيعة النفس .
وانظر إلى بن القيم- رحمه الله- له كلمة جميلة قال: (في كل نفس شيءٌ من دواعي الإلوهية ، الذي يغذيه الكبر ، كل إنسان فينا عنده هذه النزعة ، واعتبر بفرعون غير أن فرعون قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر ). فرعون لما قدر قال: أنا ربكم الأعلى ، هناك ناس هكذا على استعداد أن تقول أنا ربكم الأعلى لكنه جبان ، لا يقدر أن يقول أنا ربكم الأعلى وإن كان كل تصرفاته تدل على هذه النزعة الموجودة في النفس ..
حَالٍ الْدُّنْيَا مَعَ أَهْلِهَا مِنْ الْطَّوَاغِيْتَ:فهؤلاء إذا أقبلت الدنيا عليهم منحتهم محاسن غيرهم وإذا أدبرت عنهم سلبتهم محاسن ذواتهم ، مثلاً لما يمسك مصحف: يقول لك المؤمن ، يجلس على سجادة: العابد ، يضع يده على رقبة الفرس: الفارس ، كما يحدث عند كثير من الطواغيت الذين تعودوا على هذا النفاق الممجود وهم يعلمون أن هؤلاء ينافقون ، فهل أي إنسان فينا يستطيع أن يجمع كل هذه الفضائل ، يكون هو كذا وكذا وكذا ، لا طبعًا .فإذا أقبلت الدنيا عليه أعطته محاسن غيره ، لا هو الزراعي ولا هو الصناعي ولا هو الرياضي ولا هو المؤمن ولا هو الورع ولا هو الفارس ولا هو أي حاجة ، هو بني آدم عادي مواهبه محدودة قدره هو الذي جعله في هذا المكان ، لكنه صار كل حاجة ، لكن إذا أدبرت الدنيا عنه سلبته محاسن ذاته ، بعدما يترك المنصب وهالة المنصب ، ولا أحد يسأل عنه .
حِكَايَةُ حِمَارٍ الْعُمْدَةِ:تعرفون حمار العمدة ، لما مات الحمار في أيام العمدة امتلأ سرادق العزاء والمناديل وكانوا يبكون على الحمار ن فلما مات العمدة ما شيعه أحد ، فالإنسان يشك في نفسه ، أين الذين كانوا حولي يقولون أنت كذا وكذا ، هل أنا كذلك ، هل أنا ليس عندي أي ميزة ، يبدأ يشك إذا كان عنده شيئًا من المحاسن يشك فيها ، لأن الدنيا أدبرت عنه .الإنسان الذي تعود أن يسمع المدح يصعب عليه جدًا أن يسمع كلمة نقد ، لذلك الإنسان العاقل هو الذي يدفع عن نفسه هذه الآفة ، والرسول عليه الصلاة والسلام لما سمع رجلاً يثني على آخر قال:" قطعت عنق أخيك " ، وقال:" المدح هو الذبح بغير سكين " ، لأنه يغر المرء ولا يعرف حقيقة نفسه .
مِنْ فَضَائِلِ الْشَيْخّ الْأَلْبَانِيُ:ّوأنا لما التقيت بالشيخ الألباني- رحمة الله عليه- كنت حريصًا على تقبيل يده على أساس أنه هو العالم على رسمه وليس كأمثالنا ، نحن طلاب علم صغار ، لأن أنا لما التقيت بالشيخ الألباني كان عمره تجاوز السبعين وكان إمامًا ، وأحدث في العالم بمفرده ما لم تحدثه كتيبة من أهل العلم ، بل إن مجامع علمية في دول لم تُحدث من الأثر ما أحدثه هذا الشيخ المبارك في الدنيا ، فقل أن تجد رجلاً محبًا للسنة أو مهتمًا بها إلا وللشيخ عليه فضل .فكان الشيخ- رحمة الله عليه- له تحقيق في السلسلة الصحيحة في مسألة تقبيل يد العالم وغير ذلك وأنه رأى الجواز في ذلك ، وأنا كنت أمتثل شيئًا من هذا فكان ينكر عليَ جدًا وينزع يده نزعًا شديدًا ، فكلمته في ذلك ، قلت أنت تمتنع عليَ وأنا قرأت في بعض الأبحاث في السلسلة الصحيحة كذا وكذا ، فقال لي وهل رأيت عالمًا بعينيك ، قلت له: نعم أنا أرى عالمًا ، قال: لا ، قال لي: أنا طُويلب علم ، إنما مثلي ومثلكم كمثل القائل( إن البُغاث بأرضنا يستنسر ،) فقلت له اشرح لي ما البغاث ؟ .فقال البغاث هذا طائر كالعصفور أو أقل منه ، فهذا الطائر كان في بلد من البلدان وكانوا يسمعون عن النسر لكنهم لم يروا النسر ، فطار هذا العصفور وقال أنا النسر فصدقوه ، فإن البغاث بأرضنا يستنسر أي يقوم بدور النسر .
الحقيقة مسألة المدح مشكلة لأنها تنمي باعث الكبر عند الإنسان :، والإنسان في الحقيقة لو تأمل أحواله سواء في عبادته ، أو فيما يجب عليه تجاه ربه- تبارك وتعالى- أو كان طالب علم ، وانظر هل حصل من جزئيات العلم شيئًا يستحق أن تقبل يده عليه ، أو أن يقال فضيلة العالم الكبير الفهامة ، الذي يكون على علم بما كان عليه السلف الأول يقول كما قال الأول: ( ليس من العلم عند الناس الآن إلا فضل بُزاق )، وهذا هو الذي عند الناس الآن .وكان قد سمعت للشيخ أبو فِهر- رحمة الله عليه- أستاذ العربية وصاحب الليالي البيضاء الشيخ محمود شاكر- رحمه الله- قال عبارة أعجبتني .قال: (إننا جيل أوتينا من الضعف والهوان أضعاف ما أوتي أسلافنا من الجد والقوة ،) وهو يتكلم عن المحن التي توالت على المسلمين فيما يتعلق بمحنة العربية ، والمعركة التي أدارها هو ورفيقه أخوه الأكبر الشيخ أحمد شاكر محدث مصر رحمة الله علي الجميع وهم يقاتلوا في معركة العامية ، حاجة حدثت في الثلاثينات من القرن الماضي أنهم كانوا يريدون أن يجعلوا اللغة العامية مكان اللغة العربية ، واللغة العربية تكون لغة الكتب مثل اللغة اللاتينية ، اللغة اللاتينية هذه لغة العلم ، إنما الإنجليزية والفرنسية والأسبانية وغير ذلك قال هذه لغة تخاطب ، فكانوا يريدون أن تكون اللغة العربية لغة علم ، تكون في الكتب أما التخاطب يكون رسمي ويتم عمل قواميس رسمية وغير ذلك الكلام للعوام ..قال- رحمه الله-: ( ولقد رأينا وسمعنا من العوام ، أنهم يمدحون الشخص ، فيقولون: لا ينام الليل ، ولا يفطر النهار ، ولا يعرف زوجة ولا يذوق من شهوات الدنيا شيئاً ، قد نحل جسمه ، ودق عظمه ، حتى إنه يصلي قاعداً ) هذه المنقصة صارت ممدحة عند هؤلاء الجهلة ، لأنه لا يأكل فلا يقدر أن يقف فهو خير من العلماء الذي يأكلون ويتمتعون ، ذلك مبلغهم من العلم ، ولو فقهوا علموا أن الدنيا لو اجتمعت في لقمة فتناولها عالم يفتي عن الله ، ويخبر بشريعته ، كانت فتوى واحدة منه يرشد بها إلى الله تعالى خيراً وأفضل من عبادة ذلك العابد باقي عمره ) وفعلاً أبرك الناس عملًا هم أهل العلم ، لماذا ؟ ، لأن الكلمة الواحدة يهتدي بها الحائر ، وممكن يهتدي بها ألوف مؤلفة ، لو هو جالس كل واحد على حده ما استطاع أن يصل إلى هؤلاء جميعًا ، نحن الآن نتكلم في الفضائيات التي يسمعها الملايين ، الذين اهتدوا بكلمة واحدة منك لو قُدر لك أن تجالس هؤلاء واحدًا ، واحدًا لضاق عمرك ، ممكن بالكلمة الواحدة يهتدي نصف مليون ، خمسمائة ألف أو يهتدي مليون في جنبات العالم ألف أَلف ، لو أردت أن تجلس مع الألف ألف لكي تقول له هذه الكلمة ضاق عمرك عنها .هو أكثر عائدًا مثل منبع النهر.
العالم مثل منبع النهر : ولذلك الإمام أحمد سئل عن رجل يرد على أهل البدع ورجل يقوم الليل ، أيهما أفضل ؟ قال الذي يرد على أهل البدع أفضل لأن الذي يصلي إنما يصلي لنفسه ، أما الذي يرد على أهل البدع إنما يصون جناب الشريعة ، فعائدته أكثر من عائدة الذي ينتفع بنفسه فقط ، وهذا من أكبر المحفزات علي طلب العلم ، كالشمس إذا خرجت أضاءت الكون كله في مرة واحدة .
يقول: ( وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقيه واحد ، أشد على إبليس من ألف عابد) .وهذا يصلح أن يكون موقوفًا علي بن عباس لأن هذا الحديث رواه الترمذي وغيره من حديث بن عباس مرفوعًا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- لكنه حديث باطل لا يصح في إسناده راوي اسمه روح بن جناح وهذا يروي الموضوعات عن الثقات كما يقول بن حبان – رحمه الله- ، وفيه أيضًا فيما أذكر الوليد بن مسلم الدمشقي وكان يدلس تدليس التسوية ، وتدليس التسوية إن شاء الله في المرة القادمة سنعمل في علم الحديث ، فكان يدلس تدليس التسوية ، ومدلس التسوية يجب عليه أن يصرح في كل طبقات السند ولا يصرح عن شيخه فقط بل يقول حدثنا فلان ، قال:حدثنا فلان ، قال: حدثنا فلان حتى يصل هذا الإسناد هكذا مسلسل بالتحديث إلى الصحابي أو على الأقل إلى التابعي ، فأصبح عندنا علتان أقوى العلتين هذا الراوي الذي اسمه روح بن جناح وهو مكسور الجناح لأنه كان يروي الموضوعات علي الثقات .
يقول: ( ومن سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه ). لأن بعض الناس تفهم خطأ ، لما نتكلم على أن الدنيا يجب أن نكون في يدك وليس في قلبك يفهم خطأ ، لا ، بن الجوزي لما كان الكلام يوهم يقول: أنا لا أدعوا إلى الكسل ، اليوم في كلام الإمام أحمد- رحمة الله عليه- الرجل الذي يصلي طول الليل أو الرجل الذي يرد على أهل البدع أو الذي يطلب العلم ، لأن فيه مسألة تنازع أهل فيها وهي أيهما أفضل طلب العلم أم صلاة النافلة ؟ ، وهذه المسألة على حسب كل إنسان يأخذ فتوى على قدره ، فيه واحد يجلس طول الليل على المكتب ولا يحصل شيء يشد كتاب ويقرأ فيه عشر ورقات وغلقه ثم يأتي بالكتاب الثاني يقرأ فيه ثلاث ورقات أو عشر ورقات وهكذا .في الآخر أذن عليه الفجر ، أنت ماذا حصلت ؟ لم يحصل أي شيء ، لا مسألة فرعية حصلها ولا أي مسألة أصولية حصلها ولا أي شيء ، فهذا يصلي أفضل له ، وهذا تكون صلاة النافلة في حقه أولى ، إنما واحد من طلبة العلم المجدين ويذاكر ممكن يكون طلب العلم أفضل من صلاة النافلة حينئذٍ ، لأنه ربما يحرر مسألة يحتاج إليها الناس .
هل طلب العلم الأفضل بإطلاق: فالمسألة فيها تفصيل لا نقول قيام الليل بإطلاق هو الأفضل ولا نقول طلب العلم هو الأفضل بإطلاق ، إنما على حسب عائدة هذا وهذا على الإنسان ، فهو يقول لا تظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلم ، وأنا لما أنفل كلام الإمام أحمد فهذه ليست دعوة إلى البلطجة ، ولا أنك لا تقوم الليل ، والإمام أحمد – رحمة الله عليه- كان معه المروزي في يوم من الأيام فنام دون أن يقوم الليل ، ثم أن المروزي كأنه يكلمه ، فقال له أنا حالاً قمت من النوم الآن ، فقال له طالب علم لا يكون له ورد بالليل ، هذه هي المتعة ، هذه ثمرة العلم الإنسان يترجم .ما الفرق بينك وبين الذي يعمل طوال النهار ، أنت طالب علم ترس وغير ذلك ، والذي يعمل طول النهار في الورشة ، أنتم الاثنين تنامون حتى الصباح ، لا ، المفترض العلم يميز صاحبه ، فلا يكون هذا كالذي لا يعلم ، فأنكر عليه أن يكون عنده ورد بالليل .سفيان الثوري- رحمة الله عليه- طلب ماء للوضوء لكي يتوضأ لقيام الليل ، فوضع أمامه الإناء فيه الماء وعمل هكذا ، وضع يده على فمه حتى أذن الفجر ، فالذي وضع له الماء لما قام من النوم وجده يجلس على هيئته ، فقال له أنت لو تتوضأ ؟ قال له: ذكرت الموت هذه عبادة ، لم يتوضأ ولم يقم الليل ، ولكن ذكر معنًى كبيرًا ، ذكر الموت ، وكان سفيان الثوري كما يقول يحي بن سعيد القطان ، كان سفيان الثوري إذا ذكر الموت لم ننتفع به أيام ؟، لا نعرف أن نأخذ منه لا قليلاً ولا كثيرًا .وكان أحيانًا يجلس بيننا ثم يقوم صارخًا ويقول النار النار ويظل ثلاثة ، أربعة أيام لا نعرف ننتفع به ، حتى أخذوه إلى الطبيب وكان يبول دمًا ، فقال الطبيب هذا بول رجل خائف , وهذا توصيف الطبيب فالتفكر في حد ذاته عبادة ، كونك تقعد تتفكر في شيء ، المهم لا يضيع شيء من عمرك هباء .بن الجوزي يقول: لا تفهمني خطأ ليس معنى أن أنا أنكر على هؤلاء أنني أمدح من لا يعلم بعلم ، يقول: (ومن سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه ، وإنما أمدح العاملين بالعلم ، وهم أعلم بمصالح أنفسهم ، فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش ، كأحمد بن حنبل ، وكان فيهم، من يستعمل رقيق العيش ، كسفيان الثوري، مع ورعه ، ومالك مع تدينه ، والشافعي مع قوة فقهه ، ولا ينبغي أن يطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره، فيضعف هو عنه ، فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه ، وقد قالت رابعة: إن كان صلاح قلبك في الفالوذج فكله.)وهذا الكلام الذي يقوله بن الجوزي كلام نفيس ، ليس كل الناس على ميزان واحد من القوة أو العيش هناك إنسان لا يصلحه إلا أن يكون مرفهًا (، ولئن عشت في قصر منيف تعمر جنباته بالتسبيح كان أفضل من أن تسكن في كوخ تتقلب فيه أشِرًا وبطرًا) ، ليست القصة أن تكون من المنعمين ، لا ، أنت رجل نشأت طيلة عمرك على الترفه ، منذ أن ولدت عشت هكذا على الترفه ، فإذا منعت من هذا الترفه ذهب قلبك حسرات ، أنا أقول لك تنعم إذا كان صلاح قلبك فيه
مما يدل علي فهم الإمام أحمد و عزيمته وقوته :الإمام أحمد كان يقوى على خشن العيش وما كان يضره كان هذا يصلح الإمام- رحمة الله عليه- ، لما خرج من بغداد وهو ويحي بن معين وذهبوا إلى مكة ، لكي يأخذوا عمرة ، وكانوا يريدون بعد العمرة أن يذهبوا إلى اليمن عند عبد الرزاق بن همام الصنعاني ليسمعوا منه وهم في الطواف وجدوا عبد الرزاق فقال يحي بن معين الحمد لله قرب الله خطانا ، كنا سنذهب إلى اليمن ونعاني من مشقة السفر وغير ذلك ، قرَّب الله خطانا ، ها هو عبد الرزاق في الطواف ، فقال الإمام أحمد لا أسمع منه هنا شيئًا إنما عقدت نيتي أن أسمع من في اليمن ، ولم يسمع من عبد الرزاق في مكة ، لأنه خرج لكي يذهب إلى اليمن ليسمع منه ، وهذه شريحة من فهم الإمام أحمد ومن عزيمته ومن قوته ، فكان مسألة أن يصبر على مر العيش .
يتبع إن شاء الله...


الحلقة (28) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الحلقة (28) من مدرسة الحياة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحلقة (28) من مدرسة الحياة   الحلقة (28) من مدرسة الحياة Emptyالجمعة 13 مايو 2011, 3:27 pm

.المتوكل بعد ما ولي بعد الواثق ورفع المحنة ، كان له تصرف مع الإمام أحمد- رحمة الله عليه- وأنتم تعرفون أن محنة خلق القرءان بدأت في أواخر عهد المأمون واستفحلت في عهد المعتصم ، وأخذت خلافة الواثق ، وجاء المتوكل بعد ذلك فرفع المحنة كلها وأعلى منار السنة حتى لقبوه بمحيي السنة وهو المتوكل- رحمه الله-، وطبعًا كان أشهر الناس في هذه المحنة كلها الإمام أحمد – رحمة الله عليه- ، فلما رفع منار أهل السنة أراد المتوكل أن يصل أحمد بن حنبل بشيء من المال فرفض الإمام أحمد ، فقالوا له: الملوك لا ترد جوائزهم ، وكونك ترد على الملك جائزته فكأنك تستقل به، خذها ووزعها حيث شئت وكان يسكن بجواره صالح ابن ، الإمام أحمد في البيت وولده صالح في البيت الذي بجواره .طلب الإمام الأكل فجاء له الخبز بسرعة على غير العادة فقال ما هذا فقالوا له نحن تساهلنا وخبزناه في فرن صالح، وصالح كان قبل جائزة المتوكل، فأبي الإمام أن يأكل الخبز وكان له موقف من صالح ابنه في هذه المسألة أنه قبل جائزة المتوكل .كان قادرًا على هذا كان صبرًا ، حتى لما المعتصم منعه من التحديث ، والإمام أحمد حلف ألا يحدث حديثًا بأكمله وقصة بقي بن مخلد مشهورة لما ذهب لأحمد بن حبل وهو ممنوع لم يتأذى الإمام، وكان الإمام أحمد – رحمة الله عليه- يصلحه هذا . بخلاف سفيان الثوري كان إمام الزهد ومع ذلك كان رقيق العيش ، كان يحب الترفه في محنة سفيان الثوري رحمه الله لما طلبه الخليفة ليكون قريبًا منه ، وكان سفيان سيء الرأي فيمن يقترب من السلطان وكان من قوله: ( إذا دعاك الإمام لتقرأ عليه قل هو الله أحد فلا تذهب )، وكان يسميهم لصوصًا ، أنهم اقتربوا من الأمراء لكي يأكلوا الدنيا ، مع قطع النظر عن تحرير المسألة ، هذا كان رأي سفيان ن فلما طلبه الخليفة اشتد هاربًا ، وكان من أمره أنه ذهب إلى مكة وكان يختبئ في وسط الجماعة مع من يجلسون حول الكعبة وكان يتقنع في دار له حتى لا يعرف .أبو شهاب الحناط وهو احد تلامذة سفيان لما أخت علمت سفيان أن أبا شهاب مسافر إلى مكة أعطته زوادة فيها من أطايب الأكل ن فذهب أبو شهاب الحنَّاط وهو يعلم أن سفيان في مكة ولكن لا يعرف أين هو فصار يلف حتى عرف أين هو ، فذهب إليه ومعه الزوادة وألقي عليه السلام فلم يرد عليه ، فهمس في أذنه وقال له أنا أتيت لك بزوادة من أختك ، فلما قال له هكذا انتفض قاعدًا وقال له: قرب ، قال أبو شهاب فأكل أكلاً جيدًا ، ثم قام يصلى حتى أذن مؤذن الفجر ،كل هذا ولم يكلم أبا شهاب الحنَّاط ، أكل وقام يصلي ، فلما فرغ من صلاته التفت إليً وقال: أطعم الحمار ثم كده ، أي أكله وشغله .وكان سفيان قد ضعف على أن يقوم بسبب الجوع ضعف أن يصلي ، أول ما أكل وملأ بطنه لم يعمل مثلنا يقول لك أصل الدم ترك المخ وذهب إلى المعدة والواحد يحس أن عنده دوار وتعبان ، أنا في رمضان أفطر من هنا وأنام من هنا ، لا سفيان أكل من هنا ثم قام يصلي حتى أذن مؤذن الفجر وقال هذه العبارة ، قال: (أطعم الحمار ثم كُده).سفيان كان يحب رقيق العيش مع أنه كان يضرب به المثل في الزهد ، والصوفية قد وضعوا سفيان الثوري من أئمة الصوفية ويقولون سيدنا سفيان وهو كذلك عندنا ، لكن هم يقصدون بسيدنا شيئًا آخر غير الذي نقصده نحن.
فابن الجوزي يقول: إذا كان خشن العيش هو الذي أصل الإمام أحمد فإن رقيق العيش هو الذي أصلح سفيان مع جهده .وكان مالك صاحب هندام مع تدينه وورعه ، إذا ذُكر أصحاب الهندام من العلماء يوضع مالك في أولهم وكان رقيق العيش أيضًا وكان صاحب ترفه – رحمة الله عليه- وما كان يحدث إلا على طهارة ، إذا سأله أحد عن حديث أو مسألة فقهية ن إذا كانت مسألة فقيه يجاوبه أما إذا كان حديث يغتسل وهذا من جملة الترفه أنه يغتسل على طول وله نية صالحة ، فإنه لا يحدث بحديث النبي – صلى الله عليه وسلم- إلا على طهارة, وكذلك الشافعي- رحمه الله- كان صاحب ترفه في أخر حياته ن لكن كان في مبدأ حياة الشافعي كان فقيرًا إنما كان في أواخر حياته صاحب ترفه مع قوة فقهه .
فهو يقول: رب خصلة أنت تصلح عليها يفسد عليها غيرك وهذه مواهب ، قد يفتح لك في الصلاة ولا يفتح لك في الصيام ، يفتح لك في طلب العلم ولا يفتح لك في باب أخر .عبد العزيز العمري يقول سفيان بن عيينة أنه هو المَعنِي بقوله- صلي الله عليه وسلم- :" فيضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون إلا عالم المدينة " ، سفيان بن عيينة يقول: هو عبد العزيز العمري وكان رفيق مالك في الطلب ، لكنه آثر العبادة والتخلي ، وحتى أنه بعد ما ترك مجالس العلم وتخلى وعبد الله – عز وجل- أرسل رسالة إلى مالك يحثه فيها على اعتزال الحلق وان يعمل مثله ، يدخل الخلوة ويعبد الله – عز وجل- ، فيقول لمالك: أنا لا أري لك هذه المجالس التي تعقدها في الحديث افعل مثلما فعلت .انظر إلى رد مالك عليه لكي تعرف هي صورة من الأدب العلمي الذي كان عند أهل العلم ، فقال: كلام فيما معناه ، ما الذي أنا فيه بأقل مما أنت فيه ، وكلانا على خير ، هذا ينشر العلم ، وهذا بعد ما تعلم يتعبد ، فرأى أن يفعل ذلك ، كلانا على خير ، هذا فتح له في هذا الباب ، وهذا فتح له في هذا الباب .فلا يجوز أن تحتقر أحد لم يفتح له مثل ما فتح لك في فن من الفنون أو عبادة من العبادات ، وقد روى الطبراني في المعجم الكبير بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- لما سئل عن قلة صيامه وكان قليل الصوم ، فقال إن القرءان والصلاة أحب إليً والصيام يضعفني عنهما ، فلا يأتي واحد ويقول هذا رجل له الدنيا ولا يصوم وحياته كلها أكل ، لم يفتح له في الصيام لكن فتح له في الصلاة ن فتح له في قراءة القرءان .فأنت إذا فتح لك في شيء ما ولم يفتح لأخر فاعلم أن له خبيئة من عمل ممكن يكون هو أيضًا مفتوح له في شيء أفضل مما فتح عليك به .القصد: أن الإنسان أنما يراقب حال نفسه ولا يستقوي عليها ، إذا كان من أهل الترفه ويريد أن يتزهد مثلاً ويرى أنه لو ترك ما فيه من الترفه أن هذا يضعفه فعليه أن يتدرج شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى المرتبة التي يريدها .وقد قالت رابعة العدوية وهي متقدمة وقد كانت في زمان سفيان الثوري ونسب إليها كثير من الأباطيل ، فكثير جدًا من الأقوال التي تنسب إلى رابعة العدوية لا تصح إليها ، ولا يثبت سند إليها ، مع الفارق ، تعرف جحا هذا المفترى عليه ، نصر الدين خوجه على رأي الجماعة الإيرانيين يقولون جحا هذا ملك لنا ، ليس من العرب إنما هو من الفرس ، كل مصيبة وداهية تنسب لمن ؟ تنسب لجحا مع أهم يقولون أنه كان رجلاً عاقلاً ن وأنه طلب للقضاء فافتعل شيئًا من الأشياء المخلة والمسقطة للمروءة حتى يقولوا أنه لا يصلح للقضاء ، حتى لا يتولى القضاء ، وكثير من الشخصيات المشهورة ينسب إليها ما لا يصح .
تقول رابعة العدوية: إذا كان صلاح نفسك في الفالوذج فكله ، والفالوذج هذا حاجة شبيهة على حسب قراءتي شبيهة بالعصيدة وهذه كانت طعام المرفهين جدًا في ذلك الزمان ، فإذا كان صلاح نفسك أن تأكل الشيء الفخم فكله ، حتى لا تذهب نفسك عليه حسرات .
يقول بن الجوزي في هذه نهاية الخاطرة:(ولا تكونن أيها السامع ممن يرى صور الزهد فرب متنعم لا يريد التنعم، وإنما يقصد المصلحة ، وليس كل بدن يقوى على الخشونة ، خصوصاً من قد لاقى الكد وأجهده الفكر ، أو أمضه الفقر، فإنه إن لم يرفق بنفسه، ترك واجباً عليه من الرفق بها ، فهذه جملة لو شرحتها بذكر الأخبار والمنقولات لطالت غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري، والله ولي النفع برحمته) .واستكمالاً لهذا المعني الذي كنت أتكلم فيه أذكر حديث مالك الجشني الذي هو والد أبي الأحوص الجشني وكان من أصحاب النبي- عليه الصلاة والسلام- وخبره في مسند الإمام أحمد وسنن أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح قال: " رآني رسول الله- صلي الله عليه وسلم- وأنا قشف الهيئة_ وفي رواية_ وأنا سيء الهيئة ، فقال له أرب مال أنت ؟ أي عندك مال ؟ قال: نعم ، قال: من أي المال ؟ قال: من كل المال ، من الخيل ومن الرقيق ومن النعم ومن الغنم ، قال: فإذا أتاك الله نعمة فليرى أثرها عليك ، إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ (الأنعام:32)
لَيْسَ هُنَاكَ نِعْمَةَ خَالِصَةً مِّنَ الْكَدَرِ وَالشَوَائِبُ فِيْ الْدُّنْيَا: الحياة الدنيا وتقف حتى يتم لك المعني وتفهمه صح ، لأنه ليس هناك نعمة خالصة من الكدر والشوائب في الدنيا إنما تكون خالصة يوم القيامة فقط ، إنما في الدنيا لا ، هناك من يشرب الماء العذب السلسبيل من ماء الفرات ومع ذلك يشرَق ويموت ، فليس هناك نعمةٌ في الدنيا إلا ويشوبها كدر ، لكن نعم الآخرة خالصة للذين آمنوا ، فإذا الإنسان إذا أنعم الله- عز وحل- عليه بنعمة فليُرى أثرها عليه ، إذا كان التدثر بهذه النعم سيدخله في مسائل الكبر وغير ذلك ، فهو يعلم حال نفسه .إذا كان يصبر على الخشن والممزق وهذا الذي يصلحه فليفعل ذلك ، وهذه وصية النبي- صلي الله عليه وسلم- إذا لم يكن هناك موجب ، فإذا لم يكن هناك موجب أن تواري هذه النعمة ن فأظهر هذه النعمة فهذا من شكر الله العملي ، والشكر قولي وفعلي ، ومن شكر الله العملي أن يظهر أثر النعمة عليه لأن هذا إنما يكون جزءًا من حمد الله تعالي .
وفي المرة القادمة سنشرح كتاب علوم الحديث للحافظ بن كثير – رحمه الله تعالى- ، وأنا قد كنت قطعت شوطًا طويلاً أكثر من ستين مجلسًا في هذا الكتاب لما وصلنا إلى الحديث الحسن ، ولكن بعد الإقبال الشديد لما تكلمنا عن علم الحديث في الفضائيات أتى ألوف من الخلق ما كانوا يسمعون قط عن هذا العلم وبدءوا يريدون أن يدرسوا هذا العلم ، ولا أريد أن أقول بكل أسف سأرجع القهقرى مرة أخرى ، فلا أسف في هذا ، لكن سنبدأ الدراسة من أول الكتاب مرة أخرى ، لكن أرجو أن يكون هناك جدية في البحث ولا تقتصر على مجلس الدرس فقط ، بل لابد أن تقرأ في كتب أهل اعلم ، الشيخ لا يجعل الطالب عالمًا أبدًا ، الشيخ يفتح الأبواب ، ويبين المُستَستغلق من الكلام لكن يبقي حد الطالب واجتهاده .
وَالْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْرِي الْحَق عَلَى لِسَانِي وَأَسْأَل الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعُكُم بِمَا أَقُوْل إِنَّه وَلِي ذَلِك وَالْقَادِر عَلَيْه، وَآَخِر دَعْوَانَا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.
انْتَهَى الْدَّرْس الْثَّامِن وَالْعِشْرُوْن وَالسِّلْسِلَة بِحَمْد الْلَّه فَنْسَال الْلَّه الْقَبُوْل وَنَسْأَلُكُم الْدُّعَاء وَأَن يُبَلِّغَنَا رَمَضَان وَيَجْعَلُنَا مِن عُتَقَائَة , وَأَسْأَلُكُم الْدُّعَاء لِأَخِي بِالْرَّحْمَة وَالْمَغْفِرَة , (أُخَتُكُم أَم مُحَمَّد الْظَّن)
منقول من موقع فضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني وشكراً لأختنا في الله (أم محمد الظن) ورحم الله أخاها رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته وجميع موتى المسلمين.. اللهم آمين.


الحلقة (28) من مدرسة الحياة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الحلقة (28) من مدرسة الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحلقة (25) من مدرسة الحياة
» الحلقة (26) من مدرسة الحياة
» الحلقة (27) من مدرسة الحياة
» الحلقة (20) من مدرسة الحياة
» الحلقة (21) من مدرسة الحياة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــــافـــــــــــة والإعـــــــــــلام :: الكتابات الإسلامية والعامة :: كتابات أبي إسحاق الحويني :: حلقات 1428 هجرية-
انتقل الى: